الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبحث اليمين على الأكل والشرب
سنذكر في هذا المبحث وما بعده جملة من المسائل المبنية على الأصول المتقدمة، وقد تكون بعض هذه المسائل أصلاً لغيرها، وقد يكون بعضها مبنياً على أصل آخر، وفي هذه المسائل تفصيل المذاهب
(1)
.
في فعله فإنه يقبل قوله ديانة لا قضاء، لأن التورية تصح في اليمين ما لم تكن بحضرة قاض. وإذا نوى مستحيلاً فإن النية لا تنفع كما إذا قال: والجناب الرفيع ونوى به اليمين بالله بإنه لا ينعقد لأن معنى الجناب فناء دار الإنسان وهو مستحيل في حقه تعالى، والنية لا تعمل في المستحيل.
وإذا حلف لا يصلي فإنه لا يحنث بصلاة الجنازة، لأنها لا تسمى صلاة في العرف وإن كانت صلاة في الشرع، لكن العرف مقدم في اليمين، فلا يحنث إلا إذا صلى صلاة صحيحة ذات ركوع وسجود، ولا يحنث بالفاسدة، ومثلها سائر العقود فإذا حلف لا يفعلها فلا يحنث إلا بالصحيح منها ما عدا الحج، فإنه إذا حلف لا يحج حجاً فاسداً فإنه يحنث به
(1)
المالكية - قالوا: إذا حلف لا يأكل هذا الرغيف فأكل لقمة منه فإنه يحنث ولو قال: لا آكل هذا الرغيف كله على المشهور، وهذا إذا لم يكن له نية ولا بساط لليمين وإلا فيعمل بها كل تقدم، أما إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف فإنه يحنث إذا لم يأكله كله، فلو أكل لقمة منه لم يجزه ولو لم يقل كله، وبالجملة فإن إذا حلف على ترك شيء له أجزاء فإنه يحنث بفعل كل جزء منها سواء قال: كلها أو بعضها على المشهور ما لم ينو ذلك، وإذا حلف على فعل شيء له أجزاء فإنه يحنث بترك جزء منها ما لم ينو أو تقوم قرينة على ما يريد وإذا حلف لا يتعشى فإنه لا يحنث إذا أكل في آخر الليل "السحور" ما لم ينو ترك الأكل في الليلة كلها؛ وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه يحنث بأكل لحم السمك والطير، إلا إذا نوى أو كان ليمينه بساط، وإذا حلف لا يأكل بيضاً يحنث إذا أكل بيض السمك والطير "البطارخ" ولو بيض التمساح أو الترسة. وإذا حلف لا يأكل عسلاً فإنه يحنث بأكل العسل الناشيء من الفواكه الرطبة كالبلح والتين ما لم يقيد بأن يريد لحم النعم وبيض الدجاج وعسل القصب أو يكون ليمينه بساط، أو كان العرف على غير ذلك كما تقدم، والعرف الآن يخص اللحم بلحم النعم، والبيض ببيض الدجاج، والعسل بعسل القصب وعسل النحل والسكر، فلا يحنث على عرفنا الآن، إلا إذا أكل من هذه الأشياء بخصوصها، كما إذا حلف لا يأكل خبزاً فأكل شعرية أو مكرونة أو كعكاً فإنه لا يحنث على عرفنا الآن، لأنها لا تسمى خبزاً في عرفنا، وكذا لا يحنث إذا حلف لا يأكل شعرية أو كعكاً أو نحوهما من الأشياء الخاصة ثم أكل خبزاً فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يأكل لحم غنم فإنه يحنث بأكل لحم الضأن والمعز، وإذا حلف لا يأكل لحم دجاجة يحنث بأكل لحم الدجاجة والديك، وإذا حلف لا يأكل سمناً فإنه يحنث إذا أكل شيئاً عمل بالسمن كالكعك والطعام، سواء وجد طعم السمن في فمه أو لا على المشهور، كما إذا حلف لا يأكل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
زعفراناً فإنه يحنث بأكله مطبوخاً في شيء ولو استهلك فيه، أما إذا حلف لا يأكل خلاً أو ليموناً أو نارنجا أو نحو ذلك فإنه لا يحنث بأكلها مطبوخة في طعام مستهلكة فيه.
أما إذا قال: لا آكل من هذا الخل أو من هذا النارنج مثلاً فإنه يحنث بأكله مطبوخاً مستهلكاً، وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه يحنث بأكل الشحم لأنه جزء اللحم، أما إذا حلف لا يأكل شحماً فإنه لا يحنث إذا أكل لحماً، لأن اللحم ليس جزء الشحم، ولأن الله حرم على بني إسرائيل الشحم فلم يتناول الشحم اللحم فلم يحرم عليهم أكله.
وإذا حلف لا يأكل من هذا الطلع "هو أول أطوار ثمر النخل" فإنه يحنث بأكل بلحه رطباً كان أو يابساً أو عجوة، كما يحنث بأكل كل شيء ينشأ منه كالعسل ونحوه وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا القمح فإنه يحنث بالأكل منه ومن كل ما يتفرع عنه كالدقيق "والرشدة"، "والعصيدة""والشعرية" والكعك ونحو ذلك. وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا اللبن فإنه يحنث بأكل كل ما يتفرع عنه كالزبد والسمن والجبن، فإذا قال: لا آكل من طلع هذه النخلة حنث بأكل كل فرع ينشأ من طلعها، متقدماً كان أو متأخراً كما إذا قال: لا آكل من لبن هذه الجاموسة، أما إذا قال: لا آكل هذا الطلع بحذف "من" فلم يقل من هذا ففيه خلاف. فبعضهم يقول: إنه لا يحنث بأكل فرعه، وبعضهم يقول: يحنث. والذي يقول: يحنث يشترط أن يكون الفرع قريباً من الأصل جداً ومحل كونه يحنث بأكل الفرع من هذه الأشياء إذا لم تكن له نية أو ليمينه بساط وإلا عمل بهما كما تقدم، وإذا حلف لا يأكل طلعاً أو لا يأكل الطلع ولم يأت بكلمة هذا فإنه لا يحنث بأكل ما يتفرع عنه من بلح أو عسل أو نحو ذلك، وكذا إذا حلف لا يأكل اللبن أو لبناً فإنه لا يحنث بأكل ما يتفرع عنهما، إلا في خمس أمور فإنه يحنث فيها لقرب شبهها بالأصل:
الأول: إذا حلف لا يأكل زبيباً أو الزبيب فإنه يحنث إذا شرب نبيذه.
الثاني: إذا حلف لا يأكل لحماً أو اللحم فإنه يحنث بشرب مرقها.
الثالث: إذا حلف لا يأكل لحماً أو اللحم فإنه يحنث بأكل الشحم كما تقدم.
الرابع: إذا حلف لا يأكل قمحاً أو القمح فإنه يحنث إذا أكل خبز القمح.
الخامس: إذا حلف لا يأكل عنباً أو العنب فإنه يحنث إذا شرب عصيره كالزبيب بل هو أقرب.
فيحنث في الأمور الخمسة بتناول الفرع وغن لم يأت بمن أو هذا في الحلف على الأصل، وإذا حلف لا يأكل الحنطة فإنه يحنث بأكل القمح الذي ينبت منها، سواء أتى بكلمة من واسم الإشارة أو لم يأت بشيء منهما، أو أتى بأحدهما أو سقط الآخر، وسواء ذكرها معرفة أو منكرة، وكذا يحنث إذا باع شيئاً منها واشترى بثمنه حباً آخر، وإنما يحنث بذلك إذا نوى بيمينه أن يقطع منه له من غيره عليه بأن قال له آخر: لولا أنا أطعمك الحنطة لكنت تموت جوعاً فحلف بأن لا يأكلها لينقطع ذلك المن، أما إذا حلف لا يأكلها لرداءة فيها فإنه لا يحنث بأكل ما أنبتته ولا يأكل الحب الذي يشتري بثمنها، وكذا إذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حلف لا يأكلها لسوء صنعة الطعام فإنه لا يحنث بأكلها إذا صنعت له خبزاً جيداً مثلاً. وإذا حلف لا يأكل فشرب لبناً ونحوه مما يغذي فإنه يحنث إن قصد التضييق على نفسه بتجويعها، أما إن قصد الأكل فقط فإنه لا يحنث بالشرب كما لا يحنث إذا حلف لا آكل فشرب ماء زمزم إلا إذا قصد تجويع نفسه فإنه يحنث بشربه بنية الشبع.
وإذا حلف لا يأكل كذا أو لا يشرب، فذاق الطعام أو الماء بلسانه ولم يصل الطعام أو الماء إلى جوفه لا يحنث، أما إذا وصل إلى جوفه فإنه يحنث، وإذا حلف لا يأكل من طعام فلان فمات فلان المحلوف عليه فإنه لا يحنث بالأكل من ماله بعد موته إن كان قد حلف لمنعه عليه كما إذا قال له: لولاي لما وجدت من يطعمك فحلف بأن لا يأكل من طعامه قطعاً لذلك اليمين، وكذلك لا يحنث بالأكل منه بعد موته وإن كان حلف لسبب جمع المال من معاملات فاسدة، فإن المال يزول عنه خبثه بإرثه، أما إن حلف لا يأكل طعام لغير هذين السببين فإنه لا يحنث إذا أكل منه بعد موته بشرطين:
الأول: أن يكون مالخ خالياً من الدين، فإن كان مديناً وأكل منه قبل وفاء الدين وقبل قسمه بين مسحقيه فإنه يحنث، أما إذا أكل منه بعد وفاء الدين ولو قبل قسمته فإنه لا يحنث.
الثاني: أن لا يكون قد أوصى بشيء من ماله معلوم غير معين يحتاج في إخراجه إلى بيع التركة كما إذا أوصى بمائة دينار مثلاً لا يمكن إخراجها إلا ببيع التركة، فإنه إذا أكل منه في هذه الحالة يحنث أما إذا أوصى بمعين كهذا المنزل مثلاً أو أوصى بشائع لا يحتاج في إخراجه إلى بيع التركة كما إذا أوصى بربع ماله مثلاً فإنه لا يحنث بالأكل منه في هذه الحالة.
الحنفية - قالوا: إذا حلف لا يأكل شيئاً فإن كان ذلك الشيء مما يؤكل كالطعام والفاكهة فإنه يحنث إذا أوصله إلى جوفه، سواء مضغه أو لم يمضغه، ذاقه، أو لم يذقه. فإذا حلف لا يأكل بيضة حنث ببلعها مقشرة كانت أو غير مقشرة. أما إذا مضغه ولم يبتلعه في جوفه فإنه لا يحنث بذلك، وإن حلف لا يأكل شيئاً مما يشرب كاللبن ونحوه من المائعات فإنه لا يحنث بشربه وحده، فإذا قال: والله لا آكل اللبن فشربه وحده أو صب عليه مائعاً آخر كالشاي واللبن فإنه لا يحنث. أما إذا فت فيه الخبز أو وضع فيه التمر ونحوهما مما يؤكل فإنه يحنث.
وإذا حلف لا يأكل سمناً فأكل طعاماً فيه سمن فإنه لا يحنث إلا إذا كان السمن ظاهراً فيه بحيث لو عصر ينعصر. أما إذا لم يكن كذلك فإنه لا يحنث ولو وجد طعمه في فمه.
وكذلك إذا حلف لا يأكل لبناً فطبخ فيه أرزاً فإنه لا يحنث بأكله إلا إذا كان بحيث لو عصر ينعصر منه اللبن، ومثله سائر المائعات كالخل والعسل، فإنه إذا حلف لا يأكل شيئاً منها فإنه لا يحنث بشربها وحدها. وإذا أكلها مع غيرها فإن استهلكت فيه على الوجه المتقدم بحيث إذا عصر لم ينعصر فلا يحنث، وإلا حنث.
وإذا حلف لا يأكل عنباً فإنه لا يحنث بمصه لأن المص ليس بأكل. وكذا إذا حلف لا يشرب عنباً
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فإنه لا يحنث بمصه لأن المص ليس بشرب، وكذا إذا حلف لا يأكل رماناً وامتصه ورمى تفله فإنه لا يحنث، وإنما لم يسم هذا شراباً لأن الشرب يتناول المائع وقت إدخاله الفم. أما هذا فقد أدخل الفم جامداً، فلو عصر الفاكهة ثم أدخلها في فيه بعد عصرها فإنه يحنث إذا حلف أن لا يشربها ولو امتصها مصاً، وإذا حلف لا يأكل عنباً فعصره وأكل قشره فإنه يحنث لأن القشر يؤكل ولا يخرجه عصره عن كونه مأكولاً. وإذا حلف لا يأكل هذا السكر فإنه لا يحنث بمصه إلا إذا كان مصر السكر يعد أكلاً في العرف. وإذا حلف لا يذوق هذا الشيء فأكله يحنث إذا مضغه وتحلل منه شيء يستلزم ذوقه، أما إذا ابتلعه ولم يتحلل منه شيء يذاق فإنه لا يحنث، وإذا حلف لا يأكل هذا الشيء فذاقه فإنه لا يحنث لما علمت من أن الأكل إيصال الطعام إلى الجوف. والذوق هو مجرد معرفة طعم الشيء بالفم، وإذا حلف لا يأكل من هذه النخلة فإنه يحنث بالأكل من ثمرها وجمارها ومن كل ما يخرج منها إذا لم يتغير بصنعة جديدة كالعصير إذا أضاف إليه خبزاً أو شيئاً يؤكل فإنه يحنث بأكله على هذا الوجه. لأن العصير لم يطرأ عليه صنعة جديدة، وكذلك يحنث بالعسل الذي يسيل من الرطب لأنه من غير صنعة جديدة، أما إذا طبخ التمر فتغير بالطبخ فإنه لا يحنث بأكله، وكذلك النبيذ والخل والورق بعد طبخه ونحو ذلك مما يحتاج إلى صنعة جديدة فإنه لا يحنث بأكله. وإذا حلف لا يأكل من هذه الشجرة وليس لها ثمر يحنث إذا أكل من شيء يشرى بثمنها.
أما إذا حلف لا يأكل من هذه الشاة فأكل من سمنها أو لبنها فإنه لا يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل العنب فأكل زبيبه أو عصيره فإنه لا يحنث. وإذا حلف لا يأكل هذا الدقيق فإنه يحنث بأكل خبزه. والضابط في ذلك أنه إذا حلف على شيء تؤكل عينه ينصرف يمينه إلى ذلك الشيء والى ما يتولد منه، كما إذا حلف لا يأكل الشاة فإن عينها تؤكل فتنصرف يمينه إليها لا إلى لبنها وسمنها، وإذا حلف على شيء لا تؤكل عينه كالنخلة فإنها لا تؤكل ينصرف يمينه إلى ما يتفرع عنها بشرط أن لا يتغير بصنعة جديدة، وإذا لم يكن له فرع ينصرف يمينه إلى ثمنه، وإذا أكل من عين ما لا يؤكل كما إذا ابتلع شيئاً من أجزاء النخلة ففيه خلاف: فبعضهم يقول: إنه لا يحنث إذا نوى ذلك، وبعضهم يقول: يحنث مطلقاً لأن الحقيقة متعذرة فيجب تركها والعمل بالمجاز كما تقدم.
وإذا حلف لا يأكل من هذه الشجرة فقطع فرعاً منها ووصلة بشجرة أخرى "طعمة" فلا يخلو: إما أن تكون الشجرتان من نوع واحد أو من نوعين مختلفين، فإن كانتا من نوع واحد فإنه لا يحنث بالأكل من ثمر فرع الشجرة المحلوف عليها. لأنه أصبح فرعاً من الشجرة الأخرى في العرف. وإن كانتا من نوعين مختلفين كشجرة تفاح وكمثرى ثم حلف لا يأكل من شجرة التفاح وسمى التفاح ووصل فرعاً منه بشجرة الكمثرى فإنه لا يحنث إذا أكل من ثمر الفرع المسمى، أما إذا لم يسم التفاح بأن قال: لا آكل من هذه الشجرة فإنه لا يحنث بالأكل من ذلك الفرع المأخوذ من شجرة التفاح لشجر الكمثرى. لأنه أصبح من الشجرة الثانية في العرف. وإذا حلف لا يأكل لبناً فصار جبناً فإنه لا يحنث بالأكل منه بعد ذلك. وكذلك لا يحنث بأكله إذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صار رائباً لا يحنث إذا حلف لا يأكل من هذا العنب فصار زبيباً فأكل منه بعد ذلك. وأيضاً إذا حلف لا يأكل عنباً بالتنكير فأكل زبيباً فإنه لا يحنث، كما إذا حلف أن يأكل زبيباً فأكل عنباً وكذا إذا حلف لا يأكل من هذه البيضة فأكل من فراريجها فإنه لا يحنث. وإذا حلف لا يذوق من هذا الخمر فصار خلاً فتعاطاه فإنه لا يحنث. أو لا يأكل من زهرة هذه الشجرة فأكل بعد أن صارت لوزاً أو مشمشاً فإنه لا يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا البسر "اليابس من البلح" فإنه لا يحنث إذا كلم شيخاً أو أكل كبشاً لأن الكبش لا يسمى حملاً، والصغير لا يسمى شيخاً بخلاف ما إذا قال: والله لا أكلم هذا الصبي أو لا آكل من هذا الحمل بالتعريف، فإنه يحنث إذا كلمه شيخاً أو أكله كبشاً. وقد تقدم في مبحث أصول اليمين الضابط المعتبر في هذا وأمثلته.
وإذا حلف لا يأكل رطباً فأكل ما كان معظمه رطباً وطرفه غير رطب فإنه يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل بسراً فأكل ما كان طرفه رطباً فقط فإنه يحنث، وفي عكس المسألتين خلاف فإذا حلف لا يأكل رطباً فأكل ما كان طرفه رطباً وباقيه بسراً فقيل: يحنث وقيل لا يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل بسراً فأكل ما كان طرفه بسراً وباقيه رطباً.
وإذا حلف لا يشتري رطباً فاشترى عرجوناً فيه رطب ويابس واليابس أكثر فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه لا يحنث بأكل السمك إلا إذا نواه وكان العرف يسميه لحماً وكذلك لا يحنث بأكل المرق إلا إذا نواه أو وجد فيه طعم اللحم فإنه يحنث؛ ويشمل اللحم لحم الإبل والبقر والجاموس والغنم والطيور، سواء أكان مطبوخاً أم مشوياً أم قديداً، ولا يحنث بالنيء على الأظهر. كما إذا حلف لا يأكل لحماً فأكل لحم خنزير أو لحم إنسان فإنه لا يحنث لأنهما لا يؤكلان عرفاً، وإن كان اسم اللحم يطلق على النيء وعلى لحم الخنزير وعلى لحم الإنسان عرفاً ولكن لفظ أكل لا ينصرف إليهما في العرف فلا يحنث بهما، ولا يشمل اللحم الكرش والكبد والطحال إلا إذا كانت تسمى لحماً فلا يحنث بشرائهما. وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه يحنث بالأكل منهما على الأصح، لأنه في الأول لا يقال: اشتري لحماً في العرف بل اشتري رأساً وأكارع وفي الثاني يقال في العرف: إنه أكل لحماً لأن الرأس تشمل اللحم وغيره.
وإذا حلف لا يأكل لحم بقر لا يحنث بأكل لحم الجاموس على الصحيح. وكذا إذا حلف لا يأكل لحم شاة فأكل لحم عنز فإنه لا يحنث، وإذا حلف لا يأكل شحماً "دهناً" فإنه يحنث بشحم البطن والأمعاء اتفاقاً. أما الشحم الذي على اللحم "وهو اللحم السمين" فإنه لا يحنث بأكله على الأظهر. وكذا لا يحنث بأكل الألية "اللية" لأنها لا تسمى شحماً كما لا تسمى لحماً، فإذا حلف لا يأكل لحماً لا يحنث بالأكل منها. وكذا إذا حلف لا يشتري لحماً فإنه لا يحنث بشرائها وإذا حلف لا يأكل حنطة ففي المسألة ثلاث صور. أحدها من يقول هذه الحنطة ويشير لصبرة من القمح فإنه لا يحنث إلا إذا أكلها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بليلة أو مقلاة بالنار؛ أما إذا أكل دقيقها أو سويقها أو خبزها أو أكلها نيئة فإنه لا يحنث إلا إذا نواه فإنه يحنث بالنية. ثانيها أن يقول: هذه بدون لفظ حنطة فإنه يحنث بالأكل من عينها ولو نيئة كما يحنث بالأكل من خبزها، لأن الإشارة إذا وجدت بدون تسمية تعتبر فيها ذات المشار إليه، سواء بقيت على حالها أو حدث لها اسم آخر.
ثالثها أن يقول: حنطة بالتنكير، وفي هذه الحالة يحنث بالأكل من عينها ولو نيئة، أما إذا أكل من خبزها أو دقيقها أو سويقها فإنه لا يحنث. وإذا زرعت فإنه يحنث بالأكل من الخارج من زرعها إذا قال حنطة بالتنكير، وأما إذا لم يقل ذلك فإنه لا يحنث بالأكل من الخارج منها. وإذا حلف لا يأكل من هذا الدقيق فإنه يحنث بأكل ما يتخذ منه كالخبز والشعرية والمكرونة والكسكسي والعصيدة ونحو ذلك. أما إذا سف الدقيق فإنه لا يحنث على الأصح. وإذا حلف لا يأكل خبزاً فإنه يحنث بأكل الخبز المتعارف عند أهل بلده. فإذا كانوا لا يأكلون إلا القمح حنث به بدون غيره، فلو أكل خبز الذرة أو الشعير فإنه لا يحنث، وبالعكس إذا كانوا لا يأكلون القمح، فإن العرف الخاص معتبر في الأيمان، ويشمل الخبز الرقاق "أما البقلاوة والسنبوسك والكعك والبقسماط والبغاشة والفطير والزلابية" فإن كل هذه الأمور لا تسمى خبزاً في العرف فلا يحنث بأكلها.
وإذا حلف لا يأكل من خبز فلانة فإن أراد الخبز المملوك لها يحنث بالأكل منه ولو خبزه وعجنه غيرها، أما إذا أراد الصنعة فإنه لا يحنث إلا إذا أكل من الخبز الذي وضعته في التنور "الفرن" ليستوي، أما إذا عجنته وقطعته "أرغفة" ووضعه غيرها في التنور فإنه لا يسمى خبزها فلا يحنث بالأكل منه.
وإذا حلف لا يأكل شواء فإن نوى به كل ما يشوى يعامل بنيته، وإن لم ينو ذلك فإن يمينه تنصرف إلى اللحم المشوي فلا يحنث بأكل الجزر "أو البطاطة" أو نحو ذلك. لأن العرف يخص الشواء باللحم المشوي، وإذا حلف لا يأكل طبيخاً تنصرف يمينه إلى اللحم المطبوخ بالماء فإنه يحنث بالأكل منه ومن مرقه، ولا يحنث بأكل غيره مما يطبخ بدون لحم، إلا إذا كان العرف يسمي ما يطبخ بدون لحم طبيخاً كما في عرف مصر فإنه يحنث بالأكل منه. وإذا حلف لا يأكل طعماً فإنه لا يحنث إلا إذا أكل مما يسمى طبخاً؛ فلا يحنث بالأكل من الجبن والفاكهة وإن كانت تسمى طعاماً لغة، لأن العرف خص الطعام بالطبيخ. وإذا حلف لا يأكل رأساً نظر إلى العرف، ففي عرف مصر الرؤوس التي تؤكل عادة هي التي تباع في الأسواق كرؤوس الضأن والجاموس والبقر فتنصرف اليمين إليها. فإذا أكل من رؤوس الخيل أو الطيور مما لا يباع نيئاً ومستوياً في الأسواق فإنه لا يحنث كما تقدم.
أما في البلاد التي اعتادت بيع رؤوس الخيل وغيرها فإنه يحنث بالأكل منها، فالمعتبر العرف بدون نظر إلى الحقيقة اللغوية على المفتى به. وإذا حلف لا يأكل فاكهة ينصرف يمينه إلى كل ما يطلق عليه اسم الفاكهة في العرف، كالتين والعنب والتفاح والبطيخ والمشمش والرمان والرطب والبرتقال والخوخ والسفرجل والكمثرى، فإن هذه تسمى فاكهة في عرف أهل مصر، بخلاف "الجوز واللوز والبندق" ونحوها فإنها لا تسمى فاكهة في عرفهم بل تسمى "نقلاً".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإذا حلف لا يأكل حلواً فإنه يحنث بأكل كل ما يتحلى به من فاكهة وغيرها كتين وعنب وكنافة وقطايف ونحوها، لأن العرف جرى على أن مثل هذه الأشياء تؤخذ في نهاية الأكل وتسمى حلواً، أما الحلوى فإنها اسم لما يطبخ من السكر أو العسل بطحين أو نشاء.
وإذا حلف لا يأكل إداماً أو لا يأتدم فإنه لا يحنث إلا بأكل ما لا ينفرد بالأكل وحده، كالملح والخل والزيت والعدس المطبوخ والخضر ونحو ذلك من كل ما يغمس فيه الخبز.
أما إذا أكل ما ينفرد بالأكل وحده غالباً كاللحم والتمر والزبيب وسائر الفواكه فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يتغدى فإنه يحنث إذا أكل ما به نصف الشبع ولا بد أن يتابع الأكل، فلو أكل لقمتين وصبر زمناً يعد فاصلاً ثم أكل لقمتين وهكذا لا يكون غداء ويحنث إذا تغدى بما اعتاد أن يتغدى به أهل بلده غالباً، فلو كان بدوياً وشرب اللبن فإنه يحنث، لأن عادة أهل البدو التغدي به، أما إن كان حضرياً فإنه لا يحنث إلا إذا أكل الخبز، فلو أكل لحماً بدون خبز أو تمر أو أرز أو خضر فإنه لا يحنث، لأن هذه الأشياء لا يتغدى بها وحدها غالباً في العرف. ووقت الغداء يبتدئ من طلوع الشمس إلى الزوال في عرف بعضهم وفي عرف أهل مصر: الأكل من طلوع الشمس إلى الضحى يسمى فطوراً، والغداء من بعد ذلك إلى العصر، وكذلك أهل الشام، ووقت العشاء من بعد العصر إلى نصف الليل. والسحور من نصف الليل إلى طلوع الفجر، والمدار في كل هذا على العرف.
وإذا حلف لا يشربه من شيء يمكن الكرع فيه أي تناول الماء بفمه كالنهر والترعة والحوض فإنه لا يحنث إذا أخذ منه بكفه أو بإناء وشرب، وإنما يحنث إذا كرع فيه ما لم ينو عدم الشرب منه مطلقاً فإنه يحنث بالشرب منه على أي حال.
الشافعية - قالوا: إذا حلف بالله لا يأكل رؤوساً فإنه لا يحنث إلا بأكل الرؤوس المعتاد بيعها كرؤوس النعم من البقر والغنم ونحوهما. أما رؤوس الطيور والسمك ونحو ذلك فإنه لا يحنث بأكلها إلا إذا اعتاد الناس بيعها. سواء كان ذلك اعتياد أهل بلده أو غيرهم على المعتمد، وإذا قال: رؤوساً "بالتنكير" فإنه لا يحنث إلا إذا أكل ثلاثاً منها لأنها أقل الجمع، أما إذا قال الرؤوس "بالتعريف". فإنه يحنث إذا أكل واحدة، أما إذا أكل بعض واحدة فإنه لا يخنث. وقال الخطيب وابن عبد الحق: يحنث ببعض واحدة، ونظير هذه المسألة ما إذا حلف بالله لا يتزوج نساء فإنه لا يحنث إلا إذا تزوج ثلاثاً.
وإذا حلف بالله لا يتزوج النساء "بالتعريف" فإنه يحنث إذا تزوج واحدة، أما إذا حلف بالطلاق فإنه لا يحنث إلا إذا تزوج ثلاثاً وأكل ثلاثاً: سواء قال: نساء ورؤوساً بالتنكير، أو قال: النساء والرؤوس بالتعريف، وإذا حلف لا يتغدى فلا يحنث إلا إذا أكل قبل الزوال، لأن وقت الغداء من طلوع الفجر إلى الزوال، وقدر الأكل الذي يحنث به في الغداء بما كان فوق نصف الشبع. ولو حلف لا يتعشى لا يحنث إلا إذا أكل بعد الزوال فوق نصف الشبع، لأن وقت العشاء من الزوال إلى نصف الليل، ومن حلف لا يتسحر لا يحنث إلا إذا أكل بعد نصف الليل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه يحنث بأكل ما يحل أكله ولو أكله نيئاً، أما إذا أكل ما لا يحنث به كأن أكل حيواناً غير مذكى، أو أكل وحشاً لا يحنث أكله فإنه لا يحنث، ويتناول اللحم لحم الرأس واللسان على الراجح، والمرجوح لا يتناوله، ويقويه الآن العرف، أما الكرش والكبد والطحال والقلب والرئة فلا يطلق عليها اسم اللحم، لأنها لا تسمى لحماً في العرف وكذلك السمك والجراد فإنهما لا يسميان لحماً فلا يحنث إذا أكل منهما، وهذا كله إذا أطلق اللحم، أما إذا نوى به شيئاً خاصاً فإنه يعمل بنيته كما تقدم.
ويتناول اللحم شحم الظهر والجنب لأنه لحم سمين أما شحم البطن والأمعاء وهو الدهن الذي فوقهما فإنه لا يحنث بأكله لأنه لا يسمى لحماً، فإذا حلف لا يأكل شحماً لا يحنث بأكل شحم الظهر والجنب وإنما يحنث بأكل شحم البطن والأمعاء، ولا يتناول الشحم واللحم الألية والسنام فإنهما لا يسميان لحماً ولا شحماً كما لا يتناول أحدهما الآخر، أما الدسم فإنه يتناولها.
فإذا حلف لا يأكل دسماً يحنث بأكل الألية والسنام وشحم الظهر والبطن والجنب والأمعاء ودهن الحيوان الخالص من اللحم كالسمن، أما دهن غير الحيوان كدهن اللوز والجوز والسمسم فقيل: يشمله الدسم وقيل لا يشمله، وإذا حلف لا يأكل "زفراً" فإنه يحنث إذا أكل لحماً أو دهن حيوان أو بيضاً ولو "بطارخاً" ولا يحنث إذا أكل ميتة سمك أو جراد.
وإذا حلف لا يأكل لحم بقر فإنه يحنث إذا أكله أو أكل لحم الجاموس أو بقر الوحش البقر بتناولها، إما إذا حلف لا يأكل لحم الجاموس فإنه لا يحنث بأكل لحم بقر، وإذا حلف لا يأكل ضأنا أحدهما لا يطلق على الآخر لا لغة ولا عرفاً وإن كان يشملهما اسم غنم المقتضي اتحادهما في الجنس، وإذا حلف لا يأكل خبزاً فإنه يحنث بأكل الخبز بجميع أنواعه. سواء كان مأخوذاً من قمح أو الشعير أو الذرة أو الأرز أو الباقلا أو البطاطس أو نحو ذلك ولو كان مصنوعاً من نوع غير معهود في بلده فلا يسمى خبزاً في عرفه لظهور المعنى اللغوي في الخبز، نعم إذا أكله على ظن أن اسم الخبز لا يتناوله فإن بعضهم يقول بعدم حنثه، وإنما لم يعمل بالعرف في هذه المسألة مع أنه قد تقدم أن اليمين بالله مبني على العرف، لأن العرف الذي ينظر إليه هو العرف المطرد كمسألة الرؤوس والبيض. أما العرف غير المطرد كمسألة الخبز فإنه مختلف في عرف البلاد، فيأكل هذه ذره والأخرى قمحاً والأخرى بطاطس وهكذا، فتحكم فيه اللغة ولم ينظر للعرف. وإذا فت الخبز في مرق وأذابه فيه ثم شربه فإنه لا يحنث. وكذا إذا طبخ واختلطت أجزاؤه ببعضها فصار كالعصيدة وأكل منه فإنه لا يحنث، أما إذا بقيت "اللقم" متميزة بعضها عن بعض فإنه يحنث بالأكل منها.
ويتناول الخبز كل ما يخبز أولاً ولو قلي بعد ذلك بالسمن والزيت كالكنافة والبقلاوة والقطايف والسنبوسك. أما إذا قليت أولاً وهي نيئة قبل أن تشوى قبل القلي فإنها لا تسمى خبزاً كالزلابية والقطايف ولقمة القاضي فلا يحنث بأكلها: ويشمل الخبز أيضاً البقسماط والرقاق دون البسيس ونحوه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإذا حلف لا يأكل طبيخاً فإنه لا يحنث إلا إذا أكل ما فيه سمن أو زيت أو دهن.
وإذا حلف لا يأكل هذا الشيء فبلعه من غير مضغ فإنه يحنث نظراً للعرف، لأن البلع أكل عرفاً، أما إذا حلف بالطلاق أنه لا يأكله فبلعه من غير مضغ فإنه لا يحنث، لأن الطلاق مبني على اللغة، ولا يسمى البلع بدون مضغ أكلاً في اللغة كما تقدم.
وإذا حلف لا يأكل طعاماً فإنه يحنث إذا أكل قوتاً أو فاكهة لأن اسم الطعام يتناولها، وأما إذا أكل دواء فإنه لا يحنث. لأن اسم الطعام لا يتناوله في باب الأيمان لبنائها على العرف، أما في البيوع فإن الطعام يتناول الدواء لأنها مبنية على اللغة كما سيأتي.
وإذا حلف لا يأكل فاكهة فإنه يحنث إذا أكل الفاكهة الرطبة واليابسة، فيحنث بأكل الرطب والعنب والرمان والزبيب والتمر والليمون والنبق والبطيخ والفستق والبندق، وتتناول الفاكهة أيضاً الحلوى وهي كل ما اتخذ من عسل وسكر من كل حلو ليس فيه حامض. أما العسل وحده أو السكر وحده فإنه لا يسمى حلوى، بل الحلوى هي المأخوذة من مجموعها. فمن حلف لا يأكل حلوى فإنه لا يحنث بأكل العسل المطبوخ وحده على النار، ولا بأكل النشا المطبوخ بالعسل، وإنما يحنث إذا أكل ما تركب من جنسين فأكثر.
وإذا حلف لا يأكل تمراً فإنه لا يحنث إذا أكل اليابس. وإذا حلف لا يأكل رطباً فإنه لا يحنث إذا أكل تمراً وبالعكس. وإذا حلف لا يأكل عنباً فإنه لا يحنث إذا أكل زبيباً وبالعكس. وإذا حلف لا يأكل العنب أو الرمان لم يحنث بشرب عصيره ولا بامتصاصه ورمي ثفله لأنه لا يسمى أكلاً.
وإذا حلف لا يأكل بيضاً فإنه يحنث إذا أكل بيض أي حيوان، سواء كان مأكول اللحم كالدجاج والنعام ونحوهما، أو غير مأكول اللحم كالرخم ونحوه ما لم يكن من ذوات السموم الضارة فإنه يحرم أكل بيضه لضرره وإنما يحنث بشرط أن يكون الشأن فيه أن يفارقه الحيوان الذي باضه وهو حي، وأن يؤكل البيض منفرداً سواء خرج من الحيوان وهو حي أو وهو ميت، فإذا لم يكن الشأن فيه ذلك كبيض السمك "البطارخ" فإنه لا يحنث بأكله، لأن البطارخ لا يبيضها السمك وهي حي خارج الماء بل تشق بطنه وتخرج منه، وكذا بيض الجراد فإنه لا يؤكل منفرداً بل يؤكل تبعاً للجراد فغذا أكله منفرداً لا يحنث، وكذلك البيض غير المتصلب الذي يخرج من الدجاج بعد ذبحها فإنه لا يحنث بأكله، لأنه لا يمكن أن يفارق الحيوان وهو حي، أما إذا تصلب وخرج من الدجاجة بعد ذبحها فإنه يحنث بأكله، لأن الشأن فيه أن يفارقها وهي حية.
ولا تتناول الفاكهة القثاء والخيار والجزر والباذنجان، فمن حلف لا يأكل فاكهة فإنه لا يحنث بالأكل من هذه الأشياء. وإذا حلف لا يأكل هذا القمح فإنه يحنث إذا أكل منه على هيئته كأن يأكله نيئاً أو مطبوخاً "بليلة" أو مقلياً على النار "فشاراً" أما إذا أكله دقيقاً أو خبزاً أو نحوهما فإنه لا يحنث لزوال اسم القمح عنه حينئذ، أما إذا حلف لا يأكل هذا وأشار إلى قمح بدون أن يذكره فإنه يحنث إذا أكل منه على هيئته أو أكل من دقيقه أو خبزه أو أي شيء يتولد معه، وكذا إذا حلف لا يأكل هذا الرطب تمراً فإنه لا يحنث، ونظير هذا إذا حلف لا يكلم هذا الصبي فكلمه بعد البلوغ فإنه لا يحنث لزوال الاسم عنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإذا حلف لا يأكل من هذه الشجرة فإنه يحنث بما يؤكل منها كثمرها وجمارها، فلا يحنث إذا أكل من ورقها وخشبها لأنه لا يؤكل عملاً بالعرف. وكذا إذا حلف لا يأكل من هذه البقرة فإنه لا يحنث بالأكل من ولدها ولبنها، وإنما يحنث بما يؤكل منها كاللحم والكرش ونحوهما: وإذا حلف لا يأكل معائعاً فأكله بخبز فإنه يحنث أما إذا شربه فإنه لا يحنث، وأما إذا حلف لا يشرب مائعاً فأكله بخبز فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يأكل سمناً فأكله في عصيدة ونحوها فإن كانت عينه ظاهرة فيها فإنه يحنث، أما إن استهلك ولم يكن ظاهراً فإنه لا يحنث، وأما إذا شربه فإنه لا يحنث.
الحنابلة - قالوا: إذا حلف لا يأكل اللحم فإنه لا يحنث إذا أكل الشحم أو المخ الذي في العظام أو الكبد أو الطحال أو القلب أو الكرش أو المصران أو الألية أو الدماغ وهو المخ الذي في الرأس أو القانصة أو الكلية أو الكوارع أو لحم الرأس أو لحم خد الرأس أو اللسان ونحو ذلك من كل ما لا يطلق عليه اسم اللحم، وينفرد عنه باسمه وصفته إلا إذا أراد الحالف اجتناب الدسم فإنه يحنث بالأكل منها. وهذا إذا حلف لسبب يقتضي المنع من أكلها فإنه يحنث حينئذ.
ومن حلف لا يأكل لحماً فإنه يحنث بأكل اللحم ولو كان محرماً كلحم خنزير وميتة ومغصوب كما يحنث بأكل لحم السمك ولحم الطير ولحم الصيد لأن كل ذلك يسمى لحماً.
وإذا حلف لا يأكل شحماً فإنه يحنث بأكل ما يذوب في النار من حيوان، فيحنث بأكل الدهن على الظهر والجنب أو شحم الكلى أو أكل اللحم السمين أو اللية أو السنام أما إذا أكل اللحم الأحمر الذي لا يظهر فيه دهن فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يأكل لبناً فإنه يحنث بأكل لبن الإبل والبقر والغنم ولبن الصيد ولبن الآدمية. سواء كان اللبن مائعاً أو رائباً أو متجمداً، أما إذا كان زبداً أو سمناً أو كشكاً أو مصلاً أو جبناً فإنه لا يحنث إلا إذا ظهر فيه طعم اللبن فإنه يحنث. وإذا حلف لا يأكل زبداً فأكل سمناً أو لبناً لم يظهر فيه طعم الزبد فإنه لا يحنث، أما إذا ظهر فيه طعم الزبد فإنه يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل زبداً فأكل جبناً أو ما يصنع من اللبن كالكشك لم يحنث لأنه لا يسمى ذلك زبداً. وإذا حلف لا يأكل سمناً فأكل زبداً فإنه لا يحنث، وإنما يحنث إذا أكل السمن منفرداً أو في عصيدة وطبيخ ونحو ذلك إذا ظهر فيه طعمه، فإذا لم يظهر طعمه فإنه لا يحنث، وكذا إذا حلف لا يأكل لبناً فأكل طبيخاً فيه لبن فإنه يحنث إذا ظهر اللبن فيه.
وإذا حلف لا يأكل فاكهة فإنه يحنث بأكل العنب والرطب والرمان والسفرجل والتفاح والكمثرى والخوخ والأترج والنبق والموز والبطيخ والجوافى والمنجا والتين والمشمش والعناب واللوز والبندق ونحو ذلك من كل ما يسمى فاكهة يابسة أو غيرها، ولا يحنث بأكل القثاء والخيار والخس والزيتون، ولا بأكل نبق البادية ويسمى زعروراً وهو أحمر يشبه النبق وفي طعمه حموضة، وخوخ الدب وكل ثمر شجر غير مستطاب، كما لا يحنث بأكل الجزر واللفت والفول والقلقاس وسائر الخضر التي لا تسمى فاكهة.