الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبحث الصرف
هو بيع الذهب بالذهب، والفضلة بالفضة، أو بيع أحداهما بالآخر. وقد علمت أن الصرف من أقسام البيع العام، فما كان ركناً للبيع فهو ركن للصرف، إلا أنه يشترط للصرف شروط زائدة على شروط البيع الخاص:
أحدها: أن يكون البدلان متساويين. سواء كانا مضروبين كالجنيه والريال ونحوهما من العملة المصرية المأخوذة من الذهب والفضة وغيرها، أو كانا مصوغين كالأسورة والخلخال والقرط، والحلق، والقلادة، والكردان، ونحو ذلك، فلا يصح أن يبيع جنيهاً بجنيه مع زيادة قرش فأكثر، كما لا يصح أن يبيع أسورة زنتها عشرون مثقالاً بأسورة زنتها خمسة وعشرون وإن اختلف نقشهما وصياغتهما.
وأما الخل المتخذ من أصناف مختلفة فإنه كله جنس واحد كما تقدم فلا يصح بيع بعضه ببعض متفاضلاً.
ومثل الخل الأنبذة، والمراد بها ماء الزيت والعرقسوس، والتمر، والمشمش، والقراصية ونبيذ التين، وهكذا باقي أنواع "الشرابات" المختلفة المأخوذة من الأصناف التي يدخلها الربا فإنها كلها جنس واحد، فلا يصح بيع بعضها ببعض مفاضلة، وليس منها ماء الخروب لأن الخروب لا يدخله الربا.
والخل من التمر جنسان مختلفان فيصح بيعهما ببعضهما مفاضلة، أما النبيذ فهو مع الخل جنس واحد على المعتمد، فلا يصح بيعهما ببعضهما مفاضلة ويصح مماثلة، وكذلك النبيذ مع التمر جنس واحد ولكن لا يصح بيعهما ببعضهما لا مفاضلة ولا مماثلة.
أما اللبن وما يتولد منه فإنه سبعة أنواع؟ وهي الحليب، والزبدة، والسمن، والمخيض "الخض" الأقط، وهو لبن يحفف حتى يستحجر فيحفظ ليطبخ به عند الحاجة كالخضر المجففة، والجبن، والمضروب "الرائب". فهذه الأنواع يجوز بيع بعض كل واحد منها بمثله، فيجوز أن يبيع رطلاً من الحليب برطلين من الحليب. ورطلاً من الزبد برطلين من الزبد وهكذا. ولا يصح بيع الحليب بالزبد ولا بالسمن ولا بالجبن ولا بالأقط، كما لا يصح بيع الزبد بالسمن أو الجبن أو الأقط، ولا بيع السمن بالجبن ولا بالأقط.
وأما بيع المخيض أو المضروب بالأقط فقيل: لا يصح مطلقاً، لأنه من قبيل بيع الجاف باللبن وهو لا يجوز. وقيل: يصح، والظاهر الأول. وكذلك اختلف في بيع الجبن بالأقط فقيل: بالجواز: وقيل بالمنع
ثانيها: الحلول، فلا يصح أن يبيع ذهباً بذهب، أو فضة بفضة مع تأجيل قبض البدلين أو أحدهما ولو لحظة.
ثالثها: التقابض في المجلس: بأن يقبض البائع ما جعل ثمناً، ويقبض المشتري ما جعل مبيعاً، فإن افترقا بأبدانهما قبل القبض فقد بطل العقد. وأما بيع أحد الجنسين بالجنس الآخر أعني بيع الذهب بالفضة بوالعكس فإنه لا يشترط فيه التساوي، فيجوز أن يشترط الجنيه الذي قيمته مائة قرش فأكثر من الفضة. وإنما يشترط له شرطان:
ثانيهما التقابض في المجلس. ومثل (1) الذهب والفضة في ذلك باقي الأصناف الربوية التي تقدم بيانها.
(1) الحنفية - قالوا: إن باقي الأصناف التي يدخلها الربا كالطعام ليست كالذهب والفضة في شرط التقابض في المجلس، لأن الذهب والفضة لا يتعينان بالتعيين؛ فلا يملك ما بيع من الذهب بعينه ولا الفضة بعينها إلا بالقبض، فإذا باع له هذا الجنيه بخصوصه بخمسين قطعة من ذات القرشين فإن للبائع أن يبدله بعد هذا بجنيه آخر غيره. ومثل ذلك قطعة الذهب التي تباع بمثلها فإنها لا تملك بالتعيين وإنما تملك بالقبض. فلهذا شرط في بيع الذهب والفضة التقابض في المجلس، سواء كان مضروبين أو مصوغين. أما باقي الأصناف فإنها تتعين بالتعيين، فإذا اشترى هذا الإردب من القمح بهذين الإردبين من الشعير فقد تعينا بذلك، فلا يصح للبائع أو المشتري أن يبدله بغيره. فلا يشترط التقابض في المجلس بالنسبة لها. وإنما يشترط فيها ثلاثة أمور:
الأول: أن يكون المبيع والثمن موجودين في ملك البائع والمشتري.
الثاني: أن يتعين المبيع والثمن، فلو باعه إردباً من الحنطة بإردب من الحنطة بدون أن يعين الإردبين لم يصح.
الثالث: أن ما يجعل مبيعا لا يصح أن يكون ديناً وإنما يصح ذلك في الثمن. فإذا باعه إردباً من هذه الحنطة المعينة بإردب من حنطة جيدة ولكنها غائبة فإنه يصح البيع، وإنما يشترط في هذه الحالة أن يحضر المشتري الثمن وهو الإردب من الحنطة الجيدة ويقبضه البائع في المجلس، لما علمت من أنه يشترط تعيين المبيع والثمن. والدين لا يتعين إلا بالقبض فلا بد من قبضه في المجلس. فإذا قبضه البائع ولم يقبضه المشتري المبيع فإنه لا يضر. أما إذا جعل المبيع ديناً كأن قال: اشتريت منك إردباً من الحنطة الجيدة بهذين الإردبين من الشعير فإنه لا يصح مطلقاً ولو أحضر له الحنطة المبيعة في المجلس، لأنه جعل الدين مبيعاً وهو غير موجود فكأنه اشترى ما ليس عنده، فلا يصح البيع أصلاً