الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني عشر
في أشعار المفلوكين ومن في معناهم من مقاصد
شتى وبيان أن الحامل عليها إنما هو الفلاكة
اعلم أن الفلاكة إذا استولت على شخص وسلبته القدرة على الأفعال انتقل إلى الاسترواح والتنفس بالأقوال، وذلك لما أن في الكلام راحة وفرجا وتنقيصا من ألم الباطن، ولذلك قلما يطيق كتمان الأسرار إلا الواحد الفذ، وكذلك أيضا قلما يطيق الإنسان استدامة أقوال تخالف ما في باطنه بل لا بد له من فلتات مطابقة لما في باطنه، لما أن النفس بطبعها تطمح إلى طلب الراحة والاستلذاذ بحسب المقدور.
وإذا اتضح أن في الأقوال تنفسا وراحة ولذة وتنقيصا من آلام الباطن وضحت الحكمة في انتصاب المفلوكين خطباء وشعراء وحكماء فمرة يسلون أنفسهم بترجيح الكمالات النفسانية على الكمالات المالية بالأدلة الخطابية والتشبيهات الشعرية، ومرة يذكرون عوارضهم الأزمة بمقتضى الفلاكة ويضرعون عنها أعذارا وحكمة وتشبيهات رائقة وكلمات فائقة تنقيصا من قبح صورتها، وليشغلوا الناس بما أورده فيها من محاسن الكلام عن الفكرة في صورتها الشنيعة، ومرة يسابقون إلى ذكر نقائصهم ويجعلونها رقة أدبية أو نكتة شعرية أو كلمة هزلية قبل أن يذكرها غيرهم عنهم ليصرفوا الناس عن الاشتغال بها لأن النفوس تكره المعاد، ولذلك قيل في الأمثال (أقبح من معاد) وليكون ذلك أخف على نفوسهم، لما أن الشخص لا يتأنف من نفسه ما يتأنفه من غيره ولا يثقل عليه كلامه ككلام غيره.
حكي إن الاخفش الصغير كان يحفظ الأهاجي التي هجاه بها ابن الرومي ويوردها في جملة ما يورده، والحكمة فيه ما ذكرته لا ما ذكره ابن خلكان في تاريخه من إنه كان يقول (أنوه بذكري بها) فإن ذلك أن قاله الأخفش فقوله غطاء على المعنى الحقيقي. ولذلك أيضا يذكرون الأسفار ويغرون بها مرة وينهون عنها أخرى، فالإغراء لما قدمته في الفصل الرابع، والنهي يكون حيرة ودهشا، ولذلك أيضا يغرون بتطلب المجد والثروة تارة ويأمرون بالقناعة أخرى قلقا واضطرابا
ويذمون الأيام ويتضجرون ويتململون ويستعتبون ويشعرون وهم لا يشعرون ويفتنون وهم يفتنون ويحسبون أنهم صنعا إلا أنهم هم الخاسرون، ويتلطفون وهم يستثقلون ويتعذرون ولكن لا يعذرون أم تسألهم خرجا فهم من مغرم مثقلون، فإنا لله وإنا اله راجعون.
والأغنياء عن ذلك كله بمعزل
وعن العناء فيه بألف منزل، قد أغناهم الفعل عن القول والفضل عن الفضول والأعذار والإحسان عن صوغ اللسان، وأنا أورد إن شاء الله تعالى أحاسن ما يحضرني من أشعار المفلوكين ومن في معناهم في هذه المقاصد كلها.
وإنما قلت (ومن في معناهم) دفعا لسؤال مقدر توجيه أن المذكور في هذا الفصل من الشعر منه ما هو من كلام الأماثل والعظماء والنبلاء فالجواب إنه وان صدر عن عظيم أو نبيل فإنما ذكر بلسان المفلوكين وشرحا لحالهم ونيابة عنهم ورحمة عليهم، أو عند معارض فلاكة حقيقية عرضت للوجيه العظيم صيرته في حكم المفلوك بحسب تلك الحالة، أو عند عارض فلاكة حالية بحكم الوارد على القلة، فإن الوارد - كما هو مقرر في كتب الصوفية - إذا ورد على القلب وشايعته النفس بالاستحسان والاستجلاء ولم يمانعه اكسب حالا، وإذا علمت الأحوال المقتضية للأشعار الآتية والحامل عليها فهاكها غير ناس ولا غافل عما قررته في مقدمة الفصل العاشر فإنه محتاج إليها في هذا الفصل، فمن ذلك القول القائل:
-
إلى الله أشكو جور دنياكم التي
…
تغر الفتى حتى يوارى برمسه
فتكسبه إن أقبلت حسن غيره
…
وتسلبه إن أدبرت حسن نفسه
ومنه:
ما تطعمت لذة العيش حتى
…
صرت للبيت جليسا
أي شيء أعز عندي من العل
…
م فما ابتغى سواه أنيسا
إنما الذل في مخالطة النا
…
س فدعهم وعش عزيزا رئيسا
ومنه:
تلحى على البخل الشحيح بماله
…
أفلا تكون بماء وجهك أبخلا
أكرم يديك عن السؤال فإنما
…
قدر الحياة أقل من أن تسألا
ولقد أضم إلي فضل قناعتي
…
وأبيت مشتملا بها متزملا
وأرى العدو على الحصاصة شارة
…
تصف الغني فيخالني متمولا
وإذا امرؤ أفنى الليالي حيرة
…
وأمانيا أفنيتهن توكلا
ومنه:
عجبت سعاد من ارتياحى للعلا
…
في العدم وهو يفل غرب الجامح
لا يغشني الإقتار عارا إنني
…
رحب الذراع بكل خطب فادح
ولربما نهض المقل بعبئه
…
وحبا به المثرون حبو الرازح
مثل السماكين انتفاعك منهما
…
بالأعزل المدحوض فوق الرامح
ولئن خفيت عن الورى وفضائلى
…
كمد الحسود ونار غيظ الكاشح
فالنار في أشجارها مخبؤه
…
حتى يتاح لها يمين القادح
ومنه:
أهوى الخمول لكي أظل مرفها
…
مما يعانيه بنو الأزمان
إن الرياح إذا عصفن لواقحا
…
تولى الأذية شامخ الأغصان
ومنه:
المرء يحظى ثم يعلو ذكره
…
حتى يزين بالذي لم يفعل
وترى الشقي إذا تكامل عيبه
…
يرمى ويبخل بالذي لم يعمل
ومنه:
شغلنا بكسب العلم عن مكسب الغني
…
كما شغلوا عن مكسب العلم بالوفر
وصار لهم حظ من الجهل والغنى
…
وصار لنا حظ من العلم والفقر
ومنه:
لا تحقرن أديبا راق رونقه
…
عن الفصاحة أما راح في شمل
فالسكر العسلى الحلو من قصب
…
والنرجس البابلي الغض من بصل
ومنه:
ينجد بي تارة ويتهم بى
…
ضر زمان بأهله جافي
حتى كأني قذاة مقلته
…
أو خبث فوق كأسه طافي
ومنه:
وقالوا توصل بالخضوع إلى الغنى
…
وما علموا أن الخضوع هو الفقر
وبيني وبين المال شتان حرما
…
علي الغنى نفسي الأبية والدهر
إذا قيل هذا اليسر أبصرت دونه
…
مواقف خير من وقوفي بها العسر
ومنه:
ولا تعدن رزقا ما ظفرت به
…
إلا إذا دار بين الحلق والحنك
ومنه:
لا يؤيسنك من مجد تباعده
…
فإن للمجد تريجا وترتيبا
إن القناة التي أبصرت رفعتها
…
تنمو وتحدث أنبوبا فأنبوبا
ومنه:
والحر من حذر الهوا
…
ن يحاذر الأمر الجسيما
والعاجز المألوف أق
…
عد ما يكون إذا أقيما
ومنه
المرء يجمع والزمان يفرق
…
ويظل يرقع والخطوب تمزق
ولئن يعادي عاقلا خير له
…
من أن يكون له صديق أحمق
وإن امرؤ لسعته أفعى مرة
…
تركته حين يجر حبل يفرق
لا ألفينك ثاويا في عربة
…
إن الغريب بكل نبل يرشق
ما الناس إلا عاملان فعامل
…
قد مات من عطش وآخر يغرق
والناس في طلب المعاش وإنما
…
بالجد يرزق منهم كمن يرزق
لو يرزقون على وزان عقولهم
…
ألفيت أكثر من ترى يتصدق
لو سار ألف مدجج في حاجة
…
لم يقضها إلا الذي يترفق
هذه الأبيات لصالح بن عبد القدوس، وقوله (يتصدق) هو ببناء المجهول حتى يصح
المعنى المراد، وهو أن الغالب على الناس قلة العقل والخفة، وأصله يتصدق عليه فحذف عليه. ولو قرئ ببناء المعلوم لا نعكس المعنى وكان معناه أن العقلاء هم الأكثر، وليس بصحيح لا دارية ولا رواية وهذا الرجل اتهمه المهدي بالزندقة فأمر بحمله إليه، فلما خاطبه أعجب بغزارة علمه وأدبه وحسن ثباته، فأمر بإطلاقه فلما ولى رده وقال: الست القائل:
والشيخ لا يترك أخلاقه
…
حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله
…
كذي الضنى عاد إلى نكسه
فقال: بلى. فقال: وأنت لا تترك أخلاقك، فأمر به فقتل سنة 167. فانظر إلى الفلاكة قال حكمة فكانت سببا في قتله، ومثله قول عمارة اليمني الملقب نجم الدين الشاعر:
هذا ابن تومرت قد كانت بدايته
…
كما يقول الورى لحما على وضم
وكان أول هذا الدين من رجل
…
سعى إلى أن دعوه سيد الأمم
أراد إظهار معنى بديع مبتكر، فكان سببا في قتله في أحد الأقوال في سنة 569. وكنت هممت أن أضع فصلا في الكلمات التي كانت سببا للحوق ضرر عظيم
لأصحابها كهاتين الحكايتين واسميها بالفلاكة اللفظية لتكون الفلاكة ثلاثة أنواع مالية ومعنوية ولفظية، ثم بدا لي في ذلك وخشيت أن يصير الكتاب أدبيا لا علميا، ولنرجع إلى مقصود الفصل ومنه:
ليس الحمول بعار
…
على امرئ ذي جلال
فليلة القدر تخفى
…
وتلك خير الليالي
ومنه:
يا هذه إن رحت في
…
شمل فما في ذاك عار
هذي المدام هي الحيا
…
ة قميصها خرق وقار
ومنه:
وليس قبح المكان مما
…
يزرى به منصبي وديني
فالشمس علوية ومع ذا
…
تغرب في حمأة وطين
ومنه:
احتل لحقدك فاللبي
…
ب بلطفه يستل ثاره
أمضى الحديد أرقه
…
والماء يثقب في الحجاره
والهجو بيت منه لا
…
يطفى طويل المدح ناره
يخفى الكثير من الحلا
…
وة في القليل من المراره
ومنه:
ولا غرو أن يبلى الشريف بناقص
…
فمن ذنب التنين تنكسف الشمس
ومنه:
وإني وإعدادي لدهري محمدا
…
كملتمس إطفاء نار بنافخ
ومنه:
فإن تكن الدنيا إنالتك ثروة
…
فأصبحت ذا يسرو وقد كنت ذا عسر
فقد كشف الإثراء عنك خلائقا
…
من اللؤم كانت تحت ثوب من الفقر
ومنه:
حيائي حافظ لي ماء وجهي
…
ورفقي في مطالبتي رفيقي
ولو أنى سمحت ببذل وجهي
…
لكنت إلى الغني سهل طريقي
ومنه:
ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها
…
فكيف ما انقلبت يوما به انقلبوا
يعظمون أخا الدنيا فإن وثبت
…
عليه يوما بما لا يشتهى وثبوا
ومنه:
قالت وقد انتضت سيوف اللحظ
…
والدر ممازح لذاك اللفظ
ذا حظك ما أنقصك قلت لها
…
لو شئت لما كنت قليل الحظ
ومنه:
من منصفي من معشر
…
كثروا علي وكبروا
صادقتهم وأرى الحرو
…
ج من الصداقة يعسر
كالخط يسهل في الطرو
…
س ومحوه يتعذر
ومتى أردت كشطته
…
لكن ذاك يؤثر
ومنه:
إذا فات الفتى شيئان أضحى
…
بعيدا من ممازحة القلوب
جمال الوجه أو مال عظيم
…
يزين في حضور أو مغيب
فكثر المال يشفع في المثاوي
…
وحسن الوجه يشفع في الذنوب
ومنه:
إن الغني ترضى معيشته
…
لا من يظل على ما أفات مكتئبا
لا تحقرن من الأيام محتقرا
…
كل امرئ سوف يجزى بالذي كسبا
قد يحقر المرء ما يهوى فيتركه
…
حتى يكون إلى توريطه سببا
إن العدو وإن أبدى مكاشرة
…
إذا رأى منك يوما فرصة وثبا
إذا وترت امرأ فاحذر مغبته
…
من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا
ومنه:
أتعبت نفسك بين ذلة كادح
…
طلب الحياة وبين حرص مؤمل
ونثرت دهرك لا خلاعه ماجن
…
حصلت فيه ولا وقار مبجل
وأضعت حط النفس في الدنيا وفي ال
…
أخرى ورحت عن الجميع بمعزل
ومنه:
أهل المناصب في الدنيا ورفعتها
…
أهل الفضائل محقورون بينهم
قد أنزلونا لأنا غير جنسهم
…
منازل الوحش في الإهمال عندهم
فليتنا لو قدرنا أن نعرفهم
…
مقدارهم عندهم أولو دروه هم
لهم مريحان من جهل وفرط غنى
…
وعندنا المتعبان العلم والعدم
ومنه:
إذا كان غير الله في عدة الفتى
…
أتته الرزايا من وجوه الفوائد
ومنه:
إذا لم يكن عون من الله الفتى
…
فأكثر ما يجنى عليه اجتهاده
ومنه:
إذا شئت أن تحيا سعيدا فلا تكن
…
على حاله إلا رضيت بدونها
ومن يطلب الغالي من العيش لم يزل
…
حزينا على الدنيا رهين غبونها
ومنه:
إني رأيت الدهر في حكمه
…
يمنح حظ العاقل الجاهلا
وما أراني نائلا ثروة
…
كأنه يحسبني عاقلا
ومنه:
إذا وجد الشيخ من نفسه
…
نشاطا فذلك موت خفي
ألست ترى إن ضوء السراج
…
له لهب قبل أن ينطفي
ومنه:
انفض يديك من الأنام فكلهم
…
شحا يحل وأنت عجزا تعقد
ومنه:
انفض يديك من الزمان وخيره
…
واحذر بنيه تفز بقلة ضيره
ولقد صفوت فما وجدت مصافيا
…
في الله أصحبه ولا في غيره
ومنه:
وأخ لي تكدرت
…
بعد صفو مشاربه
صاحبي حين لا يرى
…
في الورى من يصاحبه
وإذا ما حظي به
…
صد ولزر جانبه
ومنه:
إذا لم يكن صدر المجالس سيدا
…
فلا خير فيمن صدرته المجالس
وكم قائل مالي رأيتك راجلا
…
فقلت له من أجل أنك فارس
ومنه:
وأخ إن رام مني حاجة
…
كان بالإنجاح مني واثقا
وإذا ما رمت منه حاجة
…
كان بالرد بصيرا حاذفا
يعمل الحيلة في الرد لها
…
قبل أن أفرغ منها ناطقا
ومنه:
إذا ما مدحت الباخلين فإنما
…
تذكرهم ما في سواهم من الفضل
وتهدى لهم غما كثيرا وحسرة
…
فإن منعوا منك النوال فبالعدل
ومنه:
وإذا المسافر آب مثلي مفلسا
…
صفر اليدين من الذي رجاه
وخلا من الشيء الذي يهديه لل
…
إخوان عند لقائهم إياه
أم يفرحوا بقدومه وتثقلوا
…
بوروده وتكرهوا لقياه
وإذا أتاهم قادما بهدية
…
كان السرور بقدر ما أهداه
ومنه:
لو كنت أجهل ما علمت لسرني
…
جهلي كما قد ساءني ما أعلم
فالصعو يرتع في الرياض وإنما
…
حبس الهزار لأنه يتكلن
ومنه:
إن قدم الصاحب ذا ثروة
…
وعاق ذا فقر وافلاس
فالله لم يدع إلى بيته
…
إلا المياسر من الناس
ومنه:
لا يدرك المجد من لا يركب الحطرا
…
ولا ينال العلا من قدم الحذرا
ومن أراد العلا صفوا بلا كدر
…
قضى ولم يقض من إدراكه وطرا
وأحزم الناس من لو مات من ظما
…
لا يقرب الورد حتى يعرف الصدرا
ومنه:
وقائلة ما بال مثلك خاملا
…
أأنت ضعيف الرأي أم أنت عاجز
فقلت لها ذنبي إلى القوم إنني
…
لما لم يحوزوه من المجد حائز
وما فاتني شيء سوى الحظ وحده
…
وأما المعالى فهي عندي غرائز
ومنه:
من أخمل النفس أحياها وروحها
…
ولم يبت طاويا فيها على ضجر
إن الرياح إذا اشتدت عواصفها
…
فليس ترمي سوى العالي من الشجر
ومنه:
إلا موت يباع فأشتريه
…
فهذا العيش مالا خير فيه
إلا موت لذيذ الطعم يأتي
…
يخلصني من الموت الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيد
…
وددت لو أنني فيما يليه
ومنه:
ولو أني استزدتك فوق ما بي
…
من البلوى لأعوزك المزيد
ولو عرضت على الموتى حياة
…
بعيش مثل عيشي لم يريدوا
ومنه:
قالوا أقمت وما رزقت وإنما
…
بالسير يكتسب اللبيب ويرزق
فأجبتهم ما كل سير نافعا الحظ ينفع لا الرحيل المقلق
وكم سفرة نفعت وأخرى مثلها
…
ضرت ويكتدح الحريص ويخفق
كالبدر يكتسب الكمال بسيره
…
وبه إذا حرم السعادة يمحق
ومنه:
سافر إذا حاولت قدرا
…
سار الهلال فصار بدرا
والماء يكسب ما جرى
…
طيبا ويخبث ما استقرا
وبنقلة الدرر النفي
…
سة بدلت بالبحر نحرا
ومنه:
قوض ركابك عن أرض تهان بها
…
وجانب الذل إن الذل يجتنب
وارحل إذا كان في الأوطان منقصة
…
فالمندل الرطب في أوطانه حطب
ومنه:
اذا ما نبت بالحر دار يودها
…
ولم يرتحل عنها فليس بذي حزم
وهبه بها صبا ألم بدر إنه
…
سيزعجه عنها الحمام على رغم
ولم يكن الدنيا تضيق على فتى
…
يرى الموت خيرا من مقام على هضم
ومنه:
وقالوا اضطراب في الأرض فالرزق واسع
…
فقلت ولكن موضع الرزق ضيق
إذا لم يكن في الأرض حر يعينني
…
ولم يك كسب فمن أين أرزق
ومنه:
قالوا اغترب عن بلاد كنت تألفها
…
إن ضاق رزق تجد في الأرض مقترحا
قلت انظروا الريق في الأفواه مختزنا
…
عذبا فإن بان عنها صار مطرحا
ومنه:
عود ركابك كل يوم منزلا
…
وتنقلن كي لا تمل وتضجرا
فالماء يعذب ما جرى وتلاطمت
…
أمواجه فإذا أقام تغيرا
ومنه:
إذا أنا لم أجد رزقا حلالا
…
ولم آكل حراما مت جوعا
ومنه:
قالوا حسبت فقلت ليس بضائري
…
حبسي وأي مهند لا يغمد
ومنه:
لم ينصبوا بالشاد ناج صبيحة ال
…
اثنين مسبوقا ولا مجهولا
نصبوا بحمد الله ملء قلوبهم
…
شرفا وملء صدروهم تبجيلا
ما ضره أن بزعنه لباسه
…
فالسيف أهول ما يرى مسولا
ومنه:
لا ينبغي للضيف إن كان ذا
…
حزم وتدبير وطبع لطيف
أن يتعدى أبدا طوره
…
ولا يرى إلا بحكم المضيف
فالأمر للإنسان في بيته
…
إن شاء أن ينصف أو أن يحيف
وإنما ينقص أحكامه
…
عليه ذو جهل وعقل سخيف
ومنه:
إذا شئت أن تستقرض المال منفقا
…
على شهوات النفس في زمن العسر
فسب نفسك الإنفاق من كنز صبرها
…
عليك وإرفاقا إلى زمن اليسر
فإن قبلت كنت الغني وإن أبت
…
فكل منوع بعدها واسع العذر
ومنه:
إذا لم تكن ملكا مطاعا
…
فكن عبدا لمالكه مطيعا
وإن لم تملك الدنيا جميعا
…
كما تختار فاتركها جميعا
هما سببان من ملك ونسك
…
ينيلان الفتى الشرف الرفيعا
ومن ينتفع من الدنيا بشيء
…
سوى هذين عاش بها وضيعا
ومنه:
يا أيها العالم لا تشتكي
…
فالحذق محسوب من الرزق
العلم لا يسلبه أهله
…
والمال مسلوب من الخلق
ومنه:
المال اشرف ما اقتنيت فلا تكن
…
سمحا به وتأن في تفصيله
ما صنف الناس العلوم بأسرها
…
إلا ليحتالوا على تفضيله
ومنه:
أحمد الله كم أجود في الده
…
ر مقالا وما يفيد المقال
كلمى في الأنام سحر ولكن
…
أنا والسحر باطل بطال
ومنه:
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله
…
وليس لهم حتى النشور نشور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم
…
وأجسادهم قبل القبور قبور
ومنه:
من ظن أن الغنى بالمال يجمعه
…
فاعلم بأن غناه فقره أبدا
فاستعن بالعلم والتقوى وكن رجلا
…
لا ترتجى غير رزاق الورى أحدا
ومنه:
تصفو الحياة لجاهل أو غافل
…
عما مضى منها وما يتوقع
ولمن يغالط في الحقائق نفسه
…
ويسومها طلب المحال فتطمع
ومنه:
إني تركت لذي الورى دنياهم
…
وظللت انتظر الممات وارقب
وقطعت عن نفسي المطامع ليس لي
…
ولد يموت ولا عقار يخرب
ومنه:
يقولون لي فيك انقباض وإنما
…
رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناها هان عندهم
…
ومن أكرمته عزة النفس أكرما
وما كل برق لاح لي يستفزني
…
ولا كل من لاقيت أرضاه منعما
واني إذا ما فاتني الأمر لم أبت
…
أقلب طرفي إثره متندما
ولكنه إن جاء عفوا قبلته
…
وإن مال لم أتبعه لولا وربما