الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلنا: إذا قُدِّرَ الجار يكون لغواً متعلقاً بقوله (بُدَّ) ، والخبر محذوف كما مرَّ. على أنّ صاحب المغني (88) لا يثبت واواً (89) للّصوق، كما ذكره بعضُ الفضلاء، ورجّح أنّ الواو هنا زائدة، وهي التي دخولها في الكلام كخروجها. ورأيت في بعض الهوامش أَنَّه رُوِيَ عن أبي سعيد السِّيرافيّ (90) في كتاب س (91) أنّه قالَ: تجيء الواو بمعنى (مِنْ) ، فإنْ ثبتَ ذلك يكونُ حَمل الواو هنا عليه أَوْلى من دعوى زيادتها فليُراجع.
ومنها قولهم: كذا لغةً واصطلاحاً
قال ابنُ الحاجبِ: إنَّهُ منصوب على المفعولية المُطلقة، وإنّه من المصدر المؤكّد لغيره. صرّح به في أماليه (92) . وفيه نَظَرٌ من وجهين: الأول: أنّ اللغةَ ليستْ اسماً للحدثِ. الثاني: أنّها لو كانت مصدراً مؤكّداً لغيره لكانتْ إنّما تأتي بعدَ الجملةِ، فإنّه لا يجوزُ أنْ يتقدَّمَ ولا يتوسط، فلا يُقال:(حقًّا زيدٌ ابني) ولا (زيدٌ حقًّا ابني) ، وإنْ كانَ الزَّجّاجُ (93) يجيزُ ذلك.
(88) مغني اللبيب 400.
(89)
من سائر النسخ، وفي الأصل: واو.
(90)
الحسن بن عبد الله، ت 368 هـ. (تاريخ العلماء النحويين 28، الأنساب 7 / 339) .
(91)
اختصار لسيبويه.
(92)
الأمالي النحوية 4 / 61.
(93)
أبو إسحاق إبراهيم بن السري، ت 311 هـ. (تاريخ بغداد 6 / 89، طبقات المفسرين 1 / 17) .
فإنْ قلتَ: هل يجوزُ أنْ يكونَ مفعولاً لأجله، أو منصوباً على نزع الخافض، أو تمييزاً؟ قلتُ: لا يجوز الأوّلُ لأنّ المنصوب على التعليل لا يكون إلاّ مصدراً، ولا الثاني لوجهين: الأول: أنّ إسقاط الخافض سماعي، واستعمال مثل هذا التركيب مستمرٌّ شائعٌ في كلام العلماء. الثاني: أنّهم التزموا في مثل هذه الألفاظ التنكير ولو كانت على إسقاط الخافض لبقيت على تعريفها الذي كان (94) مع وجود الخافض، كما بقي التعريف في قوله (95) : تَمُرُّونَ الديارَ ولم تَعُوجُوا كلامُكُمُ عليَّ إذاً حَرامُ وأصله: تمرّون على الديار، أو بالديار. ولا الثالث لأنّ التمييز إمّا تفسيرٌ للمفرد ك (رطل زيتاً) أو تفسير للنسبة ك (طابَ زيدٌ نفساً)، وهذا ليس شيئاً منهما. أمّا أنّه ليس تفسيراً للمفرد فلأنّه لم يتقدّمْ مبهمٌ وضعاً (96) فيميّز. وأمّا أنّه ليس تفسيراً (8) للنسبة فلأنّه لم تتقدّم (97) نسبةٌ. فإنْ قلتَ: يمكن أنّه من تمييز النسبة بأنْ يُقدَّرَ مضاف، أي: تفسيرها لغةً، فيكون من باب (أعجبني [طيبُهُ] (98) أباً) .
(94) من م. وفي الأصل: كانت.
(95)
جرير، ديوانه 278 وروايته: أتمضون الرسوم ولا تحبي. وعجز البيت ساقط من م.
(96)
من (، م، المسائل السفرية. وفي الأصل: وصفاً. وفي م: منهم وضعاً. وهو تصحيف.
(97)
من (، ب. وفي الأصل: يتقدم.
(98)
من (، م، المسائل السفرية.
قلتُ: تمييز النسبة الواقع (99) بين المتضايفين (100) لا يكون إلاّ فاعلاً في المعنى. ثمّ قد يكون مع ذلك فاعلاً في الصناعة (101) باعتبار الأصل فيكون محوّلاً عن المضاف، نحو:(أعجبني طِيبُ زيدٍ أباً) ، إذا كان المراد الثناء على أبي زيد، وقد لا يكون كذلك فيكون صالحاً لدخول (من) نحو:(للهِ درُّهُ فارساً) و (وَيْحَهُ رَجُلاً) ، فإنّ الدرّ بمعنى الخير، وويح بمعنى الهلاك، ونسبتهما إلى الرجل كنسبة الفعل إلى فاعله، وتعلّق التفسير بالكلمة إنّما هو تعلّق الفعل بالمفعول لا بالفاعل. فإنْ قلتَ: ما وجهُ نصبِهِ؟ قلتُ: الظاهر أنْ يكونَ حالاً على تقدير مضاف من المجرور (102) ومضافين من المنصوب. والأصل تفسيرها: موضوع أهل اللغة، ثم حُذِفَ المتضايفان (103) على حدَّ حذفهما في قوله تعالى:(فَقَبَضْتُ قَبْضَةً من أَثَرِ الرسولِ)(104) أي: أثر حافر فرس الرسول. ولمّا أُنيبَ الثالث عماّ هو الحالُ بالحقيقة التزم تنكيره لنيابته عن لازم التنكير. ولكَ أن تقول: الأصل موضوع اللغة، بتقدير مضاف واحد، ونسبة الوضع إلى اللغة مجازٌ. وهذا أحسنُ الوجوه، كذا حرَّرَه بعض المحققين 0105) ، وهو خلاصة ما ذكره ابن هشام في رسالته الموضوعة في هذه المسألة، ومَنْ أراد الاطلاع على أزيد من ذلك فعليه بها (106) .
(99) من المسائل السفرية. وفي الأصل: الواقعة.
(100)
من سائر النسخ. وفي الأصل: المضافين.
(101)
من المسائل السفرية. وفي الأصل: بالصناعة.
(102)
م: المحدود.
(103)
من (، م. وفي الأصل: المضافان. (1049 طه 96. وينظر في الآية: التبيان 902، مغني اللبيب 691.
(105)
ب: الفضلاء.
(106)
المسائل السفرية 21 - 27.