المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: الغلاف الجوي حول الأرض - القرآن وعلوم الأرض

[محمد سميح عافية]

الفصل: ‌الفصل الثاني: الغلاف الجوي حول الأرض

‌الفصل الثاني: الغلاف الجوي حول الأرض

السماء لغويا هي كل ما ارتفع فوق رؤوسنا، وامتد إلى آخر ما يمكن أن يدركه الإنسان من أجرام سماوية بحواسه وبأجهزته.

{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} [النبأ: 12] .

ونقتصر هنا على ذكر ذلك الجزء من السماء الذي يضم الغلاف الجوي حول الأرض، وهي السماء الدنيا.

يدخل سماء الأرض من أشعة الشمس ما يمكن تقسيمه إلى ثلاث مجموعات:

"أ" 9% أشعة فوق بنفسجية.

"ب" 45% أشعة منيرة "ضوء".

"جـ" 46% أشعة تحت حمراء "حرارية".

ويمكن للإنسان أن يشعر بالضوء في جزء من سماء الأرض سمكه حوالي 200 كيلو مترا ذلك في الجهة التي تكون مواجهة للشمس.

ينتهي الغلاف الجوي المحيط بالأرض عند ارتفاع نحو ألف كيلو متر فوق سطح الأرض، وتتناقص كثافة هذا الغلاف الجوي سريعا بالارتفاع، وذلك أن:

ص: 33

"أ" أكثر من نصف وزن الغلاف كله يتركز في ستة الكيلو مترات الأولى.

"ب" أكثر من ثلاثة أرباع وزنه توجد في الاثني عشر كيلو مترا الأولى.

"ج" كثافة الهواء على ارتفاع 20 كيلو مترا فوق سطح الأرض تساوي نحو جزء واحد من مائة جزء من كثافته عند السطح، بمعنى أن 99% من كتلته توجد في الجزء الممتد من سطح الأرض حتى ارتفاع نحو 20 كيلو مترا.

"د" يشعر الإنسان بضيق الصدر مع الارتفاع، ويكاد يختنق على ارتفاع نحو 12 كيلوا مترا وصدق الله تعالى:

{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125] .

ويقسم علماء الطبيعة الغلاف الجوي إلى أربعة نطاقات هي من أسفل إلى أعلى لسطح الأرض.

تروبو سفير Ttopo Sphere

ستراتوا سفير Strato Sphere

ميزو سفير Meso Sphere

ثيرمو سفير Thermo Sphere

فتتناقص درجات الحرارة في نطاق التروبو سفير مع الارتفاع عن سطح الأرض، وفي نطاق الستراتو سفير يتوقف انخفاض الحرارة، وقد ترتفع فيه درجات الحرارة مع امتصاص الأشعة فوق البنفسجية في طبقة الأوزون، التي توجد في هذا النطاق، ثم

ص: 34

تنخفض درجات الحرارة مرة أخرى في نطاق الميزوسفير، ثم ترتفع درجات الحرارة مرة أخرى في نطاق الثيرموسفير.

ويرى السحاب حول الأرض بعين الناظر من الفضاء الخارجي، يغطي حوالي 50% من سماء الأرض، ويساعد السحاب على ارتداد حوالي 35% مما يصل إلى الغلاف الجوي من أشعة الشمس، أما ما يتغلغل في الغلاف الجوي من هذه الأشعة، ومقداره 65% من تلك الأشعة، فإن نطاق التروبوسفير يمتص 15% منه، وتستمر 50% من الأشعة لتقع على سطح الأرض.

وللنطاق الجوي القريب من سطح الأرض القدرة على امتصاص الأشعة تحت الحمراء، فيحفظ سطح الأرض بقدر من الحرارة فيصبح متوسط درجة حرارة السطح حوالي 20 درجة مئوية، فإذا لم يحدث هذا، فإن متوسط درجة حرارة السطح تكون حوالي 20 درجة مئوية تحت الصفر، فيتجمد الماء، ولا تصلح حياة.

ويدخل في مجال السماء الأرضي، كل ثانية، حوالي تريليون جسم أولي من الأشعة الكونية المحملة بطاقة هائلة، قادمة من أعماق الفضاء خارج المجموعة الشمسية، وفي الغلاف الجوي الأرضي تصطدم تلك الجسيمات الأولية بمكونات الغلاف الجوي، وينتج عن هذا الاصطدام تولد جسيمات ثانوية، هي التي يمكنها الاستمرار في مسارها إلى أن ترتطم بسطح الأرض، وبالأحياء الموجودة على هذا السطح ومنها الإنسان، ولا تسبب هذه الجسيمات الثانوية أضرارا للجسم البشري الحي، بينما لو كانت الأشعة الكونية الأولية هي التي تصيب أجسام الأحياء على سطح الأرض لقتلتهم.

ص: 35

وتسبح مكونات الغلاف الجوي الأرضي داخل مجال الأرض المغناطيسي، وتعرف باسم الماجنيتوسفير، ويتولد هذا المجال المغناطيسي في قلب الكرة الأرضية نتيجة لتفاعلات تجري بين مكوناتها الفلزية الثقيلة.

ولا توجد فواصل واضحة بين نطاقات الغلاف الجوي، ولكن مكونات هذا الغلاف تتخلخل مع الارتفاع، كما ذكرنا، وعلى ارتفاع يتراوح ما بين خمسمائة وسبعمائة كيلو متر نصل إلى نطاق الإكسو سفير حيث تبدأ الذرات اكتساب القدرة على التغلب على المجال المغناطيسي الأرضي، وتتزايد قدرتها على الهروب إلى الأثير، إلى أن نصل إلى نهاية الغلاف الجوي للأرض.

تطور الغلاف الجوي:

لم يكن تكوين الغلاف الجوي للأرض بمنأى من أحداث اليابسة، والرقعة المائية للأرض، فإن تكوين الغلاف الجوي هو حصيلة التفاعلات المستمرة بين المواد السائلة، والمواد الصلبة للأرض.

وبداية تاريخ الغلاف الجوي لكوكب الأرض تخضع للتخمينات العلمية، فهو لم يكن مشابها للغلاف الجوي الراهن، فهناك احتمال قوي بأنه كان يحتوي نسبة من غازي الهيدروجين والهيليوم، ولكن صفاتهما أتاحت لهما القدرة على الهروب من جاذبية الأرض إلى الفضاء الخارجي.

وتلت هذه المرحلة، مرحلة أخرى، للنشاط البركاني دور كبير فيه، فأخرجت كميات من: ثاني أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت، والهيدروجين،

ص: 36

والنيتروجين، والماء، والميثان، والأمونيا، وذلك مما كانت تختزنه كتلة المادة الأرضية في داخلها، ومن الغازات التي أضيفت للغلاف الجوي من داخل كتلة الأرض: غاز الهيليوم، وغاز الأرجون، وهما من مخلفات تحلل المواد الإشعاعية.

ويظن علميا أنه منذ ثلاثة بايين عام، كانت غالبية ثاني أكسيد الكربون قد امتصته مياه المحيطات؛ وأصبحت تركيبة الغلاف الجوي من غاز الميثان وغيره من مركبات الكربون والهيدروجين، أما الأكسجين فكانت نسبته ضعيفة، لذلك لم تكن للأرض طبقة من الأوزون في جوه، ومع تغلغل الأشعة فوق البنفسجية دون مقاومة تذكر، تفاعل الميثان مع الموجود من الأكسجين وبذلك خرج الميثان من مكونات الجو، وتأثر ما تبقى من الأكسجين بالأشعة فوق البفنسجية، وبدأ الأوزون في التكوين، بينما صار للنتروجين النسبة العالية، ومنذ بليوني عام من عمر الأرض وكان الغطاء النباتي فوق سطح الأرض بوفرة أتاحت الظروف لتزويد الغلاف الجوي بالمزيد من الأكسجين.

واستمرت الزيادة في نسبة الأكسجين في بطء وإصرار، فمنذ بليون عام وصلت نسبة الأكسجين في الجو إلى حوالي 10% من نسبته المعروفة في الجو الراهن، ومنذ حوالي 600 مليون عام كان الأكسيجين قد زاد زيادة كبيرة أوصلته إلى النسبة المعروفة حاليًا تقريبًا، ثم ساد الغلاف الجوي توازن في مكوناته دام حتى الآن.

ويمكن القول بصفة عامة إن الغلاف الجوي للأرض يتركيب كيميائيا من المواد الغازية التالية في الوقت الحاضر:

نيتروجين 78.084%

أكسيجين 20.934%

ص: 37

أرجون 934. %

ثاني أكسيد الكربون 0.033%

بخار الماء غير محدد

غازات أخرى 0.00268%

وقد حسبت مكونات مجموعة الغازات الأخرى على النحو التالي:

نيون 0.00182%

هيليوم 0.00053%

كريبتون 0.00012%

زينون 0.00009%

هيدروجين 0.00005%

ميثاق 0.00002%

أكسيد نيتروز 0.00005%

ويؤدي الغلاف الجوى منافع للأحياء على سطح الأرض كما يلي:

- يمدهم بغاز الأكسيجين للتنفس.

-يحميهم من التعرض للأشعة فوق البنفسجية بكميات تسبب الإيذاء للأحياء.

- يؤدي وظيفة الغشاء الحراري الذي يحتفظ لسطح الأرض بحرارة مناسبة.

الأوزون:

توجد طبقة الأوزون ضمن نطاق الستراتو سفير على ارتفاع يتراوح ما بين

ص: 38

العشرين والثلاثين كيلو مترا، وللأوزون دور خطير في الحفاظ على وجود الحياة على سطح الأرض، ويتركب جزيء الأوزون من ثلاث ذرات من الأكسيجين، وتحول طبقة الأوزون دون وصول كميات زائدة غير مرغوبة من الإشعاعات فوق البنفسجية، وقد شاءت قدرة الله أن يكون تصميم جسم الإنسان بحيث لا يتحمل إلا قدرًا محسوبًا من الأشعة فوق البنفسجية، ولو تعرض الإنسان لقدر أكبر من هذه الأشعة، فإن جلده يصيبه أذى مؤكد، وإذا زاد قدر هذه الأشعة لمدة طويلة فقد يقتل الإنسان.

ومن أوائل الثمانينيات تأكد علماء الطبيعة من وجود تآكل في بعض أجزاء الغلاف الجوي في أحد مكوناته الهامة، وهو غاز الأوزون، وتبلغ شدة هذا التآكل فوق المنطقتين المتجمدتين الشمالية والجنوبية، ويشغل التآكل فوق المنطقة القطبية الجنوبية مساحة تزيد عن مساحة قارة أمريكا الشمالية، ويزيد تآكل الأوزون من احتمالات زيادة التعرض لحدة الأشعة فوق البنفسجية، الأمر الذي يضر بعملية التمثيل الضوئي التي يقوم بها النبات، ويهدد سلامة البشر، ويسهم في ارتفاع في حرارة الجو مما يهدد بكوارث طبيعية لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.

ووجد أن إسراف البشر في استخدام مركبات الكلوروفلورو كربون من ضمن الأسباب الرئيسية لهذا التآكل، وهي مركبات غازية صناعية تستخدم بغزارة في إنتاج جميع أنواع الثلاجات، وأجهزة التكييف والمنظفات الصناعية ومواد التجميل، واستخدمت الدول الصناعية هذه المركبات الغازية منذ سنوات عديدة قبل أن تعرف مخاطرها، وبدأت الدول النامية في استخدامها بغزارة لسهولة الحصول عليها ورخص أسعارها.

ص: 39

ومن ناحية أخرى، فمع إطلاق كل صاروخ من صواريخ الاستكشاف، والصواريخ الصناعية التي يصحبها إطلاق كميات هائلة من غازات دفع الصواريخ، يحدث تدمير لحوالي مليون طن من غاز الأوزون.

وكمية الأوزون الموجودة في الغلاف الجوي، كمية محدودة قدرها العلماء بحوالي ثلاثة آلاف مليون طن، وهو قدر صغير مقارنا بكميات المكونات الأخرى للغلاف الجوي، وقد تأكد للعلماء خلال الثمانينيات جدية التآكل في الأوزون الذي يستمر بمعدلات مخيفة عاما بعد عام.

وقد استغرق تاريخ الكرة الأرضية مئات الملايين من السنين لتثبيت نسبة الأوزون في الغلاف الجوي مما مكن للحياة النباتية، والحيوانية أن تزدهر، أما التآكل السريع الذي يحدث حاليًا بفعل البشر فلا يمكن تعويضه خلال فترة زمنية تكفل الأمان للحياة على سطح الأرض، فحينما تتطاير في الجو غازات الكلوروفلورو كربون ترتفع إلى طبقة الأوزون، وتسبب في تكسير جزيء الأوزون إلى أكسيجين في تفاعل متسلسل، ويستمر تأثيرها المدمر لمدة 75- 110 سنة.

ويؤكد العلماء على حتمية الكف عن استخدام الغازات الضارة بطبقة الأوزون.

ارتفاع حرارة الجو:

منذ آخر فترة جليدية [قبل 18 ألف عام] لم ترتفع درجة حرارة الجو عاليا أكثر من 4 درجات مئوية، وقد أعلن علماء الأرصاد الجوية أن نسبة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون قد زادت في الهواء المحيط بالأرض منذ بداية القرن العشرين بنسبة 25%، ففي كل عام ينتشر نحو خمسة مليارات طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف

ص: 40

الجوي للأرض، وهي تأتي في الغالب من احتراق أنواع الوقود العضوية والكربونية، وهذه الكمية من ثاني أكسيد الكربون أكبر مما يمكن امتصاصه عن طريق نمو الأشجار والنباتات الأخرى.

فالمعالجة آثار انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من محطة طاقة تدار بالفحم قدرتها 1000 ميجاوات، يلزم زراعة غابة حولها مساحتها 1000 كيلو متر مربع، لامتصاص كافة الغازات المنبعثة، فالزيادة المطردة لوجود غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو يؤدي إلى سرعة تأثير ظاهرة الصوبة الزجاجية Green House Effect، ويؤدي بالتالي إلى رفع درجة الحرارة على سطح الكوكب بمقدار يتراوح ما بين 1.5-4.5 مئوية مع بداية القرن الواحد والعشرين، وينتج عن هذا الوضع تغير سريع في توازن مكونات الغلاف الجوي في غير صالح الحياة على سطح الأرض، فتتغير موازين تراكم الثلوج في المنطقتين القطبيتين، وتتغير موازين مناطق سقوط الأمطار، وتتغيير مناسيب سطح البحار والمحيطات ويزداد احتمال غمرها لمساحات كبيرة من اليابسة المتاخمة للماء.

ويؤكد العلماء على ضرورة استخدام الطاقة النظيفة حفاظا على البيئة الطبيعية، ومحطات الطاقة النووية هي الوحيدة التي لا ينتج عن تشغيلها أكاسيد كربونية أو أزوتية ضارة بالبيئة.

الرياح:

سبب هبوب الرياح هو الدفع تحت تأثير فروق الضغط الجوي، وتنشأ هذه الفروق بسبب اختلاف ميل أشعة الشمس على سطح الكرة الأرضية، ومن ثم اختلاف

ص: 41

معدلات التسخين، فكلما تعامدت الأشعة على السطح، زاد التسخين، كما هو الحال بين المدارين [مدار السرطان ومدار الجدي] ، وكلما زاد الميل قل التسخين، كما هو الحال حول القطبين حيث تكاد تسقط أشعة الشمس موازية للسطح، وازدياد التسخين معناه قلة الكثافة، ومن ثم نقص الضغط الجوي، والعكس بالعكس.

ومن الرياح ما يحمل النفع للناس، ففيها تحريك للساريات المواخر للبحار تنقل الناس والتجارة، ومن الرياح ما يحمل السحاب ويسوق المطر.

{وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164] .

{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57] .

{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الفرقان: 48] .

{وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [النمل: 63] .

{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: 12] .

{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ} [الأنبياء: 81] .

{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص: 36] .

{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشوري: 33] .

{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} [يونس: 22] .

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الروم: 46] .

ص: 42

{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} [الحجر: 22] .

{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} [فاطر: 9] .

{فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون} [الجاثية: 5] .

ومن الرياح ما يرسله الله عذابًا:

{فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ} [الإسراء: 69] .

{فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45] .

ومن الرياح ما يصفها القرآن الكريم بأنها صرصر عاتية وبأنها إعصار، وهي رياح فيها عذاب ودمار.

{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} 1 [الحاقة: 6] .

{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} [فصلت: 16] .

{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر: 19] .

{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24] .

{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] .

{أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18] .

1 صرصر: شديد الصوت، من الصرير وهو الصوت.

عاتية: متجاوزة الحد.

ص: 43

والرياح العاتية تنعكس من الأرض إلى السماء على هيئة مخروط ضخم، ويكون الإعصار غالبًا على هيئة قمع يتدلى من السحب الركامية إلى سطح الأرض، وقد يحدث في جداره تفريغ كهربي مستمر، يجعله يبدو كأنما يشتعل نارًا.

{فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ} [البقرة: 66] .

وقد تصل سرعة الإعصار إلى 500 كيلو متر في الساعة الواحدة، فتجتاح كل ما تصادف من أبنية وزرع وإحياء، وتحدث دمارًا شاملًا على امتداد مسارها.

بعض الظواهر الجوية:

الرعد والبرق:

{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} [البقرة: 19] .

{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20] .

{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرعد: 12] .

{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [الروم: 24] .

{يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} [النور: 43] .

{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد: 13] .

يتكون البرد في طبقات عليا باردة من الجو، ثم يهبط البرد الذي تكون في أعالي

ص: 44

السحب إلى أسفل بفعل الجاذبية، وتكون هذه الحركة بمثابة المولد الكهربائي، حيث تشحن الأجزاء العليا الهابطة شحنة سالبة بينما تشحن الأجزاء السفلى من السحابة شحنة موجبة، ويكون التفريغ بين الشحنتين على هيئة برق.

وينجم عن التسخين المفاجئ الذي سببه الرد أن يتمدد الهواء في موضع البرق فجأة أيضا، ويتمزق الهواء في صوت هادر هو صوت الرعد.

وقد يتكرر حدوث البرق داخل السحاب في موقع واحد عددا من المرات، وقد يصل هذا العدد في أحوال نادرة إلى 40 إبراقا في الدقيقة الواحدة في الموقع الواحد، وقد دلت الإحصاءات العالمية للأرصاد على أن عدد عواصف الرعد التي تحدث في جو الأرض في اليوم الواحد أكثر من 40 ألفا، وتتولد من العاصفة الواحدة في المتوسط كمية من الكهرباء قدرها نحو 2.2 مليون كيلوا وات ساعة.

الصاعقة:

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الزمر: 68] .

{فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الطور: 45] .

{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143] .

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 55] .

{فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} [النساء: 153] .

ص: 45

{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13] .

{فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [فصلت: 17] .

{فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الذاريات: 44] .

{يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 19] .

{وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ} [الرعد: 13] .

والتفسير العلمي لهذه الظاهرة، هو أنه عند حدوث تفريغ كهربي بين أجزاء السحاب فهو البرق، أما إذا حدث التفريغ الكهربي بين سحابة وأي جسم بارز على سطح الأرض، فإن هذا التفريغ الكهربي يسمى صاعقة.

وتحرق الصاعقة وتدمر ما تسقط عليه، سواء كان جمادا، أو نباتا، أو حيوانا، أو إنسانا، وقد أرسل الله الصواعق عقابًا لأقوام خلت، وهو إنذار رباني بالعذاب يصيب به من يشاء.

قوس قزح:

هي ظاهرة ضوئية تصحب سقوط الأمطار مع سطوع الشمس، فإذا وقف الإنسان ناظرًا إلى السماء حيث تتساقط الأمطار، وكانت وقفته في موضع يتوافق فيه تغلغل ضوء الشمس بزاوية معينة في غلالة الأمطار، فإنه يرى تحلل الضوء المرئي إلى عناصر ألوانه السبعة منتشرا في شكل قوس، وهو المعروف باسم قوس قزح Rain bow، وقد يكتمل هذا القوس في نصف دائرة، ولا يستمر بقاء قوس قزح مرئيا وقتا طويلا في

ص: 46

غالب الأحيان، وتحدث ظاهرة قوس قزح فوق الشلالات المائية نهارا مع بزوغ الشمس، وهنا يظهر قوس قزح في رذاذ الماء المتصاعد من اندفاع الماء على حافة الشلال، ويبقى هذا القوس مرئيًّا طوال بزوغ الشمس ويتكرر يوميًّا.

السراب:

هي أيضا ظاهرة ضوئية تلاحظ في ظروف مناخية وجغرافية متعددة، وأكثرها شيوعًا ما يلاحظه المسافر في المناطق الصحراوية خلال فترة الظهيرة، من وجود رقعة مائية أمامه، وكلما تقدم، تقدمت تلك الرقعة المائية أمامه، وما هي في الحقيقة بماء، وهو لن يدركها أبدًا، وقد ضرب الله في قرآنه المحكم مثلا بهذه الظاهرة الطبيعية التي يراها الناس بأعينهم ويعرفون مدلولها:

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39] .

فقد شبه الله أعمال الكافرين بالسراب، وما هو بماء حقيقي، ولكنه وهم وخداع نظر، فهي أعمال يحسبها الكافرون تنفعهم بدون إيمان، حتى إذا جاءوا يوم القيامة وجدوا أعمالهم هباءً منثورًا.

ويقسم علماء الطبيعة السراب إلى ثلاثة أنواع:

"أ" سراب سفلي: يحدث حينما تكون درجة حرارة الجو عالية في طبقتها الملامسة للأرض، بينما تكون درجة الحرارة منخفضة انخفاضًا واضحًا في طبقات الجو التي تعلوها، وفي هذا النوع من السراب ترى العين المعالم الموجودة على سطح

ص: 47

الأرض وترى تحتها صورة لتلك المعالم مقلوبة رأسا على عقب وكأنها منعكسة على سطح رقعة مائية، وهي الظاهرة التي أتى ذكرها في الأية [39] من سورة النور.

"ب" سراب علوي: حيت ترى صور المعالم موجودة على سطح الأرض معكوسة ومعلقة في السماء.

"ج" سراب مشترك: سفلي-علوي.

حجارة من السماء:

الشهب والنيازك:

{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ، وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ، إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر: 16-18] .

{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ، وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ، لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ، إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 6-10] .

{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا ملِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا، وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 8-9] .

والشهب Meterors: أجسام من أحجار سماوية تهيم في مسارات غير منتظمة، وتتخلل المجموعة الشمسية كلها، يرجم بها الله جلت قدرته كل شيطان جدير

ص: 48

بالرجم، وأثناء تجوال هذه الأجسام، يقع بعضها في مجال الجاذبية الأرضية، ويكون لها ضوء باحتكاكها بغلاف الهواء الأرضي مع السرعة الفائقة في اندفاعها، ويمكن رؤية هذا الضوء مثل السهم المنير أثناء الليالي الصافية.

وتصطدم بعض الشهب بسطح الأرض، وتعرف حينئذ بالنيازك Meteorites: ومن أجسام النيازك التى أمكن العثور عليها، قسم العلماء تركيبها إلى ثلاث مجموعات:

النيازك الحديدية Siderites التي تتركب أساسا من سبيكة الحديد والنيكل.

النيازك الحجرية Aerolites التي تتركب كلية تقريبا من أحجار من السليكات ثقيلة الوزن، بها معدن "الأليفين"، ومعدن "البيروكسين".

النيازك الحجرية -الحديدية Siderolites، وهي خليط من سبيكة الحديد والنيكل مع المواد الحجرية ثقيلة الوزن.

وقد تصل سرعة النيزك عند اصطدامه بالأرض إلى 70 كيلو مترا في الثانية الواحدة، وكلما زاد حجم النيزك، كان لاصطدامه أثر تدميري مروع.

ويقدر عدد النيازك التي تعرف العلماء على وجودها بحوالي ألفين وخمسمائة نيزك مختلفة الأحجام والتركيب.

ومن عجائب ما عثر عليه العلماء، ماسات diamonds موجودة في بعض النيازك على صورة بللورات من الماس دقيقة الحجم مجهرية، واقترح العلماء احتمال أن تكون بللورات الماس هذه قد تكونت من تكثف بخار الكربون تحت ضغط هائل

ص: 49

وحرارة هائلة ناتجة عن انفجار بعض النجوم وموتها، ومما يعزز هذا الرأي العثور على آثار لغاز الزينون محبوسة في بلورات الماس هذه؛ وهذا الغاز يتكون عند انفجار النجوم وموتها.

واستطاع العلماء في السنوات الأخيرة التعرف على وجود ما أسموه: الكريات المغناطيسية الدقيقة Magnetic Spherules، وهي هباء ترابي ذو حبيبات بالغة الصغر Microscopic، سوداء اللون، مغناطيسية، وتوجد هذه الكريات في الأجواء المحيطة بالأرض، كما توجد على سطح الأرض في غلاف القشرة الصلبة وفي رسوبيات المحيطات، وجمعت عينات منها من الطبقات العليا للغلاف الجوي، وتأكد أن مصدرها من خارج النطاق الأرضي، حيث ثبت أن تركيبها من الحديد، والنيكل شبيه بتركيب النيازك الحديدية، ويتراوح حجم الكرية الواحدة من 3 إلى 100 ميكرون، ويظن أن مصدرها هو النيازك الصغيرة الحجم، التي عادة ما تذوب وتتبخر وتتناثر باحتكاكها بالغلاف الخارجي للأجواء الأرضية.

الحاصب والسجيل:

{أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: 17] .

{أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الإسراء: 68] .

{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: 34] .

الحصب والحصبة هي الحجارة والحصى، وواحدته حصبة، والحصباء هي الحصى، والحصى بالمفهوم العلمي الحالي له دلالة على حجم حبيبي معين، هو وسط بين حجم الجلمود وحجم الرمل.

ص: 50

{إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} [الأنفال: 32] .

{قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} [الذاريات: 32-33] .

{جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: 82] .

{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 3-4] .

والسجيل كلمة فارسية أدخلت في العربية، وقيل: إنها مكونة من كلمتين:

سنج [الحجر] وجل [الطين] ثم جعلتهما العرب كلمة واحدة تجمع بين الحجر والطين.

والمنضود هو الشيء الموضوع بعضه فوق بعضه.

وفي تفسير الفقهاء أن الله أهلك القوم الكافرين، في قصة لوط وفي قصة أصحاب الفيل بالرجم بحجارة صغيرة من الحصباء سقطت عليهم من السماء متتابعة بعضها فوق بعض.

وبرغم أن هذه الحجارة أصلها طيني، إلا أنه لم يأت ذكر "حجارة من سجيل" مقرونة مع خلق الإنسان في أي موضع من القرآن الكريم، والطين الذي خلق منه الإنسان، هو طين أرضي، وهذا ما يدعو إلى احتمال أن مادة "حجارة من سجيل" هي مادة غير أرضية، ولعل ما أرسله الله من السماء من حاصب، ليعذب الأمم البائدة من الكافرين، والعاصين هي حجارة من نفس هذا النوع، مصداقا لقوله تعالى:{فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} [العنكبوت: 40] .

ص: 51

الحجر الأسود:

{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] .

فكان إسماعيل يجيء بالحجارة وإبراهيم يبني، إلى أن ارتفع البناء، وفي إحدى الروايات عن رفع القواعد، أن إسماعيل عندما كان يأتي لأبيه بالأحجار وجد عنده حجرا أسود، فسأله: من جاءك بهذا الحجر؟ فقال إبراهيم: من لم يكلني إليك ولا إلى حجرك، وتذهب هذه الرواية إلى أن جبريل عليه السلام هو الذي جاء بالحجر الأسود.

وللحجر الأسود في الكعبة إجلال طوال أزمان ما قبل الإسلام، وقصة إعادة بناء الكعبة زمن الرسول الكريم قبل النبوة، ورفع الحجر الأسود في ثوب يمسك به نفر من كل قبيلة من القبائل المتناحرة، قصة معروفة، وفيها تأكيد لأهمية هذا الحجر.

وقد روي عن عمر بن الخطاب قوله: وهو يقبل الحجر الأسود حين طوافه بالبيت: "إنك حجر لا تضر ولا تنفع، والله لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك".

وما يزال المسلمون حتى آخر الأيام يستهلون طوافهم بالبيت العتيق من موضع الحجر الأسود مهللين مكبرين داعين الله.

ص: 52