الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة:
شاءت إرادة الله أن يعمر آدم الأرض.. وسريعا ما استطاع البشر السيطرة على سائر الأجناس الحيوانية، بجانب السيطرة على عالم النبات، واستمرت معايشة البشر للمملكتين الحيوانية، والنباتية في حالة من التوازن عبر آلاف السنين.
ومع دخول البشرية القرن الثامن عشر بعد الميلاد، بدأت نذر الاختلال في هذا التوازن تظهر في الأفق.
وأول عناصر هذا الاختلال هو الزيادة السريعة في تعداد السكان على الصعيد العالمي، فأصبح الطب يكتشف أسباب الأمراض علميا ويبتكر الأدوية والأمصال، فنقصت الأوبئة وقلت نسبة الوفيات، كذلك زادت موارد الأفراد بصفة عامة مما شجعهم على زيادة الإنجاب.
وفي بداية القرن العشرين كان تعداد سكان العلم يقدر بحوالي 1.6 بليون نسمة وفي عام 1990 وصل التعداد إلى 5.3 بليون نسمة، والمتوقع أن يصل التعداد في نهاية القرن العشرين إلى 6.4 بليون نسمة، وأن يصل التعداد عام 2025 إلى 8.6 بليون نسمة.
وتعتبر هذه الزيادة السكانية المخيفة انفجارا سكانيا وخيم العواقب، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فقد عاث البشر فسادا في استنزاف الموارد الطبيعية، فمع حدوث ما سمي بالثورة الصناعية نشطت أعمال استخراج كل ما يمكن استخراجه
من الخامات التعدينية لتغذية الصناعات المختلفة، وكانت الزيادة في استخراج الخامات التعدينية زيادة هائلة، وبعد أن كان رجال التعدين لا يستخرجون إلا الخامات الغنية، أصبحوا يواجهون ظروفا جديدة من نفاذ الخامات، وزيادة طلب الصناعة لمحتلف الخامات إزاء هذا الظرف الجديد، فقد تنازل رجال التعدين كثيرا في حرصهم على مواصفات مرتفعة للخامات التي يرون أنها يمكن استغلالها اقتصاديا.
والجداول التالى يبين نموذجا لهذه الحقيقة:
الخام
…
التركيز الاقتصادي عام 1925
…
التركيز الاقتصادي عام 1971
نحاس
رصاص
زنك
قصدير
…
2.
1%
2.
75%
4.
7%
1.
2%
…
0.
6%
0.
6%
2.
0%
0.
015%
وزاد استخراج وحريق خامات الطاقة من فحم وبترول، وهي مواد "حفرية" غير متجددة، وقدر ما كان يستهلكه العالم من المواد البترولية في الخمسينيات. من هذا القرن بثمانية ملايين برميل يوميًّا، ارتفع عام 1992 إلى 161 مليون برميل يوميا، ويمكن أن يصل إلى 250 مليون برميل يوميا عام 2010، وفي هذا استنزاف واضح لهذا المصدر المحدود للطاقة السريعة النضوب، أما الفحم فإن احتياطياته في العالم تكفي، بمعدل الاستخراج الحالي وهو حوالي أربعة بلايين طن سنويًّا، لعدة مئات من السنين، فهو خام للطاقة بطيء النضوب.
وقدر العلماء ما كانت تحرقه البشرية من عنصر الكربون من مصادرة المختلفة عام
1988 بما يقرب من 5.66 بليون طن لذلك العام، أي أكثر من طن لكل كائن بشري، وينتج من حرق كل طن من الكربون 3.7 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي أن إجمالي ما ينتج سنويا من حريق المواد الكربونية هو حوالي 22 بليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، وإذا كان هذا التقدير يندرج على عام 1988 فما بالك بالتقدير عام 2000 وما بعد عام 2000.
ومع زيادة تعداد البشر يزيد احتاجها إلى المزيد من الغذاء، لذلك فقد أزيلت مساحات هائلة من الغابات، وما زالت تزال سنويا مساحات أخرى، لشغلها بزراعة الحبوب، ويقال: إن ما حدثت إزالته من غابات يصل إلى 40 مليون فدان، وقبل أن يتدخل البشر في قلقلة التوزان الذي تمتعت به القشرة الأرضية، كانت الرقعة الخضراء النباتية تستوعب كل ما يصعد في الغلاف الجوي من غاز ثاني أكسيد الكربون، وتثبته في صورة نبات، ويتغذى الحيوان على النبات فيقوم هو الآخر بصورة غير مباشرة في المساهمة بتثبيت ثاني أكسيد الكربون، ثم ترتب على الزيادة الهائلة في إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون خلال القرن العشرين مع النقص المتزايد في الرقعة الخضراء، أن أصبح النبات على الصعيد العالمي لا يستطيع استيعاب كل ما يطلق من غاز ثاني أكسيد الكربون، وأصبح هذا الغاز يتراكم في الغلاف الجوي عاما بعد عام.
يحدث ارتفاع في درجة حرارة الغلاف الجوي نتيجة هذا الخلل، وهو ما يسميه العلماء بظاهرة "الصوبة الزجاجية"، وقد سبق أن ذكرنا حدوث ما يسمى بثقب الأوزون، وذكرنا أسبابه وتأثيراته الضارة.
ويحذر علماء البيئة من أن الإخلال بالتوازن الطبيعي يجعل سكان الأرض يعيشون
على أبواب ظاهرة مناخية لا عهد لهم بها تصيبهم بنكبات طبيعية تظهر آثارها بوضوح خلال النصف الأول من القرن الواحد والعشرين.
من هذه النكبات انتشار الجفاف في أجزاء واسعة نتيجة الخلل في توزيع سقوط الأمطار وشحه بصفة عامة، يضاف إلى هذا، توقع ارتفاع منسوب مياه المحيطات، والبحار بما يتراوح بين 80 - 160 سنتيمترا، يصاحب احتمال ذوبان جزء من جليد القطب الجنوبي.
كذلك يعاني العالم المعاصر من زيادة نسبة التلوث الذي يحدثه الإنسان في بيئته على اليابسة، وفي المياه وفي الغلاف الجوي، بما ينذر بفساد المجال الذي يعيش فيه البشر تدريجيا حتى يصبح من العسير عليه الاستمرار في حياته العادية.
هذا هو الوضع الحالي باختصار شديد بالنسبة للسكان، والموارد والتغيير في التوازن.
لقد عاش في أواخر القرن الثامن عشر مفكر اجتماعى بريطاني اسمه توماس مالتوس Thomas R. Malthus " 1766- 1834" وكانت -لهذا المفكر- نظرة خاصة بعلاقة التعداد السكاني بالموارد، على الصعيد العالمي. ومن تحليلاته التى وجدت لها صدى، ومصداقية في وقتنا الحالي قوله:
The human species would increase in the ratio of 1. 2. 4. 8
…
and subsistence as 1.2.3.4
…
Thus population growth would be checked by indequte supplies redccing the majoroty to a bare subsistence.
وهذا معناه أن يزيد الجنس البشري بمعدل 1 إلى 2 إلى 4 إلى 8
…
وهكذا، بينما تزيد الموارد بمعدل 1 إلى 2 إلى 3 إلى 4.... وهكذا، وبذلك فالمتوقع أن تتوقف الزيادة
السكانية بسبب الوصول إلى مرحلة عدم كفاية الموارد، وبعد أن تكون غالبية سكان العالم قد انحدرت إلى مجرد الكفاف.
واعتبرت نظرة مالتوس نظرة تشاؤمية لمستقبل البشرية.
والواقع أن هناك مثلثا يربط ما بين: الموارد من ناحية، واستخدامها على يد الإنسان باستحداثه للتكنولوجيا المتطورة "المفيد منها والمضر"، وما يضعه الإنسان بمحض اختيارة من ضوابط لعلاقاته الاجتماعية:
وهذا يعني أن على البشرية أن تدرك الأخطار التي تتهددها، وهي أخطار محدقة تنذر الجميع بكوارث الجوع، والعطش والتلوث، وعلى البشرية أن تتكاتف وتتقي الله فيما تفعل في تدمير نفسها، وعليها أن تتعاون فتحسن إدارة مواردها وأمورها عامة.
فلا يتغالى القادر في انتهازية، فيزداد الغنى غنى بينما يزداد الفقير فقرًا.
وللزعيم الهندي غاندي قولة مشهورة فلسفية في هذا الشأن:
Resources can satisfy everybodies basic need but nibidy.htm's greed
أي أن الاحتياجات البشرية الأساسية يمكن للموارد الوفاء بها للجميع إذا أبعدت عنها المطامع الشخصية النهمة.
فما قول الدين في هذا الشأن؟
لقد كفل الله سبحانه وتعالى "بما أودع في الأرض من موارد" أن تجد كل دابة رزقها، والإنسان هو أيضًا يستطيع أن يجد رزقه مع السعي، والدأب وحسن الإدارة:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [العنكبوت: 60] .
أما إذا استمر الإنسان في سوء إدارته للموارد، وإشاعة عدم الاتزان في الأشياء وفي الكائنات النباتية والحيوانية، وفي إحداث تلوث في البر والبحر والجو: حينئذ لا يعلم مصير البشرية إلا الله جل وعلا.
ونستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ونسأل الله الهداية والرشاد.