المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌توطئة أيها الرفيق! ها هي ذي الساعة التي يتسلل فيها شعاع - القضايا الكبرى

[مالك بن نبي]

الفصل: ‌ ‌توطئة أيها الرفيق! ها هي ذي الساعة التي يتسلل فيها شعاع

‌توطئة

أيها الرفيق! ها هي ذي الساعة التي يتسلل فيها شعاع الفجر الباهت بين نجوم (الشرق)!

كل ما هو مقبل على الصحو، قد بدأ ينتفض ويرتعش داخل خمول الكرى وأطماره

قريباً ويشرق (الكوكب المثاليُّ) على كدحك الذي بدأ في السهل، حيث لا تزال المدينة التي هجعت بالأمس

نائمة!

ستحمل الأشعة الأُولى للنهار الجديد، بعيداً جدّاً

أبعد من خطاك

ظلَّ عملك المقدَّس في السهل الذي تبذر

وسيحمل النسيمُ الذي يهبُّ الآن، البذارَ الذي يذرّهْ يمينُك أبعد من ظلّلك

أبذر يا أخي الزارع! في الأُخدود الذي يمتدُّ بعيداً

من أجلِ جيلٍ قادم

ها هي بعضُ الأصوات قد ارتفعت!

الأصوات التي أيقظتها خطواتُك، عندما كنتَ تغدو بالحاضرة إلى كدحك المبكِّر.

فهؤلاء الذين استيقظوا بدورهم، سيلتحقون بك بعد حين

غَنِّ يا أخي الزارع! لكي تحدُوَ بأُنشودتك الْخُطَى المقبلة في غبش الفجر، نحو الأُخدود الآتي من البعيد

ص: 27

وليرتفع نشيدك الطروب، كما ارتفع نشيد الأنبياء قديماً، عندما كانوا يغنُّون أشعاراً أُخرى، في تلك الساعات الملائمة التي تولِّد الحضارات

ولتُدَوِّ أُغْنيتك! أقوى من الجوقة الصاخبة التي يعلو ضجيجها هناك

فها هم قد أخذوا الآن ينصبون بباب المدينة التي بدأت تستعيد يقظتها، سرادق سوق الملاهي مع مسلّياتها، لتلهِية واحتجاز هؤلاء القادمين صوب خطاك

لقد أقاموا الجحوش والمنصَّات من أجل المشعبذين والبهلوانات، حتى يغطي عجيجهم على نبرات حدائك

ولقد أوقدوا المصابيح الخادعة، حتى يحجبوا بها النهار المقبل، ويلفُّوا شبحك بالقتام في السهل حيث تسير

لقد زيَّنوا الوثن لكي يحقِّروا الفكرة!

ولكن الكوكب المثاليّ يواصل سيره الذي لا ينثني. وهو لا محالة سيضيءُ قريباً انتصار الفكرة وأُفول الأوثان، كما تمَّ ذلك بالأمس في (الكعبة).

مقتطفة من كتاب

(شروط النهضة الجزائرية) سنة 1948

ص: 28