الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجزاء الثمار وما يتلاحق في الشجر منها، ولا فرق بينهما البتة.
فصل
وبنوا على هذا الأصل الذي لم يدلَّ عليه دليل شرعي، بل دلَّ على خلافه ــ وهو بيع المعدوم ــ بطلانَ
ضمان الحدائق والبساتين
، وقالوا: هو بيعٌ للثمر
(1)
قبل ظهوره أو قبل بدوِّ صلاحه. ثم منهم من حكى الإجماع على بطلانه، وليس كما ظنوه
(2)
، فلا النص يتناوله ولا معناه، ولم تُجمع الأمة على بطلانه. فلا نصَّ مع المانعين، ولا قياس، ولا إجماع. ونحن نبيِّن انتفاء هذه الأمور الثلاثة:
أما الإجماع فقد صح عن عمر بن الخطاب أنه ضمَّن حديقة أُسَيد [252/ب] بن حُضَير ثلاث سنين، وتسلَّف الضمان، فقضى به دينًا كان على أُسَيد
(3)
. وهذا بمشهد من الصحابة، ولم ينكره منهم رجل واحد. ومن جعل مثل هذا إجماعًا فقد أجمع الصحابة على جواز ذلك.
وأقلُّ درجاته أن يكون قول صحابي، بل قول الخليفة الراشد، ولم ينكره
(4)
منكر، وهذا حجة عند جمهور العلماء.
(1)
ت، ع:«بيع الثمر» .
(2)
في طبعة الوكيل: «وليس مع المانعين كما ظنوه» . وفي غيرها: «
…
مع المانعين [حجة على ما] ظنُّوه». والصواب ما أثبت من النسخ الخطية. وفي «مجموع الفتاوى» (20/ 548): «وليس كما قال» .
(3)
رواه أبو العباس السرّاج في «التاريخ» ــ ومن طريقه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (876) ــ من رواية محمد بن المنكدر، ورجاله ثقات، لكنه منقطع. ويُنظر:«مسند الفاروق» لابن كثير (2/ 45).
(4)
في النسخ المطبوعة بعده زيادة «منهم» .
وقد جوَّز بعض أصحاب أحمد ضمان البساتين مع الأرض المؤجرة، إذ لا يمكن إفراد أحدهما عن الآخر
(1)
، اختاره
(2)
ابن عقيل. وجوَّز بعضُهم ضمان الأشجار مطلقًا مع الأرض وبدونها. اختاره
(3)
شيخنا وأفرد فيه مصنَّفًا
(4)
. ففي مذهب أحمد ثلاثة أقوال، وجوَّز مالك ذلك تبعًا للأرض في قدر الثلث.
قال شيخنا
(5)
: والصواب ما فعله عمر رضي الله عنه، فإن الفرق بين البيع والضمان هو الفرق بين البيع والإجارة، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحَبِّ حتى يشتدَّ، ولم ينه عن إجارة الأرض للزراعة، مع أن المستأجر مقصوده الحَبُّ بعمله، فيخدُم الأرض ويحرُثها ويسقيها ويقوم عليها. وهو نظير مستأجر البستان ليخدم شجره ويسقيه ويقوم عليه. والحب نظير الثمر، والشجر نظير الأرض، والعمل نظير العمل؛ فما الذي حرَّم هذا وأحلَّ هذا؟ وهذا بخلاف المشتري، فإنه يشتري ثمرًا، وعلى البائع مؤنةُ الخدمة والسقي والقيام على الشجر؛ فهو بمنزلة الذي يشتري الحبَّ، وعلى البائع مؤنة الزرع والقيام عليه. فقد ظهر انتفاء القياس والنص، كما ظهر انتفاء الإجماع. بل القياس
(1)
في النسخ المطبوعة: «إحداهما عن الأخرى» .
(2)
في النسخ المطبوعة: «واختاره» .
(3)
هنا أيضًا في النسخ المطبوعة: «واختاره» .
(4)
لعل المقصود «مسألة في ضمان البساتين والأرض» المنشورة ضمن «جامع المسائل» (6/ 407 - 423) والظاهر أنها هي المذكورة بعنوان «قاعدة في ضمان البساتين» في «العقود الدرية» (ص 48). وقد نشر طرف منها في «مجموع الفتاوى» (30/ 220 - 240).
(5)
انظر: «مجموع الفتاوى» (20/ 548).
الصحيح مع المجوِّزين، كما معهم الإجماع القديم.
فإن قيل: فالثمر أعيان، وعقدُ الإجارة إنما يكون على المنافع. قيل: الأعيان هنا حصلت بعمله [253/أ] في الأصل المستأجر، كما حصل الحبُّ بعمله في الأرض المستأجرة.
فإن قيل: الفرق أن الحبَّ حصل من بذره، والثمر حصل من شجر المؤجِّر. قيل: لا أثر لهذا الفرق في الشرع، بل قد ألغاه الشارع
(1)
في المساقاة والمزارعة فسوَّى بينهما. والمساقي يستحق جزءً من الثمرة الناشئة من أصل المالك
(2)
، والمزارع يستحق جزءً من الزرع النابت في أرض المالك، وإن كان البذر منه، كما ثبت بالسنة الصحيحة الصريحة وإجماع الصحابة. فإذا لم يؤثِّر هذا الفرق في المساقاة والمزارعة التي يكون النماء فيها مشتركًا لم يؤثِّر في الإجارة بطريق الأولى، لأن إجارة الأرض لم يختلف فيها كالاختلاف في المزارعة. فإذا كانت إجارتها عندكم أجوز
(3)
من المزارعة، فإجارة الشجر أولى بالجواز من المساقاة عليها. فهذا محض القياس وعمل الصحابة ومصلحة الأمة. وبالله التوفيق.
والذين منعوا ذلك وحرَّموه توصَّلوا إلى جوازه بالحيلة الباطلة شرعًا وعقلًا، فإنهم يؤجِّرونه الأرض وليست مقصودًا
(4)
له البتة، ويساقونه على
(1)
ت، ع:«الشرع» .
(2)
في طبعة الشيخ محمد محيي الدين ومَن تابعه: «الملك» . والصواب ما أثبت من النسخ، وكذا في «مجموع الفتاوى» (20/ 549).
(3)
ع: «أجود» ، تصحيف.
(4)
كذا في النسخ الخطية. وفي المطبوعة: «مقصودة» .
الشجر من ألف جزء على جزء مساقاة غير مقصودة وإجارة غير مقصودة. فجعلوا ما لم يُقصَد مقصودًا، وما قُصِد غيرَ مقصود، وحابَوا في المساقاة أعظم محاباة، وذلك حرام باطل في الوقف وبستان المولَّى عليه من يتيم أو سفيه أو مجنون. ومحاباتهم إياه في إجارة الأرض لا تسوِّغ لهم محاباةَ المستأجر في المساقاة. ولا يسوغ اشتراطُ أحد العقدين في الآخر، بل كلُّ عقد مستقلٌّ بحكمه. فأين هذا من فعل أمير المؤمنين وفقهه؟ وأين القياس من [253/ب] القياس، والفقه من الفقه؟ فبينهما في الصحة أبعدُ ممَّا
(1)
بين المشرقين؟
فصل
فهذا الكلام على المقام الأول، وهو كون الإجارة على خلاف القياس، وقد تبيَّن بطلانه.
وأما المقام الثاني ــ وهو أن الإجارة التي أذِن الله فيها في كتابه، وهي إجارة الظئر على خلاف القياس ــ فبناء منهم على هذا الأصل الفاسد. وهو أن المستحَقَّ بعقد الإجارة إنما هو المنافع لا الأعيان، وهذا الأصل لم يدل عليه نصُّ
(2)
كتاب ولا سنة، ولا إجماع ولا قياس صحيح. بل الذي دلَّت عليه الأصول أن الأعيان التي تحدث شيئًا فشيئًا مع بقاء أصلها، حكمُها حكمُ المنافع، كالثمر في الشجر، واللبن في الحيوان، والماء في البئر. ولهذا سوَّى بين النوعين في الوقف، فإن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل الفائدة.
(1)
في النسخ المطبوعة: «بُعدما» .
(2)
«نص» ساقط من النسخ المطبوعة.
فكما يجوز أن تكون فائدة الوقف منفعةً كالسكنى، وأن تكون ثمرةً، وأن تكون لبنًا كوقف الماشية للانتفاع بلبنها، وكذلك في باب التبرعات كالعارية لمن ينتفع بالمتاع ثم يردُّه، والعريُّة لمن يأكل ثمرة
(1)
الشجرة ثم يردها، والمنيحة لمن يشرب لبن الشاة ثم يردُّها، والقرض لمن ينتفع بالدراهم ثم يردُّ بدلها القائمَ مقامَ عينها= فكذلك في الإجارة تارةً يكريه العين للمنفعة التي ليست أعيانًا، وتارةً للعين التي تحدث شيئًا من بعد شيء مع بقاء الأصل كلبن الظئر ونفع البئر؛ فإن هذه الأعيان لما كانت تحدث شيئًا بعد شيء مع بقاء الأصل كانت كالمنفعة. والمسوِّغ للإجارة هو ما بينهما من القدر المشترك، وهو حدوث المقصود بالعقد شيئًا فشيئًا، سواء كان الحادث عينًا أو منفعةً. وكونه
(2)
جسمًا أو معنًى قائمًا بالجسم لا أثر له في الجواز والمنع مع اشتراكهما
(3)
في المقتضي للجواز. بل هذا النوع [254/أ] من الأعيان الحادثة شيئًا فشيئًا أحقُّ بالجواز، فإن الأجسام أكمل من صفاتها. وطردُ هذا القياس جواز إجارة الحيوان غير الآدمي لرضاعه، فإن الحاجة تدعو إليه كما تدعو إليه في الظئر من الآدميين بطعامها وكسوتها. ويجوز
(4)
استئجار الظئر من البهائم بعلَفها.
والماشية إذا عاوض على لبنها، فهو نوعان:
أحدهما: أن يشتري اللبن مدةً، ويكون العلف والخدمة على البائع،
(1)
ع: «ثمر» ، وكذا في النسخ المطبوعة.
(2)
في النسخ: «أو» ، وهو خطأ.
(3)
ح، ف:«من اشتراكهما» ، وهو خطأ.
(4)
«يجوز» ساقط من ت، ع.
فهذا بيع محض.
والثاني: أن يسلِّمها، ويكون علفها وخدمتها عليه، ولبنها له مدة الإجارة. فهذا إجارة، وهو كضمان البستان سواء، وكالظئر فإن اللبن يستوفى شيئًا فشيئًا مع بقاء الأصل؛ فهو كاستئجار العين ليسقي بها أرضه. وقد نصَّ مالك على جواز إجارة الحيوان مدةً للبنه. ثم من أصحابه من جوَّز ذلك تبعًا لنصِّه، ومنهم من منعه، ومنهم من شرط فيه شروطًا ضيَّقوا بها موردَ النص ولم يدل عليها نصُّه. والصواب الجواز، وهو موجَب القياس المحض؛ فالمجوِّزون أسعد بالنص من المانعين. وبالله التوفيق.
فصل
ومن هذا الباب: قول القائل: حملُ العاقلة الديةَ عن الجاني على خلاف القياس. ولهذا لا تحمل العمد ولا العبد ولا الصلح ولا الاعتراف ولا ما دون الثلث، ولا تحمل جناية الأموال. ولو كانت على وفق القياس لحملت ذلك كلَّه.
والجواب أن يقال: لا ريب أن من أتلف مضمونًا كان ضمانه عليه، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، ولا تؤخذ نفسٌ بجريرة غيرها؛ وبهذا جاء شرع الله [254/ب] سبحانه وجزاؤه. وحملُ العاقلة الدية غير مناقض لشيء من هذا كما سنبيِّنه. والناس متنازعون في العقل: هل تحمله العاقلة ابتداءً أو تحمُّلًا؟ على قولين، كما تنازعوا في صدقة الفطر التي يجب أداؤها عن الغير كالزوجة والولد، هل تجب ابتداءً أو تحمُّلًا؟ على قولين. وعلى ذلك ينبني ما لو أخرجها من تحمَّلت عنه عن نفسه بغير إذن المتحمل لها؛ فمن قال هي واجبة على الغير تحمُّلًا قال: يجزئ في هذه الصورة. ومن
قال: هي واجبة عليه ابتداءً قال: لا تجزئ، بل هي كأداء الزكاة عن الغير. وكذلك القاتل إذا لم تكن له عاقلة، هل تجب الدية في ذمة القاتل أو لا؟ على قولين، بناءً على هذا الأصل.
والعقلُ فارق غيرَه من الحقوق في أسباب اقتضت اختصاصه بالحكم، وذلك أن دية المقتول مال كثير، والعاقلة إنما تحمل الخطأ، ولا تحمل العمد بالاتفاق، ولا شِبْهَه على الصحيح، والخطأ يُعذَر فيه الإنسان. فإيجابُ الدية في ماله فيه ضرر عظيم عليه من غير ذنبٍ تعمَّده، وإهدارُ دم المقتول من غير ضمان بالكلية فيه إضرارٌ بأولاده وورثته، فلا بد من إيجاب بدله. فكان من محاسن الشريعة وقيامها بمصالح العباد أن أوجب بدله على من عليهم موالاة القاتل ونصرته، فأوجب عليهم إعانته على ذلك.
وهذا كإيجاب النفقات على الأقارب وكسوتهم، وكذا مسكنهم وإعفافهم إذا طلبوا النكاح، وكإيجاب فكاك الأسير من بلد العدو؛ فإن هذا أسيرٌ بالدية التي لم يتعمَّد سببَ وجوبها ولا وجبت باختيار مستحِقِّها كالقرض والبيع. وليست قليلة، [255/أ] فالقاتل في الغالب لا يقدر على حملها. وهذا بخلاف العمد، فإن الجاني ظالم مستحقٌّ للعقوبة ليس أهلًا أن يحمَل عنه بدل القتيل
(1)
. وبخلاف شبه العمد، لأنه قاصد للجناية متعمِّد لها، فهو آثم معتدٍ. وبخلاف بدل المتلف من الأموال، فإنه قليل في الغالب لا يكاد المتلِف يعجز عن حمله. وشأن النفوس غير شأن الأموال، ولهذا لا تحمل العاقلة ما دون الثلث عند أحمد ومالك لقِلَّته واحتمال الجاني لحمله. وعند أبي حنيفة لا تحمل ما دون أقلِّ المقدَّر كأرش الموضِحة،
(1)
ع: «القتل» ، وكذا في النسخ المطبوعة.
وتحمل ما فوقه. وعند الشافعي تحمل القليل والكثير طردًا للقياس. وظهر بهذا كونها لا تحمل العبد، فإنه سلعة من السلع ومال من الأموال. فلو حملت بدله لحملت بدل الحيوان والمتاع.
وأما الصلح والاعتراف فعارض هذه الحكمةَ فيهما
(1)
معنى آخر، وهو أن المدعي والمدعى عليه قد يتواطآن على الإقرار بالجناية، ويشتركان فيما تحمله العاقلة، ويتصالحان على تغريم العاقلة، فلا يسري إقراره ولا صلحه
(2)
في حقِّ العاقلة، ولا يُقبَل قوله فيما يجب عليها من الغرامة. وهذا هو القياس الصحيح، فإن الصلح والاعتراف يتضمن إقراره ودعواه على العاقلة بوجوب المال عليهم، فلا يُقبَل ذلك في حقِّهم، ويُقبَل بالنسبة إلى المعترف كنظائره. فتبيَّن أن إيجاب الدية على العاقلة من جنس ما أوجبه الشارع من الإحسان إلى المحتاجين كأبناء السبيل والفقراء والمساكين.
وهذا من تمام الحكمة التي بها قيام مصلحة العالم. فإن الله سبحانه قسم خلقَه إلى غني [255/ب] وفقير، ولا تتم مصالحهم إلا بسدِّ خَلَّةِ الفقير، فأوجب سبحانه في فضول أموال الأغنياء ما يسُدُّ
(3)
خلَّةَ الفقراء، وحرَّم الربا الذي يُضِرُّ بالمحتاج، فكان أمرُه بالصدقة ونهيُه عن الربا أخوين شقيقين. ولهذا جمع
(4)
بينهما في قوله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}
(1)
في النسخ: «فيها» .
(2)
بعده في النسخ المطبوعة: «فلا يجوز إقراره» . ولم يرد في شيء من النسخ التي بين يديَّ.
(3)
في النسخ المطبوعة: «يسدُّ به» ، ولعل الزيادة من بعض الناشرين.
(4)
زيد في النسخ المطبوعة بعده لفظ الجلالة.
[البقرة: 276]، وقوله:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: 39]. وذكر الله سبحانه أحكام الناس في الأموال في آخر سورة البقرة، وهي ثلاثة: عدل، وظلم، وفضل. فالعدل البيع، والظلم الربا، والفضل الصدقة. فمدَح المتصدِّقين وذكر ثوابهم، وذمَّ المرابين وذكر عقابهم، وأباح البيع والتداين إلى أجل مسمًّى.
والمقصود أن حمل الدية من جنس ما أوجبه من الحقوق لبعض العباد على بعض، كحقِّ المملوك والزوجة والأقارب والضيف، ليست من باب عقوبة الإنسان بجناية غيره، فهذه
(1)
لون، وذاك لون، والله الموفق.
فصل
ومما قيل فيه إنه على خلاف القياس: حديث المصرَّاة
(2)
. قالوا: وهو يخالف القياس من وجوه:
منها: أنه تضمَّن ردَّ البيع بلا عيب ولا خُلْف في صفة.
ومنها: أن الخراج بالضمان، فاللبن الذي يحدث عند المشتري غير مضمون عليه، وقد ضمنه إياه.
ومنها: أن اللبن من ذوات الأمثال، وقد ضمنه إياه بغير مثله.
ومنها: أنه إذا انتقل من التضمين بالمثل فإنما ينتقل إلى القيمة، والتمر لا قيمة ولا مثل.
(1)
في النسخ المطبوعة: «فهذا» .
(2)
أخرجه البخاري (2148) ومسلم (1524) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومنها: أن المال المضمون إنما يُضمَن بقدره في القلة والكثرة، وقد قُدر هاهنا الضمان [256/أ] بصاع.
قال أنصار الحديث: كلُّ ما ذكرتموه خطأ، والحديث موافق لأصول الشريعة وقواعدها. ولو خالفها لكان أصلًا بنفسه، كما أن غيره أصل بنفسه. وأصول الشرع لا يُضرب بعضُها ببعض، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يُضرَب كتابُ الله بعضه ببعض
(1)
، بل يجب اتباعها كلِّها. ويقَرُّ كلٌّ منها على أصله وموضعه؛ فإنها كلَّها من عند الله الذي أتقن شرعه وخلقه، وما عدا هذا فهو الخطأ الصريح. فاسمعوا الآن هدم الأصول الفاسدة التي يعترض بها على النصوص الصحيحة:
أما قولكم: «إنه تضمَّن الرد من غير عيب ولا فوات صفة» ، فأين في أصول الشريعة المتلقَّاة عن صاحب الشرع ما يدل على انحصار الردِّ بهذين الأمرين؟ وتكفينا هذه المطالبة، ولن تجدوا إلى إقامة الدليل على الحصر سبيلًا. ثم نقول: بل أصول الشرع
(2)
توجب الردَّ بغير ما ذكرتم، وهو الردُّ بالتدليس والغِشّ، فإنه هو والخُلف في الصفة من باب واحد. بل الرد بالتدليس أولى من الرد بالعيب، فإن البائع يُظهر صفة المبيع تارةً بقوله وتارةً بفعله. فإذا أظهر للمشتري أنه على صفةٍ، فبان بخلافها، كان قد غشَّه ودلَّس عليه، فكان له الخيار بين الإمساك والفسخ. ولو لم تأت الشريعة بذلك لكان هو محض القياس وموجَب العدل، فإن المشتري إنما بذل ماله في المبيع بناء على الصفة التي أظهرها له البائع، ولو علم أنه على خلافها لم يبذل له
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
في النسخ المطبوعة: «الشريعة» .
فيها ما بذل. فإلزامه للمبيع مع التدليس والغِشِّ من أعظم الظلم الذي تُنزَّه عنه الشريعة
(1)
. وقد أثبت النبيُّ صلى الله عليه وسلم الخيار للركبان [256/ب] إذا تُلُقُّوا واشتُرِيَ منهم قبل أن يهبطوا السوق ويعلموا السعر
(2)
، وليس هاهنا عيب ولا خُلف في صفة، ولكن فيه نوع تدليس وغِشّ.
فصل
وأما قولكم: «الخراج بالضمان»
(3)
. فهذا الحديث وإن كان قد روي، فحديثُ المصرَّاة أصحُّ منه باتفاق أهل الحديث قاطبة، فكيف يعارَض به؟ مع أنه لا تعارض بينهما بحمد الله، فإن الخراج اسم للغَلَّة مثل كسب العبد وأجرة الدابة ونحو ذلك، وأما اللبن والولد
(4)
فلا يسمَّى خراجًا. وغاية ما في الباب قياسه عليه بجامع كونهما من الفوائد، وهو من أفسد القياس، فإن الكسب الحادث والغلَّة لم يكن موجودًا حال البيع، وإنما
(1)
النسخ المطبوعة: «تتنزَّه الشريعة عنه» .
(2)
أخرجه البخاري (2150) ومسلم (1515) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
رواه أحمد (24224، 25999)، وأبو داود (3508 - 3510)، والترمذي (1285، 1286) ــ وصحّحه ــ، وابن ماجه (2242، 2243) والنسائي (4490) من حديث عائشة مرفوعا. وصحّحه أيضًا ابن حبان (4107، 7156)، والحاكم (2/ 14 - 15)، وابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والإيهام» (5/ 211 - 212). وحسنه البغوي في «شرح السنة» (8/ 163). وذكر الطحاوي في «شرح المعاني» (4/ 21) أن العلماء تلقَّوْا هذا الخبر بالقبول! ويُنظر:«ترتيب العلل الكبير للترمذي» (337، 338)، و «الضعفاء» للعقيلي (6/ 90 - 91)، و «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (8/ 347).
(4)
في النسخ المطبوعة: «الولد واللبن» .
حدث بعد القبض. وأما اللبن هاهنا فإنه كان موجودًا حال العقد، فهو جزء من المعقود عليه. والشارع لم يجعل الصاع عوضًا عن اللبن الحادث، وإنما هو عوض عن اللبن الموجود وقت العقد في الضرع، فضمانه هو محض العدل والقياس.
وأما تضمينه بغير جنسه، ففي غاية العدل، فإنه لا يمكن تضمينه بمثله البتة؛ فإن اللبن في الضرع محفوظ غير معرَّض للفساد، فإذا حُلِب صار عرضةً لحمضه وفساده. فلو ضمن اللبن الذي كان في الضرع بلبن محلوب في الإناء كان ظلمًا تنزَّه الشريعة عنه.
وأيضًا فإن اللبن الحادث بعد العقد اختلط باللبن الموجود وقت العقد، فلم يُعرَف مقداره حتى يوجَب نظيره على المشتري، وقد يكون أقلَّ منه أو أكثر، فيفضي إلى الربا، لأن أقلَّ الأقسام أن تُجهَل [257/أ] المساواة.
وأيضًا فلو وكلناه إلى تقديرهما أو تقدير أحدهما لكثُر النزاع والخصام بينهما، ففصَل الشارع ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ النزاعَ وقدَّره بحدٍّ لا يتعدَّيانه قطعًا للخصومة، وفصلًا للمنازعة. وكان تقديره بالتمر أقرب الأشياء إلى اللبن، فإنه قوت أهل المدينة، كما كان اللبن قوتًا لهم. وهو مكيل كما أن اللبن مكيل، فكلاهما مطعوم مُقتات مكيل.
وأيضًا فكلاهما يقتات به بلا صنعة ولا علاج، بخلاف الحنطة والشعير والأرز. فالتمر أقرب الأجناس التي كانوا يقتاتون بها إلى اللبن.
فإن قيل: فأنتم توجبون صاع التمر في كلِّ مكان، سواء كان قوتًا لهم أو لم يكن.
قيل: هذا من مسائل النزاع، وموارد الاجتهاد. فمن الناس من يوجب ذلك، ومنهم من يوجب في كلِّ بلد صاعًا من قوتهم. ونظير هذا تعيينه
(1)
صلى الله عليه وسلم الأصناف الخمسة في زكاة الفطر، وأنَّ كلَّ بلد
(2)
يُخرجون من قوتهم مقدار الصاع
(3)
. وهذا أرجح وأقرب إلى قواعد الشرع، وإلا فكيف يكلَّف مَن قوتُهم السمك مثلًا أو الأرزّ أو الدُّخْن إلى التمر
(4)
. وليس هذا بأول تخصيص قام الدليل عليه. وبالله التوفيق.
فصل
ومن ذلك: ظنُّ بعض الناس أن أمره صلى الله عليه وسلم لمن صلَّى فذًّا خلف الصف بالإعادة على خلاف القياس، فإن الإمام والمرأة فذَّان
(5)
، وصلاتهما صحيحة. وهذا من أفسد القياس وأبطله، فإن الإمام [257/ب] يُسَنُّ في حقِّه التقدّم، وأن يكون وحده، والمأمومون يُسَنُّ في حقِّهم الاصطفاف، فقياس أحدهما على الآخر من أفسد القياس. والفرق بينهما أن الإمام إنما جُعِل ليؤتمَّ به وتُشاهَد أفعالُه وانتقالاتُه، فإذا كان قُدَّامهم حصل مقصود الإمامة، وإذا كان في الصفِّ لم يشاهده إلا من يليه. ولهذا جاءت السنة بالتقدُّم، ولو
(1)
ع: «تبيينه» .
(2)
في المطبوع: «أهل كل بلد» ، فزاد كلمة «أهل» .
(3)
أخرجه البخاري (1506) ومسلم (985) من حديث أبي سعيد الخدري.
(4)
كذا في النسخ الخطية والمطبوعة إلا طبعة دار ابن الجوزي، فقد حذف فيها «أو» قبل «الدخن» وذكر في الحاشية أن في (ق):«والدخن» . والظاهر أن في العبارة تصحيفًا، وقد يكون «إلى التمر» صوابه «إخراج التمر» .
(5)
في النسخ الخطية: «فذَّين» .
كانوا ثلاثة، محافظةً على المقصود بالائتمام. وأما المرأة، فإن السنة وقوفها فذَّةً إذا لم يكن هناك امرأة تقف معها، لأنها منهيَّة عن مصافَّة الرجال. فموقفها المشروع أن تكون خلف الصف فذّةً، وموقف الرجل المشروع أن يكون في الصف. فقياس أحدهما على الآخر من أبطل القياس وأفسده، وهو قياس المشروع على غير المشروع.
فإن قيل: فلو كان معها نساء ووقفت وحدها صحَّت صلاتها.
قيل: هذا غير مسلَّم، بل إذا كان صفُّ نساءٍ فحكمُ المرأة بالنسبة إليه في كونها فذّةً كحكم الرجل بالنسبة إلى صفِّ الرجال. لكن موقف المرأة وحدها خلف صفِّ الرجال يدل على شيئين: أحدهما أن الرجل إذا لم يجد خلف الصف من يقوم معه، وتعذَّر عليه الدخول في الصفِّ، ووقف
(1)
فذًّا= صحَّت صلاته للحاجة. وهذا هو القياس المحض، فإن واجبات الصلاة تسقط بالعجز عنها. الثاني ــ وهو طرد هذا القياس ــ إذا لم يمكنه أن يصلِّي مع الجماعة إلا قدَّامَ الإمام فإنه يصلي قدَّامَه وتصحُّ صلاته. وكلاهما [258/أ] وجهٌ في مذهب أحمد، وهو اختيار شيخنا رحمه الله
(2)
.
وبالجملة فليست المصافَّة أوجب من غيرها. فإذا سقط ما هو أوجب منها للعذر، فهي أولى بالسقوط. ومن قواعد الشرع الكلية أنه «لا واجب مع عجز، ولا حرام مع ضرورة» .
(1)
في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «معه» .
(2)
انظر: «مجموع الفتاوى» (20/ 559). و «اختيارات البعلي» (ص 71).
فصل
ومن ذلك: قول بعضهم: إن الحديث الصحيح ــ وهو قوله: «الرهن مركوب ومحلوب، وعلى الذي يركب ويحلُب النفقة»
(1)
ــ على خلاف القياس، فإنه جوَّز لغير المالك أن يركب الدابة وأن يحلُبها، وضمَّنه ذلك بالنفقة لا بالقيمة، فهو مخالف للقياس من وجهين.
والصواب ما دلَّ عليه الحديث، وقواعد الشريعة وأصولها لا تقتضي سواه؛ فإن الرهن إذا كان حيوانًا فهو محترم في نفسه لحقِّ الله سبحانه، وللمالك فيه حقُّ الملك، وللمرتهن حقُّ الوثيقة. وقد شرع الله سبحانه الرهن مقبوضًا بيد المرتهن، فإذا كان بيده فلم يركبه ولم يحلُبه ذهب نفعه باطلًا. وإن مكَّن صاحبَه من ركوبه خرج عن يده وتوثيقه، وإن كلَّف صاحبه كلَّ وقت أن يأتي ليأخذ لبنه شقَّ عليه غاية المشقة، ولا سيما مع بعد المسافة. وإن كُلِّف المرتهنُ بيعَ اللبن وحفظَ ثمنه للراهن شقَّ عليه. فكان مقتضى العدل والقياس ومصلحة الراهن والمرتهن والحيوان أن يستوفي المرتهن منفعة الركوب والحلب ويعوِّض عنهما بالنفقة. ففي هذا جمعٌ بين المصلحتين، وتوفير الحقَّين، فإن نفقة الحيوان واجبة على صاحبه، والمرتهن إذا أنفق عليه أدَّى عنه واجبًا، وله [258/ب] فيه حقٌّ، فله أن يرجع ببدله، ومنفعةُ الركوب والحلب تصلح أن تكون بدلًا، فأخذُها خير من أن تذهب
(2)
على صاحبها باطلًا، ويلزم بعوض ما أنفق المرتهن. وإن قيل
(1)
أخرجه البخاري (2512) من حديث أبي هريرة، بلفظ:«الرهن يُركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدَّرِّ يُشرب بنفقته إذا كان مرهونًا. وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» .
(2)
ع: «تهدر» ، وكذا في النسخ المطبوعة.
للمرتهن: «لا رجوع لك» كان فيه
(1)
إضرار به، ولم تسمح نفسه بالنفقة على الحيوان. فكان ما جاءت به الشريعة هو الغاية التي ما فوقها في العدل والحكمة والمصلحة شيء يختار.
فإن قيل: ففي هذا أن من أدَّى عن غيره واجبًا فإنه يرجع ببدله. وهذا خلاف القياس، فإنه إلزام له بما لم يلتزمه
(2)
، ومعاوضة لم يرضَ بها.
قيل: وهذا أيضًا محض القياس
(3)
والعدل والمصلحة، وموجَب الكتاب، ومذهب أهل المدينة وفقهاء الحديث أهل بلدته وأهل سنته. فلو أدَّى عنه دينه، أو أنفق على من تلزمه نفقته، أو افتداه من الأسر ولم ينو التبرُّع= فله الرجوع. وبعض أصحاب أحمد فرَّق بين قضاء الدين ونفقة القريب، فجوَّز الرجوع في الدين دون نفقة القريب، قال: لأنها لا تصير دينًا. قال شيخنا: والصواب التسوية بين الجميع
(4)
، والمحققون من أصحابه سوَّوا بينهما. ولو افتداه من الأسر كان له مطالبته بالفداء، وليس ذلك دينًا عليه.
والقرآن يدل على هذا القول، فإن الله تعالى قال:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] فأمر بإيتاء الأجر بمجرد الإرضاع، ولم يشترط عقدًا ولا إذنَ الأب. وكذلك قوله:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [259/أ] وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] فأوجب
(1)
في النسخ المطبوعة: «في ذلك» .
(2)
ت، ع:«لم يلزمه» .
(3)
ع: «قيل هذا محض القياس» .
(4)
لم يرد هذا التصويب في «مجموع الفتاوى» (20/ 560).
ذلك عليه، ولم يشترط عقدًا ولا إذنًا. ونفقة الحيوان واجبة على مالكه، والمستأجر والمرتهن له فيه حق، فإذا أنفق عليه النفقة الواجبة على ربِّه كان أحقَّ بالرجوع من الإنفاق على ولده. فإن قال الراهن: أنا لم آذن لك في النفقة، قال: هي واجبة عليك، وأنا أستحق أن أطالبك بها لحفظ المرهون والمستأجر. فإذا رضي المنفِق بأن يعتاض بمنفعة الرهن وكانت نظير النفقة كان قد أحسن إلى صاحبه، وذلك خير محض. فلو لم يأت به النصُّ لكان القياس يقتضيه. وطردُ هذا القياس أن المودع والشريك والوكيل إذا أنفق على الحيوان واعتاض عن النفقة بالركوب والحلب جاز ذلك كالمرتهن.
فصل
ومما قيل: إنه من أبعد الأحاديث عن القياس: حديث الحسن عن قَبيصة بن حريث، عن سلمة بن المحبِّق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في رجل وقع على جارية امرأته:«إن كان استكرهها فهي حُرَّة، وعليه لسيِّدتها مثلُها، وإن كانت طاوَعته فهي له، وعليه لسيدتها مثلُها»
(1)
.
وفي رواية أخرى: «وإن كانت طاوعته فهي ومثلها من ماله لسيدتها»
(1)
رواه أحمد (15911، 20060، 20063 - 20067، 20069)، وأبو داود (4460)، والنسائي (3363، 3364) من حديث سلمة بن المحبق مرفوعا، وهو حديثٌ منكرٌ، لا يصحّ. ورواه ابن ماجه (2552) مختصرًا جدًّا.
قال النسائي في «السنن الكبرى» (7195): «ليس في هذا الباب شيءٌ صحيحٌ يُحتجُّ به» . أما ابن عبد البر، فقد قطع بصحّته في «الاستذكار» (7/ 528 - 529). ويُنظر:«التاريخ الكبير» للبخاري (4/ 72)، و «السنن» لأبي داود (4417)، و «ترتيب العلل الكبير للترمذي» (425)، و «العلل» لابن أبي حاتم (1346).
رواه أهل السنن
(1)
. وضعَّفه بعضهم من قبل إسناده، وهو حديث حسن يحتجُّون بما هو دونه في القوة، ولكن لإشكاله أقدموا على تضعيفه مع لين في سنده.
قال شيخ الإسلام
(2)
: وهذا الحديث يستقيم على القياس مع ثلاثة أصول صحيحة [259/ب] كلٌّ منها قول طائفة من الفقهاء:
أحدها: أن من غيَّر مال غيره بحيث فوَّت مقصودَه عليه، فله أن يضمنه بمثله. وهذا كما لو تصرَّف في المغصوب بما أزال اسمه، ففيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره. أحدها: أنه باقٍ على ملك صاحبه، وعلى الغاصب ضمان النقص، ولا شيء له
(3)
في الزيادة كقول الشافعي. والثاني: يملكه الغاصب بذلك، ويضمنه لصاحبه كقول أبي حنيفة. والثالث: يخيَّر المالك بين أخذه وتضمين النقص وبين المطالبة بالبدل. وهذا أعدل الأقوال وأقواها.
فإن فوَّت صفاته المعنوية ــ مثل أن ينسيه صناعته، أو يضعف قوته، أو يفسد عقله أو دينه ــ فهذا أيضًا يخيَّر المالك فيه بين تضمين النقص وبين المطالبة بالبدل. ولو قطع ذنب بغلة القاضي، فعند مالك يضمنها بالبدل ويملكها لتعذِّر مقصودها على المالك في العادة، أو يخيَّر المالك
(4)
.
(1)
رواه أبو داود (4461)، والنسائي في «المجتبى» (3364)، وفي «السنن الكبرى» (7194)، ولا يصح.
(2)
«مجموع الفتاوى» (20/ 562)، والكلام متصل بما سبق.
(3)
ع: «عليه» . وكذا في النسخ المطبوعة. والمثبت موافق لما في «مجموع الفتاوى» (20/ 562).
(4)
«في العادة أو يخير المالك» ساقط من ع.