الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عيشة راضية:
-
نقل العلامة في إسناد الرضا إلى ضمير العيشة تأويلاً مجازياً ثم رجَّح أن تكون "عيشة" فاعلاً للرضا فعلاً فقال:
"وأما العيشة الراضية فالوصف بها أحسن من الوصف بالمرضية، لأنها اللائقة بهم، فشبُه ذلك برضاها بهم كما رضوا بها، كأنها رضيت بهم ورضوا بها. وهذا ابلغ من مجرد كونها مرضية فقط فتأمله".
وهذا التأويل الذي ارتضاه العلامة يخرج الآية {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} من دائرة المجاز العقلي ويدخلها - قطعاً - في دائرة الإستعارة بالكناية فالمجاز لاحق به فيما فرَّ منه وفيما فرَّ إليه. وإجراء الإستعارة بالكناية في صور المجاز العقلي سائغ جداً، لذلك فإن ابا يعقوب السكاكي يجزم بأن كل ما يمكن جمله على المجاز العقلي باعتبار يمكن حمله على الاستعارة المكنية باعتبار آخر، وهذا القول له وزنه، والسكاكي منزلته بين البلاغيين كمنزلة سيبويه بين النحاة.
إختلاف الإسناد في التوفية: -
وذهب الإمام ابن القيم مذهباً مماثلاً في توجيه إختلاف الإسناد في الاماته والتوفيه.
ففي التنزيل الحكيم أسندت إلى الله في قوله تعالى في سورة الزمر آية (42) : {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} .
وأسندت إلى ملك الموت في سورة السجدة آية (11) :
{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ
…
}
واسندت إلى ملائكته الموت في سورة الأنعام في قوله تعالى آية (61){تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} .
وقد نهج العلامة ابن القيم منهج المجاز العقلي في توجيهه لهذه الآيات الحيكمات، فقال ما معناه بكل دقة:
الإسناد إلى الله لأنه الخالق المشيء. وإلى ملك الموت لنه الذي ينزع الروح من الجسد، وإلى الملائكة لأن ملك الموت له أعوان.
وهذا كلام هو عين الصواب ومجوزو المجاز في اللغة وفي القرآن الكريم لا يضيفون شيئاً إلى ما قاله العلامة في تقرير المجاز العقلي في هذه الآيات. اللهم إلا أنهم يسمونه مجازاً عقلياً وهو يسكت عن هذه التسمية وسكوته لا ينفي حقيقة المسمى.