الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقفة مع هذا الكلام:
تسمية من كان يتيماً قبل البلوغ يتيماً بعد البلوغ، هي مجاز مرسل عند علماء البيان علاقته اعتبار ما كان، ومجاز مطلق عند الأصوليين له نفس العلاقة، وما قاله الشيخ في بيانه اعتراف بقول الأصولي وعالم البيان، ويسميانه مجازاً ولكن الشيخ لا يسمى.
وقد رفع التأويل المجازي الأشكال الحاصل حول: كيف نؤتيهم أموالهم وهم ما يزالون يتامى، فجاء المجاز وقال: ليسوا هم في هذه الحالة يتامى وإنما سموا - كذلك - لقرب عهدهم باليتم.
ونضيف إلى هذا سراً بيانياً أخر، وهو أن القرآن سماهم - هنا - يتامى وقد فارقوا اليتم ترقيقاً لقلوب الأوصياء لهم ليحسنوا إليهم فلا يظلموهم شيئاً؛ لأن اليتم وصف يقتضي الإحسان وكذلك يفيد المسارعة لإعطائهم أموالهم..
هذا، وقد جانب الشيخ الصواب حين عد قوله تعالى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} نظير قوله: {وَآتُوا الْيَتَامَى} والفرق كبير بينهما فهم في {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} يتامى حقيقة لا مجازاً.
النكاح مجاز في العقد:
من صور المجاز المرسل حكاية الشيخ الخلاف بين العلماء والفقهاء والأصوليين في لفظ "النكاح" هل هو حقيقة في العقد مجاز في الوطء؟ أم حقيقة في الوطء مجاز في العقد؟
فإن كان الأول فهو مجاز مرسل من استعمال المسبب في السبب، وإن كان الثاني فهو مجاز مرسل كذلك من استعمال السبب في المسبب، وعلى كلٍ فالمجاز
هنا وارد في كلام الشيخ بلفظه ومعناه في سياق يشعر بإقراره للمجاز ولا تشتم منه أية رائحة للإنكار.
جعلا له شركاء:
في قوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا
…
} ذكر الشيخ أن في الآية الكريمة وجهين يشهد القرآن لأحدهما.
والوجه الذي قال: أن القرآن يشهد له وجه مجازي بلا أدنى نزاع وفيه يقول الشيخ:
الوجه الثاني: إن معنى الآية أنه لما آتى آدم وحواء صالحا كفر به بعد ذلك كثير من ذريتهما. وأسند فعل الذرية إلى آدم وحواء لأنهما أصل لذريتهما، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} أي بتصويرنا لأبيكم آدم؛ لأنه أصلهم. بديل قوله بعده: {ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} ويدل لهذا الوجه الأخير أنه تعالى قال بعده: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} وهذا نص قرأني صريح في أن المراد المشركون من بني آدم لا آدم وحواء.
وقفه مع هذا التوجيه:
هذا التأويل محتمل لنوعين من المجاز. في الآية الأولى حيث قد اسند فيها فعل ذرية آدم إلى آدم وحواء. فهو مجاز عقلي من الإسناد إلى السبب.
وأما في الآية الثانية: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} فهو مجاز مرسل؛ لأن آدم سبب في توالد بنية المخاطبين.
وموطن الشاهد أن الشيخ كثيراً ما يحمل آيات القرآن الكريم على التأويل المجازي الواضح الحسن الجميل. ومع هذا فمذهبه الجدلي في إنكار المجاز قد