الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجاز ليس أعجميا
؟!.
في مواضع كثيرة ردد الشيخ على ما يسميه غيره مجازاً أنه ليس بمجاز، بل هو أسلوب من أساليب اللغة العربية.
وهذا السلوك كان يكون مفيداً في النزاع لو كان القائلون بالمجاز يقولون أن المجاز أعجمي وليس بعربي أما والمجاز عربي أصيل وما عرفت لغة صلتها بالمجاز أقوى من صلة اللغة العربية به.
وإن كان لابد من فرق بين الشيخ رحمه الله، وهو ينفي كل أساليب المجاز ويكتفي بأن يطلق عليها أنها أسلوب من أساليب اللغة العربية. إن. الذي يطلق عليه هو "أسلوب من أساليب اللغة" يطلق عليه غيره أنه "مجاز" والاختلاف في التسمية مع الاعتراف بوجود المسمى لا طائل تحته.
بيد أن خصوم الشيخ أكثر منه دقة وضبطاً، لأن تسميتهم للمجاز مجازاً فيها تمييز واضح عما سواه من الحقائق، أما تسمية الشيخ له "أسلوب من أساليب اللغة" فهذا يطلق على الحقائق كما يطلق على المجازات.. وفي هذا خلط وتمويه.
أيجوز لرجل رزقه الله ذرية أن يسمي الأول منهم، ويكتفي بأن يدعي كل من الباقين بأنه "ولد فلان" دون أن يكون له اسم يميزه عن أشقائه؟!
وبعد هذا كله ننتقل إلى ما هو أخطر مما تقدم، فنسأل هذا السؤال الذي سيجلي حقيقة مواقف منكري المجاز حديثاً كما جلاها قديما. وهذا السؤال.
ولكن. . . هل سلم الشيخ من المجاز؟
عرفنا مذهب الشيخ الشنقيطي في المجاز، وأنه من أشد أهل العصر انكاراً له. لا في القرآن وحده، بل وفي اللغة كذلك وللشيخ أعمال علمية وضعها قبل موته وهي بين أيدي القراء ومن أبرزها - كما سبق - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن. الذي كتب سبعة أجزائه الأولى. وأكمله أحد تلاميذه إلى العشرة.
فهل - يا ترى - سلم الشيخ من المجاز في حر كلامه فطابق مذهبه العملي السلوكي مذهبه الجدلي النظري الذي تقدم، فيكون الرجل وفياً بمذهبه في الإنكار؟
أم أنه لم يسلم من القول بالمجاز في حر كلامه فكان مثل الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم له مذهبان:
أحدهما: جدلي نظري أنكر فيه المجاز.
وثانيهما: سلوكي عملي مارس فيه شيئاً من المجاز؟
الواقع أن الشيخ رحمه الله مثل الإمامين له نفس المذهبين اللذين لهما، مع فارق واحد.
فقد استدللنا على مذهبي الإمامين بنوعين من الأدلة.
أحدهما: التأويلات المجازية.
وثانيهما: ورود المجاز صريحاً بلفظه ومعناه في حر كلامهما وإن زاد ابن القيم بوضعه مؤلفا في علم البيان تحدث فيه عن المجز حديثاً مطولا.
أما الشيخ الشنقيطي رحمه الله فدليلنا على مذهبه السلوكي العملي نوع واحد هو كثرة التأويلات المجازية في حر كلامه فقد قرأنا كتابه: أضواء البيان في أجزائه العشرة، وظفرنا بالكثير من التأويلات المجازية الواردة في حر كلامه بيد أننا لن نستشهد إلا بما ورد في الأجزاء السبعة الأولى التي كتبها بنفسه. أما ما أكمله
تلميذه الشيخ عطية محمد سالم فلن نعتمد عليه، حتى لا نحمل الرجل عمل غيره وإن كان التلميذ قد توخى مذهب شيخه بكل دقة وإتقان.
ونورد من تأويلاته رحمه الله ما يندرج تحت الفنون المجازية الآتية:
المجاز العقلي - المجاز اللغوي المرسل - المجاز اللغوي الاستعاري ومن الله التوفيق.