الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نقد ما أورده في المقدمة:
-
من أبرز ما ذكره في المقدمة أن المجاز مختلف في وقوعه في اللغة، وأن أبا إسحق الإسفرائيني وأبا علي الفارسي قالا لا مجاز في اللغة كما عزاه لهما ابن السبكي في جمع الجوامع.
ويترتب على هذا أن مجوزي المجاز في اللغة اختلفوا مرة اخرى حول وقوعه في القرآن وعدم وقوعه، وراح يردد ما ردده غيره من قبل من أن ابن خويز منداد من المالكية وابن القاص من الشافعية، وضم إليهما موقفي الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وقال إنهما أوضحا منعه في اللغة أصلاً.
نقد هذا الكلام: -
مثل هذا الكلام كان له بريق ووجه من قبل، ولكن بعد الذي كشفت عنه هذه الدراسة أصبح مجرد نقوش ورسوم لا طائل تحته.
فأبو إسحاق مظلوم في هذه النسبة، فقد علمنا من قبل أن له نصاً مستفيضاً في المجاز نقله العلامة ابن القيم كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدم، ونقل مثله من قبل ابن القيم إمام الحرمين. ولأبي أسحق تأويلات هي من صميم المجاز.
أما أبو علي فالظلم الواقع عليه أشد من الظلم الواقع على أبي إسحاق، فقد روي عنه تلميذه ابو الفتح ابن جني أقوالاً في المجاز، وكذلك الإمام عبد القاهر الجرجاني ثم الإمام ابن القيم نفسه في كتابيه:(الصواعق) و (شفاء العليل) .
أما موقفا الإمامين ابن تيمية وابن القيم، فقد قدمنا ما فيه الكفاية حولهما. ولم نجد لهما في مذهب الإنكار دليلاً واحداً ليس فيه مقال.
لا مجاز في القرآن وإن صح في اللغة: -
هذا ما أورده الشيخ في المقدمة. ونصه بالحرف:
"والذي ندين الله به" ويلزم قبوله كل منصف محقق أنه لا يجوز إطلاق المجاز في القرآن مطلقاً على كلا القولين:
أما على القول بأنه لا يجوز في اللغة أصلاً - وهو الحق - فعدم المجاز في القرآن واضح.
وأما على القول بوقوع المجاز في اللغة العربية فلا يجوز القول به في القرآن".
تعقيب قصير: -
نقف أما عبارتين أوردهما ضمن هذا النص: إحداهما قوله "ويلزم قبوله كل منصف محقق
…
".
وثانيتهما قوله مذهب منع المجاز في اللغة بأنه - وهو الحق. ولنا عليهما تعقيب واحد:
إن هاتين العبارتين، أو الُحكمين، لم يقدم الشيخ الشنقيطي ولا أحد قبله من مانعي المجاز دليلاً واحداً صحيحاً يلزم منه "الإلزام" والقبول، أو يجعله حقيقاً بأنه "الحق" فهما دعويان لم يؤيدهما دليل. ولو أن الشيخ الشنقيطي تتبع كل ما قاله ابن تيمية والإمام ابن القيم لما سولت له نفسه أن يقطع بالحقية والإلزام. ويبدو أنه لم يقرأ لابن تيمية سوى ما كتبه في "الإيمان" ولم يقرأ لابن القيم غير ما كتبه في "الصواعق" فجزم بما جزم. ولو كان تجاوز هذين المصدرين لكان له موقف أخر.