الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه السلام: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ....} وقوله تعالى: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} .
وقوله صلى الله عليه وسلم "أهلك الناسَ الدرهم والدينار، وأهلك النساء الأحمران: الذهب والحرير".
كل هذه النصوص حللها على أن إسناد الإضلال وزيادة التتبيب، وإهلاك الناس والنساء إلى الأصنام والدرهم والدينار، والذهب والحرير روعي فيها أن هذه المذكورات أسباب أما الفاعل الحقيقي فهو الله عز وجل.
ومجوزو المجاز من البلاغيين يحللونها هذا التحليل بلا نقص ولا زيادة عما قاله الإمام، اللهم إلا إطلاق مصطلح المجاز الحكمي عليها.
فابن تيمية بلاغي مجازي - هنا - بلا نزاع.
وأكاد أجزم أن قضية ضر الأصنام ونفعها التي عالجها الإمام بحكمة واقتدار لم يكن لها من خرج أمامه، ولا أمام أحد من علماء الإسلام سوى هذه السبيل التي نهجها الإمام ابن تيمية، وهي سبيل التخريج على المجاز الإسنادي الحكمي الذي ينبغي الصيرورة إليه إذا دعت ضرورة شرعية أو عقلية.
التأويل الاستعاري:
وللإمام رضي الله عنه تأويلات أخرى صرَّح فيها بنقل الألفاظ مفردة ومركبة من معانيها الوضعية إلى معان طارئة، وصرح فيها بضرب المثل وتشبيه مضربه بمورده وهذا كله مدرج عند علماء البيان في باب الإستعارة مفردة كانت أو مركبة.
فمما يحمل على الإستعارة المفردة من تأويلاته قوله في قوله تعالى:
{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} فقد قال فيه:
"فالمهتدون لما كانوا على هدى من ربهم ونور، وبينه وبصيرة صار مكانة لهم استقروا عليها".
والبيانيون يتصرفون في هذه الآية مثل تصرف الإمام ومنهم من يجعل الإستعارة فيه مركبة ومنهم من يجعلها مفردة.
وكذلك تأويله لقوله تعالى:
{اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} قال الإمام معقباً على هذه الآية:
"النور ضد الظلمة ولهذا عقب ذكر النور وأعمال المؤمنين فيها بأعمال الكفار وأهل البدع والضلال" فقال: د
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} إلى قوله: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ....} .
وبعد محاولة منه لشرح معنى النور في جانب المؤمنين، ومعنى الظلمات في جانب الكافرين قال:
"يوضح ذلك أن الله ضرب مثل إيمان المؤمنين بالنور ومثل أعمال الكفار بالظلمة".
هذا التحليل الذي ذكره الإمام يتضمن استعارتين: استعارة النور للإيمان، واستعارة الظلمة للكفر، أما الايتعارة التمثيلية التي استلزمها كلامه في مواضع متعددة فمنها المثل الذي ساقه وهو:
"يداك أوكتا، فوك نفخ" إذا قيل لمن جنى جناية ثم انكرها.
وترديد المثل في مضاربه بعد مورده أجمع البيانيون على أنه استعارة تمثيلية أو مجاز مركب.