المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صور المجاز اللغوي - المجاز عند الإمام ابن تيمية وتلاميذه بين الإنكار والإقرار

[عبد العظيم المطعني]

فهرس الكتاب

- ‌من أقوال الأئمة عن المجاز

- ‌الفصل الأول الإمام ابن تيمية

- ‌ولكن:

- ‌التأويلات التي نقلها ثم ارتضاها

- ‌ضرر الأصنام ونفعها:

- ‌التأويل الاستعاري:

- ‌النزاع بين مجوزي المجاز ومانعيه لفظي:

- ‌نص ثالث

- ‌نص رابع:

- ‌نص خامس:

- ‌الدفاع عن الأئمة الأعلام:

- ‌الفصل الثاني الإمام ابن القيم

- ‌أما الإمام ابن القيم فلنا على مذهب الإقرار بالمجاز عنده دليلان إضافيان لا يتطرق إليهما شك

- ‌المجاز العقلي

- ‌عيشة راضية:

- ‌المجاز المرسل

- ‌تمهيد:

- ‌المجاز اللغوي الاستعاري

- ‌صور المجاز العقلي

- ‌صور المجاز اللغوي

- ‌ورود المجاز صريحاً بلفظه ومعناه في حر كلامه

- ‌الكلام: متى يكون

- ‌الفصل الثالث وقفة مع الشيخ الشنقيطي

- ‌منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز

- ‌موضوعات رسالة الشيخ الشنقيطي

- ‌نقد ما أورده في المقدمة:

- ‌كل مجاز يجوز نفيه:

- ‌تعقيب:

- ‌الرد على شواهد الجواز

- ‌استطراد:

- ‌المجاز ليس أعجميا

- ‌المجاز العقلي

- ‌تعقيب:

- ‌اهتزت وربت:

- ‌المجاز المرسل:

- ‌وقفة مع هذا الكلام:

- ‌خلقك من تراب:

- ‌وقفة مع هذا الكلام:

- ‌خروج الأمر:

- ‌المجاز الاستعاري:

- ‌وقفة مع الشيخ:

- ‌الاستعارة في زمن الفعل:

- ‌صفوة القول:

الفصل: ‌صور المجاز اللغوي

‌صور المجاز اللغوي

أولاها: في جاء من طور سيناء حيث قال ابن القيم أنه بمنزلة بدو الصبح، يعني الفجر.

وثانيتها: في إشراقة من ساعير، حيث شبه نبوة عيسى عليه السلام بإشراق الشمس.

وثالثتها: واستعلن من فاران حيث شبه رسالة خاتم النبيين بتوسط الشمس كبد السماء، وإضاءة أرجاء العالم فهذه ثلاث استعارات تصريحية تنجم عن كلام ابن القيم حين ينظر فيه البلاغي المدقق ولم يترك ابن القيم إلا تسمية هذه التأويلات مجازاً. وهذا لا يقدح في إقراره بالمجاز بكل صوره وهذا لا نزاع فيه عند أهل الأصناف.

والسماء والطارق: -

ذهب الإمام ابن القيم وغيره من المفسرين واللغويين إلى أن المراد من "الطارق" في قوله تعالى {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} أنه "النجم" ثم يخطو بنا الإمام خكوة أخرى يجيب على سؤال مطروح حاصلة: لِمَ سُمَّيّ النجم طارقاً؟.

وفي الإجابة يقول رحمه الله:

"وسمي النجم طارقاً؛ لأنه يظهر بالليل بعد اختفائه بضوء الشمس، فشُبَّه بالطارق الذي يطرق الناس أو يطرق أهله ليلاً

".

ومعنى هذا الكلام أن في "الطارق" استعارة تصريحية اصلية، ويجوز حملها على الاستعارة بالكناية عند علماء البيان.

فما الذي نريده من العلامة لإقراره بالمجاز لا في اللغة فحسب، ولكن فيها وفي القرآن، بعد هذا التحليل المجازي الواضح؟.

ص: 36

آتيناه آياتنا فانسلخ منها: -

من شواهد البلاغيين المتعارفة في تشبيه المعنوي بالحسي على سبيل الإستعارة التصريحية التبعية قوله تعالى:

{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} يس: (37) .

فقد استعير السلخ للإزالة لما يترتب على كل منهما من الكشف والإيانة وإحلال شيء محل آخر وقد ورد الإنسلاخ في مثل الذي آتاه الله آياته فأعرض عنها وضل {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} الأعراف (175) وكانت هذه الآية مما تناوله العلامة ابن القيم بالتأويل فقال:

"فانسلخ منها: اي خرج كما تنسلخ الحية من جلدها وفارقها فراق الجلد يسلخ عن اللحم

".

وهذا الكلام على قصره دقيق رائع، وفيه يؤول الإمام الإنسلاخ تأويلاً مجازياً مفضياً إلى الاستعارة التصريحية التبعية كما صنع البلاغيون في الآية السابقة. فابن القيم مثلهم إلا أنهم يصرحون بالمجاز اللغوي الاستعاري فيها. وهو يقف عند التأويل المجازي ولا يصرح.

ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك:

ظتهر هذه الآية النهي عن ربط اليد بسلسلة من حديد - الغُل - وشدها إلى العنق بإحكام حتى لا تستطيع حراكاً.

وليس هذا الظاهر مراداً عهند جميع علماء الأمة: سلفاً وخلقاً. وقد قال فيه العلامة ابن القيم صارفاً له عن ظاهر معناه الذي بينَّاه:

"شبه الإمساك عن الانفاق باليد إذا غُلَّتْ إلى العنق، ومن هنا قال الفراء: "إنَّا جعلنا في أعناقهم أغلالاً": حبسناهم عن الانفاق".

ص: 37

إن هذا الذي قاله ابن القيم حق وصواب لا يماري فيه أحد. وكلامه يترتب عليه أن في الآية الحكيمة مجازاً لغوياً على سبيل الاستعارة التمثيلية أو المركبة، حيث صرح بالمشبه والمشبه به، مع ملاحظة أن المشبه محذوف، وهو الإمساك عن الإنفاق.

هذا ما أردنا نقله من تأويلات ابن القيم المجازية التي شملت كل أنواع المجاز، وقد أهلمنا كثيراً منها فلم تذكره توخياً للإيجاز. وفي ما نقلناه عنه قدر صالح إن شاء الله على إقرار الإمام بالمجاز تأويلاً.

ص: 38