الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم سار منها حتى وصل إلى عانة، ولما وصل المذكور هناك، هرب آل عيسى إلى وراء الكبيسات، وعيسى المذكور هو أعيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن عصبة بن فضل بن ربيعة، وأقام السلطان موضع مهنا؛ محمد بن أبي بكر بن علي بن حديثة بن عصبة المذكور، ولما جرى ذلك، عاد الأمير سيف الدين المذكور وأقام بالرحبة حتى نجزت مغلاتها وحملت إلى القلعة، ثم سار منها ونزل على سلمية في يوم الخميس منتصف رجب من السنة المذكورة، الموافق للحادي والعشرين من آب، واستمر مقيماً على سلمية حتى وصل إليه الدستور، فسمار منها إلى الديار المصرية في يوم الاثنين تاسع شهر رمضان من السنة المذكورة، الموافق لثالث عشر تشرين الأول، وأتم سيره حتى وصل إلى مصر.
ذكر هلاك صاحب سيس
في هذه السنة مات صاحب سيس، أرشين بن ليفون، عقيب الإغارة على بلده، وكان المذكور مريضاً لما دخلت العساكر إلى بلاده، وشاهد حريق بلاده وخراب أماكنه، وقتل رعيته وسوق دوابهم، فتضاعفت أحلامه وهلك في جمادى الأولى من هذه السنة، وخلف ولداً صغيراً دون البلوغ فأقيم مكانه، وتولى تدبير أمره جماعة من كبار الأرمن.
ذكر مقتل حميضة
ولما جرى من حميضة ما تقدم ذكره، واستمر وصول العساكر من الديار المصرية إلى مكة لحفظها من المذكور رأى المذكور عجزه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، فعزم على الحضور إلى مقدم العسكر المقيم بمكة، وهو الأمير ركن الدين بيبرس أمير أخور، ودخوله في الطاعة، وكان قد هرب من بعض المماليك السلطانية من منى، لما حج السلطان، ثلاثة مماليك، يقال لأحدهم أيدغدي والتجأوا إلى حميضة في برية الحجاز، فآواهم وأكرم مثواهم، فلما عزم حميضة على الحضور إلى الطاعة، اتفقوا على قتله واغتياله، وكان حميضة قد نزل على القرب من وادي نخلة، فلما كان وقت القيلولة، ذهب إلى تحت شجرة ونام، فقتله أيدغدي المذكور بالسيف، وقطع رأس حميضة وأحضره إلى مقدم العسكر بمكة، فحمل إلى جن يدي السلطان بالديار المصرية، وكفى الله شر حميضة المذكور ولقاه عاقبة بغيه.
وكان حميضة المذكور قد ذبح أخاه أبا الغيث فاقتص الله منه، وكان مقتله في يوم الخميس سابع عشر جمادى الأولى من هذه السنة، الموافق للرابع والعشرين من تموز، بالقرب من وادي نخلة.
وفيها تصدق السلطان على ولدي محمد، وأرسل له تشريفاً، أطلس أحمر بطرز زركش، وقندس، وتحتاني أطلس أصفر، وشربوش مزركش، ومكلل باللؤلؤ، وأمر له بأمرية وستين فارساً لخدمته طبلخاناه، فركب محمد بالتشريف المذكور بحماة، يوم الاثنين الخامس من رجب الموافق لحادي عشر آب، وكان
عمره حينئذ نحو تسع سنين.
وفيها حج المقر السيفي أرغون الدوادار، وكان السلطان قد عفى عن رميثة وأفرج عنه، وأرسله صحبة المقر السيفي إلى مكة، ورسم لرميثة المذكور بنصف متحصل مكة، ويكون النصف الآخر لعطيفة أخيه، فسافر المقر السيفي وقرر رميثة بمكة حسبما رسم به السلطان.
وفيها في يوم الاثنين، تاسع ذي الحجة وصل المجد إسماعيل السلامي رسولاً من جهة أبي سعيد، ملك التتر، ومن جهة جوبان، وعلى شاه، بهدايا جليلة، وتحف ومماليك وجواري، مما يقارب قيمته خمسين تماناً، والتمان هو البدرة، وهي عشرة آلاف درهم، وسار بذلك إلى السلطان.
وفيها في شوال، الموافق لتشرين الثاني، شرعت في عمارة القبة، وعمل المربع والحمام، على ساقية نخيلة بظاهر حماة، وفرغت العمارة في المحرم من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وجاء ذلك من أنزه الأماكن.
وفيها أو في أواخر سنة تسع عشرة وسبعمائة، جرى بين الفرنج الجنويين قتال شديد، وذلك بين قبيلتين منهم، يقال لإحدى القبيلتين إسبينيا، وللأخرى دوريا، حتى قتل منهم ما ينيف عن خمسين ألف نفر، وكان إحدى القبيلتين أصحاب داخل جنوة، والأخرى أصحاب خارج البلد إسبينيا - بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وكسر الباء الموحدة من تحتها وسكون الياء المثناة من تحتها وكسر النون وفتح ياء مثناة من تحتها. وفي آخرها ألف مقصورة - ودويار - بضم الدال المهملة وسكون الواو وكسر الراء المهملة وفتح الياء المثناة من تحتها وفي آخرها ألف والله أعلم.
ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وسبعمائة.
فيها في مستهل جمادى الأولى توفيت بحماة فاطمة خاتون بنت الملك المنصور صاحب حماة، وكانت كثيرة الإحسان.
وفيها عدى مهنا بن عيسى الفرات، وتوجه إلى أبي سعيد ملك التتر مستنصراً به على المسلمين، وأخذ معه تقدمة برسم التتر، سبعمائة بعير وسبعين فرساً وعدة من الفهود.
وفيها حضر رسول تمرتاش بن جوبان المستولي على بلاد الروم، بتقدمة إلى الأبواب الشريفة بديار مصر.
وفيها ورد مرسوم السلطان على مؤلف الأصل، يأمره الحضور ليسير معه في صيوده، قال أفسرت من حماة على البريد، وسبقت تقدمتي وحضرت لدى المواقف الشريفة، وهو نازل بالقرب من قليوب فبالغ في إدرار الصدقات علي.
وفيها رحل السلطان من الأهرام، وسار في البرية متصيداً حتى وصل إلى الحمامات وهي غربي الإسكندرية على مقدار يومين، ثم عاد إلى القاهرة.
وفيها دخل تمرتاش المذكور بعسكره إلى بلاد سيس، وأغار وقتل؛ فهرب صاحب سيس إلى قلعة إياس التي في البحر، وأقام تمرتاش ينهب ويخرب نحو شهر، ثم عاد إلى بلاد الروم.
وفيها عاد مؤلف الأصل من الخدمة الشريفة إلى حماة. وفيها توجه نائب الشام تنكز إلى الحجاز