الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رحل من دمشق ووصل إلى حماة، ثم إلى فامية، فالتقى عساكره وقد عادت منصورة وأمر بتسليم الأسرى، وفيهم ليفون بن صاحب سيس، وكان المذكور لما أسر، سلمه الملك المنصور إلى أخيه الملك الأفضل، فاحترز عليه وحفظه حتى: حضره بين يدي السلطان، ثم عاد إلى الديار المصرية على طريق الكرك، فتقنطر بالملك الظاهر المذكور فرسه، عند بركة زيزا، وانكسرت فخذه، وحمل في محفة إلى قلعة الجبل.
ذكر قتل أهل قارا ونهبهم
وفي هذه السنة، عند توجه الملك الظاهر من دمشق، لملتقى عساكره العائدة من غزوة بلاد سيس، لما نزل على قارا بين دمشق وحمص، أمر بنهب أهلها وقتل كبارهم، فنهبوا وقتل منهم جماعة لأنهم كانوا نصارى، وكانوا يسرقون المسلمين ويبيعونهم بالخفية إلى الفرنج، وأخذت صبيانهم مماليك، فتربوا بين الترك في الديار المصرية، فصار منهم أجناد وأمراء.
ثم دخلت سنة خمس وستين وستمائة فيها وصل الملك المنصور محمد صاحب حماة إلى خدمة الملك الظاهر بيبرس بالديار المصرية، ثم طلب المنصور من الملك الظاهر مرسوماً بالتوجه إلى الإسكندرية، ليراها ويتفرج فيها، فرسم له بذلك وأمر أهل إسكندرية بإكرامه واحترامه، وفرش الشقق بين يدي فرسه. فتوجه الملك المنصور إلى الإسكندرية، وعاد للديار المصرية مكرماً محترماً، ثم خلع عليه الملك الظاهر، وأحسن إليه على جاري عادته، ورسم له بالدستور فعاد إلى بلده.
وفيها توجه الملك الظاهر بيبرس إلى الشام، فنظر في مصالح صفد، ووصل إلى دمشق، وأقام بها خمسة أيام، وقوي الأرجاف بوصول التتر إلى الشام، ثم وردت الأخبار بعودهم على عقبهم، فعاد الملك الظاهر إلى ديار مصر.
ذكر موت ملك التتر بالبلاد الشمالية
وفي هذه السنة، مات بركه بن باطوخان بن دوشي خان بن جنكزخان، أعظم ملوك التتر، وكرسي مملكته مدينة صراي، وكان قد مال إلى دين الإسلام، ولما مات، جلس في الملك بعده ابن عمه منكوتمر بن طغان بن باطر بن دوشي خان بن جنكزخان.
ثم دخلت سنة ست وستينوستمائة.
ذكر مسير الملك الظاهر إلى الشام
وفتح أنطاكية وغيرها:
في هذه السنة، في مستهل جمادى الآخرة، توجه الملك الظاهر بيبرس بعساكره المتوافرة إلى الشام، وفتح يافا في العشر الأوسط من الشهر المذكور، وأخذها من الفرنج، ثم سار إلى أنطاكية ونازلها مستهل رمضان، وزحفت العساكر الإسلامية على أنطاكية، فملكوها بالسيف، في يوم السبت رابع شهر رمضان من هذه السنة، وقتلوا أهلها وسبوا ذراريهم،
وغنموا منهم أموالاً جليلة، وكانت أنطاكية للبرنس بيمند بن بيمند، وله معها طرابلس، وكان مقيماً بطرابلس، لما فتحت أنطاكية وفيها في ثالث عشر رمضان، استولى الملك الظاهر على بغراس، وسبب ذلك أنه لما فتح أنطاكية، هرب أهل بغراس منها وتركوا الحصن خالياً، فأرسل من استولى عليها في التاريخ المذكور، وشحنه بالرجال والعدد، وصار من الحصون الإسلامية، وقد تقدم ذكر فتح صلاح الدين للحصن المذكور وتخريبه، ثم عمارة الفرنج له بعد صلاح الدين، ثم حصار عسكر حلب له ورحيلهم عنه بعد أن أشرفوا على أخذه.
وفيها في شوال، وقع الصلح بين الملك الظاهر وبين هيثوم صاحب سيس، على أنه إذا أحضر صاحب سيس، سنقر الأشقر من التتر، وكانوا قد أخذوه من قلعة حلب لما ملكها هولاكو، كما تقدم ذكره. وسلم مع ذلك، بهسنا ودربساك ومرزبان ورعبان، وشيح الحديد، يطلق له ابنه ليفون، فدخل صاحب سيس على أبغا ملك التتر، وطلب منه سنقر الأشقر، فأعطاه إياه، ووصل سنقر الأشقر إلى خدمة الملك الظاهر، وكذلك سلم دربساك وغيرها من المواضع المذكورة، خلا بهسنا، وأطلق الملك الظاهر ابن صاحب سيس، ليفون بن هيثوم، وتوجه إلى والده، ثم عاد الملك الظاهر إلى الديار المصرية، ووصل إليها في ذي الحجة من هذه السنة.
وفيها اتفق معين الدين سليمان البرواناه، مع التتر المقيمين معه ببلاد الروم، على قتل ركن الدين قليج أرسلان بن كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قطلومش بن أرسلان يبغو بن سلجوق، سلطان الروم، فخنق التتر ركن الدين المذكور، بوتر، وأقام البرواناه مقامه ولده غياث الدين بن ركن الدين قليج أرسلان المذكور، وله من العمر ربع سنين.
ثم دخلت سنة سبع وستينوستمائة. وفي هذه السنة، خرج الملك الظاهر إلى الشام وخيم في خربة اللصوص، وتوجه إلى مصر بالخفية، ووصل إليها بغتة، وأهل مصر والنائب بها لا يعلمون بذلك إلا بعد أن صار بينهم، ثم عاد إلى الشام.
وفيها تسلم الملك الظاهر بلاطنس من عز الدين عثمان صاحب صهيون.
وفيها توجه الملك الظاهر بيبرس إلى الحجاز الشريف، وكان رحيله من الفوار في الخامس والعشرين من شوال، ووصل إلى الكرك وأقام به أياماً، وتوجه من الكرك في سادس ذي العقدة إلى الشوبك، ورحل من الشوبك في الحادي عشر من الشهر المذكور، ووصل إلى المدينة النبوية في خامس وعشرينه ووصل إلى مكة في خامس ذي الحجة، ووصل إلى الكرك في سلخ ذي الحجة.
ثم دخلت سنة ثمان وستينوستمائة. فيها توجه الملك الظاهر بيبرس من الكرك، مستهل المحرم، عند عوده من الحج، فوصل إلى دمشق بغتة، وتوجه في يومه. ووصل إلى حماة في خامس المحرم، وتوجه من ساعته إلى حلب، ولم يعلم به العسكر إلا وهو في الموكب معهم، وعاد إلى دمشق في ثالث عشر