الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفتوحات العظيمة، رحل السلطان الملك الأشرف، ودخل دمشق وأقام مدة، ثم عاد إلى الديار المصرية ودخلها في هذه السنة.
وفيها لما كان السلطان محاصر لعكا، سعى علم الدين سنجر الحموي المعروف بأبي خرص، بين السلطان وبين حسام الدين نائب السطنة بدمشق، فخاف حسام الدين لاجين، وقصد أن يهرب، وعلم به السلطان فقبض عليه، وعلى أبي خرص، وقيدهما وأرسلهما فحبسا.
وفيها ولى السلطان، علم الدين، سنجر الشجاعي نيابة السلطنة بالشام موضع حسام الدين لاجين.
وفيها في ربيع الأول، مات أرغون ملك التتر بن أبغا بن هولاكو بن طلو بن جنكزخان، وكانت مدة مملكته نحو سبع سنين، ولما مات، ملك بعده أخوه كيختو بن أبغا، وخلف أرغون ولدين هما فازان، وخربندا، وكانا بخراسان، ولما تولى كيختو أفحش في الفسق واللواط بأبناء المغل، فأبغضوه على ذلك وفسدت نياتهم فيه.
وفيها قتل تلابغا بن منكوتمر بن طغان بن باطو بن دوشي خان بن جنكزخان، وقد تقدم ذكر ملكه في سنة ست وثمانين وستمائة، قتله نغية، وجلس بعده في الملك طقطغا بن منكوتمر بن طغان أخو تلابغا المذكور، ورتب نغية إخوة طقطغا معه، وهم برلك، وصراي بغا، وتدان، وفي أوائل هذه السنة، أعني سنة تسعين وستمائة، تكملت عمارة قلعة حلب، وكان قد شرع قراسنقر في عمارتها في أيام السلطان الملك المنصور، فتمت في أيام الملك الأشرف، فكتب عليها اسمه، وكان قد خربها هولاكو لما استولى على حلب في سنة ثمان وخمسين، وستمائة، فكان لبثها على التخريب نحو ثلاث وثلاثين سنة بالتقريب.
ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وستمائة.
ذكر فتوح قلعة الروم
في هذه السنة سار السلطان الملك الأشرف من مصر إلى الشام، وجمع عساكره المصرية والشامية، وسار الملك المظفر محمود، وعمه الملك الأفضل، إلى خدمته، والتقياه بدمشق، وسارا في خدمته وسبقاه إلى حماة، فاهتم الملك المظفر صاحب حماة في أمر الضيافة والإقامة والتقدمة، ووصل السلطان إلى حماة وضرب دهليزه في شماليها، عند ساقية سلمية، ومد له الملك المظفر سماطاً عظيماً بالميدان، ونصب خيماً تليق بنزول السلطان، فنزل السلطان الملك الأشرف بالميدان، وبسط بين يدي فرسه عدة كثيرة من الشقق الفاخرة، ثم دخل السلطان إلى دار الملك المظفر بحماة، فبسط الملك المظفر بين يدي فرسه بسطاً ثانياً، وقعد السلطان بالدار، ثم دخل الحمام، وخرج وجلس على جانب العاصي، ثم راح إلى الطيارة التي على سور باب النقفي، المعروفة بالطيارة الحمراء، فقعد فيها، ثم توجه من حماة، وصاحب حماة وعمه في خدمته إلى المشهد، ثم إلى الحمام والزرقا، بالبرية، فصاد شيئاً كثيراً من الغزلان وحمير الوحش، وأما العساكر فسارت على السكة إلى حلب، ثم وصل السلطان إلى حلب وتوجه منها إلى قلعة
الروم، ونازلها في العشر الأول من جمادى الآخرة من هذه السنة، وهي حصن على جانب الفرات في غاية الحصانة، ونصب عليه المجانيق، وهذا الحصار أيضاً من جملة الحصارات التي شاهدتها، وكانت منزلة الحمويين، على رأس الجبل المطل على القلعة من شرقها، كنا نشاهد أحوال أهلها في مشيهم وسعيهم في القتال وغير ذلك، واشتدت مضايقتها، ودام حصارها، وفتحت بالسيف في يوم السبت حادي عشر رجب، من هذه السنة، وقتل أهلها ونهب ذراريهم، واعتصم كينا غيلو خليفة الأرمن المقيم بها في القلة، وكذلك اجتمع بها من هرب من القلعة، وكان منجنيق الحمويين على رأس جبل المطل على القلة، فتقدم مرسوم السلطان إلى صاحب حماة، أن يرمي عليهم بالمنجنيق، فلما وترناه لنرمي عليهم، طلبوا الأمان من السلطان، فلم يؤمنهم إلا على أرواحهم خاصة، وأن يكونوا أسرى، فأجابوا إلى ذلك، وأخذ كينا غيلوس، وجميع من كان بقلة القلعة، أسرى عن آخرهم، ورتب السلطان علم الدين سنجر الشجاعي لتحصين القلعة، وإصلاح ما خرب منها، وجرد معه لذلك جماعة من العسكر، وأقام الشجاعي وعمرها وحضنها إلى الغاية القصوى، ورجع السلطان إلى حلب، ثم إلى حماة، وقام الملك المظفر بوظائف خدمته، ثم توجه السلطان إلى دمشق، وأعطى الملك المظفر الدستور، فأقام ببلده، وسار السلطان إلى دمشق، وصام بها رمضان وعيد بها، ثم سار إلى الديار المصرية.
ذكر غير ذلك من الحوادث
فيها هرب حسام الدين لاجين، الذي كان نائباً بالشام، من دمشق، لما وصل السلطان إلى دمشق عائداً من قلعة الروم، وكان حسام الدين المذكور، قد اعتقله السلطان وهو نازل على حصار عكا، ثم أفرج عنه في أوائل هذه السنة، أعني سنة إحدى وتسعين، وسار مع السلطان إلى قلعة الروم، وعاد معه إلى دمشق، فلما وصل إليها، استوحش من السلطان وهرب منه إلى جهة الغرب، فقبضوه وأحضروه إلى السلطان، فبعث به إلى قلعة الجبل بديار مصر، فحبس بها.
وفيها استناب السلطان بدمشق، عز الدين أيبك الحموي، وعزل علم الدين سنجر الشجاعي.
وفيها عند عود السلطان إلى حلب من قلعة الروم، عزل قراسنقر المنصوري عن نيابة السلطنة بحلب، واستصحبه معه، وولى موضعه على حلب، سيف الدين بلبان، المعروف بالطباخي، وكان المذكور نائباً بالفتوحات، وكان مقامه بحصن الأكراد، فعزله وولاه موضع قراسنقر في نيابة السلطنة بحلب، وولى الفتوحات والحصون طغريل الإيغاني، موضع الطباخي، ثم عزله بعد مدة وولى موضعه عز الدين أيبك الخزندار المنصوري.
وفيها بعد وصول السلطان إلى مصر، قبض على شمس الدين سنقر الأشقر، وجرمك، وكان قد قبض على طقصو، بدمشق، وكان آخر العهد بهم.
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وستمائة.