المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخاتمة تمتد جذور المديح النبوي الى عصر خاتم الانبياء محمد بن - المدائح النبوية في أدب القرنين السادس والسابع للهجرة

[ناظم رشيد]

الفصل: ‌ ‌الخاتمة تمتد جذور المديح النبوي الى عصر خاتم الانبياء محمد بن

‌الخاتمة

تمتد جذور المديح النبوي الى عصر خاتم الانبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، حيث وقف عدد من الشعراء الى جانبه مادحين ومدافعين وذاكرين فضله وعظمة الرسالة الاسلامية التي بعثه الله بها هداية للعالمين، ولما انتقل الى الرفيق الاعلى بقي ذكره يتردد دوما على السنة عامة المسلمين في عباداتهم وصلواتهم وايام اعيادهم الدينية ومناسبات افراحهم وأحزانهم.. مسترحمين ومتوسلين ان يكون شفيعا لهم عند الله، فاتحا لهم سبحانه وتعالى ابواب رحمته الواسعة في الدنيا والاخرة.

وكان المسلمون مطمئنين على انفسهم ودينهم وديارهم؛ لانهم كانوا في حرز وتحت حماية قوية من أولي الامر والحاكمين المقتدرين..

ولكن الحالة تغيرت بعد ان دب الضعف في مكانة هؤلاء الحاكمين وقلت هيبتهم، اذ بدأت قوى البغي والعدوان تتحرك ولا سيما في القرنين السادس والسابع الهجريين، واخذت اسرابهم تتوالى من الغرب والشرق في اجتياح الديار الاسلامية، وقتل الناس الامنين، او سلب اموالهم وطردهم من بيوتهم، وإهانة دينهم ومعتقداتهم

وما كان للمسلمين ملاذ

ص: 81

إلا الله والرسول صلى الله عليه وسلم ليحميهم من البلاء ويقيم شرّ الباغين الدخلاء الذين داهموا الناس وارعبوهم وهددوا كيانهم ووجودهم، ولا عجب في قول عمارة بن عقيل اليمني (569 هـ) حين ارجف الناس بقصد الفرنج ارض المسلمين «123» :

يا ربّ اني أرى مصرا قد انتبهت

لها عيون الاعادي بعد رقدتها

فاجعل بها ملة الاسلام باقية

واحرص عقود الهدى من حلّ عقدتها

وهب لنا منك عونا نستجير به

من فتنة يتلظى جمر وقدتها

وقول جمال الدين يحيى بن يوسف الصّرصري من قصيدة في مدح الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم «124» :

في كلّ عام لنا خوف يقلّقنا

من خصم سوء كستنا رعبه كمدا

وما لنا ملجأ مما نحاذره

ولا نصيب لنا في الروع ملتحدا «125»

(123) كتاب النكت العصرية ص 189.

(124)

ديوان الصرصري ص 121.

(125)

ملتحد: ملتجأ.

ص: 82

الا الى جاهك المبسوط لاعدمت

أتباعك الغرّ منه النصر والمددا

فأنت أعظم كل الناس منزلة

ولم يخب من على إحسانك اعتمدا

ان فقدان الامان، وزيادة الرعب من الطامعين الطارئين، وكثرة الخوف على المقدسات، والخشية من الفقر والعوز، كلها اسباب في الوقوف بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم والتوسل به في الخلاص من القلق الذي انتاب المسلمين آنذاك وتطمين ما تحمله نفوسهم المكدودة من آلام وآمال.. وثمة شعراء نظموا قصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم مبينين فيها ندمهم على ما اقترفوا من ذنوب وآثام، وعلى ما فرطوا في حق انفسهم ودينهم، ضارعين وطالبين ان يكون رسولهم شفيعا لهم عند ربهم من عقابه وغضبه.. وما ذكرناه في الصفحات السابقة قبس يسير من تلك المدائح، فهناك دواوين كثيرة ما تزال مخطوطة وقد أشرت الى بعضها، عسى ان تتولاها ايدي المحققين بالرعاية والاهتمام في قادم الايام، والله ولي التوفيق.

ص: 83