المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فورقاء هو ابن عمر اليشكري، وليس في الرواة ورقاء بإثبات - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٢

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: فورقاء هو ابن عمر اليشكري، وليس في الرواة ورقاء بإثبات

فورقاء هو ابن عمر اليشكري، وليس في الرواة ورقاء بإثبات الراء لاسيما في الكتب الستة والضعفاء إلا هذا.

وأما الأسدي فهو وِقاء بكسر الواو وليس بعدها راء وهو ابن إياس الأسدي، فأين هذا من ذاك، والعجب أن الذهبي ذكر ورقاء في موضع الواو مع الراء ثم ذكر بعده الأسماء التي فيها الزاي والضاد والعين بعد الواو، فذكر بعد الوركاني وزير بن صبيح الوزان، ووزير بن صبيح السامي، ووزير بن عبد اللَّه الخولاني، ووزير الجزري ثم وضاح بن حسان، ووضاح بن خيثمة، ووضاح بن عباد، ووضاح بن عبد اللَّه، ووضاح بن يحيى، والوضين بن عطاء ثم وعلة بن عبد الرحمن، ثم بعد هذا كله وِقاء بن إياس، فلم يتفطن الشارح لحذف الراء من هذا الاسم الثاني، ولا لوجود هذا الترتيب المعروف في كتب الرجال، ولا لوجود هذه التراجم كلها الفارقة بين الاسمين وضمهما إلى بعض وجعلهما من قبيل واحد، وأشبه عليه الحال في الإسناد فلم يعرف المذكور فيه من هو منهما، فسبحان اللَّه العظيم وبحمده.

ثم إن كلا من ورقاء بن عمر اليشكري ووقاء بن إياس الاسدي ثقتان لاسيما ورقاء الموجود في السند، فإن الذهبي رمز له بعلامة الصحيح، وإنما تكلم فيه كلام خفيف من أجل غلط وقع منه في بعض الأسانيد لا يكاد يخلو من مثله اكثر الناس، فتعرض الشارح لهذا إنما هو فضول منه.

‌تنبيه

لا يوجد هذا الحديث في الأصل المطبوع من الحلية ولا ذكره الحافظ نور الدين الهيثمي في كتاب الزكاة من البغية بترتيب أحاديث الحلية، فإن لم يكن المصنف واهمًا في عزوه إلى الحلية لكونه رأى الديلمي أسنده من طريقه فظنه في الحلية فهو ساقط من النسخة واللَّه أعلم.

ثم إن الديلمي قال بعده: وأخبرنا أبي أخبرنا أحمد بن عمر أخبرنا أحمد بن

ص: 348

محمد البجلي حدثنا أبو منصور القومساني ثنا أبو بكر محمد بن محمد بن الحسين الخطيب الزنجاني كتابة ثنا بكر بن سهل ثنا عبد الغنى بن سعيد ثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به مثله.

قال: وفي الباب عن ابن عمر وأنس وأبي أمامة.

قلت: حديث ابن عمر أخرجه الطوسي في أماليه من طريق أبي بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ قال: حدثنا الفضل بن الجناب الجمحي ثنا عبد الواحد بن سليمان عن أبيه عن الأجلح الكندي عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه يحب الحيي المتعفف ويبغض البذئ السائل الملحف".

وقال ابن أبي الدنيا في الحلم [ص 49، رقم 54]:

حدثني إسحاق بن إسماعيل ثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه يحب الحليم الحيي الغني المتعفف، ويبغض الفاحش البذئ السائل الملحف".

889/ 1850 - "إنَّ اللَّه يَبْغَضُ البَذِخِينَ الفَرِحينَ المَرِحِينَ". (فر) عن معاذ

قلت: قال الديلمي:

أخبرنا حمد بن نصر أخبرنا أبو طالب المزكى ثنا محمد بن عمر الصوفي أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا الحسين بن القاسم ثنا إسماعيل الشامي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه يبغض البذخين الفرحين المرحين ويحب كل قلب حزين".

890/ 1851 - "إنَّ اللَّه تعَالَى يَبْغَضُ الشَّيْخَ الغِرْبِيبَ". (عد) عن أبي هريرة

ص: 349

قال الشارح: وكذا الديلمي عن أبي هريرة وفيه رشدين فإن كان ابن سعد فقد ضعفه الدارقطني، أو ابن كريب فضعفه أبو زرعة.

قلت: الحديث رواه الديلمي من طريق عبد اللَّه بن سليمان حدثنا عيسى بن حماد ثنا رشدين عن عبد الرحمن بن عمر عن عثمان بن عبيد اللَّه بن رافع عن أبي هريرة، فرشدين المذكور في السند هو ابن سعد لأنه مصري، وعيسى بن حماد الراوي عنه هو زغبة وهو مصري أيضًا ومن شيوخه رشدين بن سعد كما هو مذكور في ترجمته.

وأما رشدين بن كريب فهو مدني ثم هو أكبر من ابن سعد وأقدم لأنه رأى عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وأدْرَك زمن الصحابة.

وأما رشدين بن سعد فكانت وفاته سنة ثمان وثمانين ومائة.

891/ 1852 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ الغَنِيَّ الظَّلُومَ، والشَّيْخَ الجَهُولَ، والعَائِلَ المُخْتَالَ".

(طس) عن علي

قلت: وأخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال:

حدثنا سعد بن محمد بن إبراهيم الناقد ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أبي قال: وجدت في كتاب أبي: أخبرني إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عليه السلام به.

892/ 1853 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ الفَاحِشَ المُتَفَحِّشَ".

(حم) عن أسامة بن زيد

قلت: أخرجه أيضًا البخاري في التاريخ الكبير [1/ 27/1، رقم 31] عن عبد اللَّه بن محمد عن معلى بن منصور سمع ابن أبي زائدة سمع عثمان بن حكيم سمع محمد بن أفلح عن أسامة بن زيد مرفوعًا: "لا يحب اللَّه الفاحش المتفحش".

ص: 350

وأخرجه الخطيب طريق أبي العباس الأصم: ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني ثنا معلى بن منصور به بلفظ المتن.

893/ 1854 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ المُعَبِّسَ فِي وُجوهِ إِخْوَانه".

(فر) عن علي

قال في الكبير: وفيه محمد بن هارون الهاشمي أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: قال الدارقطني: ضعيف عن عيسى بن مهران، قال في الضعفاء: كذاب رافضي.

قلت: الذي وقفت عليه في مسند الفردوس أن هذا الحديث من رواية الباقر معضلًا ليس فيه ذكر علي فلا أدري هل وقع السقط في نسختي؟ قال الديلمي: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم ثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا محمد بن هارون ابن عيسى ثنا عيسى بن مهران ثنا الحسن بن الحسين عن الحسن بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم به.

والحديث موضوع.

894/ 1855 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ الوَسِخَ والشَّعِثَ".

(هب) عن عائشة

قال في الكبير: وفيه محمد بن الحسين الصوفي، وقد سبق أنه كان وضاعًا، وخالد بن نجيح قال الذهبي في الضعفاء: قال أبو حاتم: كذاب.

قلت: محمد بن الحسين الصوفي هو الإمام أبو عبد الرحمن السلمي وقد كان حافظًا ثقة تكلم فيه بعض من لا يتقي اللَّه، فأخذ ذلك الشارح قضية مسلمة لبعده عن هذه الصناعة وجهله التام بالحديث ورجاله، والسند ليس فيه خالد ابن نجيح بل هو من زيادات أوهام الشارح، قال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي:

ص: 351

حدثنا أبو الحسين الحجاجي ثنا أسامة بن علي الرازي بمصر ثنا عبد الرحمن بن نجيح ثنا أبي ثنا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.

هكذا أخرجه الديلمي من طريقه، وأبو عبد الرحمن السلمي من شيوخ البيهقي الذين أكثر عنهم الرواية في كتبه.

895/ 1856 - "إِنَّ اللَّه تَعَالى يَبْغَضُ كُلَّ عالِمٍ بالدُّنيا جَاهِلٍ بالآخِرَةِ".

الحاكم في التاريخ عن أبي هريرة

قال (ش) في الكبير: وفيه أبو بكر النهشلي شيخ صالح تكلم فيه ابن حبان.

قلت: الحديث رواه أبو بكر النهشلي عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة ولم ينفرد به بل توبع عيه كما سأذكره.

قال الحاكم في التاريخ:

حدثنا خلف بن محمد البخاري ثنا موسى بن أفلح ثنا إسحاق بن بشر ثنا أبو بكر النهشلي به.

وقال البيهقي في السنن:

أخبرنا أبو الطاهر الفقيه وأبو محمد عبد اللَّه بن يوسف الأصبهاني قال: أنبأنا أبو بكر القطان ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا عبد الرزاق أنبأنا عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه يبغض كل جعظري جواظ سخاب في الأسواق، جيفة بالليل حمار بالنهار، عالم بالدنيا جاهل بالآخرة".

وقال ابن لال:

حدثنا عمر بن عبد العزيز بن يسار ثنا جعفر بن محمد الصائغ ثنا هاشم بن عبد الواحد الحساس عن يزيد بن عبد العزيز بن سياه عن عبد اللَّه بن سعيد

ص: 352

المقبري. كذا قال عن أبيه عن أبي هريرة به مثل سياق البيهقي، فهذان متابعان لأبي بكر النهشلي فالحديث صحيح.

896/ 1858 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ المُؤمِنَ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ".

(عق) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن العقيلي أخرجه وأقره والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة "مسمع الأشعري"، وقال: لا يتابع عليه ولا يعرف بالنقل وتبعه في اللسان كأصله.

قلت: الشارح لا يخفى عليك ما يقصد، فلا العقيلي وضع كتابه لأفراد الأحاديث وتعليلها، ولا المصنف وضع كتابه لنقل كلام الناس على الأحاديث، ولكنه رمز لها بعلامات تكفي عن المراتب كما تكفي عن ذكر أسماء المخرجين، وقد رمز لهذا بعلامهْ الضعيف وصرح بأن كل ما يوجد في كتب الضعفاء كالكامل لابن عدي، وضعفاء ابن حبان والعقيلي فهو ضعيف، ولكنه لا يبلغ ضعف عقل الشارح.

897/ 1860 - "إِنَّ اللَّه تَعَالى يَتَجَلَّى لأَهْلِ الجنَّةِ فِي مقدارِ كُلِّ يومِ جُمُعة عَلى كَثِيبِ كَافُورٍ أَبْيَضَ".

(خط) عن أنس

قلت: حكم ابن الجوزي بوضع هذا الحديث وأقره المصنف فلا معنى لإيراده هنا.

898/ 1861 - "إِنَّ اللَّه يُحب إِذَا عَمِلَ أحَدُكم عَمَلًا أنْ يُتْقِنَهُ".

(هب) عن عائشة

قال في الكبير: وفيه بشر بن السري تكلم فيه من قبل تجهمه، وكان ينبغي للمصنف الإكثار من مخرجيه؛ إذ منهم أبو يعلى وابن عساكر وغيرهما.

ص: 353

قلت: ولم ذلك؟! فالفائدة تحصل بالعزو إلى واحد ما لم يكن لغيره مزية أو يكون عند جمع من طرق متعددة، والغرض إثبات شهرة الحديث أو تواتره أو صحته وإلا فكلام الشارح لا أصل له، ثم إن بشر بن السري ليس هو في سند كل من خرجه، فقد أخرجه ابن أبي داود في المصاحف من غير طريقه قال: حدثنا محمود بن آدم ثنا الفضل بن موسى عن مصعب بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "إن اللَّه يحب إذا عمل العبد عملًا أن يحكمه".

وانظر حديث: "إذا عمل أحدكم".

899/ 1863 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ".

ابن عساكر عن أبي هريرة

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أحق بالعزو منه إليه، وهو عجيب فقد رواه أبو يعلي والديلمي من حديث أنس باللفظ المزبور.

قلت: وأعجب منه بلادة الشارح فحديث أنس أوله: "الدال على الخير كفاعله، واللَّه يحب إغاثة اللهفان"، وقد ذكره المصنف في حرف "الدال" فهذا هو العجيب لا عدم ذكر المصنف لأبي يعلى في حديث لم يخرجه بلفظه، نعم أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق من حديث أنس باللفظ المذكور هنا، قال الطبراني:

حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا دسكر بن أبي دسكر البرجمي عن زياد بن ميمون عن أنس مرفوعًا: "إن اللَّه عز وجل يحب إغاثة اللهفان".

ورواه من حديث أبي هريرة باللفظ المذكور هنا ابن حبان في الضعفاء في ترجمة حمد بن يونس الكديمي، فقال: حدثنا محمد بن يحيى ثنا الكديمي عن أزهر السمان عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة مرفوعًا إلى اللَّه وذكره.

ص: 354

ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من حديثه أيضًا وفي أوله: "الدال على الخير".

قال أبو نعيم:

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن حمشاذ ثنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن النعمان ثنا سليمان بن داود الشاذكوني ثنا حماد بن عيسى ثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الدال على الخير كفاعله واللَّه عز وجل يحب إغاثة اللهفان".

900/ 1864 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلَّهِ".

(خ) عن عائشة

قال الشارح: ورواه مسلم فهو متفق عليه، وذهل المؤلف.

قلت: الحديث عند مسلم بلفظ: "يا عائشة إن اللَّه يحب. . . ".

وعند البخاري بلفظ: "مهلا يا عائشة إن اللَّه يحب. . . "، هكذا في كتاب الأدب وفي كتاب الإستئذان:"مهلًا يا عائشة فإن اللَّه يحب. . . "، وكأنه وقع في بعض روايات البخاري:"إن اللَّه يحب. . . " دون زيادة: "مهلًا يا عائشة" في أوله، فلذلك عزاه المصنف إلى البخاري دون مسلم وإلا فهو على شرطه لا يذكر هنا على رواية الصحيحين، وإنما الذي أخرجه باللفظ المذكور هنا الطبراني في مكارم الأخلاق، والحاكم في علوم الحديث في باب: رواية الأقران، وأبو نعيم في الحلية في ترجمة مالك [6/ 350]، كلهم من روايته -أعني مالكًا- عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:

"إن اللَّه يحب الرفق في الأمر كله".

901/ 1865 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ السَّهْلَ الطَّلِيقَ".

الشيرازي، (هب) عن أبي هريرة

ص: 355

قال الشارح في الكبير: قال الحافظ العراقي بعد ما عزاه للبيهقي: وسنده ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه أحمد بن عبد الجبار البلخي، أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مختلف فيه وحديثه مستقيم، قال الدارقطني وغيره: متروك.

قلت: علة الحديث ليس هو البلخي الذي يقول الشارح، ولكن علته جويبر فإنه ضعيف، وهو الذي يقصده الحافظ العراقي، أما أحمد بن عبد الجبار البلخي فما رأيته في سند هذا الحديث، ولا في كتاب الضعفاء للذهبي ولا في اللسان للحافظ، فإما أن يكون الاسم تحرف وإما أن يكون من أوهام الشارح المعتادة، فقد أخرج هذا الحديث أبو عمر السلمي في جزئه قال:

حدثنا أحمد بن عثمان الأبهري الصوفي ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو كريب ثنا أبو معاوية الضرير عن جويبر عن محمد بن واسع عن أبي صالح الحنفي عن أبي هريرة به بلفظ: "إن اللَّه يحب السهل القريب".

وأخرجه الديلمي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي:

ثنا محمد بن يعقوب الحجاجي ثنا أبو جعفر الإسناي ثنا محمد بن عبيد ثنا أبو معاوية به بلفظ: "إن اللَّه يحب السهل الطلق".

902/ 1866 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الشَّابَّ التَّائِبَ".

أبو الشيخ عن أنس

قلت: الحديث أخرجه الديلمي من طريق أبي الشيخ، ومن طريق الحسن بن سفيان في مسنده كلاهما من طريق اليمان بن المغيرة أبي حذيفة عن أبي الأبيض عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذا قال عن حذيفة فاللَّه أعلم (1).

903/ 1869 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ العَبْدَ التَّقيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ".

(حم. م) عن سعد

(1) انظر "الإتحاف" 8/ 506.

ص: 356

قلت: أخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وأبو سليمان الخطابي في العزلة، وأبو نعيم في الحلية.

904/ 1870 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُحِبُّ العَبْدَ المُؤْمِنَ المُفَتَّنَ التَّوَّابَ".

(حم) عن علي

قلت: وهم المصنف في عزو هذا الحديث إلى أحمد وسببه وجوده في مسند أحمد لكنه ليس هو من روايته، بل هو من زوائد ابنه عبد اللَّه في مسند أبيه [رقم 608] فهو الذي يقول:

حدثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا داود بن عبد الرحمن ثنا أبو عبد اللَّه مسلمة الرازي عن أبي عمرو البجلي عن عبد الملك بن سفيان الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد ابن الحنفية عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم به.

ومن طريق عبد اللَّه بن أحمد رواه أبو نعيم في الحلية [3/ 178 - 179]، ورواه الدولابي في الكنى [2/ 62] عن النسائي قال: حدثنا زكريا بن يحيى ثنا عبد الأعلى بن حماد به، ثم قال: قال أحمد -يعني شيخه النسائي-: هذا حديث منكر.

قلت: ولعله لضعف أبي عمرو البجلي، فقد قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به أو لغيره.

لكن الحديث له سند آخر قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده:

حدثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن عبد اللَّه بن أبي سفيان عن يزيد بن طلحة بن ركانة عن محمد ابن الحنفية به، وهذا السند ضعيف أيضًا إلا أنه يبرئ ساحة الأول.

ورواه الديلمي في مسند الفردوس من طريق الواقدي بهذا السند، لكن متنه "خياركم كل مفتن تواب" كما سيأتي في حرف "الخاء".

ص: 357

905/ 1871 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ".

(خ. د. ت) عن أبي هريرة

قال الشارح: ورواه مسلم أيضًا فهو متفق عليه، ووهم المؤلف.

قلت: بل وهم الشارح فإن مسلما ما خرجه أصلًا.

906/ 1872 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُحبُّ المُؤْمِنَ المُتَبَذِّلَ الَّذِي لَا يُبالِي مَا لَبِسَ".

(هب) عن أبي هريرة

قال الشارح في الكبير: رواه البيهقي من حديث ابن لهيعة عن عقيل عن يعقوب بن عتبة عن المغيرة بن الأخنس عن أبي هريرة ثم قال -أعني البيهقي-: كذا وجدته في كتابي، والصواب عن يعقوب عن المغيرة مرسلًا، وعزاه المنذري للبيهقي وضعفه.

قلت: أفسد الشارح هذا النقل وأتلفه بتحريفه، ونحن لم نقف على شعب الإيمان فنصلحه، وكأن البيهقي [5/ 155، 156 رقم 6175، 6176] أراد أنه وجده في كتابه عن يعقوب ين عتبة عن المغيرة -يعني: رواه عن جده المغيرة- عن أبي هريرة، والصواب أنه من رواية يعقوب بن عتبة بن المغيرة عن أبي هريرة مرسلًا أي منقطعًا؛ لأن يعقوب لم يدرك أبا هريرة، ولا له رواية عن أحد من الصحابة فيما أرى، فهذا واللَّه أعلم مراد البيهقي، ويؤيده أن الديلمي رواه كذلك منقطعًا من طريق حرملة عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة عن أبي هريرة به، وهذا منقطع كما قلنا واللَّه أعلم.

907/ 1873 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ المؤمنَ المُحْترِفَ الحكِيمَ".

(طب. هب) عن ابن عمر

ص: 358

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي [خرجه] وسكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله: تفرد به أبو الربيع عن عاصم وليسا بالقويين.

قلت: قد رمز المصنف لضعفه فأغنى عن ذكر كلام المخرج.

والحديث رواه أبو الربيع السمان عن عاصم بن عبيد اللَّه عن سالم عن أبيه به، ولم ينفرد به أبو الربيع، بل ورد من وجه آخر، قال ابن ترثال في جزئه:

حدثنا إبراهيم بن محمد بن بطما ثنا محمد بن أحمد بن عبد اللَّه الزيات ثنا عبيد ابن إسحاق ثنا قيس عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر به، ومن طريق ابن ترثال أخرجه القضاعي في مسند الشهاب، وعبيد بن إسحاق ضعيف، وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث عبيد بن إسحاق هذا فقال: إنه منكر، ذكر في كتاب الزهد من العلل (2/ 128)، وكذلك أورده الذهبي في الميزان في ترجمة عبيد [3/ 18]؛ وفي نظري أن الحديث يقوى بمجموع الطريقين.

908/ 1874 - "إِنَّ اللَّه يحبُّ المُدَاوَمَةَ على الإخَاءِ القَدِيم، فَدَاوِمُوا عَليهِ".

(فر) عن جابر

قلت: الديلمي أخرجه من طريق أبي نعيم وهو عنده في تاريخ أصبهان [2/ 58] في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن سلام، قال أبو نعيم:

حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا خالي أبو عبد الرحمن وأبو علي قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن سلام ثنا داود بن إبراهيم ثنا سفيان بن عيينة عن محمد ابن المنكدر عن جابر به.

وأسنده الحافظ في اللسان [3/ 354] في ترجمة عبد اللَّه المذكور أيضًا من طريق أبي نعيم، ثم قال: هذا منكر بمرة ما أظن سفيان حدث به قط.

ص: 359

909/ 1876 - "إنَّ اللَّهَ يحبُّ المُلِحِّينَ في الدُّعاءِ".

الحكيم، (عد. هب) عن عائشة

قال الشارح في الكبير: قال ابن حجر: تفرد به يوسف بن السفر عن الأوزاعي وهو متروك، وكأن بقية دلسه اهـ. وعزاه في موضع آخر إلى الطبراني في الدعاء ثم قال: سنده رجاله ثقات إلا أن بقية عنعنه.

قلت: دعوى تفرد يوسف به كأن الحافظ قلد فيها أبا حاتم، فإن ولده ذكر في العلل أنه سأله عن الحديث الذي رواه بقية عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة فذكره، فقال: إنه منكر نرى أن بقية دلسه عن ضعيف عن الأوزاعي اهـ.

وإلا فأكثر الطرق فيها بقية عن الأوزاعي، قال الحكيم في نوادر الأصول في الحادي والثمانين ومائة (1): حدثنا الفضل بن محمد ثنا كثير بن عبيد الحمصي ثنا بقية عن الأوزاعي به.

وقال أبو الشيخ في الثواب: حدثنا العباس بن أحمد الشامي ثنا بكر بن عبيد أخبرنا بقية عن الأوزاعي به.

وقال القضاعي في مسند الشهاب:

أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولاني ثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار ثنا أبو عروبة ثنا كثير بن عبيد ثنا بقية عن الأوزاعي به.

910/ 1778 - "إِنَّ اللَّه تَعَالَى يحبُّ أنْ يُعْمَلَ بِفَرَائِضِهِ".

(عد) عن عائشة

قال الشارح في الكبير: هذا ما وقفت عليه في نسخ الجامع، والذي رأيته في كلام الناقلين عن الكامل لابن عدي "رخصه". بدل "فرائضه" فليحرر.

(1) هي في الأصل الثمانين والمائة من المطبوع، (2/ 84).

ص: 360

قلت: المصنف وقع له في الحديث حذف وإيصال، ولفظ الحديث عند ابن عدي [5/ 1718] من طريق الحكم بن عبد اللَّه بن سعد الأيلي عن القاسم عن عائشة مرفوعًا:"إن اللَّه يحب أن يعمل برخصه، كما يحب أن يعمل بفرائضه"، والحكم بن عبد اللَّه ضعيف.

ورواه أيضًا من طريق عمر بن عبيد البصري:

ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "إن اللَّه يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه، قلت: وما عزائمه؟ قال: فرائضه"، وعمر ابن عبيد ضعيف أيضًا، ومن هذا الوجه الثاني ولفظه أخرجه أبو يعلى في معجمه، والطبراني في الأوسط [1/ 104/ 2].

911/ 1879 - "إنَّ اللَّه يحبُ أنْ تُؤتَى رُخَصهُ كَمَا يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ".

(حم. هق) عن ابن عمر (طب) عن ابن مسعود وعن ابن عباس

قال الشارح: والأصح وقفه.

قلت: هذا فاسد من وجهين، أحدهما: أن الوقف قيل في حديث ابن مسعود لا في حديث ابن عباس وقد ذكر الشارح ذلك في الكبير ثم في الصغير قدم ذكر ابن مسعود على ابن عباس وكتب عقبه: والأصح وقفه، فجاء بالغلط الفاحش، فإن حديث ابن مسعود رواه الطبراني، وأبو نعيم في الحلية [2/ 101]، والعقيلي في الضعفاء من طريق معمر بن عبد اللَّه الأنصاري: ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه مرفوعًا، ثم قال أبو نعيم: لم يروه عن شعبة إلا معمر ورواه غندر وبكر بن بكار وغيرهما عن شعبة موقوفًا اهـ.

ص: 361

وقال العقيلي في ترجمة معمر الأنصاري: لا يتابع على رفعه ووقفه غيره وهو أولى اهـ.

ثانيهما: قوله: والأصح وقفه عقب الحديث هكذا مجملا يوقع الناظر في حيرة؛ إذ يفهم منه أن الحديث من أصله الأصح وقفه، فكان الواجب أن يصرح باسم الحديث الذي قيل فيه ذلك كما فعل في الكبير.

ثم إن الحديث ورد أيضًا من حديث أبي هريرة وأنس وأبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة ذكرتها مع حديث ابن عمر وابن مسعود وعائشة بأسانيدها في المستخرج على مسند الشهاب وسيأتي حديث أربعة منهم بعد حديث.

912/ 1880 - "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمتِهِ عَلَى عَبْدِهِ".

(ت. ك) عن ابن عمرو

قال الشارح في الكبير: قال الترمذي: حسن، وفي الباب عن عمران بن حصين وأبي هريرة وجابر وأبي الاحوص وأبي سعيد وغيرهم.

قلت: منهم أيضًا عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وأنس بن مالك وزهير بن أبي علقمة وعلي بن زيد وبكر بن عبد اللَّه مرسلًا وآخرون ذكرت أسانيدهم مسندة في المستخرج.

913/ 1882 - "إنَّ اللَّه يُحِبُّ أنْ يَرَى عَبْدَهُ تَعِبًا في طَلَبِ الحَلَالِ".

(فر) عن علي

قال الشارح: بإسناد ضعيف بل قيل بوضعه.

قلت: ما قال أحد بوضعه، وإنما أخذ الشارح هذا مما نقله في الكبير عن العراقي أنه قال: فيه محمد بن سهل العطار، قال الدارقطني: يضع الحديث اهـ.

ولا يلزم من قول العراقي هذا أنه قال بوضعه فواعجبا للشارح ما أكثر تهوره وأقل أمانته!

ص: 362

والحديث قال فيه الديلمي:

أخبرنا عبدوس أخبرنا أبو طاهر بن سلمة ثنا الفضل بن الفضل الكندي ثنا محمد بن سهل بن الحسن العطار ثنى أبو محمد عبد اللَّه بن محمد البلوي حدثني إبراهيم بن عبد اللَّه بن العلاء عن أبيه عن زيد بن علي عن أبيه عن جده الحسين بن علي عن علي به.

ومحمد بن سهل العطار كذاب وضاع فلا يبعد أن يكون الحديث من إفكه، لكن لم يصرح بذلك أحدكما حكاه الشارح مبهما من كلام العراقي.

914/ 1887 - "إنَّ اللَّه تَعَالى يحبُّ عَبْدَهُ المُؤْمِنَ الفَقِيرَ المُتَعَفِّفَ أبَا العِيَالِ".

(هـ) عن عمران

قال (ش) في الكبير: قال العراقي: سنده ضعيف اهـ.

وذلك لأن فيه حماد بن عيسى قال الذهبي: ضعفوه، وموسى بن عبيدة قال في الكشاف: ضعفوه، وفي الضعفاء عن أحمد: لا تحل الرواية عنه.

قلت: وفيه علة أخرى لم يذكرها وهي الانقطاع، لأنه من رواية حماد بن عيسى عن موسى بن عبيدة عن القاسم بن مهران عن عمران.

والقاسم بن مهران قال العقيلي [ص: 361]: لا يثبت سماعه من عمران اهـ.

لكن له طريق آخر عن عمران، قال أبو نعيم في الحلية في ترجمة ابن سيرين:

ثنا علي بن حميد الواسطي ثنا بشر بن موسى ثنا محمد بن مقاتل ثنا محمد ابن الفضل عن زيد العمي عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه تعالى يحب المؤمن إذا كان فقيرًا متعففا".

915/ 1888 - "إنَّ اللَّه يحبُّ كُلَّ قلْبٍ حَزِينٍ".

(طب. ك) عن أبي الدرداء

ص: 363

قال الشارح: بإسناد حسن.

وقال في الكبير: رواه (ك) من حديث أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة عن أبي الدرداء، ثم قال (ك): صحيح، ورده الذهبي بأنه مع ضعف أبي بكر منقطع اهـ.

وقال الهيثمي: إسناد الطبراني حسن.

قلت: الحافظ الهيثمي [10/ 309] يتكلم على ظاهر الإسناد ولا ينظر إلى العلل غالبا، وسند الطبراني هو سند الحاكم [4/ 415] وعلتهما واحدة فإن سلم تصحيح الحاكم يسلم تحسين الهيثمي، وإن رد تصحيح الحاكم يرد تحسين الهيثمي، قال الطبراني:

حدثنا أحمد بن عبد الوهاب ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء به.

وقال الحاكم:

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عوف الطائي ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء به.

وهكذا رواه القضاعي في مسند الشهاب [2/ 89] من طريق جعفر بن محمد الفريابي:

ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن ثنا عمرو بن بشر بن السرح ثنا أبو بكر ابن أبي مريم به.

وله طريق آخر من رواية أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء مرفوعًا: "إن اللَّه رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويحب كل قلب خاشع حزين رحيم يعلم الناس الخير ويدعو إلى طاعة اللَّه، ويبغض كل قلب قاس لاه ينام الليل كله ولا يذكر اللَّه، فلا يدري يرد اللَّه روحه أم لا" رواه الديلمي في مسند الفردوس:

ص: 364

أخبرنا محمد بن الحسين بن منجويه إجازة أخبرنا أيي أخبرنا عبد اللَّه بن إبراهيم بن علي ثنا عبد اللَّه بن محمد بن وهب ثنا يوسف بن الصباح ثنا إبراهيم بن سليمان بن الحجاج ثنا يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني به.

وفي الباب عن معاذ تقدم قريبا في حديث: "إن اللَّه يبغض البذاخين الفرحين المرحين، ويحب كل قلب حزين" فانظر سنده فيه.

916/ 1889 - "إنَّ اللَّهَ يحبُ مَعَالِى الأمُورِ وَأشْرَافَها وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا".

(طب) عن الحسين بن علي

قال الشارح: ورجاله ثقات.

وقال في الكبير: قال الهيثمي: فيه خالد بن إلياس ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي، وبقية رجاله ثقات، وقال شيخه العراقي: رواه البيهقي متصلًا ومنفصلًا، ورجالهما ثقات.

قلت: في هذا من عجر الشارح وبجره أمور:

الأول: قوله في الصغير: ورجاله ثقات مخالف للواقع، فإن رجاله ليسوا ثقات كلهم بل فيهم خالد بن إلياس وهو ضعيف، فإن الطبراني [3/ 142]، والقضاعي [رقم 1076، 1077] روياه في مسند الشهاب من طريق خالد بن إلياس عن محمد بن عبد اللَّه عن فاطمة ابنة الحسين عن الحسين بن علي به مرفوعًا، وخالد بن إلياس مع ضعفه قد اختلف عليه فيه فقيل: عنه هكذا، وقيل: عنه عن مسافر بن مسلم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه مرفوعًا: "إن اللَّه كريم يحب الكرم جواد يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها".

أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 20، رقم 8]: حدثني إبراهيم بن

ص: 365

سعيد ثنا أبو معاوية عن خالد بن إلياس به.

الثاني: قوله: ورجاله ثقات مخالف ومناقض لما نقله في الكبير عن الحافظ الهيثمي من أن فيه خالد بن إلياس وقد ضعفه أحمد وابن معين. . . إلخ، فما وجه هذا التناقض؟!

الثالث: قوله: وقال العراقي: رواه البيهقي غلط فاحش على العراقي، فإن البيهقي لم يروه من حديث الحسين بن علي أصلا، إنما رواه [10/ 191] من حديث سهل بن سعد الساعدي، ومن حديث طلحة بن عبيد اللَّه بن كريز مرسلًا، والحفاظ لا يخلطون سندًا بسند، بل ذلك من دأب المتهورين كالشارح الذي يريد أن يلصق عيبه بالحافظ العراقي.

الرابع: قوله: متصلًا ومنفصلًا هو فتح جديد في علم الحديث ونقل لعبارة النحاة وعلماء العربية إلى علم الحديث، والعراقي أجل وأعلا من هذا التخليط، بل العراقي قال: متصلا ومرسلًا، وهو الواقع كما قد قدمته من أن البيهقي خرجه أولا من رواية عبد الرزاق عن معمر عن أبي حازم عن طلحة ابن كريز به، ثم قال: هذا مرسل.

وكذلك رواه الثوري عن أبي حازم، ثم رواه من طريق محمد بن ثور عن معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد به متصلا، ثم قال: وكذلك روى عن أبي غسان عن أبي حازم اهـ.

وكأن الشارح كان في تقرير عبارة نحوية فيسبق قلمه إليها هنا.

والحديث ورد من طرق كثيرة من حديث جماعة ذكرتها في المستخرج.

917/ 1891 - "إِنَّ اللَّه يحبُّ أبْنَاءَ السَّبعِينَ، وَيَسْتَحِيي مِنْ أبْنَاءِ الثمانينَ".

(حل) عن علي

قال في الكبير: فيه محمد بن خلف القاضي، قال الذهبي عن ابن المنادي: فيه

ص: 366

بين، وأبان بن تغلب قال [ابن عدي]: غال في التشيع لا بأس به.

قلت: هراء فارغ لا يأتي بمثله إلا مثل الشارح البعيد من دراية هذا الفن، فأبان ابن تغلب ثقة من رجال الصحيح، ومحمد بن خلف القاضي هو وكيع صاحب "الغوز" و"طبقات الفقهاء" علامة ثقة مصنف، قال الذهبي نفسه [3/ 538]: صدوق إن شاء اللَّه، وابن المنادي لم يقل: فيه لين، ولكن قال: أقل الناس عنه للين شهرته اهـ.

وفرق كبير وبون شاسع بين فيه لين وأقلوا عنه للين شهرته، ولكن هكذا أراد اللَّه بالشارح قلة أمانة قلة دراية وفضول وجرأة على أهل الدراية والأمانة.

والحديث أخرجه أبو نعيم في ترجمة جعفر الصادق [3/ 200] وسنده كلهم أشراف عدا محمد بن خلف القاضي، وأبان بن تغلب وشيخي أبي نعيم.

918/ 1896 - "إِنّ اللَّه يحبُّ النَّاسِكَ النَّظِيفَ". (خط) عن جابر

قلت: سكت عنه الشارح وهو من رواية عبد اللَّه بن إبراهيم الغفاري، قال ابن حبان: يضع الحديث.

919/ 1901 - "إنَّ اللَّه يَحْمِي عَبْدَه المُؤْمنَ كَمَا يَحْمِي الرَّاعِي الشَّفِيقْ غَنَمَهُ مَرَاتِعَ الهَلَكَةِ".

(هب) عن حذيفة

قال الشارح في الكبير: فيه الحسين الجعفي، قال الذهبي: مجهول متهم.

قلت: ما قال الذهبي في الميزان، والحسين المذكور اسم والده: علي، نعم في اللسان [2/ 302]: الحسين بن علي بن نجيح الجعفي الكوفي، ذكره الطوسي في رجال الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رحمه اللَّه تعالى اهـ.

وفرق بين هذا وبين ما نقله الشارح فليحرر.

ص: 367

والحديث أخرجه أيضًا الديلمي قال:

أخبرنا الحسن بن محمد حدثنا أبو مسعود ثنا الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن أبان عن أمية بن قيسم عن حذيفة به.

وأخشى أن يكون في هذا السند سقط.

وفي الباب عن رافع بن خديج ومحمود بن لبيد وقتادة بن النعمان وأبي سعيد الخدري وأنس مع اضطراب في السند، انظر:"إذا أحب اللَّه عبدًا حماه الدنيا وإن اللَّه يحمي".

920/ 1903 - "إِنَّ اللَّه يُدْخِلُ بالسَّهْم الوَاحد ثَلاثَةَ نَفَرٍ الجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ، والرَّامِي به، ومُنَبِّلَهُ".

(حم. 3) عن عقبة بن عامر

قال الشارح: وفيه خالد بن يزيد مجهول الحال.

قلت: ذكره ابن حبان في الثقات، والحديث روى من طريقه عن عقبة بن عامر وروى من طريق عبد اللَّه بن زيد عن عقبة، فقيل: هما واحد، وقيل: هما اثنان وهو الذي رجحه الحافظ في تهذيب التهذيب.

وللحديث عند مخرجيه بقية، قال الطحاوي في مشكل الآثار [1/ 118]:

ثنا بكار أبو الوليد الطيالسي ثنا هشام الدستوائى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن عبد اللَّه بن زيد الأزرق عن عقبة بن عامر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه تعالى يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة: صانعه يحتسب في صنعه الأجر، والرامي به ومنبله، فارموا واركبوا وإن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، وليس من اللهو إلا ثلاثة: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه يقوسه، ومن ترك الرمي بعد ما علمه كانت نعمةً كفرها".

ثم قال: حدثنا الربيع ثنا بشر بن بكر ثنا أبو رجاء حدثني أبو إسلام حدثني خالد بن زيد قال: قال لي عقبة بن عامر: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.

ص: 368

ورواه البغوي في التفسير [3/ 46] من طريق أبي الحسين بن بشران:

ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن عبد اللَّه بن زيد الأزرق عن عقبة بن عامر به.

ورواه الحاكم في المستدرك [2/ 95] من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر:

ثنا أبو سلام الأسود عن خالد بن زيد به، ثم قال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي.

وكذلك أخرجه أبو عوانة في صحيحه.

921/ 1904 - "إنَّ اللَّه يُدْخِلُ بلُقْمَةِ الخُبْزِ وَقبْضَةِ التَّمْرِ وَمثْلِهِ مِمَّا يَنْفَعُ المسْكينَ ثلاثةً الجَنَّةَ: صَاحبَ البيت الأمر به، والزوجةَ المُصْلَحَةَ، والخادمَ الذي ينَاولُ المسْكينَ".

(ك) عن أبي هريرة

قلت: رواه الحاكم من طريق سويد بن عبد العزيز [4/ 134]:

ثنا محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، ثم صححه على شرط مسلم، فتعقبه الذهبي بأن سويدا متروك.

وأخرجه ابن شاهين في الترغيب بزيادة: وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الحمد للَّه الذي لم ينس خدمنا" أخرجه عن أحمد بن مغلس: ثنا أبو همام ثنى سويد بن عبد العزيز به.

922/ 1907 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُدْني المُؤْمنَ فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ، ويَسْتُرَهُ منَ النَّاس، ويقرِّرُه بذنوُبه فيقولُ: أتعرفُ ذنبَ كذا؟ أتعرفُ ذنبَ كذا؟ فيقول: نعم أيْ رَبِّ، حَتَّى إذا قرَّره بذنُوبه ورأى في نفسه أنه قد

ص: 369

هَلَكَ قال: فإني قد سَتَرْتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفرُها لك اليوم، ثم يعطى كتابَ حسناته بيَمينه، وأمَّا الكافرُ والمنافقُ فيقول الأشهادُ:{هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ".

(حم. ق. ن. هـ) عن ابن عمر

قلت: أخرجه أيضًا الدينوري في المجالسة والبغوي في التفسير [1/ 312] آخر سورة البقرة وابن خزيمة في كتاب التوحيد في باب عقده لهذا الحديث وهو حديث النجوى.

923/ 1908 - "إِنَّ اللَّه يَرْضَى لكُم ثَلاثًا، ويكرَهُ لكُم ثَلاثًا، فَيَرْضَى لكم: أن تعبُدُوه ولا تشْركُوا به شيئًا، وأن تَعْتَصمُوا بحبل اللَّه جميعًا ولا تفرَّقوَا، وأن تناصَحُوا من ولاهُ اللَّهُ أمْرَكم، ويكرَهُ لكم: قيلَ وقالَ، وكثْرَةَ السُّؤال، وإضَاعَةَ المَالِ".

(حم. م) عن أبي هريرة

قلت: أخرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد [رقم 442]، والبغوي في التفسير [1/ 392] كلاهما من طريق مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.

ورواه العارف الرفاعي في "حال أهل الحقيقة مع اللَّه"[7/ 40] من طريق إسحاق بن شاهين عن خالد بن عبد اللَّه عن سهيل بن أبي صالح به.

924/ 1909 - "إنَّ اللَّه يَرْفَعُ بِهَذا الكِتَابِ أقْوَامًا، ويَضَعُ به آخَرِينَ".

(م. هـ) عن عمر

قلت: أخرجه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار [3/ 57].

925/ 1912 - "إنَّ اللَّه تعَالَى يُسْعِرُ لَهَبَ جَهَنَّمَ كُلَّ يَومٍ في نِصْفِ

ص: 370

النَّهارِ، ويُخْبِتُها في يوم الجُمُعَةِ".

(طب) عن واثلة

قلت: هذا من نسخة بشر بن عون عن بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة، وهي نسخة نحو مائة حديث كلها موضوعة كما قال ابن حبان، وسبب ورود الحديث ظاهر في وضعه، فيلام المصنف على إيراده.

926/ 1914 - "إنَّ اللَّهَ تَعَالى يُعَافي الأمِّيِّينَ يَومَ القيَامَة مَا لا يُعَافِي العُلَمَاءَ".

(حل) والضياء عن أنس

قلت: أبو نعيم خرجه في موضعين من الحلية [2/ 331] من طريق أحمد بن حنبل، وهو في مسنده:

ثنا سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت عن أنس به، فكأن المصنف ما عرف أنه في المسند.

وكذلك رواه أحمد في كتاب الورع له، ففيه (ص 12) منه، قال أبو بكر -يعني: المروزي- قلت لأبي عبد اللَّه -يعني: أحمد-: كتبت عن سيار عن جعفر عن ثابت، فذكر الحديث، قال: نعم.

وقال أبو نعيم في الحلية في ترجمة أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر وما حدثني به إلا مرة اهـ.

ولهذا أورده ابن الجوزي في الواهيات [1/ 133] فكان مع الضياء المقدسي على طرفي نقيض، والحق من جهة الصناعة مع المقدسي، فإن رجال الحديث ثقات، جعفر بن سليمان من رجال الصحيح تكلم فيه لأجل التشيع، وسيار بن حاتم صدوق، فالحكم على الحديث بالنكارة أمر خارج عن السند بل هو من باب الاستحسان، والحكم بالميل القلبي والاستطعام للمعنى مع بعض الأمارات وإلا

ص: 371

مجال السند لا يعطي ذلك واللَّه أعلم.

927/ 1915 - "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْجَبُ مِنْ سَائل يَسألُ غَيْرَ الجنَّةِ، ومِنْ مُعْطٍ يُعْطِى لغيرِ اللَّهِ، ومنْ متعوَّذٍ يتعوَّذُ من غيرِ النَّارِ".

(خط) عن ابن عمرو بن العاص

قلت: الخطيب لم يسند هذا الحديث بل ذكره معلقًا في ترجمة شيخ بن عميرة الأسدي، فقال:[9/ 267] وقال يوسف بن ميمون: خطب شيخ بن عميرة الناس يومًا، فقال في خطبته: ولقد حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، فذكر الحديث وزاد:"ألا فليباهى في العبادة لمن فوقه وفي الغنى لمن دونه حتى يكتب شاكرًا صابرًا، فإن أولياء اللَّه أخَّروا النعيم للآخرة وعجلوا الشدة في الدنيا للراحة".

928/ 1917 - "إِنَّ اللَّه تَعَالى يُعْطِي الدُّنيَا على نيَّةِ الآخِرَة، وأبَى أنْ يُعْطِي الآخرة علي نيَّةِ الدُّنْيا".

ابن المبارك عن أنس

قلت: في سنده عند ابن المبارك [رقم 193] انقطاع، فإنه قال:

أخبرنا من سمع أنس بن مالك يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره.

ورواه الديلمي من وجه آخر:

أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا أبو مسلم بن غير ثنا أحمد بن إبراهيم بن فراس ثنا محمد بن إبراهيم الأبيلي حدثنا سعيد بن عبد الرحمن ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس به.

929/ 1921 - "إنَّ اللَّه تَعَالى يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ".

(حم. ت. هـ. حب. ك. هب) عن ابن عمر

قال الشارح في الكبير: قال المزي: ووهم من قال: ابن عمرو بن العاص، قال

ص: 372

الترمذي: حسن غريب، ولم يبين لم لا يصح، قال ابن القطان: وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن ثابت، وثقه أبو حاتم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، ونقل في الميزان تضعيفه عن ابن معين، وتوثيقه عن غمره، ثم أورد من مناكيره أخبارا هذا منها.

قلت: الحديث أخرجه أيضًا أبو يعلى والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية [5/ 190] والبغوي في التفسير وآخرون كلهم من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبد اللَّه بن عمر به.

ووقع عند ابن ماجه في الأصول الصحيحة: عبد اللَّه بن عمرو -يعني: ابن العاص- وهو وهم نبه عليه ابن عساكر في الأطراف، قال ابن القطان: وهذا الحديث عندي يحتمل أن يقال فيه: صحيح؛ إذ ليس في إسناده من تكلم فيه إلا عبد الرحمن بن ثابت فقال ابن معين: صالح الحديث، وقال أبو زرعة: لا بأس به، ووثقه أبو حاتم وقال ابن حنبل: أحاديثه مناكير وأظن أن الترمذي لم يصححه من أجله اهـ.

قلت: وبالنظر إلى ورود الحديث من طرق أخرى يرتقى إلى درجة الصحيح دون احتمال، فقد ورد من حديث أبي هريرة وعبادة بن الصامت ومن مرسل الحسن وبشير بن كعب بلفظه، ومن حديث جماعة من الصحابة أيضًا بمعناه.

فحديث أبي هريرة رواه ابن مردويه في التفسير:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد ثنا عمران بن عبد الرحيم ثنا عثمان بن الهيثم ثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه يقبل توبة عبده ما لم يغرغر".

ورواه البزار من وجه آخر من حديث يزيد بن عبد الملك النوفلي عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة به وقال: "ما لم يغرغر بنفسه".

ص: 373

ورواه الديلمي من وجه آخر بسياق آخر فقال:

أخبرنا محمد بن طاهر بن عثمان عن محمد بن عيسى عن صالح أبي حاتم عن أبيه عن عبد المؤمن عن عبد السلام عن أبي خالد عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه ليقبل التوبة من عبده ما دام الروح في جسده ولم يبق من أجله إلا غير فواق" قيل لأبي هريرة: ما غير فواق؟ قال: طرف لمحه.

وحديث عبادة رواه إسحاق بن راهويه في مسنده:

أخبرنا معاذ بن هشام الدستوائى حدثني أبي عن قتادة عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثله.

ورواه ابن جرير من وجه آخر عن قتادة فقال:

حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به، وهو منقطع لأن قتادة لم يدرك عبادة.

ومرسل الحسن رواه ابن جرير:

ثنا محمد بن بشار ثنا ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن قال: بلغني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال، وذكره.

وكذلك روى مرسل بشير بن كعب فقال:

حدثنا ابن بشار ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن العلاء بن زياد عن أبي أيوب بشير بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثله.

930/ 1930 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُولُ: إنَّ عَبْدًا أصْحَحْتُ له جسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عليه في مَعيشَته، تَمْضي عليه خَمْسَةُ أعْوَام لا يَفِدُ إليَّ لَمَحْرُومٌ".

(ع. حب) عن أبي سعيد

ص: 374

قال الشارح في الكبير: وفيه صدقة بن يزيد الخراساني، ضعفه أحمد، وقال ابن حبان: لا يجوز الاشتغال به، وقال البخاري: منكر الحديث، ثم ساق له في الميزان هذا الخبر، وفي اللسان قال البخاري عقبه: هذا منكر، وكذا قال ابن عدي اهـ. ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ:"إن اللَّه تعالى يقول: "إن عبدا أصححت له بدنه، وأوسعت عليه في الرزق، ثم لم يعد إلى بعد أربعة أعوام لمحروم"، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على الطريق [الذي] آثره غير جيد.

قلت: هكذا يكون قلب الحقائق وعكس الوقائع وإلا فلا، فحديث أبي سعيد الذي ذكره المصنف ليس فيه صدقة بن يزيد الخراساني، وهو الذي قال فيه الحافظ الهيثمي [3/ 206]: رجاله رجال الصحيح، وحديث أبي هريرة الذي تركه المصنف واستدركه الشارح هو الذي فيه صدقة بن يزيد وهو الذي ذكره الذهبي في الميزان، وقال ابن عدي والبخاري عنه: إنه منكر، فاسمع سند حديث أبي سعيد أولًا ثم ما ذكره فيه الهيثمي ثم سند حديث أبي هريرة الذي استدركه الشارح وما قال فيه الذهبي ثم احكم على الشارح بما شئت، قال محمد بن مخلد العطار في جزئه:

ثنا الحسن بن عرفة ثنا خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

ومن هذا الوجه رواه ابن حبان [رقم 960] وغيره.

ومن حديث أبي سعيد أورده الهيثمي (ص 206 من الجزء الثالث) وقال: رواه الطبراني في الأوسط [1/ 110] وأبو يعلى ورجال الجميع رجال الصحيح اهـ. ومن العجيب أن الشارح يرى الحديث معزوا إلى صحيح ابن حبان ثمَّ يدعي أن فيه صدقة بن يزيد وينقل عن ابن حبان أنه يقول: لا يجوز الاحتجاج به، فكيف يقول ابن حبان هذا في رجل ثم يحتج به في صحيحه؟!.

ص: 375

وقال الربعي السدار في جزئه:

حدثنا علي بن الحسين الرزدي ثنا هشام بن خالد ثنا الوليد بن مسلم ثنا صدقة ابن يزيد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به، فهذا حديث أبي هريرة الذي استدركه الشارح هو الذي من رواية صدقة بن يزيد وهو الذي ذكره الذهبي في ترجمته من الميزان فقال [1/ 313]:

وقال الوليد بن مسلم: حدثنا صدقة بن يزيد الخراساني ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فذكره.

وأعجب من هذا أن الحافظ قال في اللسان [3/ 187 - 188]:

قال البخاري عقبه: هذا منكر، وكذا قال ابن عدي وزاد: ولا أعلمه يرويه عن العلاء غير صدقة وإنما يروي هذا خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري، فلعل صدقة سمع بذكر العلاء فظن أنه العلاء بن عبد الرحمن، وهى طريق سهل عليه وليس كذلك اهـ.

فحذف هذا التصريح من كلام الحافظ يرشدك إلى أن الشارح ملبس قاصد لقلب الحقائق نسأل اللَّه السلامة.

931/ 1933 - "إنَّ اللَّه تَعَالى يَقُولُ: أنَا عنْدَ ظَنِّ عَبْدي بِي، إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وإنْ شَرًّا فشرٌّ".

(طس. حل) عن واثلة

قال (ش) في الكبير: وهو في الصحيحين بدون قوله: "إن. . . " إلخ.

قلت: ليس هو في الصحيحين أصلا. نعم رواه أحمد [2/ 315]، وابن حبان [رقم 2393] في الصحيح بلفظ:"قال اللَّه تعالى".

932/ 1932 - "إنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ فَوقَ سَمَائه أنْ يُخَطَّأ أبُو بَكْر في الأرْض".

الحارث (طب)، وابن شاهين في السنة عن معاذ

ص: 376

قال الشارح في الكبير: وأورده ابن الجوزي في الموضوع وقال: تفرد به أبو الحارث نصر بن حماد عن بكر بن خنيس، وقال يحيى: نصر كذاب، ومحمد ابن سعيد هو المصلوب كذاب يضع، إلى هنا كلامه، ونازعه المؤلف على عادته فلم يأت بطائل.

قلت: بل أتى بكل طائل، فابن الجوزي [علل 1/ 186] أتى بالحديث من طريق الحارث بن أبي أسامة:

ثنا أحمد بن يونس ثنا أبو الحارث الوراق عن بكر بن خنيس عن محمد بن سعيد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل به، ثم أعله بنصر بن حماد وبكر بن خنيس ومحمد بن سعيد، فتعقبه المصنف بأن الحديث ورد من غير طريق هؤلاء كلهم فبرئوا من عهدته وزالت تهمتهم به.

ثم أورده من عند ابن شاهين في السنة:

حدثنا إبراهيم بن حماد بن إسحاق القاضي ثنا عبد الكريم بن الهيثم ثنا مصرف بن عمرو حدثنا أبو يحيى الحماني عن أبي العطوف جراح بن المنهال عن الوضين بن عطاء عن عبادة بن نسى به.

وأخرجه الطبراني وأبو نعيم في فضائل القرآن عنه:

ثنا الحسن بن العباس الرازي وغيره قالوا: حدثنا سهل بن عثمان ثنا أبو يحيى الحماني به.

وهذا الطريق قال عنه الحافظ الهيثمي في الزوائد [9/ 46]: فيه أبو العطوف لم أعرفه وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف اهـ.

فماذا يتعقب به مدعى وضع حديث واتهام الناس به أكثر من أنه روى من غير طريقهم وأنهم برآء منه، والاطلاع على ذلك واستحضاره من الكتب الغريبة النادرة وحفظ ما لم يحفظه ابن الجوزي ولا يمكن لملء الأرض من مثل الشارح أن يقفوا عليه أو يهتدوا لمثله إلا بإرشاد ودلالة من مجتهد حافظ مثل المؤلف

ص: 377

الذي لولا هو وأمثاله من الحفاظ لما عرف المقلدة الجهلة أمثال الشارح عن نبيهم صلى الله عليه وسلم وشريعته حرفا.

ثم المصنف عزا الحديث للطبراني وابن شاهين وليس عندهما في السندين ابن الجوزي ولكن الشارح لا يعقل.

933/ 1939 - "إِنَّ اللَّه تعالى يَكْرَهُ منَ الرِّجال الرَّفيعَ الصَّوْت، ويحبُّ الخَفيْضَ من الصَّوْت".

(هب) عن أبي أمامة

قلت: أخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس قال:

أخبرنا محمد بن طاهر الحافظ أخبرنا أبو المظفر الأنصاري بنيسابور أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي ثنا عبد اللَّه بن حماد ثنا نعيم بن حماد ثنا مسلمة بن علي عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة به.

934/ 1940 - "إنَّ اللَّه يَلُومُ عَلَى العجَز ولكنْ عليك بِالكَيْس، فإذا غَلَبَكَ أمْرٌ فقُل: حَسْبيَ اللَّهُ ونعْمَ الوَكيلُ".

(د) عن عوف بن مالك

قلت: أخرجه أيضًا أحمد في مسنده [6/ 25]:

حدثنا حيوة بن شريح وإبراهيم بن أبي العباس قال: ثنا بقية قال: حدثني بحير ابن سعد عن خالد بن معدان عن سيف عن عرف بن مالك أنه حدثهم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين فقال المقضى عليه لما أدبر: حسبي اللَّه ونعم الوكيل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ردوا على الرجل، فقال: ما قلت؟ قال: حسبي اللَّه ونعم الوكيل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه يلوم. . . " وذكره.

ورواه ابن السني في اليوم والليلة عن النسائي [رقم 343].

حدثنا عمرو بن عثمان ثنا بقية به.

ص: 378

وانظر: "إذا وقعتم في الأمر العظيم".

935/ 1944 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُنَزِّلُ، المعَونَةَ عَلَى قَدْرِ المَئُونَةِ، وَيُنَزِّلُ الصَّبْرَ على قَدْر البَلاء".

(عد) وابن لال عن أبي هريرة

قال الشارح في الكبير: وكذا خرجه البيهقي في الشعب، وكأن المؤلف أغفله ذهولا، وفيه عبد الرحيم بن واقد أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: ضعفه الخطيب عن وهب بن وهب، قال أحمد وغيره: كذاب لكن يأتي ما يقويه بعض قوة.

قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: وكان المؤلف أغفله ذهولا كذب منه فإن المؤلف ما أغفله لأن البيهقي خرج الحديث بلفظ: "المعونة"[10/ 181]، وقد ذكره المصنف فيما سيأتي قريبا على حسب الترتيب.

كذلك وعزاه للحكيم والبزار وأبي أحمد الحاكم والبيهقي في الشعب، والشارح عالم بذلك لأنه قال: لكن يأتي ما يقويه بعض قوة، وهو يقصد هذا الحديث الذي رآه في كلام المصنف معزوا إلى البيهقي، فلذلك قلت: إنه كاذب ملبس.

الثاني: أنه قال في الكبير: فيه عبد الرحيم بن واقد، وفي الصغير: عبد الرحمن بن واقد.

الثالث: أنه أعله في الكبير بابن واقد وبوهب بن وهب، واقتصر في الصغير على ذكر بن واقد وذلك جهل منه بصناعة الحديث، فإن الاختصار لا يدخل العلة في الحديث: ولو عكس واقتصر على ذكر وهب بن وهب وحذف ابن واقد لكان قد قارب الصواب، لأن ابن وهب متهم بخلاف ابن واقد.

والحديث أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من طريق ابن لال، وابن لال خرجه من طريق الحارث بن أبي أسامة، وهو عند الحارث في مسنده، قال: حدثنا عبد الرحيم بن واقد حدثنا وهب بن وهب ثنا عباد بن كثير عن أبي

ص: 379

الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به.

936/ 1946 - "إنَّ اللَّه يُوصيكُمْ بأمَّهَاتكم ثلاثا، إنَّ اللَّه يُوصيكُم بآبَائكُم مَرَّتَين، إن اللَّه يوصيكُم بالأقْرب فالأقرْب".

(خد. هـ. طب. ك) عن المقدام

قال في الكبير: فيه إسماعيل بن عياض، قال الحاكم: إنما نقم عليه سوء الحفظ فقط، وقال الهيثمي: هو ضعيف، قال ابن حجر: وأخرجه البيهقي بإسناد حسن.

قلت: إسماعيل بن عياش إنما رواه من طريقه ابن ماجه [رقم 3661] ومَنْ بعده، أما البخاري في الأدب فرواه من غير طريقه [رقم 60] فقال:

حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية عن بحير عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب به.

وقال البيهقي [4/ 179]:

أنا الحاكم وأبو سعيد بن أبي عمرو وأبو بكر القاضي قالوا: ثنا أبو العباس الأصم ثنا أبو عتبة ثنا بقية به.

وقال أبو بكر الربعي السدار في جزئه:

أخبرنا أحمد بن عامر بن المعمر حدثنا هشام بن عمار ثنا يحيى بن حمزة ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان به.

قلت: وكأن لهشام بن عمار فيه طريقين، فقد رواه ابن ماجه عنه عن إسماعيل ابن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان به.

ومن طريق إسماعيل بن عياش أخرجه أبو القاسم الحرفي في فوائده قال: حدثنا أحمد بن سلمان ثنا هلال بن العلاء ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عياض به.

937/ 1947 - "إنَّ اللَّه يُوصِيكُم بالنِّسَاء خَيْرًا فَإنَّهُنَّ أمَّهَاتُكم،

ص: 380

وبَنَاتُكم، وخَالاتُكم، إنَّ الرَّجُلَ من أهْل الكتابِ يَتَزَوَّجُ المرأةَ وَمَا تَعْلُقُ يَداهَا الخَيْطَ، فَمَا يَرْغَبُ وَاحدٌ منْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ".

(طب) عن المقدام

قال في الكبير: قال الهيثمي: رجاله ثقات إلا أن يحيى لم يسمع عن المقدام، ورواه عنه -أيضًا- أحمد وأبو يعلى فاقتصار المصنف على الطبراني غير حميد.

قلت: بل افتراء الشارح غير حميد، فالحديث ما خرجه أحمد ولا رأيته في مسنده، وكذلك الحافظ الهيثمي [4/ 302] الذي جمع زوائده على الكتب الستة، وكذلك زوائد أبي يعلى عليها لم يعزه إليهما أيضًا، بل أورد الحديث ثم قال: روى له ابن ماجه -أي للمقدام-: "إن اللَّه يوصيكم بأمهاتكم، إن اللَّه يوصيكم بآبائكم، إن اللَّه يوصيكم بالأقرب فالأقرب" فقط رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أن يحيى بن جابر لم يسمع من المقدام اهـ.

938/ 1949 - "إنَّ الأرْضَ لَتَعُجُّ إلى اللَّهِ تَعَالى من الَّذينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ ريَاءً".

(فر) عن ابن عباس

قال الشارح: بسند ضعيف.

وقال في الكبير: ورواه عنه -أيضًا- الحاكم ومن طريقه خرجه الديلمي مصرحا، فعزو المصنف الحديث للفرع وإضرابه عن الأصل صفحا تقصيرا أو قصورا، وفي الميزان ما محصله أنه خبر باطل اهـ، ولعله لأن فيه سهل بن عمار، قال في الضعفاء: رماه الحاكم بالكذب وعباد بن منصور وقد ضعفوه.

قلت: في هذا عجائب، الأولى: أنه صرح في الكبير بأن الحديث باطل، ثم تراجع في الصغير فقال: إنه ضعيف جدًا، والحق ما قاله الذهبي؛ إذ الحديث باطل موضوع جزما، والمصنف ملام على ذكره في هذا الكتاب.

ص: 381

الثانية: كان الواجب على الشارح إذ حكم عليه بالقصور أو التقصير في عدم عزوه للحاكم وعزاه هو إليه أن يبين في أي كتاب خرجه الحاكم، فإن له كتبا كثيرة أشهرها: المستدرك والتاريخ، فإذا لم يعين الكتاب ولم يعرفه فكان الواجب عليه أن يسلك طريقة المصنف التي هي طريقة العلماء المحققين ويعزوه إلى الديلمي الذي رأى الحديث فيه محققا دون غيره، فلو طُولب بتعيين الكتاب لعجز عن ذلك، فكيف لا يستحي من إلصاق العيب بالأبرياء؟

الثالثة: أنه حكم على المصنف بالقصور أو التقصير رغبة منه في إطلاق هذه الألفاظ عليه دون أن يكون أدنى موجب لها، فالقصور يلمز به المصنف لو لم يطلع على ما اطلع عليه المناوي، والواقع أن المصدر واحد فالمصنف رأى الحديث في مسند الفردوس للديلمي مسندا من طريق الحاكم، والشارح كذلك رآه في الديلمي بعد أن أرشده المصنف إليه، فكيف يستدرك عليه بأمر سبقه إلى رؤيته وهو المرشد له إليه؟! لكن المصنف حافظ إمام محقق لم يقدر أن يعزو الحديث إلى كتاب لم يتحققه فاقتصر على ما رآه.

الرابعة: قوله: وفي الميزان ما محصله أن الخبر باطل، عبارة فيها تدليس وتلبيس، فإن قوله: ما محصله يقتضي أنه لخص ذلك من كلام طويل، والواقع أن الذهبي قال عن الحديث: خبر باطل، فأي لزوم لقول الشارح: ما محصله؟!.

الخامسة: قوله: ولعله لأن فيه سهل بن عمار فضول منه ودخول فيما ليس من شأنه، فالحديث ذكره الذهبي في الميزان في ترجمة أبي حكيم الأزدي واتهمه به، فقال ما نصه: أبو حكيم الأزدي عن عباد بن منصور بخبر باطل، تكلموا فيه، روى يزيد بن هارون: ثنا أبو حكيم الأزدي عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "إن الأرض لتضج إلى ربها من الذين يلبسون الصوف رياء" تفرد به عبد اللَّه بن أحمد الحداد عنه اهـ.

ص: 382

وسبقه إلى هذا ابن حبان كما سأذكره، فكيف ساغ له بعد هذا أن يبدي هو رأيه ويعلله بسهل بن عمار؟! كأنه رأى أنه أعرف من الذهبي بعلل الحديث فأراد أن يظهر علمه فأخطأت استه الحفرة، بن عمار برئ من الحديث لوروده من غير طريقه، قال ابن حبان في الضعفاء في ترجمة أبي الحكيم الأزدي [3/ 156]:

حدثنا محمد بن المسيب ثنا عبد اللَّه بن أحمد الحداد ثنا يزيد بن هارون ثنا أبو حكيم الأزدي عن عباد منصور عن عكرمة عن ابن عباس به.

وقال ابن حبان: أبو حكيم شيخ يروى المناكير عن أقوام ضعاف ويأتي عن الثقات بما لا يتابع عليه، قال: وعباد قد تبرأنا من عهدته أيضًا اهـ.

فبان خطأ الشارح في تعليله الحديث بسهل بن عمار لوروده من غير طريقه.

ثم إن الديلمي رواه من طريق محمد بن عبيد الهمداني عن عباد بن منصور، فإن لم يكن وقع في السند تدليس فيجب أن تبقى الهمة محصورة في عباد بن منصور.

939/ 1950 - "إنَّ الأَرْضَ لَتُنَادى كُلَّ يَوم سَبْعينَ مَرَّةً: يَا بَني آدَمَ كُلُوا مَا شئتُم واشْتَهَيْتُمْ، فَوَاللَّه لأكلَنَّ لُحُومَكُمْ وَجُلُودَكمْ".

الحكيم عن ثوبان

قلت: سكت عنه الشارح، وفي بعض نسخ المتن الرمز له بعلامة الصحيح، وهو غلط فاحش، فإن الحديث منكر باطل لأنه من رواية عباد بن منصور وهو متروك صاحب مناكير، والراوي عنه متكلم فيه، وشيخ الحكيم متهم أيضًا، قال الحكيم في الأصل التسعين ومائة:

أخبرنا الحبلي عن عبد اللَّه بن عمرو.

وقال الحاكم:

ثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران ثنا أبو

ص: 383

الطاهر أنبأنا ابن وهب به مثله.

وهكذا عزاه الهيثمي في الزوائد للطبراني من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فلم تبق ثقة بكلام هذا الشارح.

940/ 1959 - "إِنَّ البَرَكةَ تَنْزلُ وَسْطَ الطَّعَام فَكُلُوا من حَافَاتِه، ولا تأكُلُوا من وسْطه".

(ت. ك) عن ابن عباس

قلت: أخرجه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار (ص 55 من الجزء الأول)، وأبو الحسن علي بن المفرج الصقلي في فوائده، قال:

أخبرني محمد بن الحسين بن أحمد قراءة عليه ثنا أبو القاسم الحسين بن علي ثنا عبيد اللَّه بن الحسين ثنا سليمان بن شعيب ثنا أسد ثنا ورقاء بن عمر عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا: "إن البركة تنزل في ذروة الثريد فكلوا من حافته".

وانظر: "كلوا في القصعة من جوانبها" الآتي.

941/ 1961 - "إِنَّ البَيْتَ الذي يُذكرُ اللَّه فيه لَيُضِئُ لأهْل السَّمَاء كمَا تُضئُ النُّجُومُ لأهْل الأرض".

أبو نعيم في المعرفة عن سابط

قلت: قال أبو نعيم:

حدثنا عبد اللَّه بن المنذر العاقولي ثنا أبو طلحة محمد بن محمد بن عبد الكريم ثنا يزيد بن عمرو الغنوي ثنا بائل بن نجيح ثنا قطن (1) العباسي عن الحسن بن عمارة عن طلحة عن عبد الرحمن بن سابط عن أبيه سابط بن أبي حُميضَة به. والحسن بن عمارة متروك، وطلحة إن كان هو الحضرمي فكذلك، لكن قال

(1) كتب فوقها المؤلف الرمز (ض) وكتب في الهامش: قطب.

ص: 384

الديلمي في مسند الفردوس: رواه عبد الرزاق عن معمر عن ليث عن ابن سابط.

942/ 1965 - "إِنَّ الخَصْلَةَ الصَّالحةَ تكُونُ في الرجل فَيُصْلحُ اللَّهُ له بها عَمَلَه كُلَّه، وطُهُورُ الرجل لصَلاته يكفِّرُ اللَّهُ به ذُنُوبَه، وتبْقَى صَلاتُه له نَافلةً".

(ع. طس. هب) عن أنس

قال (ش): بإسناد حسن.

وقال في الكبير: قال الهيثمي: فيه بشار بن الحكم ضعفه أبو زرعة وابن حبان، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.

قلت: كم مرة يحسن المصنف الحديث فيتعقبه الشارح بأن في سنده فلانا وهو ثقة صدوق إلا أن فلانا قال: فيه لين، ويكون ذلك الرجل ثقة على الإطلاق من رجال الصحيحين، فما باله الآن حسن حديثا في سنده رجل ضعفه أبو زرعة وابن حبان؟! ذلك لأن هذا حسنه غير المصنف.

والحديث خرجه أيضًا محمد بن نصر في قيام الليل، قال:

حدثنا محمد بن يحيى ثنا المعلى بن أسد ثنا بشار بن الحكم أبو زيد الضبي ثنا ثابت عن أنس، فذكره مختصرا.

943/ 1968 - "إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ للَّه ولكتَابه ولرسُولِهِ ولأئِمَّةِ المسلمين وعَامَّتِهم".

(حم. م. د. ن) عن تميم الداري (ت. ن) عن أبي هريرة (حم) عن ابن عباس

قلت: في الباب عن جماعة، انظر:"الدين النصيحة" في حرف "الدال" و

ص: 385

"رأس الدين النصيحة" في حرف "الراء" ومستخرجنا على مسند الشهاب.

944/ 1969 - "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلا غَلَبَه، فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأبْشرُوا، واستَعِينُوا بالغَدْوَة، والرَّوْحَة، وشئ من الدُّلْجَةِ".

(خ. ن) عن أبي هريرة.

قلت: في الباب عن بريدة يأتي في حرف "العين": "عليكم هديا قاصدا"، وعن عروة الفقيمي في التاريخ الكبير للبخاري (ص 30 من الجزء الرابع)، وحديث أبي هريرة المذكور هنا خرجه أيضًا ابن قتيبة في عيون الأخبار (ص 326 من الجزء الأول).

945/ 1973 - "إِنَّ الرجلَ لَيتكلَّمُ بالكلمة من رضوان اللَّه تعالى ما يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فيكتبُ اللَّهُ له بها رضوانَه إلى يوم القيامة، كان الرجلَ ليتكلمُ بالكلمة من سخط اللَّه، ما يظنُّ أنْ تبلغَ ما بلغتْ، فيكتبُ اللَّهُ عليه بها سخطَهُ إلى يوم القيامَة".

مالك (حم. ت. ن. هـ. حب. ك) عن بلال بن الحارث

قلت: وقع في سند هذا الحديث بعض اختلاف بنقص علقمة في قول بعض الرواة، ولكن القول فيه قول الأكثرين من الحفاظ كما يبين ذلك الحاكم في المستدرك فأجاد وذلك في كتاب الإيمان منه [1/ 46].

وخرجه أيضًا أحمد في الزهد كما خرجه في المسند [3/ 469]، والبيهقي في السنن في كتاب قتال أهل البغي، وأبو نعيم في الحلية في ترجمة عبد اللَّه بن المبارك [رقم 490].

وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، وسيذكرها المصنف قريبا لأنه خالف ترتيبه فيهم؛ إذ كان الواجب ذكرهما عقب هذا.

ص: 386

وعن أبي أمامة أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة يوسف بن أسباط [8/ 248].

946/ 1974 - "إِنَّ الرجلَ لَيُوضَعُ الطَّعَامُ بينَ يديه فَمَا يُرْفَعُ حتى يُغْفَرَ لَه، يقولُ: "بسم اللَّه" إذا وُضِعَ، و"الحمدُ للَّه" إذا رُفِعَ".

الضياء عن أنس

قلت: أخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس قال:

أخبرنا الدوني أخبرنا ابن الكسار حدثنا علي بن الحسن بن أقطبة ثنا الحسين بن علي الصدائي ثنا عبيد بن إسحاق ثنا مندل عن عبد الوارث عن أنس به.

وهو سند ضعيف.

947/ 1975 - "إِنَّ الرجلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بالذَّنْبِ يُصِيبُه، ولا يَرُدُّ القَضَاءَ إلا الدُّعَاء ولا يزيدُ في العُمْرِ إلَّا البِرُّ".

(حم. ن. هـ. حب. ك) عن ثوبان

قلت: النسائي خرجه في الكبرى وخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 10] وغيره بتقديم: "لا يرد القضاء إلا الدعاء"، وسيأتي ذكر أسانيده هناك إن شاء اللَّه تعالى.

وقال ابن أبي حاتم في التفسير: ذكر عن أحمد بن الصباح أنبأنا بشر بن زاذان عن عمر بن صبح عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن سابط عن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إياكم والمعاصي، إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا قد كان هيئ له، ثم تلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:{فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} قد حرموا خير سنتهم بذنبهم، عمر بن صبح قال ابن حبان: يضع الحديث.

948/ 1977 - "إنَّ الرجلَ إذَا نَظَرَ إلى امرَأته وَنَظَرتْ إليه نَظَر اللَّهُ

ص: 387

تعالى إليهما نَظْرَةَ رَحْمَة فَإذا أخَذَ بكفِّها تَسَاقَطت ذُنُوبُهما من خلال أصابعهما".

ميسرة بن عدي في مشيخته

زاد الشارح: المشهورة، والرافعي في تاريخ قزوين عن أبي سعيد.

قلت: هذا حديث باطل موضوع، وقول الشارح عن مشيخة ميسرة أنها مشهورة قياس فاسد أخذه من قول الحفاظ عن بعض الأجزاء كجزء الحسن بن عرفة المشهور، فظن أن كل جزء وكل مشيخة يقال عنها: مشهورة، وذلك غلط فإن المشيخة المذكورة ما هي مشهورة ولا متداول ذكرها ولا النقل منها عن أحد من المحدثين إلا على قلة.

949/ 1978 - "إنَّ الرجلَ لينصرفُ وما كُتبَ لَه إلا عُشْرُ صَلاته، تُسُعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا".

(حم. د. حب) عن عمار

قال الشارح في الكبير: قال العراقي: إسناده صحيح، ولفظ رواية النسائي:"إن الرجل يصلى ولعله لا يكون له من صلاته إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبعها، حتى انتهى إلى آخر العدد"، وفي رواية له أيضًا:"منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر"، قال الحافظ الزين العراقي: رجاله رجال الصحيح، وسبب الحديث كما في رواية أحمد أن عمار بن ياسر صلى صلاة فأخف بها فقيل له: يا أبا اليقظان خففت، فقال: هل رأيتموني نقصت من حدودها شيئًا؟؟ قالوا: لا. قال: قد بادرت سهو الشيطان، إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره.

قلت: في هذا أمور، الأول: ما نقله عن العراقي من قوله: إسناده صحيح هو كذلك بحسب ظاهر الإسناد وإلا فهو معلول بالاضطراب، فقد وقع في سنده اضطراب على أقوال متعددة، القول الأول وهو الأكثر: ما رواه ابن

ص: 388

عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن عبد اللَّه بن عنمة قال: رأيت عمار بن ياسر دخل المسجد فصلى فأخف الصلاة، قال: فلما خرج قمت إليه فقلت: يا أبا اليقظان لقد خففت. . . إلخ ما حكاه الشارح.

هكذا رواه أحمد عن صفوان بن عيسى [2/ 271]: أخبرنا ابن عجلان.

ورواه البيهقي من طريق أبي عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي: أنبأنا أبو مسلم ثنا أبو عاصم عن ابن عجلان به.

ورواه أبو داود [رقم 796] عن قتيبة بن سعيد عن بكر بن مضر عن ابن عجلان به.

ورواه الطحاوي في مشكل الآثار من طريق حيوة بن شريح وسعيد بن أبي أيوب والليث بن سعد كلهم عن ابن عجلان به مثله.

القول الثاني: عن المقبري عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه أن عمارًا صلى ركعتين فقال له عبد الرحمن بن الحارث: "يا أبا اليقظان لا أراك إلا قد خففتهما. . . " الحديث مثله، رواه أحمد عن يحيى بن سعيد عن عبيد اللَّه بن عمر حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري به.

ورواه البخاري في التاريخ عن صدقة عن يحيى بن سعيد به مثله.

القول الثالث: عن المقبري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: "رأيت عمار بن ياسر صلى ركعتين. . . " الحديث رواه الطيالسي في مسنده: ثنا العمري حدثني سعيد المقبري به.

القول الرابع: عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، رواه البخاري في التاريخ عن عبد اللَّه بن صالح:

حدثني الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن عمر بن الحكم الأنصاري عن أبي اليسر كعب بن عمرو صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن رسول اللَّه قال: "إن منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والربع والخمس حتى

ص: 389

بلغ العشر"، رواه الطحاوي في مشكل الآثار: حدثنا يوسف بن يزيد ثنا حجاج بن إبراهيم ثنا عبد اللَّه بن وهب عن عمرو ابن الحارث عن سعيد بن أبي هلال به، هكذا قال: حجاج عن ابن وهب، وقال أحمد بن عبد الرحمن: عنه عن عمرو بن الحارث حدثني عمر بن الحكم دون واسطة سعيد.

القول الخامس: عن عمر بن الحكم عن أبي لاس الخزاعي قال: قلت لعمار فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، رواه البخاري في التاريخ الكبير عن عمرو بن محمد: ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثنى محمد بن إبراهيم التيمي عن عمر بن الحكم به.

وقد قيل: أبو لاس الخزاعي هذا هو عمر بن عنمة السابق، هكذا نقل عن علي ابن المديني مع أن ابن عنمة مزني وهذا خزاعي.

القول السادس: عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: "دخل عمار بن ياسر المسجد فصلى فيه ركعتين خفيفتين فقال له عبد الرحمن بن الحارث: لقد خففتهما، فقال: إني بادرت السهو إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن أحدكم يصلي ثم لا يكون له من صلاته عشرها ولا تسعها ولا ثمنها ولا سبعها ولا سدسها حتى انتهى في العدد"، رواه الدارقطني في الأفراد قال: حدثنا أبو محمد بن صاعد ثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثني أبي ثنا عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث به.

الأمر الثاني: إطلاق الشارح العزو إلى النسائي يفيد أنه في المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة وليس كذلك فإنه ما خرجه في الصغرى.

الأمر الثالث: قوله: وليس الحديث كما في رواية أحمد غلط، فإن ذلك سبب التحديث لا سبب الحديث؛ لأن سبب الحديث هو ما كان واردا لأجله وهذا إنما كان سببًا لتحديث عمار بن ياسر به.

ص: 390

950/ 1980 - "إنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ في صحَّة من رأيه مَا نَصَحَ لمُسْتَرْشِدِه، فَإذَا غَشَّ مُسْتَرشِدَه سَلَبَهُ اللَّهُ تعالى صحَّةَ رأيه".

ابن عساكر عن ابن عباس

قلت: هذا حديث موضوع.

951/ 1985 - "إن الرجلَ إذَا مَاتَ بغَير مَولِده قيسَ له من مَوْلِدِه إلى مُنْقَطِع أثَرِهِ في الجنَّةِ".

(ن. هـ) عن ابن عمرو

قلت: أخرجه أحمد في مسنده [2/ 177]:

حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبد اللَّه عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "توفى رجل بالمدينة فصلى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ياليته مات في غير مولده، فقال رجل من الناس: لم يا رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . ." وذكره.

وقال ابن طاهر في صفوة التصوف:

أنا القاضي أبو منصور محمد بن أحمد الفقيه الأصفهاني ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اللَّه بن خرشيد قوله ثنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن زياد النيسابوري ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب قال: حدثني حيي بن عبد اللَّه به.

952/ 1989 - "إنَّ الرجلَ لَيُدرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ القائِم باللَّيل، الظامئ بالهَواجِرِ".

(طب) عن أبي أمامة

قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه عفير بن معدان وهو ضعيف اهـ، ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة وقال: على شرطهما، وأقره الذهبي، فلو آثره

ص: 391

المصنف لصحته كان أولى من إيثاره هذا لضعفه.

قلت: لفظ حديث أبي هريرة عند الحاكم [1/ 60]: "إن اللَّه ليبلغ العبد بحسن خلقه درجة الصوم والصلاة". وهذا اللفظ قد فات موضعه في حرف "إن اللَّه"، والعجب أن الحاكم خرج قبل حديث أبي هريرة مباشرة حديث عائشة بلفظ:"إن الرجل ليدرك" كما هنا، فما اختار الشارح الاستدراك إلا بما لا يصلح للاستدراك كأنه حليف الأخطاء والأوهام وعدم الإصابة في القول والنقل، فلو آثر حديث عائشة على حديث أبي هريرة لأصاب.

وفي الباب أيضًا عن أبي سعيد وأبي الدرداء وعبد اللَّه بن عمر وعلي وعبد اللَّه ابن عمرو بن العاص، ذكرت الجميع مسندا في مستخرجي على مسند الشهاب، وانظر:"إن المؤمن" و"ما من شيء أثقل في الميزان" من الأصل.

953/ 1991 - "إنَّ الرجلَ لَيَطْلُبُ الحَاجَةَ فَيَزْويهَا اللَّهُ تَعالى عَنْهُ لمَا هو خيرٌ لهُ، فَيَتَّهِمُ النَّاسَ ظُلمًا لَهُم فيقولُ: مَنْ سَبَعَني".

(طب) عن ابن عباس

قال الشارح: قال الهيثمي: فيه عبد الغفور أبو الصباح وهو متروك.

فك: له طريق آخر بسياق أوسع مما هنا، قال أبو نعيم في الحلية [3/ 305]: حدثنا محمد بن المظفر ثنا أحمد بن حمير بن يوسف ثنا علي بن معبد ثنا صالح بن بيان ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليشرف على حاجة من حوائج الدنيا فيذكره اللَّه من فوق سبع سموات فيقول: ملائكتي إن عبدي هذا قد أشرف على حاجة من حوائج الدنيا فإن فتحتها له فتحت له بابًا إلى النار ولكن ازووها عنه، فيصبح العبد عاضا على أنامله يقول: مَنْ سَبَعني من دهاني؟ وما هي إلا رحمة رحمه الله بها".

قال أبو نعيم: غريب من حديث شعبة تفرد به صالح.

قلت: وهو متروك أيضًا.

ص: 392

تنبيه: اضطرب الشارح في ضبط كلمة سبعني فقال في الكبير: بالشين المعجمة والباء الموحدة والعين، وزعم أن ذلك بضبط المصنف بخطه، ومعناه: مَنْ تزين بالباطل وعارضني فيما سألته من الأجر مثلًا، وكتب في الصغير: بفتح السين المهملة على ما في بعض الحواشي والموحدة والعين المهملة أي: مَنْ تزين بالباطل وعارضني فيما طلبته. . . إلخ ما قال، فالمعنى لم يتغير عنده واللفظ تغير من الكبير إلى الصغير، وكل ما ذكره باطل، فإن المعنى الذي ذكره مع بعده وعدم ارتباطه بالكلام يقال فيه: تشبع أي ادعى ما ليس له وتظاهر بما لا يملك، وهذا لا يتفق مع شبعني كما هو واضح.

والواقع أن الكلمة بالسين المهملة والياء آخر الحروف أي: مَنْ أضاعني؟

954/ 1996 - "إنَّ الرجل لَيُصَلِّي الصَّلاةَ ولَمَا فَاتَه منْهَا أَفْضَلُ مِنْ أهْله وَمَالِهِ".

(ص) عن طلق بن حبيب

قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسندًا وهو قصور؛ فقد خرجه ابن منيع والديلمي من حديث أبي هريرة باللفظ المزبور.

قلت: هذا كذب صراح فحديث أبي هريرة باللفظ المزبور ولكنه بلفظ: "إن العبد ليصلي الصلاة في آخر وقتها ولم تفته، ولما فاته من أول وقتها خير له من الدنيا وما فيها"، فهذا حقه أن يذكر فيما بعد في حرف "إن" مع العين، والشارح يعلم هذا ولكنه يدلس.

ثم قضية صنيعه أنه لم ير حديث أبي هريرة مخرجًا فيما هو أشهر مما ذكر، وذلك قصور، فإن حديث أبي هريرة خرجه الدارقطني كما ذكره العراقي في المغنى وهو من أهم مصادر الشارح فهو قصور عجيب.

955/ 1997 - "إنَّ الرَّحْمَةَ لا تَنْزِلُ على قَومٍ فيهم قَاطِعُ رَحِم".

(خد) عن ابن أبي أوفى

ص: 393

قال الشارح: بفتحات.

وزاد في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبراني وضعفه المنذري، وقال الهيثمي: فيه أبو داود المحاربي وهو كذاب.

قلت: في هذا غلطتان، الأولى: قوله: أوفى بفتحات، والصواب بسكون الواو كما نبهنا عليه مرارا.

الثانية: نقله عن الهيثمي أنه قال: فيه أبو داود، وما قال الهيثمى ذلك ولكنه قال: أبو آدم وهي كنية الرجل لا أبو داود.

والحديث من ثلاثيات البخاري فإنه قال:

حدثنا عبيد اللَّه بن موسى قال: أخبرنا سليمان أبو آدم قال: سمعت عبد اللَّه ابن أبي أوفى به.

وهو أيضًا من ثلاثيات محمد بن أسلم الطوسي الزاهد فإنه قال:

حدثنا محمد بن عبيد ثنا سليمان بن يزيد المحاربي هو أبو آدم به.

وأسنده الذهبي في التذكرة من طريقه.

والحديث في نقدي موضوع، فإن راويه كذاب، وقد ذكر لوروده سببًا ظاهر البطلان، قال أبو الليث في التنبيه:

حدثنا الحاكم أبو الحسن علي السرمري ثنا أبو محمد عبد اللَّه بن الأحوص ثنا الحسن بن علي بن عفان ثنا هانئ بن سعيد الحنفي عن سليمان بن يزيد عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال: "كنا جلوسًا عشية عرفة عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا يجالسني من أمسى قاطع الرحم إلا قام عنا، فلم يقم أحد إلا رجل كان من أقصى الحلقة، فمكث غير بعيد ثم جاء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: مالك لم يقم أحد من الحلقة غيرك؟ قال: يا نبي اللَّه، سمعت الذي قلت فأتيت خالة لي كانت تصارفني فقالت: ما جاء بك؟ ما هذا من دأبك، فأخبرتها بالذي قلت فاستغفرت لي واستغفرت لها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحسنت

ص: 394

اجلس، ألا إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم".

فهذا سياق ظاهر النكارة، ومع هذا كله فإن سليمان اضطرب فيه فمرة قال: عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، ومرة قال: عن أنس.

قال ابن شاهين في الترغيب:

حدثنا عبيد اللَّه بن أحمد بن ثابت ثنا أبو سعيد الأشج ثنا القاسم بن مالك المزني عن سليمان بن زيد أبي آدم عن أنس بن مالك قال: "سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم".

956/ 2008 - "إنّ السَّعَادةَ كُلَّ السَّعَادَةِ طُولُ العُمْرِ في طاعةِ اللَّه".

(خط) عن المطلب عن أبيه

قال الشارح: "المطلب" هو ابن ربيعة بن الحارث الهاشمي عن أبيه ربيعة وله ولأبيه صحبة: كما في الكاشف وسبقه إلى ذلك ابن الأثير مع الإيضاح فقال: ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:"نعم الرجل ربيعة لو قصر شعره وشمر ثوبه"، وابنه المطلب كان غلامًا على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وقيل: كان رجلا سكن دمشق وقدم مصر، ثم إن فيه ابن لهيعة وفيه ضعف.

قلت: في هذا أوهام، الأول: المطلب هذا ليس هو ابن ربيعة بن الحارث كما يقوله الشارح بل هو غيره، وهو المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب.

والحديث مرسل غير موصول، قال:

أخبرنا محمد بن عمر بن بكير ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البزوري المقرئ حدثنا القاضي جعفر بن محمد الفريابي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن ابن الهاد عن المطلب عن أبيه به.

والدليل على أن المطلب هذا ليس هو ابن ربيعة أمران: أحدهما: أن ابن الهاد لم يدركه أو لم يدرك الرواية عنه لأن المطلب مات سنة إحدى وستين وابن

ص: 395

الهاد مات سنة تسع وثلاثين ومائة، فيجب أن يكون عمَّر نحو المائة حتى يدرك السماع منه.

ثانيهما: أن الحديث وقع فيه إسقاط عند الخطيب [6/ 17]، فقد رواه بقية فقال: حدثنا ابن لهيعة عن ابن الهاد عن المطلب عن أبيه عن ابن عمر، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس:

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه أخبرنا الحسين بن محمد الزنجاني الفلاكي ثنا أبو الحارث علي بن القاسم الخطابي ثنا محمد بن الفضل بن العباس ثنا بقية به.

فبان أن رواية الخطيب مرسلة وأن الحديث لابن عمر لا لربيعة بن الحارث وأن المطلب ليس هو ابن ربيعة.

الثاني: أنه أعل الحديث بابن لهيعة مع أن الخطيب خرجه في ترجمة إبراهيم ابن أحمد البزورى وقال: لم يكن محمودا في الرواية وكان فيه غفلة وتساهل اهـ.

والشارح دائم التعقب للمصنف بعدم ذكر كلام المخرجين الذي ليس هو من شرطه، فما له أغفل هو ذلك وهو من شرطه؟!

الثالث: أن ابن لهيعة برئ منه فقد ورد من غير طريقه، قال القضاعي في مسند الشهاب:

أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي ثنا محمد عبد اللَّه الحافظ ثنا بكر بن أحمد ابن سهل الحداد بمكة ثنا أبو نعم عبد الرحمن بن قريش ثنا إدريس بن موسى الهروي ثنا موسى بن ناصح ثنا ليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر به، دون "إن" في أوله.

وقد ذكره المصنف كذلك فيما سيأتي في حرف السين ولكن الشارح بعيد عن هذا الفن.

ص: 396

957/ 2009 - "إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ وَلَمَنْ ابْتُلِى فَصَبَرَ".

(د) عن المقدام

قال في الكبير: ابن معد يكرب الكندي، وفي نسخة المقداد قال: وأيم اللَّه لقد سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول، وذكره.

قلت: فيه أمور، الأول: الحديث من رواية المقداد بن الأسود، والمقدام تحريف من النساخ.

الثاني: قول الشارح: وفي نسخة المقداد لا يدرى هل يريد نسخة من الجامع الصغير أو نسخة من السنن؛ فإن أراد الأول فكان الواجب التنصيص على أنها خطأ وأن الصواب المقداد بن الأسود لأنه نقل الحديث من أصل السنن ورأى فيها المقداد، وأن أراد نسخة من السنن فهو باطل لأن الحديث في سنن أبي داود [رقم 4263] مصرح فيه بالمقداد بن الأسود، وكذلك هو في كتب الأطراف فلم يبق لذكر النسخة هنا معنى على كلا الاحتمالين.

الثالث: في آخر الحديث لفظة تركها المصنف كأنه رآها مدرجة لكن أوله مكرر وهو من أصل الحديث اتفاقا، ولفظه عن المقداد بن الأسود قال:"أيم اللَّه لقد سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلى فصبر فواهًا".

وأخرجه البزار:

حدثنا محمد بن مسكين ثنا عبد اللَّه بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن المقداد بن الأسود موقوفًا عليه من قوله.

كذلك أسنده من طريقه ابن الدباغ في معالم الإيمان.

958/ 2011 - "إِنَّ السَّلَام اسمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى وُضِعَ في الأَرْضِ فَأفشُوا السَّلَام بَيْنكُمْ".

(خد) عن أنس

ص: 397

قال في الكبير: وفي الباب عن أبي هريرة بلفظ: "إن السلام اسم من أسماء اللَّه تعالى وضعه في الأرض تحية لأهل ديننا وأمانا لأهل ملتنا" رواه الطبراني في الصغير.

قلت: حديث أبي هريرة الذي ذكره الشارح في الباب غير لائق لوجهين:

أحدهما: أنه من رواية عصمة بن محمد الأنصاري عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وعصمة كذاب، وقد تفرد به عن يحيى كما قال الطبراني، بل قال ابن الجوزي: إنه تفرد به مطلقا ولذلك أورده في الموضوعات.

ثانيهما: أنه مع كونه من رواية كذاب فلفظه غير موافق تمامًا لحديث الباب مع أن هناك في الباب ما هو أجود إسنادا وأقرب إلى متن الباب من هذا وهو حديث ابن مسعود، قال الطبراني [10/ 224]:

حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا سفيان بن بشر ثنا أيوب بن جابر عن الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن السلام اسم من أسماء اللَّه وضعه في الأرض فأفشوه فيكم".

وقال ابن حبان في روضة العقلاء:

أنبأنا أحمد بن صالح الطبري ثنا الفضل بن سهل الأعرج ثنا محمد بن جعفر المدائني ثنا ورقاء عن الأعمش به مثله، وزاد:"فإن الرجل المسلم إذا مرَّ بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب".

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي معاوية عن الأعمش به موقوفًا مختصرًا.

ثم وجدت لحديث أبي هريرة طريقا آخر بمثل لفظ حديث الباب، أخرجه المؤمل بن إهاب في جزئه:

ص: 398

حدثني عبد الرزاق أنا بشر بن رافع الحارثي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا: "السلام اسم من أسماء اللَّه وضعه في الأرض فأفشوه بينكم".

959/ 2022 - "إنَّ الشَّيطَانَ ذئْبُ الإنْسَانِ كَذِئب الغَنَم يَأخُذُ الشَّاةَ القَاصيَةَ والنَّاحيَةَ، فإيَّاكم والشِّعَابَ، وعليكم بالجماعة والعامَّة والمسْجدِ".

(حم) عن معاذ

قلت: أخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده، قال:

حدثنا روح بن عبادة ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ثنا العلاء بن زياد عن معاذ به مثله، إلا أنه لم يقل:"والمسجد".

وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي بكر بن خلاد عن الحارث بن أبي أسامة به [2/ 247].

ورواه روح عن شعبة عن قتادة أيضًا، قال السلفي في الوجيز: كتب إلى أبو شجاع عمر بن الحسن البلخي من مكة أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن عبد اللَّه الخليلي ببلخ أنا أبو القاسم علي بن أحمد بن الحسن الخزاعي ثنا الهيثم بن كليب الشاشي ثنا محمد بن عبيد اللَّه المنادى ثنا روح به بمثل اللفظ المذكور هنا وفيه انقطاع لأن العلاء بن زياد لم يسمع من معاذ.

ويزعم المعافري في سراج المريدين أنه حديث باطل، قال: ومعناه حق، والجماعة لا تفارق في الاعتقاد والعمل إذا كانوا على حق اهـ، وليس كما قال، ومعرفته بالحديث ضيقة جدا فهو لا يزال فقيها.

960/ 2030 - "إنَّ الشَّيْطَانَ يأتي أحَدَكُم فيقولُ: مَنْ خَلَقَكَ؟ فَيقولُ: اللَّهُ. فيقول: فَمَنْ خَلَقَ اللَّهُ؟ فإذَا وَجَدَ أحَدُكم ذلك فَلْيَقُلْ: "آمَنْتُ باللَّه ورَسُوله"، فإنَّ ذَلك يَذْهَبُ عَنْهُ".

ص: 399

ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان عن عائشة

قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير وإلا لما أبعد النجعة وهو عجيب، فقد خرجه أحمد وأبو يعلى والبزار، قال الحافظ العراقي: ورجاله ثقات.

قلت: هذا تدليس من الشارح وتلبيس، فلفظ هؤلاء كلهم:"إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول له: من خلقك؟ " الحديث، وهذا غير موضعه كما هو معلوم.

961/ 2031 - "إنَّ الشَّيْطَانَ وَاضعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْب ابْن آدَمَ فَإنْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالى خَنَسَ وإنْ نَسيَ اللَّه الْتَقَمَ قَلْبَهُ".

ابن أبي الدنيا (ع. هب) عن أنس

قال الشارح: قال الهيثمي: فيه عدى بن أبي عمارة وهو ضعيف.

قلت: قد ذكره ابن حبان في الثقات، وإنما تكلم فيه العقيلي بأن في حديثه اضطرابًا كأنه كان يهم.

والحديث أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب قال:

حدثنا أمية بن محمد بن إبراهيم الباهلي ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا عدي بن أبي عمارة الجرمي ثنا زياد النميري عن أنس به.

وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 268]:

حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أحمد بن علي الخزاعي ثنا مسلم بن إبراهيم (ح)

وحدثنا حبيب بن الحسن ثنا يوسف القاضي ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قالا:

حدثنا عدي بن أبي عمارة الذارع به.

ص: 400

962/ 2035 - "إنَّ الشَّيْطَانَ حَسَّاسٌ لَحَّاسٌ فَاحْذَرُوه عَلَى أنْفُسِكُمُ، فَإنَّهُ مَن بَاتَ وَفي يَده ريحُ غَمر فأصَابَه شيءٌ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ".

(ت. ك) عن أبي هريرة

قال الشارح في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرطهما، واغتر به المصنف فلم يرمز لضعفه وما درى أن الذهبي رده عليه ردا شنيعا فقال: بل هو موضوع فإن يعقوب بن الوليد كذيه أحمد والناس اهـ، وقال الذهبي في موضع آخر: يعقوب بن الوليد الأزدي هذا كذاب واتهم فلا يحتج به، قال: لكن رواه البيهقي والبغوي من وجه آخر من حديث زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، وقال البغوي في شرح السنة: حديث حسن وهما كما قال سهيل بن أبي صالح وإن كان قد تكلم فيه لكنه مقارب فهو من هذا الوجه حسن.

قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن المصنف لم يغتر بالحاكم كما زعمه الشارح بل رمز لضعفه، وقد رأى تعقب الذهبي على الحاكم وهو كثير النقل منه، والشارح يعلم ذلك ويتحققه.

ثانيهما: أن قوله: وقال الذهبي في موضع آخر كذب منه أو سبق قلم فإن هذا لم يقله الذهبي، ولكنه كلام الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب [3/ 151] بالحرف.

963/ 2036 - "إنَّ الشَّيطَانَ يَجْرِي من ابْن آدَمَ مَجْرَى الدَّم".

(حم. ق. د) عن أنس (ق. د. هـ) عن صفية

قلت: حديث أنس لم يخرجه البخاري إنما خرجه مسلم [في: الدم (24)].

وخرجه الطحاوي في مشكل الآثار [1/ 29].

ص: 401

وحديث صفية خرجه أيضًا أحمد [3/ 156] والطحاوي في المشكل [1/ 29]

وفي الباب عن جابر وابن مسعود، فحديث جابر رواه أحمد [رقم 1956].

والدارمي [2/ 320]، والترمذي [رقم 1172] والطحاوي [1/ 29].

وحديث ابن مسعود رواه أبو نعيم في الحلية [9/ 92]، وقد ذكرتها مسندة في المستخرج على مسند الشهاب.

964/ 2041 - "إنَّ الصَّبْرَ عنْدَ الصَّدْمَة الأولَى". (حم. ق. 4) عن أنس

قال في الكبير: وكلام المصنف صريح في أن الجماعة كلهم رووه، ورأيت الصدر المناوي استثنى منهم ابن ماجه.

قلت: إن كان الصدر المناوي استثنى منهم ابن ماجه كما يقوله الشارح فلعله لأمر لم يفهمه الشارح وإلا فالحديث خرجه ابن ماجه فقال [رقم 1596]: حدثنا محمد بن رمح أنبأنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس به.

وهذا الطريق غير الطريق الذي خرج الحديث منه بقية الستة، فإنهم أخرجوه من طريق شعبة عن ثابت عن أنس، فلهذا استثنى الصدر المناوي ابن ماجه، فكأنه ذكر إسناده فقال: روى الجماعة إلا ابن ماجه من طريق شعبة. . . إلخ فلم يفهم الشارح مقصوده لبعده عن صناعة الحديث ودرايته.

965/ 2043 - "إنَّ الصُّدَاعَ والمَليلَةَ لا يَزَالان بالمُؤْمِنِ وَإنَّ ذُنُوبَهُ مثْلَ أحُد فَمَا يَدَعَانه وَعَلَيه منْ ذُنُوبه مثْقَالُ حَبَّة منْ الخَرْدَل".

(حم. طب) عن أبي الدرداء

قال في الكبير: قال المنذري: فيه ابن لهيعة وسهل بن معاذ، وقال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وهو ضعيف.

ص: 402

قلت: ورد الحديث من غير طريقهما لكن وقع فيه اضطراب، قال أحمد [5/ 198]:

حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن معاذ بن سهل ابن أنس الجهني عن أبيه عن جده أنه دخل على أبي الدرداء فقال: بالصحة لا بالمرض، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول، وذكره.

قال في تعجيل المنفعة: كذا وقع في بعض النسخ، وفي بعضها سهل بن معاذ ابن أنس الجهني وهو الصواب، قال الحافظ: سهل بن معاذ مترجم في التهذيب، ولو كان لمعاذ بن سهل أصل لكانت لسهل بن أنس ترجمة وليس كذلك، انتهى.

قلت: لكن معاذ بن سهل إن كان وهما فليس هو من بعض نسخ المسند كما يفيده كلام الحسنى بل هو اضطراب من يزيد بن أبي حبيب فقد وجدت الحديث كذلك في الترغيب لابن شاهين، قال:

حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوي ثنا أحمد بن إبراهيم العبدي ثنا سعيد بن شرحبيل الكندي ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن معاذ بن سهل بن أنس عن أبيه عن جده مثله.

ويحتمل أن يكون الاضطراب من ابن لهيعة، فقد رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من طريقه عن يزيد بن أبي حبيب فقال: عن معاذ بن عبد اللَّه الجهني عن أبيه عن جده مثله.

قال الحارث: ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة به.

ورواه سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن يزيد بن أبي حبيب فقال: عن سهل ابن معاذ بن أنس الجهني قال: دخلت على أيي الدرداء فذكره دون ذكر أبيه وجده، أخرجه ابن فيل في جزئه قال:

حدثنا أبي رحمه الله ثنا إبراهيم بن هشام الغساني ثنا سعيد بن عبد العزيز

ص: 403

التنوخي به.

966/ 2051 - "إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحلُّ لَنَا، وإنَّ مَوْلَى القَوم مِنْهُم".

(ت. ن. ك) عن أبي رافع

قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد أعلى من الثلاثة وهو عجيب فقد رواه الإمام أحمد وكأنه ذهل عنه.

قلت: نعم لكنك لم تذهل عن سخافتك، فلفظ الحديث عند أحمد [6/ 8]:"يا أبا رافع إن الصدقة حرام على محمد وعلى آل محمد إن مولى القوم من أنفسهم" وهذا على اصطلاح المؤلف موضعه حرف الباء.

967/ 2053 - "إنَّ الصَّفَا الزّلَالَ الذي لا يَثْبُتُ عَليه أقْدَامُ العُلَمَاء الطَّمَعُ".

ابن المبارك وابن قانع عن سهيل بن حسان مرسلا

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا وإلا لما عدل لرواية إرْسَالُه، ورواه ابن عدي والديلمي موصولا من حديث أسامة بن زيد وابن عباس وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.

قلت: الموصول من حديث أسامة بن زيد لا يصح إيراده لأمرين أحدهما: أنه من رواية محمد بن مسلمة عن خارجة بن مصعب عن أبي معن عن أسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة وخارجة واهيان ومن أجلهما أورده ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 234].

ثانيهما: أن الحديث ليس بموصول وأن أسامة بن زيد المذكور ليس هو الصحابي، وإن لم يتفطن لهذا ابن الجوزي ولا المصنف لأن أبا معن لم يدرك أسامة بن زيد بل ولد بعده بزمن طويل ولم يرو عن أحد من الصحابة مطلقا وإنما الإسناد انقلب على راويه أو قصد ذلك بعض الضعفاء المذكورين في الإسناد، والواقع أن أسامة بن زيد هذا هو راوي الحديث عن ابن معن لا

ص: 404

شيخه فيه كما بين ذلك ابن قتيبة في عيون الأخبار فقال:

حدثني شيخ لنا عن وكيع عن سفيان عن أسامة بن زيد عن أبي معن الإسكندراني به، وأسامة بن زيد معروف بالرواية عن أبي معن كما هو مذكور في ترجمة أبي معن من كتب الرجال، فاتضح أن الحديث غير موصول من جهة وساقط الإسناد من أخرى.

وأما حديث ابن عباس ففيه محمد بن زياد وهو كذاب وضاع، فلعله سرقه من أبي معن وركب له الإسناد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس، وفيه أيضًا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي وهو كذاب، فلم يبق نظيفًا يصلح للإيراد إلا مرسل سهيل بن حسان، فإن ابن المبارك قال في باب ذم الدنيا من الزهد له: أخبرنا أبو معن ثنا سهيل بن حسان الكلبي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال، وذكره، وهو مرسل جيد الإسناد.

968/ 2064 - "إنَّ العَبْدَ لَيُذْنبُ الذَّنْبَ فَيَدْخُلُ به الجنَّةَ، يَكُونُ نُصْبَ عَيْنَيْه تائبًا فَارًّا حَتَّى يَدخلَ به الجنَّةَ".

ابن المبارك عن الحسن مرسلا

قال الشارح: ولأبي نعيم نحوه.

قلت: يريد حديث ابن عمر مرفوعًا: "إن اللَّه لينفع العبد بالذنب يذنبه" وقد سبق.

أما حديث الباب فقال ابن المبارك في باب الخوف من الذنوب:

أخبرنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة، قيل: وكيف يكون؟ قال: يكون نصب عينيه تائبًا فارا حتى يدخل الجنة".

ورواه أحمد آخر الزهد له [ص: 474]:

ثنا حسين بن محمد ثنا المبارك عن الحسن به مثله.

ص: 405

969/ 2065 - "إنَّ العَبْدَ إذَا كَانَ هَمُّهُ الآخرةَ كَفَّ اللَّهُ تَعالى عليه ضَيْعَتَه، وجَعَلَ غنَاهُ في قَلْبه، فَلا يُصْبحُ إلا غَنيًّا، ولا يُمْسِي إلا غَنِيًّا، وإذَا كانَ هَمُّه الدنيا أَفْشَى اللَّه تعالى ضَيْعَتَه، وجَعَلَ فَقْرَهُ بين عَيْنَيْه، فَلا يُمسي إلا فَقيرًا، ولا يُصْبحُ إلا فَقيرًا".

(حم) في الزهد عن الحسن مرسلا

قلت: قال أحمد في الزهد:

ثنا روح ثنا عوف عن الحسن به.

ورواه أبو نعيم في الحلية [1/ 72] عنه مطولا بسياق آخر يأتي إن شاء اللَّه في حديث: "من زهد في الدنيا".

970/ 2073 - "إنَّ العبدَ آخذٌ عن اللَّه تعالى أدَبًا حَسنًا، إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عليه وَسَّعَ، وَإذَا أمْسَكَ عليه أمْسَكَ".

(حل) عن ابن عمر

قلت: قال أبو نعيم [6/ 315]:

حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم في كتابه وحدثني عنه منصور بن أحمد ابن ممية ثنا جعفر بن كزال ثنا إبراهيم بن بشير المكي ثنا معاوية بن عبد الكريم عن أبي حمزة عن ابن عمر به، ثم قال: غريب من حديث معاوية مسندا متصلا مرفوعًا وإنما يحفظ هذا من قبل الحسن مستشهدا بقول تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ. . .} الآية.

قلت: أخرجه أبو الشيخ في كتاب النوادر والنتف له وهو في عشرة أجزاء، فقال في الجزء الأول منه:

حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا سعد بن براز عن الحسن قال: "المؤمن أخذ عن اللَّه أدبا حسنًا. . ." فذكره.

ص: 406

وأخرجه الحاكم في علوم الحديث في نوع المعضل، فقال:

والنوع الثاني من المعضل أن يعضله الرواي من أتباع التابعين فلا يرويه عن أحد ويوقفه فلا يذكره عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم يوجد ذلك الكلام عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متصلًا، مثاله ما حدثناه إسماعيل بن أحمد الجرجاني أنا محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ثنا عثمان بن محمد الدعلجي ثنا خليد بن دعلج قال: سمعت الحسن يقول: "أخذ المؤمن عن اللَّه أدبا حسنا. . ." فذكره، ثم قال الحاكم:

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه الشافعي ثنا جعفر بن محمد بن كزال بسنده السابق عند أبي نعيم مرفوعًا.

وأخرجه كذلك مرفوعًا البندهي في شرح المقامات قال:

أخبرنا أبو الفتح نصر بن سيار بن صاعد الكناني بقراءتي عليه وأبو عبد المعز ابن عبد الواسع بن عبد الهادي الأنصاري في كتابه وآخرون قالوا: أنا أبو سهل نجيب بن ميمون بن سهل الواسطي أنا أبو علي منصور بن عبد اللَّه بن خالد ثنا أبو بكر محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني ثنا جعفر بن محمد بن كزال به، ولفظه:"إن المؤمن أخذ عن اللَّه أدبا حسنا فإذا وسع عليه وسع على نفسه وإذا أمسك عنه أمسك".

وأخرجه علي بن عبد العزيز بن مردك في فوائده قال:

حدثنا علي بن محمد بن عبيد الحافظ ثنا جعفر بن محمد البزار ثنا إبراهيم بن بشير المكي به مثله، ثم قال: تفرد به إبراهيم بن بشير وهو مجهول، والحديث غير محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

971/ 2080 - "إنَّ الغَضَب منَ الشيطَان وإنَّ الشَّيْطَان خُلِقَ منَ النَّار وإنمَا تُطْفأ النَّار بالماء، فَإذَا غَضِبَ أحدُكُم فَلْيَتَوضأ".

(حم. د) عن عطية العوفي

ص: 407

قال الشارح: وسكت عليه أبو داود فهو صالح.

قلت: لا ليس بصالح فإنه من رواية أبي وائل القاص، وقد قال ابن حبان: إنه يروي العجائب التي لا شك [أنها] معمولة لا يجوز الاحتجاج به، وللحديث طريق آخر من حديث معاوية سيأتي في حرف الغين فانظر الكلام عليهما معًا هناك.

971 -

مكرر/2081 - "إنَّ الفتْنَة تَجيءُ فَتَنْسفُ العبَادَ نَسْفًا، وَلَيَنْجُو العَالِمُ مِنْهَا بِعِلْمِهِ".

(حل) عن أبي هريرة

قلت: أخرجه أيضًا ابن منده في مسند إبراهيم بن أدهم والقضاعي في مسند الشهاب، راجع إسنادهما في مستخرجنا عليه.

972/ 2084 - "إنَّ القَاضِي العَدْلَ لَيُجَاءُ بِهِ يومَ القيامةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّة الحِسابِ مَا يَتَمَنَّى ألا يَكُونَ قَضَى بين اثنين في تَمْرَة".

(قط) والشيرازي في الألقاب عن عائشة

قال في الكبير: قال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه عمران بن حطان، قال العقيلي: لا يتابع على حديث.

قلت: عمران بن حطان خارجي خبيث لعين، ومع ذلك فهو ثقة في الرواية ولذلك احتج به البخاري في صحيحه، وقد انتقد الذهبي في الميزان [3/ 253/ 6277] ذكر العقيلي هذا الحديث في ترجمته [2/ 204] فقال: قال العقيلي: لا يتابع على حديثه وكان خارجيا، روى موسى بن إسماعيل عن عمرو بن العلاء ولقبه حريز: حدثنا صالح بن سرج عن عمران بن حطان عن عائشة في "حساب القاضي العادل"، قال الذهبي: كان الأولى أن يلحق الضعف في هذا الحديث بصالح أو بمن بعده، فإن عمران صدوق في نفسه، ثم

ص: 408

ذكر توثيقه عن جماعة، وابن الجوزي إن كان أعلَّ الحديث بعمران فهو تابع للعقيلي في الضعفاء لأن ابن الجوزي لا تحقيق معه بل ولا علم ولا فهم، وإنما هو رجل يرى في الكتب فينقل ويسود الورق فلا يغتر به.

973/ 2085 - "إنَّ القَبْرَ أوَّلُ مَنَازل الآخرَة، فَإنْ نَجَا منه فَمَا بَعْدَه أيْسَرُ منْهُ، وإنْ لَمْ يَنْجُ منه فَمَا بَعده أشدُّ منه".

(ت. هـ. ك) عن عثمان بن عفان

قال الشارح في الكبير: صححه الحاكم فاعترضه الذهبي بأن ابن بجير ليس بعمدة ومنهم من يقويه، وهانئ روى عنه جمع لكن لا ذكر له في الكتب الستة.

قلت: هذا وهم من الذهبي فإن هانئا روى له الترمذي وابن ماجه، وهذا الحديث عندهما من طريقه، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: لا بأس به.

والحديث أخرجه أيضًا أحمد في مسنده [1/ 63]، والقضاعي في مسند الشهاب، والخطيب في التاريخ.

974/ 2086 - "إنَّ القلوبَ بين أصْبعَيْن منْ أصَابع اللَّه يُقَلِّبُها".

(حم. ت. ك) عن أنس

قلت: في الباب عن جماعة منهم: أم سلمة والنواس بن سمعان وأبي ذر، فحديث أم سلمة خرجه ابن خزيمة في التوحيد، والربعى السدار في جزئه، وأبو نعيم في الحلية، وحديث النواس وأبي ذر خرجهما ابن خزيمة، وسيأتي حديث النواس للمؤلف.

975/ 2087 - "إنَّ الكافرَ لَيُسْحَبُ لِسانُهُ يومَ القيامة وواءَه الفَرْسخَ والفَرْسَخَيْن يَتَوطؤُه الناسُ".

(حم. ت) عن ابن عمر

ص: 409

قال في الكبير: قال (ت): غريب، وقال في المنار: ولم يبين لم لا يصح؛ وذلك لأنه من رواية الفضل بن يزيد وهو ثقة عن أبي المخارق عن ابن عمر، وأبو المخارق هو معن العبدي وهو ضعيف اهـ. وقال العراقي: سنده ضعيف؛ إذ أبو المخارق لا يعرف، وقال ابن حجر في الفتح: سنده ضعيف.

قلت: أبو المخارق إنما وقع في سند الترمذي [رقم: 2580]، وهو تحريف من المحاربي، والصواب: أبو العجلان المحاربي، قال أحمد [1/ 92]:

حدثنا أبو النضر ثنا أبو عقيل -يعني: عبد اللَّه بن عقيل- عن الفضل بن يزيد الثمالي حدثني أبو العجلان المحاربي سمعت ابن عمر به.

وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 129]:

حدثنا الحسين بن محمد بن علي ثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم بن عبد الرحيم بن أسد ثنا علي بن محمد بن سعيد ثنا منجاب بن الحارث ثنا علي بن مسهر عن الفضل بن يزيد الثمالي عن أبي العجلان المحاربي به.

وأبو العجلان ثقة، وأبو المخارق إنما تحرف من المحاربي كما قدمناه فكأنه سقط لفظ العجلان وبقى أبو المحاربي، فقرئ: أبو المخارق فلم يعرف، وقد ادعى أبو أحمد الحاكم أن أبا المخارق هذا اسمه مقراء العبدي وعليه اعتمد صاحب المنار لكنه لم يقل أحد عنه: إنه ضعيف، بل قال الترمذي: إنه ليس بالمعروف، والذي أجزم به أنه أبو العجلان.

976/ 2092 - "إنَّ الَّذي يَأكُلُ أوْ يَشْرَبُ في آنيَة الفِضَّة والذَّهَب إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنه نَارَ جَهَنَّمَ".

(م. هـ) عن أم سلمة

زاد (طب): "إلا أن يتوب".

قلت: زاد الحاكم فيه لفظة أخرى من حديث ابن عمر فقال في كتاب علوم

ص: 410

الحديث في النوع الحادي والثلاثين [ص: 131] في معرفة زيادات ألفاظ فقهية في أحاديث ينفرد بالزيادة فيها راو واحد، فذكر أمثلة لذلك وقال:

ومنه ما أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بن الحسن الطوسي بنيسابور وأبو محمد عبد اللَّه بن محمد الخزاعي بمكة قالا: حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة ثنا يحيى ابن محمد الجاري ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد اللَّه بن مطيع عن أبيه عن جده عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من شرب في إناء ذهب أو فضة أو في إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم"، قال الحاكم: هذا حديث روى عن أم سلمة وهو مخرج في الصحيح.

وكذلك روى من غير وجه عن ابن عمر واللفظة: "أو إناء فيه شيء من ذلك" لم نكتبها إلا بهذا الإسناد.

977/ 2097 - "إنَّ المَاءَ لا يُجنِبُ".

(د. ت. هـ. حب. ك. هق) عن ابن عباس

قال في الكبير: قال الترمذي: حسن صحيح وصححه النووي في شرح أبي داود، وظاهر اقتصار المصنف على عزوه لهؤلاء أنه لم يره مخرجا [لغيرهم] وهو عجيب، فقد خرجه أحمد والنسائي وابن خزيمة، وصححه الدارمي وغيرهم كلهم عن الحبر.

قلت: [في هذا أمور]، أول ذلك: أنه لم يخرجه أحد ممن ذكرهم الشارح باللفظ المذكور هنا أصلا، فالنسائي خرجه [1/ 173] بلفظ:"إن الماء لا ينجسه شيء"، وكذلك أحمد [1/ 235] في عدة روايات إلا في رواية واحدة قال فيها [1/ 337]:"إن الماء ليست عليه جنابة"، ولفظ الدارمي [رقم: 734]: "إنه ليس على الماء جنابة" وهذه ألفاظ كلها لا تدخل مع هذا اللفظ على اصطلاح المصنف.

ص: 411

الثاني: ما قال أحد من أهل العلم أنه يجب الاستقصاء في العزو والإحاطة بجميع المخرجين، ولا هو داخل في مقدور البشر.

الثالث: أنه إذا استدرك على المصنف هؤلاء المذكورين كان حقه أن يستقصى ولا يقتصر على قوله: وغيرهم، وإلا فقد أتى بمثل ما تعجب منه من المصنف.

الرابع: قوله في الصغير: إن هؤلاء المخرجين رووه بأسانيد صحيحة كذب منه، وقول بلا تحقيق ولا اطلاع على الواقع، فإن الحديث ليس له عند جميع المذكورين إلا سند واحد من رواية سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس.

الخامس: قوله: وصححه النووي في شرح أبي داود كذب أيضًا، فإن النووي ما شرح أبا داود أصلا.

978/ 2098 - "إنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْن الخُلُقِ دَرَجَةَ القَائِم الصَّائِم".

(د. حب) عن عائشة

قال في الكبير: ورواه عنها أيضًا البغوي في شرح السنة وغيره، وعزاه المنذري إلى أبي الشيخ عن علي وضعفه.

قلت: ما عزاه المنذري إلى أبي الشيخ ولا ضعفه لا عن علي ولا عن غيره، فاسمع ما ذكره المنذري [3/ 404] بتمامه:

وعنها إلى عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم"، رواه أبو داود [رقم 1798] وابن حبان في صحيحه [رقم 1927] والحاكم [1/ 60] وقال: صحيح على شرطهما ولفظه: "إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل وصائم النهار".

ورواه الطبراني [8/ 198] من حديث أبي أمامة إلا أنه قال: "إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم الليل الظامئ بالهواجر".

ص: 412

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه ليبلغ العبد بحسن خلقه درجة الصوم والصلاة" رواه الطبراني في الأوسط وقال: صحيح على شرط مسلم.

ورواه أبو يعلى [8/ 25] من حديث أنس وزاد في أوله: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا".

وعن أنس رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل، وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم"، رواه الطبراني [1/ 233] ورواته ثقات سوى شيخه المقدام بن داود وقد وثق.

وعن عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات اللَّه بحسن خلقه وكرم ضريبته" رواه أحمد [2/ 77] والطبراني في الكبير، ورواة أحمد ثقات إلا ابن لهيعة، الضَّرِيْبَةُ: الطبيعة وزنا ومعنى.

هذا كل ما ذكره الحافظ المنذري من طرق هذا الحديث ومتونه، فلعل الشارح رآه ذكر حديث عليٍّ عليه السلام وعزاه لأبي الشيخ وضعفه في رؤيا منامية.

ثم إن الشارح عزا حديث عائشة للبغوي في شرح السنة [13/ 81 - 82] مع أنه عند البغوي في التفسير وهو أشهر وأكثر تداولا من شرح السنة، فعلى سخافته المعهودة مع المصنف يقال: وقضية صنيع الشارح أنه لم يره للبغوي في كتاب أشهر من شرح السنة وهو عجيب، فقد أخرجه في التفسير عند قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فقال:

أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه الصالحي أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ثنا أبو العباس الأصم ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحاكم أنا أبي وشعيب قالا: ثنا الليث عن ابن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو بن عبد المطلب بن عبد اللَّه

ص: 413

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار".

979/ 2101 - "إنَّ المؤمنَ يُنْضِي شَيْطَانَه كَمَا يُنْضِي أحَدُكُمْ بَعِيْرَه في السَّفَر".

(حم) والحكيم وابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن أبي هريرة

قال في الكبير: قال الهيثمي تبعا لشيخه العراقي: فيه ابن لهيعة، وأقول: فيه أيضًا سعيد بن شرحبيل أورده الذهبي في الضعفاء وعده من المجاهيل، وفي الميزان: قال أبو حاتم: مجهول، وموسى بن وردان ضعفه ابن معين ووثقه أبو داود.

قلت: لو كان للشارح تدبر لاكتفى بما ذكره الحافظان العراقي [3/ 29]، والهيثمي [1/ 116] ولكنه ظن أنه أعرف منهما أو فاتهما ما لم يفته فأتى بما يضحك على عادته وهو أمور، الأول: أن الحديث ليس في سنده سعيد بن شرحبيل، قال أحمد في مسنده [2/ 380]:

حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة به.

وقال ابن أبي الدنيا:

حدثني محمد بن الحسين حدثني مجاعة بن ثابت ويحيى بن إسحاق قالا: حدثنا ابن لهيعة به.

الثاني: لو فرضنا أن الحكيم رواه من طريق سعيد بن شرحبيل عن ابن لهيعة فهو في سند الحكيم وحده لا في سند الجميع.

الثالث: أنه قد تابعه عليه قتيبة بن سعيد ومجاعة بن ثابت ويحيى بن إسحاق.

الرابع: أن سعيد بن شرحبيل هنا ليس هو المجهول بل هو ثقة معروف من

ص: 414

رجال الصحيح وهو سعيد بن شرحبيل الكندي العقيقي الكوفي، روى عن الليث وابن لهيعة وجماعة، وعنه البخاري في الصحيح، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب والقاسم بن زكريا وأحمد بن إبراهيم الدورقي والحارث بن أبي أسامة وعباس الدوري وآخرون، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه الكوفيون، وقال الدارقطني: لا بأس يه.

وأما سعيد بن شرحبيل الذي قال عنه الذهبي [2/ 145/ 3211] مجهول، فلم تعرف له رواية إلا عن زيد بن أبي أوفى.

الخامس: قوله: وفي الميزان: قال أبو حاتم: مجهول، ليس ذلك في الميزان ولكنه في اللسان [3/ 34]، أما الميزان ففيه: سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى، وسعيد بن أبي صخر أبو أحمد الدارمي عن حماد بن سلمة، وسعيد ابن عبد اللَّه الجهني عن محمد بن عمر بن علي شيخ لابن وهب قواه ابن حبان وسعيد بن عبد اللَّه عن الحسن وسعيد بن عبد اللَّه عن فلان عن علي هؤلاء مجهلون اهـ.

السادس: ليس كل من تكلم فيه وأورد في كتب الضعفاء يعلل به الحديث فإن ذلك لا يفعله إلا جاهل بعيد عن الفن، فإن أكثر رجال الصحيح بل كلهم متكلم فيهم، وحتى مالك والثوري وابن عيينة، ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما؟ ولكن العبرة بالجرح المقبول المؤثر، ولذلك لم يعلل الحافظان العراقي [3/ 29]، والهيثمي [1/ 116] الحديث بموسى بن وردان مع أنهما رأياه في سند الحديث واقتصرا على ذكر ابن لهيعة.

السابع: موسى بن وردان لم يوثقه أبو داود وحده بل نفس يحيى بن معين اختلف قوله فيه، فقال الدوري عنه: كان يقص بمصر وهو صالح، وقال عثمان الدارمي عنه: ليس بالقوي، وقال ابن أبي خيثمة عنه: كان قاصا بمصر ضعيف الحديث، وقال العجلي: مصري تابعي ثقة، وقال أحمد:

ص: 415

لا أعلم إلا خيرا، وقال أبو حاتم: ليس به بأس، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وكذلك قال الدارقطني، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال البزار: مدني صالح أي أصله مدني كما قال أبو داود، ثم انتقل إلى مصر.

980/ 2106 - "إنَّ المُتَحَابِّينَ في اللَّهِ في ظِلِّ العَرْشِ".

(طب) عن معاذ

قال في الكبير: ورواه الحاكم أيضًا وقال: على شرطهما، وقال العراقي: هو عند الترمذي عن معاذ بلفظ آخر.

قلت: ظاهر صنيع الشارح في استدراكه على المصنف وجود الحديث في مستدرك الحاكم أنه لم يره مخرجًا لغيره وهو قصور، فقد خرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة أبي مسلم الخولاني [5/ 206]، وابن فيل في جزئه المشهور:

ثنا الحسين بن الحسن المروزي ثنا عبد اللَّه بن المبارك أنا عبد الحميد بن بهرام ثنا شهر بن حوشب حدثني عائذ اللَّه بن عبد اللَّه وهو أبو إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل به.

وأخرجه أيضًا من وجه آخر مطولا فقال: صالح بن زياد المقرئ ويوسف بن سعيد المصيصي قالا: حدثنا الأوزاعي عن يونس بن ميسرة بن جلس عن أبي إدريس الخولاني به مطولا.

981/ 2108 - "إنَّ المجالِسَ ثَلاثَةٌ: سَالمٌ وَغَانِمٌ وشَاجِبٌ".

(حم. ع. حب) عن أبي سعيد

قال (ش) في الكبير: شاجب بمعجمة "وجيم" أي: هالك، يقال: شجب يشجب إذا هلك.

ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه، بل تتمته كما في الميزان واللسان وغيرهما: "فالغانم: الذاكر، والسالم: الساكت،

ص: 416

والشاجب: الذي يشغب بين الناس" اهـ.

وقال في الصغير: شاجب "بشين" معجمة "وحاء" مهملة أي: هالك، قال: ثم زاد في رواية: "فالغانم: الذاكر، والسالم: الساكت، والشاجب: الذي يشغب بين الناس".

قلت: تأمل هذه العجائب، الأولى: أنه قال في الكبير: شاجب بشين معجمة وجيم، وهذا هو الصواب، ثم بعد ذلك لم يرض بهذا الصواب فرجع عنه إلى الخطإ، فقال في الصغير: بشين معجمة وحاء مهملة، وهذا خطأ صراح.

الثانية: قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه، وعارض هذا في الصغير فقال: ثم زاد في رواية، فبرهن على أن الرواية التي ذكرها المصنف هي كذلك ليس فيها زيادة، وهذا هو الواقع كما سأذكره.

الثالثة: هذه التتمة التي زعم في الكبير أنها بقية الحديث هي من حديث أنس ابن مالك من رواية كذاب وضاع قد يكون سرق الحديث الأصلي وزادها فيه كالتفسير من عنده، وكذلك هو مذكور في الميزان الذي نقله منه، ومع ذلك فإنه ادعى أنه من حديث أبي سعيد الذي ذكره المصنف.

الرابعة: قال: كما في الميزان واللسان، وهو كاذب على اللسان؛ لأن الحديث مذكور في ترجمة العلاء بن زيد، وله ترجمة في التهذيب، وكل ماله ترجمة في التهذيب لا يذكره الحافظ في اللسان.

الخامسة: قال: كما في الميزان وسكت عن الترجمة المذكور فيها الحديث، بل وأضرب صفحا عن تعليله وذكر من أعل به حتى لا تراجع تلك الترجمة فيظهر تدليسه ويفتضح كذبه وتلبيسه.

السادسة: قال: كما في الميزان واللسان وغيرهما، وقد عرفنا أنه كذب على اللسان فلا ندري ما هو الغير الذي كذب عليه أيضًا، فكأنه يكيل الكلام جزافا

ص: 417

دون حساب ولا عد وهذا من الجنون والخيانة.

وبعد فحديث أبي سعيد هو كما ذكره المصنف لا زيادة فيه، قال أحمد في مسنده [5/ 328]:

حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن المجالس ثلاثة: سالم، وغانم، وشاجب".

والحديث الذي فيه الزيادة هو حديث آخر مروي عن أنس، أخرجه ابن حبان في الضعفاء فقال [2/ 181]:

حدثنا محمد بن زهير أبو يعلى بالأبلة ثنا عمر بن يحيى الأبلي ثنا العلاء بن زيدك عن أنس بن مالك مرفوعًا: "المجالس ثلاثة: غانم، وسالم، وشاجب، فأما الغانم فالذاكر، وأما السالم فالساكت، وأما الشاجب فالذي يشغب بين الناس" خرجه في ترجمة العلاء من نسخة له رواها بهذا الإسناد وقال: كلها موضوعة ومقلوبة، وتبعه الذهبي فذكر الحديث في ترجمته أيضًا من الميزان [3/ 99 - 100/ 5730] بعد أن نقل عن ابن المديني أنه قال: كان يضع الحديث، وعن أبي حاتم والدارقطني: متروك، وعن البخاري: منكر الحديث.

982/ 2120 - "إنَّ المعونَةَ تَأتِي مِنَ اللَّه للعَبْد عَلَى قَدْرِ المَؤُنَةِ، وإنَّ الصَّبْرَ يَأتِي من اللَّه عَلَى قَدْر المصيبَة".

الحكيم والبزار والحاكم في الكنى (هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه طارق بن عمار، قال البخاري: لا يتابع على حديثه وبقية رجاله ثقات.

قلت: ورد من غير طريقه، قال ابن فيل في جزئه:

حدثنا يحيى بن عثمان الحمصي ثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن

ص: 418

عبد اللَّه بن ذكوان عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به مثله، لكن ذكر ابن أبي حاتم في العلل [رقم 1892] أنه سأل أباه وأبا زرعة عنه فقال أبو حاتم: كنت معجبا بهذا الحديث حتى ظهرت لي عورته فإذا هو معاوية عن عباد بن كثير عن أبي الزناد.

وقال أبو زرعة: الصحيح ما رواه الدراوردي عن عباد بن كثير عن أبي الزناد، فبين معاوية وأبي الزناد عماد بن كثير وليس بالقوي.

قلت: ورواه من طريق عباد جماعة، قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده:

ثنا عبد الرحيم بن واقد ثنا وهب بن وهب ثنا عباد بن كثير عن أبي الزناد به.

وقال الحسن بن سفيان في مسنده:

ثنا يزيد بن صالح ثنا خارجة عن عباد بن كثير به، لكنه قال: عن أبي الزناد عن أبي صالح بدل الأعرج.

وقال ابن شاهين في الترغيب:

حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوي ثنا عمار بن نصير أبو ياسر حدثني بقية حدثني معاوية ثنى أبو بكر العتبي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.

أبو بكر هذا أظنه عباد بن كثير دلسه بقية.

983/ 2124 - "إنَّ المَلائكَةَ لَتُصَافِحُ رُكَّابَ الحُجَّاجِ وَتَعْتَنِقُ المُشَاةَ".

(هب) عن عائشة

قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله: هذا إسناد فيه ضعف فحذفه لذلك من سوء التصرف، وسبب ضعفه أن فيه محمد بن يونس؛ فإن كان الجمال فهو يسرق الحديث كما قال ابن عدي، وإن كان الحارثي فمتروك الحديث كما قال الأزدي، وإن كان القرشي فوضاع كذاب كما قال ابن حبان.

ص: 419

قلت: سبق التنبيه على هذا مرارا، وإن المصنف يرمز للحديث بالضعف عوضا عن النصوص والكلام كما فعل في رموز المخرجين، ولو كان للشارح إنصاف لعلم أن سكوت المصنف خير من كلامه فقوله هنا: فيه محمد بن يونس فإن كان الجمال. . . إلخ فرجل لا يميز بين الرجال ولا يعرف الفرق بين طبقاتهم إلى هذا الحد المزري ينبغي له السكوت سترًا لنفسه، فمحمد بن يونس الحارثي الراوي عن قتادة التابعي المتوفي سنة سبع عشرة ومائة كيف يشتبه بمحمد بن يونس القرشي المولود سنة ثلاث وثمانين ومائة وبمحمد بن يونس الجمال الراوي عن سفيان بن عيينة المتوفي سنة ثمان وتسعين ومائة؟! ثم محمد ابن يونس القرشي غير مشهور بهذه النسبة ولا معروف بها وإنما هو مشهور بالكديمي وإنما يذكر القرشي في كتب الرجال لتمام التعريف به، ثم هو من مشاهير الوضاعين الذين يستغرب جدًا عزو نسبتهم إلى الوضع والكذب إلى ابن حبان وحده.

984/ 2129 - "إِنَّ الملائِكَةَ لا تَزَالُ تُصَلِّي عَلَى أحَدِكُمْ مَا دَامَتْ مَائِدَتُهُ مَوضُوعةً".

الحكيم عن عائشة

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبراني في الأوسط باللفظ المذكور عن عائشة، فاقتصار المؤلف على الحكيم غير مرضي.

قلت: أما عزو الحديث لكتاب وقف العالم عليه فيه فلا شيء فيه ولا يكلف اللَّه نفسًا إلا وسعها، ومن جعل الطبراني أولى بالعزو من الحكيم والحكيم أسبق وأقدم من الطبراني، والكل يخرج الصحيح والحسن والضعيف والواهي والموضوع، ولو أردنا أن نسخف سخافة الشارح لقلنا: واقتصاره هو أيضًا على الاستدراك بالطبراني في الأوسط الذي يجد العزو إليه وإلى كثير من الكتب في أبواب مرتبة في كتاب مجمع الزوائد [5/ 24] غير مرضي ولا مقبول، فإن الطبراني لم يخرج الحديث في الأوسط فقط بل خرجه أيضًا في

ص: 420

مكارم الأخلاق [رقم 160] فقال:

حدثنا حفص ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ثنا مندل بن علي عن عبد اللَّه بن سيار مولى عائشة بنت طلحة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال الملائكة تصلي على الرجل ما دامت مائدته موضوعة".

وأخرجه أيضًا أبو نعيم في الأربعين له قال:

حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الرحمن بن مسلم الرازي ثنا الحسن بن الزبرقان الكوفي ثنا مندل بن علي به.

وأخرجه أيضًا أبو نعيم في فضل إطعام الطعام عن الطبراني قال:

حدثنا أحمد بن داود بن المكي عن عبد العزيز بن الخطاب الكوفي عن مندل بن علي به.

وأخرجه أيضًا الحسن بن سفيان قال:

حدثنا إبراهيم بن سعيد ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا مندل بن علي به.

وأخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين له من طريق الحسن بن سفيان، فإعراض الشارح عن جميع هذا واقتصاره على ما يجده في مجمع الزوائد أقصى ما يتصور من القصور، ثم بعد هذا يأتي من يوقفه اللَّه تعالى على الحديث في كتب أخرى لم نرها أو لم نر الحديث فيها فيقول عنا كما قال هذا الشارح، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون.

985/ 2130 - "إِنَّ الملائِكةَ صَلَّتْ عَلَى آدَمَ فكَبَّرَت عليه أربعًا".

الشيرازي عن ابن عباس

قال الشارح: ورواه عنه أيضًا الخطيب باللفظ المذكور.

قلت: ما خرجه الخطيب باللفظ المذكور أصلًا بل ولا بغير اللفظ المذكور.

ص: 421