المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[في الكلام على لاحق بن الحسين] - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٢

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: ‌[في الكلام على لاحق بن الحسين]

لُبَّهُ".

(خط) عن ابن عباس

وكتب الشارح في الصغير: عن أنس.

وقال في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أن الخطيب خرجه ساكتًا عليه، وليس كما وهم؛ بل أعله بلاحق بن الحسين، وقال: إنه يضع، وقال في موضع آخر: كان كذابًا إذ يضع الحديث على الثقات، ويسند المراسيل اهـ، فعزوه له مع حذف ما عقبه به من هذه العلة التي هي أقبح العلل غير صواب.

[في الكلام على لاحق بن الحسين]

قلت: كذب الشارح في هذا وأسخف فإن الخطيب [14/ 99] ما عقبه بشيء ولا ذكر له علة بل ترجم للاحق بن الحسين وذكر ما قيل فيه من الجرح، وأسند في ترجمته هذا الحديث على عادته فقال: لاحق بن الحسين بن عمران ابن أبي الورد أبو عمر يعرف بالمقدسي، تغرب وحدث بأصبهان وخراسان وما وراء النهر عن خلق لا يحصون من الغرباء والمجاهيل أحاديث مناكير وأباطيل، حدثنا عنه أبو نعيم الأصبهاني:

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا أبو عمر لاحق بن الحسين فذكر الحديث، ثم قال: حدثني أبو عبد اللَّه الحسين بن محمد أخو الخلال والقاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي كلاهما عن أبي سيد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي قال لاحق بن الحسين: كنيته: أبو عمر كان يذكر أنه مقدسي الأصل، وربما كان يقول: إنه بغدادي كان كذابًا أفاكًا يضع الحديث عن الثقات ويسند المراسيل ويحدث عمن لم يسمع منهم، حدثنا يومًا عن الربيع بن حسان الكسي والمفضل بن محمد الجندي فقلت: أين كتبت ومتى كتبت عنهما؟ فذكر أنه كتب عنهما بمكة بعد العشرين والثلاثمائة فقلت: كيف كتبت عنهما بعد العشرين وقد ماتا قبل العشرين؟! ووضع نسخًا لأناس لا تعرف أساميهم في

ص: 264

جملة رواة الحديث مثل: طرغال وطربال وكركدن وشعبوب ومثل هذا شيئًا غير قليل ولا نعلم رأينا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة مع قلة الدراية، وأطال الإدريسي في الكلام عنه بما يراجع من تاريخ الخطيب، فبان أن الخطيب لم يعلل الحديث بشيء، وإنما ذكر ترجمة الرجل وما قيل فيه من الجرح وأسند عنه الحديث الذي قد يعد هو من أسباب جرحه.

ثم إن قول الشارح: وقال في موضع آخر: كان كذابًا يضع الحديث على الثقات ويسند المراسيل كذب من وجهين:

أحدهما: أنه لم يذكره في موضع آخر بل في نفس ترجمة لاحق بن الحسين.

ثانيهما: أن الخطيب نقل ذلك عن الإدريسي كما سبق ولم يقله من عنده.

وبعد هذا كله فقد نبهنا مرارًا على أن هذا من سخافة الشارح وأن المصنف ما وضع كتابه لينقل فيه العلل وجرح الرواة بل اكتفى عن ذلك بالرموز، وقد رمز للحديث بعلامة الضعيف، وقد غلط الشارح في الصغير إذ كتب: صحابي هذا الحديث أنس والصواب ابن عباس، كما أنه غلط فيه أغلاطًا أخرى إذ ذكره المصنف سابقًا في حرف إذا بلفظ:"إذا أراد اللَّه إنفاذ قضائه" فارجع إلى تلك الأغلاط وضمها إلى ما هنا واحمد اللَّه على السلامة.

812/ 1668 - "إنَّ اللَّه تَعالى إذَا أنْعَم عَلى عَبدٍ نِعمةً يُحب أن يَرى أثَر النعمَة عَليه، وَيَكرهُ البؤسَ وَالتَباؤسَ، ويبغضُ السائِلَ الملحِفَ، وَيُحبُّ الحيى العَفيفَ المتعَفِّفَ".

(هب) عن أبي هريرة

قال الشارح في الكبير: قال الذهبي في المهذب: إسناده جيد.

وقال في الصغير: أسانيده جيدة كما في المهذب.

قلت: إذا فلا ندري ما قاله الذهبي في المهذب، هل قال إسناده جيد كما نقله الشارح في كبيره، أو قال: أسانيده بلفظ الجمع كما نقله عنه في صغيره؟! ثم

ص: 265

لا تدري هل هذا النقل موجود في مهذب الذهبي، وهل هو مهذب السنن أو مهذب آخر؟! اللَّه أعلم بحقيقة الحال.

والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان: [1/ 78]

ثنا أبو الشيخ ثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا ثنا أحمد بن سعيد (ح)

وثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا أحمد بن سعيد بن جرير ثنا عيسى بن خالد عن ورقاء عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن اللَّه عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويكره البؤس والتباؤس، ويحب الحيى الحليم العفيف المتعفف، ويبغض الفاحش البذئ السائل الملحف".

وله طريق أخرى عن أبي هريرة لكن في ذكر إظهار النعم فقط، بل هذا المعنى ورد أيضًا من حديث والد أبي الأحوص وعمران بن حصين، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وأبي سعيد الخدري وأنس وجابر، وزهير بن أبي علقمة ومرسلًا عن علي بن زيد وبكر بن عبد اللَّه ذكرت جميعها بأسانيدها في مستخرجي على مسند الشهاب.

813/ 1669 - "إِنَّ اللَّه إذَا رَضي عَنِ العَبْد أثْنَى عَليه بِسَبعة أصنافٍ مِنَ الخير لَمْ يَعمله، وإذَا سَخِطَ عَلى العبْدِ أثْنَى عَلَيه بِسَبعةِ أصْنَافٍ مِنَ الشرِّ لمْ يَعْمَلْه".

قال الشارح في الكبير: قال الهيثمي: رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم اهـ. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح.

قلت: أخطأ ابن الجوزي [المتناهية 2/ 342]، بل إسناده لا بأس به، بل حسن إن شاء اللَّه تعالى، وقد أخرجه جماعة آخرون، فقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده:

ثنا أبو عبد الرحمن المقري ثنا حيوة عن سالم بن غيلان أنه سمع أبا السمح يحدث عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري به، وقال:"سبعة أضعاف"،

ص: 266

بالضاد المعجمة والعين المهملة كما هو بخط الحافظ نور الدين الهيثمي في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، وكذلك أسنده أبو نعيم في الحلية [1/ 370] في ترجمة أبي سعيد عن أبي بكر بن خلاد عن الحارث به بلفظ:"أضعاف" أيضًا.

وكذلك وقع عند الطحاوي في مشكل الآثار [1/ 389]، فإنه عقد فيه بابًا للكلام على هذا الحديث فقال:

حدثنا يونس ثنا ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح به.

ثم أخرجه من وجهين آخرين من رواية أبي عاصم وأبي عبد الرحمن المقري كلاهما عن حيوة به (1/ 389).

وهكذا أخرجه أبو القاسم المؤمل بن أحمد الشيباني في السادس من فوائده فقال:

ثنا القاضي أبو عمر محمد بن يوسف بن محمد ثنا عبد اللَّه بن يزيد هو أبو عبد الرحمن المقري به، ثم قال: غريب من حديث أبي الهيثم عن أبي سعيد تفرد به دراج.

وأخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 196] كذلك بلفظ: "أضعاف" فقال:

حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا عبد اللَّه بن محمد بن العباس ثنا أبي أنا أبو عاصم ثنا حيوة بن شريح به.

ورواه البيهقي في الزهد بلفظ: "أصناف" كما في المتن، فقال البيهقي:

أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ومحمد بن موسى قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا أبو عاصم عن حيوة به.

814/ 1671 - "إنَّ اللَّه إذَا أرادَ بِالعِبَادِ نِقْمَةً أمَاتَ الأطْفَالَ، وعَقَمَ

ص: 267

النِّساءَ، فَتْنزِلُ بِهِم النقْمةُ وليْسَ فِيهِم مَرْحُومٌ".

الشيرازي في الألقاب عن حذيفة وعمار بن ياسر معًا

قلت: هذا حديث باطل موضوع.

815/ 1674 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أطْعَمَ نَبِيا طُعمةً فَهِي للَّذي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ".

(د) عن أبي بكر

قال في الكبير: وكذا أحمد، وكأنه أهمله لذهول، وهو من رواية أبي الطفيل قال:"أرسلت فاطمة رضي الله عنها إلى أبي بكر رضي الله عنه أنت ورثت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أم أهله؟ قال: لا بل أهله، قالت: فأين سهمه؟ قال: سمعته يقول. . ." وذكره، قال ابن حجر: فيه لفظة منكرة وهي قوله: "بل أهله، فإنه معارض للحديث الصحيح أنه قال: "لا نورث" اهـ. وقال في تخريج المختصر: رجاله ثقات أخرج لهم مسلم لكنه شاذ المتن لأن ظاهره إثبات كون النبي صلى الله عليه وسلم يورث، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة المتواترة اهـ. وفيه محمد بن فضيل، قال الذهبي: ثقة شيعي، وقال بعضهم: لا يحتج به، وقال أبو حاتم: كثير الخطأ، والوليد بن جميع قال ابن حبان: فحش تفرده فبطل الاحتجاج به.

قلت: لكنه لم ينفرد بهذا الحديث فقد أخرجه ابن حبان نفسه في الضعفاء [1/ 347] من طريق سيف بن مسكين عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لكنه قال: سيف بن مسكين لا يحل الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات، وروايته المقلوبات والموضوعات.

816/ 1675 - "إِنَّ اللَّه تَعَالى إذَا أرادَ رَحمةَ أمَّةٍ مِن عبَاده قَبَضَ نَبْيَّهَا قَبْلَهَا، فَجعلهُ لَهَا فرطًا وسلفًا بَيْنَ يَديهَا، وإذَا أراد هَلكة أمَّةٍ عَذَّبَهَا

ص: 268

ونبيها حيٌّ، فأهَلَكهَا وهو يَنْظُرُ، فأقرَّ عَيْنَهُ بِهَلكتِهَا؛ حينَ كَذَّبُوهُ وَعصوا أمرَهُ".

(م) عن أبي موسى

قال الشارح في الكبير: قال القرطبي وغيره: هذا من الأربعة عشر حديثا المتقطعة الواقعة في مسلم لأنه قال في أول سنده: حدثنا عن أبي أسامة.

قلت: ليس هو بانقطاع كما تعقبه النووي على قائله، والشارح أيضًا لم ينقل صيغة مسلم بتمامها، فمسلم قال [فضائل: 24]: حدثت عن أبي أسامة وممن روى ذلك عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة الحديث، قال النووي بعد نقله عن المازري والقاضي أنه هذا من الأحاديث المنقطعة ما نصه: وليس هذا حقيقة انقطاع وإنما هو رواية مجهول، وقد وقع في حاشية بعض النسخ المعتمدة قال الجلودي: ثنا محمد بن المسيب الأرغياني قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري بهذا الحديث عن أبي أسامة بإسناده انتهى.

قلت: أسنده من طريقه الذهبي في ترجمته من التذكرة من رواية أحمد بن محمد بن أحمد البالوني، عنه قال: وسمعت ابن المسيب يقول: كتب هذا الحديث عني ابن خزيمة، ويقال تفرد به إبراهيم الجوهري اهـ.

قلت: وسمعه من إبراهيم بن سعيد الجوهري أيضًا أبو طاهر الحسن بن أحمد ابن إبراهيم بن فيل، وأخرجه في جزئه المشهور عنه، لكنه ذكره عن أبي موسى موقوفًا ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ما في نسختي من ابن فيل، ثم راجعت نسخة أخرى مقروءة مسموعة فإذا هو كذلك موقوفًا، وسمعه منه أيضًا عبيد العجل كما ذكره الخطيب [7/ 370] في ترجمة الحسن بن علي المعمري عن أبي عمرو بن حمدان قال: سمعت أبي يقول: قصدت الحسن بن علي المعمري من خراسان في حديث محمد بن عباد عن ابن عيينة عن عمرو عن سعيد بن أبي بردة فامتنع عليّ فبينا أنا عنده ذات يوم وعبيد العجل عنده يذاكره فسألته

ص: 269

عن الحديث فردني فقمت وقلت: لا ردك اللَّه كما رددتني، فقال لي: اقعد وذاكرني، ثم قال لي: سل عن غير هذا، فقلت: حديث أبي أسامة عن بريدة عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه إذا أراد رحمة أمة"؟ قال: لا أعرفه، فقال عبيد العجل: أنا أعرفه، حدثناه إبراهيم الجوهري ثنا أبو أسامة فذكره.

817/ 1676 - "إنَّ اللَّه إذَا أرَادَ أن يَخْلُقَ عَبْدًا للخِلَافَةِ مَسح يَدَهُ عَلى جَبْهَتِه".

(خط) عن أنس

قال الشارح: فيه مغيث بن عبد اللَّه ذاهب الحديث.

وقال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن الخطيب خرجه ساكتًا عليه، وهو تلبيس فاحش، فإنه خرجه وأعله، فقال عقبه: مغيث بن عبد اللَّه -أي أحد رجاله- ذاهب الحديث.

قلت: لا تلبيس من المصنف فإنه رمز لضعفه بعد أن نص في كبيره على أن كل ما في الخطيب ضعيف فالعزو إليه مغن عن النص على ضعفه إلا ما وافق فيه الصحاح، ولكن الشارح وقح قليل الحياء جاهل عديم الأمانة في النقل، فليس في رجال هذا الحديث من اسمه مغيث كما يقوله في كبيره وصغيره، ولكن فيه مسرة بن عبد اللَّه، وفيه قال الخطيب [2/ 150]: ذاهب الحديث.

679/ 1818 - "إن اللَّه تعالى إذا غَضِبَ عَلى أمَّةٍ، وَلم يُنْزلْ بِهَا عَذاب خَسْفٍ ولا مَسْخٍ، غَلت أسْعَارُهَا ويُحبسُ عَنهَا أمْطَارها، ويَلي عَليهَا شْرَارُهَا".

ابن عساكر عن على

وكتبه الشارح في الصغير عن أنس، ثم قال: وكذا الديلمي بزيادة.

قلت: لما وقفت على هذا أولًا كتبت بهامش النسخة هذا الاطلاق غلط، فإن

ص: 270

الديلمي خرجه من حديث علي لا من حديث أنس، ثم لما راجعت المتن وجدته فيه عن علي كما خرجه الديلمي، وإنما لفظ أنس تحريف من الشارح، فكيفما دار الحال يدور على وجود غلط مه، فهو أكثر خلق اللَّه أغلاطًا عقوبةً من اللَّه تعالى بسبب جرأته على المصنف وإقدامه على الباطل في حق الأبرياء. ثم إنه سكت عن الحديث فلم يتعرض لذكر من فيه، وهو من رواية الأصبغ ابن نباتة عن علي، والأصبغ فيه مقال ومنهم من كذبه، قال الديلمي:

أخبرنا والدي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار أخبرنا أبو الفرج الطناجيري ثنا عمر بن محمد الزيات ثنا الحسن بن الطيب ثنا الحسين بن أبي الحجاج ثنا مندل عن محمد بن مطرف عن مسمع بن الأسود عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه إذا غضب على أمة ثم لم ينزل عليها العذاب غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم تربح تجارها، وحبس عنا أمطارها، ولم تغزر أنهارها، وسلط عليها شرارها".

قلت: وفي هذا السند أيضًا غير الأصبغ بن نباتة وهو موافق للحال الحاضرة ومطابق لها إلا أن القلب إلى كونه من كلام علي عليه السلام أميل واللَّه أعلم.

819/ 1681 - "إِنَّ اللَّه تعالى اسْتَخْلَصَ هَذا الدِّينَ لِنفسِه، ولا يَصلحُ لِدَّينِكُم إلا السَّخَاءُ وَحُسنُ الخُلقِ، ألا فَزينُوا دِينَكم بِهِمَا".

(طب) عن عمران بن حصين

قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه عمر بن الحصين العقيلي، وهو متروك اهـ.

وله طرق عند الدارقطني في المستجاد، والخرائطي في المكارم من حديث أبي سعيد وغيره أمثل من هذا الطريق، وإن كان فيها أيضًا لين كما بينه الحافظ العراقي، فلو جمعها المصنف أو آثر ذلك لكان أجود.

قلت: ليس في ألفاظ حديث من ذكر ما يدخل في هذا الحرف.

ص: 271

أما حديث أبي سعيد فلفظه: "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاءني جبريل عليه السلام فقال: إن اللَّه ارتضى هذا الدين لنفسه، ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق، فأكرموه بهما ما صحبتموه"، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 148] من طريق أبي بكر بن أبي شيبة:

ثنا أبو قتادة العذري عن جرير بن رزين بن دعلج الحذاء عن ابن المنكدر، وصفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد وفيه ضعف واضراب.

وما رأيته في مكارم الخرائطي كما زعم الشارح، وأما غيره فورد أيضًا من حديث جابر بن عبد اللَّه وأنس وعائشة.

فحديث جابر رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق، وابن حبان في الضعفاء [2/ 134]، وابن شاهين في الترغيب، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 80]، والقضاعي في مسند الشهاب، والحميدي في جزء من حديثه، والبغوي في التفسير، وآخرون كلهم من رواية عبد الملك بن مسلمة عن إبراهيم ابن أبي بكر بن المنكدر قال: سمعت عمي محمد بن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد اللَّه يقول: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قال اللَّه تعالى: هذا دين أرتضيه لنفسي ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق، فأكرموه بهما ما صحبتموه".

وحديث أنس رواه ابن عساكر في التاريخ وقد ذكرت سنده في المستخرج على مسند الشهاب.

وحديث عائشة رواه ابن عدي من طريق بقية عن يوسف بن السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة، ويوسف ضعيف.

820/ 1682 - "إِنَّ اللَّه اصْطَفى كِنَانةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيل، واصْطَفَى قُريشًا مِنْ كِنَانة، وَاصْطَفَى مِنْ قُريشٍ بَنِي هَاشمٍ، واصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ".

ص: 272

(م. ت) عن واثلة بن الأسقع

قال الشارح: وله طرق كثير أفردت بالجمع.

قلت: كذب الشارح، فما للحديث طرق كثيرة ولا قليلة، بل له طرق واحدة من رواية الأوزاعي عن شداد أبي عمار عن واثلة، ومن طريق الأوزاعي رواه البخاري في التاريخ [1/ 1/ 4]، وأحمد [4/ 107] وابن سعد ومسلم [فضائل: 1] والترمذي [رقم 3606] والحاكم في علوم الحديث، والخطيب [3/ 64] وآخرون، ولم يفرده أحد بالجمع كما يفتريه الشارح، وقد ذكر في الكبير ما يدل على منشإ غلطه وخطئه فقال: قال ابن حجر: وله طرق جمعها شيخنا العراقي في محجة القرب في محبة العرب، فهذا هو الجمع الذي يقصده في الصغير، والحافظ لم يتكلم على هذا الحديث بل على حديث اختيار العرب من الخلق وفضلهم الذي جمعه الحافظ العراقي في الكتاب المذكور.

821/ 1686 - "إِنَّ اللَّه تَعَالَى اطلَعَ عَلَى أهْلِ بَدْرٍ فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئتُم فَقد غَفرتُ لَكُمْ".

(ك) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أحمد وأبو داود باللفظ المزبور، فاقتصار المؤلف على الحاكم غير جيد.

قلت: أما أحمد [2/ 295]: فرواه باللفظ المذكور هنا، وأما أبو داود: فرواه بلفظ لا يدخل في هذا الحرف، فقال [رقم 4654]:

حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة (ح)

وثنا أحمد بن سنان ثنا يزيد بن هارون ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قال موسى: "فلعل اللَّه"، وقال ابن سنان: اطلع اللَّه على أهل بدر. . ." الحديث، فسقط الاستدراك به وهو الذي يعاب به المحدث لأنه من الكتب الستة، أما أحمد فلا يلزم المحدث

ص: 273

العزو إليه.

822/ 1687 - "إِنَّ اللَّهَ أعْطَانِي فِيمَا مَنَّ به عَليَّ أَنِّي أعْطيتكَ فَاتِحَةَ الكِتَابِ، وهِي مِنْ كُنوزِ عَرْشِي، ثم قسمتهَاَ بَينِي وَبَينِكَ نِصْفَينِ".

ابن الضريس (هب) عن أنس

قال الشارح في الكبير: ابن الضريس بضم المعجمة وشد الراء الحافظ يحيى البجلي.

قلت: في هذا وهمان الأول: قوله: وشد الراء بل هو بتخفيفها، كما هو مشهور ومنصوص عليه في كتب ضبط الأسماء، بل وفي القاموس: الضريس كزبير اسم.

الثاني: أن يحيى بن الضريس ليس هو صاحب فضائل القرآن المعزو إليه هذا الحديث، بل هو حفيده محمد بن أيوب بن يحيى، قال الذهبي في التذكرة [2/ 643]: أبو عبد اللَّه محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس البجلي الرازي مصنف كتاب فضائل القرآن ولد على رأس المائتين، وسمع القعنبي ومسلم بن إبراهيم وأبا الوليد الطيالسي ومحمد بن كثير العبدى وطبقتهم، قال بعض العلماء: سمعت محمد بن أيوب يقول: آخر قدمة قدمتها البصرة أديت أجرة الوراقين عشرة آلاف درهم، وثقه عبد الرحمن بن أبي حاتم والخليلي، وقال: هو محدث ابن محدث، وجده يحيى من أصحاب الثوري مات بالري في يوم عاشوراء سنة أربع وتسعين ومائتين اهـ.

وأما جده يحيى الذي ذكره الشارح فقديم من رجال مسلم والترمذي مات في ربيع الأول سنة ثلاث ومائتين، والحديث أخرجه أيضًا الديلمي قال:

أخبرنا والدي أخبرنا أبو بكر بن حمدون الرزاز: ثنا أبو علي بن خزيمة ثنا عبد اللَّه بن الدورقي ثنا مسلم بن إبراهيم عن صالح المري عن ثابت عن أنس به.

823/ 1688 - "إن اللَّه تَعَالَى أَعْطَانِي السبْعَ مكان التورَاةِ، وأعْطَانِي

ص: 274

الراءاتَ إلى الطَّواسينَ مكان الإنْجِيلِ، وأَعْطَانِي مَا بَيْنَ الطواسِينَ إلي الحواميم مَكان الزَّبُور، وَفَضلنِي بالحواميم والمفصل، مَا قَرَأهُنَّ نَبيٌّ قَبلِي".

محمد بن نصر

زاد الشارح في كبيره في كتاب الصلاة: عن أنس بإسناد ضعيف.

قلت: محمد بن نصر ما خرج هذا الحديث في كتاب الصلاة، ولكن في كتاب قيام الليل، وهو غير كتاب الصلاة كما بينته سابقًا، قال ابن نصر في قيام الليل:

حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا خارجة عن عبد اللَّه بن عطاء عن إسماعيل بن رافع عن الرقاشي وعن الحسن كلاهما عن أنس به.

وإسماعيل بن رافع ضعيف، لكن له شاهد من حديث ثوبان، قال الثعلبي:

حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي أنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد، وعبد اللَّه بن محمد بن مسلم قالا: حدثنا هلال بن العلاء ثنا حجاج ابن محمد عن أيوب بن عتبة عن يحيى بن كثير عن شداد بن عبد اللَّه عن أبي أسماء الرحبى عن ثوبان أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن اللَّه تعالى أعطاني السبع الطوال مكان التوراة، وأعطاني المئين مكان الإنجيل، وأعطاني مكان الزبور المثاني، وفضلني ربي بالمفصل".

824/ 1689 - "إن اللَّه أعْطَى مُوسَى الكَلام، وأعْطَانِي الرؤيَةَ، وَفضلَنِي بالمَقَامِ المحْمُودِ والحوضِ المَوْرُوْدِ".

ابن عساكر عن جابر

قال الشارح: بإسناد ضعيف.

قلت: هذا تلبيس فاحش منه، فقد نقل في كبيره أن في سنده محمد بن يونس الكديمي وهو وضاع، وأن ابن الجوزي ذكره في الموضوعات [1/ 290]،

ص: 275

فكيف اقتصر على ضعفه في الصغير ولم يذكر أن ابن الجوزي حكم بوضعه حتى يبرأ من عهدت؟! هذه خيانة في السنة.

ويتعجب أيضًا من المصنف في ذكره هذا الحديث مع أنه أقر ابن الجوزي على وضعه ولم يستطع أن يأتي له بمتابع لمحمد بن يونس الكديمي؛ وإذ هو قد انفرد به وهو كذاب فهذا الكتاب قد صانه عما انفرد به كذاب أو وضاع.

825/ 1691 - "إن اللَّه تعَالى أمرنِي أنْ أعلِّمكُم ممَّا علَّمنِي، وأن أؤدّبَكُم، إذَا قُمتُم عَلى أبْوَابِ حُجرِكُم فَاذكُرُوا اسْمَ اللَّه يَرجع الخَبِيثُ عَنْ مَنَازلكُم، وإذَا وُضع بَينَ يَدي أحدِكم طَعَام فَليُسَمِّ اللَّه حَتَّى لا يُشاركُكُم الخَبيثُ فِي أرزَاقِكُم، وَمَنِ اغْتَسَل باللَّيلِ فَليُحَاذِرْ عَنْ عَورته، فَإنْ لَمْ يَفعَل فأصابَهُ لَممٌ فلا يَلومنَّ إلا نَفْسَهُ، ومن بَال فِي مُغتَسله فَأصَابَهُ الوسوَاسُ فلا يَلومَنَّ إلا نَفْسَهُ، وإذَا رَفعتُم المائدَةَ فَاكنُسُوا مَا تَحتهَا فإنَّ الشَّياطينَ يَلتَقِطُونَ مَا تَحتَها، فلا تَجعلُوا لهُمْ نَصِيبًا فِي طَعَامِكُم".

الحكيم عن أبي هريرة

قال الشارح في الكبير: لكنه لم يسنده كما يوهمه صنيع المصنف، بل قال: حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق البصري يرفعه إلى أبي هريرة.

قلت: والعجيب أنه مرموز له بعلامة الحسن، وهو في نقدي موضوع باطل، وإنما وردت بعض ألفاظه في أحاديث أخرى، فركبها بعض الكذابين وزاد فيها من عنده.

826/ 1692 - "إن اللَّه أمرَنِي بحُبِّ أرْبَعَةٍ، وأخبَرَنِي أنه يُحِبُّهُم: عَليٌّ مِنْهُم وأبُو ذَر، والمقدَادُ، وسَلْمَان".

(ت. هـ. ك) عن بريدة

ص: 276

قال الشارح: قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ورده الذهبي.

قلت: هذا اختصار ممقوت؛ إذ يفيد بادئ ذي بدء أن الذهبي رد الحكم بصحته وليس كذلك، فقد نقل الشارح نفسه في الكبير عبارته، فقال: وتعقبه الذهبي بأنه لم يخرج لأبي ربيعة وهو صدوق اهـ.

فالذهبي لم ينازع في صحة الحديث، وإنما في كونه على شرط مسلم، وهذا لو ذكر بتمامه لما كان في ذكره فائدة، لأنه أمر فني لا يعرفه إلا البزل (1) من أهل الشأن، فكيف بذكره مقصوصًا موهمًا لغير المراد.

والحديث أخرجه أيضًا جماعة منهم البخاري في الكني قال [ص 31، رقم: 271]:

حدثنا محمد بن الطفيل ثنا شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه أمرني بحب أربعة من أصحابي. فقلنا: يا رسول اللَّه من هم، فكلنا نحب أن نكون منهم؟ فقال: إن عليًا منهم، ثم سكت ساعة، ثم قال: إن عليًا منهم، وسلمان الفارسى، وأبا ذر، والمقداد بن الأسود الكندي".

827/ 1695 - "إن اللَّه أمَرنِي بِمُدَارَاةِ النَّاسِ كَمَا أمَرنِي بإِقَامَةِ الفرَائِضِ".

(فر) عن عائشة

قال (ش) في الكبير: فيه أحمد بن كامل أورده الذهبي في الضعفاء، وقال الدارقطني: كان متساهلًا، وبشر بن عبيد الدارسي قال الذهبي: ضعيف جدًا كذبه الأزدي، وقال ابن عدي: منكر الحديث، ثم ساق من مناكيره هذا الخبر.

(1) بزل الرأي: استقام (المصباح المنير ص 19) وبَزُل الرجل: كملت تجربته فهو بازل (المعجم الوسيط 1/ 56).

ص: 277

قلت: أخطأ الشارح في تعليله الحديث بأحمد بن كامل من وجوه، الأول: أنه ليس بضعيف، بل كان إمامًا حافظًا متفننًا، وإنما لينه الدارقطني لأنه كان يعتمد على حفظه فيقع منه بعض الوهم، ومن كان كذلك لا يعل به مثل هذا الحديث.

الثاني: أن الحديث رواه أبو إسماعيل الترمذي الحافظ في مصنفاته، كما عزاه له ابن كثير في التفسير عند قوله تعالى:{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159].

وأحمد بن كامل رواه عن أبي إسماعيل الترمذي، وعن أحمد بن كامل رواه ابن مردويه، الذي خرجه الديلمي من طريقه، فلم يبق لذكر أحمد بن كامل معنى، والحديث موجود في كتاب شيخه.

الثالث: أن الحديث يعلل بمن هو الأضعف في الإسناد، وقد ذكر فيه بشر بن عبيد المتهم بالكذب.

الرابع: أنه نقل عن الحفاظ أئمة الجرح والتعديل أنهم ذكروا الحديث في ترجمة بشر بن عبيد الدارسي، فكيف يذكر بعد ذلك أحمد بن كامل؟ فإنه لقول لا فائدة فيه حتى لو كان ضعيفًا.

والحديث لو انفرد به بشر بن عبيد الدارسي لحكمنا بوضعه، ولكنه ورد من حديث علي عليه السلام من وجهين، قال الطوسى في أماليه:

أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: ثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض العجلي الساوي حدثني أبي قال: حدثني عبد العظيم بن عبد اللَّه الخشني قال: حدثنا محمد بن علي الرضا عن أبيه عن جده عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض".

وقال أيضًا: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الفضل بن محمد بن

ص: 278

المسيب الشعراني أبو محمد البيهقي ثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي قال:

حدثنا محمد بن جعفر بن محمد عليهم السلام قال المجاشعي: وحدثنا الرضى علي بن موسى عن أبيه عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّا أمرنا معاشر الأنبياء بمداراة الناس، كما أمرنا بإقامة الفرائض".

وينظر في هذين السندين فإن فيهما من لم أعرفه.

828/ 1696 - "إن اللَّه أنْزَل الدَّاءَ والدَّوَاءَ، وَجعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَواءً، فَتَدَاووا ولا تَداوَوا بِحَرَامٍ".

(د) عن أبي الدرداء

قلت: كتبه الشارح في الكبير هكذا على الصواب، وكتبه في الصغير: عن أبي هريرة تكثيرًا لأوهامه، والحديث ورد عن أبي هريرة وأسامة بن شريك، وابن عباس، وطارق بن شهاب، وابن مسعود، وأنس وجابر، وصفوان بن عسال، وأبي سعيد الخدري، والأقمر أبي علي ورجل من الأنصار ورجل من الأنصار وآخرين، ذكرتها مسندة في المستخرج على مسند الشهاب.

829/ 1700 - "إن اللَّه أيدَنِي بِأرْبَعةِ وزرَاء: اثْنَين مِنْ أهْلِ السَّمَاءِ: جبريلَ وَميكَائِيلَ، واثْنَينِ مِنْ أهْلِ الأرضِ: أبي بَكر وَعُمرَ".

(طب. حل) عن ابن عباس

قلت: ورواه الخطيب أيضًا، كلهم من رواية محمد بن مجيب عن وهب المكي عن عطاء عن ابن عباس به.

ومحمد بن مجيب كذاب، وقد تفرد به عن وهب كما قال الخطيب، فكان على المصنف ألا يذكره اتباعًا لشرطه.

ص: 279

830/ 1703 - "إن اللَّهَ تعَالَى بَنى الفِردَوسَ بِيَدِهِ، وَحظرهَا عَلَى كُلّ مُشْرِكٍ، وعَلَى كُلِّ مُدمِنِ خَمرٍ سِكيرٍ".

(هب) وابن عساكر عن أنس

قال الشارح: وفيه اضطراب وضعف.

قلت: الشارح جاهل بفن الحديث ولابد، فإنه قال في الكبير: فيه عند البيهقي عبد الرحمن بن عبد الحميد، قال الذهبي في الضعفاء [2/ 383، رقم 3596]: قال ابن يونس: أحاديثه مضطربة، ويحيى بن أيوب فإن كان الغافقي فقد قال النسائي وغيره: غير قوي أو البجلي فضعفه ابن معين انتهى.

فقوله في الصغير: فيه اضطراب أخذه مما حكاه في الكبير عن ابن يونس أنه قال في عبد الرحمن: أحاديثه مضطربة، ولا يخفى ما بينهما من البعد، فمعنى قوله: في الحديث اضطراب أنه روى من طريق جماعة عن راو اضطرب فيه، فبعضهم قال: عنه عن زبد، وبعضهم قال: عنه عن عمرو، وبعضهم قال: عنه عن بكر مثلًا، وهكذا.

وهذا الحديث لم يقع فيه ذلك، بل رواه البيهقي وابن عساكر، وأبو نعيم في الحلية [3/ 95]، والديلمي في مسند الفردوس كلهم من طريق أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح:

ثنا خالي أبو رجاء عبد الرحمن بن عبد الحميد قال: حدثني يحيى بن أيوب عن داود بن أبي هند عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

لم يختلف أحد من رواته في هذا الإسناد.

وأما قول ابن يونس أحاديثه مضطربة فبمعنى أن الراوي غير حافظ ولا ضابط، بل قد يقع في حديثه اضطراب واختلاف، ولا يلزم أن يكون كل أحاديثه كذلك، بل إن وقف على اضطراب فيه علم أن ذلك منه لعدم ضبطه وإلا فلا يحكم عليه بالاضطراب، على أن قول ابن يونس هذا ليس على اطلاقه، فإنه

ص: 280

قال في تاريخ مصر: كان من أفاضل أهل مصر، وكان قد عمى فكان يحدث حفظًا، فأحاديثه مضطربة أي لأجل عماه وتحديثه من حفظه، ومع هذا فهو معارض بقول أبي داود ثقة حدث عنه ابن وهب، وقال أبو عمرو الكندي: كان من أفضل أهل مصر، ولذلك احتج به أبو داود والنسائي.

ثم إن قول الشارح: ويحيى بن أيوب فإن كان الغافقي فقال النسائي: غير قوي أو البجلي: فضعفه ابن معين، خطأ على كلا الاحتمالين فما هو الغافقي ولا البجلي، ولكنه يحيى بن أيوب المقابري أبو زكريا البغدادي العابد الثقة من رجال مسلم، لأن عبد الرحمن بن عبد الحميد معروف بالرواية عنه ومذكور في جملة شيوخه.

831/ 1704 - "إِنَّ اللَّه تَعَالَى تَجَاوَزَ لأمَّتِي عمَّا حدَّثَت بِهِ أنْفُسهَا مَا لَمْ تَتكلم بِهِ أو تَعمَل بِهِ".

(ق. 4) عن أبي هريرة (طب) عن عمران بن حصين

قال في الكبير: في طريق الطبراني المسعودي وقد اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح ذكره الهيثمي.

قلت: خالف المسعودي الثقات في سند هذا الحديث، فقد رواه هشام الدستوائى ومسعر وهمام وسيبان وأبو معاوية وأبو عوانة، وحماد بن سلمة، والثوري وابن أبي عروبة، وصالح بن أبي الأخضر، وشعبة وأبان، وعمران بن خالد، والقاسم بن وليد، ومجاعة بن الزبير كلهم عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة، وخالفهم المسعودي فقال: عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين، ومع هذه المخالفة اختلف عليه فيه أيضًا، فرواه يزيد بن هارون عنه هكذا، رواه عبد اللَّه بن داود الخريبي عنه عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة.

832/ 1705 - "إن اللَّه تَجَاوَزَ لِي عَنْ أمَّتي الخَطَأ والنِّسيانَ وما

ص: 281

اسْتُكْرِهُوا عَليه".

(هـ) عن أبي ذر (طب. ك) عن ابن عباس (طب) عن ثوبان

قال الشارح: وأخرجه الطبراني أيضًا في الأوسط عن ابن عمر، قال المؤلف في الأشباه: وإسناده صحيح، ومن العجب اقتصاره هنا على رواية الطبراني الضعيفة وحذفه للصحيحة.

قلت: ومن العجب وصول الغفلة بالشارح إلى هذه الدرجة القبيحة التي لم يتفطن معها لألفاظ الأحاديث ولا لشرط المصنف في ترتيبها في كتابه، فالمصنف قال في الأشباه والنظائر في الكلام على عزو الحديث: وأخرجه في الأوسط من حديث ابن عمر وعقبة بن عامر بلفظ: "وضع عن أمتي. . ." إلى آخره، وإسناد حديث ابن عمر صحيح اهـ.

فأول هذه الرواية "وضع" دون: "إن اللَّه" في أولها، وقد ذكرها المصنف فيما سيأتي في حرف الواو، وعزاها للبيهقي في السنن [7/ 357].

833/ 1708 - "إن اللَّه جَعَلَ الحقَّ عَلى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلبهِ".

(حم. ت) عن ابن عمر (حم. د. ك) عن أبي ذر

قال الشارح في الكبير: لفظ رواية هؤلاء الثلاثة من حديث أبي ذر هذا "يقول به" بدل قوله: "وقلبه"، كما قاله ابن حجر في الفتح فإطلاق عزو المؤلف لهم غير قويم.

قلت: بل عقل الشارح غير قويم وقلبه غير سليم وقلمه غير مستقيم، فلفظ:"يقول به" إنما وقعت عند أبي داود وفي رواية لأحمد [2/ 53] اهـ، وأما الرواية الأخرى لأحمد ورواية الحاكم [3/ 86] فهي:"وقلبه" كما ذكره المصنف، وهي رواية الأكثرين والصحابة المذكورين.

فلا يعتبر تلك المخالفة وينص على اختلاف الألفاظ إلا الشراح كالحافظ في الفتح، أما المصنف فلا يعتبر مثل هذا إذا كان وسط الحديث وآخره، وإنما

ص: 282

يعتبره إذا كان في أول الحديث فيعيد الحديث من أجله، ولكن الشارح لا يفهم ويريد أن لا يفهم حتى يملأ الكتاب بالانتقاد على المصنف.

834/ 1709 - "إن اللَّه جَعَلَ مَا يَخْرُجُ مِنَ ابنِ آدَمَ مَثلًا للدُّنيَا".

(حم. طب. هب) عن الضحاك بن سفيان

قال الشارح: رجاله رجال الصحيح غير علي بن جدعان وقد وثق.

قال في الكبير: والضحاك بن سفيان في الصحب اثنان، فكان ينبغي تمييزه.

قلت: غالب أسماء الصحابة متشابهة متعددة من اثنين إلى خمسة وأكثر والتمييز بينها يطلب من كتب الرجال، على أن الحافظ اختار أنهما واحد أعني الترجمتين الذين ذكرهما المتقدمون للضحاك بن سفيان.

أما الحديث فلم ينفرد علي بن جدعان به، بل توبع عليه، لكن الحسن البصري اختلف عليه فيه، فقيل: عنه عن الضحاك بن سفيان كما سبق، وقيل: عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للضحاك، وقيل عنه عن أبي السفر عن أبي بن كعب، وقيل عنه عن عتي بن ضمرة عن أبي، وقيل عنه عن أبي بن كعب موقوفًا.

فأما القول الأول: فرواه أحمد [3/ 452] من رواية حماد بن زيد عن علي بن جدعان عن الحسن عن الضحاك بن سفيان الكلابي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال له: "يا ضحاك ما طعامك؟ قال: يا رسول اللَّه اللحم واللبن، قال: ثم يصير إلى ماذا؟ قال: إلى ما قد علمت، قال: فإن اللَّه تبارك ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلًا للدنيا".

وأما القول الثاني: فقال ابن قتيبة في عيون الأخبار:

حدثني محمد بن داود ثنا أبو الربيع عن حماد بن علي بن زيد عن الحسن أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال للضحاك، وذكره.

وأما القول الثالث: فقال أحمد بن عبيد الصفار:

ص: 283

حدثنا محمد بن غالب ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن يونس عن الحسن عن أبي السفر عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن اللَّه جعل مطعم ابن آدم مثلًا للدنيا".

وأما القول الرابع: فرواه أحمد [5/ 136] والبغوي والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية [1/ 245] والبيهقي في الزهد كلهم من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي عن أبي بن كعب مرفوعًا: "إن مطعم ابن آدم جعل مثلًا للدنيا، فانظر ما يخرج من ابن آدم وإن ملحه وقِزْحه قد علم إلى ما يصير"، وفي لفظ أحمد:"إن مطعم ابن آدم جعل مثلًا للدنيا وإن قَزَّحه وملَّحه فانظروا إلى ما يصير".

وأما القول الخامس: فرواه أبو نعيم في الحلية من طريق أبي داود الطيالسي: ثنا أبو الأشهب عن الحسن عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "ألا إن طعام ابن آدم ضرب للدنيا مثلًا وإن ملحه وقزحه"، هكذا رواه أبو نعيم عن الحسن عن أبي، وهو في مسند أبي داود الطيالسي عن أبي الأشهب عن أبي دون ذكر الحسن.

ثم قال: ورواه سفيان عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.

وهذا قول سادس للحسن وهو الإرسال.

835/ 1713 - "إن اللَّه تَعَالى جَعَلَ للمَعْروف وجُوهًا من خَلقهِ، حَبَّبَ إليهم المعرُوف، وَحَبب إليهِم فعَالهُ، وَوَجَّه طُلابَ المعْرُوف إليهم، وَيَسَّر عَليهم إعطاءهُ كَما يَسرَ الغَيثَ إلى الأرضِ الجدبَةِ ليُحييهَا ويحيى به أهْلهَا، وَإِنَّ اللَّه تَعَالى جَعَل للمَعرُوف أعَداءً مِنْ خَلقِهِ بغَّضَ إليهم المعْرُوفَ وَبَغضَ إليهم فِعَاله وَحَظَّر عَلِيهم إعْطَاءَهُ كَمَا يُحظِّرُ الغَيثَ عَن الأَرْضِ الجدبَةِ ليُهْلِكَهَا وَيُهلِكَ بِهَا أَهْلهَا، وَمَا يَعفُو أكثر".

ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج عن أبي سعيد

ص: 284

قال الشارح في الكبير: وفيه عثمان السماك عن أبي هارون العبدي، قال في اللسان عن العقيلي: حديثه غير محفوظ وهو مجهول بالنقل ولا يعرف إلا به، وقال الزين العراقي: رواه الدارقطني في المستجاد من رواية أبي هارون عنه وأبو هارون ضعيف، ورواه الحاكم من حديث علي وصححه اهـ. ورواه أيضًا أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي من حديث أبي باللفظ المزبور.

قلت: الشارح رتب الأحاديث التي ذكرها الذهبي في الميزان على حروف المعجم فاستعان بها في الكلام على أحاديث الكتاب وقد رأى في ترجمة عثمان بن سماك من اللسان [4/ 143] قوله: قال العقيلي [3/ 205] بعد أن ساق له من طريق عبد الرحمن الثقفي عنه عن أبي هارون عن أبي سعيد رضي الله عنه رفعه: "إن اللَّه خلق المعروف وخلق له وجوهًا" الحديث، حديثه غير محفوظ وهو مجهول بالنقل ولا يعرف إلا به اهـ.

فاغتر الشارح بكلام العقيلي وظن أن كل من خرجه إنما خرجه من طريق عثمان المذكور وليس كذلك، فإن عثمان ما وقع في سند ابن أبي الدنيا الذي عزاه إليه المصنف ولا في سند الدارقطني في "المستجاد" الذي استدركه الشارح من كلام الحافظ العراقي، بل روياه من وجهين آخرين عن أبي هارون العبدي، كما إن كلام العقيلي لا يفيد ما فهمه منه الشارح من انفراد عثمان به، بل مراد العقيلي أن عثمان بن سماك ليس له رواية إلا هذا الحديث ولا يعرف بين أهل الحديث إلا برواية هذا الحديث وحده، واسمع سند ابن أبي الدنيا والدارقطني في المستجاد.

قال ابن أبي الدنيا [ص 23، رقم 4]: ذكر أبو تمام السكوني:

ثنا أبو يحيى الثقفي عن الحارث النميري عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري به.

وقال الدارقطني: ثنا القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق البهلول حدثني أبي

ص: 285

حدثني أبو المطرف المغيرة بن مطرف المخزومي ثنا أبو هارون العبدي به.

ومن طريق الدارقطني أخرجه البندهي في شرح المقامات.

أما حديث علي فخرجه الحاكم [4/ 321] من طريق حبان بن علي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم[قال]: "يا علي اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي إن اللَّه تعالى خلق المعروف وخلق له أهلًا فحببه إليهم، وحبب إليهم فعاله ووجه إليهم طلابه" الحديث، ثم قال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن الأصبغ واه وحبان ضعفوه.

وأما حديث أبي فأخرجه أيضًا الطبراني في مكارم الأخلاق [رقم 118]:

ثنا موسى بن جمهور السمسار ثنا علي بن وهب الموصلي ثنا حفص بن عمر الحبطي ثنا أبو مطرف السلمي عن زياد النميري عن عبد اللَّه بن عمر عن أبي ابن كعب قال: "مرَّ بي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعي رجل، فقال: يا أبي من هذا الرجل معك؟ قلت: غريم لي فأنا ألازمه، قال: فأحسن إليه يا أبي، ثم مضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحاجته، ثم انصرف عليَّ وليس معي الرجل، فقال يا أبي: ما فعل غريمك وأخوك؟ فقلت: وما عسى أن يفعل يا رسول اللَّه، تركت ما لي عليه للَّه، وتركت الثاني لرسول اللَّه، وتركت الباقي لمساعدته إياي على وحدانيته، فقال: رحمك اللَّه يا أبي ثلاث مرار، بهذا أُمرنا، ثم قال: يا أبي، إن اللَّه جعل للمعروف وجوهًا من خلقه حبب إليهم المعروف" وذكر الحديث بنحوه.

أما أبو نعيم فرواه عن أحمد بن محمد بن يحيى بن خالد العبدي (1):

ثنا أبي ثنا أحمد بن يونس بن المسيب الضبي ثنا حفص بن عمر به.

وأما أبو الشيخ فرواه عن أبي بكر الجارودي: ثنا أحمد بن يونس به.

(1) انظر تاريخ أصبهان (2/ 282).

ص: 286

كذا أسنده من طريقهما الديلمي، ثم إن زياد النميري ضعيف، وحفص بن عمر قال يحيى: ليس بشيء أحاديثه كذب.

836/ 1715 - "إن اللَّه جَعَلَ البركةَ فِي السحُور والكيلِ". الشيرازي

قال الشارح في الكبير: هو الحافظ محمد بن منصور في كتاب الألقاب له عن أبي هريرة.

قلت: لا أدري من أين دخل الوهم على الشارح في اسم الشيرازي، فإن اسمه أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن موسى أبو بكر لا محمد بن منصور كما زعم الشارح، ثم اتضح لي أن الوهم سلط عليه لجرأته على المصنف.

837/ 1718 - "إن اللَّه جَعَلَها لَكَ لِبَاسًا وجَعَلَكَ لَهَا لِبَاسًا، وأهْلِي يَرونَ عَورتِي وأنا أرَى ذَلِكَ مِنْهُم".

ابن سعد (طب) عن سعد بن مسعود

قال الشارح في الكبير: صوابه ابن محيصة بن مسعود الأنصاري، قال الذهبي: له ذكر وصحبة وفي التقريب: قيل له صحبة أو رؤية وروايته مرسلة اهـ، فالحديث مرسل.

قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح من وجوه:

الأول: أن هذا الحديث منكر باطل لمخالفته الصحيح من سنة [رسول] اللَّه صلى الله عليه وسلم والثابت المعروف من هديه وأمره، والصحيح عن عائشة رضي الله عنها من قولها:"ما رأيت ذلك منه ولا رأى ذلك مني"، وفي سيأتى الحديث من أصله نكارة وهو سعد بن مسعود الليثي قال: "أتى عثمان بن مظعون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أستحي أن يرى أهلي عورتي، قال: ولم وقد جعلك اللَّه لهن لباسًا وجعلهم لك لباسًا، قال: أكره ذلك، قال: فإنهم يرونه مني وأراه منهم، قال: أنت رسول اللَّه، قال: أنا، قال: أنت فمن بعدك إذا؟! فلما أدبر عثمان

ص: 287

قال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن ابن مظعون لحيى ستير.

ففي هذا السياق ومراجعة ابن مظعون للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر بذلك التعبير الغريب ما يدل على نكارته وبطلانه قبل مخالفته للثابت من سنته صلى الله عليه وسلم، فكيف وفي سنده عند ابن سعد [3/ 1/ 287]"عبد الرحمن بن زياد الإفريقي" راوي الغرائب والمنكرات والمدلس عن الكذابين والراوي عن المجهولين، وفي سنده عند الطبراني يحيى بن العلاء وهو كذاب يضع الحديث كما قال أحمد بن حنبل، فكيف يقبل ما رواه مثل هؤلاء في معارضة الصحيح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه.

الثاني: سعد بن مسعود ليس بصحابي فالحديث مرسل، فكان لزامًا على المؤلف أن ينص على ذلك إن عرفه، لأن الإرسال من علل الحديث، وإن لم يعرفه فهو تقصير منه في البحث، بل ربما يعد قصورًا إن كان وقف على الحديث في طبقات ابن سعد ولم يقلد في العزو إليه غيره، لأن سياق ابن سعد ظاهر في الإرسال لأهل الحديث كما سأذكره في الوجه الذي بعده.

الثالث: أن ابن سعد قرن بسعد بن مسعود عمارة بن غراب اليحصبي، فكان على المصنف أن يذكر ذلك، لأنه به يتبين أن سعد بن مسعود ليس بصحابي، وهذا مما يدل على أن المصنف لم ينقله من نفس الطبقات بل قلد فيه غيره، قال ابن سعد:

أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي ويعلي بن عبيد الطنافسي قالا: حدثنا الإفريقي عن سعد بن مسعود وعمارة بن غراب اليحصبي أن عثمان بن مظعون أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول اللَّه إني لا أحب أن ترى امرأتي عورتي" الحديث.

فعمارة بن غراب ليس بصحابي بل ولا تعلم له رواية عن الصحابة، إنما روى عن عمته عن عائشة، وقد قال أحمد بن حنبل: ليس بشيء، وقال ابن حبان: يعتبر حديثه من غير رواية الإفريقي عنه أي كهذا الحديث، فإنه من رواية

ص: 288

الإفريقي عنه فلا يعتبر به، فقرينه مثله ليس بصحابي، بل هو تابعي مجهول من شيوخ الإفريقي المجهولين فيما يظهر، وقد قيل في عمارة له صحبة وهو قول باطل.

الرابع: قول الشارح في سعد بن مسعود صوابه سعد بن محيصة بن مسعود الأنصارى باطل، فإن ابن محيصة قيل فيه إنه صحابي، وليس راوي الحديث كذلك، بل هو تابعي مجهول، ثم قد صرح الراوي عنه كما في رواية الطبراني، بأنه الليثي وابن محيصة ليس بالليثي، ثم العجب أن المتن وقع فيه سعد بن مسعود مجردًا وقد ذكر في الصحابة سعد بن مسعود الأنصاري، وسعد بن مسعود الكندي، وسعد بن مسعود الثقفي، وسعد بن مسعود غير منسوب، وسعد بن محيصة بن مسعود، فما أدري كيف وقع اختيار الشارح على الأخير مع مخالفته لما في المتن، وترك الأربعة المذكورين مع الموافقة لما في المتن إن هذا لشئ عجاب.

الخامس: قوله فالحديث مرسل تعريفًا على قول الحافظ وروايته مرسلة غلط، وبعدٌ عن فهم كلام أهل الفن واصطلاحهم، فقول الحافظ: روايته مرسلة غير ما فهمه الشارح فقال: فالحديث مرسل، بل مراد الحافظ أن صحبته إنما تثبت بالرؤية، وإنه لم يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان كذلك فالحديث يقال فيه مرسل صحابي بهذا القيد ولابد إذ لا يتصور على المعنى الاصطلاحي أن يكون الحديث من رواية صحابي وهو مرسل بإطلاق.

838/ 1721 - "إن اللَّه جَميل يُحبُ الجَمَالَ، ويُحبُ أن يَرى أثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبدِهِ، ويَكْرَهُ البؤسَ والتَبَاؤسَ".

(هب) عن أبي سعيد

قال في الكبير: وفيه أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي وسبق أنه وضاع، ورواه عنه أيضًا أبو يعلي.

ص: 289