المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلمة أخيرة ذات معنى - المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي

[إبراهيم خليل أحمد]

الفصل: ‌كلمة أخيرة ذات معنى

‌كلمة أخيرة ذات معنى

إن من أقوى تسرب الأخبار للدول الغربية الحقيبة الدبلوماسية.

لعل أقوى مثل لهذا سفير الولايات المتحدة بالجمهورية العربية المتحدة (جون بادو) ، ومن هو؟ إنه الأستاذ بالجامعة الأمريكية ثم مدير الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وله عدد كثير من أصدقائه من خريجي الجامعة، من هؤلاء من يتبوءون مراكز أدبية حساسة، ولهذا السفير اجتماعات حول موائد الشاي تارة، وفي عيد الاستقلال الأمريكي طورا آخر، وفي عيد الشكر يجتمعون ويتسامرون، ثم يعقدون اجتماعات خاصة، ثم تكون المعلومات، ثم تعد الحقيبة الدبلوماسية لتطير إلى الولايات المتحدة. ومصداقا لهذا ما ثبت من قضية الجاسوسية التي استطاع الرائد أديب حنا وضع يده عليها، فإنها تؤكد أن الأخبار كانت تتسرب إلى الخارج عن طريق الحقيبة الدبلوماسية كما أفادت الجرائد وقتئذ.

ثم هذا سفير آخر هو ملس ميشيل عندوم، كان طالبا بكلية أسيوط، وكان على صلة بالأمريكان وتحت رعايتهم، وكانت الكنيسة الأثيوبية تخضع لسلطة الكنيسة الأرثوذكسية بالقاهرة، إلا أنها - لأسباب سياسية بحتة - انفصلت نهائيا في أيامنا هذه. ولعل هذا الانفصال كان بإيعاز من الإنكليز حتى لا تتأثر الحبشة بالمجال السياسي للجمهورية العربية المتحدة.

ص: 100

لا يستطيع بنو البشر أن يطفئوا نور الشمس

من الفيوضات الربانية للأمة الإسلامية أن هذه الحركات التبشيرية قد خدمت الإسلام والمسلمين، فظهر في الإسلام رجال دافعوا عن الإسلام، وكتبوا كتباً أصبحت مع الأيام مراجع علمية زاخرة. كما قيض الله من بين رجال الغرب علماء أنصفوا الحقيقة فكتبوا أروع ما كتبوا عن الإسلام والقرآن الكريم، هذا بالرغم مما بذله الاستعمال بنفوذه ودعائه ومؤازرته للتبشير بالفكر المسيحي وبحضارة المسيحيين، ومن تيئيس المسلمين في صور شتى في مستقبلهم وفي علاقاتهم بالإسلام.

بالرغم من كل ذلك وجد من قادة الفكر الحر من الغربيين ومن المسلمين من تصدي لمثل هذه الضلالات في أوربا وفي آسيا وأفريقيا.

لقد أخذ الإسلام مع بزوغ القرن الثامن عشر وفي العصر الذي يسمونه بعصر النور والإصلاح - أخذ من قادة الفكر الغربي اعتبارا جعلهم يحسنون تقديرهم للإسلام شيئا فشيئا على نحو مستمر، ولكنه لا يكاد يحس به إنسان من فرط بطئه، فهناك الآن رجال أحرار ينصفون الإسلام في كتاباتهم، ويستعينون بمراجع غير تلك التي كتبها المستشرقون والمبشرون، مراجع من المسلمين أنفسهم، كالمؤرخ العربي أبو الفدا. ومن هذا التراث الإسلامي ظهرت هذه الذخيرة:

1-

الديانة المحمدية للعلامة الهولندي أدريان ربلان.

2-

كتاب حياة محمد للعلامة الفرنسي أرنست جانييه 1723.

3-

كتاب حياة محمد للعلامة الفرنسي هنري كونت دي بولاتفيه 1730.

4-

كتاب تاريخ محمد مشرع العربية للعلامة الفرنسي فرنسوا هنري.

ص: 101

وفي الهند - ظهر محمد إقبال يهاجم القاديانية هجوما عنيفا من الوجهة الإسلامية والوطنية، وفي الوقت نفسه يكتب كتابه "تجديد الفكر الديني في الإسلام".

وفي الجمهورية العربية المتحدة - ظهر الإمام الشيخ محمد عبده يهاجم الاستشراق، ويضطره هذا الهجوم إلى الكتابة عن نوايا الإسلام بالنسبة للمسيحية.

ومع هذين الرجلين: محمد إقبال ومحمد عبده، ظهر جمال الدين الأفغاني من الفترة من سنة 1839 - 1893 في أوج الحركة التبشيرية والنفوذ الاستعماري في الشرق - ظهر يحمل على السيد/ أحمد خان وينقد كتابه وفلسفته (السلوك الطبيعي) نقدا مرا في كتابه الرد على الدهريين، وفي الوقت نفسه أخذ يدعو المسلمين جميعا إلى العودة إلى القرآن الكريم.

هؤلاء الثلاثة كانوا من المفكرين، وكان ثلاثتهم من السياسيين أصحاب التوجيه ضد الاستعمار.

أما وقد انتهيت من بسط تقريري هذا فلا أقل من عرض العلاج الحاسم لدرء شر الاستعمار وإجلائه مادياً ومعنوياً عن آسيا وأفريقيا، ويعجبني ما جاء به السيد الدكتور محمد البهي وزير الأوقاف وشئون الأزهر سابقا في تقريره "المبشرون والمستشرقون في موقفهم من الإسلام" في صفحتي 4، 5 عن العلاج الحاسم، إذا وضع ثقة مطلقة في المؤتمر الإسلامي، وأنا أضيف على النسق المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. والله المستعان.

ص: 102