المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المشروع الأمريكي في احتلال العراق وأثره في تغيير خارطة المنطقة   بقلم الدكتور - المشروع الأمريكي في احتلال العراق وأثره في تغيير خارطة المنطقة

[عبد القادر المحمدي]

الفصل: المشروع الأمريكي في احتلال العراق وأثره في تغيير خارطة المنطقة   بقلم الدكتور

المشروع الأمريكي في احتلال العراق وأثره في تغيير خارطة المنطقة

بقلم

الدكتور عبد القادر مصطفى المحمدي

‌المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله الطيبين وأصحابه الغر الميامين وبعد:

فبالسرعة التي سقط بها النظام الفاشي (البعثي) حتى فوجئ العالم بذلك؟ فانهارت دولة حكمت بالحديد والنار عدة عقود، ولم يكن ذلك الانهيار متدرجاً، بل شمل كل أركان الدولة الحاكمة العسكرية والسياسية والاقتصادية .. وهلم جرا.

ومن يعمق النظر في العقود التي حكم بها النظام السابق - بتجرد-يجده قد سار في طريق إسقاط هذه الدولة العريقة منذ توليه الحكم، وهذا ليس محل الحديث .. ولكن:

من يتأمل في سرعة السقوط، وما حدث أثناءه، وما حدث ويحدث إلى الآن، من حرق المنشآت وحركة الحواسم (السلب والنهب) إذ لم يسلم من السلب والنهب والحرق! حتى المدارس والمستشفيات؟ يجد بوضوح أيد خفية خططت وجلية نفذت، كلها تواطأت لنسف البلد من الجذور.

والحقيقة: أن المخلّصين! ومن جاء معهم إنما جاءوا وبين يديهم حلم عريض وهو إشعال المنطقة وحرقها، إذ أن العراق يمتلك أعراقا متعددة وأديان مختلفة، ومذاهب كثيرة، وهذه ليست عيباً إذما كانت متلائمة متفاهمة، وهكذا العراق منذ قديم الزمان، وهي ليست خاصة به فكثير من البلاد في المنطقة والعالم لها أكثر من هاتيك التنويعات البشرية، بيد أن العراق يمثل لهم هدفاً ستراتيجياً في المنطقة، لسببين، أولهما: لوجود الصهاينة المحتلين لأرض فلسطين وأطماعهم في المنطقة، ولن يتحقق لهم ذلك والمنطقة متلائمة متوحدة، خاصة أنّ اليهود يعتقدون أن للعراق دور في تدمير دولتهم، ولهم تجربة بابلية سابقة. لذا فإني سمعت من إذاعة إسرائيل العربية وهي تزف بشرى شارون لشعبه بتحرير أرض بابل؟؟ وكلنا قرأ أو سمع تقرير المتحف البريطاني المؤخر في 15/ 1/2005 عن تدمير المحتلين لمدينة بابل الأثرية؟!

ص: 1

والثاني: أن العراق بأطيافه المتعددة يقع وسط دول متعددة، فيه طيف يتجانس مع كل واحدة منها (إيران، وتركيا، وسوريا، والأردن، والسعودية).

وتتشكل بمجموعها من: مسلمين، ومسيحيين، وآشوررين وكلدان، وعلمانيين، ولبراليين، وشيوعيين، وقوميين. والمسلمون: فيهم عرب سنة، عرب شيعة. وأكراد سنة، وأكراد شيعة.

فهو مهيأ حسب الدراسات الصهيونية (سنية، شيعية، أكراد، تركمان)

وبالتأكيد كان سيناريو السقوط السريع للدولة، هو تحذير لكل شعوب المنطقة (الخليج) حكاماً ومحكومين، فأمريكا أرادت أن تصفع العالم الإسلامي بصدام! ففي تصريح أخير لكولن باول وزير الخارجية الأمريكي في أعقاب احتلال بغداد قال بالحرف الواحد: "نأمل أنه نتيجة لما حدث في العراق وللبغض الذي يكنه العالم للأنشطة الإرهابية وتطوير أسلحة الدمار الشامل أن بعض الدول التي كنا على اتصال بها ونتحدث إليها

كسوريا وإيران سوف تتحرك في اتجاه جديد" (1).

فالأعم الأغلب من الحكام تلقفوا هاتيك الرسالة، فبعضهم نادى بالإصلاح _الأمريكي طبعاً- وبعضهم رفع صوره وتماثيله من طرقات بلده لما رأى صور صدام تصفع بالنعال! وهكذا.

والأفجع من ذلك أن بعض الحكام قدم أضاحي من شعبه (الإرهابيين) - كما سماهم- بين يدي إلهه بوش لعله يرضى .. وقام آخر بالتبرؤ من كل وثن أسمه (أسلحة نووية)،متقرباً إلى سيدته المبجلة الولايات الأمريكية، بعد كل تلك الشعارات والخطب؟!

ولا ضير أن تملك عصاً أو طائرة مكافحة الأرضة، المهم بعلم السيدة، ولا ضير أن كان في ذخيرتك رصاص، أو طائرات مقاتلة، ولكن شرط أن تستعملها لضرب الإرهابيين من أبناء شعبك!

وهكذا ظهر للكثيرين أن مسألة القرار الأميركي تجاه العراق ليس قراراً ظرفياً، وليس قرار ردة فعل على ممارسة عراقية معينة، بل إن مسألة التعاطي بالقرار هي جزء من نظرة استراتيجية للإدارة الأميركية وفق أسلوب تعاطيها وتواجدها؛ لا بل وضع يدها على واقع المنطقة ككل.

(1) أنظر: ملامح التغيير المرتقب للمنطقة العربية، حسن الرشيدي، الذي نشر في مجلة البيان، العدد 189،سنة 2003م.

ص: 2

فالعراق يشكل في وضع المنطقة من الزاوية الجغرافية السياسية والاقتصادية والاجتماعية مركز قيادة حقيقي لترتيب أوضاع المنطقة على حدوده من إيران وتركيا والكويت وسوريا والسعودية حتى الخليج العربي عبر إطلالته على شبه القارة إضافة إلى الأردن كممر على إسرائيل، وطبعاً لا ننسى القضية الفلسطينية وانتفاضتها.

فما احتلال بعض الدول العربية من قبل! والعراق اليوم إلا خطوات متواصلة منسقة لتحقيق هاتيك الأهداف، التي تصب في المصلحة (الصهيوأمريكية)،والتي تهدف إلى زرع الفتنة، وإثارة القلقة في المنطقة، وتقسيمها إلى سايكس بيكو جديدة:،إقليم شيعي: متمثلاً بجنوب العراق وإيران، وجزء من سوريا، أو ما يسموه الهلال الشيعي. وإقليم سني، متمثلاً: بالوسط والشمال العراقي وسوريا. ثم إقليم كردي: متمثلاً: بأكراد العراق وأكراد إيران وأكراد تركيا.

وبهذا تضمن تمزيق الوحدة الإسلامية، من خلال تهيج العرقية والطائفية في المنطقة. ليتحقق لإسرائيل السيادة فيها، على مبدأ:"فرق تسد".

ومن هنا نسمع بين الفينة والأخرى دعوات، ومشاريع كالمشروع الأمريكي أو مبادرة الإصلاح، أو خارطة الطريق، وما إلى ذلك، وليست هي في الحقيقة إلا تغييراً لخارطة المنطقة، وابتلاع إسرائيل للدول المنطقة كما ابتلعت أرض فلسطين من قبل ولرسم حدودها الجديدة التوراتية -المزعومة- من الفرات إلى النيل.

وما جرى ويجري في العراق نذير شؤم في المنطقة، فكما صمتت الأفواه عند احتلال العراق وابتلاعه، وسارعت النظم العربية والإسلامية، رغبة ورهبة بالاعتراف بما يجري في العراق، وشرعنة الاحتلال

ص: 3