الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: الخروج على منظمة الأمم المتحدة التي لم تمنح الولايات المتحدة أي تفويض بشن الحرب على العراق واحتلاله. وهنا تكمن الخطورة الكبرى في الخروج على الوضعية السيادية للمنظمة الدولية ودفعها تواجه المصير نفسه الذي واجهته عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى في ثلاثينيات القرن (1). .
الفصل الرابع
الموقف العربي من المشروع
ارتفعت أصوات المبشرين بالإصلاح في المنطقة، وحرصوا ألا يتجاوز النقاش في المنطقة العربية والإسلامية في الآونة الأخيرة، ولا غرو في ذلك، فهناك أزمة هيكلية عنيفة (ومزمنة) تعيشها جميع النظم العربية، والإسلامية، وكما شهدنا عبر التاريخ، أنه في أعقاب أية أحداث دولية كبرى تندلع موجة من المطالبات الإصلاحية الكبرى: فغداة الحرب العالمية الأولى، برز مطلب الاستقلال السياسي على رأس أولويات القوى الوطنية، وغداة الحرب العالمية الثانية، برز مطلب الإصلاح والعدل الاجتماعي، كقضية محورية تطالب بها القوى التقدمية والديموقراطية الجديدة.
وغداة الحرب العالمية الثالثة، وهي حرب (افتراضية) من طراز جديد، اندلعت بعد أحداث 11 سبتمبر (وبدأت الحرب في أفغانستان والعراق)، برز مطلب التغيير والإصلاح السياسي ليكون على رأس الأولويات.
وهكذا، فإنه يكون دائما (صدمة خارجية) تلعب دوراً هاماً في تحريك الأحداث الداخلية، ولكن بشرط أن تكون (البذور) و (الخمائر) الداخلية موجودة لكي تتفاعل مع الظرف الخارجي سلباً أو إيجاباً.
وضمن هذا السياق، نشهد الموجة الإصلاحية الجديدة في ربوع المنطقة العربية، بأشكال وتنويعات مختلفة حسب المنطلقات، وحسب توليفات الإصلاحيين الجدد (2).
لكن الأزمة كل الأزمة تكمن في الموقف إزاء المشاريع الإصلاحية الكبرى القادمة من الخارج: الأميركية (مشروع الشرق الأوسط الكبير)، والمشروع الأوروبي (يوشكا فيشر). تلك المشروعات متعددة الأبعاد: السياسية، الاستراتيجية، الاقتصادية، الثقافية والتعليمية، وحيث تختلف أولويات الإصلاح في
(1) أنظر: الشرق الأوسط الكبير في المنظور الأمريكي، مجلة السفير12/ 7/2004م.
(2)
أنظر استراتيجية فرض الهيمنة، بقلم د. سامي محمد صالح الدلال البيان العدد 184.
تلك المشروعات عن أولويات المشروعات الوطنية الديموقراطية، النابعة من الداخل، في العديد من النقاط والمنطلقات.
ويتمثل مأزق الإصلاحيين الجدد الذي يرقصون على أنغام المبادرات الخارجية، ويراهنون على الدور الأميركي (العامل الخارجي) في إحداث الإصلاح وتسريع وتيرته، في أن أميركا باتت الحليفة في المسألة الديموقراطية وهي العدو في المسألة الوطنية (1).
وجاءت ردود الفعل في المنطقة العربية متنوعة رداً على تلك المبادرات الخارجية للإصلاح على الصعيدين الشعبي والرسمي. فعلى الصعيد الشعبي، تم رفض مبدأ المشروعات الإصلاحية القادمة من الخارج لدى العديد من القوى اليسارية والإسلامية، بينما رحّب بها بعض المنظمات غير الحكومية، والأوساط الليبرالية، نتيجة اليأس من فكرة الإصلاح من الداخل، نتيجة طول الانتظار وضعف الطاقة النضالية لديها.
وعلى الصعيد الرسمي، كانت ردود الفعل الرسمية باهتة ومائعة في معظم الأحيان، وتكتفي بالرفض الشكلي لفكرة الإصلاح القادمة من الخارج، مع العمل على التخفيف من وطأة الضغوط الخارجية لإحداث تغييرات تمس مصالح وأوضاع النخب الحاكمة. ولعل رد الفعل الرسمي المهم الذي يمكن الاعتداد به هو ما سُمي:"مؤتمر قضايا الإصلاح العربي: الرؤية والتنفيذ"(2)، في محاولة للرد على المبادرة الأميركية المسماة:"بالشرق الأوسط الكبير".
وقد أعدّت الورقة الرئيسية المقدمة للمؤتمر على عجل، وضُبط إيقاع مناقشات المؤتمر في المحاور الأربعة:
1 -
السياسي.
2 -
الاقتصادي.
3 -
الاجتماعي.
4 -
الثقافي.
وبحكم آلية العمل التي ركب عناصرها المشرفون المباشرون على المؤتمر خطوطا معينة وحدوداً مرسومة. وقد مر اللقاء في جو يتسم بكثير من الاستعجال المشوب بالحذر والتردد.
ولعل الجهات المشاركة في تنظيم المؤتمر لم يغب عنها العنصر الخارجي، حيث إن من بين أهم الأطراف التي لعبت دوراً هاما في اللجنة التحضيرية للمؤتمر كانت:
(1) أنظر: المصدر نفسه.
(2)
الذي عقد في مكتبة الإسكندرية، برعاية رسمية، خلال الفترة 12 - 14 آذار/ مارس 2004.