الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشركات الأجنبية العاملة فيها خاصة في ظل استفادتها من البنية التحتية التي يمولها دافع الضرائب الأردني" (1)، بمعنى آخر، يرى أصحاب هذا الرأي أن القصة كلها تبدأ وتنتهي لخدمة الكيان الصهيوني وذلك بفتح الأسواق العربية لرأسمال الإسرائيلي ليتغلغل في عمق الاقتصادات العربية للتحكم فيها ومن ثم التأثير في القرارات السياسة العربية بوجه عام0 ولا بد من الإشارة هنا أن ظروف توقيع مصر لهذه الاتفاقية أقل ملاءمة من تلك التي وقعت فيها الأردن مثيلتها بحيث أصبحت الفوائد المرتجاة أقل وهو ما يجعل مساوئها أكثر0
وعلينا أن لا ننسى أن ذلك يأتي تحت عنوان (إحلال السلام بين شعوب المنطقة والاستقرار لدولها وتحقيق الازدهار) إكراما لعيون إسرائيل وضمان أمنها وتطورها لتصبح الدولة العظمى في المنطقة0 وما (الحرب على الإرهاب)، واحتلال العراق، وحماية احتلال واستيطان وجرائم شارون في فلسطين، و (مشروع الشرق الأوسط الكبير)، إلا أمثلة مما يوضع وينفذ من مخططات في المنطقة العربية، وهي ليست سوى أساليب وأشكال ومستويات من " التأهيل" لتكون المنطقة مصدر خير وبركة للجميع لاسيما الولايات المتحدة الأميركية وشريكتها الصغرى المسماة إسرائيل!
الفصل السادس
العلاقات الأمريكية الأوروبية في ظل المشاريع الأمريكية
إن تسليط الضوء على العلاقات الأمريكية الأوروبية وما تريده أمريكا من دول أوروبا فيما يخدم السير بمشروعها للشرق الأوسط الكبير يضعها أمام النظر في نوع العلاقات وطبيعتها ومداها.
فلا بد من فهم الوضع الأوروبي ولو بشكل إجمالي حيث أن أغلبية دول أوروبا مثل إيطاليا والبرتغال ودول شرق أوروبا تدور في فلك الولايات المتحدة إن لم تكن تابعة لها في سياساتها الخارجية.
أما بريطانيا فهي وبعد أن كنستها أمريكا من معظم مستعمراتها ومناطق نفوذها قررت مسايرة أمريكا والمحافظة على البقاء بجانبها وذلك لتحافظ على مصالحها عن طريق تأمين مصالح الدول المتفردة بالعالم وبما يتيح لها البقاء على دور تحرص على وجوده مع كونه دورا شكليا في الموقف الدولي.
ويبقى في الساحة الأوروبية الدولتان الأبرز وهما فرنسا وألمانيا، فألمانيا وان برزت معارضتها لأمريكا في بعض السياسات وخصوصا في حربها على العراق فهذا كما يبدو انه ترتيب أمريكي من اجل قطع الطريق على محاولات فرنسا التأثير على الساحة الأوروبية والدولية.
(1) أنظر: على حتر، صحيفة الغد- 29/ 10/2004.
أما فرنسا فهي تحاول جاهدة الدفاع عن وجودها كدولة كانت حتى وقت قريب وقبل تفرد أمريكا دولة مؤثرة في الموقف الدولي حالها حال بريطانيا مع الفرق بين الساسة الإنجليز والفرنسيين (1).
لذلك فهي تحاول جاهدة التأثير مجددا في مجريات الأحداث الدولية ولو كان ذلك عن طريق اتخاذ مواقف في وجه أمريكا وما تخطط له تجاه أوروبا والعالم، وقد ظهر ذلك جليا في معارضتها للعدوان على العراق وهي مع ذلك لا تمتلك في الوقت الحاضر المتطلبات اللازمة ولا حتى القدرة على الاستمرار في البقاء على موقفها تجاه مخططات أمريكا، وتكتفي في معظم الحالات بمحاولاتها التمرد بين الحين والأخر بل وبث الجرأة بين دول العالم على مواجهة تفرد أمريكا في العالم إضافة إلى إبراز نفسها على الساحة الدولية مما ولد حالات احتكاك تطورت إلى جفاء بينها وبين أمريكا بلغت الذروة أثناء محاولة الأمريكيين استصدرا قرار مجلس الأمن الدولي لغزو العراق، فالإدارة الأمريكية التي تواصل العمل على تقزيم أوروبا تدأب على منع فرنسا بالذات من الارتكاز على ثقل أوروبا السياسي الذي يشكله الاتحاد الأوربي.
ومنع خطر ذلك من التأثير في الموقف الدولي حيال توحدها على الصعيد السياسي وقد نجحت في تحقيق ذلك حتى الآن وستبقى فرنسا مستمرة في محاولاتها للتأثير في مجريات الأحداث الدولية كلما واتتها الفرصة المناسبة مع دوام المراقبة لمصالحها ومدى الضرر الذي يمكن أن يلحق بخروجها عن الرغبة الأمريكية.
وضعت فرنسا وألمانيا مشروعاً للإصلاح في الشرق الأوسط، سمتاه " ورقة من فرنسا وألمانيا"، تحت عنوان "شراكة استراتيجية لمستقبل مشترك مع الشرق الأوسط". ويركز المشروع على الجهود الأوروبية المبذولة في المنطقة، وضرورة التشاور والتنسيق والتفاهم مع بلدانها التي "عبرت عن حوار جماعي قوي في وجه أي محاولة لفرض نموذج من الخارج"، والتشديد على خصوصية كل دولة، على أن يكون التنسيق كاملاً بين بلدان المنطقة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والحلف الأطلسي، خلال الاجتماعات الثقافية أو الجماعية. ويشدد المشروع أيضاً على ضرورة التوازي بين تسوية النزاع العربي - الإسرائيلي و"إنشاء حكومة سيدة ومسؤولة في العراق" من جهة، ومسيرة الشراكة المقترحة من جهة أخرى (2).
كما يقترح المشروع، الذي نقلت صحيفة "الحياة" في باريس نصه، نقتطع منه بعض العبارات:"
(1) أنظر:. عودة الاستعمار القديم، بقلم د. عماد الدين خليل -مجلة البيان العدد 189.
(2)
أنظر:. النفط يشعل الحرب، بقلم خالد أبو الفتوح- البيان العدد 189.
- ان مستقبل منطقة الشرق الأوسط مصدر قلق مشترك نتقاسمه مع شركائنا في المنطقة والشركاء الأطلسيين. نحن على استعداد لدعم بلدان الشرق الأوسط وتشجيعها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ان كل مبادرة في شأن الشرق الأوسط ينبغي أن تلبي حاجات المنطقة وتطلعاتها، ونجاحها يتوقف بالدرجة الأولى على هذه البلدان. إن تطلعات المواطنين، وهم في غالبيتهم من الشباب، كبيرة، إذ أن نصف سكان المنطقة هم دون الثامنة عشرة، ويقضي التحدي الحقيقي بتعديل الوضع القائم على أساس شراكة صادقة وتعاون ورؤية مشتركة. إن الحكومات، مثلها مثل المجتمع المدني، شريكة في هذه المهمة.
- إن على الاتحاد الأوروبي إن يستجيب هذه الأمور. إذ أن لأوروبا مصلحة كبيرة في التطور الايجابي للمنطقة. فإلى التحديات الأساسية للأمن، هناك الروابط الجغرافية والثقافية والاقتصادية والبشرية بين أوروبا والمنطقة والتي تدفع بوضوح في هذا الاتجاه. ويمثل الالتزام الحالي للاتحاد الأوروبي تجاه دول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأدنى والأوسط، أولوية مركزية في إطار العمل الأوروبي. وفي هذا الإطار، عمل الاتحاد خلال الاجتماع الأوروبي - المتوسطي "يوروميد" في نابولي والقمة الأوروبية في بروكسيل في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، على تحديد استراتيجية تخدم هذه المنطقة.
- اقترحت الولايات المتحدة أفكاراً في شأن "الشرق الأوسط الكبير" وسبل مواكبة تحديثه وإحلال الديموقراطية فيه. وعلينا أن نستقبل بايجابية امكان عملنا معاً وتنسيق جهودنا. وينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يتطلع الى شراكة عبر الأطلسي مع الشرق الأوسط. كما ينبغي عليه ان يحدد مقاربة مميزة تكمل مقاربة الولايات المتحدة، بالاستناد الى مؤسساته الخاصة وأدواته.
- مبادئ العمل:
1 -
ان قوة الدفع ينبغي أن تأتي من المنطقة، ان كل الدول والمجتمعات المعنية عبرت عن حذر جماعي قوي في وجه أي محاولة لفرض "نموذج" من الخارج. سنعمل مع كل البلدان لاستجابة مطالبها فور الامكان، عبر مشاركتها الوثيقة وفي أبكر مرحلة ممكنة. علينا التحرك عبر الحوار والتحفيز، مع الحكومات وأيضاً مع المجتمعات المدنية بالالتصاق الى أقصى قدر بحقائق كل بلد.
2 -
لا بد من الأخذ في الاعتبار للمشاعر الوطنية وهوية كل بلد: ينبغي الحرص على تجنب مخاطر المقاربة الشديدة العمومية التي تغيب الخصوصيات الوطنية وتصف الإسلام باعتباره غير قابل للحداثة. ولا بد، بموازاة ذلك، من حضّ البلدان المعنية على التعبير عن آرائها، سواء في إطار الجامعة العربية، أو في المنتديات المخصصة لذلك، من أجل إشهار تطلعاتها.
- تعزيز التزام الاتحاد الأوروبي: ان عمله ملحوظ من خلال نهج برشلونة (وبدرجة أقل الحوار بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي) ، ان أدوات هذه الشراكة (اتفاقات الشراكة وبرنامج "ميدا" والحوار السياسي) تعمل منذ 8 سنوات وتحظى بامكانات مالية مهمة. ان هذا المكسب الأوروبي ينبغي ان يطور ويتعزز.
- مسيرة السلام في الشرق الأوسط: ان الاستراتيجية الأمنية الأوروبية تشير إلى أن "تسوية النزاع العربي - الإسرائيلي تشكل أولوية استراتيجية لأوروبا. وفي غياب مثل هذا الحل لن تكون هناك أي فرصة لتسوية المشاكل الأخرى في الشرق الأوسط". ولهذا السبب، من الضروري إعادة إطلاق نهج السلام في الشرق الأوسط بالتوازي، من اجل التوصل الى التسوية المنتظرة منذ مدة بعيدة لكل مساراته. ومن الضروري ايضاً إنشاء حكومة مسؤولة وسيدة في العراق. ان أياً من هاتين المسألتين ينبغي ألا تعرقل تطوير شراكة على المدى الطويل، لكن لا يمكننا توقع النجاح الكامل ما لم تتقدم مسيرة السلام في الشرق الأوسط.
- مبادرة أوروبية:
إن المبادرة الأوروبية ستحدد في إطار القمم الأوروبية واجتماعات مجالس الشؤون العامة والعلاقات الخارجية. هناك مساهمة مرتقبة من الأمانة العامة للمجلس والمفوضية. والمقصود بذلك زيادة جهودنا لتعزيز الأدوات القائمة والتي تستند إليها شراكتنا مع بلدان المتوسط وبلدان الخليج، بالتعاون مع بلدان أخرى من الشركاء" (1).
(1) ويمكن الرجوع إلى النص كاملاً في صحيفة الحياة 7/ 3/2004.
في ختام هذه البحث يمكننا الخروج بأهم النتائج وذكر أهم التوصيات:
1 -
لم يكن سقوط بغداد في 9/ 4/2003م وليد اللحظة، ولكنه نتاجاً وحصاداً لما زرعه نظام دكتاتوري مستبد، أذاق العباد والبلاد من أبناء شعبه والمنطقة جمعاء شروراً وويلات، مما سهل على الغزاة الطامعين وطئ أرض الأنبياء والأولياء، ولا نبعد النجعة إذا قلنا أنها سلسلة من الحلقات المتصلة، فسقوط بغداد الحقيقي هو اللحظة التي وصل فيها الدكتاتور إلى سدة الحكم.
2 -
إن سقوط النظام السابق في العراق بهذه الطريقة، هو صفعة (صهيوأمريكية) لكل حكام المنطقة.
3 -
إحتلال العراق هو في حقيقته بداية مشروع احتلال المنطقة بأسرها، لتحقيق حلم صهيون:"من الفرات إلى النيل"،من خلال إضعاف الدول في المنطقة وتقسيمها إلى أقاليم متنازعة.
4 -
فالمشروع الأمريكي في المنطقة هو: سايكس بيكو جديد، وتقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، وذلك بتحويل العراق بأطيافه المتنوعة بتنوع الأعراق:(عرب، أكراد، تركمان، كلدان، أشوريين)،وبتنوع المذاهب (سنة وشيعة)،إلى نواة تجزئة المنطقة، من خلال: إقامة دولة كردية لأكراد العراق وإيران وتركيا وسوريا، وأخرى شيعية لشيعة العراق وإيران وسوريا، وأخرى سنية لسنة العراق وسوريا والأردن والسعودية، ناهيك عن المطالبات التركية بدولة التركمان.
5 -
نجح المشروع الأمريكي في احتلال العراق في ضرب مجلس الأمن والأمم المتحدة، وكشف عورة الجامعة العربية، وأكبر تجمع إسلامي رسمي (المؤتمر الإسلامي)،لما ضرب عرض الحائط رفضهم التدخل العسكري على العراق، فهو بذاك أمن الهيمنة المنفردة وعطل الفيتو المعارض.
6 -
المستعمر الأمريكي، لما فشل في لبننة العراق، عن طريق إثارة الحرب الطائفية غدا يسعى لأفغنة العراق، وتنصيب كرزاي جديد، لتحقيق أهدافهم في المنطقة.
أما عن أهم التوصيات:
1 -
لا يكفي للأمة التي تريد أن تصد الريح الصرصر العاتية في المنطقة، أن تبكي على الأطلال، وإنما لابد من النهوض، ولملمة الأشتات، والاستعلاء على الجراح.
2 -
أن من أهم واجبات الوقت في هذه المرحلة، البحث عن نقاط اللقاء بين دول المنطقة، وغض الطرف عن العيوب، وتناسي الخلافات، فالعدو لا يفرق بين أحد، ولا يرأف أو يحن على أحد، ولا خير في امتلاك السلاح، والعتاد، بلا عدة الأخوة، وقد نص القران على ذلك، قال تعالى:"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".
3 -
أنّ نقاط اللقاء كثيرة، فالإسلام، والقران، والقبلة، والتأريخ، وحتى المصلحة الدنيوية تجمعنا، فما وسع جيل النبي صلى الله عليه واله يسعنا "فعلي العربي وسلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي"،كانوا يقفون صفاً واحد بين يدي إله واحد، وخلف نبي واحد في الصلاة وفي القتال. وهذه أوربا على اختلاف أديانهم وألوانهم، ولغاتهم، وديارهم، تجمعوا، وتوحدوا! ونحن أحق بهذا وأحوج.
ومن هنا فكم تمنيت على ولاة الأمر في المنطقة، أن يجدوا الجد في إيجاد القواسم المشتركة والاستعلاء على الطائفية والعرقية، كإنشاء سوق مشترك، وعملة موحدة
…
ألخ.
4 -
على أبناء المنطقة، ساسة ومثقفين، أن يأخذوا دورهم في تثقيف الشعوب، وإنذارهم المخططات (الصهيو أمريكية)،من خلال المؤتمرات واللقاءات، والبرامج، والبحث عن نقاط اللقاء وتسليط الضوء عليها، بدلاً من النقد السلبي الذي لم يأت على الأمة بخير.
5 -
على الحكومات في المنطقة فتح القنوات مع أبناء الشعب، وجعل الكلمة لغة التفاهم، بدلاً عن الاتهامات، والاعتقالات، واحترام حقوق الشعوب وحرياتهم، ومحاولة التفاهم ورأب الصدع، والإصلاح من الداخل، بدلاً من اللهث وراء السراب، إذ رصيدها الحقيقي هم الشعب، وليست أمريكا، أو إسرائيل؟ وقد كان في صدام عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.