المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامسإسرائيل والشرق الأوسط الكبير الأميركي - المشروع الأمريكي في احتلال العراق وأثره في تغيير خارطة المنطقة

[عبد القادر المحمدي]

الفصل: ‌الفصل الخامسإسرائيل والشرق الأوسط الكبير الأميركي

(1)

مجلس منتدى الأعمال العربي الذي يترأسه السيد شفيق جبر، الذي يعتبر الوكيل الرسمي لمنتدى دافوس في مصر.

(2)

منتدى البحوث الاقتصادية للبلدان العربية وتركيا وإيران ((E R F، وهو منظمة غير مدنية محلية، الذي يتقاطع نشاطه الاقتصادي مع أنظمة البنك الدولي، وبعض الجهات الممولة (ذات التوجه الليبرالي).

وكان نتيجة لذلك أنه بالرغم من الحيوية التي اتسمت بها مناقشات المحور السياسي، حوصر النقاش المعمق في المحاور الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لذا جاءت وثيقة المؤتمر (بيان الإسكندرية) على درجة كبيرة من العمومية، برغم الحشد الهائل للمثقفين العرب لهذا اللقاء (1).

‌الفصل الخامس

إسرائيل والشرق الأوسط الكبير الأميركي

عند الشرق الأوسط الكبير تتقاطع المصالح الاستراتيجية لقوى ثلاث:

1 رأسمالية الذروة الأميركية (الشركات العملاقة).

2 المسيحية البروتستانية الجديدة (المحافظون الجدد).

3 الصهيونية التوراتية وذراعها العسكري السياسي (إسرائيل).

(1) أنظر: تقرير عن مؤتمر "مكتبة الإسكندرية"،بقلم كمال عبد اللطيف، مجلة المستقبل العربي، أيار 2004.

ص: 36

وترى الولايات المتحدة في إسرائيل، بالدرجة الأولى، مشروعاً استثمارياً حقيقياً في الشرق الأوسط، يهدف إلى تقويض النظام الإقليمي العربي بما يخدم المشروع الأميركي نفسه لجهة قيام نظام شرق أوسطي اقتصادي أمني على أنقاض جامعة الدول العربية كنظام إقليمي عربي ظهر في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

أما مصلحة إسرائيل من خلال إقامة شرق أوسط كبير، فهي إلى جانب كونها سوف تحتل حضوراً محورياً وازناً في المنطقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً، فإنها ستجد في المشروع حلمها التلمودي يتحقق في إقامة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل. وأبرز الدلالات على ذلك هو الدخول الإسرائيلي اليوم بشكل مكثف إلى العراق، بحيث أنشأت إسرائيل حتى الآن ثلاث محطات أمنية للموساد الإسرائيلي: محطة في بغداد، والثانية في كركوك، والثالثة في روسيتا على الحدود العراقية القريبة من سوريا (1).

هذا بالإضافة إلى تمادي إسرائيل في مسألة تهويد الاقتصاد العراقي وكذلك الأراضي والفنادق والدور في بغداد والموصل وكركوك، وهناك العديد من الشركات الإسرائيلية لشراء الأراضي في كردستان وغيرها، الأمر الذي يساعد على تعزيز النفوذ الصهيوني الاقتصادي والأمني والسياسي في العراق كمدخل إلى الخليج وسائر الدول العربية الأخرى.

إن الحدث العراقي الحالي وما قبله الحدث الأفغاني لإشعال المنطقة والعالم اجمع في نار بدأتها أمريكا تدعوا للتساؤل حول: إلى أين وصلت أمريكا في مشروعها (الشرق الأوسط الجديد)؟

ومن هنا تكون البداية حول آلية إدراك الأحداث السياسية المحيطة، وحتى يتم إدراك الأحداث السياسية بشكل واقعي علمي لا انفعالي فلا بد أن يكون لدى السياسي معلومات عن الدولة أو الدول الفاعلة في الحدث وليس الدول المنفعلة فيه، أي لا يهم المحلل السياسي الدولة الواقعة بالحدث نفسه أو تحت تأثير الحدث بقدر ما يجب أن يقوم به الباحث السياسي من دراسة الدولة أو الدول الفاعلة في الحدث، وهذا من بديهيات التحليل السياسي (2).

ومن غنائم إسرائيل في الحرب على العراق:

فتح خط النفط من الموصل إلى حيفا المحرر، إذ تتأهّب إسرائيل للإستفادة بأكبر قدر ممكن من حرب أمريكا على العراق، ابتداء من التخلص من "عدو صائل" ممثلا في صدام حسين وإبعاد شبح التهديد بأسلحة الدمار الشامل. لكن، يبدو أن لدى الإسرائيليين أشياء أخرى تختمر في عقولهم. واحد من المؤشرات القوية التي تكشف ما لدى الكيان الإسرائيلي من "الأطماع" المخبوءة، هو ما نشر في الصحيفة العبرية هاآرتس في 31 مارس، من تلميح لوزير البنى التحتية الإسرائيلي جوزيف باريتزكاي بفتح خط أنابيب البترول مجددا، و"المنقرض" منذ فترة طويلة من الموصل إلى ميناء حيفا المطلَ على البحر الأبيض المتوسط.

ومع احتياج إسرائيل لموارد الطاقة والاعتماد على النفط الباهظ الثمن من روسيا، فإن فتح خط الأنابيب مجددا سينعش الاقتصاد الإسرائيلي بشكل ملحوظ.،واستئناف الإمدادات من الموصل إلى حيفا سيتطلب موافقة أي حكومة عراقية تظهر وعلى الأرجح الحكومة الأردنية أيضا، باعتبار أن الأنبوب من المحتمل أن يمر عبر الأردن. وزارة باريتزكاي صرحت في 9 إبريل أنها ستجري مناقشات مع المسؤولين الأردنيين على استئناف إمدادات البترول من الموصل، وقد نقل مصدر مطلع أن الأردنيين كانوا متفائلين. وذكر الوزير باريتزكاي أنه متأكد بأن الولايات المتّحدة الأمريكية سترد بصورة إيجابية على فكرة إحياء خط الأنابيب. وطبقا لمصادر دبلوماسية غربية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية قد ناقشت هذا مع جماعات المعارضة العراقيّة. واستنادا لمصادر دبلوماسية، فإن إدارة بوش صرحت بأنها لن تساند العقوبات الدولية ضد العراق، إلا إذا وافق خلفاء صدام على تزويد إسرائيل بالبترول (3).

كل هذه المعطيات، تشير إلى صحة النظرية القائلة بأن حرب بوش هي جزء من الخطة الرئيسية لإعادة تشكيل منطقة "الشرق الأوسط" لخدمة مصالح إسرائيل. واستشهدت صحيفة هاآرتس بقول باريتزكاي بأن مشروع خط الأنابيب مبرر اقتصاديا، لأنه "بشكل مثير سيقلّل فاتورة الطاقة الإسرائيلية"!

والمجهودات الأمريكية لحصول إسرائيل على النفط العراقي متوقعة، وفق مذكرة التفاهم لسنة 1975 (MoU)، ضمنت الولايات المتّحدة ضمنت كلّ حاجات النفط لإسرائيل في حالة حدوث أزمة. ومذكرة (MoU) التي تجدد بهدوء كل خمسة سنوات، أشارت أيضا لبناء الولايات المتّحدة الأمريكيّة وتخزين احتياطي استراتيجي إضافي لإسرائيل، مساوي لحوالي 3 بلايين دولار في العام 2002. القانون الخاص شُرع لإعفاء إسرائيل من القيود على صادرات النفط من الولايات المتّحدة الأمريكيّة (4).

علاوة على ذلك، وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على تحويل النفط من سوقه المحلي، وضمان نقله في شاحناتها الخاصة، إذا كان المختصّون بالشحن كارهين أو غير متوفرين لحمل النفط الخام إلى إسرائيل!. ويضاف كل هذا إلى الالتزام المالي الضخم. ولدى الولايات المتحدة الأمريكية سبب آخر

(1) أنظر: مشروع النظام الشرق أوسطي -المخاطر والتحديات-.بقلم أحمد ثابت الذي نشر في مجلة مستقبل العالم الإسلامي العدد 14.

(2)

أنظر: المصدر نفسه.

(3)

أنظر: النفط يشعل الحرب، بقلم خالد أبو الفتوح، الذي نشر في مجلة البيان العدد 189 لسنة 2003م.

(4)

أنظر: مشروع النظام الشرق أوسطي -المخاطر والتحديات-بقلم أحمد ثابت.

ص: 37

لمساندة مشروع باريتزكاي: الطريق الموصل إلى النفط العراقي مباشرة إلى البحر المتوسط، سيقلل الاعتماد الأمريكي على إمدادات النفط الخليجي. إذ أن المدخل المباشر لثاني أكبر احتياطي للنفط في للعالم، يعتبر هدفاً استراتيجيا مهما بالنسبة لواشنطن.

وقبل فترة وقعت مصر والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل اتفاقية لإنشاء " المناطق الصناعية المؤهلة" في إطار "تأهيل" الاقتصاد المصري، بينما تظاهر المصريون ضد هذه الاتفاقية على أساس أنها تأتي لخدمة إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، كما يرى المتظاهرون0 والحقيقة أن مصر سارت في هذا المجال، على خطى الأردن الذي سبق له توقيع مثل هذه الاتفاقية قبل أكثر من سبع سنوات، لأنها، أي مصر، ترى أن النموذج الأردني مشجع جدا ولذلك قررت بعد ربع قرن من توقيع اتفاقيات "كامب ديفيد" أن تحذو حذوه0

على أننا قبل أن نورد بعض الآراء في هذا النوع من "التأهيل الاقتصادي"، لا بد أن نسأل: لماذا سميت هذه المناطق "مؤهلة" ثم لأي شيء بالضبط هي "مؤهلة"؟ الشرط الأساسي لإقامة هذه المناطق هو أن تحتوي السلع المنتجة في المصانع المقامة في هذه المناطق على حوالي 12% مكونات إسرائيلية0 بعد ذلك يكون في استطاعة إسرائيل أن تمتلك كحد أدنى حوالي 35% من رأسمال الشركة المعنية0 مقابل ذلك تصبح هذه الشركة "مؤهلة" لتصدير إنتاجها إلى الأسواق الأميركية معفاة من الرسوم والجمارك0

وهكذا يصبح العامل الأساسي في عملية التأهيل عامل إسرائيلي، وهو الذي يسمح لهذه المناطق المتخلفة أن تكون "مؤهلة" للتطور والتطوير ويسمح بدخولها إلى الأسواق الأميركية معفاة من الجمارك والرسوم (1).

البعض يرى أن هذه المناطق في حالة الأردن "نجحت في ترويج الأردن كمركز جاذب للاستثمار الدولي، وعكست الواقع الاستثماري الذي تتمتع به المملكة باعتباره جزءا مؤثرا في العملية الاقتصادية"، كما يقول المهندس عامر المجالي المدير التنفيذي لمؤسسة المدن الصناعية0 إضافة إلى ذلك ما يقال إنها توفره من "فرص العمل والتقليل من نسب البطالة ورفع مستوى المعيشة لقطاع واسع من المواطنين"(2).

في المقابل، يرى البعض الآخر أن "استضافة الأردن لاستثمارات مشتركة مع إسرائيل 000 يدخل الاستثمار الإسرائيلي إلى عمق الاقتصاد الأردني من خلال القيمة المضافة، وأن هذه المناطق لم تمكن الاقتصاد الأردني من الخروج من مديونيته " وأن " تواضع إسهام هذه المناطق في حل مشكلة البطالة أو رفع مستوى معيشة المواطنين أو بنقل تكنولوجيا متطورة، يجعلها مجرد مصدر للربح الذي تحصل عليه

(1) أنظر: مشروع النظام الشرق أوسطي -المخاطر والتحديات-بقلم أحمد ثابت.

(2)

أنظر ملامح التغيير المرتقب للمنطقة العربية، حسن الرشيدي، الذي نشر في مجلة البيان، العدد 189،سنة 2003م.

ص: 38