الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يهود وأقباط وأكراد وغيرهم متساوين في الحقوق مع الأغلبية الساحقة من العرب والمسلمين" (1). هذا الكلام ونظائره تضعه الإدارة اليمينية الأمريكية في صدر أولوياتها لترتيباتها القادمة للمنطقة.
7 -
تفعيل دور المرأة والمنظمات النسائية المشبوهة في العالم العربي بما يخدم أهداف الصهيونية العالمية.
ثالثاً: على المستوى الاقتصادي
.
تبني الولايات المتحدة الأمريكية جل استراتيجيتها الاقتصادية في المنطقة العربية على بسط سيطرتها على آبار النفط الغنية في الخليج، واستنزاف آخر لتر من نفط العرب؛ إذ توقن الولايات المتحدة الأمريكية بأن خروجها، والاقتصاد العالمي، من حالة الركود التي يعيشها الآن مرهون بوضع يديها على احتياطي النفط العراقي الضخم الذي يتجاوز بكثير الـ 12 مليار برميل المعلنة رسمياً في العراق، ويعد أكبر احتياطي نفطي في العالم، ومنع أسعار النفط من أن تتجاوز حداً معيناً؛ هو أقصى حدود السعر الأمثل للولايات المتحدة الأمريكية، والتي تستفيد من انخفاضه من جهة، كما تستفيد شركاتها النفطية العملاقة من ارتفاعه من جهة أخرى.
وعلى الرغم من التكلفة الباهظة لحرب الخليج الثالثة، فإن من يدفع فاتورة الحرب -كما جرت على ذلك السنن التاريخية - الطرف المهزوم، وليس هذا الطرف هو العراق وحده، بل جميع الدول العربية تشاركه الهزيمة، والتي تقع جميعها في براثن الطرف الأقوى المنتصر (2).
(1) أنظر مقال الأستاذ: أمير سعيد تحت عنوان "هل الطريق إلى القدس يمر عبر بغداد؟ الذي نشر في مجلة البيان العدد 184لسنة2003م.
(2)
أنظر: مشروع الشرق أوسط الكبير، أمين هويدي شبكة (islammemo). .
إذن فالتحكم في أسعار النفط وهبوطها المتوقع، ودفع فاتورة الحرب، بالإضافة إلى تأثر دخول الدول العربية من السياحة؛ كلها تعد من الآثار السلبية للعدوان على العراق واحتلاله، وتظل أكبر الآثار الاقتصادية السلبية هو ما يتعلق بالنفط، ومعروف أن الموازنات العامة في بلدان الخليج ترتبط بإيرادات صادراتها من النفط، ومن ثم فإنه إذا استمر إنفاقها على مستواه الحالي والعالي سيكون هناك عجز هائل في هذه الموازنات، ومن هنا لا بد أن تستعد الدول العربية النفطية من الآن ببرنامج للتقشف، كما أنه ما دام أن إنتاج وصادرات النفط هي الدخل الرئيس للدول الخليجية؛ فإن هذا الدخل سيتراجع ومعه نصيب الفرد منه، ولذلك لا بد من تهيئة المجتمعات الخليجية لما هو قادم، والاستعداد لحالة طويلة الأجل من التقشف والاعتماد على الذات في سوق العمل؛ بمعنى أن قدرة المواطنين الخليجيين على الاستمرار في مظاهر الرفاهية، والاعتماد على العمالة الأجنبية في أداء كل شيء نيابة عنهم ستتراجع.
في المقابل؛ فإن ارتفاع أسعار النفط بمقدار دولار واحد للبرميل يزيد المدفوعات الأميركية من الواردات النفطية بمقدار 4 مليارات دولار سنوياً، فارتفاع أسعار النفط من 12.3 دولاراً للبرميل عام 1998م إلى حوالي 17.8 دولاراً عام 1999م، وصولاً إلى 27.6 دولاراً عام 2000م، واستمرار السعر عند مستوى مرتفع في عام 2001م؛ أثر بشدة في الاقتصاد الأميركي، لقد كان النفط عنصراً رئيساً في تدهور الوزن النسبي لهذا الاقتصاد على المستوى العالمي، فالولايات المتحدة كانت تحقق فائضاً في التجارة النفطية بلغ 27 مليار دولار سنوياً في المتوسط خلال الفترة ما بين عامي 1974م و1983م، تحولت الآن إلى تحقيق عجز قدره 46 مليار دولار سنوياً، وكانت نتيجة ذلك تحقيق عجز
إجمالي قدره 19 مليار دولار في الميزان التجاري الأميركي؛ أي أن ارتفاع أسعار النفط ساهم في تحويل الميزان التجاري من تحقيق الفوائض إلى العجز (1).
ومعروف أن العراق كان دائماً في موقع متقدم بالنسبة لصقور منظمة «أوبك» ؛ سواء في مناداته بتأميم البترول أو السعي إلى رفع أسعاره، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، أو حتى اتفاقيات التنقيب، وشروط التعامل مع الشركات العالمية العاملة في هذا المجال، ومن هنا كان العراق يمثل عقبة كبيرة أمام الأميركان في هذا المجال، وكان لا بد من إزالة هذه العقبة بأية صورة ممكنة.
والنظرة الأميركية إلى الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية، حسب مشروع الشرق الأوسط الكبير، تقوم على اعتماد الآليات التالية:
1 -
اعتماد كل الوسائل المتاحة من أجل تأمين ليبرالية متفلتة لرأس المال دونما أية حواجز أو موانع من قبل الدولة أو مجموعة الدول لأسباب سيادية.
2 -
إطلاق قدرات القطاع الخاص في المنطقة عن طريق خصخصة واسعة لقطاعات الدولة (التعليم، الإعلام، الصحة، الخ
…
)، بما في ذلك القطاع العسكري، أي خصخصة الجيش وتحويله إلى قوى أمنية تحرس الشركات وتؤمن حمايتها، وإلغاء وظيفة الجيش في الدفاع عن السيادة الوطنية وعن الدولة الآخذة بالتلاشي.
3 -
التوظيف الهائل لرؤوس الأموال المتوافرة لدى الشركات العملاقة المتعدية الجنسية، في مشروعات استثمارية بعيدة المدى وخاصة في القطاع النفطي.
4 -
تعزيز فاعلية القطاع المالي والتوسع في مجال إقراض المشاريع على اختلاف درجاتها. وقد تضمنت الوثيقة الأميركية الدعوة إلى إنشاء ما يلي (2):
(1) أنظر: إصلاح على الطريقة الأمريكية، بقلم جوزيف سماحة، شبكة (islammemo).
(2)
أنظر: إصلاح على الطريقة الأمريكية، بقلم جوزيف سماحة، شبكة (islammemo).
أ -مؤسسة المال للشرق الأوسط الكبير، وهي كتلة مالية تقوم بتمويلها مجموعة الثماني (G8) وذلك بهدف المساعدة على تنمية مشاريع الأعمال على المستويين المتوسط والكبير، وعلى أن تكون إدارة هذه المؤسسة من قادة القطاع الخاص (من أصحاب الشركات الكبرى وحاملي الأسهم الكبار من مجموعة الثماني).
ب- بنك تنمية الشرق الأوسط الكبير، وهو بنك يعتمد في تحويله على مقرضين أو ممولين من مجموعة الثماني ومن منطقة الشرق الأوسط الكبير نفسها.
أما الهدف الأبعد لهذا البنك فهو يتمثل بخلق شراكة مالية شرق أوسطية أميركية تساهم بفعالية في تعزيز العولمة المالية للولايات المتحدة كقطبية أحادية سياسية واقتصادية ومالية وثقافية وعسكرية. وحسب الإعلان الأميركي، أنّ هذه المؤسسة الجديدة تعمل على توحيد القدرات المالية لدول المنطقة الأغنى وتركيزها على مشاريع لتوسيع انتشار التعليم والعناية الصحية والبنى التحتية الرئيسية (أي إطار خصخصة التعليم والصحة والخدمات). كما بإمكان بنك تنمية الشرق الأوسط الكبير:"أن يكون مذّخراً للمساعدة التكنولوجية واستراتيجيات التنمية لبلدان المنطقة، واتخاذ قرارات الإقراض أو (المنح) يجب أن تتحدد بحسب قدرة البلد المقترض على القيام بإصلاحات ملموسة".
ج- الشراكة من أجل نظام مالي أفضل، بحيث تستطيع الولايات المتحدة ومعها الدول الصناعية المتقدمة، أن تقوم بتطوير نظام خدمات مالية في المنطقة يساعد على اندماج بلدانها في النظام المالي العالمي، والهدف من إصلاح النظم المالية القائمة في الشرق الأوسط الكبير سيتيح حرية الخدمات المالية وتوسيعها في عموم المنطقة من خلال تقديم تشكيلة من المساعدات التقنية والخبرات في مجال الأنظمة المالية، مع التركيز على تنفيذ خطط الإصلاح التي تخفض سيطرة الدولة على الخدمات المالية، ورفع الحواجز على التعاملات المالية بين الدول، وتحديث الخدمات المصرفية وتقديم وتحسين وتوسيع الوسائل المالية الداعمة لاقتصاد السوق وإنشاء الهياكل التنظيمية الداعمة لإطلاق حرية الخدمات المالية (1).
فالحقيقة أن مغزى التخطيط الأمريكي في هذا المشروع هو يشبه تلك المبادرة الديمقراطية التي أطلقتها في ألمانيا الغربية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وكانت تقصد من ورائها تدجين ألمانيا، وقصقصة
(1) أنظر استراتيجية فرض الهيمنة، بقلم د. سامي محمد صالح الدلال البيان العدد 184 ..
ريشها واستعداداتها المستقبلية لمواجهة الولايات المتحدة، وقد يطرح منظورها نمطاً مشابهاً للحالة الألمانية في الدول العربية، ويروجون لبضاعتهم تلك برغبة الولايات المتحدة في أن تبدل بحالة الإحباط والقهر والذل والفقر السائدة في الدول العربية، والتي أفرزت تلك الجماعات والأحزاب الإسلامية "المتطرفة والإرهابية" - على حد الافتراض الأمريكي -والتي عجزت عن التغيير السلمي الهادئ في ظل الديكتاتوريات العربية، فلجأت إلى "العنف والإرهاب"،أن تبدل بها حالة رفاهية وحرية لا تنتج نماذج كهؤلاء التسعة عشر الذين دمروا برجي مركز التجارة والبنتاجون؛ بعد أن أنتجتهم فلسفة القمع العربية، فهم الآن يروجون لهذه الأطروحة من خلال مبادرة (الشراكة من أجل الديمقراطية والتنمية)،ومن خلال العديد من توصيات المعاهد البحثية الأمريكية، وعشرات المقالات في كبريات الصحف الأمريكية، وتصريحات مفكري السياسة الأمريكية (1).
إنّ الشرق الأوسط الكبير الذي تريد أميركا أن تشكله سياسياً هو عبارة عن فسيفساء طوائف ومذاهب وإثنيات بحيث يتاح لها التعبير عن خصوصياتها ومشاركتها في الحياة السياسية تأكيداً لفئويتها من جهة، ولتبعيتها الشديدة للمرجعية الأميركية الحاضنة من جهة أخرى. وهكذا، في ظل هذا المشروع، تنتهي الدولة المركزية التقليدية لتحل محلها الدولة الفدرالية التي هي عبارة عن اتحاد بين مجموعة طوائف أو مذاهب أو إثنيات عرقية. وعند ذلك تظهر في الشرق الأوسط الكبير سلسلة لا تنتهي من الفدراليات السياسية بحيث تختفي معها الهوية الوطنية والقومية وتُلغى الأمة كوحدة انتماء للجماعة البشرية الواحدة.
أما عن بناء مجتمع معرفي- كما يزعمون-:فمن المفيد ذكره في هذا المجال، أنّ الولايات المتحدة كانت الممانع الأكبر في سبيل امتلاك بلدان الشرق الأوسط، باستثناء إسرائيل، معرفة علمية متطورة، لا سيما منها تلك التي يمكن تحويلها إلى معرفة إنتاج.
(1) أديمقراطية هذه أم أمريطانية، بقلم أ. د جعفر شيخ إدريس، مجلة البيان العدد 189.
فالولايات المتحدة تعاملت مع الشرق الأوسط وستظل تتعامل معه لاحقاً كونه يمثل لها كتلة سكانية وازنة على مستوى العالم من جهة، وكتلة سوقية استهلاكية لمنتجاتها وشركاتها من جهة أخرى.
إذن: فالمشروع الأميركي للشرق الأوسط الكبير يفتقر إلى البراءة، فهو لا يستهدف تلبية حاجاتنا الوطنية والقومية في الإصلاح والتطوير، وهي حاجات باتت أكثر من ضرورية، وإنما يستهدف أولاً وأخيراً، صياغة شرق أوسط أميركي ينسجم مع أهداف -مشروع القرن الأميركي الجديد-، وهو قرن الأحادية الأميركية في عصر العولمة المنتصرة في التاريخ والساعية إلى تنميط العالم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وفكرياً وثقافياً وفقاً لقيم ومعايير الرأسمالية الأميركية خصوصاً والغربية عموماً.
إن العقل الأميركي في عصر العولمة، يسعى إلى إعادة صياغة الشعوب الشرق أوسطية والعربية منها بوجه الخصوص، بحيث تتلبس أفكار وأنماط سلوك النموذج الأميركي الغربي، الأمر الذي ينتهي بإخضاع الشعوب المذكورة ليس سياسياً واقتصادياً فحسب، وإنما حضارياً وسلوكياً أيضاً.
أما تحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير فهو نقطة الارتكاز في السياسة الاستراتيجية الأميركية التي كانت خطوتها التأسيسية الأولى احتلال العراق وتقديمه كنموذج يجري تعميمه على سائر بلدان الشرق الأوسط، كل ذلك وفق مخطط هجومي أميركي يشكل خروجاً على مستويات ثلاثة:
أولاً: خروج على الدولة الأميركية السيادية نفسها، فالإمبريالية الأميركية بشركاتها العملاقة باتت تضع نفسها فوق الدولة الأميركية وقوانينها (توظيف الدولة لصالح الشركات). وهنا تكون أميركا في عصر العولمة قد خرجت عملياً عن دولة -كينز- ونظرية الدولة الكينزية التي جاء بها كينز في مطالع ثلاثينيات القرن العشرين. فالآن باتت الشركة العملاقة فوق الدولة كحالة قانونية أو دستورية أو سيادية.
ثانياً: الخروج على القانون الدولي الذي مانع إسقاط أي نظام سياسي بالقوة العسكرية والاحتلال العسكري المباشر. فاحتلال العراق لا يستند إلى أي مبرر أو مسوغ قانوني يتيح لأميركا أن تلغي استقلال هذا البلد وسيادته الوطنية وتستأثر بثرواته الطبيعية.