الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ذكر السلحفاة واللجأة
اللجأة تبيض في البر، فما أقام فيه سمي سلحفاة، وتتوالد تلك السلاحف وتعظم اللجأة حتى لا يكاد الحمار أن يحملها، وهي تبيض أربع مائة بيضة.
والسلحفاة تحضن بيضها بالنظر إليه والرصد لا غير، وهي تبيض تسعة تسعون بيضة وأما الفرس البحري، فلا يوجد إلا في نيل مصر، وخلقته خلقة الفرس إلا أن وجهها أوسع، وله ظلفان كالبقر، وذنبه مثل ذنب الخنزير وصهيله يشبه صهيل الفرس، وجوفه كذلك وقوائمه قصيرة جداً، وهو أعظم من الجاموس وجلده مثل جلده، وله أنياب غلاظ طوال يكسر بها السفن المحكمة، وأسنانه صفان، ويخرج ويرعى الزرع، وهو يقتل التمساح.
وأهل ريف مصر إذا رأوا أثر حافره كان ذلك دليلاً على توفر زيادة النيل، وكثرة الخصب.
وأما الجند بادستر، فإنه يسمى كلب الماء ويسمى السمور (القندر) ويقال أنه على هيئة الثعلب، أحمر اللون لا يدان له، وله رجلان وذنب طويل، ورأسه كراس الإنسان، ووجهه مدور، وهو يمشي مكباً على صدره، وله أربع خصى، اثنان ظاهرتان واثنتان باطنتان، وفيه من أسرار الطبيعة، أنه إذا رأى الصيادين له لأجل الجند بادستر وهو الموجود في خصوبته الظاهرتين فيقطعهما بفيه ويرمي بها اليهم، فغن لم بصرهما الصيادين، وداموا في الجد في طلبه استلقى على ظهره حتى يريهم الدم، فيعلمون أنه قطعهما، فينصرفون عنه، وهو إذا قطع الظاهرتين برزت الباطنتان مكانهما والجند بادستر بالفارسية كند بادستر فعرب وتفسيره الخصية، ويمكنه أن يلبث في الماء في القعر زماناً طويلاً لا يخرج إلى الهواء.
باب في ذكر القندس وطباعه
قال أصحاب الحكمة: إن الله تعالى شرف هذا الحيوان إذ جعل الملوك يتخذون منه التيجان. ويطوقون منه الأطواق والأذيال والأكمام. وقيل أن في طباع هذا الحيوان منهم السادة والعبيد، وأنه يتخذ مساكن مرتبه كترتيب مساكن الناس والأحرار منهم، يتخذون في بيوتهم صففاً يكونون عليها، وفي أسفلها مواضع للعبيد، ولبيوتهم أبواب إلى البر وأبواب إلى البحر، ويغير بعضهم على بعض، والحر لا يتكسب، وإنما يتكسب العبد له ولسيده، ويعرف حال السيد من حال العبد، ويعرف أيضاً جلد السيد من جلد العبد بحسن اللون وبصيصه وأهل بلادهم يسلخون خراطيم هذا الحيوان، وخراطيم السمور، ويتعاملون بها كما يتعامل بالدراهم، وعليها سكة الملك وأما القماقم، فإنه يشبه السنجاب وهو أبيض ويجلب من البحر الخزري، ويشبه جلده جلد الفنك.
باب في ذكر السرطان وطباعه
اعلم، أرشدك الله، أن السرطان سريع العدو، وذو فكين وأظفار حداد، وعيناه على كتفه، وفمه في صدره وفكاه مشقوقتان، وله ثماني أ {جل، وهو يسلخ جلده في كل سنة ست مرات، يتخذ لجحره بابين أحدهما شارع في الماء، والآخر إلى اليبس، فإذا سلخ جلده سد عليه الباب الذي يلي الماء خوفاً على نفسه من السمك، وترك ما يلي اليبس مفتوحاً ليصل إليه الربح، فتجف رطوبته ويشتد، فإذا اشتد فتح ما يلي الماء وطلب معاشه فيه، وهذا دأبه فسبحان الملهم لا ربّ سواه.
باب صيد السمك بالشبكة والقالة والدواه والوهار والطين
قال الأستاذ عيسى رحمه الله: أما صيد السمك بالشبكة فهو نوعان: أحدهما يصاد بالشبكة المدورة التي ترمي من اليد في الأماكن والجداول والأدوية والغدران التي يظن أن فيها السمك. والنوع الآخر الشبكة الطويلة التي طولها مائتي ذراع، وهي لا يعمل بها إلا جماعة من الناس، ويكون لها مركب لطيف يدور حولها، وهذه لا ترمي إلا مرة أو مرتين لا غير.
وفي ديار مصر شبكة كهيئة الكيس لها خرطوم طويل، يكون طولها عشرون ذراعاً، وأكثر تجعل في مجاري الماء. وهذه تكون في الماء الحاد الشديد الجريان إذا كان الماء واقفاً، وأما في غير الماء الواقف فلا يصح ذلك، ومن ذلك شبكة يقال لها الجاروفة طولها سبعون ذراعاً تصلح للبحر الملح، وقد قيل في وصفها:
كأن يدي الصياد إذا ظفرت به
…
مجردة منها سناناً مفضضا
وقد قيل في اختيار الصيادين:
يا رب نهر متأقٍ ملآن
…
حم المدود معمر معانِ
من كل مختار من الحيتان
…
الزجر والشبوط والبنانِ
كالطلع مجنياً من الجنان
…
أو كقدود أذرع الغوانِ
مكسوة من صنعة الرحمن
…
مثل دروع السادة الفرسانِ
وقيل في وصف شبكة السمك:
وجدول بين حديقتين
…
مطّردٍ مثل حسام القينِ
كسوته واسعة القطرين
…
تنظر في الماء بألفِ عينِ
وأما القالة: فهي من جملة آلة الصيد، وهي لا تعرف إلا في بلاد العراق، وهي مثل الكف، منها ما يكون أربعة وثلاثة، وهي حديد، كل إصبع وحده، وبجمع الجميع الكف في كل إصبع منها مثل الكلاب خارج، بحيث إذا ضرب بها شيء لا يخرج منها، وهي التي ذكرها أبو فراس ابن حمدان في قصيدته الشهيرة بالطردية المشهورة بالصيد والطرد، يذكر فيها القالة حين عاين الأرنب في مرقدها، وهي بيتان لقصيده:
ثم أخذتُ عقب قالة كانت معي
…
ودورت دورين ولم أوسّع
وقال:
حتى تمكنتُ ولم أخطر الكلب
…
لكلّ حتفٍ سبب من السببِ
وهذ تصلح أن تكون مع جميع الصيادين لصيد لسمك وغير السمك، وتكون لمن يصيد الغزال بالليل.
الدالوية: وهو صيد الجلجل والسراج يكون في راس قناة مع غلام لهذا الفن يصاد بها في المخايل الأرنب والغزال والطير جميعه ما دق وما جلّ ومن البر ومن البحر، والدالوية هي الجلجل، قد تفردت به بلاد إربل وشهرزور وبلاد الموصل، قال ذلك الأستاذ.
أما الأرنب: فإنها إذا وجدت راقدة، والغزال أيضاً إذا وجد نائماً، ولطير الماء إذا كسره البازي ووقع في الماء ولم يقدر عليه، وكذلك الحجل إذا صار في المكان الضيق من جحر وغيره ويشال أيضاً لها الحوائج إذا سقطت، ولم يوصل إليها.
وأما الدّوا: فهو شجر يعرف بالضيمر، يكون في البرية، وهي شجرة ذات ورد أصفر كثير ولها رائحة كريهة، وهي في الذوق مرة شديدة المرارة، ترفع عن الأرض القامة، وأكثر من القامة، وأكثر ما تكون بين الزرع، وتوجد في المفوز والفلوات، وتكون على الأنهار، وينشد عندها بيتان فيتساقط من شجرتها زهرها، وهي هذه البيتان:
يا نازلاً بالبلد البلقع
…
ويا ديار الظاعنين اسمعي
ما هي بأطلالي ولكنها
…
ديار أحبابي فنوحي معي
وأما الأستاذ عيسى رحمه الله فلم يصحح هذا، وأنكر على من يصدق ذلك واستضعف عقله.
قال محمد بن منكلي: أما الأستاذ فلا يعترض عليه من وجوه، أحدها، إنه قال ذلك شفقة على الصبيان وذوي العقول الناقصة لئلا تعرفهم الشياطين من المتنبلين بمثل ذلك ويخرجونهم من أمر إلى أمر، مثل صبغ ظاهر الآنك بلون الذهب، وصبغ ظاهر الشبه بلون الفضة يخرجونهم من حق إلى باطل.
الأمر الثاني: إن الشيخ في باطن الأمر لا ينكر مثل ذلك.
الثالث: ما الذي ينبني على ذلك، وما الفائدة فيه، فثم أمور يعجز العقل أن يصدقها كما في الخواص.
وأيضاً ثم كلام مؤثر في أسماع الحيوان، مثل ما ذك قبل ذلك في أمر الكروان إذا قيل له أطرق كذا مراراً فإنه يلتصق في الأرض، حتى يرمي مثل هذا كثير.
حدثني والدي، تغمده الله برحمته: إن في بلاد الترك غذ جاءهم المسمى يك يقرأون "صراط فإنهم ينهزمون والنسوان عندنا إذا سمعوا صوت الوزغ يقولون حمص، فإنه يسكت، ولعل معترض يقول: هذه حيوانات تسمع، فكيف تسمع الشجر، فلا يلتفت لهذا بجواب أصلاً وقد خرج بنا عن المقصود، فنطلب الصدر من كل فتى مقصود وصياد السمك يأخذون ورق هذه الشجرة فتدق، وهي في الشجرة.
فإذا وجدوا الماء الواقف لا مادة له، وفيه اسمك، ولم يقدر عليه بشبكة ولا بترول وأعياه ذلك فينزل إلى الماء، وذلك معه، ولا يزال يضرب به الماء إلى أن يتغير طعم الماء منه، ويحرك ذلك الماء حتى يصل إلى القعر، فإن كل سمكة وصل إليها رائحة ذلك الورق طفت على وجه الماء بحيث أنه لا يبقى على الماء شيء إلا صار ظاهراً، فيصاد حينئذٍ إما بالشباك وإما بالمقبلان، وهو شيء يكون في راس عود وطوله خمسة أذرع وأكثر وأقل، ويسمى قم خذ صيدك ويسمة الكلاّب ويسمى المغيت والمعين والمشهل وخصم القاضي. ولبعض الصيادين قصيدة مشهورة أنشدت على شرف الدولة، رحمه الله، بمدينة الموصل، وقد صاد الصياد سمكة كبيرة بالمقبلان وجاء بها بين يديه فأنشده. وأعطاه جائزة، وكان شرف الدولة يهوى بعض سراريه، فأنشد الصياد في ذلك لمعنى، شعراً:
دقيقة الخصر تحكي الغصن في الحركة
…
ريّانة الجسم لكن ردفها تنكه (بتكة)
لما رأت حلقي حتى رأت صلفي
…
وحلية المرء قد تثني عن الملكة
وقال يسمى الكلاّب في شعره، وهي قصيدة طويلة: