الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: إن سررنا في هذا اليوم بالصيد تصدقت لله تعالى بكذا وكذا، وكان قد اختار من ضواريه القليل، وترك الباقي في المخيم، وإذا بأعرابي ينادي بجارية به مع إبله: يا سعادة، يا سعادة، يا سعادة، فرأيت السفاح، والله كأنه أطلق من سجن، وقد فرح وتهلل وجهه، ثم قال: ويلك يا خالد قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: إني قد سررت بهذا الاسم، وإن ظني قد اتضح له أن الضواري تصيد في هذا اليوم جميعها.
ثم قال لبعض الغلمان: امض وآتِ بباقي الضواري ولا تخلي في المخيم منها شيئاً، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن هذا لعجب، كنت تشكو إليّ من الضواري وإحرامها، ثم أنت قد استبشرت بهذا الاسم، وغلب ظنك أن النجاح في هذا اليوم فقال: نعم، ستجد ما أقول لك.
فوصلنا إلى لمتصيد وجيء بما تبقى من الضواري فتصيدنا إلى أن مللنا الصيد، وحلف أنه تصيد بشيء من الضواري لم تكن قبل ذلك اليوم صادت شيئاً، فتعجبت من ذلك.
وخرج يوماً إلى التصيد فرأى غلاماً بدوياً صبيح الوجه، فقال له: ما اسمك، قال: مسعود، قال: دلنا على مكان الصيد، فدلنا، فصدنا ما شاء الله أن نصيده، ثم عدنا إلى المخيم، فأنعم على الأعرابي بما كان غناؤه فيه.
وخرج يوماً إلى الصيد، وإذ منادٍ ينادي: يا سعيد مرتين أو ثلاثة، ثم نادى: يا شقي، فقال السفاح: يومنا هذا أوله طيب وآخره رديء، فكان كذلك، لما وجدنا في آخر النهار من التعب وقلة الصيد ورداوة الضواري.
قال الأستاذ عيسى الأسدي، رحمه الله: إن بعض الناس حدثه ببغداد، قال: كنت مع صاحب لي فخرجت إلى الصيد، وكنت أتطير بهذه الأسماء والألوان، وهو بالضد مني ويهزأ بي، وأنا أحمل من ذلك الغيظ، قال: فوصلنا إلى بعض الطريق غذ مر بنا رجل أعور العين اليمنى يعرج برجله اليسرى، وعينه الصحيحة حولاء، فنظرت إليه ونظر إليه صاحبي، فتغير لوني وحركت رأسي، فقال لي صديقي: ما تقول يا فلان، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، هذه صفة ما رأيتها من عمري، فقال: سر ولا تهذِ، فسرنا غير بعيد، وقد ثارت ضبع، فركض عليها الغلمان، فوقع بعضهم فمات، فقلت: بالله ألا ما رجعت، قال: سر بنا ودعنا من هذا، فسرنا فوا الله لقد مر علينا أنحس يوم يكون حتى لقد ضاعت من الضواري خيرها، وهو يلح في الصيد، ولم يزل إلى أن رمى به فرسه فاندقت يده ورجله، ولم يفق إلا بعد حين.
ومن التفاؤل بالسماء التي أولها: كلاحق وملاحق ولازم وملازم، وفي الأشعار ما كان أول البيت:
ولازال سيفي مغمد في جماجم
…
لأعدائهم والرمح في اللهوات
وكقوله:
لا والذي تسجد الجباه له
…
مالي بما تحت ذيلها خبر
ولا بفيها ولا هممت بها
…
ما كان إلا الحديث والنظر
باب في طرد المؤذيات من الأماكن والكروم وبالله عز وجل المستعان
والمؤذيات المطرودة هي كل داعر من خنزير وضبع وذئب وثعلب وابن آوى وغزال وأرنب.