الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أن أهله لغير الله لا مجوسي ومرتد ووثني ومحرم من صيد، والتسمية بسم الله والله أكبر، وكره بسم الله، محمد رسول الله، ومحمدٍ بالكسر، والذكاة ما بين اللّبة واللحيين، فيقطع الحلقوم والمرى والودجين واكتفيا بقطع أحدهما، والإمام بقطع أكثرهما عدداً وإفراداً في روايتهما، ويجوز بما ينهر الدم ولو بقرن وسن منزوعين، وكره التعذيب بقطع الرأس والنخاع والجر إلى المذبح، وكسر العنق والسلخ حالة الاضطراب والضرب على القفا، وذكاة المستأنس الذبح، والمتوحش من الغنم خارج المصر وغيره مطلقاً العقر.
ويستحب في الإبل النحر والبقر والغنم الذبح، وكره تعليم البازي بطير حي لا مذبوح ويذبح مأكول قطع عضواً منه ولا يعالج وبالعكس في غير المأكول.
باب
في آداب القانص وما يعتمده ينبغي أن لا يركب القانص فرسه إلا على طهارة كاملة، وحين الصيد يتأدب مع من هو أسنّ منه أو أعلى رتبة دينية أو دنياوية كالأمراء، لأن حرمتهم من جزيئات حرمة الملك. وذلك بأن لا يطرد صيداً تعرض إليه كبير أو ركض خلفه فيزاحمه ويرمي الصيد قبل الكبير إلا اللهم إن أذن له الكبير لاحتمال كلال فرسه، ولئلا يفوت الصيد فحينئذٍ يتعين الركض خلف ذلك الصيد، ويتوقى حين الصيد حسم مادة السفهاء والفجار والمتشبهين بالشجعان، والفرق بين الفجرة والشجعان ظاهر يعلمه أصحاب التجارب والمتوسمين.
قال الإمام فخر الدين الرازي في كتابه الفراسة: إذا علمنا في الإنسان كونه وقحاً، فعلم إنه لص نذل. أما اللصوصية فلأنها تابعة للقحة، وأما لنذالة فلأنها تابعة لعدم الحرية. والوقاحة دالة حلى حصولها، قال الشاعر يصف لشجعان:
وجوهٌ كأكباد المحبينَ رقةً
…
ولكنها يوم اللقاء صخورُ
ومن هذا الباب، ما قاله أمير المؤمنين علي كرم اله وجهه:"من لانت أسافله صلبت أعاليه". هذا آخر كلام الشيخ فخر الدين رحمه الله.
وخرج عن المقصود، فإن ذكرها ولا ظلمة في القلوب.
قال محمد بن منكلي، ستره الله بستره في الدنيا والآخرة: ومن جملة آداب المتصيد إن رمى إنسان بسهم على صيد فلا يرمي معه إلا إذا فات سهمه ولم يصب الصيد. فقد سمع من فاجر قولاً قبيحاً إن رامٍ أصاب صيداً فنسبه (الفاجر) إلى نفسه، وكان السهم يشبه السهم في التريش والنصل.
قال محمد بن منكلي: سمعت الشيخ رحمه الله يقول: ينبغي للجندي إذا كانت قوسه لينة أن يريش سهمه من ريش ذنب العقاب، وإذا كانت قوسه صلبة ريّش سهمه من ريش ذنب النسر، وهذه من النكت الظريفة.
ومن آداب المتصيد أن يستصحب معه الملح والزناد والأشنان والخلال والسفود الحديد لشي اللحم، فلقد رأيت من أخذ من تركاشه سهماً وأبراه وشوى فيه اللحم، وأخطأ وبالله التوفيق.
سمعت من الأمير بدر الدين أمير مسعود مشافهة، ونحن بالغور، أن بعض التركمان أصاب صيداً فأراد أن يشوي من لحمه فقطع قضيباً من الدّفلى وشوى اللحم وأكل فمات من سريان سميّة القضيب في اللحم، وذكر هذه الحكاية من النصائح.
ومنهم من إذا أكل اللحم مسح يديه في خفه كالتتار، وهذا من أقبح ما يكون لو لم يكن تشبهاً بالمجوس.
ومن الأدب اتخاذ المبرد والمطرقة لإصلاح نصال السهم، ورأيت في سرج لجندي لبق سنداناً صغيراً مؤبداً في أعلى قربوس سرجه ليصلح عليه سهامه بالتطريق فأعجبني ذلك منه، وشكرته.
ومن آداب صاحب القنص اتخاذ سكينتين حادتين للذبح، وثالثة للسلخ.
ومن فوائد اتخاذ السكينتين لربما ذبح صيده فانكسري السكين قبل إتمام الذكاة فتصير ذبيحته إذ ذاك ميتة، وطريقه في تحليل صيده إذا انكسرت سكينه أن يضع حرف يده مكان السكين المنكسرة ليؤتى بسكين غيرها، ويتم تذكيته.
ومن أدبه أن يكون معه فطرقان غير ما في سرجه وثيقان لشد صيده إذا ذبحه يشده على كفل فرسه، ولا يتكل على فطرق الغلام وبضع الكبر، فإن كل جندي متكبر ناقص الهمة، ولن يصلح الكبر لعاقل، والكفار يذمون من تكبر منهم.
ومن آداب الصائد، اتخاذ القوس الجيد والسهام الجيدة ويجتنب خشب القوق والصنوبر إلا ما غلظ فإن رق فلا خير فيه، خصوصاً في زمن الصيف وقوة القوس.
ومن آداب الجندي في الصيد اتخاذ قوسين أو ثلاثة بحسب المكنة لا عادةً أو إذا ارتخت قوسه تناول غيرها، ولا يستصحب وتر المصران ولا وتر الجلود فإنه رديء، والتتار وغيرهم يستعملونه للعدم ولا يخرج سهمه كما ينبغي.
ويجب على المتصيد افتقاد أفواق سهامه قبل حركة الصيد، وافتقاد قوسه وجميع الآته.
ومن أدبه، تعليمه إذا انكسرت قوسه إما من مقبضها أو من سيتها أو من أحد بينها بأن يكون كسرها قريب السية ومتى انكسرت بعيداً من السية فليس فيها حيلة أن يصلحها على تقدير نصف ساعة أو أقل من ذلك، ويركب فرسه ويرمي أسوة رفقته على الصيد، وإلا يصير بطالاً خجلاً، ويمكن ذلك أيضاً في الحرب إذا بعد عن المعركة، وتوارى وأصلح قوسه وركب فرسه وتقدم للمعركة وقاتل، وكأنّ قائلاً يقول: كيف يصلح قوسه في هذا الزمن اليسير ويرمي عنها؟ فالجواب عن ذلك، أن هذه النكتة يعرفها أصحابنا الأجناد الذين عم أجناد على الحقيقة المشتغلين بما هم بصدد ما يلزمهم من صناعتهم على الإطلاق، أثابهم الله، وهذه النكتة يعسر ذكرها ويطول ولا يكاد يفهم إلا ما مشافهة، وهي هينة.
ومن الآداب المحتاج إليها الصائد، اتخاذ الفرس المتريض الجاري الخفيف، إذ الفرس هو عمدة الجندي.
ومن آداب الجندي المتصيد اتخاذ فرسين أحدهما جارٍ للبعد، والآخر خفيف جارٍ للقرب إذ كل منهما له موطن يركض فيه، فالفرس الجاري للبعد فلطلب الحمر الوحشية والغزال الذي له النفس الطويل بحسب بلاده ووطنه كالمصريات، لأنها أشد عدواً أي جرياً، وقد ذكر أن غزال مصر ناقص ضلعاً عن غيره.
ولحم غزال الشام أطيب لحماً لكثرة المراعي وما أشبهها، وأما الغزال المتعوب بطرد الكلاب والخيل والأماكن الرملة فكل فرس مستريح يأخذه ولا اعتبار بهذا الفرس، والفرس الحاد جيد للمسابقة والصولجان وطلب بقر الوحش والغزال الخانس إذا هو أثير، وما كل رامٍ يحسن أن يفوق سهمه حين خروج الفرس الحاد الشديد الجري، خصوصاً إذا كانت سرجه ضيقة قائمة المؤخرة، فبئس هذه السروج، وقد فشت في الديار المصرية استخرجها العجم، وأخطؤوا ولو علموا مفسدتها لم يعملوها وهي جيدة للخرج والمجاذبة على الخيل، ولعمري أن الفارس الجيد غني عنها، ولقد عددت فيها مساوئٍ عدة سبعة أذكرها منها: إتعاب المسافر، ومنها تعويق المستلقي حين وصول سنان رمح الخصم إليه، فإنه إذا استلقى قصر الرمح وردّه إما بمقرعته أو بيده أو بسيفه أو بخنجره، ومنها إذا عبر في مكان قصير كباب منعته الاستلقاء ومنها تشويش على الرامي إذا رمى وهو سابق، وكان سرجه ضيقاً، فإن الرامي إذا رمى وفرسه جارٍ فلابدّ وأن يتأخر في سرجه، ويقدم رجليه في الركاب هذا لابدّ منه، ومنها أنها تعوقه إذا نزل من خلف ذنب الفرس لتوقع أمور تحدث للفارس، وقد اتفق لي ذلك في وقت لكن كانت مؤخرة سرجي لاطية كسروج لقدماء، والسرج عندي الآن. ومنها إذا جاء فارس يطلب خصمه من خلفه، وكان سرج المطلوب منتصب المؤخرة فاستخرج رجله من الركاب وركزها في المؤخرة المنتصبة وجذب خصمه فإنه يستقلعه إذا كان غير درب.
وفي الجملة فإنها تعين الجاذب إذا ركز رجله في مؤخرة خصمه المنتصبة، ومنها ربما يحتاج الفارس حين ركضه لرمي القبق أو طائر في الجو لاستلقائه حين الرمي لفوات الطير فيمنعه المؤخرة المنصوبة، ومنها تعويق الفارس إذا ركب فإنه يحتاج أن يرفع رجله اليمنى حتى يصير في السرج، ومنها أن الراكب إذا كان ممن عادته حين ركوبه مسك المؤخرة فإن كان حرف المؤخرة منتصباً فلا يتمكن كما ينبغي إلا إذا كانت المؤخرة لاطية، وأكثر الناس لا يمسكون حين الركوب سوى المؤخرة باليد اليمنى، ورأي القدماء ومن تأدب بأدبهم ومعرفتهم ليس لهم حين الركوب سوى إمساك القربوس باليد اليمنى، وفي ذلك فوائد كثيرة، والمملوك يعتمد ذلك، ذكرها الأستاذ ابن أبي خزام الختلي في كتابه المعروف بالفوائد الجليلة في علوم الفروسية والرماية وأمراض الخيل ومداواتها، ولا يجوز للجندي إذا كان يحسن المطالعة أن يعرج على غيره من الكتب، وكتابه الكبير جمع علوماً شتى، وأبي خزام هو بالخاء المنقوطة فوقها وبالزاي المنقوطة وتشديدها، وأكثر الناس يصفحونه ويقولون الخيلي والجبلي وهو غلط. وإنما هو الختلي بالخاء المنقوطة والتاء المثناة وتشديدها، ويقال إن ختل بلدة قرب بغداد، والله أعلم.