المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ال‌ ‌مقدَّمة إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور - المنهج الصحيح وأثره في الدعوة إلى الله تعالى

[حمود الرحيلي]

الفصل: ال‌ ‌مقدَّمة إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور

ال‌

‌مقدَّمة

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.

وبعد؛ فإنّ الدعوة إلى الله تعالى هي سبيل الأنبياء والمرسلين، وطريق صفوة الخلق أجمعين، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وطريق أتباعه إلى يوم الدين.

قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 1.

وقال عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن} 2.فدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وأتباعه تقوم على العلم والبصيرة في الدين، ودعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن. وذلك لا خراجهم من ظلمات الشرك والكفر إلى نور التوحيد والإيمان، ومن ظلمات البدع إلى نور السنة، ومن المعاصي إلى الطاعة، ومن النار إلى الجنة.

والدعاة إلى الله تعالى المقتفون لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لهم المكانة العالية والمنزلة السامية في كل عصر، قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} 3.

ولأهمية الدعوة إلى الله تعالى على المنهج الصحيح قد جعلت هذا البحث بعنوان "المنهج الصحيح وأثره في الدعوة إلى الله تعالى" وذلك لا سباب، من أهمها:

1 سورة يوسف، الآية (108) .

2 سورة النحل، الآية (125) .

3 سورة فصلت، الآية (33) .

ص: 127

أولاً: ما يلاحظ على أكثر الجماعات العاملة في الساحة الإسلامية من إغفال أو إهمال للجانب الأساسي والأهم، وهو دعوة الناس إلى "التوحيد " وتصحيح عقائدهم، فكثير من هؤلاء الدعاة يسلكون مسالك شتى، لا تتوافق مع منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المنهج الذي يجب على كل داعية إلى الله تعالى أن يسلكه ويسير عليه، عملاً بقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ً} 1.

والدعوة إلى التوحيد هى أول دعوة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - إلى أقوامهم، وكل الكتب المنزلة إنما نزلت لبيان عقيدة التوحيد، وبيان مايبطلها ويناقضها أو ينقصها، فعقيدة التوحيد هي التي يقوم عليها كيان المجتمع الإسلامي، ومنها يستلهمون طريق وحدتهم وعزتهم، إلا أن أكثر الأساليب والوسائل المتعددة التي تنادي بوحدة المسلمين، وجمع كلمتهم، ولمّ شملهم لم تحقق الأهداف المنشودة، مع مابذل فيها من الجهد والوقت والمال، بل الذي نتج عن هذه الدعوات وتلك المناهج إنما هو التعصب، والاختلاف، والتطرف، والغلوّ، والابتداع والتكفير

وماذلك إلا لا نَّ هذه المناهج وتلك الدعوات لم تقم على المنهج الصحيح الذي سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان، حيث نجد أنَّ جماعة من هؤلاء تهتم بالسياسة والجهاد، وجماعة تدعو إلى الترغيب والترهيب والزهد والورع، وأخرى تهتم بالأخلاق، وهكذا قلَّ أن تجد من بين هذه الجماعات من يهتم بالركن الأساسي والأهم وهو الدعوة إلى التوحيد، الذي هو المنطلق المتين لوحدة المسلمين ولمَّ شملهم.2

1 سورة الأحزاب، الآية (21) .

2 انظر مقدمة فضيلة الدكتور صالح الفوزان على كتاب منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل للدكتور ربيع المدخلي 6-7، منهج السلف في العقيدة وأثره في وحدة المسلمين للشيخ صالح بن سعد السحيمي، 4-5.

ص: 128

ثانياً: إني لم أقف على من أفرد هذا البحث بهذا الاسم - على حد علمي القاصر.

ومن هنا فإن الحاجة ماسة إلى بيان المنهج الصحيح القائم على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم - لذا فقد رغبتُ في الكتابة في هذا الموضوع للمشاركة في توضيح الحق، وبيانه للناس، لا ن هذا هو المنهج الذي يجب اتباعه دون ماسواه من المناهج المخالفة.

قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 1.

وقال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} 2.

وقال رسول الهدىصلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ماتمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي"3.

ويقول الإمام مالك بن أنس رحمه الله! "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"4.

1 سورة الأنعام، الآية 153.

2 سورة آل عمران، الآية 103.

3 حديث حسن. أخرجه مالك في الموطأ، 2/899، كتاب القدر، باب النهي عن القول بالقدر، رقم3، والحاكم في المستدرك، (1/93) ، والبيهقي في السنن (10/11) ، وانظر تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني على مشكاة المصابيح للإمام التبريزي، 1/66، رقم 186، وانظر الأربعين حديثاً في الدعوة والدعاة، لعلي بن حسن الحلبي الأثري، الحديث رقم 7، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

4 انظر الشفاء للقاضي عياض، (2/676) ، دار الكتاب العربي تحقيق البجاوي، وموارد الأمان، 265.

ص: 129

وعندما أقول بوجوب الاهتمام بالدعوة إلى التوحيد، والبدء به أولاً، لا يعني إهمال الجوانب الأخرى التي يحتاج إليها المسلم، وتتفق مع عقيدته، وإنما المقصود أن نبدأ بالدعوة إلى التوحيد، ثم الأهم فالأهم مع جعل أعمالنا كلها تقوم على أساس العقيدة الصحيحة.

ص: 130

خطة البحث

وقد جعلت البحث في مقدمة، وأربعة فصول، وخاتمة.

اشتملت المقدمة على أهمية الموضوع، وسبب الاختيار، والخطة ومنهجي في البحث.

والفصل الأول: أهمية العقيدة الصحيحة ووجوب التمسك بها، وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: وجوب التمسك بالعقيدة الصحيحة.

المبحث الأول: وجوب التمسك بالعقيدة الصحيحة.

المبحث الثاني: أهمية التوحيد وفضله.

المبحث الثالث: البدء بالدعوة إلى التوحيد أولاً.

والفصل الثاني: الدعائم التي يقوم عليها المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله تعالى، ويشتمل على مايلي:

أولاً: العلم.

ثانياً: الإخلاص.

ثالثاً: المتابعة.

رابعاً: الحكمة.

خامساً: الرفق والحلم.

سادساً: الصبر.

سابعاً: التحلي بالأخلاق الفاضلة.

والفصل الثالث: أسباب انحراف الأمة عن المنهج الصحيح، وفيه ستة مباحث:

المبحث الأول: الغلو في الدين.

ص: 131

المبحث الثاني: الجهل.

المبحث الثالث: الابتداع في الدين.

المبحث الرابع: اتباع الهوى.

المبحث الخامس: تقديم العقل على النقل.

المبحث السادس: التفرق والتحزب.

والفصل الرابع: أثر المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله تعالى.

وأما الخاتمة: فقد أوجزتُ فيها أهم نتائج البحث.

وقد عزوت الآيات الكريمة إلى مواضعها من السور، وخرجتُ الأحاديث النبوية الواردة في البحث، كما وثقت النصوص التي نقلتها عن بعض العلماء من مصادرها الأصلية، ثم ألحقت به قائمة بأهم المصادر والمراجع مرتبة حسب حروف الهجاء، وقائمة أخرى للموضوعات.

ولا يفوتني أن أقول: إن هذا جهد المقلَّ، فما كان فيه من صواب فهو من فضل الله تعالى وتوفيقه لي، وأشكره سبحانه على ذلك، وماكان فيه من خطأ ونقص فأستغفر الله منه وأتوب إليه، وأرجو ممن قرأه ووجد فيه خللاً أن ينبهني إليه امتثالاً لقوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} 1.

وسأكون شاكراً لنصحه وتوجيهه، وله من الله الأجر والمثوبة.

وأسأل الله ـ جلّت قدرته ـ أن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به من يراه من الدعاة المخلصين، وأن يجعله في موازين حسناتي يوم الدين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتب:

د. حمود بن أحمدالرحيلي

1 سورة المائدة، من الآية (2) .

ص: 132