الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة الإمام النووي
اسمه ونسبه:
هو يحيى بن شرف بن مُرِي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام الحوراني أَبو زكريا محيى الدين الدمشقي الشافعي، فاسمه يحيى، ونسبه ينتهى إلى جده الأعلى حزام.
وكنيته: أَبو زكريا، وأما لقبه فهو محيي الدين، وقد اشتهر تلقيبه بذلك في حياته، فلا يكاد يذكر اسمه إلا مقرونًا بلقبه مع أنه كان يكره أن يلقب به.
قال اللخمي: وصح أن قال: لا أجعل في حل من لقبني محيي الدين، وذلك منه على ما نشأ عليه من التواضع، وإلا فهو جدير به لما أحيا الله به من سنن، وأمات به من بدع، وأقام به من معروف، ودفع به من منكر، وما نفع الله به المسلمين من مؤلفات، ولكن يأبى الله إلا أن يظهر هذا اللقب له عرفانًا بحقه، وإشادة بذكره.
مولده ونشأته:
اتفق المؤرخون على تحديد شهر محرم من عام واحد وثلاثين وستمائة للهجرة لزمن ولادته.
ولكن منهم من أراد أن يحدد تحديدًا أدق من ذلك، ولما لم تسعفهم المراجع إلى تحديد اليوم الذي ولد فيه عدلوا إلى تقريبه، وذلك بتحديد أي عقود هذا الشهر كانت ولادته فيه.
نشأته:
كانت حياة النووي في صباه لم تعرف له صبوة فقد كان كثير الشغف بالقرآن كثير التلاوة له ولا يلهيه عنه شئ.
وقال اليونيني واصفًا له: كان كثير التلاوة للقرآن العزيز، والذكر لله تعالى معرضًا عن الدنيا، مقبلًا على الآخرة من حال ترعرعه.
العوامل التي أدت إلى تكون شخصيته:
وهي نوعان:
الأول: عوامل عادية.
الثاني: عوامل دينية.
أمَّا عن النوع الأول: وهى العوامل العادية، فهي عوامل تجري على أمثاله من طلاب العلم، غير أنها تختلف من شخص لآخر في التطبيق كاختلافهم في المقاصد، والغايات، وهي:
1 -
رحلته لطلب العلم.
2 -
حلوله بالمدرسة الرَّواحية.
3 -
اجتهاده في طلب العلم.
4 -
كثرة دروسه وسماعاته.
5 -
قوة حفظه، وكثرة مطالعاته.
6 -
جلالة شيوخه، وعنايتهم به.
7 -
توفر الكتب لديه.
8 -
اشتغاله بالتدريس.
وأما النوع الثاني: فهي عوامل غير عادية، وإنما وهبها الله سبحانه وتعالى لمن شاء من عباده كما قال تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة]، ولكن رهن إيتاء الحكمة بتقوى الله ومراقبته حيث قال تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة].
رحلته لطلب العلم واجتهاده فيه:
ذهب به أبوه إلى دمشق لنيل العلم من معينه الصافي، ومورده الشافي، وكان ذلك في عام تسع وأربعين وستمائة، وكان عمره آنذاك تسع عشرة سنة، وهذا على ما ترجمه السخاوي، والسيوطي، والذي يقتضيه الحساب أن يكون عمره حينئذ ثماني عشرة سنة.
فقصد به الجامع الأموي ونزله فلقى فيه خطيب الجامع، وإمامه الشيخ جمال الدين عبد الكافي بن عبد الملك الربعي الدمشقي، فتوجه بالنووي إلى حلقة الشيخ تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن ضياء الفزاري المعروف بابن الفركاح.
فطفق عندئذ يشمر عن ساعد الجد في طلب العلم فحفظ "التنبيه" في أربعة أشهر ونصف، وقرأ ربع "المهذب" حفظًا في باقي السنة على شيخه الكمال بن أحمد. ثم جمع مع أبيه، وأقام بالمدينة شهرًا ونصفًا ومرض أكثر الطريق.
فذكر الشيخ أَبو الحسن بن العطار أن الشيخ محيي الدين ذكر له أنه كان يقرأ كل يوم اثنى عشر درسًا على مشايخه شرحًا وتصحيحًا: درسين في الوسيط، وثالثا في المهذب، ودرسا في الجمع بين الصحيحين، وخامسا في صحيح مسلم، ودرس في اللمع لابن جني في النحو، ودرسا في إصلاح المنطق لابن السكِّيت في اللغة، ودرسا في التصريف، ودرسا في أصول الفقه تارة في اللمع لأبي إسحاق، وتارة في المنتخب للفخر الرازي، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في أصول الدين، وقال النووي عن نفسه فيما يرويه عنه ابن العطار: إنه كان لا يضيع له وقتًا لا في ليل ولا في نهار حتى فى الطريق، وأنه دام ست سنين. ثم أخذ في التصنيف، والإفادة، والنصيحة.
زهده وورعه:
قد نال الإمام النووي غاية الزهد، ووصل إلى ذروته، فكان فيه رأسًا لا يبارى قد حقق شروطه، وأدرك غايته، وأخرج الدنيا من قلبه جملة.
ولم يجعل لنفسه إلا ما تقوم به بنيته ليحقق عبوديته، فلقد عزل في تضييق عيشه في أكله، ولباسه، وجميع أحواله، وقال له عاذله: أخشى عليك مرضًا يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده قال: فقال لي: إن فلانًا صام، وعبد الله تعالى حتى اخضر عظمه. قال عاذله: فعرفت أنه ليس له غرض في
المنام في دارنا، ولا الالتفات إلى ما نحن فيه.
ترك النووي جميع ملاذ الدنيا من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من كعك يابس وتين حوراني، ولم يلبس من الثياب إلا المرقعة.
ورحم الله اليونيني؛ إذ يقول: والذي أظهره وقدمه على أقرانه، ومن هو أفقه منه كثرة زهده في الدنيا، وعظم ديانته، وورعه.
وقد كان من ورعه أن كان لا يأكل من فاكهة دمشق بحجة أنها كثيرة الأوقاف والأملاك لمن هو تحت الحجر شرعًا، ولا يجوز المتصرف في ذلك إلا على وجه الغبطة، والمصلحة. ثم المعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها اختلاف بين العلماء، قال: فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك.
شيوخه:
أمَّا المحدثون فمنهم:
الشيخ الإمام القاضي الخطيب عماد الدين عبد الكريم بن القاضي جمال الدين عبد الصمد بن محمد المعروف بابن الحرستاني، ومنهم شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الأنصاري الألوسي الدمشقي الأصل، ثم الحموي الدار والوفاة، الشافعي المذهب، ومنهم الحافظ الزَّين خالد بن يوسف بن سعد بن حسن بن مفرج أَبو البقاء النابلسي. ثم الدمشقي، ومنهم ابن البرهان العدل الصَّدر رضى الدين أَبو إسحاق إبراهيم بن أبي حفص عمرو ابن مضر بن فارس المضري الواسطي السفار التاجر المعروف بابن البرهان، ومنهم الإمام الزاهد ضياء الدين أَبو إسحاق إبراهيم بن عيسى المرادي الأندلسي، ثم المصري، ثم الدمشقي.
وأما شيوخه في الفقه، فمنهم:
الإمام كمال الدين أَبو إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي، ومنهم الإمام العلامة مفتي الشام كمال الدين أَبو الفضائل سلَّار بن الحسن بن عمر بن سعيد الأربلي، ثم الحلبي، ثم الدمشقي، ومنهم شيخ الإسلام الفقيه أَبو
محمد عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري الشافعي تاج الدين الملقب بالفركاح.
ومن مشايخه في الأصول:
القاضي أَبو الفتح كمال الدين عمر بن بندار بن عمر التفليسي.
ومن مشايخه في اللغة:
أَبو العباس جمال الدين أحمد بن سالم المصري النحوي نزيل دمشق، ومنهم العلامة حجة العرب جمال الدين أَبو عبد الله محمد عبد الله بن مالك الطائي الجياني.
تلاميذه:
تخرج على يديه جماعة من العلماء منهم علاء الدين بن العطار، والحافظ المزي، وابن النقيب، وخطيب داريا أَبو الربيع الهاشمي، وابن أبي الدر.
ثناء العلماء عليه:
قد أثنى على النووي كثير من أهل العلم، ولكني قد اقتصرت في هذه المقدمة على جمل قليلة مما قيل في حقه، فمنها ثناء الشيخ شمس الدين محمد ابن الفخر عبد الرحمن بن يوسف البعلي بقوله: كان إمامًا بارعًا حافظا متقنًا. أتقن علومًا شتى، وصنف التصانيف الجمة مع شدة الورع، والزهد، وكان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر على الأمراء، والملوك، والناس عامة. وأيضًا ثناء الشيخ قطب الدين موسى اليونيني الحنبلي بقوله: المحدث الزاهد العابد الورع المفتخر في العلوم صاحب التصانيف المفيدة، كان أوحد زمانه في الورع والعبادة والتقلل من الدنيا، والإكباب على الإفادة والتصنيف مع شدة التواضع، وخشونة الملبس، والمأكل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. وقال عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام": مفتي الأمة شيخ الإسلام الحافظ النبيه الزاهد أحد الأعلام علم الأولياء، وقال في تذكرة الحفاظ: الإمام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء صاحب التصانيف المفيدة.
مصنفاته:
من مؤلفاته الفقهية:
1 -
الأصول والضوابط. وهو مطبوع.
2 -
الإيضاح في المناسك. وقد طبع عدة طبعات.
3 -
التحقيق ولا يزال مخطوطًا، وله صورة في مكتبة جامعة برنستون الأمريكية.
4 -
دقائق المنهاج. وقد طبع.
5 -
روضة الطالبين وعمدة المفتين.
6 -
الفتاوى. وقد طبع عدة طبعات.
7 -
المجموع.
8 -
منهاج الطالبين.
ومن الكتب التربوية:
1 -
الأذكار. وقد طبع عدة طبعات.
2 -
بستان العارفين.
3 -
التبيان في آداب حملة القرآن.
4 -
الترخيص بالقيام. وقد طبع.
5 -
حزب أدعية وأذكار. وقد طبع عدة طبعات.
كتب التراجم واللغة:
1 -
منتخب طبقات الشافعية. وهو تحت الطبع.
2 -
تهذيب الأسماء واللغات. وقد طبع عدة طبعات.
3 -
تحرير التنبيه. وهو لا يزال مخطوطا.
ومن مؤلفاته في علم الحديث رواية:
1 -
الأربعين النووية. وقد طبع عدة طبعات.
2 -
خلاصة الأحكام من مهمات السنن وقواعد الإسلام.
3 -
رياض الصالحين. وقد تم طبعه عدة طبعات.
ومن مؤلفاته في علم الحديث دراية:
1 -
شرح البخاري وهو من آخر مؤلفاته التي حالت المنية دون إتمامها.
2 -
شرح مسلم والمسمى "المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج"، وقد أشار إليه في تهذيب الأسماء وفي شرح البخاري وفي بستان العارفين واشتهر هذا الكتاب باسم شرح مسلم، وذكر له بروكلمان إضافة إلى هذا الاسم اسمًا آخر وهو "منهاج المحدثين وسبيل تلبية المحققين"، ولعل هذا اسمه الكامل والباعث له على وضع هذا الشرح العظيم فهو المشاركة في العناية بعلم الحديث الشريف.
ومنهجه فيه هو التوسط بين المختصرات والمبسوطات. وقد عمل فيه على بسط المقصود من الحديث إذا تكرر في أول مواضعه مع التنبيه عليه أنه قد تقدم شرحه، وإظهار المشكل ومن معاني الكلمات، وأسماء الرجال، واعتنى فيه بضبط الأعلام، وبالفروع الفقهية.
وأما عن كتبه المخطوطة فمنها:
- الإيجاز في المناسك.
- الإيجاز قطعة من شرح أبي داود.
- آداب المفتي والمستفتي.
- قطعة من الأحكام.
- تحفة طلاب الفضائل.
- جامع السنة.
- جزء في الاستسقاء.
- روح السائل في الفروع.
- العمدة في تصحيح التنبيه.
- تحفة الوالد وبغية الرائد.
- أجوبة عن أحاديث سئل عنها.
- مختصر الترمذي.
- مختصر البسملة لأبي شامة.
- مختصر صحيح مسلم.
- مختصر أسد الغابة لابن الأثير.
- نكت المهذب.
- نكت التنبيه.
- مرآة الزمان في تاريخ الأعيان.
- ولا يزال غير هذا الكثير من الكتب المخطوطة التي خلفها لنا هذا الإمام الجليل رحمه الله.
وفاته:
سافر الشيخ عليه رحمه الله فزار بيت المقدس، وعاد إلى نوى، فمرض عند والده فحضرته المنية، ولم يكن حظه من هذه الحياة إلا قليلًا جدًا، فقد انتقل إلى رحمة الله في الرابع والعشرين من شهر رجب سنة ست وسبعين وستمائة للهجرة، وخرج من الدنيا، وكأنَّه لم يكن من أهلها؛ إذ لم يمتع فيها بشئ معين، ولا غرو في ذلك فهي سجن المؤمن وجنة الكافر.