الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
صلي الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
[مقدمة المؤلف]
الحمد لله الذي أفصح لنا من الروامز عما خفى خبره على المخبر فاستعجم، وأوضح من المرامز ما عمى أثره على الأكثر فاستبهم حتى اقترب به العزيز على الناظرين فانقاد عويصه فاستسلم، وأينعت الروضة للقاطفين فطاب ثمرها واستحكم.
وصلواته وسلامه على سيدنا محمد أشرف من دعا إلى الله وعلم، وعلى آله وأصحابه وشرف وعظم.
وبعد:
فإن الإمام الرافعي رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه لما برع في علم المذهب إلى حد لم يدركه فيه من جاء بعده ولا كثير ممن كان قبله انتدب لتهذيبه وتحبيره وانتصب لتحقيقه وتحريره، فجمع ما تفرق من كلامه، ونزع مقالة جمهور أعلامه فألفها كتبا بل صاغ منها ذهبًا وحرر منها مذهبا فكان طرازها المبرز وأنموذجها المطرز وهو الشرح الكبير للوجيز أبرزه كالإبريز ملقبًا بالعروس مسمى بالعزيز خضعت لرؤيته رؤوس الرؤوس وذلت لعزته نفائس النفوس، وقد مدحته ببيتين في ضمن مدح الإمام الرافعي رضي الله عنه وهما:
يا من سمى إلى نيل العلى
…
ونحى إلى العلم العزيز الرافعي
قلد سمي المصطفى ونسيبه
…
والزم مطالعة العزيز الرافعي
ثم تلاه الشيخ محي الدين النووي رضي الله عنه صانعًا أيضًا فيما يؤلفه هذا الصنيع، وسالكًا فيه سبيل هذا المهيع، فكان أنفس ما تأثر منها بركات أنفاسه وتأبر من ثمرات غراسه "روضة الطالبين" غرس فيها أحكام
الشرح المذكور ولقحها وضم إليها فروعًا كانت منشرة فهذبها ونقحها، فلذلك حلى ينبوعها وبسقت فروعها وطاب أصولها ودنت قطوفها، فلما اتصف التصنيفات بما وصفناه وتآلف التأليفات كما شرحناه علق عليهما العاكف والباد ودرس بهما ما أنشأه الأولون أو كان وصار عليهما المعول في الترجيح وبقولهما المعمول في التصحيح، وألقت النبلاء مقاليد الفتوى إليهما، واعتمدت الفضلاء فيما تعم به البلوى عليهم، ووقع منهم الاصطفاء، وحصل بهما لهم الاكتفاء، وانفصل منهما التتبع والاقتفاء.
وتلك منقبة قد أطاب الله ذكرها وثناها، وموهبة قد رفع سمكها وبناها، ومن أسر سريرة حسنة ألبسه الله رداءها، لكن وقع في الكتابين المذكورين أنواع كثيرة قاطعة لهذا السبب، مانعة من هذا الأرب، يجب على من تبينت له تبيينها، ويتعين على من تعينت له تعيينها، فإن أكثرها من الزوايا المعتمة المسالك، والغوائل العديمة المشارك، والدسائس الخفية المدارك، لا يهتدي إليها إلا من يسره الله لذلك، وهيأه لما هنالك، فقطع عنه القواطع والعلائق، ودفع عنه الموانع والعوائق، وانتصب للفحص ولازم النظر وألف السهاد وداوم السهر، وأمعن النظر في نصوص الشافعي المتفرقة، وتتبع كتب الأصحاب طبقة بعد طبقة، وعَمَّر بمطالعتها عمره، وعَمَّر بمراجعتها دهره، وأكثر التفتيش والتطلاب، والتردد إلى الباب بعد الباب، وإذا أراد الله تعالى أمرًا هيأ له الأسباب، وقد تيسر لي مع ذلك بحمد الله تعالى من مؤلفات الشافعي والأصحاب -خصوصًا الأقدمين- ما لم يطرق اسمه بالكلية أذن أكثر المكثرين، ولم أعلمه قد اجتمع في مدينتنا عند أحد من العصريين، هذا وهي اليوم أعظم مدن الإسلام، ومجمع العلماء وموطن الأعلام، ومحط رجال أولى المحابر والأقلام، ومورد الملاح والحادي، ومقصد الحاضر والبادى، صانها الله تعالى وحماها وسائر بلاد الإسلام بمنه وكرمه.
وقد كان هذا الإقليم عقب الشافعي بمدة بالنسبة إلى الشافعية كذلك، وكانت الرحلة إليه من الآفاق، فلما استولى عليه العبيديون -المعروفون بالفاطميين- انتدبوا إلى العلماء فقتلوا البعض ونفوا البعض وعوضوهم بعلماء الرفض، واستمر الحال على ذلك قريبًا من ثلاثمائة سنة إلي أن أهلكهم الله تعالى على يد صلاح الدين بن أيوب، فعاد الأمر بحمد الله تعالى كما كان من ظهور هذا الإقليم في ذلك على غيره، ولله الحمد.
واعلم أني لم أزل من زمن الطلب إلى الآن قائمًا بدعوة ما غبر من التواليف، ودثر من التصانيف، معتنيًا بإظهار خفاياها، وإبراز زواياها حتى أحياها الدهر وأنشرها، بعد أن أماتها فأقبرها، وحصل منها من المهمات المتعلقة بالكتابين ما أشرت الآن إليه ودللتك آنفًا عليه، فلذلك شرعت ملتمسًا من الله التوفيق، مقتبسًا منه التحقيق، في كشف القناع عن تلك المخدرات المخبآت، وتشنيف الأسماع بتلك المستعذبات المستغربات، نصيحة للمتعلمين، وإرشادًا للحكام والمفتين فإن أحرى [أحوال أحلامهم](1)، وأعلى [أعمال أعلامهم](2)، مطالعتهم لأحد التأليفين ومراجعتهم أحد التصنيفين فيفتون به ويقضون، ويبرمون وينقضون {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (3).
فجمعت ما حضرني من ذلك ليسير شياعًا، ويثير انتفاعًا، ولا يصير ضياعًا، بل يبقى في التأليف محفوظًا، وبعين العلماء ملحوظًا، وإن كان كثير منه قد اشتهر بحمد الله تعالى من تواليفى وعلى لسان من أخذ مني، أو الآخذين من الآخذين عني، وضممت إليها أنواعًا أخرى لابد منها، ومجموع ذلك عشرون نوعًا:
الأول: بيان ما في الكتابين مما خالفاه في موضع آخر، إما في الكتابين
(1) فى أ: أعلامهم.
(2)
سقط من أ، ب.
(3)
يوسف: 105.
أو أحدهما، وإما من غيرهما من كتبهما، وذلك متوقف على معرفة كتبهما.
فأما كتب الرافعي:
فمنها: الشرح الذي نتكلم عليه وهو المسمى "بالعزيز"، ومنها:"الشرح الصغير" وهو متأخر عن "العزيز" ولم يلقبه -رحمه الله-، ومنها:"المحرر".
ومنها: "التذنيب" وهو مجلد لطيف موضوع للتنبيه على ستة أنواع متعلقة "بالوجيز" للغزالي، وهو يقرب في المعنى من "دقائق المنهاج"، ومنها:"شرح مسند الإمام الشافعي" وهو مجلدان ضخمان، قال في أوله: ابتدأت في إملائه في رجب سنة ثنتي عشرة وستمائة وهو عقب فراغ "الشرح الكبير".
ومنها: "الأمالي" وهو مجلد مشتمل على أحاديث مشروحة أملاها في ثلاثين مجلسًا، سماه "الأمالي الشارحة لمفردات الفاتحة"، اصطلح فيه على اصطلاح غريب، فهذه هي الكتب التي وقفنا عليها له.
وله كتاب صنفه في طريق الحجاز سماه "الإيجاز في أخطار الحجاز" لم أقف عليه.
وكان رحمه الله قد شرع قبل "الشرح الكبير" في شرح على "الوجيز" أبسط من المذكور سماه "الشرح المحمود"، وصل فيه إلى أثناء الصلاة ثم عدل عنه إلى ما ذكرناه، وتلك القطعة لم تشتهر، وقد أشار الرافعي إليها في كتاب الحيض من "الشرح الكبير" في مسألة المتحيرة فإنه قال في الكلام على قضائها للصوم: ولو بسطنا القول في جميع ذلك لطال وقد فعلته في غير هذا الكتاب. هذه عبارته.
وأما كتب النووي: فمنها ما ذكرناه وهو: "الروضة" وقد وقفت على النسخة التي هي بخطه رحمه الله ونقلت منها المواضع المحتملة للتحريف
أو الإسقاط، ومنها:"المنهاج" وقد وقفت عليه بخطه أيضا، ومنها:"المناسك الكبرى والصغرى" و"التبيان في آداب حملة القرآن" ومختصره، و"دقائق المنهاج" و"شرح مسلم" و"الأذكار" و"تهذيب الأسماء واللغات"، و"طبقات الفقهاء" الملخصة من "طبقات ابن الصلاح"، ولم يبيض المصنف هذين التصنيفين بل مات عنهما مسودة، فبيضهما الحافظ جمال الدين المزي، ومنها:"تصحيح التنبيه" فإن صرح فيه بالمسألة المخالفة ذكرتها، وإن لم يصرح بها بل ذكرها صاحب "التنبيه" وأقره هو عليها فلا أذكرها.
نعم قد نبهت على ذلك في التصنيف المسمى "بالتنقيح في الاستدراك على التصحيح"، ومنها: نكت على مواضع متفرقة من "التنبيه" في مجلدة ضخمة، وهي من أوائل ما صنف، ولا ينبغي الاعتماد على ما فيها من التصحيحات المخالفة لكتبه المشهورة، ومنها:"المسائل المنثورة" التي وضعها غير مرتبة، فرتبها تلميذه الشيخ علاء الدين بن العطار وزاد عليها أشياء سمعها منه وهي المعروفة "بالفتاوى"، ومنها:"مختصر التذنيب" للإمام الرافعي سماه "المنتخب"، وقد أسقط منه في آخر الفصل السادس أوراقا تزيد على الكراس فلم يختصرها، ومنها:"لغات التنبيه" وهو وإن كان غير موضوع للأحكام، فقد حصل منه شيء مما نحن بصدده، ومنها:"رؤوس المسائل" وتصنيفه في الاستسقاء، وفي استحباب القيام لأهل الفضل ونحوهم، وفي "قسمة الغنائم" وهو مجلد مشتمل على نفائس، وقد اختصره أيضا وهما من أواخر تصانيفه وأمتعها.
فهذه هي الكتب التي اتفق له رحمه الله إتمامها مما يتعلق بكتابنا هذا، وأما الكتب التي لم يتم فأجلها "شرح المهذب"، وقد وصل فيه إلى أثناء الربا، وقد وقفت على النسخة التي هي بخطه، ومنها:"التحقيق"
وصل فيه إلى أثناء صلاة المسافر، ذكر فيه غالب ما في "شرح المهذب" من الأحكام على سبيل الاختصار، ومنها:"نكت على الوسيط" في نحو مجلدين، وشرح مطول على "التنبيه" وصل فيه إلى الصلاة سماه "تحفة الطالب النبيه"، وشرح على "الوسيط" سماه "التنقيح" وصل فيه إلى كتاب شروط الصلاة وهذه التصانيف الثلاثة رأيتها بخطه، والأخير منها كتاب جليل من أواخر ما صنف جعله مشتملًا على أنواع متعلقة بكلام "الوسيط" ضرورية كافية لمن يريد كثرة المسائل المأخوذة، والمرور على الفقه كله في زمن قليل لتصحيح مسائله، وتوضيح أدلته، وذكر أغاليطه، وحل إشكالاته، وتخريج أحاديثه، وذكر شيء من أحوال الفقهاء المذكورين فيه إلى غير ذلك من الأنواع التي التزمها، ولم يتعرض فيه لفروع غير فروع "الوسيط"، وهي طريقة تيسر معها تدريس "الوسيط" في كل عام مرة، فقد حكى بعض شيوخنا عن بعض شيوخه: أنه كان يدرس "الوسيط" كل سنة، ولا يتعرض لفرع زائد، ويقول: يقبح لمن يتصدى للإفتاء والتدريس أن يكون عهده بباب من أبواب الفقه أكثر من عام، ومنها:"مهمات الأحكام" وهو قريب من "التحقيق" في كثرة الأحكام، إلا أنه لم يذكر فيه خلافًا وقد وصل فيه إلى أثناء طهارة البدن والثوب، ومنها:"الأصول والضوابط" وهو مشتمل على ذكر كثير من قواعد الفقه وضوابطه يذكر العقود اللازمة والجائزة، وما هو تقريب أو تحديد ونحو ذلك والذي ألف منه أوراق قلائل، ومنها: كتاب على "الروضة" كـ"الدقائق على المنهاج" سماه "الإرشادات إلى ما وقع في الروضة من الأسماء والمعاني واللغات" وهو كثير الفوائد وصل فيه إلى أثناء الصلاة وعاقه عن اختتامه واختتام ما قبله انحتام الوفاة.
وقد شرع رحمه الله في اختصار "التنبيه" فكتب منه ورقة واحدة رضي الله عنه وأرضاه- وحشرنا وإياه في زمرة المتقين، وينسب إليه تصنيفان ليسا له.
أحدهما: مختصر لطيف يسمى "النهاية في الاختصار للغاية"، والثاني:"أغاليط على الوسيط" مشتملة على خمسين موضعًا بعضها فقهية وبعضها حديثية.
وممن نسب هذا إليه ابن الرفعة في "شرح الوسيط" فاحذره، فإنه لبعض الحمويين، ولهذا لم يذكره ابن العطار تلميذه حين عدد تصانيفه واستوعبها.
واعلم أن هذا التناقض الواقع في هذه الكتب على أقسام:
فمنه ما هو في أصل الحكم، وهو الأكثر.
ومنه ما يرجع إلى كيفية الخلاف لكونه قولين أو وجهين، وكون الأصح طريقة القطع أو الخلاف.
ومنه أيضًا ما هو على جوابين فقط وهو الأكثر.
ومنه ما هو على ثلاثة أجوبة بأن يذكر المسألة في ثلاثة مواضع، ويجيب في كل واحد منها بجواب لا يوافق الآخر.
ومن أفحش ما يقع في هذا النوع -أعني ما يقع لهما من الاختلاف أنهما إذا خالفا ما سبق لهما أو يأتي ادعيا أنه لا خلاف في ذلك كما ستراه مبينا إن شاء الله.
وقد تأملت وقوع الاختلاف لهما فوجدت سببه غالبًا اتباع ما يقعان عليه في ذلك الموضع من الكتب المخالفة بعضها بعضًا، وذلك بأن يكون الإمام والبغوي مثلًا مختلفين في مسألة، ولكن يذكرها أحدهما في باب، ويذكرها الآخر في باب آخر فيذكران في كل باب ما وقفا عليه مجزومًا به تارة، ومعزوًا إليه أخرى [غير مستحضرين لمخالفة الآخر](1)، ووقوع هذا للشيخ محيى الدين أكثر، وذلك أنه لما تأهل للنظر والتحصيل رأى من المسارعة إلى
(1) سقط من جـ.
الخيرات أن جعل ما يحصله ويقف عليه تصنيفًا ينتفع به الناظر فيه، فجعل تصنيفه تحصيلًا وتحصيله تصنيفًا ومن هذا حاله لا يستحضر غالبًا من غير المشهور إلا الموضع الذي يعمل فيه، إلا أنه غرض صحيح وقصد جميل.
ولولا ذلك لم يتيسر له من التصانيف ما تيسر، فإنه رحمه الله دخل دمشق للاشتغال وهو ابن ثمانية عشرة سنة.
ومات ولم يستكمل ستًا وأربعين كما تعرفه في ترجمته قريبًا إن شاء الله تعالى.
وأما الرافعي فسلك الطريقة الغالبة؛ ولهذا [كان](1) كثير الاستحضار يستحضر غالبًا ما سبق له في المسألة وما يأتيه فيها وهكذا حال ابن الرفعة أيضًا رضي الله عنهم أجمعين- ونفعنا بهم.
وأما المسائل المتحدة مدركًا ومعنى المختلفة تصويرًا وحكمًا فأذكر غالبًا منها ما لا يلوح فرق بينهما، وأما ما يلوح فيه ذلك فلا مدخل له في كتابنا.
هذا وقد أفردته بتصنيف جليل كبير القدر والمقدار، مشتمل على حكم وأسرار سميته "مطالع الدقائق في الجوامع والفوارق"، وكذلك ما كان متشابهًا في التصوير اختلف حكمه [أو اتحد](2)، أو استمد من أصل واحد أو أصول مختلفه فلا أشترطه أيضا في هذا الكتاب، وقد أفردته بتصنيف غريب وتأليف عجيب صافي الدليل سميته "تنزيه النواظر في رياض النظائر".
النوع الثاني: وهو من أهم الأمور وهو بيان ما يفتي به من أحد [الموضعين أو](3) المواضع المختلفة، وذلك متوقف على إبراز مرجح نقلي،
(1) سقط من أ.
(2)
في جـ: تجره.
(3)
سقط من أ، ب.
واعتضاد مذهبي لا لمجرد دعوي رجحانه من جهة الدليل، إذ المذهب نقل، والترجيح المذكور تارة يكون ببيان نص الشافعي في المسألة وهو أعظم الترجيحات مقدارًا وأعلاها منارًا، وتارة بموافقة الأكثرين فإنه يجب الأخذ به، كما صرح به في "الروضة" في أوائل القضاء، وتارة بغير ذلك مما ينشرح به صدرك وتقر به عينك.
وأما ما اختلف فيه الإمامان فالترجيح بينهما سهل، وذلك لأن النووي إن خالف معتمدًا على الأحاديث ونحوها كانتقاض الوضوء بأكل لحم الإبل وصوم الولي عن الميت ونحوهما، فالعمل بتصحيح الرافعي قطعًا لأنه مذهب الشافعي ولهذا قال هو في مقدمة "شرح المهذب"، وابن الصلاح في "أدب المفتي والمستفتي" وغيرهما: ومعنى قولهم: إن المسألة الفلانية مما يفتي فيها على القديم أن من له أهلية الاجتهاد في المذهب يجوز له أن يأخذ، به وأما غير المجتهد فلا يأخذ إلا بالجديد. لأنه مذهب إمامه وإن اعتمد -أعني النووي- على غير ذلك تعين الأخذ بما قاله لأن المعترض بالمنقول لاسيما من عنده ورع لا يقدم على الاعتراض إلا بكتب وزيادة اطلاع، خصوصًا أن الرافعي لم يلتزم في "الشرحين" طريقة المعظم، فإن استند -أعني النووي- إلى منقول لم يوجد فيه الشرط المذكور نبهت عليه.
النوع الثالث: بيان ما وقع في الكتابين المذكورين من الأغلاط العجيبة والأوهام الغريبة، وهي للنووي أكثر منه للرافعي، وفي نقل الرافعي عن الإمام بخصوصه أكثر منه في النقل عن غيره، وقد كنت أفكر في سبب ذلك إلى أن ظهر لي بحكاية سمعتها من قاضي القضاة جلال الدين القزويني في درسه بالمدرسة الناصرية في القاهرة نقلًا عن والده، وقد كان -أعني والده- في بلد الرافعي، وممن أخذ عنه على ما ذكر ولده القاضي المذكور، أن "النهاية" التي هي بخط الإمام كانت بقزوين لنسوة ورثنها وكن لا يسمحن بإخراجها وكان الرافعي يأتي إلى مسجد قريب من منزلهن
فيطالع منها وينقل، ثم يضع ذلك بعد ذلك في كتابه، فيحصل الخلل والتعبير من عدم استقراره في موضعه حالة النقل ونظره منها مستوفزا.
وقد تأملت غير المنسوب إلى الإمام مما وقع من هذا النوع، فوجدت بعضه لتحريف لفظة وقعت في الأصل المنقول منه، وبعضه لسقوط كلام إما من الأصل أيضا، أو لانتقال النظر عند النقل منه من سطر إلى سطر، أو من لفظة إلى مثلها كما يقع للنساخ كثيرًا، وبعضه للذهول عن أول الكلام أو آخره، وبعضه لسبق القلم أو الذهن، فيريد مثلًا أن يعبر بالأول فيعبر بالثاني ونحو ذلك، وبعضه [لخلل في النسخ الواقعة بأيدى الناس من كتاب الرافعى](1)، وسبب الخلل وقوع غلط للناقل أولًا من المسودة عرف من "الشرح الصغير"، وبعضه من تصرفهما وفكرتهما، وسترى ذلك كله مبينًا إن شاء الله تعالى.
ومن غريب ما اتفق للرافعي في هذا النوع أنه قد غلط هو في تغليطه لمن غلط غيره، فإن بعض الأصحاب نقل عن "التلخيص" لابن القاص حكمًا فنسب الإمام الناقل إلى الغلط وقال: إن في "التلخيص" عكسه، ثم إن الرافعي غلط الإمام في هذا التغليط وقال: إنه مذكور فيه كما قاله الناقل عنه أولًا، مع أن الرافعي قد وهم في ذلك كما أوضحته [في موضعه](2).
ولعل السبب: أن الرافعي وقعت له النسخة التي وقعت لذلك الناقل، ويلتحق بهذا النوع بيان الانتقاد عليهما في استدلالات واستنباطات ونحو ذلك، ولا أذكر من ذلك إلا ما كان متعينًا لا مندوحة عنه دون ما عنه جواب وإن ضعف.
النوع الرابع: بيان المواضع التي خالفا فيها نص الشافعى: بأن ذهلا عن
(1) سقط من أ، ب.
(2)
سقط من ب.
النص فأجابا بما وجداه لبعض الأصحاب، وهو كثير جدًا فإن الرافعي لم يقف على كتب الإمام الشافعي وإنما ينقل عنها بواسطة غيره، ولهذا يقول: وعن نصه في "الأم" كذا، وعن نصه في "البويطي" كذا، ونحو ذلك، وهذه عبارته في ما ينقله بالوسائط وذلك لشدة ورعه واحترازه.
نعم ظفر النووي مع "المختصر" بـ"الأم" و"مختصر البويطي" إلا أنه إنما ينقل عنهما أحيانًا قليلة، ولم يتتبعها كما فعل ابن الرفعة في "المطلب" فإنه تتبع مسائل "الأم" ولم يفته منها إلا القليل، والنووي امتاز على الرافعي بهذا النوع.
وقد تيسر لي بحمد الله تعالى ما وقف النووي عليه من هذه النصوص بزيادة "الإملاء" و"الأمالي" و"نهاية الاختصار" للمزني وهو عزيز الوجود، ثم إنني إذا ذكرت النص فأذكره غالبًا بحروفه مبالغا في تعريفه فأذكر كتابه ثم بابه ثم إن اتسع الباب فبعدد أوراقه، فإن وقع الباب الواحد مكررًا -وهو كثير جدًا- عرفته غالبًا بالباب الذي قبله أو بعده، فأقول مثلًا: قال في كتاب الرهن المذكور بعد الإجارة، أو قبل الصداق، إلا أن يكون الباب المكرر من كتاب تكون نسخه مختلفة الترتيب "كمختصر البويطي" فإن تعريفه بما ذكرت لا يفيد، وكثيرًا ما أستغني عن ذلك كله بإضافة النص إلى بعض من نقله، ولا شك أن صاحب "المهذب" متى كان له في المسألة نص وجب على أصحابه الرجوع إليه فيها، فإنهم مع الشافعي كالشافعي ونحوه من المجتهدين مع نصوص الشارع، ولا يسوغ الاجتهاد عند القدرة على النص، وقد رأيت في "تعليق البندنيجى" في كتاب الكتابة في الكلام على أقوال النقاض اعتذارًا عما وقع للأصحاب، فقال: وكثيرًا ما يخالف الأصحاب النص لا عن قصد ولكن لعدم اطلاعهم عليه، هذا كلامه.
وقد كان أَبو إسحاق المروزي يذهب إلى أن نية الصوم تبطل بالأكل والشرب ونحوهما من المفطرات بعدها، فلما حج الإصطخرى اجتمع به
وأظهر له نص الشافعي على خلاف ما قاله، فرجع وأشهد على نفسه بالرجوع، والسبب في وقوع المخالفة من الأصحاب لإمامهم أن كتبه رضي الله عنه غير مرتبة المسائل، وكثيرًا ما يترجم للباب وتكون غالب مسائله من أبواب أخرى متفرقة، ومثل هذه التصانيف لا ينتفع بها غالبًا من المصنفين إلا من نظرها بعد كمال تصنيفه، فيحضر تصنيفه جميعه بين يديه، ثم ينظر ذلك الكتاب فكلما مر بمسألة أخرج بابها من تصنيفه ونظرها، فلهذا قَلَّ استعمال الأصحاب لها.
النوع الخامس: بيان المواضع التي نقلاها عن واحد فقط، وقد خالفه فيه جماعة، وكذلك ما نقله عن متعدد وقد خالفه فيه أكثر من ذلك العدد، ولا شك أن الرافعي لم يلتزم في "الشرحين" تصحيح ما عليه المعظم كما سبق ذكره، ولهذا تختلف عبارته في الترجيح، فتارة يقول: الأصح، [ونحوه من الصيغ التي لا وقفة فيها، وتارة يقول: الأكثرون، وتارة يقول: الأصح](1) عند الأكثرين: وتارة يقول: الأولى، أو الأشبه أو الأقرب أو الأفقه أو الأمثل أو الأحسن أو الأعدل أو الأنسب ونحو ذلك من الألفاظ المشعرة بأنها من قبله وتارة يقول: يشبه أن يكون الأرجح كذا، أو لعل ونحو ذلك مما هو أدون مما سبق، وتارة يحكي خلافًا مرسلًا، وذلك كله لشدة احترازه وورعه.
لكنه بالاستقراء لا يخالف منقول الأكثرين متى اطلع عليه، إلا بأن يقول: يشبه أو يحسن ونحو ذلك مما يدل على أنه من جهة البحث، ولا ينقل عن الأكثرين، ويصرح مع ذلك بتصحيح مخالفهم، إلا إذا نقل عنهم بواسطة كما فعل في الكلام على الإبطال بتطويل الركن القصير، وذلك في الحقيقة منازعة للناقل في نقله عن الأكثرين.
النوع السادس: بيان المواضع الواردة على حصرهما: بأن يقولا: لا
(1) سقط من ب.
يستثنى إلا كذا ونحو ذلك، ويكون هناك غيره مما يستثني أيضًا، والغريب أنهما قد يكونان هما المستثنيان في موضع آخر، إلا أن ما كان من هذا النوع ونحوه من الصور النادرة فقد لا أذكره اعتمادًا على ما اشتمل عليه كتابنا المسمى "طراز المحافل في ألغاز المسائل" وهو تأليف بديع وتصنيف صنيع.
النوع السابع: بيان المسائل التي أطلقاهما، وهي مقيدة بقيد مذكور في كلام الشافعي أو في كلامهما أو في كلام أحدهما في موضع آخر أو في كلام الأصحاب، فإن الواقف على ذلك الإطلاق ممن لا علم له بالتقييد يغتر بالإطلاق فيقع في الخطأ، ومن أغرب ما وقع لهما في هذا النوع أنهما قد يغتران بالإطلاق فيستدلان به على صورة معينة، مع أن المسألة مقيدة بما يخرج تلك الصورة.
النوع الثامن: ذكر ما أهملاه من أقسام المسألة، إما بأن يهملا القسم في أصل التقسيم، أو يذكراه لكن يغفلان عن حكمه.
النوع التاسع: ذكر المواضع التي يتبادر منها إلى فهم الواقف عليها خلاف المراد، أو تحتمل أمرين أو أمورا على السواء، فأذكر المراد منها وقد وهم النووي بسبب ذلك في مواضع عدة من "الروضة" فصرح بشئ ومراد الرافعي خلافه، كما علم بعض ذلك من "الشرح الصغير" للرافعي وبعضه من غيره كما ستعرفه.
النوع العاشر: ذكر المواضع التي ادعيا عدم الخلاف فيها مع أنه ثابت في شئ من كتب المذهب لم يطلعا عليه، فأعزوه إلى قائله أو أسنده إلى ناقله، وكثيرًا ما يدعي أحدهما عدم الخلاف ويكون هو الحاكي له في موضع آخر، إما من ذلك الكتاب، أو من غيره حتى أنه نفى الخلاف في "الروضة" عن مسألة والخلاف ثابت في تلك المسألة في "المنهاج"، ومن أغرب ما وقع لهما في هذا النوع: أنهما قد يصححان ما ينفيانه، أو أن الشافعي نفسه يكون هو المخالف.
الحادي عشر: ذكر المواضع التي ينقلانها عن غيرهما من حكم، أو
خلاف وينكران على الناقل ذلك، مع أن النقل صحيح والإنكار باطل، وأكثر ما وقع ذلك للرافعي مع الغزالي لكونه يذكر شيئًا في "الوجيز" أو غيره من كتبه ولا يجده الرافعي في "النهاية" فيتوهم عدم ثبوته ظنًا منه أن الغزالي لا يحكي شيئًا عن [غيرها](1) فينفيه بسبب ذلك، ولا شك أن معظم كلام الغزالي منها، ولكنه لما صنف "الوسيط" استمد أيضًا من ثلاثة كتب أخرى:
أحدها: "الإبانة" للفوراني، ومنها أخذ هذا الترتيب الحسن الواقع في كتبه، وهو ترتيب الأبواب والفصول والتقاسيم، وكان فعله لذلك توفيقًا من الله لما فيه من إراحة الناس، لأن الرافعي قد اضطر إلي متابعته لكونه شارحًا، وكذلك النووي لكونه مختصرًا وعلى كلامهما المعول فكان ذلك سببًا للتسهيل على الناس في إخراج الأبواب والمسائل.
وثانيها: "التعليق" للقاضي الحسين، وهو الكتاب الجليل العظيم الفوائد.
وثالثها: "المهذب" للشيخ أبي إسحاق، واستمداده منه كثير على خلاف ما في الأذهان، وقد نبه عليه ابن الرفعة في "شرح الوسيط"، ولا شك أن الرافعي رحمه الله قد فاته أصول كثيرة لم يقف عليها كما سيأتي إيضاحه، ومنها "الإبانة" و"التعليق" المذكوران، فإذا علمت ما ذكرناه من استمداد الغزالي من الثلاثة المذكورة أيضًا مع "النهاية"، فقد ينقل حكمًا أو خلافًا منها ليس في "النهاية" فينكره عليه الرافعي ظنًا منه أنه لم يخرج عن "النهاية"، ويتابعه على ذلك في "الروضة" ويزيد فيبالغ في الإنكار [ويشنع](2) العبارة أو يسقط ذلك بالكلية، على أن بعض ذلك مذكور في "النهاية" أيضا ولكن في غير ذلك الموضع، فإن مسائل "النهاية" متفرقة لكونها على ترتيب المختصر، وكانت بين عيني الغزالي فلما
(1) فى ب: غيره.
(2)
فى جـ: ويسيع.
صنف كتبه جمع كل شيء إلى ما يلائمه ورتبه الترتيب المذكور، ومن أغرب ما يقع لهما في هذا النوع أنهما قد ينكران عليه ذلك ويبالغان في إنكاره مع جزمهما به في موضع آخر.
الثاني عشر: بيان المواضع التي ادعى الرافعي أن لا نقل فيها، أو توقف في نقلها لكونه لم يجده، ويذكر الحكم من جهته على سبيل التفقه مع أنها منقولة مصرح بها، ومن غريب ما يقع له [في هذا النوع](1) أن المسألة قد تكون مسطورة في كلام الشافعي، أو في الكتب التي غالب نقل الرافعي منها، وهي غير كلام الغزالي المشروح منه ستة تصانيف "التهذيب" و"النهاية""والتتمة" و"الشامل" و"تجريد" ابن كج و"أمالي" السرخسي المعروف بـ"الزاد"، فيذكر أحدها على وفق ما أجاب به تارة وعلى عكسه أخرى كما ستراه مبينًا إن شاء الله تعالى.
الثالث عشر: بيان الراجح من الخلاف الذي حكياه أو أحدهما بلا ترجيح، وهو من أهم الأمور، وترجيحه إما من كلاهما في كتاب آخر أو باب آخر، وإما من نص الشافعي أو ذهاب الأكثرين أو غير ذلك مما ستراه إن شاء الله تعالى.
الرابع عشر: بيان ما أسقط الرافعي من الأصل الذي يشرحه، وهو "الوجيز" حكمًا كان أو خلافًا.
الخامس عشر: ذكر فائدة الخلاف الذي حكاه أحدهما ونفى أن يكون له فائدة، أو كانت فائدته لا تظهر إلا بتأمل.
السادس عشر: ضبط ما يتحرف على المتفقة من الألفاظ الواقعة فيهما سواء كانت من الأعلام أو النسب أو غيرهما.
(1) سقط من أ، ب.
السابع عشر: تفسير ما يحتاج من الألفاظ المذكورة إلى التفسير من جهة اللغة، سواء كان ذلك في الأحاديث أم لم يكن، فإن كانت تلك الألفاظ قليلة ذكرتها في مواضعها من الباب، وإن كثرت ذكرتها مجموعة في أوله أو في آخره.
الثامن عشر: ذكر ترجمة الإمام الشافعي وترجمة جميع المنسوبين إليه مما وقع ذكره في أحد الكتابين خاصة، وإن كان الذي فاتهما منه نادرًا جدًا، وإنما ذكرت ذلك لاستشراف الواقف على ضبط أسمائهم وأنسابهم إلى معرفة طبقاتهم في العلم وأعمارهم ووفياتهم وشيوخهم، ومعرفة من لم يذكر ممن بقى منهم، لما في ذلك من الفوائد لاسيما أن كثيرًا من أصحابنا يجهلهم كثير من المشتغلين الآن، فلا يعلمون أنهم منهم فضلًا عن ذكر الرافعي لهم والموضع الذي ذكرهم فيه، فلذلك ذكرتهم على سبيل الاختصار خصوصًا المشهورين منهم إحالة على شهرتهم، ثم إن كان الشخص متكرر الذكر في أحد الكتابين مشهورًا، فلا حاجة إلى بيان الموضع الذي ذكر فيه، فإن لم يكن كذلك ذكرت موضعه ولا أذكر من يتوهم فيه الاستقلال بالاجتهاد وخروجه عن تقليد الشافعي إلا أبا ثور والمزني وابن المنذر.
فقد صرح الشيخ محيى الدين بأنهم من أصحابنا، ذكر ذلك في "الروضة" مفرقًا، وفي أوائل "شرح المهذب"[مجموعًا، وكثيرًا ما يصرح الشيخ أَبو إسحاق في "المهذب"](1) بذلك.
ثم إن الترجمة للذين أترجم لهم لا يمكن أن تكون في كل موضع [وقع ذكرهم فيه لا بإيضاح الترجمة، ولا بإحالتها على أول موضع ذكروا فيه من
(1) سقط من أ.
الكتاب، لما فيه من التطويل الذي لا مزيد عليه والعي الواضح.
فلهذا قصدت جمعهم في موضع] (1) واحد في فصل بعد فراغ الخطبة وقبل الشروع في مسائل الكتابين، فأذكر أولًا الشافعي ثم أصحابه الذين أخذوا عنه مرتبين على ترتيب وفياتهم، ثم أصحاب الأصحاب في أبواب على حروف المعجم معتبرًا أول حرف من اللفظ الذي يعرف به الشخص اسمًا كان أو كنية [أو لقبا أو نسبًا](2) ونحو ذلك، إلا أن الاعتبار في الآباء والأبناء ونحوهما وفي ما أضيف إليه تصنيفه بالاسم الأخير لا بالأول فأذكر مثلًا الرافعي في حرف الراء، وابن سريج وأبا الطيب بن سلمة في حرف السين، وابن بنت الشافعي في حرف الشين، وصاحب "التقريب" و"التتمة" في حرف التاء، والقفال الشاشي والشيخ أبا إسحاق الشيرازي في حرف الشين، والشيخ أبا حامد الاسفراييني في حرف الهمزة، وإن كان قد يعرف بما قبله لأنه بالمجموع أشهر، فقس على [ذلك وأعقد لهم إن](3) شاء الله تعالى قبل الخوض في تراجمهم فصلًا يكون أنموذجًا لما سيأتي، أذكر فيه أسماءهم سردًا مرتبة على ترتيب وفياتهم عند العلم بها، فإن لم تكن معلومة، ففي أهل طبقته ليسهل الوقوف على من أريد الوقوف عليه إن شاء الله تعالى، وقد جمعت كتابًا مستقلًا شاملًا للأصحاب المذكورين هنا وغيرهم رضي الله عنهم.
التاسع عشر: ذكر تخريج ما فيه من أحاديثه التي اتفق لي ذكرها بطريق العرض، إما لضبط لفظة أو لشرحها أو دفع استدلال، أو غير ذلك.
تمام العشرين: وهو خاص بالروضة، في [بيان](4) الخلل الواقع في اختصارها وهو على أنواع كثيرة.
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
(3)
سقط من أ.
(4)
سقط من ب.
أحدها: وهو أفحشها: أن ينعكس عليه كلام الرافعي أو يتحرف أو يفهم منه غير المراد أو يغفل عن شرط مذكور فيه، ونحو ذلك.
ثانيها: أن يحذف من كلامه حكمًا أو تصحيحًا أو خلافًا.
ثالثها: أن يزيد أحد هذه الأمور، ولم ينبه على أنه من زوائده بل يدخله في نفس كلام الرافعي، لكن إذا نقل التصحيح عن اثنين فصاعدا وأطلق النووي تصحيحه لم أعترض عليه فيه، وإنما أذكر منه ما كان تصحيحه عن واحد فقط.
رابعها: أن يثبت طريقة مستندة إلى قول الرافعي مثلًا وهو ما أورده فلان أو أجاب به، ونحو ذلك فإن الفرق بين الإيراد والقطع واضح، وقد صرح به الرافعي مع وضوحه، فقال في الكلام على بيع الفضولي عقب قول الإمام: قطع العراقيون بالبطلان، ما نصه: الذي ألفيته في أكثر كتبهم الاقتصار على ذكر البطلان، لا نفي الخلاف المفهوم من إطلاق [لفظ](1) القطع في مثل هذا المقام، وفرق بين ألا يذكر الخلاف وبين أن ينفي. هذا كلامه.
خامسها: أن يذكر المسألة من زوائده وهي في كلام الرافعي في موضع آخر، إلى غير ذلك من الأمور التي لا تعرف حقيقتها إلا بالوقوف عليها وليس الإخبار الإجمالي كالعيان التفصيلي.
وهذه العشرون نوعًا هي الأنواع التي أبني عليها هذا الكتاب غير ما يقع في غضونها بطريق النفع من الفوائد الجليلة، ولو أفرد كل نوع من هذه الأنواع بالكلام عليه لكانت عشرين تصنيفًا من أجَل التصانيف، وأكثرها نفعًا، وأعظمها وقعًا، يعد كل واحد منها منحة دهر وثمرة عمر.
وأما الفروع الزائدة على ما في "الشرح" و"الروضة"، فإن كتابنا هذا ليس، موضوعًا لها، وأرجو إن كان في الأجل فسحة أن أشرع إن شاء الله
(1) سقط من أ.