الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج البخاري في التاريخ والحاكم عن أبي هريرة: الخلافة بالمدينة والملك بالشام.
والجواب: ليس المراد نفي الخلافة بعد ثلاثين مطلقا لصحة حديث اثني عشر خليفة بل الخلافة الكاملة بلا شائبة مخالفة السنة المستمرة بلا تخلل انقطاع. ونحن نعترف بأن معاوية رضي الله عنه وإن كان عالما ورعا عدلا دون الخلفاء الأربعة في العلم والورع والعدل كما ترى من التفاوت بين الأولياء بل الملائكة والأنبياء فامارته وإن كانت صحيحة بإجماع الصحابة وتسليم الحسن رضي الله عنه إلا أنها ليست على منهاج خلافة من قبله فإنه توسع في المباحات وتحرز عنها الخلفاء الأربعة وحسنات الأبرار سيئات المقربين. ولعل توسعه فيها لقصور همم سائر أبناء الزمان، وإن لم يوجد فيه ذلك كما علمت. وأما رجحان الخلفاء الأربعة في العبادات والمعاملات فظاهر مما لا سترة فيه
فصل في ذكر عمرو بن العاص رضي الله عنه
يكنى أبا عبد الله وابا محمد وكان وزيرا لمعاوية رضي الله
عنه.
أخرج الترمذي وقال غريب ليس إسناده بالقوى عن عتبة بن عمرو بن العاص مرفوعا: «أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص» .
أي أسلم قريش يوم الفتح هيبة وآمن عمرو رغبة قبل الفتح بسنة أو سنتين. قال ابن الملك: وقع الإسلام في قلبه في الحبشة حين اعترف النجاشي بنبوته فاقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنا من غير أن يدعوه أحد إليه فجاء المدينة فآمن. وقال الذهبي: قدم مهاجرا هو وخالد وعثمان بن طلحة في صفر سنة ثمان، روى عنه ابنه عبد الله ومولاه أبو قيس وقيس بن أبي حازم وأبو عثمان النهدي وقبيصة بن ذويب وأبو مرة مولى عقيل وعبد الرحمن بن شماسة وعروة بن الزبير وآخرون، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم على ذات السلاسل. وعن إبراهيم النخعي قال: عقد النبي صلى الله عليه وسلم لواء لعمرو وعلي وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم وغيرهم. وهذا إزالة لوحشته وإيناس له لأنه كان شديد العداوة للمسلمين.
وفي تاريخ الذهبي: قال حماد بن سلمة بإسناده: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ابنا العاص مؤمنان عمرو وهشام» وروى عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة عن طلحة قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نعم أهل البيت أبو عبد الله وأم عبد الله"
وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت فبكى طويلا وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إني كنت على أطباق ثلاث، لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولا أحب إلي من أن اكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فأبايعك فبسط يمينه فقبضت يدي فقال: «ما لك يا عمرو» قلت: أردت أن أشترط، قال:«تشترط ماذا؟» قلت: أن يغفر لي، قال:«أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله» ، وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم وليت أشياء ما أدري ما حالي فيها، فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر الجزور ويقسم لحمه حتى أستأنس بكم
وأنظر ماذا أراجع رسل ربي.
وأخرج ابن عساكر من طريق ابن وهب عن حرملة بن عمران عن سالم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم العن أبا سفيان اللهم العن الحارث بن هشام اللهم العن صفوان بن أمية» فترلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} فتاب عليهم فأسلموا فحسن إسلامهم. رواه الترمذي وحسنه.
وفي جامع الأصول: فقئت عين أبي سفيان يوم الطائف فلم يزل أعور إلى يوم اليرموك، فأصاب عينه الأخرى فعميت، ومات سنة أربع وثلاثين وقيل ست وقيل إحدى وثلاثين بالمدينة وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ودفن بالبقيع.
وذكر الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} أنه لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان لانت عريكته واسترخت شكيمته.