الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ط- ملاحظة الخلق:
أكثر الخلق مفرّطون، وهم في الغفلة غارقون، فهم صوارف عن الهمّة العلية حيث يُغتر بهم ويقلدون في تفريطهم، فالحذار الحذار من غفلة الغافلين والاغترار بها.
وقال الشاعر:
ترجو غداً وغد كحاملة
…
في الحيِّ لا يدرون ما تلد
((والإسراع في القيام بعمل من الأعمال يُزيل ما فيه من العناء، أما التأجيل فمعناه الإهمال، والعزم على العمل يصير مع الوقت عزماً على عدم العمل، وما أشبه من يعمل عملاً بمن يُلقي بذاراً في الأرض فإذا هو لم يعمله في حينه فإنه يبقى إلى الأبد بدون ثمرة، وليس صيف الزمان من الطول بحيث إن الأعمال المؤجلة تنضج ثمارها فيه)) (1).
(1)((سبيلك إلى الشهرة والنجاح)): 106.
((وإن للتأخر عواقب مشؤومة، فتأخر يوليوس قيصر عن قراءة رسالة وردت إليه كلفته خسارة حياته حين بلوغه مجلس الأعيان الرومانيّ، والكولونيل راهل قائد موقع ترانتون لما جاءه رسول يحمل إليه كتاباً متضمنناً نبأ اجتياز واشنطن لنهر ديلاور كان يلعب بالورق فوضع الكتاب في جيبه ولم يفضّه إلا بعد انتهاء اللعبة، وللحال سار في مقدمة جنوده إلى ميدان القتال فقتل ثم أخذ رجاله أسرى، فتأخّر بضع دقائق جَرَّ عليه خسارة الشرف والحرية الحياة)) (1).
هذان مثالان على ما يمكن أن يجره التسويف، ولا تستهن أخي الداعية بعاقبته فإن التسويف في الدعوة وغزو القلوب قد يؤخر تَسنُّم الشرف بتمكين دعوة الله في الأرض، وقد لا تتاح الفرص المتوفرة الآن - على قلتها - في المستقبل القريب فتعضَّ حينذاك أصابعك ندماً على ما فرطت فيه، وتُحصر الدعوة بسبب
(1) المصدر السابق. 104
تسويفك أنت وأمثالك في مضايق لا عهد لها بها، والله الموفق.
****