المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالثفي فضل الصخرة الشريفة والأوصاف التي كانت بها في زمن سليمان عليه السلام وارتفاع القبة المبنية عليها يوم ذلك وذكر أنها من الجنة وأنها تحول يوم القيامة مرجانة بيضاء - إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى - جـ ١

[المنهاجي الأسيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي أسماء المسجد الأقصى وفضائله وفضل زيارته وما ورد في ذلك على العموم والتخصيص والإفراد والاشتراك

- ‌الباب الثانيفي مبدأ وضعه وبناء داود إياه وبناء سليمان عليه السلام على الصورة التى كانت من عجائب الدنيا، وذكر دعائه الذي دعا به بعد إتمامه "لمن دخله" ومكان "الدعاء

- ‌الباب الثالثفي فضل الصخرة الشريفة والأوصاف التي كانت بها في زمن سليمان عليه السلام وارتفاع القبة المبنية عليها يوم ذلك وذكر أنها من الجنة وأنها تحول يوم القيامة مرجانة بيضاء

- ‌الباب الرابعفي فضل الصلاة في بيت المقدس ومضاعفتها وهل المضاعفة فى فضل الصلاة تعم الفرض والنفل أم لا؟ وهل المضاعفة تشتمل الحسنات والسيئات؟ وفضل الصدقة والصوم والأذان فيه والإهلال بالحج والعمرة منه وفضل إسراجه وأنه يقوم مقام زيارته عند الفجر، عن قصده

- ‌الباب الخامسفي ذكر الماء الذي يخرج من أصل الصخرة وأنها على نهر من أنهار الجنة وأنها انقطعت في وسط المسجد من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وفي أدب دخولها وما يستحب أن يدعى به عندها، ومن أين يدخلها إذا أراد الداخل

- ‌الباب السادسفي الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ومعراجه إلى السماء وذكر فرض الصلوات الخمس وذكر قصة قبة المعراج والدعاء عندها وفي مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وفضل قبته وصلاته صلى الله عليه وسلم بالأنبياء والملائكة ليلة

- ‌الباب السابعفي ذكر السور المحيط بالمسجد الأقصى وما كان في داخله من المعابد والمحاريب المقصودة بالزيارة والصلاة فيها كمحراب داود عليه السلام ومحراب زكريا ومحراب مريم عليهما السلام ومحراب سيدنا عمر بن الخطاب ومحراب معاوية رضي الله عنهما، وما يشرع

- ‌الباب الثامنفي ذكر عين سلوان والعين التي كانت عندها والبئر المنسوبة إلى سيدنا أيوب عليه السلام وذكر البرك والعجائب التي كانت في بيت المقدس وما كان به عند قتل الإمام عليّ رضي الله عنه وولده الحسين رضي الله عنه ومن قال إنه كالأجمة ورغب عن أهله

- ‌الباب التاسعفي ذكر فتح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس، وما فعله من كشف التراب "والزبل" عن الصخرة الشريفة

الفصل: ‌الباب الثالثفي فضل الصخرة الشريفة والأوصاف التي كانت بها في زمن سليمان عليه السلام وارتفاع القبة المبنية عليها يوم ذلك وذكر أنها من الجنة وأنها تحول يوم القيامة مرجانة بيضاء

‌الباب الثالث

في فضل الصخرة الشريفة والأوصاف التي كانت بها في زمن سليمان عليه السلام وارتفاع القبة المبنية عليها يوم ذلك وذكر أنها من الجنة وأنها تحول يوم القيامة مرجانة بيضاء

وما في معنى ذلك قال محمد بن منصور بن ثابت: كانت صخرة بيت المقدس أيام سليمان عليه السلام ارتفاعها اثنى عشر ذراعًا وكان

الذراع ذراع الأمان ذراع وشبر وقبضة وكان عليها من اليلنجوج ارتفاعها ثمانية عشر ميلا وفوق

ص: 127

القبة غزال من ذهب بين عينيه درة أو ياقوتة حمراء تغزل نساء أهل البلقاء على نورها بالليل وهي على ثلاثة أيام منها وكان أهل عمواس يستظلون بظل القبة إذا طلعت الشمس وإذا غربت استظل أهل بيت الرامة وغيرهم من الغور بظلها.

وروى المشرف عن كعب مثله فقال: كانت صخرة بيت المقدس طولها في السماء اثنى عشر ميلا فكان أهل أريحا وأهل "عمواس" يستظلون بظلها وكان عليها ياقوتة تضئ بالليل كضوء الشمس وإذا كان النهار طمس ضوءها، ولم تزل كذلك حتى خربها بخت نصر وأخذ ما أخذ منها وحمله إلى رومية وروي أيضا عن عطاء بن رباح أنه قال: كانت صخرة بيت المقدس طولها في السماء اثنا عشر ميلا "ويقال: إنه ليس بينها وبين السماء إلا ثمانية عشر ميلا" وكان أهل أريحا يستظلون بظلها وكان عليها ياقوتة تغزل نساء البلقاء على ضوئها بالليل. قال: ولم تزل كذلك حتى غلب عليها الروم بعد أن خربها بختنصر، فلما صارت في أيديهم قالوا: تعالوا لنبني عليها أفضل من البناء الذي كان عليها على قدر طولها

ص: 128

في السماء، وزخرفوه بالذهب والفضة "ودخلوا إليها" وأشركوا فيها فانقلبت عليهم فما خرج منها أحد فلما رأى ملك الروم ذلك جمع البطارقة والشمامسة ورؤساء الروم، وقال لهم: ما ترون؟ قالوا: نرى أنا لم نرض إلهنا فلذلك لم يقبل منا. فأمر الثانية فبنوا فيها وأضعفوا النفقة فلما فرغوا من البناء الثاني دخلها سبعون ألف مثل ما دخلوا أول مرة وفعلوا كفعلهم أولا فلما أشركوا انقلبت عليهم ولم يكن الملك معهم فلما رأى ذلك جمعهم ثالثة وقال لهم: ما ترون؟ قالوا: إنا لم نرض ربنا كما ينبغي لذلك هدم ما فعلناه ونحن نحب أن نبني ثالثة حتى إذا أرادوا أن قد أتقنوها وفرغوا منها جمع النصارى وقال لهم: هل ترون من العيب شيئًا؟ قالوا: لا نكللها بصلبان الذهب والفضة. ودخلها قوم اغتسلوا وتطيبوا فلما دخلوا أشركوا كما أشرك أصحابهم من قبل فخربت عليهم ثالثة فجمعهم رابعة ملكهم واستشارهم فيما يفعل، وكثر خوضهم في ذلك فبينما على

ذلك إذا أقبل عليهم شيخ كبير عليه برانس سود وعمامة سوداء قد انحنى ظهره وهو متوكئ على عصاه فقال لهم: يا معشر النصارى إليّ فإني أكبركم سنًّا، وقد خرجت من معبدي لأخبركم أن هذا المكان قد لعن أصحابه وأن القدس نزع منه وتحول إلى هذا الموضع وأشار إلى الموضع الذي بنوا فيه كنيسة قمامة فيه قال: وأنا أريكم الموضع "الذي ذكرت" ولستم تروني بعد هذا اليوم أبدًا فاقبلوا مني ما أقول لكم وأغواهم وزادهم طغيانا وأمرهم أن يقطعوا الصخرة ويبنوا بحجارتها الموضع الذي أمرهم به فبينما هو يكلمهم ويقول ذلك إذ خفي فلم يروه فازدادوا كفرا وقالوا فيه قولا عظيما ثم إنهم خربوا المسجد واحتملوا العُمُد والحجارة وغيرها وبنوا بهما كنيستهم القمامة والكنيسة التي في وادي جهنم وكان الشيخ الملعون قد قال لهم:

ص: 129

وإذا فرغتم من بناء هذا الموضع فاتخذوا ذلك الموضع الذي لعن أصحابه ونزع القدس منه مزبلة لقذراتكم وبذلك ترضون ربكم ففعلوا ذلك حتى كانت المرأة ترسل بخرق حيضها وأوساخها من القسطنطينية وتطرحها عليها ومكثوا على ذلك مدة حتى بعث اللَّه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأسري به إليها وذلك من أجل خصائصها وعظيم فضلها.

وعن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: "صخرة بيت المقدس من صخور الجنة". وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة والنخلة على نهر من أنهار الجنة وتحت النخلة آسيا امرأة فرعون ومريم بنت عمران ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم القيامة".

وعن أبي إدريس الخولاني أنه قال: يحول اللَّه يوم القيامة صخرة بيت المقدس مرجانة بيضاء كعرض السماء والأرض ثم يصيرون منها إلى الجنة والنار فكذلك قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48]، تبدل أرضًا بيضاء عفراء من فضة لم يعمل عليها خطيئة قط قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول اللَّه: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات أين الناس يومئذ؟ قال: "على

الصراط".

وعن ثور

ص: 130

بن يزيد وعن ابن عبد اللَّه بن بشر عن كعب قال في التوارة يقول اللَّه لصخرة بيت المقدس: (أنت عرشي الأدنى ومنك ارتفعت إلى السماء ومن تحتك بسطت الأرض وكلما يسيل من ذروة الجبال من تحتك من مات فيك فكأنما مات فيك في سماء الدنيا ومن مات حولك فكأنما مات فيك لا تنقضي الأيام والليالي حتى أرسل عليك نارًا من السماء فتأكل آثار أكف بني آدم وأقدامهم منك، وأرسل عليك ماء من تحت العرش فأغسلك حتى أتركك كالأمهات وأضرب عليك سورا من غمام غلظه اثنا عشر ميلًا وسياجًا من نار وأجعل عليك قبة وحبلها بيدي وأنزل فيك روحي وملائكتي يسبحون فيك لا يدخل أحد من بني آدم يوم القيامة فمن يرى ضوء تلك القبة من بعيد يقول: طوبى لوجه يخر فيك ساجدا وأضرب عليك حائطا من نار وسياجا من الغمام بخمس حيطان من ياقوت ودر وزبرجد أنت البدء وإليك المحشر ومنك المنشر" وقال اللَّه تعالى صخرة بيت المقدس من أحبك أحببته ومن أحبك أحببني ومن مذ بشناك شنأته عيني عليك من السنة إلى السنة لا أنساك حتى أنسى يميني ومن صلى فيك ركعتين أخرجته من الخطايا كما أخرجته من بطن أمه إلا أن يعود إلى خطايا مستأنفة نكتب عليه لا تذهب الأيام والليالي حتى يحشر إليك كل مسجد يذكر فيه اسم اللَّه يحفون بك حفيف الركب بالعروس إذا أهديت إلى أهلها أنزل عليك نارًا من السماء

ص: 131

تأكل ما داست أقدام الناس وما مسته أيديهم).

وهذا حديث طويل ذكره الحافظ أبو محمد القاسم وفيه (ضمنت لمن سكنك أن لا تعوزه أيام حياته خبز البر والزيت) وفيه (لا تنقضي الأيام والليالي حتى أنزلك في ذروة كرامتي منك المحشر وإليك المنشر).

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "سيد البقاع بيت المقدس وسيد الصخور، صخرة بيت المقدس" وقال ابن عباس رضي الله عنه: (صخرة بيت المقدس من صخور الجنة). وعن كعب قال: (الكعبة بإزاء البيت المعمور في السماء السابعة الذي تحجه ملائكة اللَّه ولو وقعت منه أحجار لوقعت على أحجار البيت والجنة في السماء السابعة بإزاء بيت المقدس، والصخرة لو وقع منها حجر لوقع على الصخرة ولذلك "أوسلم" ودعيت الجنة دار السلام وعن الزهري عن وهب قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"قال: قال اللَّه تعالى لصخرة بيت المقدس فيك جنتي وناري جزائي وعقابي فطوبى لمن زارك أو رآك" وعن الوليد بن مسلم عن ابن جابر قال سمعت عمير بن هانئ العبسي يقول: "يحول اللَّه تعالى صخرة بيت المقدس يوم القيامة مرجانة بيضاء فيكون هو عليها ومن أحب من خلقه" وفي رواية "يحول اللَّه تعالى صخرة بيت المقدس مرجانة كعرض السماء والأرض ثم يضع عليها عرشه ويضع ميزانه ويقضي بين عباده ويصيرون منها إلى الجنة وإلى النار".

وعن إبراهيم بن أبي عبلة

ص: 132

قال: سئل عبادة بن الصامت رضي الله عنه ورافع بن خديج وكانا عقبيين بدريين فقيل لهما: أرأيتما ما يقول الناس في هذه الصخرة أحقًّا هو فنأخذ به أو هو شيء أصله من أهل الكتاب فندعه.

فقالا، سبحان اللَّه ومن يشك في أمرهما إن اللَّه عز وجل لما استوى إلى الماء قال: لصخرة بيت المقدس: (هذا مقامي وموضع عرشي يوم القيامة ومحشر عبادي وهذا موضع جنتي عن يمينها وموضع ناري عن يسارها وفيه أنصب ميزاني أمامها وإن اللَّه ديّان يوم الدين ثم استوى إلى علّيين).

وعن عبد الرحمن بن منصور قال: سمعت أبي قال: قدم مقاتل بن سليمان إلى بيت المقدس وصلى عند باب الصخرة القبلي فاجتمع إليه خلق كثير من الناس فكتب

عنه وسمع منه فأقبل على أبي بدوي يطأ بنعلين على البلاط وطأً شديدا فسمعه فغمه ذلك وقال لمن حوله: انفرجوا على انفراج الناس عنه، وأهوى بيده يشير إليه، ويزجره أيها الواطئ ارفع بوطئك فوالذي نفس مقاتل بيده ما تطأ إلا على أساطين الجنة وأما هذا الذي عليه الحائط مديرا. أو قال: السور ما فيه موضع شبر إلا وصلى عليه نبي مرسل وملك مقرب. وعن أم عبد اللَّه ابنة خالد بن معدان عن أمها (لا تقوم الساعة حتى تزف الكعبة إلى الصخرة فيتعلق بها جميع من حجّها واعتمرها فإذا زارتها الصخرة قالت مرحبا بالزائرة

ص: 133

والمزور إليها).

وحكى صاحب مثير الغرام أنه رأى في "شرح الموطأ" للإمام أبي بكر بن العربي قال في تفسير قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} [المؤمنون: 18] فذكر أربعة أقوال رابعها قيل: إن مياه الأرض كلها تخرج من تحت صخرة بيت المقدس وهي من عجائب اللَّه تعالى في أرضه؛ فإنها صخرة في وسط المسجد انقطعت من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه في أعلاها من جهة الغرب قدم النبي صلى الله عليه وسلم حين ركب البراق وقد مالت من تلك الجهة لهيئته وفي الجهة الأخرى أثر أصابع الملائكة التي أمسكتها إذ مالت به ومن تحتها الغار الذي انفصلت عنه من كل جهة عليه باب يفتح للناس للصلاة والاعتكاف تهيبتها مدة أن أدخل تحتها خوفا من سقوطها عليّ بالذنوب التى اجترحتها ثم رأيت الظلمة والمجاهرين بالمعاصي ثم قلت لعلهم أمهلوا وأعاجل أنا فتوقفت مدة ثم عزم علي فدخلتها فرأيت العجب العجاب يمشي في حواشيها من كل جهة فرأيتها "متعلقة" منفصلة عن الأرض لا يتصل بها شيء من الأرض بعض الجهات أشد انفصالا من بعض وموضع القدم الشريف اليوم في حجر منفصل عن الصخرة محاذٍ لها آخر جهة الغرب من جهة القبلة وهو على أعمدة والصخرة اليوم على جدران المغارة متصلة بها خلا الموضع الذي عند باب المغارة من جهة القبلة؛ فإنها منفصلة هناك عن الجدار القبلي وبينهما فضاء تحت باب المغارة سلَّم حجر ينزل منه إلى المغارة وعند وسطها

ص: 134

صفة صغرى متصلة به من جهة شرقه وطرفه الأخر الأعلى مستند إلى طرف الصخرة كأنه مانع لها من الميل إلى جهة القبلة أو لغير ذلك وبقية الصخرة تحتها بناء وموضع أصابع الملائكة من الصخرة من جهة الغرب منفصل عن موضع القدم الشريف المذكور قريبا من محاذاة باب الصخرة الغربي انتهى.

ص: 135