المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثامنفي ذكر عين سلوان والعين التي كانت عندها والبئر المنسوبة إلى سيدنا أيوب عليه السلام وذكر البرك والعجائب التي كانت في بيت المقدس وما كان به عند قتل الإمام علي رضي الله عنه وولده الحسين رضي الله عنه ومن قال إنه كالأجمة ورغب عن أهله - إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى - جـ ١

[المنهاجي الأسيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي أسماء المسجد الأقصى وفضائله وفضل زيارته وما ورد في ذلك على العموم والتخصيص والإفراد والاشتراك

- ‌الباب الثانيفي مبدأ وضعه وبناء داود إياه وبناء سليمان عليه السلام على الصورة التى كانت من عجائب الدنيا، وذكر دعائه الذي دعا به بعد إتمامه "لمن دخله" ومكان "الدعاء

- ‌الباب الثالثفي فضل الصخرة الشريفة والأوصاف التي كانت بها في زمن سليمان عليه السلام وارتفاع القبة المبنية عليها يوم ذلك وذكر أنها من الجنة وأنها تحول يوم القيامة مرجانة بيضاء

- ‌الباب الرابعفي فضل الصلاة في بيت المقدس ومضاعفتها وهل المضاعفة فى فضل الصلاة تعم الفرض والنفل أم لا؟ وهل المضاعفة تشتمل الحسنات والسيئات؟ وفضل الصدقة والصوم والأذان فيه والإهلال بالحج والعمرة منه وفضل إسراجه وأنه يقوم مقام زيارته عند الفجر، عن قصده

- ‌الباب الخامسفي ذكر الماء الذي يخرج من أصل الصخرة وأنها على نهر من أنهار الجنة وأنها انقطعت في وسط المسجد من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وفي أدب دخولها وما يستحب أن يدعى به عندها، ومن أين يدخلها إذا أراد الداخل

- ‌الباب السادسفي الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ومعراجه إلى السماء وذكر فرض الصلوات الخمس وذكر قصة قبة المعراج والدعاء عندها وفي مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وفضل قبته وصلاته صلى الله عليه وسلم بالأنبياء والملائكة ليلة

- ‌الباب السابعفي ذكر السور المحيط بالمسجد الأقصى وما كان في داخله من المعابد والمحاريب المقصودة بالزيارة والصلاة فيها كمحراب داود عليه السلام ومحراب زكريا ومحراب مريم عليهما السلام ومحراب سيدنا عمر بن الخطاب ومحراب معاوية رضي الله عنهما، وما يشرع

- ‌الباب الثامنفي ذكر عين سلوان والعين التي كانت عندها والبئر المنسوبة إلى سيدنا أيوب عليه السلام وذكر البرك والعجائب التي كانت في بيت المقدس وما كان به عند قتل الإمام عليّ رضي الله عنه وولده الحسين رضي الله عنه ومن قال إنه كالأجمة ورغب عن أهله

- ‌الباب التاسعفي ذكر فتح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس، وما فعله من كشف التراب "والزبل" عن الصخرة الشريفة

الفصل: ‌الباب الثامنفي ذكر عين سلوان والعين التي كانت عندها والبئر المنسوبة إلى سيدنا أيوب عليه السلام وذكر البرك والعجائب التي كانت في بيت المقدس وما كان به عند قتل الإمام علي رضي الله عنه وولده الحسين رضي الله عنه ومن قال إنه كالأجمة ورغب عن أهله

‌الباب الثامن

في ذكر عين سلوان والعين التي كانت عندها والبئر المنسوبة إلى سيدنا أيوب عليه السلام وذكر البرك والعجائب التي كانت في بيت المقدس وما كان به عند قتل الإمام عليّ رضي الله عنه وولده الحسين رضي الله عنه ومن قال إنه كالأجمة ورغب عن أهله

، وذكر طلسم الحياة، وذكر طور زيتا والساهرة، وذكر جبل قاسيون بخصوصه وما جاء في ذلك على نحوه روينا بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن اللَّه عز وجل اختار من المدائن أربعة مكة وهي البلدة والمدينة وهي النخلة وبيت المقدس وهي الزيتونة ودمشق وهي التينة" واختار من الثغور أربعة إسكندرية مصر وقزوين خراسان وعبادان العراق وعسقلان الشام واختار من العيون أربعة يقول في محكم كتابه العزيز {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} [الرحمن: 50] أما اللتان تجريان فعين بيسان وعين سلوان وأما النضاختان فعين زمزم وعين عكا واختار من

الأنهار أربعة سيحان وجيحان والنيل والفرات،

ص: 211

وعن أم عبيدة بنت خالد بن معدان عن أبيها أنه قال: زمزم وعين سلوان التي ببيت المقدس من عيون الجنة وفي رواية عنها عنه قال من عيون الجنة في الدنيا زمزم وعين سلوان وعنها أيضا عن أبيها أنه قال من أتى بيت المقدس فليأت محراب داود المشرف وليصل فيه ويسبح في عين سلوان فإنها من الجنة، ولا يدخل الكنائس ولا يشتر فيها بيعا فإن الخطة فيها ألف خطة في غيرها والحسنة فيها مثل ألف حسنة، وقال سعيد بن عبد العزيز كان في زمن بني إسرائيل في بيت المقدس عين عند عين سلوان وكانت المرأة إذا قذفت أتوا بها إليها فشربت منها فإن كانت بريئة لم يضرها وإن كانت غير بريئة طعمت فماتت فلما حملت مريم عليها السلام أتوا بها وحملوها على بغلة فعثرت بها فدعت اللَّه تعالى أن يعقم رحمها فعقمت من يومئذ فلما أتتها شربت منها فلم تر إلا خيرا فدعت اللَّه تعالى أن لا يفضح بها امرأة مؤمنة ففارت تلك العين من يومئذ. وحكى كتاب الأنس في معنى ذكر البئر المنسوبة إلى سيدنا أيوب عليه السلام قال قرأت بخط ابن عمي إلى محمد القاسم وأجازه لي قال قرأت في بعض التواريخ أنه ضاق الماء في بيت المقدس بالناس فاحتاجوا إلى بئر هناك نزلوها ثمانون ذراعًا وسعة رأسها بضعة عشر ذراعا في عرض أربعة أذرع وهي مطوية بحجارة عظيمة كل حجر منها خمسة أذرع وأقل وأكثر في سك ذراعين أو ذراع فعجبت كيف نزلت هذه الحجارة إلى ذلك المكان وماء البئر بارد خفيف ويستسقى منها الماء طول السنة من ثمانين ذراعا وإذا كان زمان الشتاء فاض ماؤها حتى يسيح على وجه الأرض في بطن الوادي ويدور عليه

ص: 212

أرحية تطحن الدقيق فلما احتج إليها وإلى عين سلوان نزلت إلى قرار البئر ومعي جماعة من الصناع لأنقبها فرأيت الماء يخرج من حجر يكون قدر ذراعين في مثلهما وبها مغارة فتح بابها ثلاثة أذرع في ذراع ونصف يخرج منها ريح بارد شديد البرودة وإنه حط فيه الضوء فرأيت المغارة مطوية السقف بحجر ودخل إلى قريب منها فلم يلبث له الضوء فيها من شدة الريح الذي يخرج منها وهذه البئر في باطن وادي المغارة في بطنها وعليها وحواليها من الجبال العظيمة الشاهقة ما لا يمكن الإنسان أن يرتقي عليها إلا بمشقة وهي التي قال اللَّه تعالى لنبيه أيوب صلى الله عليه وسلم وعلى سائر الأنبياء أفضل الصلاة وأتم السلام {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42] انتهى كلامه.

وأما النهي عن دخول الكنائس فقد روي عن سعيد بن عبد العزيز أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى في الكنيسة التي في وادي جهنم ركعتين ثم قال بعد ذلك كنت غنيا أن أركع ركعتين على وادي جهنم، وعنه أن عمر رضي الله عنه لما فتح بيت المقدس مر بكنيسة مريم التي في الوادي فصلى فيها ركعتين ثم ندم لقوله صلى الله عليه وسلم:"هذا واد من أودية جهنم" ثم قال "ما كان أغنى عمر أن يصلي في وادي جهنم" وعن كعب قال لا تأتوا كنيسة مريم التي ببيت المقدس أي كنيسة الجسمانية والعمودين اللذين في كنيسة الطور فإنما من "الطواغيت" ومن أتاهم حبط عمله. وعن ثور بن يزيد

ص: 213

قال بلغني أن كعبا مر به ابن أخيه ورحل معه فسألهما أين تريدان قالا: إيليا قال كعب لا تقولا إيليا لكن قولا بيت المقدس، وقال بيت اللَّه المقدس لا تأتيا كنيسة مريم ولا العمودين فإنهما طاغوت من أتاها حبطت صلاته إلى أن يعود من ذي قبل قاتل اللَّه النصارى ما أعجزهم ما بنوا كنيستهم إلا في وادي جهنم وعن أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد بن أبي بكر المقدسي في كتاب البديع في تفضيل الإسلام أن قبر مريم عليها السلام في الكنيسة المعروفة بالجسمانية، وكذا يقال الآن ولم تزل تسمع أن موضع قبرها تحت القبة التي في الكنيسة وحكي ذلك في مثير الغرام عند ذكر مريم عليها السلام وذكر من دخل بيت المقدس من الأنبياء عليهم السلام وزاد وقال بالكنيسة المعروفة بالجسمانية بالسين بعد الجيم لا يجوز للمسلم دخول الكنيسة إلا بإذنهم لأنهم يكرهون دخوله إليها قال: ابن الملقن في عمدته وينبغي إذا كان فيها صورا أن يحرم على ما تقرر في باب الوليمة والذي قاله هناك وإذا منعنا الدخول فهل هو منع تحريم أو تنزيه قال الرافعي في

ص: 214

نظم الوجيز يقتضي ترجيح الحرمة ونقله في الذخائر عن الأكثرين قال ذخائر البيان عن عامة الأصحاب كذلك وهو النص لكن في الشرح الصغير مال الأكثرون إلى الكراهة وكلام صاحب الشرح الكبير يقتضي مرافقته. قال أبو منصور بن الصباغ في كتاب الأشعار باختلاف العلماء واختلفوا في الصلاة في البيع والكنائس والنواويس فحكى ابن المنذر عن ابن عباس ومالك رضي الله عنهما أنهما كرها ذلك لأجل الصور وعن أبي موسى الأشعري أنه صلى في كنيسة وعن الحسن والشعبي وغيرهما الترخيص في الصلاة في البيع والكنائس قال الزركشي فما كتاب إعلام الساجد بأحكام المساجد وذاكرت شيخنا يعني أبا نصر في ذلك فأجاب إنه ينبغي أن

يكره الصور التي فيها ولدخولها بغير إذن فقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن العماد الأفقهشي في كتابه تسهيل المقاصد لزوار المساجد ويجوز الصلاة في كنائسهم بشروط أربعة:

أحدها: أن يأذنوا له في الدخول إن كانت الكنيسة مما لا يقرون عليها ككنائس مصر جاز دخولها بغير إذن لأنها واجبة الإزالة فلا يد لهم عليها.

ثانيها: أن لا يكون فيها تصاوير فإن كان فيها تصاوير على جدرانها كما هو الغالب حرم دخولها فإنه لا يحل دخول دار فيها تصاوير "وإن كان فيها تصاوير" لا يقدر على إزالتها نعم يجوز ذلك على قول الأصطخري وابن الصباغ أن النهي عن التصاوير منسوخ.

ثالثها: أن يحصل من ذلك مفسدة كتكثير سوادهم وإظهار شعائرهم وإيهام صحة عبادتهم وتعظيم متعبداتهم.

رابعها: أن لا يكون فيها نجاسة فإن كانت فلا تصح إلا بحائل انتهى.

أقول: وهذا الشرط الأخير يحتاج إليه هنا

ص: 215

فإن الطهارة شرط في كل مكان. قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، لا تدخلوا على هؤلاء كنائسهم فإن السخط ينزل عليهم وهذا إذا لم يكن فيها تصاوير فإن كانت حرم دخولها والصلاة فيها انتهى.

وقضية تحريم دخول كنيسة بيت لحم فهو لما فيها من الصور وأما ما كان في بيت المقدس من البرك وما كان فيه عند قتل علي والحسين رضي الله عنهما ومن قال إنه كالأجمة ورغب عن أهله إلى غير ذلك فمنه ما رواه ضمرة عن ابن أبي سودة قال عمل ملك من ملوك بني إسرائيل يسمى حزقيل في بيت المقدس ست برك: منها ثلاث في المدينة بركة بني إسرائيل وبركة سليمان وبركة عياض، وثلاث خارج المدينة بركة ماملا وبركتا المرجيع جعل ذلك خزائن لأهل بيت المقدس، وحكى السري بن يحيى عن ابن شهاب الزهري أن عبد الملك بن مروان سأله ما كان بيت المقدس عند مقتل علي بن أبي طالب قال لم يرفع حجر إلا وجد تحته دم وقيل إن ذلك كان في قتل الحسين وروي أيضا عن الزهري أن أسماء الأنصارية قالت ما رفع حجر بإيليا ليلة

قتل الحسين بن علي إلا وجد تحته دم عبيط، ورواه أبو بكر الهذلي عن الزهري قال لما قتل الحسين لم يرفع حصاه "بيت المقدس" إلا وجد تحتها دم عبيط وقال أول ما عرف الزهري تكلم في مجلس الوليد أيكم يجمل ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم مثل الحسين بن علي فقال الزهري إنه لن يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط، وعن زيد بن عمر الكندي قال حدثتني أم حيان قالت يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاث ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئا فجعله على وجهه إلا احترق ولم يقلب حجر بيت المقدس إلا أصبح تحته دم عبيط، وعن عياش عن صفوان إذ قال مثل بيت المقدس مثل الأجمة فيها الأسد من داخلها وإما أن يأكله وإما أن يسلم ويقال بيت المقدس

ص: 216

كأجمة الأسد إما إن يسلم وإما أن يدركه العطب. أقول قال في القاموس أجم الأسد دخل أجمة ثم قال والأجمة محركة الشجر الملتف وعن سليمان بن كيسان قال: لقيت أبا عيسى الخراساني بمصر فقلت له أرغبت عن القدس فقال: لم أرغب عن القدس ولكنني رغبت عن أهل القدس، وعن صفوان بن عمرو قال: مكتوب في التوارة ببيت المقدس كأس من ذهب مملوءة عقارب قال الفقيه أبو المعالى المشرف ويعني بالعقارب بنى إسرائيل الذين كانوا يعملون فيه بمعاصي اللَّه تعالى حتى عمهم من البلاء ما عمهم وليس لهذه الأمة في ذلك شيء لأنه قال مملوء عقارب وظاهر الخطاب يدل على الماضي لا على المستقبل. وكان في بيت المقدس من العجائب ما لا يوجد في غيره منها ما صنعه الضحاك بن قيس الأزدي قال أهل العلم لما توجه ذو القرنين إلى بيت المقدس وقد دانت له أهل الأرض وخضعت له الملوك رأى تلك العجائب التي صنعها الضحاك بن قيس في الزمان الأول، ومنها أنه صنع نارًا عظيمة اللهب فمن لم يطع اللَّه تلك الليلة أحرقته تلك النار، ومنها أن من رمى بيت المقدس بنشابة رجعت إليه، ومنها أنه وضع كلبا من خشب على باب بيت المقدس فمن كان عنده شئ من السحر إذا مر بذلك الكلب نبح عليه فإذا نبح عليه نسى ما كان عنده من السحر، ومنها أنه وضع بابا فمن

ص: 217

دخل منه إذا كان ظالما من اليهود والنصارى ضغطه ذلك الباب حتى يعترف بظلمه. ومنها أنه وضع عصا في محراب بيت المقدس فلا يقدر أحد أن يمس تلك العصا إلا من كان من أولاد الأنبياء عليهم ومن كان غير ذلك احترقت يده ومنها أنهم كانوا يحبسون أولاد الملوك عندهم في محراب بيت المقدس فمن كان

من أهل المملكة إذا أصابوا يده مطلية بالذهب.

ومما يلحق بهذه العجائب ما صنعه سليمان عليه السلام وذلك أنه عليه السلام جعل تحت الأرض بركة وجعل فيها ماء وكان على وجه ذلك الماء بساط ومجلس رجل عظيم أو قاض جليل فمن كان على باطل إذا وقع في ذلك الماء غرق ومن كان على حق لم يغرق فلما صار الإسكندر إلى بيت المقدس ورأى ما صنعه الضحاك من العجائب أوحى اللَّه تعالى إليه أنك ميت وإن أجلك قد حضر.

وكان آخر من كان من الملوك في ذلك الزمان قد أوسع أهل الأرض عدلا وآخر من كان من الملوك من أهل الخير قد كبر سنه ودق عظمه ونحل جسمه وانقضى عمره بعد أن سار من المشرق إلى المغرب إلى البلاد التي لم يأتها أحد قبله وذلك بتمكين اللَّه عز وجل له في الأرض كما بين في كتابه العزيز ومات ببيت المقدس، فزعم بعض أهل العلم أنه مات بدومة الجندل وأنه رجع إليها من بيت المقدس فأدركه أجله فمات بها، وكان ببيت المقدس حيات عظيمة قاتلة إلا أن اللَّه تعالى تفضل على عباده بمسجد كان على ظهر الطريق أخذه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كنيسة هناك تعرف بقمامة وفيه اسطوانتان من حجارة على رأسهما صورة حيات يقال إنها طلسم فمتى لسعت حية إنسانا لم تضره شيئًا فإن خرج من بيت المقدس شبرا من الأرض مات فى الحال ودواؤه في ذلك أن يقيم ببيت

ص: 218

المقدس ثلاثمائة وستين يوما بعدد أيام السنة فإن خرج منه وقد بقي من العدد يوم واحد هلك، وحكى صاحب مثير الغرام عن الحافظ أبي محمد القاسم وذكر السهروردي تحو هذا فى كتاب الزيارات وأخبر الفقيه محمد بن علي بن عقبة عدل فاضل ثقة إنه اتفق ذلك لشخص سماه هو ونسيت اسمه كان يلعب بالحيات فلدغته حية فخرج من القدس فمات.

وعن مكحول عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: عمران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة وخروج الملحمة فتح القسطنطينية ثم خروج الدجال ثم ضرب على فخذه أو قال منكبه ثم قال إن هذا الحق كما أنك قاعد".

وعن مكحول يحدث جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم نقله بلفظه ثم ضرب بيده على فخذه الذي حدثه أو منكبه ثم قال إن هذا لحق كما أنك ههنا أو كما أنك قاعد يعني معاذا، وفي لفظ ثم ضرب على فخذ الرجل الذي حدث معاذا، ورواه في مثير الغرام عن مالك بن يخامر عن معاذ بلفظه ورواه الوليد عن جابر عن مكحول عن عبد اللَّه بن مجيرين عن معاذ بن جبل أنه حدث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الملاحم فقال عمر إن بيت المقدس خراب يثرب الحديث انتهى كلامه.

وعن عوف بن مالك الأشجعي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بناء له فسلمت

ص: 219

عليه فقال عوف بن مالك فقلت نعم فقال ادخل فقلت: بكلي أو ببعضي فقال: بكلك فقال لي: يا عوف اعدد سنينا بين يدي الساعة أولهن موتي، فاستبكيت حتى جعل يسكتني ثم قال قل إحدى فقلت إحدى والثانية فتح بيت المقدس ثم قال قل ثنتان والثالثة موتان يكون في أمتي يأخذهم، مثل قعاص الغنم قل ثلاث فقلت ثلاث والرابعة تكون فتنة في أمتي وعظمها قل أربع فقلت أربع والخامسة يفيض فيكم المال حتى إن الرجل ليعطى المائة دينار فيسخطها قل خمس والسادسة هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيسيرون إليكم على ثمانين من غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا وفسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها دمشق صحيح أخرجه البخاري في بعض ألفاظه اختلاف وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"بين الملحمة الكبرى وفتح المدينة ست سنين ويخرج المسيح الدجال في السابعة"، وعن معاذ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تقبل رايات سود من قبل خراسان فلا يردها شيء حتى تنصب بإيليا" وأما اتصال حوضه صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس

فمنه ما روى أبو سعيد

ص: 220

الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي حوض طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس أشد بياضا من اللبن آنيته بعدد نجوم السماء وكل نبي يدعو أمته ولكل نبي حوض فمنهم من يأتيه "الغام" ومنهم من يأتيه "القضة" ومنهم من يأتيه النفر ومنهم من يأتيه الرجلان والرجل ومنهم من لا يأتيه أحد فيقال قد بلغت وإني أكثر الأنبياء وعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما بقي لأمتي من الدنيا -أو قال: في الدنيا- إلا كمقدار الشمس إذا صليت العصر وإن حوضي ما بين إيليا إلى المدينة -أو قال: ما بين المدينة-" إلى بيت المقدس فيه عدد نجوم السماء أقداح الذهب للفتنة.

وأما طور زيتا والساهرة وكونهما في بيت المقدس فمنه ما رواه خالد بن معدان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أقسم ربك بالتين والزيتون وطور زيتا وفي رواية عنه أقسم ربنا عز وجل بأربعة أجبل فقال: والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين فالتين مسجد دمشق والزيتون طور زيتا مسجد بيت المقدس وطور سنين حيث كلم اللَّه تعالى موسى عليه السلام والبلد الأمين مكة، وعن سعيد بن عبد العزيز أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أتت بيت المقدس فصعدت إلى طور زيتا فصلت فيه، وروى خليد بن دعلج نحوه وزاد فقامت على طرف الجبل وقالت من ههنا يتفرق الناس يوم القيامة إلى الجنة والنار وعن إبراهيم بن أبي شيبان قال: قال لي زيادة بن أبي سودة كان صاحبكم يعني ابن أبي زكريا إذا قدم ههنا يعني بيت المقدس صعد الجبل يعني طور زيتا وعن حذيفة وابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم قالوا كنا ذات يوم جلوسا عند

ص: 221

رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "يحشر الناس فوجا لفيفا إلى قوله، فينتهون إلى الأرض التي يقال لها الساهرة وهي ناحية بيت المقدس تسع الناس وتحملهم بإذن اللَّه تعالى" وعن إبراهيم بن أبي عبلة في قوله تعالى {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14]، قال البقيع الذي إلى جانب طور زيتا قريب من مصلى عمر معروف بالساهرة وفي حديث ابن عمر أن أرض المحشر تسمى الساهرة وفيه فصل الساهرة الغلاة ووجه الأرض وقيل الأرض العريضة البسيطة والساهرة، عند العرب الأرض التي تبعث ساكنها على السهر

للسري فيها لينجو منها ومعنى الساهرة أرض لا ينامون عليها ويسهرون وعن ابن عباس رضي الله عنه الساهرة الأرض وعن سهيل بن أمين سعد الساعدي أنها أرض بيضاء عفراء كخبرة من نقى وعن الزهري الأرض كلها تسمى ساهرة وعن مجاهد الساهرة أعلى الأرض كانوا في أسفلها فجعلوا في أعلاها.

وقال النخعي الساهرة فوق الأرض سميت ساهرة لأن فيها سهر الحيوان ونومهم وقال وهب بن منبه الساهرة جبل عند بيت المقدس يبسط للحشر لقوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 48]، وقوله عز وجل:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41]، قال قتادة ما نقص من الأرضين زاد في فلسطين وما نقص في فلسطين زاد في بيت المقدس وبها أرض المحشر والمنشر وبها يجمع اللَّه الناس وبها تهلك الضلالة ويرفع الهدى، أقول: وطور زيتا مما يلى الساهرة مزارات يزورها الناس منها قبر رابعة بنت إسماعيل أم الخير العدوية البصرية الزاهدة مولاة أبي عتيك قيل كانت تقول في مناجاتها إلهي تحرق قطيا بحبك بالنار فهتف بها هاتف ما كنا نفعل هذا

ص: 222

فلا تظني بنا ظن السوء وكانت تقول ما ظهر من أعمالي لا أعده شيئًا، قدمت بيت المقدس وماتت به وقبرها بظاهر القدس الشريف على رأس طور زيتا ظاهر يزار توفيت رحمها اللَّه تعالى سنة خمس وثلاثين ومائة ذكرها صاحب مثير الغرام في من دخل بيت المقدس من التابعين ومنها من بعد عيسى عليه السلام قال أبو زرعة الشيباني رفع عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام من طور زيتا وحكاه أبو الفرج بن الجوزي في كتابه فضائل بيت المقدس، وذكرها صاحب مثير الغرام في أوائل الفصل الأول من القسم الثاني ثم قال الأستاذ أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن مرجان في تفسيره {وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1] جبل بيت المقدس وموضع ظهور عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلم {وَالتِّينِ} [التين: 1] الجبل الذي بدمشق موضع نزوله وقد تقدم عن وهب أنه عليه الصلاة والسلام رفعه اللَّه تعالى من طور زيتا، وروى صاحب الأنس عن سعيد بن المسيب أنه قال رفع اللَّه تعالى عيسى عليه السلام وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وأما الجبال المقدسة التي أقسم اللَّه تعالى في كتابه العزيز كما قدمنا من رواية خالد بن معدان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقسم ربنا عز

وجل بأربعة أجبل الحديث، ويقال إن التين جبل عليه دمشق، والزيتون: جبل عليه بيت المقدس وطور السنين حيث كلم اللَّه موسى عليه السلام والبلد الأمين

ص: 223

مكة وقال قتادة والتين الجبل الذي عليه دمشق والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس لأنهما بيتان التين والزيتون وقيل التين مسجد دمشق كان بستانا لهود عليه السلام فيه تين والزيتون مسجد بيت المقدس.

وعن كعب قال: أربعة أجبل جبل الخليل ولبنان والطور والجوزي. يكون لمحل منهم يوم القيامة كلؤلؤة بيضاء تضيء السماء والأرض يرجعن إلى بيت المقدس حتى يجعلن في زواياه ويوضع عليه كرسيه حتى يقضي بيت أهل الجنة والنار {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر: 75].

وعن معمر عن أيوب قال: بنيت الكعبة من خمسة أجبل لبنان وطور زيتا يعنى مسجد بيت المقدس وطور سيناء والجودي وكان ربضه من حراء وعن هشام الدستوائي عن أبي عمران قال: أوحى اللَّه إلى الجبال إني نازل على جبل منكم فتطاولت الجبال، وتواضع طور زيتا وقال إن قدر شيء فسيصيبني فأوحى اللَّه تعالى إليه إني نازل عليك لتواضعك لي ورضاك بقدري.

وعن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن قال: أوحى اللَّه تعالى إلى جبل قاسيون أن هب ظلك وبركتك لجبل بيت المقدس ففعل فأوحى اللَّه تعالى إليه أما إذا فعلت فإني سأبنى في حصتك بيتا قال عبد الرحمن قال الوليد: في حصتك أي وسطك وهو هذا المسجد يعنى مسجد دمشق أعيد فيه بعد خراب الدنيا أربعين عاما ولا تذهب الأيام، والليالي حتى أرد عليك ظلك وبركتك. قال فهو عند اللَّه عز وجل بمنزلة المؤمن الضعيف المتفرغ انتهى.

ص: 224