المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الخامسفي ذكر الماء الذي يخرج من أصل الصخرة وأنها على نهر من أنهار الجنة وأنها انقطعت في وسط المسجد من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وفي أدب دخولها وما يستحب أن يدعى به عندها، ومن أين يدخلها إذا أراد الداخل - إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى - جـ ١

[المنهاجي الأسيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي أسماء المسجد الأقصى وفضائله وفضل زيارته وما ورد في ذلك على العموم والتخصيص والإفراد والاشتراك

- ‌الباب الثانيفي مبدأ وضعه وبناء داود إياه وبناء سليمان عليه السلام على الصورة التى كانت من عجائب الدنيا، وذكر دعائه الذي دعا به بعد إتمامه "لمن دخله" ومكان "الدعاء

- ‌الباب الثالثفي فضل الصخرة الشريفة والأوصاف التي كانت بها في زمن سليمان عليه السلام وارتفاع القبة المبنية عليها يوم ذلك وذكر أنها من الجنة وأنها تحول يوم القيامة مرجانة بيضاء

- ‌الباب الرابعفي فضل الصلاة في بيت المقدس ومضاعفتها وهل المضاعفة فى فضل الصلاة تعم الفرض والنفل أم لا؟ وهل المضاعفة تشتمل الحسنات والسيئات؟ وفضل الصدقة والصوم والأذان فيه والإهلال بالحج والعمرة منه وفضل إسراجه وأنه يقوم مقام زيارته عند الفجر، عن قصده

- ‌الباب الخامسفي ذكر الماء الذي يخرج من أصل الصخرة وأنها على نهر من أنهار الجنة وأنها انقطعت في وسط المسجد من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وفي أدب دخولها وما يستحب أن يدعى به عندها، ومن أين يدخلها إذا أراد الداخل

- ‌الباب السادسفي الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ومعراجه إلى السماء وذكر فرض الصلوات الخمس وذكر قصة قبة المعراج والدعاء عندها وفي مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وفضل قبته وصلاته صلى الله عليه وسلم بالأنبياء والملائكة ليلة

- ‌الباب السابعفي ذكر السور المحيط بالمسجد الأقصى وما كان في داخله من المعابد والمحاريب المقصودة بالزيارة والصلاة فيها كمحراب داود عليه السلام ومحراب زكريا ومحراب مريم عليهما السلام ومحراب سيدنا عمر بن الخطاب ومحراب معاوية رضي الله عنهما، وما يشرع

- ‌الباب الثامنفي ذكر عين سلوان والعين التي كانت عندها والبئر المنسوبة إلى سيدنا أيوب عليه السلام وذكر البرك والعجائب التي كانت في بيت المقدس وما كان به عند قتل الإمام عليّ رضي الله عنه وولده الحسين رضي الله عنه ومن قال إنه كالأجمة ورغب عن أهله

- ‌الباب التاسعفي ذكر فتح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس، وما فعله من كشف التراب "والزبل" عن الصخرة الشريفة

الفصل: ‌الباب الخامسفي ذكر الماء الذي يخرج من أصل الصخرة وأنها على نهر من أنهار الجنة وأنها انقطعت في وسط المسجد من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وفي أدب دخولها وما يستحب أن يدعى به عندها، ومن أين يدخلها إذا أراد الداخل

‌الباب الخامس

في ذكر الماء الذي يخرج من أصل الصخرة وأنها على نهر من أنهار الجنة وأنها انقطعت في وسط المسجد من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وفي أدب دخولها وما يستحب أن يدعى به عندها، ومن أين يدخلها إذا أراد الداخل

الدخول إليها، وما يكره من الصلاة على ظهرها وذكر السلسلة التي كانت عندها ولسبب دفعها وذكر البلاطة السوداء التي على باب الجنة واستحباب الصلاة عليها والدعاء بالدعاء المعين. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس".

عن أبي بن كعب

ص: 155

في قوله {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71] قال: الشام وما من ماء عذب إلا ويخرج من تحت الصخرة التي ببيت المقدس. وعن أبي العوام مؤذن بيت المقدس قال: قال كعب: ما شرب من ماء عذب إلا ويخرج من تحت الصخرة هذه. وعن أبي العالية قال من بركتها -يعني صخرة بيت المقدس- أن كل ماء يخرج من أصلها.

وعن الصلت بن دينار عن أبي صالح عن نوف البكالى قال: الصخرة يخرج من تحتها أربعة أنهار من الجنة سيحان جيحان والفرات والنيل. قال صاحب الأنس عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الأنهار أربعة سيحان وجيحان

والنيل والفرات فأما سيحان فنهر بلخ فأما جيحان فدجلة وأما النيل فنيل مصر وأما الفرات ففرات الكوفة وكلما يشرب ابن آدم فهو في هذه الأربعة ويخرج من تحت الصخرة) وعن كعب أنه قال ما من نقطة من عين عذبة إلا ومخرجها من تحت صخرة بيت المقدس قال كعب: عساك تعنى عين سماهيج فواللَّه

ص: 156

إن مخرجها من تحت صخرة بيت المقدس قال محمد بن عثمان أحد رواة هذا الأثر وأخبرت أن عين سماهيج نحو البحرين في وسط البحر.

وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "أنزل اللَّه تعالى من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار سيحون وهو بحر الهند وجيحون وهو بحر بلخ ودجلة والفرات وهو بحر العراق والنيل وهو نيل مصر أنزلها اللَّه -تعالى- من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجتها على جناحي جبريل عليه السلام واستودعها الجبال وأخرجها في الأرض وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم" وذلك قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} [المؤمنون: 18]، فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل اللَّه سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام فرفع من الأرض القرآن والعلم والحجر من ركن البيت ومقام إبراهيم عليه السلام وتابوت موسى عليه السلام بما فيه وهذه الأنهار الخمسة يرفع كل ذلك إلى السماء فذلك قوله تعالى:{وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون: 18]، فإذا ارتفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلما الدين والدنيا". عن قتادة عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "رفعت إلى السدرة فإذا أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران باطنان فأما الظاهران فالنيل والفرات فأما الباطنان فنهران في الجنة وذكر تمام الحديث".

وعن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة والنخلة على نهر من أنهار الجنة وتحت النخلة آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم القيامة" وقد تقدم هذا الحديث وتقدم أيضًا أن الصخرة صخرة بيت المقدس في وسط المسجد انقطعت

ص: 157

من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه.

وعلى ذكر السلسلة التي كانت على ظهر الصخرة ببيت المقدس أقول: روى ابن عباس رضي الله عنه قال إنما الصخرة التي ببيت المقدس إنما كانت لبني إسرائيل طشت فيه سلسلة وكان في الصخرة ثقب وكانوا يعلقون به السلسلة وهي في وسط الطشت ثم يقبربون قربانهم فما تقبل منه أخذ ومالم يتقبل منه ألصق إلى الأرض ولبسوا المسوح إلى مثلها.

وقال على بن أبي طالب رضي الله عنه ما كان الناس قط أحوج إلى السلسلة منهم اليوم قيل له: وما السلسلة؟ قال: سلسلة أعطاها اللَّه داود عليه السلام وفيها فصل الخطاب لا يأتيها رجلان إلا نالها المحق منهما وإن كان قصيرا فاستودع رجل رجلا لؤلؤا أو قال ذهبا فأخذ عصا فثقبها وجعل اللؤلؤ فيها أو قال فسبك الذهب وجعله فيها وجحد صاحبها وجاء إلى داود عليه السلام فقال اذهبوا بهما إلى السلسلة فقال الرجل اللهم إن كنت تعلم أني دفعت إليه لؤلؤًا أو قال ذهبا فجحدنيه فأسألك أن أنالها فنالها فقال الآخر للأول: امسك عصاي حتى أحلف ودفع إليه العصا الوديعة وهو لا يعلم ثم قال اللهم إن كنت تعلم أني قد دفعت إليه وديعته فأسألك أن أنالها فنالها فقال داود عليه السلام: يا رب ما هذا نالها الظالم والمظلوم فأوحى اللَّه تعالى أن ماله كان في العصا التي دفعها إليه. قال: ورفعت السلسلة من حينئذٍ.

وقيل كانت السلسلة آية من آيات النبي داود عليه السلام وكان إذا حكم بين

اثنين من بني إسرائيل بحكم اللَّه سأل اللَّه تعالى أن يريه برهانا يعرف الصادق من الكاذب فأنزل اللَّه عليه سلسلة من نور من السماء معلقة في الموضع الذي عند صخرة بيت المقدس بين السماء والأرض فإذا حكم بحكم بعث ناسا إلى الموضع الذي فيه السلسلة فمن كان كاذبا لم ينلها حتى وقع المكر بين الناس وخبثت البواطن فارتفعت السلسلة من ذلك الوقت.

وهذه السلسلة كانت من العجائب وكانت معلقة بين السماء إلى الأرض

ص: 158

شرقي الصخرة مكان قبة السلسة الموجودة الآن وهي التي بناها عبد الملك بن مروان وفيها يقول الشاعر:

لقد مضى الوحي ومات العلى

وارتفع الجود مع السلسلة

وملخص حكايتها مع اختلاف فيه على ما حكاه صاحب مثير الغرام أن رجلا يهوديا كان قد استودعه رجل مائة دينار فلما طلب الرجل وديعته جحده ذلك اليهودي وارتفعا الى ذلك المكان عند السلسلة وكان اليهودي بمكره وخبثه ودهائه قد سبك الدنانير فحفر لها في عصا وجعلها فيها فلما أتى ذلك المقام دفع العصا إلى صاحب الدنانير وقبض على السلسلة وحلف باللَّه لقد أعطاه دنانيره ثم دفع إليه صاحب الدنانير العصا وأقبل حتى أخذ السلسلة وحلف أنه لم يأخذها منه ومس كل منهما السلسلة فعجب الناس من ذلك فارتفعت السلسلة من ذلك اليوم.

وكان الناس قبل ذلك من كان محقا مس السلسلة، ومن كان مبطلا ارتفعت فلم ينلها.

وأما ما يستحب أن يدعى به عند دخول الصخرة وآداب دخولها ومن أين يدخلها الداخل إذا أراد الدخول إليها فمن ذلك ما رواه أبو المعالي المشرف بن المرجا عند قوله وما يستحب من الدعاء لمن دخل الصخرة المقدسة قال: ويستحب لمن دخل الصخرة أن يجعلها عن يمينه حتى تكون بخلاف الطواف حول البيت الحرام، ويجيء إلى موضع يدعو الناس فيضع يده عليها ولا يقبلها ثم يدعو بما شاء

ص: 159

ويستحب أن يدعو بدعاء سليمان عليه الصلاة والسلام الذي دعا به لما فرغ من بنائه وقرب القربان وهو قوله عليه الصلاة والسلام "اللهم من أتاه من ذي ذنب فاغفر ذنبه أو ذي ضر فاكشف ضره" الحديث المتقدم ثم يدعو بما شاء من حصول خيري

الدنيا والآخرة، وإن أحب أن ينزل تحت الصخرة فليدخل وليقدم النية ويعقد التوبة بالإخلاص مع اللَّه تعالى ويجتهد في الدعاء فإذا نزل بأدب وخضوع وصلى ما بدا له قال: وأحب له أن يجتهد في الدعاء تحت الصخرة فإن الدعاء في ذلك الموضع مقطوع له بالإجابة إن شاء اللَّه تعالى.

وحكى صاحب كتاب الأنس وصاحب كتاب باعث النفوس أن الأدعية التي يدعو بها فيها خصوصية بهذا الموضع فإن الإنسان مأمور بالدعاء موعود عليه بالاستجابة لقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، والمراد من الأدعية ما ورد في السنة الشريفة النبوية منها ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه قال لأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي الذي رآه يصلي يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت يا حنان يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقد دعا اللَّه باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى".

وعن عبد اللَّه بن يزيد عن أبيه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول اللهم إني أسألك بأنك أنت اللَّه الأحد الصمد لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوًا أحد قال صلى الله عليه وسلم: "لقد دعا اللَّه باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب" رواه أيو داود والترمذي والنسائى وقال حسن غريب.

وعن علي

ص: 160

بن عروة عن جدته أن عمار بن ياسر صلى بقوم فاستخفوا صلاته فقال واللَّه ما انصرفت حتى دعوت اللَّه بدعاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به ويقول إنه لن يدعوه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح إلا كان من دعائه "اللهم بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضى، والقصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع،

وبرد العيش بعد الموت، وأسألك النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم! زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين". وعن الحسن بن الحسن قال أظنه ذكر عبد اللَّه بن مسعود قال كان إدريس النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بدعوة كان يأمر أن لا يعلموها للسفهاء فيدعو بها وكان يقول: "يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين ومأمن الخائفين اللهم إن كنت عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما أو مقترا علي في رزق فامح شقائي وحرماني وإقتار رزقي واكتبني سعيدًا مرشدا موفقا إلى الخيرات مستورا مكفيا مؤنة من يؤذيني أنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على نبيك المرسل: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] أقول وقد رأيت بعض السلف الصالحين بمكة المشرفة يكثر من هذا الدعاء خصوصا في ليلة النصف من شعبان وأخبرني بعضهم أنه تلقى ذلك عن جماعة من أشياخه وإنه حصل له بدعائه النفع.

وأقول والذي ينبغي أن الزائر إذا دعا عند موضع السلسلة وتحت الصخرة بين الصلاة والدعاة فقد حصل على

ص: 161

كثير وأخذ بحظ وافر من الأجر والثواب، فقد روي عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى عند موضع السلسلة ركعتين كانت له بألف صلاة قال كعب: من صلى في موضع السلسلة ودعا وتصدق ما أمكن، أجاب اللَّه تعالى دعاه وكشف حزنه وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وإن سأل اللَّه الشهادة أعطاه إياها" والذي ذهب إليه كثير من أهل الخير والصلاح والمواظبة عند دخول الصخرة الشريفة على الكلمات التى عملها الشيخ الذي كان جليا لداود عليه السلام لولده سليمان عليه السلام حين عسر عليه الباب، وهي: اللهم بنورك اهتديت إلى آخرها. وقد تقدم ذكرها ويستحب أن يدعو بهذا الدعاء إذا دخل من باب الصخرة فإذا دخلها فليضع يده عليها ولا يقبلها كما قدمناه ولقد رأيت من

يستلم أطراف الصخرة ويقبلها وخصوصًا لسانها الذي عند باب المغارة ولم أر نصا في ذلك. وأما كراهة الصلاة على ظهر الصخرة فقد قال صاحب باعث النفوس والإقليد ما يتعلق به وساق بسنده إلى أبي البحتري القاضي فقال تكره الصلاة في سبعة مواطن: على سطح الكعبة، وعلى ظهر الصخرة صخرة بيت المقدس، وطور زيتا وطور سيناء والصفا والمروة وجبل عرفة. لكن قال في الإقليد جزم أصحابنا بصحة الصلاة على سطح الكعبة إذا استقبل من بناها قدر ثلثي ذراع واستدلوا بحديث بلال أنه صلى الله عليه وسلم صلى داخل الكعبة وفيه نظر ففي الحديث "وأن لا يصلى على ظهر بيت اللَّه تعالى" وهو ظاهر في النهى معتمد في الاستقبال الاتباع ولم ينقل ولأن الترقي على ظهر بيت اللَّه تعالى ينافي تعظيمه انتهى.

قال ابن عباس رضي الله عنه إنه كان في السلسلة التى وسط القبلة على الصخرة درة يتيمة وقرنا كبش إسماعيل وتاج كسرى معلقا فيها فلما صارت الخلافة إلى بني هاشم حولوها إلى الكعبة. وأما البلاطة

ص: 162

السوداء والصلاة عليها والدعاء عندها فمنه ما رواه إبراهيم بن مهران، قال: حدثنا نخيلة وكانت ملازمة لصخرة بيت المقدس قالت: دخل يوما من الباب الشامي رجل عليه هيئة السفر فقلت الخضر عليه السلام، فصلى ركعتين أو أربعا ثم خرج فتعلقت بطرف ثوبه وقلت له يا هذا رأيتك فعلت شيئًا لم أدر لأي شيء فعلته فقال: أنا رجل من أهل اليمن وإني خرجت أريد أهل هذا البيت فمررت بوهب بن منبه رضي الله عنه فقال لي: "أين تريد؟ فقلت: بيت المقدس قال: إذا دخلت المسجد فادخل الصخرة من الباب الشامى ثم تقدم إلى القبلة فإن على يمينك عمودًا وإسطوانة وعن يسارك عمومًا وإسطوانة فانظر بين العمودين والإسطوانتين رخامة سوداء فإنها على باب من أبواب الجنة فصل عليها وادع اللَّه عز وجل فإن الدعاء عليها مستجاب" أقول هذه البلاطة المذكورة خضراء.

وأطلق عليها سوداء: لأن الخضرة تظهر من بعد سوداء كما قالوا سواد العراق أطلقوا عليه سوادا لخضرته بالأشجار والزرع على أحد الأقوال ذكره في كتاب الأنس قال: ويستحب أن يصلي على البلاطة السوداء ركعتين أو أربعا أو ما أحب، ثم

بالدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى بأصحابه أقبل على القوم فقال: "اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزينى اللهم إني أعوذ بك من غنى يطغيني، اللهم إلى أعوذ بك من صاحب يرديني، اللهم إني أعوذ بك من أمر يلهيني، اللهم إني أعوذ بك من فقر ينسيني" انتهى واللَّه أعلم.

ص: 163