المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر بعض العلماء الورعين - الورع - المروذي

[أبو بكر المروذي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رب يسر وأعن

- ‌مَا يُكْرَهُ لِأَهْلِ الثُّغُورِ وَبَغْدَادَ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ تَرْكِ السُّوقِ وَالْعَمَلِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَسْبِ

- ‌مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ عَمَلِ الْمَدِينِ

- ‌تَرْكُ الْكِبْرِ وَلُزُومُ الْعَمَلِ

- ‌الشِّرَاءُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُكْرَهُ

- ‌التَّنَزُّهُ عَنْ مُعَامَلَةِ مَنْ يُكْرَهُ

- ‌مُبَايَعَةُ مَنْ يُكْرَهُ نَاحِيَتُهُ وَأَهْلِ الْبِدَعِ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الشِّرَاءِ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُكْرَهُ

- ‌الشِّرَاءُ مِنْ نَهْرِ سَعِيدٍ وَأَشْبَاهِهِ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ الَّتِي فِي الطَّرِيقِ وَالصَّلاةِ فِيهَا

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحَدَثِ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الشُّرْبِ مِنَ الْآبَارِ الَّتِي فِي الطَّرِيقِ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الشُّرْبِ مِنَ الْآبَارِ الَّتِي احْتَفَرَهَا مَنْ يُكْرَهُ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمَشْيِ عَلَى الْعِبَارَةِ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنْ فَضْلِ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يُتَوَضَّأَ بِفَضْلِهِ

- ‌مَا يُصْنَعُ بِمَا فَضَلَ مِنْ بَوَارِيِّ الْمَسْجِدِ وَالْجَصِّ وَالْآجَرِّ وَالْخَشَبِ وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ

- ‌الرُّخْصَةِ فِيمَا كَانَ لِعَامَّةِ النَّاسِ

- ‌الصَّلاةُ دَاخِلُ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَفَضْلُ الاتِّبَاعِ

- ‌مَا يُذْكَرُ مِنْ تَفْرِيقِ السَّبْيِ

- ‌التَّنَزُّهُ عَنْ أَمْرِ الْمَقْسَمِ وَالْفَضْلِ مِنْهُ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنْ إِسْخَانِ الْمَاءِ بِحَطَبِ مَنْ يُكْرَهُ

- ‌مَا يُفْسِدُ الطَّيِّبَ مِنَ الْخَبِيثِ

- ‌مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَكَيْفَ سَلِمَ لَهُ الْحَلالُ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنْ أَمْرِ الرِّبَا

- ‌هَلْ لِلْوَالِدَيْنِ طَاعَةٌ فِي الشُّبْهَةِ

- ‌طَاعَة الوالدة والمدارة (لَهَا) فِي الشُّبْهَةِ

- ‌مَا كُرِهَ مِنْ عَوْنِ الْقَرَابَةِ إِذَا كَانَ مِمَّن كره

- ‌الرَّجُلُ يُعَامِلُ بِالرِّبَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتُوبَ كَيْفَ يَعْمَلُ

- ‌مَنْ كَرِهَ مُبَايَعَةَ نِسَاءِ مَنْ تُكْرَهُ نَاحِيَتُهُ

- ‌الرَّجُلُ يَحْجُرُ عَلَى وَالِدِهِ وَالرَّجُلُ يُرِيدُ الصَّيْدَ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ التِّجَارَةِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي تُكْرَهُ

- ‌تَعْظِيمُ الْمَسَاجِدِ وَمَا كُرِهَ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا فِيهَا

- ‌مَا كُرِهَ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا فِي الْمَقَابِرِ

- ‌الرَّجُلُ يَشْتَرِي الدَّقِيقَ فَيَزِيدُ عَلَى كَيْلِهِ

- ‌عِلْمُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ

- ‌آنِيَةُ الْفِضَّةِ تُبَاعُ وَالْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ

- ‌كَسْبُ الْحَجَّامِ

- ‌الرَّجُلُ يَتَّخِذُ الْغَلَّةَ فِي السَّوَادِ

- ‌الرَّجُلُ يُعْطِي الشَّيْءَ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ يُكْرَهُ

- ‌مَسَائِلُ فِي الْوَرَعِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ لِبَنِي هَاشِمٍ

- ‌مَنْ كَرِهَ طَعَامًا مِنْ شُبْهَةٍ فَاسْتَقَاءَهُ

- ‌الْجُزْء الثَّانِي من الْكتاب

- ‌فِي التَّقَلُّلِ وَتَرْكِ الشَّهَوَاتِ

- ‌فِي الْوَرَعِ وَدَقَائِقِ الْمَسَائِل

- ‌السِّرَاجُ أَوِ النَّارُ أَوِ الْحَطَبُ لِمَنْ تُكْرَهُ نَاحِيَتُهُ يُسْتَضَاءُ بِهِ أَوْ يُخْبَزُ بِهِ أَوْ يُطْبَخُ

- ‌الرَّجُلُ يَأْمُرُهُ وَالِدُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ الثَّوْب أَو الْحَاجة بدارهم يَكْرَهُهَا وَمَا لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ

- ‌الرَّجُلُ يَهَبُ لِابْنِهِ أَوْ لِابْنَتِهِ أَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا أَمْ لَا

- ‌رَجُلٌ وَهَبَ لِابْنَتِهِ جَارِيَةً وَأَرَادَ شِرَاءَهَا

- ‌بَابُ الْهِبَةِ وَالرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ هَبِي لِي مَهْرَكِ

- ‌الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ أَوْ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ

- ‌مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَلِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا

- ‌نَظَرُ الْفَجْأَةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ النَّظَرِ

- ‌{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} الرَّحْمَن

- ‌الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ يُعَالِجُهَا الرَّجُلُ وَالْخَادِمُ ينظر إِلَى شعر مولاته

- ‌الْأَمْرُ بِالتَّزْوِيجِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ

- ‌ذِكْرُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْوَرِعِينَ

- ‌الْمُفْطِرُ الْمُضْطَرُّ إِلَى الْمَاءِ وَالْمَيْتَةِ

- ‌الْقِدْرُ تُوجَدُ مَطْبُوخَةً فِي بِلادِ الرُّومِ

- ‌الْغَزْوُ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ وَالْحَرِّ

- ‌الْوَالِي يُحَرِّجُ مَنْ ذَبَحَ أَوْ حَلَبَ

- ‌الْقَاتِلُ إِذَا تَابَ

- ‌أُجُورُ بُيُوتِ مَكَّةَ

- ‌تَرْكُ بَعْضِ الْحَلالِ مَخَافَةَ الْحَرَامِ

- ‌بَابُ مَنْ وَرِثَ مَالًا فِيهِ شُبْهَةٌ

- ‌مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يُخْرَجُ مِنَ الْوَلِيمَةِ

- ‌كَرَاهِيَةُ شِرَاءِ اللُّعَبِ وَمَا فِي الصُّوَرِ

- ‌مَا جَاءَ فِي قُبْلَةِ الْيَدِ

- ‌الْعَسَلُ يُوجَدُ فِي بِلادِ الرُّومِ أَيُؤْكَلُ

- ‌اللُّصُوصُ مَتَى يُقَاتَلُونَ

- ‌الذُّرِّيَّةُ يُسْبَوْنَ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ

- ‌الْمَرِيضُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَجِدُوهُ فِي الْغَزْوِ

- ‌أَمِيرُ السَّرِيَّةِ يُحَرِّجُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَسِيرُوا

- ‌الْأَسِيرُ فِي أَيْدِي الْعَدُوِّ يَسْرِقُ

- ‌تَوَاضُعُ الرَّجُلِ وَذَمُّ نَفْسِهِ إِذَا مُدِحَ

- ‌كَيْفَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ

- ‌تَحْرِيمُ الْمُسْكِرِ

- ‌مَنْ أَوْجَبَ الْحَدَّ فِي الرِّيحِ وَالْعُقُوبَةَ

- ‌مَا كُرِهَ مِنْ بَيْعِ الْعَصِيرِ وَمَا أَشْبَهَهُ

- ‌مَنْ كَرِهَ أَنْ يَحْضُرَ وَلِيمَةً فِيهَا مُسْكِرٌ

- ‌مَا كُرِهَ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرِ

- ‌من خلف بِالطَّلاقِ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَشْرَبَ دَوَاءً مَعَ مُسْكِرٍ

- ‌فِي الْخِيَاطَةِ

- ‌لُبْسُ النِّعَالِ السِّنْدِيَّةِ

- ‌كَرَاهِيَّةُ صِبْغِ الْحُمْرَةِ

- ‌مَا كُرِهَ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ الرِّقَاقِ وَالطِّرَازِ فِي الثَّوْبِ

- ‌خِضَابُ النِّسَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّحْذِيفِ وَحَلْقِ الْقَفَا

- ‌مَا كُرِهَ مِنَ الْوَصْلِ فِي الشَّعْرِ

- ‌حَلْقُ الرَّأْسِ

- ‌مَا كُرِهَ مِنَ الْجَصِّ

- ‌من كره تجصص الْمَسَاجِد أَو تزخرف

- ‌مَا كُرِهَ من التزوايق فِي السَّقْفِ

- ‌مَا كُرِهَ مِنَ الْغَيْبَةِ

- ‌ذِكْرُ النَّعِيمِ

الفصل: ‌ذكر بعض العلماء الورعين

وَذَكَرْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ

فَقَالَ إِنَّمَا أَشَرْتُ بِهِ أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَنْكَرْتُ عَلَيْهِ حُبَّهُ الدُّنْيَا

‌ذِكْرُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْوَرِعِينَ

393 -

وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَوْمًا ابْنَ الْمُبَارَكِ

فَقَالَ مَا رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَّا بِخَشْيَةٍ كَانَتْ لَهُ مَا أخرجت خُرَاسَان مِثْلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَلا بَعْدَ ابْنِ

ص: 128

الْمُبَارَكِ مِثْلَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى

394 -

سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيَّ يقْرَأ علينا كتابا عَبْدِ اللَّهِ

فَقَالُوا لَهُ قُلِ ابْنَ الْمُبَارَكِ

فَقَالَ سَلَمَةُ إِذَا قِيلَ بِمَكَّةَ عَبْدُ

ص: 129

اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ

وَإِذَا قِيلَ بِالْمَدِينَةِ عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ عُمَرَ

وَإِذَا قِيلَ بْالْكُوفَةِ عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ

395 -

وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَ أَبُو تُمَيْلَةَ يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ فِي ابْنِ الْمُبَارَكِ

(كُنْتَ فَخْرًا لِمَرْوٍ

فَصَارَتْ مَرْوٌ كَسَائِرِ الْبُلْدَانِ)

هَذَا مَعْنَى مَا نَظَمَهُ أَبُو تُمَيْلَةَ إِلَّا لَفْظَهُ

396 -

عَن رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ وَاسِطَ قَالَ رَأَيْتُ يُوسُفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ

فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا فَعَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَقَالَ ذَاكَ مَعَنَا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ

فَقُلْتُ مَا فَعَلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ

قَالَ بَخٍ

ذَلِكَ وَضَحٌ

قُلْتُ مَا فَعَلَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَحَرَّكَهَا

397 -

أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ رَأَيْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ فِي النَّوْمِ

فَقُلْتُ مَا فَعَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ ذَاكَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ ذَاكَ

ص: 130

فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ

298 -

سَمِعْتُ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ بِالْكُوفَةِ وَهُوَ جُبَارَةُ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُولُ رَأَيْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ فِي بُسْتَانٍ وَهُوَ يَقُولُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نشَاء}

399 -

سَمِعْتُ بَعْضَ الْخُرَاسَانِيَّةِ يَقُولُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى شَرِبَ شَرْبَةً

فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَوْ قُمْتَ فَتَرَدَّدْتَ فِي الدَّارِ

فَقَالَ يَحْيَى مَا أَدْرِي مَا هَذَا الْمِشْيَةُ أَنَا أُحَاسِبُ نَفْسِي مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةٍ

400 -

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَدْ قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ كَيْفَ يُعْرَفُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ فَقَالَ الَّذِي يَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَيُقْبِلُ عَلَى أَمْرِ آخِرَتِهِ

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَعَمْ

هَكَذَا يُرِيدُ أَن يكون

401 -

(و) حَدثنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ كُنْتُ صَاحِبَ رَأْيٍ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ إِلى الْحَجِّ عَمَدْتُ إِلَى كُتُبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ رَأْيَ أَبِي

ص: 131

حَنِيفَةَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَبَلَغْتُ نَحْوًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ حَدِيثٍ

فَقُلْتُ أَسْأَلُ عَنْهَا مَشَايِخَ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَأَنَا أَظُنُّ أَنْ لَيْسَ يَجْتَرِئَ أَحَدٌ أَنْ يُخَالِفَ أَبَا حَنِيفَةَ فَلَمَّا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ

فَقَالَ لِي مَنْ أَيْنَ أَنْتَ فَقُلْتُ مِنْ أَهْلِ مَرْوٍ

قَالَ فَتَرَحَّمَ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ وَكَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لَهُ

فَقَالَ هَلْ مَعَكَ مَرْثِيَّةٌ رُثِيَ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ

فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَنْشَدْتُهُ قَوْلَ أَبِي تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنِ وَاضِحٍ الْأَنْصَارِيِّ

(طَرَقَ النَّاعِيَانِ إِذْ نَبَّهَانِي

بِقَطِيعٍ مِنْ قَادِحِ الْحَدَثَانِ)

ص: 132

(قُلْتُ لِلنَّاعِيَاتِ مَنْ تَنْعِيَانِ

قَالا أَبَا عَبْدِ رَبِّنَا الرَّحْمَانِ)

(فَأَثَارَ الَّذِي أَتَانِيَ حُزْنًا

وَفُؤَادُ الْمُصَابِ ذُو أَحْزَانِ)

(ثُمَّ فَاضَتْ عَيْنَايَ وَجْدًا وَشَجْوًا

بِدُمُوعٍ تَحَادُرَ الْهَطَلانِ)

(فَلَئِنْ كَانَتِ الْقُلُوبُ تَبْكِي

لِقُلُوبِ الثِّقَاتِ مِنْ إِخْوَانِ)

(قَدْ تَبْكِيهِ بالدماء وَفِي الأج

واف لَذْعٌ كَحُرْقَةِ النِّيرَانِ)

(لِتَقِيٍّ مَضَى فَرِيدًا حَمِيدًا مَالَهُ

فِي الرِّجَالِ إِنْ عُدَّ ثَانِ)

(يَا خَلِيلِي يَا ابْنَ الْمُبَارَكِ عَبْدَ اللَّهِ

خَلَّيْتَنَا لِهَذَا الزَّمَانِ)

(حِينَ وَدَّعْتَنَا فَأَصْبَحْتَ مَحْمُودًا

حَلِيفَ الْحَنُوطِ وَالْأَكْفَانِ)

(قَدَّسَ اللَّهُ مَضْجَعًا أَنْتَ فِيهِ

وَتَلَقَّاكَ فِيهِ بِالرِّضْوَانِ)

(أَرْضُ هِيتٍ فَازَتْ بِكَ الدَّهْرَ إِذْ

صِرْتَ غَرِيبًا بِهَا عَنِ الْإِخْوَانِ)

(لَا قَرِيبٌ بِهَا وَلا مُؤْنِسٌ يُؤْنِسُ

إِلَّا التُّقَى مَعَ الْإِيمَانِ)

(وَلِمَرْوٍ قَدْ كُنْتَ فَخْرًا فَصَارَتْ

أَرْضُ مَرْوٍ كَسَائِرِ الْبُلْدَانِ)

(أَوْحَشَتْ بَعْدَكُمْ مَجَالِسُ عِلْمٍ

حِينَ غَابَ الرَّيِّسُ اللَّهْفَانِ)

(لَهْفَ نَفْسِي عَلَيْكَ لَهْفًا بِكَ الدَّهْرُ

وَفَجْعًا لِفَاجِعٍ لَهْفَانِ)

(يَا قَرِيعَ الْقُرَّاءِ وَالسَّابِقُ الْأَوَّلُ

يَوْمَ الرِّهَانِ عِنْدَ الرِّهَانِ)

(وَمُقِيمَ الصَّلاةِ وَالْقَائِمُ اللَّيْلَ

إِذَا نَامَ رَاهِبُ الرُّهْبَانِ)

(وَمُؤَاتِيَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ الدَّهْرَ

فِي السِّرِّ مِنْكَ وَالْإِعْلانِ)

ص: 133

(صَائِمٌ فِي هَوَاجِرِ الصَّيْفِ يَوْمًا

قَدْ يَضُرُّ الصِّيَامُ بِالضَّمَّانِ)

(دَائِبًا فِي الْجِهَادِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

يَتْلُو مُنَزَّلَ الْقُرْآنِ)

(دَائِمًا لَا يَمَلُّهُ يَطْلُبُ الْفَوْزَ

وَلَيْسَ الْمُجِدُّ كَالْمُتَوَانِ)

(عَيْنٌ فَابْكِيهِ حِينَ غَابَ بَوَاكِيهِ

بِهَاطِلٍ وَسَاكِبِ السَّيَلانِ)

(إِنْ ذَكَرْنَاكَ سَاعَةً قَطُّ إِلَّا

هَاجَ حُزْنِي وَضَاقَ عَنِّي مَكَانِي)

(وَلَعَمْرِي لَئِنْ جَزِعْتُ عَلَى فَقْدِكَ

إِنِّي لَمُوجِعٌ ذذو اسْتِكَانِ)

(خَافِقُ الْقَلْبِ ذَاهِبُ الذِّهْنِ عَبْدَ

اللَّهِ أَهْذِي كَالْوَالِهِ الْحَيْرَانِ)

(أَتَلَوَّى مِثْلَ السَّلِيمِ لَدِيغِ الرَّقْشِ

قَدْ مَسَّ جِلْدَهُ النَّابَانِ)

(بَدَلًا كُنْتَ مِنْ أَخِي الْعِلْمِ سُفْيَانَ

وَيَوْمُ الْوَدَاعِ مِنْ سُفْيَانِ)

(كُنْتَ لِلسِّرِّ مَوْضِعًا لَيْسَ يُخْشَى

مِنْكَ إِظْهَارُ سِرِّهِ الْكِتْمَانِ)

(وَبِرَأَيِ النُّعْمَانِ كُنْتَ بَصِيرًا

حِينَ تُبْغَى مَقَايِسُ النُّعْمَانِ) قَالَ فَمَا زَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَبْكِي وَأَنَا أَنْشُدُهُ حَتَّى إِذَا مَا قُلْتُ

(وَبِرَأْيِ النُّعْمَانِ كُنْتَ بَصِيرًا. .

)

قَالَ لِي اسْكُتْ

قَدْ أَفْسَدْتَ الْقَصِيدَةَ

قُلْتُ إِنَّ بَعْدَ هَذَا أَبْيَاتًا حِسَانًا

فَقَالَ دَعْهَا

تَذْكُرُ رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَنَاقِبِهِ مَا تُعْرَفُ لَهُ زَلَّةٌ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ إِلِّا رُوَايَتَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ وَإِنِّي كُنْتُ أَفْتَدِي ذَلِكَ بِعِظَمِ مَالِي

فَقُلْتُ يَا أَبَا سَعِيدٍ لِمَ

ص: 134

تَحْمِلُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ كُلَّ هَذَا لِأَجْلِ هَذَا الْقَوْلِ إِنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِالرَّأْيِ فَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ يَتَكَلَّمُونَ بِالرَّأْيِ

فَقَالَ تُقْرِنُ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى هَؤُلاءِ مَا أُشَبِّهُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْعِلْمِ إِلَّا بِنَاقَةٍ شَارِدَةٍ فَارِدَةٍ تَرْعَى فِي وَادٍ خِصْبٍ وَالْإِبِلُ كُلُّهَا فِي وَاد آخر

قَالَ إِسْحَق ثُمَّ نَظَرْتُ بَعْدُ فَإِذَا النَّاسُ فِي أَمْرِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى خِلافِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ بِخُرْاسَانٍ

402 -

وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَوْمًا قَدْ رَأَيْنَا قَوْمًا صَالِحِينَ وَذَكَرَ ابْنَ إِدْرِيسَ وَأَبَا دَاوُدَ الْحَفْرِيَّ وَحُسَيْنًا الْجُعْفِيَّ وَسَعِيدَ بْنَ عَامِرٍ فَأَمَّا حُسَيْنٌ فَكَانَ يُشَبَّهُ بِالرَّاهِبِ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ حُسَيْنٍ الْجُعْفِيِّ بِالْكُوفَةِ وَسَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ بِالْبَصْرَةِ

قَالَ وَرَأَيْتُ أَبَا دَاوُدَ الْحَفْرِيَّ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ خَلِقَةٌ قَدْ خَرَجَ الْقُطْنُ مِنْهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلِّي بِتَرْجِيحٍ مِنَ الْجُوعِ

وَذُكِرَ عِنْدَهُ سُلَيْمَانُ وَصَبْرُهُ عَلَى الْفَقْرِ

سَمِعْتُ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ الْحَفْرِيَّ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ أَكَلْنَا كَذَا وَأَكَلْنَا كَذَا

فَقَالَ لَهُ أَبُو دَاوُدَ اسْكُتْ

اسْكُتْ

لِيَ الْيَوْمَ ثَلاثٌ مَا أَكَلْتُ إِلَّا بَقْلًا وَخَلًّا وَلَمْ يُسَمِّ خُبْزًا

404 -

سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ الْحَفْرِيَّ يَقُولُ إِذَا أَصَبْتُ قُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ عِنْدَ فِطْرِي فَعَلَى مُلْكِ أَبِي جَعْفَرٍ الْعَفَا

ص: 135

405 -

سَمِعْتُ طَحَّانًا بِالْكُوفَةِ يَقُولُ كَانَ أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ يَأْكُلُ النُّخَّالَةَ وَكَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ ثُمَّ خَلَفَ بَعْدَ أَبِي دَاوُدَ أَبُو كُرَيْبٍ فَلا أَدْرِي لِمَنْ قَالَ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ النُّخَّالَةَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ جَمِيعًا

406 -

سَمِعت عبد الرَّحْمَن المتطيب يَقُولُ وَصَفْتُ لِبِشْرٍ رُبَّ السَّفَرْجَلِ الْمُرَبَّى

قَالَ فَقَالَ أَلَيْسَ قُلْتَ لِي إِنَّ السَّفَرْجَلَ اللَّزِجَ يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَ وَجِئْتُهُ بِقَارُورَةٍ فِيهَا دَوَاءٌ

فَقَالَ قَارُورَتُكَ هَذِهِ تُشْبِهُ قَوَارِيرَ الْمُلِوكِ فَرَدَّهَا وَلَمْ يَقْبَلْهَا

قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَرُمَّانَةٌ بِحَبَّهِ قَالَ فَقَالَ لِي نَعَمْ

أَوْ كَلامَا ذَا مَعْنَاهُ

407 -

وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَدْ كَفَى بَعْضَ النَّاسِ مِنْ مَكَّةَ إِلى هَهُنَا أَرْبَعَةَ عَشْرَةَ دِرْهَمًا

ص: 136

قُلْتُ مَنْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ أَنَا

408 -

وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَدْ تَفَكَّرْتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأبقى} ثُمَّ قَالَ تَفَكَّرْتُ فِي رِزْقِهِمْ وَأَشَارَ نَحْوَ الْعَسْكَرِ وَقَالَ رِزْقُ يَوْم بِيَوْم خير

وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَوْمًا أَخَافَ أَنْ أُفْتَنَ بِالدُّنْيَا كَمْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِي الَّذِي مَضَى أَكْثَرُ لِيَ الْيَوْمَ سِتٌّ وَسَبْعُونَ سَنَةً مَا تَلَبَّسْتُ لَهُمْ بِشَيْءٍ وَعَامَةُ أَصْحَابِي قَدْ كَتَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الْغَارِمِينَ

أَنَا فِي كُلِّ نَعِيمٍ

409 -

عَنْ بُرْدٍ عَنْ يافع قَالَ قَالَ لِيَ ابْنُ عُمَرَ يَا نَافِعُ أَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي دَرَاهِمُ ابْنُ عَامِرٍ اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ

410 -

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيْشِ تَفْسِيرُ خَيْرِ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي قَالَ هُوَ قُوتُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ وَلا يُهْتَمُّ لِرِزْقِ غَدٍ

411 -

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ الْعَامَ فَيَزْرَعُهَا فَلا تُخْرِجُ فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ خَرَجَ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ

ص: 137