المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر أسطوانة التوبة - إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر لأبي اليمن ابن عساكر

[أبو اليمن بن عساكر]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌فصلويتعلق بالزيارة جمعٌ من الآداب

- ‌فصلإذا توجه قاصداً للزيارة

- ‌فصلفإذا أراد دخول المسجد فليقل:

- ‌فصلثم يتأخر عن صوب يمينه

- ‌فصلثم يتقدم إلى رأس القبر

- ‌فصلويستحب للزائر الإكثار من الصلاة والتسليم

- ‌فصليستحب للزائر الإكثار من الصلاة والدعاء

- ‌فصلثم يأتي المنبر الشريف ويقف عنده

- ‌فصلينبغي للزائر أن يشهد الصلاة كلها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ويزور القبور الطاهرة:

- ‌وينوي زيارة قبور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ويزور قبر عثمان بن عفان

- ‌فصليستحب للزائر أن يتتبع المواضع

- ‌ذكر مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل

- ‌ذكر موضع الجذع

- ‌ذكر العود الذي في الأسطوانة

- ‌ذكر موضع اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أسطوانة التوبة

- ‌ذكر الأسطوان التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إليها

- ‌ذكر الأسطوان التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس إليها لوفود العرب

- ‌ذكر أسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ذكر أسطوان المصحف

- ‌فصللا ينبغي لمن زار من العلماء وأهل السابقة، أن يفعل

- ‌فصلينبغي لمن أراد المقام بالمدينة

- ‌فصل في ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم ودفنه وصفة قبره

- ‌فصل في ذكر قبره صلى الله عليه وسلم وصفته

الفصل: ‌ذكر أسطوانة التوبة

زيد العلوي البصري قراءةً عليه، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن علي التستري، أخبرنا أبو عمر القاسم بن مسعود بن عبد الواحد الهاشمي، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، حدثنا مسدد، حدثنا أحمد بن الأسود، حدثنا مصعب بن رياب، عن محمد بن مسلم، عن أنس رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذ بيمينه ثم التفت فقال:

((اعتدلوا، سووا صفوفكم)) ثم أخذ بيساره ثم قال: ((اعتدلوا، سووا صفوفكم)) .

قال: ذلك كان من طرفاء الغابة، وهو العود الذي وضعه عمر بن عبد العزيز في القبلة، وهو الذي في المحراب اليوم باقٍ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد فقده، ثم وجده عند رجلٍ من الأنصار بقباء قد دفن في الأرض وأكلته الأرضة، فأخذ له عوداً فشقه وأدخله فيه، ثم سواه ورده إلى الجدار.

‌ذكر موضع اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم

روى أهل السير أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف طرح له فراشه، ووضع له سريرٌ وراء أسطوانة التوبة.

‌ذكر أسطوانة التوبة

أخبرنا جدي الشيخ أبو البركات رحمه الله قراءةً، حدثنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة.

ثم حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه من لفظه، أخبرنا عبد

ص: 98

القوي بن عبد العزيز التميمي، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن بن الحسين، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن محمد التجيبي، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن الورد، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله بن عبد الرحيم، أخبرنا عبد الملك بن هشام، أخبرنا زياد بن عبد الله، أخبرنا محمد بن إسحاق، قال: لما حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة، بعثوا إليه أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف -وكان حليفاً للأوس- نستشيره في أمرناه.

فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرق لهم.

فقالوا: يا أيا لبابة! ترى أن ننزل على حكم محمد؟

قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح.

قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمودٍ من عمده.

ص: 99

وقال: لا أبرح من مقامي هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت، وعاهدت الله أن لا أطأ بني قريظة أبداً، ولا آوي في بلدٍ خنت الله ورسوله فيه أبداً.

قال ابن هشام: وأنزل الله في توبة أبي لبابة فيما قال سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي قتادة.

{يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} .

قال ابن إسحاق: فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره -وكان قد استبطأه-.

قال: ((أما أنه لو كان جاءني لاستغفرت له، فأما إذا فعل ما فعل، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه)) .

قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط: أن توبة أبي لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو يضحك.

قالت رضي الله عنها: فقلت: مم تضحك يا رسول الله، أضحك الله سنك؟!

قال صلى الله عليه وسلم: ((تيب على أبي لبابة)) ؛ قالت: فقلت: ألا أبشره يا رسول الله؟ قال: ((بلى، إن شئت)) .

قال: فقامت على باب حجرتها، -وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب- فقالت: يا أبا لبابة! أبشر، فقد تاب الله عليك.

قالت: فبادر الناس إليه ليطلقوه.

فقال: لا والله، حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلما مر خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه.

قال ابن هشام: وأقام أبو لبابة مرتبطاً بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة، فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، فيما حدثني بعض أهل العلم.

ص: 100

والآية التي نزلت في توبته: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفورٌ رحيمٌ} .

اسم أبي لبابة رفاعة، وقيل: بشير بن عبد المنذر الأنصاري.

وروى حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن علي بن الحسين أن فاطمة عليها السلام أرادت حله حين نزلت توبته.

فقال: قد أقسمت ألا يحلني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إن فاطمة بضعةٌ مني)) .

قوله: ((بضعة)) ، البضعة، والبضع من الشيء: القطعة منه.

والجهش: أن يفزع الإنسان إلى غيره ويلجأ إليه، وهو مع ذلك يريد البكاء، كما يفزع الصبي إلى أمه، يقال: جهشت وأجهشت.

في الحديث دليلٌ على أن من سب فاطمة رضوان الله عليها فقد سب أباها، ومن سب أباها فقد كفر، وفي حديث علي رضوان الله عليه لما أراد أن ينكح ابنة أبي جهل.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما فاطمة بضعةٌ مني، يريبني ما رابها)) .

يؤكد ما قلناه.

نعوذ بالله من الخذلان في سبها، ونستعفيه من الخسران في بغضها، ونسأله الثبات على حب أبيها وحبها، وأن يجعلنا من حزبه وحزبها، صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين، ورضي الله عن صحابته والتابعين، وأن يحشرنا مع المؤمنين، ويدخلنا برحمته في عباده الصالحين، وأن يرينا وجه نبينا صلى الله عليه وسلم، ويوردنا حوضه غير مخالفين ولا مبدلين.

وقد اختلف أهل التفسير في توبة أبي لبابة رضي الله عنه؟ فقال قومٌ:

ص: 101