المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أريت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت، وقي دعي بقراء القرآن، فكنت فيمن حضر، فسمعت - برنامج التجيبي

[القاسم بن يوسف التجيبي]

فهرس الكتاب

- ‌«كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ أَقْطَعُ»فالحمد لله قبل كل مقال، وعلى كل حال، وصلي الله

- ‌«نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَسْلَمَهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ

- ‌«نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي هَذِهِ، ثُمَّ وَعَاهَا وَحَمَلَهَا، رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ

- ‌«نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ

- ‌«نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَعَقَلَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ

- ‌«نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ، وَحَفِظَهَا ، وَبَلَّغَهَا ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ

- ‌ ضَمِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجَنَّةَ لِمَنْ أَدَّى حَدِيثًا تُرَدُّ بِهِ بِدْعَةٌ ، وَتُقَامُ بِهِ سُنَّةٌ، وَجَعَلَ رُوَاةَ

- ‌«مَنْ أَدَّى إِلَى أُمَّتِي حَدِيثًا وَاحِدًا تُقِيمُ بِهِ سُنَّةً ، وَتَرُدُّ بِهِ بِدْعَةً، فَلَهُ الْجَنَّةُ»

- ‌ اللَّهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ خُلَفَاؤُكَ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي

- ‌{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {1} يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا

- ‌ أُنْزِلَ عَلَيَّ خَمْسًا، خَمْسًا

- ‌«مَعَ كُلِّ خَتْمَةٍ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ»وَمِنْ مُسْتَحْسَنِ مَا يُدْعَى بِهِ عِنْدَ الْخَتْمِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ مُنَاوَلَةً الشَّيْخُ الْفَقِيهُ

- ‌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِخْبَاتَ الْمُخْبِتِينَ، وَإِخْلَاصَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُرَافَقَةَ الْأَبْرَارِ، وَاسْتِحْقَاقَ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ

- ‌ أريت في منامي كأني قد عرضت على الله عز وجل، فقال لي: يا حمزة، اقرأ القرآن كما علمتك

- ‌ أريت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت، وقي دعي بقراء القرآن، فكنت فيمن حضر، فسمعت

- ‌‌‌«يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ»

- ‌«يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ»

- ‌ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَمْسِينَ مِنَّا

- ‌ حدثوا عن الأشراف فإنهم لا يرضون أن يدنسوا شرفهم بالكذب والخيانةوللعالم أبي العباس العزفي

- ‌ أفضل ما أدعو الله به؟ فقال له: في الستر في الدنيا، وأن يميتك على الإسلام، والله عز وجل

- ‌«لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ، وَأَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ

- ‌ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي أَحْشُرُ النَّاسَ

- ‌ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يُمْحَى بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي أَحْشُرُ النَّاسَ، وَأَنَا

- ‌«عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَجَّهُ مَجَّهَا فِي وَجْهِي، وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ» .وَتَرْجَمَ

- ‌ مَنْ يَأْتِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ، فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ يحدث عن جده يعقوب بن إسماعيل بن حماد بحديث لقنه منه، وهو ابن أربع سنينوروي عن العباس بن

- ‌ كنت ابن ثلاث سنين وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي من محمد بن سوار، وكان يقوم الليل

- ‌ قال لي خالي يومًا: أولا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ فقال: قل بقلبك عند تقلبك في

- ‌ صبيًا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون، قد قرأ القرآن ونظر في الرأي، غير أنه إذ جاع

- ‌ الكبر، الكبر، فقال الشاب: يا أمير المؤمنين لو كان الأمر بالسن، لكان في المسلمين من هو أسن

- ‌«إِذَا كَانَ الْعَبْدُ مُتَزَوِّجًا لِأَمَةٍ فَأَصَابَهَا الْعِتْقُ» .الْحَدِيثَعن الشيخ الوجيه أمير الحاج عماد الدين أبي

- ‌أُقسِمُ بالله وآياته…وَمشعر الخيفِ وَمَرْقَاتِهإنّ الحَريريَّ حَريّ بأن…تَكْتُبَ بالتّبِر مَقَاماتِهجزء

الفصل: ‌ أريت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت، وقي دعي بقراء القرآن، فكنت فيمن حضر، فسمعت

بالنهار، ثم دعا بتاج فتوجني ، فقال لي: هذا بإقرائك الناس القرآن، يا حمزة لا تدع تنزيلًا، فإني نزلته تنزيلًا

قال أبو عمرو وحدثوني قالوا: أخبرنا أبو الطيب، قال: حدثنا أبو بكر السامري قراءة عليه، قال: حدثنا سليمان بن جبلة، قال: حدثنا إدريس الحداد، قال: حدثنا خلف بن هشام البزاز، قال: قال لي سليم بن عيسي: دخلت على حمزة ابن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه في الأرض ويبكي، فقلت: أعيذك بالله، فقال لي: ومم استعذت يا هذا؟ فقلت مما بك، فقال. . . . . . .‌

‌ أريت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت، وقي دعي بقراء القرآن، فكنت فيمن حضر، فسمعت

قائلًا يقول بكلام عذب لا يدخل على إلا من عمل بالقرآن، فرجعت القهقري، وهتف باسمي، أين حمزة بن حبيب الزيات؟ فقلت: لبيك داعي الله لبيك، فبدرني ملك ، فقال قل لبيك اللهم لبيك، فقلت كما قال لي، فأدخلني دارًا سمعت فيها ضجيج القرآن، فوقفت أرعد، فسمعت قائلًا يقول: ولا بأس عليك، ارق واقرأ ، فأدرت وجهي ، فإذا أنا بمنبر من در أبيض دفتاه من ياقوت أصفر مراقية زبرجد، أخضر، فقال لي: ارق واقرأ، فرقيت، فقيل لي: اقرأ { [الأنعام، فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ، حتى بلغت الستين آيه، فلما بلغت،] وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [سورة الأنعام: 18]، قال: فقلت: بلي، قال: صدقت، قال: اقرأ، فقرأتها حتى أتممتها، ثم قال: اقرأ، فقرأت الأعراف حتى بلغت آخرها، فأومات بالسجود، فقال لي: حسبك ما مضى، ولا تسجد يا حمزة، من أقرأك هذه القراءة؟ فقلت سليمان، قال: صدقت، من أقرأ سليمان؟ قلت: يحيى ،

ص: 31

قال: صدق يحيى، على من قرأ يحيى؟ فقلت: على أبي عبد الرحمن السلمي ، فقال: صدق أبو عبد الرحمن السلمي، من أقرأ أبا عبد الرحمن؟ فقلت: ابن عم نبيك عليه السلام، قال: صدق علي، فمن أقرأ نبي؟ قال: قلت: جبريل عليه السلام، قال: ومن أقرأ جبريل؟ قال: فسكت، فقال لي: يا حمزة، قل: أنت، قال: فقلت: ما أحسن أن أقول أنت، فقال لي: قل أنت، فقلت: أنت، قال لي: صدقت يا حمزة، وحق القرآن لأكرمن أهل القرآن، ولا سيما إذا عملوا بالقرآن، يا حمزة، القرآن كلامي وما أحببت أحد كحبي لأهل القرآن، ادن يا حمزة، فدنوت، فغمس يده في الغالية ثم ضمخني بها وقال: ليس أفعل هذا بك وحدك، قد فعلت هذا بنظرائك، ومن فوقك ومن دونك، ومن قراء القرآن كما أقرأته لم يرد به غيري، وما خبأت لك يا حمزة عندي أكثر، فأعلم أصحابك بمكاني من حبي لأهل القرآن وفعلي بهم، فهم المصطفون الأخيار، يا حمزة، وعزتي وجلالي لا أعذب لسانًا تلا القرآن بالنار، ولا قلبا وعاه، ولا أذنا سمعته، ولا عينًا نظرته، فقلت: سبحانك سبحانك أني يري، فقال: يا حمزة، أين نظار المصاحف؟ فقلت: يا رب، فحفاظهم؟ قال: لا، ولكني أحفظ لهم حتى يوم القيامة، فإذا لقوني رفعت لهم بكل آية درجة، أفتلومونني أن أبكي وأتمرغ في التراب؟ جعلنا الله ممن عمر بكتابة العزيز جوانحه، واستعمل به في طاعة الله جوارحه، وتقبل به اليسير مما علمنا، وبلغنا به الكثير مما أملنا بفضله وكرمه إنه ولي التوفيق والهادي إليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل

ص: 32

وهذا ذكر ما حضرني ذكره من مروياتي، عن مشائخي الثقات المسندين، مع إلماع بفائدة إن عرضت في بعض ذلك مستعينًا بالله تعالى العلى العظيم، فهو خير معين، وأنا مع ضيق هذا الزمان معترف بالقصور في هذا الشأن

الكتاب الكافي في القراءات السبع عن القراء السبعة المشهورين رضي الله عنه ورحمهم، من تأليف الإمام المقري أبي عبد الله بن شريح بن أحمد ابن محمد بن شريح بن يوسف بن عبد الله بن شريح الرعيني الإشبيلي رحمه الله قرأت جميعه كاملًا على العلامة الفاضل أبي الحسين أبن أبي الربيع القرشي رحمه الله، وصح لي ذلك وثبت، وكمل في سنة ست وثمانين وست مائة بمدينة سبته المحروسة، بحق سماعه لبعضه على قاضي الجماعة ، وكاتب الخلافة ، وخطيب الحضرة أبي القاسم أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد ابن عبد الرحمن أحمد بن بقي بن مخلد بن يزيد القرطبي البقوي، وإجازته لسائره منه، وذلك بمدينة إشبيلية جبرها الله تعالى، قدمها عليهم، بحق إجازته من أبي الحسن شريح بن حمد المذكور، وهو آخر من روي عنه في الدنيا شرقًا وغربًا، بحق سماعه من أبيه مؤلفه، رحم الله جميعهم.

وحدثنا أيضًا شيخنا أبو الحسين المذكور رحمه الله ونضر وجهه، عن المقري أبي عمر التميمي سماعًا بالإسناد المقدم في القراءات، سواء إلى أبي عبد الله ابن شريح مؤلفه، وكله باتصال بعضهم من بعض وبالله التوفيق، والطريق الأولى طريق عالية، وبقرب الإسناد حالية.

وأخبرنا أيضًا بهذا الكتاب فيما شافهنا به من إذنه ، وأقر لنا بروايته الشيخ المقري الفاضل الثبت القاضي الأجل المعمر أبو الحسن عبيد الله بن عبد العزيز بن عبيد الله ابن عبد الملك بن عبيد الله بن محمد بن غالب بن المغيرة بن عبد الرحمن الناصر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي ، ثم المرواني المغيري الأندلسي ، ثم

ص: 33

الإشبيلي، نزيل سبته المعروف بابن القارئ، رحمه الله تعالى، قال: تناولت جميعه من يد القاضي أبي القاسم ابن بقي ، يعني المذكور ، رحمه الله تعالى.

وسمعت أيضًا جميع هذا الكتاب من أوله إلى آخره على الشيخ الفقيه العدل الجليل الحسيب الأصيل الضابط الثبت اليقظ الصالح أبي الحكم يحيى ابن الشيخ الفقيه، القاضي الأجل أبي جعفر أحمد بن أبي زكرياء يحيى بن إمام الفريضة بالجامع العدبسي أبي الحسين عبيد الله بن أبي العرب يحيى بن الشيخ الفقيه القاضي الأجل أبي القاسم أحمد بن الشيخ الفقيه القاضي الفاضل أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن منظور بن عبد الله بن منظور القيسي الأندلسي الإشبيلي نزيل سبته رحمه الله تعالى، وصح لنا ذلك وثبت في ذي حجة من سنة اثنين وتسعين وست مائة، بمسجد إقرائه، بأسفل زقاق ابن عيسى، من سبته المحروسة.

وسمعته كاملًا على خاتمة المقرئين أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيدة الأنصاري العبدي الأندلسي الإشبيلي النحوي الأديب مستوطن سبته رحمه الله تعالى بداره منها، وهو شاك، صحيح الذهن، قوي الميز والفهم، قالا جميعًا أخبرنا المقري أبو الحسن علي بن جابر اللخمي الدباج، قال الأول بقراءتي عليه، وقال الثاني قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا نجبه بن يحيى ، قال: أبو الحسن شريح بن محمد، وأبو العباس ابن عيشون ، قالا: أخبرنا أبو عبد الله المصنف، قال الدباج، وأخبرنا أيضًا به أبو بكر بن صاف، عن شريح المذكور.

وقرأت أيضًا طائفة من هذا الكتاب على الشيخين الجليلين الفاضلين سيدي ، وبركتي ، وإمامي رفيقي كان في الرحلة المباركة أجزل الله النفع بها، وحقق الأمل في

ص: 34

قبولها، وشفعها بأمثالها، العلامة الأوحد الحافل الأدب القديم الطلب، جار صلى الله عليه وسلم ونزل حرمه الأمين، الزاهد العابد المنقطع إلى الله تعالى التلاء لكتابه العزيز، أبي القاسم خلف بن الشيخ الصالح الحافظ أبي الأصبغ عبد العزيز بن محمد بن خلف بن عبد العزيز بن محمد الغافقي الإشبيلي ، ثم القبتوري ، جزاء الله عني خير الجزاء، وجمع بيني وبينه في جنه عدن إن لم يقد في هذه الدنيا بالالتقاء، والمقري الخطيب الصالح أبي عبد الله صالح، وتناولت جميعه من يد كل واحد منهما، وحدثني به أبو القاسم عن، وعن أبي بكر بن مسدي، أبي الحسن الدباج المذكور وعن أبي بكر بن مسدي، عن ابن بقي المذكور بسنديهما، وحدثني به ابن صالح، عن سعد بن زاهر، قراءة عليه لجميعه بسماعه من أبي الربيع ابن سالم، بسماعه من أبي عبد الله بن حميد، عن شريح بن محمد المذكور، وقد أجازنا غير واحد ، عن أبي الربيع المذكور.

وحدثنا أيضًا به ابن صالح المذكور عن أبي الحسين ابن السراج قراءة عليه لبعضه، ومناولة لسائره عن أبي القاسم الشراط وغيره، عن المقري أبي الحسن شريح المذكور، وحدثنا أَيْضًا به عن الفاضلين الحافظين أبي عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي ابن الأبار، وأبي بكر بن أحمد اليعمري ابن سيد الناس مناولة من يد كل واحد منهما، عن بعض أصحاب شريح المذكور، عن شريح، عن أبيه مصنفه، رحم الله جميعهم.

كتاب المفردات: المحتوي على روايتي عبد الله بن كثير، وروايتي أبي عمرو، وروايتي الكسائي، كل ذلك من تأليف أبي عبد الله محمد بن شريح، وعلى روايتي ابن عامر، وروايتي عاصم، وروايتي حمزة، كل ذلك من تأليف أبي الحسن شريح ابن محمد المذكور، رحمهما الله تعالى.

قرأت جميع هذا الكتاب كاملًا على العلامة

ص: 35

أبي الحسين ابن أبي الربيع القرشي رحمه الله تعالى ، وقدس روحه، وكمل لي ذلك في سنة ست وثمانين وست مائة، وحدثنا به عن أبي عمر محمد بن أحمد التميمي قراءة عليه، عن أبيه، سماعًا بالسند المتقدم الكافي، والقراءات سواء إلى شريح بن محمد بما ألف من هذا الكتاب، وعنه وعن أبيه بما ألف منه ، وحدثنا أيضًا بجميعه الأستاذ أبو الحسن المذكور، عن أبي القاسم ابن بقي المذكور، عن أبي الحسن المذكور، وبهذا الإسناد ساويت في جميع تآليف أبي الحسن هذا، وفي جميع تآليف أبيه وبالله التوفيق كتاب التيسير لحفظ مذاهب القراء السبعة: رحمهم الله تعالى في القراءات، وتبين ذلك على المشهور عنهم من الطرق والروايات، مع حذف التطويل ، والتكرار ، والاعتماد على الإيجاز والاختصار، تصنيف الإمام الحافظ أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد الأموي المقري المعروف بابن الصيرفي، وبالداني أيضًا، ولم يكن رحمة الله من دانية، ولكنه نزلها وأقرأ بها، فشهر بذلك، وكان قرطبيًا يسكن منها بربض قوته راشة بحومة مسجد ابن أبي لبدة، وكان أبوه صيرفيًا رحمه الله عليهما.

قرأت من أول هذا الكتاب إلى الفصل الأول من باب ذكر حمزة ، وهشام في الوقف على الهمز، على الشيخ الفقيه الخطيب الصالح أبي عبد الله ابن صالح الكناني ، وتناولت جميعه من يده، ثم سمعته كاملًا عليه وعلى العلامة أبي القاسم الغافقي نفع الله بهما، مجتمعين بجامع بجاية الأعظم، أما ابن صالح ، فحدثنا بهعن جماعة من شيوخة بطرق عديدة مختلفة في العلو والنزول، منها أنه قال: سمعت بعضه على الشيخ المقري الخطيب الحاج الفاضل المسن أبي بكر محمد بن محمد بن وضاح

ص: 36

اللخمي الغرناطي نزيل جزيرة شقر بها، وناولني جميعه بحق سماعه لبعضه ، على أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل، وإجازته لسائره بسماعة لجميعه على الفاضل أبي داود سليمان ابن أبي القاسم نجاح مولي المؤيد بالله هشام بن الحكم المستنصر بالله، بسماعه من شيخه المخصوص به أبي عمرو مؤلفه، رحمهم الله أجمعين، وهذا السند أعلى ما وقع لنا في هذا الكتاب، ولا يمكن في هذا التاريخ أعلى منه لأمثالنا، مع شهرة رواته وعدالتهم، وبالله التوفيق.

وحدثنا أيضًا به ابن صالح، عن الفقيه القاضي المشاور أبي بكر محمد بن محمد بن أحمد الزهري ابن محرز البلنسي قراءة عليه لبعضه، ومناولة لسائره، بسماعه عن أبيه أحمد، بإجازته من أبي عمرو، سنه أربع وأربعين، وفيها توفي أبو عمرو رحمه الله، وهذا أيضا عال كالذي قبله، وقد سمعه أبو بكر هذا من ابن هذيل المذكور، وحدثنا أيضًا به ابن صالح، عن المقري أبي عثمان زاهر، قراءة عليه لجميعه مرتين اثنتين، بقراءته وسماعه لجميعه مرارًا جمعه على أبي عبد الله ابن عبد العزيز بن سعادة الشاطبي المعمر، وعلى أبي عبد الله محمد بن أيوب بن نوح الغافقي، وأبي جعفر أحمد بن علي بن يحيى بن عون الله الأنصاري المعروف بالحصار ، وأبي على الحسين بن يوسف بن أحمد الأنصاري المعروف بابن زلال، وأبي الحسن محمد بن أحمد بن سلمون، وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن مسعود الأزدي، ستتهم عن ابن هذيل المذكور، إما قراءة وإما سماعًا، وتكرر ذلك لبعضهم وبالله التوفيق.

وحدثنا أيضًا به ابن صالح، عن الخطيب الصالح المقري أبي القاسم محمد ابن محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الشاطبي المعروف بابن الولي، قراءة عليه لجميعه، واستظهارًا عليه لأصوله بسماعه من ابن سعادة المعمر المذكور، ومن المقري أبي عيسي لب بن حسن بن أحمد التجيبي البلنسي المعروف بان الخصم، عن ابن هذيل المذكور ، وحدثنا أيضًا به ابن صالح، عن القاضي الخطيب المحدث

ص: 37

أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موسي بن سليمان بن علي ابن عبد الملك بن يحيى بن عبد الملك بن الحسن بن محمد بن عميرة بن طريف ابن أشكورنة الأزدي المعروف بابن برطلة، قراءة عليه لجميعه مرتين اثنين، بحق قراءته لجميع على ابن سعادة المذكور، وعلى أبي محمد غلبون بن محمد بن غلبون الأنصاري المرسي ، وسماعه أيضًا على غلبون هذا مرارًا، عن ابن هذيل المذكور ، وحدثنا أيضًا به ابن صالح، عن أبي الحسين ابن السراج الأنصاري، قراءة عليه لجميعه، عن المقري أبي القاسم عبد الرحمن بن غالب الأنصاري القرطبي المعروف بالشراط، قراءة عليه، عن أبي القاسم بن رضي، عن أبي القاسم بن مدير، عن أبي العباس أحمد بن عمرو المقري، عن أبيه، والشراط المذكور أيضًا، عن شريح بن محمد، عن خاله أبي عبد الله الخولاني، عن أبي عمرو، عن أبي القاسم عبد الرحيم بن محمد الخزرجي ابن الفرس قراءة عليه، عن أبي داود، وأبي الحسن علي بن عبد الرحمن ابن الدوش جميعًا قراءة عليهما، عن أبي عمرو، قال ابن السراج وعلى هذا السند يعتمد ، وحدثنا أيضًا به ابن صالح، عن أبي عمرو، قال ابن السراج عبد الله محمد عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن أبي بكر القضاعي البلنسي المعروف بابن الأبار قراءة عليه لجميعه، بحق قراءته لجميعه ابن نوح، وابن عون الله المذكورين، ويحمله أيضًا ، عن أبي بكر ابن أبي جمرة علي ابن نوح، وابن عون الله المذكورين، ويحمله أيضًا عن أبي بكر ابن أبي جمرة المذكور وبالله التوفيق.

وحدثنا أيضًا به ابن صالح المذكور، عن الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الله ابن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن سيد الناس أبي القاسم بن محمد بن سيد الناس ابن أبي الوليد بن منذر اليعمري الإشبيلي سماعًا لبعضه، ومناولة لجميعه، بحق قراءته له على أبيه، بسماعه على أبي عبد الله ابن زرقون، عن الخولاني، عن أبي عمرو، رحمه الله عليهم أجميعين.

انتهت أسانيد ابن صالح في الكتاب المذكور، وبالله التوفيق.

وأما شيخنا العلامة الصالح جار صلى الله عليه وسلم ونزيل حرمه أبو القاسم الغافقي نفع الله تأملي به.

فحدثنا به عن قاضي الجماعة بحضرة تونس أبي العباس أحمد بن محمد

ص: 38

بن حسن بن محمد الخزرجي البلنسي المعروف بابن النعمان رحمه الله تعالى، سماعًا عليه لجميعه، بسماعه من ابن سملون المذكور، ويحمله أيضًا بالإجازة ، عن أبي بكر بن مسدي، عن أبي الخطاب ابن واجب، قال: قرأته ، وسمعته على ابن هذيل رحمهم الله.

وهذا الإسناد إن كان يساوي الذي قبله من حيث العدد، فرجاله أقدم طبقة من الذي قبله، وبالله التوفيق.

وسمعت أيضًا جميع هذا الكتاب كاملًا من لفظ الشيخ الفقيه الفاضل الأصلي الفرضي المتفنن الكامل نبيل مصره بل عصره أبي القاسم بن عبد الله بن محمد بن محمد الأنصاري أمتع الله تعالى بطول بقائه، وصح لنا ذلك ، وثبت في شهر رمضان المعظم في سنه اثنين وتسعون وست مائة، بحق سماعه لجميعه مرتين اثنتين إحداهما عقب صفر من سنة أربع وستين وست مائة، على الشيخ الثقة المسند أبي بكر محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري البلنسي المعروف بابن مشليون رحمه الله تعالي بحق قراءته لجميعه علي ابن نوح ، وابن عون الله، وابن مسعود الأزدي الثلاثة المذكورين بالسند المتقدم، وبالله التوفيق.

ويحمله أيضًا عاليًا أبو بكر بن مشليون، عن أبي بكر بن أبي جمرة المذكور إجازة، وأبو بكر بن أبي جمرة هذا آخر من حدث عن واحد، عن أبي عمرو في أقطار الأرض كلها، وآخر من روى عن أبي بكر هذا أبو عمرو بن حوط الله، رحم الله جميعهم القصيدة المرسومة بحرز الأماني ووجه التهاني: في القراءات السبع، ومن نظم المقري أبي القاسم بن فيرة الرعيني الشاطبي رحمه الله تعالى، التي ضمنها كتاب التيسير المذكور.

قرأت طائفة منها على الخطيب الصالح أبي عبد الله ابن صالح، وتناولت سائرها من يده، ثم سمعت عليه جميعها، بحق سماعه لجميعها على الخطيب أبي بكر

ص: 39

محمد بن اللخمي بن وضاح بجزيرة شقر سنه إحدى وثلاثين وست مائة بسماعه لجميعها من ناظمها بالقاهرة سنة إحدى وثمانين وخمس مائة، رحمهم الله تعالى وهذا إسناد عال في هذه القصيدة، ليس يقع في هذا التاريخ لأحد أعلى منه بالمغرب وبالله التوفيق.

ومما يدل على علوه وصحته ، وقربه ما حدثنا به الخطيب أبو عبد الله المذكور ، قال: قعدت يوما مع شيخي أبي عبد الله ابن الأبار رحمة الله، فأمرني أن أقرأ عليه القصيدة المذكورة بقصد الحمل عني، ففعلت، ورواها عني ، أو كما قال، قلت: وقد أجاز ابن وضاح المذكور لابن الآبار، ولكنه أراد ، والله تعالى أعلم، أن يتصل له السماع من هذا الطريق، وبالله التوفيق، وهذا من رواية الأكابر عن الأصاغر، وهو نوع من أنواع علم الحديث معروف له أصل وسنة، وهو رواية صلى الله عليه وسلم حديث الجساسة المشهور في الصحاح، عن تميم الداري رضي الله عنه، ومن هذا النوع رواية العبادلة وهم ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهم جميعهم، عن كعب الأحبار، وهو تابعي ولا يصح عند أهل الحديث، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في العبادلة المذكورين لأنه ليس من طبقتهم، وقد سها شيخنا الإمام أبو الحسين ابن أبي الربيع رحمه الله في ذلك، فعده فيهم شرحه الصغير لكتاب إيضاح الفارسي، وفي غيره من تآليفه، وبالله التوفيق.

ومن هذا النوع أيضًا رواية أكثر من عشرين تابعًا، عن عمرو بن شعيب، وليس بتابعي، ورواية الزهري، ويحي بن سعيد الأنصاري، عن مالك الإمام رحمهم الله، وهما من كبار شيوخه، وقد وقع إلينا حديثهما عنه مُسْنَدًا مرفوعًا، ذكرت ذلك في كتابي المرسوم بمستفاد الرحلة والاغتراب، وتكلمت هناك على هذا النوع

ص: 40

، وعلى غيره بما يسر وحضر، وبالله التوفيق.

وروينا أن أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان الصدفي الطيلطلي سمع عن بعض أصحابه الذين يختلفون إليه أنه يروي ديوان كذا بسند قريب، فقال له: أريد أن أسمعه منه، فأحضر الديوان وصار الشيخ بين يديه وسمعه منه.

أخبرنا بذلك ابن صالح المذكور مناولة، وقرأته على محمد بن إبراهيم العدل كليهما ، عن ابن السراج، قال ابن صالح: مناولة ، عن شيء من هذا النوع، " وهو إني قعدت يومًا بين يدي شيخي الإمامين ابن صالح المذكور، وسيدي وإمامي أبي القاسم الغافقي نفع الله بهما ، وبيدي من مسموعاتي جزء يحتوي على أربعين الجمال أبي عمرو الشرعبي ثم الزبيدي رحمه الله في الأذكار، مما يستعمل بالعشي والأبكار، وعلى غير ذلك من مروياتي، فأمرني الخطيب أبو عبد الله رحمه الله أن أقرأه عليهما بكماله، بقصد الحمل عني والسماع مني، فتوقفت عن ذلك خجلًا، فعزم علي، فقرأته مضطرًا وجلًا، لا معتزًا مذلًا، وسمع ذلك جماعة من أصحابنا، وكتب على الجزء شيخنا أبو القاسم طبقة السماع بخط يده، وقال لي الخطيب أبو عبد الله: هأنا أحمله عنك إن شاء الله تعالى، أو كما قال ، وبالله التوفيق " وقد خرج بنا القول عن قصدنا الأول، فلنعد لما كما بسبيله، فنقول وأخبرنا أيضًا بهذه القصيدة إذنًا في الجملة المقري أبو يعقوب يوسف ابن إبراهيم بن أحمد بن عتاب الجذامي رحمه الله تعالى، عن ابن وضاح المذكور، السيد الشريف الفاضل تاج الدين أبو الحسن علي بن أحمد الحسيني رضي الله عنه ، وعن سلفه الصالح ، وكتب إلينا أيضًا بها إجازة في الجملة الشيخ المؤمن الثقة الأثير أبو سلطان جابر بن محمد بن أبي الفضل قاسم بن حسان القيسي الوادي آشي نزيل تونس رحمه الله تعالى، قالا معًا: أخبرنا العلامة علم الدين أبو الحسن علي

ص: 41

بن محمد السخاوي سماعًا زاد القيسي، والشيخ مكين الدين أبو الحجاج يوسف بن أبي جعفر الأنصاري البغدادي المقري سماعًا ببغداد سنة ثمان وثلاثين وست مائة ثالث عشر جمادي الأول، قال السخاوي: قرأتها على ناظمها غير مرة عارضًا ومقيدًا، وقال المكين: سماعًا عليه ، وكتب إلينا أيضًا بها، وأثبت لنا إسناده فيها بخطة الشيخ الفقيه القاضي أبو الحجاج يوسف بن أحمد بن حكيم التجيبي ، رحمه الله تعالى، قال:«وحدثني بالقصيدة المعروفة بحرز الأماني الشيخ الفقيه المقري صاحب الصلاة والخطبة بجامع بلنسية أبو الحسن علي بن عبد الله بن خيرة رحمه الله عن ناظمها» ، وبالله التوفيق قلت: وقد استعمل الناس كثيرًا هذه القصيدة على إعواز فيها، ونفع الله بها جملة من القراء لحسن نية ناظمها، نقل عنه رحمه الله ونفع به، أنه كان يقول: لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلا وينفعه الله عز وجل بها، لأني نظمتها لله سبحانه.

قصيدة المقري: الأديب أبي الحسن علي بن عبد الغني الفهري القروي الحصري رحمه الله تعالى، عرضتها عن ظهر قلب بالمكتب على سيدي الخطيب الصالح زيد بن صاب رزقه رحمه الله مرات ذوات عدد، وهي مائتا بيت وتسعه أبيات، وأجازها لنا في الجملة الخطيب أبو عبد الله بن صالح بحق قراءته لها على الخطيب أبي القاسم ابن الولي، بقراءته لها على ابن سعادة المعمر، وعلي أبي عيسي ابن الخصم، بقراءتها على ابن هذيل، بسماعه من أبي محمد ابن سمجون السرقسطي، بحق قراءته على ناظمها، ويحملها أيضا ابن سعادة،

ص: 42

وابن الخصم، عن أبي الحسن بن النعمة، عن أبي القاسم خلف بن محمد صواب عن الحصري، رحمهم الله أجمعين.

كتاب المفردات في القراءات الثماني: فيها رواية يعقوب الحضرمي من تأليف الحافظ أبي عمرو المقري رحمه الله تعالى، قرأت أبعاضًا منه على الشيخ الصالح الخطيب الفاضل أبي عبد الله ابن صالح، وتناولت جميعه من يده، بحق قراءته لجمعية على ابن زاهر قال: أخبرنا ابن زلال، قال: أخبرنا ابن هذيل، أخبرنا أبو داود، أخبرنا أبو عمرو، رحمهم الله أجمعين ، وبحق قراءة ابن صالح أيضًا لجمعية على أبي الحسين ابن السراج، وحدثه بن عن أبي القاسم الشراط، عن شريح، عن خاله الخولاني، عن أبي عمرو، وقرأه الشراط المذكور أيضًا على أبي قاسم عبد الرحمن بن محمد الخزرجي، وحدثه به عن سليمان بن نجاح، وعلي بن عبد الرحمن قراءة عليهما، عن أبي عمرو، وعلى هذا الأستاذ يعتمد من طريق ابن السراج ، وبحق قراءة ابن صالح أيضا لجميعه على الفاضلين الحافظين أبي عبد الله ابن الأبار القضاعي، وأبي بكر بن سيد الناس اليعمري، أما القضاعي فعن غير واحد من أصحاب ابن هذيل، عن ابن هذيل، وأما اليعمري فعن أبيه، عن أبي عبد الله بن زرقون، عن الخولاني المذكور، رحمهم الله، وبالله التوفيق كتاب جامع البيان: تأليف الحافظ أبي عمرو المذكور، قرأت بعضه على الخطيب أبي عبد الله المذكور، وتناولت من يده من أول الديوان إلى قوله باب ذكر الحروف المفرقة واختلافهم فيها { [سورة، من أول القرآن إلى آخره، وذلك نصف الديوان، وأجازنا النصف الثاني بحق قراءته للنصف الأول على ابن هذيل بسماعة من أبي داود، عن أبي عمرو رحمهم الله تعالى ، وبحق سماع

ص: 43

ابن صالح أيضًا للنصف الآخر منه على ابن السراج، وابن سيد الناس، وابن الأبار، وتناوله لباقي الكتاب من يد كل واحد منهم ، وحدثه ابن السراج عن أبي عبد الله ابن زرقون، عن الخولاني، عن أبي عمر، وابن سيد الناس، عن أبيه، عن ابن زرقون المذكور، وابن الأبار، من غير واحد من أصحاب ابن هذيل.

عن ابن هذيل رحمهم الله أجمعين.

كتاب طبقات القراء والمقرئين من الصحابة ، والتابعين ومن تلاهم في سائر الأمصار من الخالفين رحمه الله عليهم أجمعين، تأليف الحافظ أبي عمرو المذكور رحمه الله تعالى، قرأت بعضه على ابن صالح أيضًا، وتناولت جميعه من يده بحق قراءته لجميعه على ابن زاهر، بقراءته على ابن شرح نوح، أخبرنا ابن هذيل عن أبي داود، عن أبي عمرو، رحمهم الله أجمعين.

كتاب المقنع في رسم المصاحف، تصنيف أبي عمرو المذكور رحمه الله تعالى، قرأت نحو أربع ورقات، وسمعت باقية على ابن صالح المذكور، بسماعه على ابن زاهر، وابن السراج، وابن الأبار من لفظه، وابن سيد الناس، حدثه به ابن زاهر، عن ابن نوح قراءة، وعن ابن زلال سماعًا، كليهما عن ابن هذيل، عن أبي داود، عن أبي عمرو، وابن السراج، عن ابن زرقون، عن الخولاني، عن أبي عمرو، وابن الأبار، عن بعض أصحاب ابن هذيل، عن ابن هذيل، وابن سيد الناس ، عن أبيه، عن ابن زرقون، رحم الله جميعهم.

كتابة نهاية الإتقان في تجويد الفاظ القرآن: تأليف المقري أبي الحسن شريح ابن محمد الرعيني رحمه الله تعالى، سمعت بعضه على ابن صالح المذكور، وتناولت جميعه من يده، بحق قراءته لجميعه على ابن السراج، وابن الأبار، وابن سيد الناس، وحدثه بن ابن السراج، عن أبي القاسم الشراط، وغيره، من شريح مؤلفة، وابن الأبار، وابن سيد الناس ، عن بعض أصحاب أبي الحسن شريح، عن شريح، رحم الله جميعهم.

ص: 44

كتاب الانتصاف من أبي عمرو المقري الداني: تأليف المقري أبي الحسن شريح المذكور رحمه الله تعالى، سمعت جميعه على ابن صالح المذكور، وحدثنا به عن ابن السراج المذكور، عن الشراط عنه.

أخبرنا العلامة أبو الحسين ابن أبي الربيع القرشي، والأديب المعمر أبو محمد بن هارون الطائي، وأبو محمد القاسم بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن الأيسر الخطيب الجذامي، وأبو عبد الله ابن عياش القرطبي الخزرجي ، فيما أذنوا لي فيه أربعتهم، عن أبي القاسم ابن بقي ، عن أبي الحسن شريح بجميع تأليفه، وتآليف أبيه، وبالله التوفيق.

كتاب التقريب والحرش في روايتي قالون وورش: تأليف أبي الأصبغ عيسي ابن فتوح بن المرابط الهاشمي المقري رحمه الله تعالى، سمعت جميعه على ابن صالح رحمه الله تعالى من أصل مؤلفه، بحق قراءته لجميعه مرتين اثنين من الأصل المذكور على ابن زاهر، وقراءته أيضًا لجميعه مرارًا، وعرضه له عن ظهر قلب، وتفقها في معانية على الخطيب أبي القاسم ابن الولي المقري الشاطبي ، وقرأته أيضًا على الخطيب أبي محمد بن برطلة، بسماع ثلاثتهم على أبي عبد الله ابن سعادة، وزاد ابن زاهر وابن عون الله كليمها من مؤلفه، رحمهم الله أجمعين.

كتاب البيان مما لا يسع جهله قراء القرآن: برواية ورش وقالون، عن نافع ابن عبد الرحمن.

كتاب البيان المنن على قارئ الكتاب والسنن: وجزء فيه تخريج طرق أبي القاسم بن الطيلسان عن شيوخه في القراءات السبع وقراءة يعقوب، ثلاثتها من تأليف الخطيب أبي القاسم القاسم بن محمد

ص: 45

بن الطيلسان المذكور رحمه الله تعالى، قرأت طائفة من كل واحد منها على المقري أبي عبد الله محمد ابن الشيخ الفقيه الخطيب أبي بكر عياش بن الفقيه المقري أبي عبد الله محمد بن أحمد بن خلف بن عياش الأنصاري ثم الخزرجي القرطبي رحمه الله تعالى، وتناولت جميعها من يده، وحدثنا بها عن صهره أبي القاسم مصنفها وبالله التوفيق.

جزء فيه تحفة التالي في أشراف المعالي: وجزء فيه عمدة التحرير في الإدغام الكبير، كلاهما من تأليف الخطيب المقري أبي محمد عبد الواحد ابن محمد بن علي ابن أبي السواد الأموي المشهور بالباهلي رحمه الله تعالى، سمعت الإسناد الذي تضمنه كل واحد منهما من لفظ مصنفهما وتناولتهما جميعًا يده رحمه الله، وهو ولي التوفيق.

وسبب اشتهار الشيخ أبي محمد هذا بالباهلي مع صحة نسبته في بني أمية أن أبا محمدًا كان كثير الملازمة للشيخ أبي محمد الباهلي لمصاهرة كانت بينهما، وللانتفاع بعلمه، والتبرك بمجالسته، فنسب إليه، ويدخل هذا في نوع من أنواع علم الحديث ، وهو معرفة النسب التي باطنها على خلاف ظاهرها الذي هو سابق إلى الفهم منها، ومن ذلك أبو بكر محمد بن سنان العوفي البصري هو باهلي، ونزل في العوفة بطن من عبد قيس فنسب اليهم، وقريب من هذا مقسم مولي ابن عباس، هو مولي الحارس بن نوفل، ولزم ابن عباس، فقيل له مولي ابن عباس للزومه إياه، والله أعلم ، وقد قدمت في صدر هذا البرنامج لم قيل في أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي، وإنما كان عدويًا، وبالله التوفيق.

كتاب نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز على حروف المعجم.

تصنيف أبي بكر محمد بن عزيز السجستاني، رحمه الله تعالى، سمعت من أول هذا الكتاب إلى آخره الهمزة المفتوحة منه، على الشيخ الأجل العدل الرضي

ص: 46

أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن شعيب بن عبد الملك بن سهيل القيسي المروي رحمه الله تعالى، وتناولت جميعه من يده بالجامع الأعظم من مدينة المرية حرسها الله تعالى وعمره بذكره في شوال سنه أربع وتسعين وست مائة، بحق قراءته لجميعه على القاضي ، العدل المعمر المسند أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان الأزدي السبتي بها، بسماعه على الخطيب الزاهد أبي محمد عبد الله بن محمد الحجري المروي، بقراءة القاضي أبي بكر محمد بن محمد الزهري ابن محرز في شوال سنة تسعين وخمس مائة، بحق قراءة الخطيب أبي محمد له ، وسماعه أيضًا على جماعة منهم القاضي أبو بكر بن العربي، سمعه عليه بقرطبة، وأخبره به هو وجماعة معه، عن أبي الحسن علي بن المشرف بن المسلم الأنماطي ، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الباقي بن فارس بن أحمد المقري ، قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن حسونة المقري السامري، عن مؤلفه ، قال الخطيب أبو محمد: وأخبرني به ابن العربي أيضًا، والسلفي وغيرهما، عن المبارك بن عبد الجبار الأزدي ، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن منصور، عن أبي عبد الله عبيد الله بن محمد ابن بطة الفقيه، عنه رحمه الله ، قال الحجري أيضًا: ولي فيه أسانيد غير هذه.

قلت: ويحمله القاضي أبو عبد الله الأزدي أيضًا بالإجازة عاليًا عن أبي طاهر القرشي ، قال: وأخبرنا أيضًا عن أبي طاهر القرشي ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي، عن عبد الباقي المذكور، وكتب إلينا عامًا الفخر بن الحسين المسند المقدسي، عن القرشي المذكور، وبالله التوفيق.

قلت: وهذا الكتاب مفيد في بابه، ومؤلفه في غاية الضبط والإتقان، وصححه وهذبه في طول عمره، ذكر ابن خالويه النحوي رحمه الله تعالى، أن ابن عزيز هذا كان رجلًا متواضعًا دينًا، من غلمان ابن الأنباري، وأنه عمل هذا الكتاب في طول عمره، قال: ورأيته يصححه عليه ويخبره بالشيء فيزيد فيه، وادعاه قوم وكذبوا.

قلت: واختلف في ضبط عزيز هذا، فسمعته من لفظ الشيخ أبي عبد الله بن شعيب المذكور بزايين، وكذلك يقوله أشياخنا المغربيون، أو أكثرهم، وكذلك

ص: 47

قيده الحفاظ الدارقطني، وعبد الغني، والخطيب أبو بكر، وأبو نصر ابن مأكولا في كتبهم المؤلفة في هذا الشأن، تبع الآخر منهم الأول، والصحيح إن شاء الله تعالى عزيز الأخيرة راء مهملة.

أخبرنا أبو عبد الله ابن صالح مناولة ، عن أبي عبد الله الأزدي ، قال: أخبرنا أبو محمد بن عبيد الله قال: وقال بعضهم: صوابه عزيز بزاي ثم راء، وقال القاضي أبو بكر بن العربي المذكور: عزيز بزاي ثم راء، صوابه عندهم هو الذي يريد أبو عبيد الله لأنه شيخه وعنه حمل الكتاب كما قدمناه، والله تعالى أعلم ، وقال القاضي الشهيد أبو علي الصدفي رحمه الله تعالى: سمعت بعض أهل بغداد ، يقول: إنما هو عزيز بزاي ثم راء: وكذلك كان يقوله الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد الله ابن الصباح البغدادي نزيل مكة شرفها الله تعالى، ورحمه ، وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي اللغوي المحدث: الصواب محمد بن عزيز بالراء، وعزيز بالزاي المكررة تصحيف، قال: وقد ضبطه الأثبات من اللغويين بالراء، ورأيت بخطه كتاب الملاحن لابن دريد، وقد كتب عليه لمحمد بن عزيز السجستاني، وقيده بالراء، والكتاب عند بخطه، قال: ورأيت بخط إبراهيم بن محمد الطبري المعروف بنوزور، وكان ضابطًا، نسخة من غريب القرآن لابن عزيز، وقد كتبها عن المصنف، وقيد الترجمة: تأليف محمد بن عزيز بالراء غير معجمة، وكتبت منها نسخة، قال: ورأيت بخط محمد بن نجدة الطبري اللغوي نسخة أخري من غير القرآن لابن عزيز، وقد ضبطه عزيز بالراء، وقد كتب الكتاب عنه أيضًا، وقابلت بها نسختي ، قلت: وأنبأنا المسندان عز الدين أبو الفداء الصالحي ابن المنادي، والناصر المعمر أبو حفص الطائي الدمشقي ابن القواس، كلاهما ، عن الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الغني البغدادي رحمه الله تعالى، قال: رأيت بخط أبي عامر محمد بن سعدون العبدري الإمام في اللغة والحديث، وكان حافظًا متقنًا في آخر كتاب غريب القرآن لابن عزيز ، وقد كتبه عن عبد المحسن بن محمد ابن علي الشيحي، قال عبد المحسن: رأيت نسخة من هذا الكتاب بخط ابن نجدة ، وهو محمد بن الحسين بن محمد الطبري، وكان غاية في الإتقان خطة حجة، ترجمتها كتاب غير القرآن تأليف أبي بكر محمد بن عزيز السجستاني الأخيرة راء غير

ص: 48

معجمة.

وقال أبو عامر: قال لي عبد المحسن: رأيت أنا نسخة من كتاب الألفاظ رواية أبي محمد الأنباري، عن أحمد بن عبيد بن ناصح، عن أبي نصر لمحمد ابن عزيز السجستاني، هكذا رأيته مجردًا، وذلك مكتوب بخط ابن عزيز نفسه الذي لا شك فيه أحد من أهل المعرفة بخطوط المتقدمين، قلت: فلا معدل عن هذا، وبالله التوفيق.

جزء فيه لغات القرآن العزيز وتفسيره: عن أبي العباس عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، قرأت جميعه بمدينة سبته حرسها الله تعالى على الشيخ المقري الحافظ محمد بن عبد الرحيم بن الطيب بن أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن خلف بن رزقون بن أفلح بن سحنون بن مسلمة بن علي القسي ثم العبسي أبي القاسم بن أبي الحسن بن أبي القاسم بن أبي السعود بن أبي العباس الجزري، نزيل سبته، رحمه الله تعالى، وصح ذلك ، وثبت في سنه إحدى وتسعين وست مائة، بحق سماعه لجميعه من لفظ الرواية العدل أبي العباس أحمد أبو يوسف بن أحمد بن يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن خلف بن الحسن بن الوليد ابن فرتون السلمي الفاسي، نزيل سبته بها في سنة تسع وخمسين وست مائة، بحق قراءته لجميعه على أبي الفضل عياض بن محمد بن عياض بن موسي اليحصبي، قال أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال، قال: أخبرنا أبو محمد ابن عتاب، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مروان القنازعي، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري ، قراءة عليه، قال: حدثنا أبو قتيبة سلم بن الفضل بن سهل الأدمي البغدادي ، قراءة عليه ، وأنا أسمع في رجب سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الرقي من لفظه ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن خالد بن يزيد البردعي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن يزيد الدقائق، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو جعفر المقري مؤدب جعفر بن سلمه، عن عبد الملك بن جريج، عن عطاء، عن بن عباس، رضي الله عنهم.

ص: 49

وأنبأنا العلامة أبو الحسين القرشي وغيره، عن أبي القاسم البغوي، عن ابن بشكوال المذكور به، وبالله التوفيق.

ما تسني لشيخنا العلامة أبي الحسين القرشي المذكور رحمه الله تعالى من تفسير الكتاب العزيز إعرابه، وذلك من فاتحته إلى قوله في سورة المائدة] يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [سورة المائدة: 109] وعاقته عن إتمامه منيته، رحمه الله ورضي عنه ، وقدس روحه ، وبرد ضريحه، وهو آخر ما ألف، سمعت طائفة منه من لفظه في الإملاء، وأجازني جميعه ، وجميع ما روى وألف وبالله التوفيق.

كتاب صفة أخلاق حملة القرآن الذين يريدون به الله عز وجل: تأليف أبي بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الأجري البغدادي ، رحمه الله تعالى ، ونفع به، قرأت جميعه على ابن صالح الخطيب، بحق قراءته لجميعه على ابن زاهر في ذي القعدة سنه اثنين وخمسين وست مائة، بسماعه من ابن نوح، أخبرنا ابن هذيل، وأخبرنا أبو داود المقري، وأبو عمر بن عبد البر النمري إجازة، قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن خليفه الإمام قراءة عليه في مسجده في ربيع الأول عام إحدى وتسعين وثلاث مائة، قال: حدثنا محمد بن الحسين الأجري بمكة في المسجد الحرام سنه ثمان وأربعين وثلاث مائة رحمهم الله أجمعين ، وبحق سماع ابن صالح أيضًا للنصف الأول من هذا الكتاب على أبي الحسين ابن السراج، وإجازته للنصف الثاني منه، وحدثه بهما عن ابن بشكوال، عن أبي محمد ابن عتاب، عن أبي عمر النمري المذكور، وبالله التوفيق.

وأخبرنا أيضًا بهذا الكتاب السيد الشريف الفاضل تاج الدين أبو الحسن الغرافي رضي الله عنه ، وعن سلفه الصالح فيما شافنها به من إذنه، وأقر لنا بروايته، وكتب لنا إسناده فيه بخط يده المباركة، قال: أخبرنا به سماعًا عبد اللطيف بن محمد

ص: 50

بن حمزة بن فارس بن محمد بن عبيد المعروف بان القبيطي قال: أخبرنا أبو المظفر علي بن أحمد، عن أبي بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكرياء الطريثيثي، عن أبي الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المعروف بالحالوسي، عن أبي بكر الأجري فوقع لنا عاليًا بمرة حدثت به عن ابن هذيل في الطريق الأولي، وبالله التوفيق.

قلت: الأجري مؤلف هذا الكتاب ضبط نسبته هذه بهمزة بعدها ألف وجيم مضمومة وراء مشددة هذا هو المعروف المتداول، وكذلك رويناه ، وقيدناه ، وقرأت بخط الضابط المحدث الأديب أبي عبد الله محمد بن أحمد الفهري الشهيد المعروف بابن الجلاب رحمه الله تعالى أنه قرأ بخط أبي داود المقري، قال: وجدت في كتاب القاضي أبي عبد الرحمن عبد الله بن حجاب الراوي، عن محمد بن خليفة وغيره، عن الأجري الذي ورثه عنه ابنه أبو المطرف ، قال لي: أبو عبد الله محمدين بن خليفة في ذي القعدة سنه ست وثمانين وثلاث مائة ، وكنت سمعت يقرأ عليه: حدثك أبو بكر محمد بن الحسين الأجري بالهمز والتشديد للراء، فقال لي: ليس كذلك إنما هو بغداد، ليس بها أطيب من مائها، وروينا من غيره الأجري كأنه منسوب إلى الأجر، وابن خليفة لقيه ، وضبط عليه كتابه سماعًا، فهو أعلم به، أنتهي.

قلت: ونسختي من هذا الكتاب عتيقة صحيحة حدث بها كاتبها عن محمد ابن خليفة المذكور، وعن غيره من أصحاب الأجري، وثبت فيها الأجري بتشديد الراء مضبوطًا بينًا، وهو الأصح إن شاء الله تعالى، وهي ولي التوفيق.

وحدثني عن ابن الجلاب المذكور بجميع رواياته وتآليفه الخطيب أبو محمد عبد الله القرشي مولاهم، والأديب أبو الحسن بن رزين التجيبي من أنفسهم كتابة، رحمهم الله أجمعين.

ومما يستفاد مع النسبة المذكورة الآخري بضم الخاء، وقد ذكره ابن نقطة في إكماله، والأجري بفتح الهمزة والجيم وتشديدها بعدها راء خفيفة وياء النسبة

ص: 51

ممن ينسب هكذا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إبراهيم الخشني الأجري، وأجر حصن من نظر قرطبة جبرهما الله تعالى من بلاد الأندلس، أخذ القراءات بالأندلس عن أبي خالد المرواني، وأبي إسحاق طلحة، ورحل حاجًا فسمع في رحلته من أبي الطاهر ابن عوف، وأبي عبد الله الحضرمي، والكركنتي ومن غيرهم، وأقرأ مدة، وتوفي في صفر سنه إحدى عشر وست مائة، وهو ابن سبعين عامًا أو نحوها، ولم يذكره ابن نقطة المذكور، وقد ألحقته في حاشية نسختي من إكماله، ولا من ألف في المؤتلف ، والمختلف ممن وقفت على كتابة، وبالله التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

كتاب الموطأ لأبي عبد الله مالك بن أنس: أخي أبي سهيل نافع، وأويس، والربيع، وأربعتهم أولاد مالك ابن أبي عامي نافع بن عمرو بن الحارس بن غمين بالغلين المعجمة المفتوحة ، والياء الساكنة آخر الحروف، على الأصح، ابن خثيل، بضم الخاء المعجمة وفتح الثاء المثلثة وسكون الياء المعجمة باثنتين من تحتها، هكذا قيده الأمير، وحكاه عن محمد بن سعد، وعن أبي بكر بن أبي أويس، وقيل جثيل بالجيم، قاله الدراقطني، وحكاه عن الزبير، والأول أشهر، ومن قال عثمان ابن حسل فقد صحف، ابن عمرو الحارث، وهو ذو أصبح أخو يحصب، بكسر الصاد ابني مالك بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث ابن قطن بن غريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير، أخي كهلان وحمير، هو العرنجج ابني سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، واسمه يقطن بن عابر بن شالخ ابن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام، بن مالك بن متوشلخ بن خنوج وهو إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم عليه السلام القحطاني الحميري ثم الأصبحي صليبة، حليف بني تيم بن مرة كعب المدني، إمام دار الهجرة على ساكنها ، والحال بها صلوات الله وسلامه، رضي الله عنه وأجزل

ص: 52

مثوبته، رواية أبي محمد يحيى ابن أبي عيسي يحيى بن كثير، وهو الداخل إلى الأندلس، ابن وسلاس بن شطل بن منقايا المصمودي مصمودة طنجة، مولي يزيد بن عامر الليثي، ليث كنانة، رحمه الله تعالى، قرأت طائفة صالحة من هذا الكتاب تفقهًا على العلامة أبي الحسين بن أبي الربيع رحمه الله، وعرضت عليه صدرًا منه عن ظهر قلب، وسمعت عليه أكثره تفقها إن لم يكن كمل لي، وقد تقرر لي سماع كثير منه عليه، وقد أجازه لنا معينًا بحق سماعة لبعضه على قاضي الجماعة أبي القاسم بن بقي رحمه الله تعالى.

وإجازته لسائره بإشبيلية جبرها الله تعالى قدمها عليهم.

وقرأت جميع هذا الكتاب كاملًا من أوله إلى آخره بحضرة تونس على الشيخ الفقيه الإمام أبي محمد عبد الله بن الشيخ الفقيه الإمام أبي عبد الله محمد بن هارون بن محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل الطائي الأندلسي ثم القرطبي، نزيل تونس كلأها الله تعالى رحمه، وكان رحمه الله مع كبر سنه وشاخته يرعي سمعه إرعاء، يقظ الفكر، حاضر الذهن، مستفهمًا عما يمر من لفظ مشكل أو معني غامض، مبيننًا لكل ذلك أو أكثر، بحق قراءته لبعضه ، وسماعه لسائره على قاضي الجماعة ، وخطيب الخلافة ، وكاتبها أبي القاسم ابن بقي المذكور، وذلك في مدة أولها عام سبعة عشر، وآخرها عام عشرين وست مائة، بغرفة جدة بقي بن مخلد رحمه الله تعالى بقرطبة، أعادها الله تعالى، بحق قراءة أبي القاسم لجميعه علي أبي عبد الله محمد بن عبد الحق بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحق الخزرجي بمسجد الضيافة خارج قرطبة، بحق سماعه لجميعه من المفتي أبي عبد الله محمد بن فرج مولي الطلاع بحق سماعه من قاضي الجماعة أبي الوليد بن يونس بن عبد الله بن محمد ابن مغيث بن محمد القرطبي المعروف بابن الصفار، بحق سماعه من القاضي الأجل أبي عيسي يحيى بن عبد الله ، بن يحيى بن يحيى، ثلاثة، بحق سماعه من عم أبيه المشاور أبي مروان عبيد الله بن يحيى بن يحيى، بحق سماعة من أبيه المفتي أبي محمد يحيى بن يحيى، بحق سماعه من أبيه المفتي أبي محمد يحيى بن يحيى، بسماعه من الإمام أبي عبد الله مالك رحمه الله

ص: 53

ورضي عنه، غير ثلاثة أبواب من آخر كتاب الاعتكاف، أولها خروج المعتكف إلى العيد، فإن يحيى شك فيها، فحدث بها، عن زياد بن عبد الرحمن الملقب بشبطون.

وكان من ولد حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه فيما يقال: وكان شبطون زوجًا لأمة فعرف به، وكأن أول من أدخل إلى الأندلس موطأ مالك رحمه الله مشفعًا بالسماع منه، فسمعه منه يحيى المذكور أول نشأته، ثم رحل فسمعه من مالك رضي الله عنه، ثم شك في الثلاثة الأبواب المذكورة فحدث بها عن زيادة ، عن مالك رحمهم الله وذكر شيخنا الخطيب الصالح أبو عبد الله بن صالح، في فهرسته، في ترجمة أبي بكر بن سيد الناس منها أن يحيى إنما شك في بابين، والصحيح ما قدمته، والله تعالى أعلم ، وهو ولي التوفيق.

وبهذا الإسناد ساويت في هذا الكتاب معظم أشياخي رضي الله عن جميعهم ، وهو إسناد جليل تداوله الفضلاء كابر عن كابرا، وانتظم له العلو والشرف

ص: 54

من أول إلى آخر، وشيخنا أبو محمد بن هارون آخر من حدث به، عن ابن بقي المذكور شرقًا وغربًا، وهو آخر من روي عنه في الدنيا على الإطلاق فيما أعلم، وابن بقي آخر من حدث به الخزرجي المذكور، وآخر من روي عن واحد، عن ابن فرج، وابن برج آخر من حدث به عن يونس في الدنيا، وأبو عيسي آخر من رواه في الدنيا كلها، عن عم أبيه عبيد الله، حتى روي الثقات الأثبات أن أبا الحسن الدراقطني الإمام عم بالرحلة إليه من بغداد ليقرب له في هذا الكتاب الإسناد، وعبيد الله آخر هم بالرحلة إليه من بغداد ليقرب له في هذا الكتاب الإسناد، وعبيد الله آخر من حدث به عن يحيى في أقطار الأرض كلها، ويحي آخر من حدث به عن مالك، رحمهم الله أجمعين، فقد بان لك علو هذا الطريق، ولله الحمد والمنة، وهو ولي التوفيق.

وكانت وفاة يحيى بن يحيى المذكور سنه ثلاث وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين ومائين، وقد روي عن مالك رحمه الله تعالى الموطأ حسبما ذكرناه آنفًا، وفيه حديث الفريعة في العدة، الحديث المشهور، وقد

ص: 55

روي هذا الحديث أيضًا عن مالك محمد بن شهاب الزهري رحمهما الله تعالى، وحدث به هو ، ويحيى جميعا عن مالك، وكانت وفاة الزهري سنة أربع وعشرين أو خمس وعشرين مائه، فبين وفاة يحيى ومحمد نحو مائة سنة وعشرة أعوام، وقد اتفقا معا في رواية هذا الحديث عن مالك، وهذا من النادر المستطرف ، وقد أسندنا الحديث المذكور في كتاب مستفاد الرحلة ، والاغتراب، وتكلمنا عليه هنالك بما أغني عن إعادته هنا، وبالله التوفيق.

ومما تقدم لنا في هذا الإسناد مما يحتاج إلى الضبط ، والتقييد محمد بن فرج مولي الطلاع، وهو بفتح الراء وبالجيم، وقيل فيه ابن الطلاع، وقيل مولي محمد بن يحيى البكري المعروف بابن الطلاع وكل ذلك بالعين في آخره، وقال سراج بن عبد الملك اللغوي الحافظ: الصواب فيه ابن الطلاء بالهمزة، لأن أباه فرجًا كان يطلي مع سيده اللجم بالربض الشرقي من قرطبة بإزاء باب الجديد، ومن قال ابن الطلاع بالعين فقط فقد أخطأ، وقال أبو عبد الله بن هشام النحوي اللغوي السبتي هو ابن الطلاع بالعين المهملة، وقيل له ذلك لأن أباه كان يطلع نخل قرطبة، قلت: ووجدت عن بعض أهل الحديث أنه إنما قيل له ابن الطلاع، لأن أباه كان يطلع الدهان مع سيده، فعلى هذا يكون الطلاع والطلاء معًا بمعني واحد ، والله تعالى أعلم.

وتقدم أيضًا فيه ابن الصفار، وضبطه بالصاد، وضبطه بعض أهل الحديث بالسين، وقال: لأن أباه كان سفيرًا بين الملوك، والله تعالى أعلم.

وتقدم لنا في نسب يحيى، أنه ليثي بالولاء، وقد يعتقد من لا علم له بأنه ولاء العتاقة، وليس كذلك، إنما هو ولاء الإسلام، أسلم وسلاس علي يدي يزيد المذكور

ص: 56

والولاء علي أقسام، ولاء الإسلام وهو هذا، ومنه ولاء محمد بن إسماعيل البخاري مولي الجعفيين رحمه الله تعالى، والحسن بن عيسي الماسرجسي، وولاء العتاقة، وهو الأكثر الأغلب، وولاء الحلف، ومنه ولاء الإمام مالك رحمه الله تعالى، وولاء الملازمة ومنه ولاء مقسم، وقد قدمنا ذكره، والمولي على ثمانية أوجه: المعتق، والمعتَق، والولي، والأولى بالشيء، وابن العم، والصهر، والجار، والحليف، والله تعالى أعلم.

وشيخنا أبو محمد ابن هارون المذكور فمن فوقه من رجال هذا الإسناد إلى يحيى بن يحيى كلهم قرطبيون، وزياد أيضًا قرطبي، فقد تسلسل لنا هذا الإسناد إلى مالك رحمه الله تعالى بالقرطبيين البلديين، وهو نادر مستطرف، وبالله التوفيق.

وسمعت جميع هذا الكتاب أيضًا من أوله إلى آخره على الخطيب الصالح أبي عبد الله ابن صالح رحمه الله تعالى ببجاية، بعد أن قرأت عليه أبعاضًا منه، وتناولت جميعه من يده، وله فيه عدة طرق، منها: أنه قرأه كاملًا بشاطبه جبرها الله تعالى، على القاضي العدل المحدث أبي الحسن علي بن عبد الله بن محمد ابن يوسف الأنصاري المعروف بابن قطرال رحمه الله تعالى، وصح له ذلك ، وثبت في سنة خمس وثلاثين وست مائة، قال ابن قطرال: سمعت أبوابًا منه على القاضي أبي عبد الله بن زرقون الأنصاري، وأجازني سائره، وحدثنا به عن الخولاني، عن أبي عمرو عثمان بن أحمد بن محمد اللخمي سماعًا عن أبي عيسي المذكور، سماعًا بالسند المتقدم.

وهذا أيضًا إسناد عال لأن ابن زرقون آخر من حدث في الدنيا عن الخولاني، والخولاني آخر من حدث عن عثمان المذكور، وعثمان من متأخري من حدث بالموطأ، عن أبي عيسي وبالله التوفيق.

قال ابن قطرال: وقرأت أيضًا جميعه على أبي محمد عبد الحق بن عبد الملك بن بونة العبدري، قال: أخبرنا أبو بحر سماعًا، قال: أخبرنا أبو عمر النمري سماعًا،

ص: 57

قال: أخبرنا سعيد بن نصر بقراءتي عليه، عن قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة عن محمد بن وضاح، عن يحيى بن يحيى.

ومن أسانيد ابن صالح أيضًا أنه قرأ بعضه على القاضي أبي بكر الزهري بن محرز، وتناول جميعه من يده، بحق قراءته لجميعه على جماعة، منهم: وهب بن لب الفهري، بقراءته على أبي الوليد ابن الدباغ، بقراءته على أبي عبد الله أحمد بن محمد الخولاني المذكور بسنده.

ومنها أنه قرأ من أوله إلى كتاب الزكاة على الزاهد أبي الحسين النفزي ابن قيوش تفقهًا، وتناول جميعه من يده، بحق قراءته لجميعه على أبي الحسين بن زرقون عن أبيه.

وهذا السند أساوي فيه لشيخنا أبي عبد الله هذا من حيث العدد، وبالله التوفيق.

ومنها أن قرأ جميعه كاملًا على أبي عبد الله ابن الآبار الحافظ، بقراءته لجميعه على أبي عبد الله بن نوح، وأبي الخطاب ابن واجب جميعًا، بسماعهما معًا على ابن هذيل، عن أبي داود، عن ابن عبد البر سنده، وزاد أبو الخطاب قال: قرأت نحو الثلث الأول منه علي أبي مروان بن قزمان، وتناولت جميعه من يده في أصل سماعه من أبي عبد الله ابن فرج، بسماعه لجميعه من ابن فرج المذكور بسنده، قال أبو الخطاب: وأخبرنا به جدي صاحب الأحكام أبو حفص عمر بن محمد ابن واجب قراءة وسماعًا، بسماعه من أبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي عن ابن فرج المذكور، وعن أبي علي الغساني، عن ابن عبد البر بالسند المتقدم وبالله التوفيق.

وسمعت جميع هذا الكتاب كاملًا بثغر سبته المحروس علي المقري أبي القاسم ابن عبد الرحمن العبسي رحمه الله تعالى، في مجالس آخرها الثالث والعشرون لمحرم من سنة إحدى وتسعين وست مائة، قال: استظهرت طائفة منه على القاضي أبي عبد الله

ص: 58

الأزدي السبتي، وسمعت سائره بسماعه لجميعه من الزاهد أبي محمد بن عبيد الله الحجري، قرأته على جماعة، وأسانيدي فيه كثيرة جدًا يطول ذكرها، فممن قرأته عليه أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن بقي، وأبو جعفر البطروحي، وأخبراني به عن المفتي أبي عبد الله ابن فرج هو المذكور بسنده، قال الحجري: وأخبرني به عن المفتي أبي عبد الله ابن فرج هو المذكور بسنده، قال الحجري: واخبراني به عن المفتي أبي عبد الله ابن فرج هو المذكور بسنده، قال الحجري: وأخبرني به أبو الحسن علي بن عبد الله بن موهب الجذامي، عن أبي عمر النمري بأسانيده، وبالله التوفيق.

وسمعت أيضًا طائفة من هذا الكتاب على العدل الحاج الفاضل أبي محمد عبد المهيمن بن عبد الله بن محمد الأنصاري الفرضي المعروف بالجزيري رحمه الله في سنة تسع وثمانين وست مائة، وأجازنا سائره معينًا بسماعه لأكثره على صهره القاضي أبي عبد الله الأسدي المذكور، وإجازته منه لباقة.

وسمعت أيضًا يسيرًا من هذا الكتاب على القاضي المقري أبي الحسين عبيد الله بن عبد العزيز الأموي المعروف بابن القاري رحمه الله تعالى، وتناولت جميعه من يده بثغر سبته المحروس، وصح ذلك وثبت في يوم الجمعة الرابع لذي قعدة من سنة إحدى وتسعين وست مائة، قال: أخبرنا بجميعه أبو الحسن محمد بن محمد بن زرقون ما بين قراءة وسماع، قال: أخبرني أبي بسنده المتقدم: وهذا أيضًا عال، وبالله التوفيق.

وقرأت من أول هذا الكتاب إلى التميم منه على الشيح المسن الثقة الأمين أبي الحسن علي بن الشيخ الفقيه الحافظ أبي الحجاج يوسف بن محمد بن علي الصنهاجي الغزلي المعروف بابن مصامد رحمه الله تعالى، وتناولت جميعه من يده بمدينة مالقة حرسها الله تعالى، بحق قراءاته لجميعه على أبيه، بسماعه من عبد الوهاب بن إسماعيل الزهري، بقراءته على أبيه أبي الطاهر إسماعيل بن مكي بن

ص: 59

إسماعيل، قال: أخبرنا أبو الوليد الفهري الطرطوشي، قال: أخبرنا أبو الوليد الباجي، قال: أخبرنا يونس بن عبد الله هو المذكور بسنده.

قال أبو الحجاج المذكور: وقرأته أيضًا على فخر الدين أبي الخطاب عمر ابن أبي الفوارس الكندي المعروف بالسخاوي بثغر الإسكندرية، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الحضرمي، عن أبي محمد ابن عتاب إجازة، وعن أبي الحجاج يوسف بن مجبر قراءة ، عن أبي محمد ابن عتاب المذكور عن أبيه، عن خلف بن يحيى الفهري، عن أحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد بن حزم، ومحمد بن قاسم بن هلال جميعًا عن عبيد الله بن يحيى هو المذكور بسنده، وبالله التوفيق.

وقرأت أيضًا يسيرًا من صدر هذا الكتاب، وذلك من أوله إلى قوله الإمام مالك رحمه الله تعالى: من أدرك ركعة من الصلاة، على الشيخ الفقيه الحسيب العدل المبرز جمال الدين أبي عبد الله محمد ابن الشيخ الفقيه العدل المبرز أبي القاسم ابن الشيخ الفقيه المفتي أبي عبد الله محمد ابن أبي القاسم الأزدي التونسي المعروف بالقيسي، وتناولت سائر الديوان من يده المباركة في الأصل الشريف أصل جده رحمه الله تعالى منه، وحدثنا به عن القاضي أبي القاسم ابن البراء ، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بم حوط الله ، قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله بن زرقون هو المذكور.

وأخبرنا به إجازة في الجملة العدل المبرز أبو عبد الله محمد ابن الشيخ الفقيه النحوي المقري القاضي العدل أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن التجيبي المراكشي، نزيل تونس حرسها الله تعالى ورحمه، عن القاضي أبي محمد عبد الله بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان بن عمر بن خلف بن حوط الله الأنصاري الحارثي المذكور، وهو آخر من روي عنه في مشرق الأرض ومغربها، وبالله التوفيق.

ص: 60

قلت: وحدثنا شيخنا جمال الدين أبو عبد الله القيسي المذكور رضي الله عنه بما يدل على شرف النسخة المذكورة معينة، وعلى فضل هذا التأليف مطلقًا، قال: ما معناه أو قريب منه: " لما رحلت إلى أداء الفريضة نظرت ببلاد المشرق في مذهب أبي عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى: لما رحلت إلى أداء الفريضة نظرت ببلاد المشرق في مذهب أبي عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى، فرجحت عندي مسائل من مذهبه في مذهب مالك رحمه الله تعالى فيها.

فلما قفلت إلى بلدي، جعلت أميل في تلك المسائل إلى مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، وأرى له التقدم فيها على مالك رحمه الله تعالى ورضي عنهما، واستمر على ذلك زمان إلى أن رأيت ليلة فيما يري النائم كأني قد خرجت إلى خارج بلدي تونس من جهة قبليها فيما بين البحيرة ، والسبخة، فكنت أرى جماعة عظيمة من الناس ، وقد استداروا حلقة ، وفي وسط تلك الحلقة حلقة أخرى صغيرة من نحو عشرة، وهم جلوس، وأحدهم قائم، فقصدت الحلقة الكبرى ، فلما وصلت إليهم قالوا لي: عن الحلقة الصغرى أن فيها صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه العشرة رضي الله عنهم، فتقدمت نحوهم، فإذا بالقائم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال لي: ما تريد؟ فقلت له: أريد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقول لي: تقدم، فتقدمت حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبلت يده الكريمة، وقعدت بين يديه، فكنت أرى في حجره كتاب الموطأ نسخة جدي، يعني النسخة المذكورة التي كانت قراءتنا فيها، وتناولناها من يده، قال: فكنت أقول في نفسي: هذه والله كرامة لمالك رحمه الله تعالى، وقلت يا رسول الله، أريد أن أقرأ عليه من هذا الكتاب، فقال:" اقرأ، فقرأت من أوله نحو عشر ورقات من تلك النسخة، ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل ما في هذا الكتاب صحيح، واستيقظت من نومي، قال: فلما هببت من نومي أتيت إلى أبي رحمه الله تعالى في جوف الليل، فقصصت عليه رؤيا، واستوهبت منه تلك النسخة، فوهبها لي والحمد الله، وأصبحت وقد رجح عندي مذهب مالك في تلك المسائل التي كانت عندي مرجوحة بمذهب الشافعي رحمهما الله تعالى، وظهر لي فيها ما كان قد خفي على من أدلتها قبل.

وبالله التوفيق.

قلت: وحقيق لهذا التأليف العظيم الشأن، الكثير الفوائد، العظيم النفع، أن يري له ما رئي، وأن يوصف في الصحة بما وصف، وقد قال أبو زرعة ، وما أدراك

ص: 61

ما أبو زرعة ، فيما بلغنا عنه: لو حلف رجل بالطلاق على أحاديث مالك التي في الموطأ أنها صحاح كلها، لم يحنث، ولو حلف على حديث غيره كان حانثًا.

وأخبرنا الشيخ التاريخيي أبو عبد الله الكتامي سماعًا عودًا بعد بدء، والكمال الفاضل أبو العباس ابن أبي الفتح الشيباني بقراءتي عليه بداره من دمشق ليلًا ، قال كل واحد منهما: أخبرنا الإمام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن سماعًا، قال: وروينا عن الشافعي رضي الله عنه ، أنه قال:«ما أعلم في الأرض كتابًا في العلم أكثر صوابًا من كتاب مالك رحمه الله تعالى» ، وروي أيضًا عن الشافعي أنه قال: ما بعد كتاب الله تعالى أكثر صوابًا من موطأ ممالك بن أنس، وليس بعد كتاب الله تعالى أنفع منه.

وروي عن ابن مسدي أنه قال أيضًا: ما بعد كتاب الله أنفع من الموطأ، وعنه أيضًا: ما أعلم من علم الإسلام بعد القرآن أصح من كتاب مالك.

وروي أن أول من عمل الموطأ عبد العزيز بن عبد الله ابن الماجشون عمله كلامًا بغير حديث، فلما رآه مالك رحمهما الله تعالى قال: ما أحسن ما عمل، ولو كنت أنا لبدأت بالآثار، ثم شددت ذلك بالكلام، ثم عزم على تصنيف الموطأ، فعمل من كان بالمدينة يومئذ من العلماء الموطآت، فقيل لمالك: شغلت نفسك بعمل هذا الكتاب، وقد شركك فيه الناس وعملوا أمثاله، فقال: إيتوني به، فنظر فيه، ثم نبذه، وقال: لتعلمن ما أريد به وجه الله تعالى، فكأنما ألقيت تلك الكتب في الآبار، والله تعالى أعلم، فقد تبين لك فضل هذا الكتاب، وقد اتصل لنا بحمد الله، ومنه السماع في القدر الذي قرأناه على الجمال المذكور، وصحت لنا المناولة لجمعية بالسند الشريف الذي كأنا بحمد الله ، وأفضاله قد تنزلنا به منزله التابعين

ص: 62

رَضي اللَّهُ عنهم أجمعين، لِأَنَّا قَدْ رَوَيْنَا مِنْ غَيْرِ مَا طَرِيقٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي» ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وروي عن ابن أبي سلمة رحمه الله أنه قال: ما قرأت كتاب الجامع من موطأ مالك بن أنس إلا جاءني آت في النوم ، فقال لي: هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا.

قُلْتُ: وَآخِرُ حَدِيثٍ مِنْ هَذَا الْجَامِعِ وَهُوَ الَّذِي خَتَمَ بِهِ مَالِكٌ رحمه الله هَذَا الْكِتَابَ، هُوَ مَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ» .

الْحَدِيثَ وَقَدْ سَمِعْتُ الْخَطِيبَ الصَّالِحَ، الثِّقَةَ الْفَاضِلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ صَالِحٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَنُفِعَ بِهِ بِبِجَايَةَ ، يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرَى النَّائِمُ ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ ويأتي ذكر هذه الرؤيا الشريفة بعد هذا أن شاء الله تعالى في هذا المجموع، فقد تحصل لنا أول هذه الكتاب وآخره باتصال السماع بهذين الإسنادين الشريفين الرفيعين المنيفين، وكان حق كل واحد منهما أن يبدأ به عند ذلك أسانيدي في هذا الكتاب ويقدم، لكني أردت أن يكون المسك في الختم، وبالله التوفيق.

موطأ مالك رحمه الله تعالى ورضي عنه: رواية أبي المصعب أحمد بن أبي بكر القاسم، ويقال زرارة، ابن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن

ص: 63

عوف رضي الله عنه، القرشي الزهري، رحمه الله تعالى، قرأت جميعه بمدينة دمشق حرسها الله تعالى، وبالحائط الشمالي من الجامع الأموي عمره الله بذكره منها على الشيخ الجليل الحسيب الأصيل شرف الدين أبي الفضل ابن الصاحب الأجل شرف الدين أبي الحسين بن أبي الفضل بن أبي عبد الله بن أبي محمد بن أبي الحسين بن أبي محمد بن أبي علي الدمشقي الشافعي المعروف بابن عساكر، خلا كتاب القراض والمساقاة والفرائض، من أجل إنها فوت قديم لا تتصل روايته، وصح لنا ذلك ، وثبت في عشرة مجالس، قال: أنبأنا به عدا الاستثناء المذكور المسند أبو الحسن المؤيد محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي صالح الطوسي في شهور سنة أربع عشرة وست مائة، بحق سماعه لجميعه غير الاستثناء المتقدم من الشيخ أبي محمد هبة الله بن سهل بن عمر بن أبي عثمان محمد بن الحسن بن محمد القاسم بن مالك بن أبي الهيثم البسطامي المعروف بالسيدي في شهور إحدى وثلاثين وخمس مائة، بسماعة حاشا الاستثناء المذكور أيضًا من أبي عثمان سعيد بن أبي عمرو محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير بن نوح ابن حيان بن مختار البحيري النيسابوري في شهر ربيع الآخر سنة خمسين وأربع مائة، بحق سماعه لجميعه ، إلا الاستثناء المذكور من أبي علي زاهر بن أحمد بن محمد بن عيسي السرخسي الفقيه الشافعي في رجب سنه ثمان وثمانين ثلاث مائة، بحق سماعه لجميعه كاملًا من أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسي بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد اللطيف القرشي الهاشمي العباسي، رحمه الله تعالى ببغداد، بسماعه لجميعه من أبي المصعب المذكور، بسماعه من إمام الأئمة أبي عبد الله مالك، رحم الله عليهم أجمعين.

وهذا الإسناد أيضًا إسناد جليل في غاية العلو، وليس يوجد اليوم على وجه الأرض من عند إسناد إلى الإمام مالك رحمه الله تعالى أعلي من هذا، لا في الموطأ، ولا في منثور الحديث، وهو أعلي الممكن لا سيما لأمثالنا، ولمن ولد في أحواز سنة سبعين وست مائة، وهو من فوائد الرحلة المرجو من فضل الله تعالى قبولها، وتشفيعها بأمثالنا، بمنه وكرمه، إنه ولي التوفيق.

ص: 64

ومما تقدم في هذا الإسناد مما يحتاج إلى الضبط والتقييد، المؤيد، وهو بضم الميم بعدها همزة مفتوحة وهي في الخط واو بعدها ياء مشددة مفتوحة معجمة باثنتين من تحتها، والسيدي، وهو بفتح السين اليابسة وتشديد الياء آخر الحروف وكسرها، وابن بحير، وهو بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة بعدها ياء معجمة باثنين من تحتها، وراء، والبحيري نسبة إليه، وحيان بالياء آخر الحروف، وزاهر بالزاي في أوله، وبالله التوفيق.

موطأ مالك رحمه الله ورضي عنه: رواية أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي الحارثي المدني، مستوطن البصرة رحمه الله تعالى، سمعت بعضه بصالحية دمشق بسفح جبل قاسيون على الشيخ الصالح الثقة المسند المعمر تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عبد المؤمن ابن أبي الفتح المقدسي الحنبلي، وأجازنا جميعه جمله بحق سماعه لبعضه أيضًا من الشيح الإمام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامي المقدسي رحمه الله تعالى، قرئ عليه ، وهو حاضر يسمع سنه عشرين وست مائة، وفيها مات الموفق المذكور وأجازنه أيضًا جملة الناصر أبو حفص الطائي الدمشقي، قال: أجازنيه جملة الموفق المذكور في شهور سنة ثمان وست مائة، بحق سماع الموفق لجميعه من يحيى بن ثابت بن بندار البقال.

ح وأخبرنا أيضًا بجميع هذا الكتاب الإمام العلامة النسابة أعجوبة زمانة في ذلك شرف الدين أبو محمد التوني فيما شافهنا به من إذنه مرات، بحق قراءته لجميعه ببغداد في رحلته الأولي إليها من الأعز بن فضائل، بالجانب الغربي منها بباب البصرة، بحق سماعه من شهدة الأبرية، وبإجازته من يحيى بن ثابت المذكور، قالت شهدة: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد القادر بن يوسف، وقال يحيى:

ص: 65

أخبرنا أبي ثابت بن بندار ، قالا: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن يوسف بن محمد ابن دوست الغلاف، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز، قال: حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي، قال: حدثنا عبد الله ابن مسلمة القعنبي ، عن مالك، رحمهم الله عليهم أجمعين.

ومما يستحسن أن يدعي به عند ختم مجالس هذا الكتاب ما بلغنا أن الشيخ الصالح الزاهد الورع الفاضل أبا العباس أحمد بن منذر بن جهور الأزدي الإشبيلي رحمه الله ونفع به، كان يختم به مجالس إقرائه لموطأ مالك رحمه الله تعالى، ويقال أن شيخه المجمع على زهده وورعه أبا عبد الله ابن المجاهد رحمهما الله تعالى كان يختم أيضًا به، وهو: غفر لنا أجمعين، ووفقنا لما يحبه ويرضاه، ونجانا من القوم الظالمين، أسمعنا الله خيرًا، رزقنا الله العافية أدامها لنا، جمع الله قلوبنا على التقوى، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.

ص: 66

كتاب التقصي لما في الموطأ: رواية يحيى بن يحيى الليثي من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، مسنده ومرسله ومقطوعه وبلاغاته، إملاء الإمام الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري رحمه الله تعالى سمعت بعضه على الخطيب الصالح أبي عبد الله ابن صالح ببجاية، وتناولت جميعه من يده رحمه الله تعالى، بحق سماعه لجميعه على القاضي الفاضل أبي الحسن الأنصاري ابن قطرال، قال: حدثنا بن ابن بونة العبدري ، عن الفقيه أبي محمد عبد الله بن علي حفيد المصنف، عن جده قال ابن قطرال وأخبرنا أيضًا ابن الفقيه أبو خالد يزيد بن محمد بن رفاعة اللخمي قراءة عليه، بسماعه من القاضي أبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية، عن الإمام الحافظ أبي علي الغساني عن أبي عمر قراءة عليه عن أبي الحسين ابن السراج، عن القاضي أبي عبد الله ابن زرقون، عن أبي عمران ابن أبي تليد سماعًا ، عن مؤلفه سماعًا، وأجازه لنا معينًا القاضي أبو الحجاج يوسف بن حكم التجيبي رحمه الله تعالى، وكتب لنا الإسناد بخط يده، قال: قرأته على الحافظ أبي الربيع سليمان بن موسي الكلاعي، قال: قرأته على ابن زرقون هو المذكور، وبالله التوفيق.

قلت: ذكرنا شيخنا الفاضل أبو جعفر الثقفي، عن شيخه أبي الحسن الشاري رحمه الله أنه أفاده أن أبا علي الغساني لم يقرأ هذا الكتاب على أبي عمر، ولا سمعه، قال: وكثيرًا ما يسنده الناس عنه قراءة، قال: وكتب على النسخة التي بخطه منه، قرأت جميع ما في هذا الكتاب من حديث رسول صلى الله عليه وسلم علي أبي عمر بن عبد البر مؤلفه.

قلت: وقد ذكر أبو علي رحمه الله تعالى هذا الكتاب في فهرسته، وقال: حدثني به يعني أبا عمر بقراءتي عليه، وأطلق القول هكذا، فالظاهر إن لم يكن نصًا أنه يريد جميع الكتاب، والله الموفق للصواب.

ص: 67

روي عن طاهر بن مفوز رحمه الله رواية أبي عمر أنه قال: سمعت أبا عمر يقول مرارًا: ما وجدتم في كتابي هذا خطأ أو مخالفًا لرواية يحيى فردوه إلى رواية يحيى، ولما حمل هذا الكتاب إلى القيروان وقف عليه الفقيه أبو عمران الفاسي رحمه الله تعالى، فاستحسنه، وقال: إنه أحسن من الملخص ، وأكثر فائدة، وصدق أبو عمران رحمه الله، ووقف أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى على كتاب التمهيد لأبي عمر أيضًا، وكتاب التقصي هذا ، فقال: كان ينبغي أن تكون ترجمة هذا على هذا، وترجمة هذا على هذا أو كما قال، وبالله التوفيق.

الجامع المختصر المسند الصحيح من أمور سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه: تصنيف إمام صناعة الحديث بلا مدافعة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، الحافظ، رحمه الله ورضي عنه، الجعفي مولاهم، ولاء الإسلام، لأن المغيرة المذكور أسلم على يد يمان الجعفي والي بخاري جد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن يمان المذكور.

قرأت من أوله إلى قول المصنف رحمه الله تعالى: «باب حج الصبيان» على الشيخين الصالحين العابدين الزاهدين الإمام الفاضل المحدث فخر الدين أبي عمرو عثمان بن محمد بن عثمان بن أبي بكر بن محمد بن داود التوزري المالكي العدل ، وظهير الدين أبي الفداء إسماعيل بن إبراهيم بن أبي الحسن المصري الشافعي مستوطن مكة شرفها الله تعالى بها، وبالحرم الشريف منها تجاه الكعبة المعظمة عند باب إبراهيم، فأما ظهير الدين المذكور فأجازنا سائره، وحدثنا به سماعًا لجميعه على الشيخ المعمر بقية مشائخ الصوفية جمال الدين أبي عبد الله محمد بن أبي البركات بن أبي الخير الهمذاني الصالح العابد، وأما فخر الدين فسمعت باقية من لفظه فكمل لي جميعه عليه بين قراءة وسماع، وله فيه عدة طرق ، منها أنه قال:

ص: 68

قرأت جميعه بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة بين باب العمرة وباب السدة على جمال الدين الهمذاني المذكور في ثمانية عشر مجلسًا، وذلك في سنة ثمان وخمسين وست مائة، قال: وعمره إذاك مائة عام كاملة واثنا عشر عامًا، وكان ثابت الذهن، صحيح الفهم، قال: أجازنيه أبو الوقت إجازة معينة هو سديد الدين عبد الأول بن عيسي بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق السجزي الأصل، الهروي المنشأ، الماليني الاستيطان، البوشنجي الرحلة، الصوفي النحلة، البغدادي الوفاة، وكان اسمه الذي سماه به أبوه محمدًا، وسماه الإمام أبو عبد الله الأنصاري عبد الأول، وكناه أبا الوقت، وقال: الصوفي ابن وقته: قال لنا فخر الدين المذكور: وأذكر من لفظ الشيخ جمال الدين ما معناه، أن أبا الوقت أقعده في حجرة والجامع الصحيح يقرأ عليه، قال: ثم قال لي: إذ سألوك هل رأيت أبا الوقت فقل لهم: نعم، فإن قالوا لك: ماذا قال لك؟ فقل لهم أجزتكم حمل كتاب البخاري عنه، قلت: وكأن الشيخ أبا الوقت رحمه الله تعالى قد كوشف بطول عمر هذا الهمذاني، وأشعر بأنه يعمر حتى ينفرد بالرواية عنه في أقطار الدنيا شرقًا وغربًا، حتى تستغرب رؤيته لأبي الوقت وروايته عنه، ويستفهم هل رآه أم لا، وكذلك وقع والله تعالى أعلم، بحق سماع أبي الوقت لجميعه من جمال الإسلام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود بن حمد بن معاذ بن سهل بن الحكم بن شيرزاذ بن سهل، والأول أشهر، الداوودي البوشنجي في سنة خمس وستين وأربع مائة، وهو في السابعة من سني عمره، بحق سماعه من أبي محمد عبد الله بن أحمد بن حموية بن أحمد بن يوسف بن أعين السرخسي الحمودي، في شهر صفر سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة، بحق سماعه من أبي عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري، واختلف في تاريخ هذا السماع، فقيل: وهو الأكثر أنه كان في سنة ست عشرة وثلاث مائة، وقيل: بل كان سنة خمس عشرة، وقيل: غير ذلك، بحق سماعه من المصنف مرتين اثنتين، مرة بفربر، ومرة ببخاري، أولاهما سنة ثمان وأربعين ومائتين، والأخري وهي التي كانت ببخاري سنة اثنين وخمسين، ونقل بعض أئمة المحدثين عن الفربري، أنه قال: سمعت الجامع الصحيح من أبي عبد الله البخاري في ثلاث سنين، في سنة ثلاث وخمسين، وأربع وخمسين، وخمس وخمسين، والله تعالى أعلم وهو ولي التوفيق.

ص: 69

وأخبرنا أيضًا شيخنا فخر الدين المذكور قال: قرأت هذا الكتاب على المشائخ نحوًا من ست وثلاثين مرة، فممن قرأت عليه رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي، وكمال الدين أبو الحسن علي بن شجاع بن سالم القرشي العباسي، المقري الضرير، وأبو الحسن علي بن عبد الرزاق العامري المقدسي، وأبو العباس أحمد بن قاضي القضاة زين الدين أبي الحسن علي بن عبد الله الدمشقي، وأبو الطاهر إسماعيل بن عبد القوي بن عزون الأنصاري، وأبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن الحسن بن عتيق بن رشيق الربعي، قالوا كلهم: أخبرنا الشيخان أبو القاسم عبد الله بن علي سعود البوصيري الأنصاري، وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي، قال البوصيري: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال السعيدي، وقال الأرتاحي: أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الفراء الموصلي في كتابه.

ح قال شيخنا فخر الدين نفع الله تعالى به: وسمعته أيضًا كاملًا بقراءة أحمد بن سراقة على الشيخ ضياء الدين أبي الروح عيسي بن سليمان بن رمضان الشافعي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا منجب بن عبد الله المديني ، قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن عبد الله المديني، قال أبو صادق هذا، والسعيدي، والموصلي: أخبرتنا أم الكرام كريمة بنت أحمد المروزية ، قالت: أخبرنا أبو الهيثم الكشميهني، قال: أخبرنا الفربري، رحم الله أجمعين.

وبجميع ما ذكرناه من الإسناد كان السماع ، والقراءة المذكوران على الفخر، وبالله التوفيق.

وأخبرنا عاليا برواية أبي الهيثم هذه المسند شرف الدين أبو الفضل بن هبة الله العساكري فيما شافهنا به من إذنه بدمشق، غير مرة ، قال: أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم ابن أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني في شهور سنة أربع عشرة وست مائة ، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب سماعًا ، قال: أخبرنا أبو الخير محمد ابن أبي عمران موسي الصفار، قال: أخبرنا

ص: 70

أبو الهيثم محمد بن المكي، قال: أخبرنا الفربري، وهذا الإسناد الأخير أعلي الممكن في هذا الطريق، وبالله التوفيق.

وسمعت أيضًا جميع هذا الكتاب كاملًا من أوله إلى آخره على الشيخ الأجل المسند المعمر الثقة الصدوق الرئيس الوجيه أمير الحاج عماد الدين أبي الحجاج يوسف ابن أبي نصر ابن أبي الفرج ابن أبي نصر الدمشقي الشافعي المعروف بابن الشقاري، رحمه الله تعالى، وصح لنا ذلك وثبت في عشرة مجالس أولها غرة شهر ربيع الأول المبارك في سنة سبع وتسعين وست مائة، بدار المسمع من دمشق المحروسة بحق سماعه كاملًا على الشيخ المعمر سراج الدين أبي عبد الله الحسين ابن الشيخ المحدث أبي بكر، وأبي عبد الله، كنيتين، المبارك بن الشيخ المحدث أبي عبد الله محمد بن يحيى بن علي بن المسلم بن موسي بن عمران الربعي الزبيدي الأصل البغدادي المولد والدار الحريمي، وكان سماع الوجيه عماد الدين المذكور هذا مع ابن له درج في حياته، رحمهما الله، بحق سماع ابن الزبيدي على أبي الوقت المذكور في سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة، وفيها مات رحمه الله بالسند المتقدم.

وهذا الإسناد أعلي ما وقع لنا في جميع هذا الكتاب باتصال السماع مع شهرة الرواة وعدالة النقلة، وهو أعلي الممكن فيه في هذا التاريخ، وقد حدث به العماد المذكور منذ نحو من خمسين سنة لتاريخ هذا الكتاب، وهذا نادر مستطرف عند

ص: 71

أهل الحديث، وبهذا الإسناد ساويت في هذا الكتاب كثيرًا من أشياخي المشرقيين، وطائفة من أشياخ أشياخي المغربيين، رحمهم الله جميعهم ورضي عنهم، وأثابنا وإياهم الجنة برحمته، إنه ولي التوفيق.

فإن قال قائل: لم لم تقدم هذا الإسناد على إسناد الفخر المتصل السماع ، وهذا أعلي منه برجل، لأن رجال هذا إلى المصنف ستة، ورجال ذاك سبعة؟ قلت: إنما قدمت إسناد الفخر وإن كان هذا عاليًا متصل السماع لشرف المكان المسموع ذاك فيه ولتعظيم تلك البقعة، وبالله التوفيق.

وقرأت أيضًا مائة حديث منتقاة من هذا الكتاب على الشيخ المسند عز الدين أبي الفداء إسماعيل، بن عبد الرحمن بن عمرو الصالحي، بالجامع الأموي عمره الله بذكره، وسمعتها أيضًا على الشرف أبي حفص عمر بن محمد الخواجي الفارسي، وأجازاني جميعًا سائر الكتاب معينًا.

وقرأت ثلاثيات هذا الكتاب على الشهاب أبي العباس أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحنفي، بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق، وعلى التقي أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عبد المؤمن ابن أبي الفتح المقدسي منفردين.

وسمعتها على كل واحد من الأشياخ الثقات رشيد الدين أبي محمد إسماعيل ابن أبي عبد الله عثمان القرشي الحنفي المفتي، وأحمد بن عبد الله البعلي، والمقري أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن بقاء البغدادي، وزوجه فاطمة بنت حسين الآمدي، وست الوزراء وزيرة بنت عمر بن أسعد المنجا التنوخية المعرية أم محمد، وأم عبد الله، خديجة ابنة عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار المقدسي، وأم أحمد خديجة بنت محمد بن محمود ابن المراتبي الدمشقية.

ص: 72

وسمعت طائفة منه غير الثلاثيات على ابن بقاء، ووزيرة المذكورين، وعلى الشيخ المسند أبي العباس أحمد بن محمد ابن أبي الفتح ابن المجاهد الصالحي، وعلى أبي أحمد عبد الدائم بن أحمد بن ربح المحجي، وعلى القاضي الأجل قاضي قضاة الحنابلة بالشام تقي الدين أبي الفضل سليمان، بن حمزة بن أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي عمر المقدسي، وأجازني، كل واحد منهم سائر الكتاب، وأجازنية أيضًا أبو الفضل أحمد بن عساكر، وأحمد بن زيد الجمال، وأحمد بن عبد الحميد بن قدامه، وعبد الحميد بن أحمد بن خولان، وعلي بن محمد بن هارون التغلبي، وعيسي بن عبد الرازق، ومحمد ابن أبي العز الأنصاري، وهدية بنت عبد الحميد، بسماع جميعهم لجميعه على السراج أبي عبد الله ابن الزبيدي المذكور، غير القاضي تقي الدين أبي الفضل سليمان، المذكور فإنه قال: قرئ عليه وأنا حاضر، وأحمد ابن زيد فإنه قال: سماعًا لبعضه وإجازة لسائره، وبالله التوفيق.

وقرأت أيضًا المائة المذكورة على المفتي بهاء الدين أبي الصبر أيوب أبن أبي بكر الحنفي الفقيه المعروف بابن النحاس الحلبي، مستوطن دمشق بمدرسة الحنفية منها.

وقرأت ثلاثيات عودًا بعد بدء على السيد الشريف تاج الدين أبي الحسن علي ابن الإمام نور الدين أبي العباس الحسيني الغرافي نفع الله به وبسلفه الصالح بثغر الإسكندرية، وسمعت طائفة منه على أبي العباس أحمد

ص: 73

ابن سليمان بن أحمد المقدسي، وأجازني ثلاثتهم جميعه بحق سماعهم لجميعه كاملًا على أبي الحسن علي بن أبي بكر القلانسي الصوفي ابن روزبة، رحمه الله تعالى، وسمعت ثلاثيات عودًا بعد بدء أيضًا على أبي عبد الله محمد بن محمد الكتامي رحمه الله، وأجازنا أيضًا جميعه بحق سماعه لجميع الثلاثيات المذكورة ، ومن أول الجامع المذكور إلى كتاب الإيمان علي الشمس أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن مميل الشيرازي، وتناول من يده جميع الديوان، وذلك في سنة أربع وثلاثين وست مائة بدمشق في يوم الاثنين ثالث عشر شوال، وأجازنا جميع هذا الجامع جملة المسند الرحلة شهاب الدين أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن علي بن إسماعيل ابن أبي طالب الأبرقوهي، المصري الصوفي، عن أبي الحسن ابن المبارك ابن الزبيدي، وأجازنيه أيضًا فقيه الشام زين الدين أبو محمد عبد الله بن مروان ابن عبد الله الفارقي، قال: سمعت جميعه على أم الفصل كريمة بن عبد الوهاب بن علي بن الخضر القرشية ، قال: ابنا الزبيدي الحسن والحسين معًا وابن روزبة ، أخبرنا أبو الوقت سماعًا، وقال ابن مميل، وكريمة أجازناه أبو الوقت بالسند المتقدم رحمهم الله أجمعين.

وهذه الأسانيد كلها عالية ورجالها مشاهير، وبالله التوفيق.

سمعت أيضًا جميع هذا الجامع كاملًا من أوله إلى آخره عودًا بعد بدء على الشيخ العدل المبرز مقدم الموثقين المجيدين بسبته، ورئيس جماعتهم أبي فارس عبد العزيز ابن الشيخ الفقيه المحدث الضابط أبي إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز ابن أحمد بن عبد الرحمن بن رينيه الهواري الجزري الأصل من جزيرة شقر نظر بلنسية جبرها الله تعالى التلمساني المولد السبتي الاستيطان ، والوفاة رحمه الله تعالى ،

ص: 74

وصح لنا السماع الثاني ، وكمل في جمادى الأول سنة تسع وثمانين وست مائة، بحق سماعه لجميعه من لفظ الشيخ الفقيه القاضي الجليل أبي مروان محمد بن أبي عمر أحمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الله الرواية ابن محمد ابن علي بن شريعة رفاعة بن صخر بن سماعة اللخمي الباجي رحمه الله تعالى، وصح ذلك وثبت في شهر رمضان المعظم سنة ثلاث وثلاثين وست مائة، بحق سماعه من الشيخ الفقيه الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله بن يحيى بن الجد العمري بداره بإشبيلية جبرها الله تعالى، بحق سماعه من الخطيب المقري أبي الحسن شريح بن محمد ابن شريح الرعيني، ومن القاضي أبي القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن منظور القيسي جميعًا، قال شريح بن محمد: سمعت جميعه على أبي عبد الله محمد، وعلى أبي عبد الله محمد بن منظور جميعًا، وقال القاضي أبو القاسم: سمعت جميعا، على حفيد عم أبي عبد الله محمد بن منظور هو المذكور، بحق سماع المحمدين من أبي ذر عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الهروي بمكة شرفها الله تعالى في سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، بحق سماعه على أبي محمد الحمويي المذكور في سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة بهراة، وعلى أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن أحمد بن إبراهيم ابن أحمد داود المستملي البلخي، ببلخ في سنة أربع وسبعين بعدها، وقيل بل كمل هذا السماع في سنة خمس وسبعين، وعلي أبي الهيثم الكشميهني المذكور بكشميهن سنة تسع وثمانين وثلاث مائة، بحق سماع ثلاثتهم من أبي عبد الله الفربري المذكور رحمه الله عليهم أجمعين، وحدثنا أيضًا بجميعه شيخنا العدل أبو فارس، المذكور ، عن الشيخ الأثير المحدث الرئيس أبي الحسن علي بن محمد بن علي ابن الشاهد بن علي بن عدنان، وصح ذلك وثبت عام ثمانية وثلاثين وست مائة بجامع سبته الأعظم، بقراءة الكاتب البليغ الفاضل أبي الحسين علي بن محمد الرعيني، خلا من كتاب الحيض، من الجامع المذكور، إلى باب وقت العصر، فإنه كان بقراءة

ص: 75

شيخنا أبي فارس المذكور، بحق سماع أبي الحسن لجميعه، علي الزاهد أبي محمد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله الحجري، بقراءة الإمام الفاضل الحسيب أبي العباس اللخمي ثم العزفي، رحمه الله تعالى، في عام تسعين وخمس مائة، بحق قراءة ابن عبيد الله لجميعه، على الخطيب أبي الحسن شريح المذكور، في شهر رمضان المعظم سنة أربع وثلاثين وخمس مائة، في أحد وعشرين مجلسًا بسنده المتقدم ولأبي محمد ابن عبيد الله في هذا الجامع طرق غير ما ذكر، وللشاري أيضًا طرق غير ما ذكر، وبالله التوفيق.

وسمعت أيضًا جميع هذا الكتاب كاملًا على السيد الشريف الحسيب النسيب التاريخي الفاضل أبي علي الحين ابن السيد الشريف، الفقيه الأجل أبي التقي طاهر ابن الشيخ الفقيه القاضي الأعدل أبي الشرف بيع ابن الشيخ الأجل الخطيب الأديب أبي الحسن علي المنعوت بالمكين أبن أحمد بن علي ابن أبي الطاهر بن حسين ابن موهوب بن أحمد بن محمد بن طاهر بن الحسين بن علي بن محمد بن علي ابن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسيني بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، القرشي الهاشمي العدل ثم الحسيني، رحمه الله تعالى ونضر وجهه، بمقصورة جامع سبته الأعظم الله بذكره وحرسها، وصح ذلك وثبت سنة تسعين وست مائة، بحق سماعه لجميعه على القاضي العدل أبي الحسن علي بن عبد الله ابن محمد الأنصاري ابن قطرال، وصح ذلك وثبت في عام ثمانية وثلاثين وست مائة بجامع سبته الأعظم عمره الله بذكره، ولم يجزه القاضي أبو الحسن هذا رحمهما الله تعالى.

وأخبرنا أيضًا بهذا الجامع الخطيب الصالح أبو عبد الله ابن صالح، رحمه الله تعالى فيما شافهنا به من إذنه، وأقر لنا بروايته قال: سمعت جميعه على أبي الحسن ابن قطرال هو المذكور إلا يسيرًا منه أخذته بالمناولة والإجازة قال: وأجازني جميع ما يرويه بحق سماع ابن قطرال لجميعه على نجيه بن يحيى الرعيني، بسماعه من أبي الحسن شريح بن محمد المذكور بسنده المتقدم، وبحق قراءة ابن قطرال أيضًا

ص: 76

لبعضه على أبي محمد عبد الحق ابن أبي مروان بن بونة، وتناوله لسائره من يده، بسماعه لجميعه علي أبي بحر الأسدي بقراءة أبيه أبي مروان، بقراءة أبي بحر، على أبي العباس العذري، بسماعه بمكة شرفها الله تعالى، على أبي ذر المذكور بسنده رحمهم الله أجمعين.

وحدثنا أيضًا به السيد الشريف أبو علي المذكور، عن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله الأزدي السبتي قراءة عليه لبعضه، ومناولة لجميعه بحق سماعه لجميعه من الزاهد أبي محمد بن عبيد الله الحجري، رحمهم الله تعالى.

وإسناد هذا السيد الشريف في هذا الجامع إسناد جليل، ورجاله كلهم مشاهير، وقد جمعهم شيخنا الإمام العلامة أبو القاسم بن عبد الله الأنصاري في جزء وسمه: بالإشراف على أعلي شرف في التعريف برجال سند البخاري، من طريق الشريف أبي علي ابن أبي الشرف، وسمعته من فلق فيه سنة تسعين وست مائة، وبالله التوفيق.

وسمعت أيضًا جملة من هذا الجامع تفقهًا على المقري أبي القاسم محمد ابن عبد الرحيم القيسي، وكذلك طائفة أخري من غير تفقه على العدل أبي محمد ما يرويه، وحدثاني به عن أبي عبد الله الأزدي المذكور، بسنده المتقدم، رحمهم الله أجمعين، وبالله التوفيق.

وسمعت أيضًا طائفة من هذا الكتاب تفقهًا على العلامة الأوحد خاتمة المعربين أبي الحسين ابن أبي الربيع، رحمه الله تعالى، وأجازنا سائره، وحدثنا به، عن قاضي الجماعة أبي القاسم ابن بقي إجازة، عن أبي الحسن شريح بن محمد المذكور إجازة بسنده المتقدم، وحدثنًا أيضًا به عن أبي عبد الله بن خلفون، عن أبي عبد الله ابن زرقون، عن أبي عبد الله الخولاني، عن أبي ذر، بسنده المتقدم، وهذا الإسناد كله إجازة إلى أبي ذر، رحمه الله عليهم أجمعين.

ص: 77

وقد أخبرنا بجميع الكتاب المذكور عن رواية أبي ذر المذكور الشيخ الفقيه الصالح مفتي الحجيج رضي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد، فيما شافهنا به من إذنه بحرم الله الشريف، قال: سمعت جميعه ، عن أبي القاسم عبد الرحمن بن فتوح ابن بنين المكي الكاتب، خلا من قول المصنف باب قول الله عز وجل {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [الأعراف: 85] إلى قوله: باب مبعث البني صلى الله عليه وسلم، وأجازني الفوت بحق سماعه لجميعه من أبي الحسن علي بن حميد بن عمار الطرابلسي، بحق سماعه من أبي مكتوم عيسي ابن أبي ذر المذكور، بسماعه من أبيه بسنده المتقدم وبالله التوفيق.

وهذه الأسانيد الثلاثة إلى أبي ذر عالية ساويت بها السيد الشريف أبا علي والعدل أبا فارس، وأبا القاسم المقري، والفرضي أبا محمد، رحمهم الله جميعهم.

تقييد ما يحتاج إلى ضبطه في أسانيد هذا الكتاب المتقدمة، فمن ذلك، الفربري، هو فتح الفاء وبكسرها معًا، والأشهر فيه عند المشائخ الفتح، وبالوجهين قرأناه وسمعناه.

والحمويي، بفتح الحاء وضم الميم، وسكون الواو وكسر الياء الخفيفة بعدها ياء أخري ساكنة، على المتعارف، وهكذا قرأناه ، وسمعناه، وقاله: بعض أهل الحديث الحمودي، بفتح الحاء والميم المشدودة وكسر الواو.

وحمويه، بفتح الحاء المهملة ، وضم الميم المشدودة ، وسكون الواو ، وفتح الياء المجمعة باثنتين من تحتها بعدها هاء ساكنة، هكذا قرأناه وسمعناه على غير واحد، وهو معدول عن محمد بلسان الفرس، وقال القاضي عياض، رحمه الله تعالى: إن العرب تقوله حموية بفتح الواو، وخلافًا للعجم مثل سبيويه ونفطويه، ونحو ذلك.

ص: 78

وأخبرنا العلامة الفاضل رئيس الكتاب كمال الدين أبو العباس أحمد ابن أبي الفتح ابن محمود ابن أبي الوحش الشيباني، بقراءتي عليه بمنزله من دمشق المحروسة ليلًا، قال: أخبرنا الإمام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن ، المعروف بابن الصلاح ، سماعًا في سنة ثمان وثلاثين وست مائة، قال: وقد ذكر زيلوية، وقد قيده لنا الراوي لحديثه بكسر الزاي وياء لينه وضم اللام وسكون الواو وفتح الياء، قال: وهو في هذا لاحق بنظائره مثل عمرويه ونقطويه، وفيه ما فيها، فأهل العربية يقولونها بواو مفتوحة مفتوح ما قبلها ساكن ما بعدها، ومن ينحو بها نحو الفارسية يقولها بواو ساكنة مضموم ما قبلها مفتوح ما بعدها، وآخرها هاء على كل قول والتاء خطأ، قال التقي المذكور، سمعت الحافظ أبا عبد القادر بن عبد الله رضي الله عنه ، يقول: سمعت الحافظ أبا العلاء ، يقول: أهل الحديث لا يحبون ويه، أي يقولون نفطوية مثلًا بواو ساكنة تفاديًا من أن يقع في آخر الكلمة ويه ، والله تعالى أعلم.

والكشميهني، بضم الكاف وسكون الشين المعجمة وكسر الميم بعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها لينه وفتح الهاء بعدها نون وياء النسبة هذا هو الأشهر، وقد قيل أيضًا في هذه النسبة كشماهني بفتح الميم وألف بدل الياء.

والبوشنجي، بضم الباء الموحدة العجيمة، والفرس تجعل لهذا الحرف علامة ثلاث نقط فرقًا بينه وبين الباء الخالصة، وبعد الواو الساكنة شين معجمة على الأشهر الأعرف، وهكذا سمعناه على غير واحد من أهل الحديث، وضبطه بعضهم بالسين المهملة، وكذلك قيده الأمير أبو نصر ابن مأكولا في رواية أبي الطاهر السلفي من كتابة الإكمال، وبالمهملة قيده البكري في كتابة الموسم بمعجم ما استعجم وكذلك يقوله معظم الأندلسيين، وبالله التوفيق.

ص: 79

وشيرازاذ بكسر الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف ، وفتح الراء بعدها أختها مفتوحة أيضًا وبعد الألف زال معجمة.

والداوودي نسبة إلى جده، هكذا قيده المتقنون بواوين، وجعلوه في ترجمه واحدة مع الدوادي، وأصل داوود المنسوب إليه أن يكون بواوين، لكن حذفت إحداهما من الاسم للتخفيف وكثرة الاستعمال، وذلك جائز عند العرب، نص عليه غير واحد من أهل هذا الشأن، أما حذفها من النسب، فزعم ابن هاشم السبتي النحوي اللغوي أنه غير جائز، وعلل ذلك بقلة استعمال هذا النسب، هكذا، وقد قيده بعض المحدثين بواو واحدة، وكلاهما عندي صحيح، والله تعالى أعلم.

وكريمة بفتح الكاف وكسر الراء بعدها ياء آخر الحروف.

والسجزي بفتح السين اليابسة وسكون الجيم نسبة إلى سجستان على غير قياس.

والبوصيري بضم الباء الموحدة وسكون الواو وكسر الصاد المهملة بعدها ياء آخر الحروف وراء مهملة وياء النسبة منسوب إلى بوصير قوريدس، ويقال كوريدس في كورة البوصيرية بمصر أيضًا بوصير بالفيوم، وبها قتل مروان الجعدي، أخر خلفاء بني أمية بالمشرق، وبها أيضًا بوصير السدر من أعمال الجيزة وبها أيضًا بوصير بنا من كورة السمنودية، والله تعالى أعلم.

والتوزري بتقديم الزاي على أختها نسبة إلى توزر مدينة شهيرة من أعمال قسطيلية من بلاد إفريقية، وتستفاد من تورز المدينة المشهورة بالعراق، وهي بتقديم الراء على الزاي عكس ما تقدم.

ص: 80

والشقاري بضم الشين المعجمة وفتح القاف اللينة وبعد الألف راء وياء النسبة ، وبالله التوفيق.

وهذا الجامع الصحيح أحد كتب الإسلام المعتمدة، وهو أصحها وأكثرها فوائد وأعظمها نفعًا، وأشهرها بركة، فقد صح وثبت أنه إذ قرئ لشدة رجاء تفريجها يفرجها الله عز وجل، ورأيت أهل العلم والخير يقصدون ذلك بقراءته عند الشدائد شرقًا وغربًا، وفي ذلك قال الأديب أبو الحسن علي بن الكندي، ونقلت ذلك من خطه بدمشق المحروسة:

صَحيَح الْبُخَارِيِّ واظب علَي

تحفّظه وَارْوِ فِي المَشاهْد

فذَام المجَّربُ دِرياقُهُ

لِدَفِع سُموِم أفاعي الشدائدْ

وحقيق لهذا التصنيف الشريف أن يكون كذلك لما روي عن الفربري رحمه الله تعالى من أنه قال: قال لي محمد بن إسماعيل البخاري،: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل وصليت ركعتين.

وروي أيضًا أنه دون تراجمه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره، وأنه كان يصلي لكل ترجمة ركعتين، وأنه قال: خرجته من ست مائة ألف حديث، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى.

وروي عن الحافظ أبي نصر الوائلي السجزي أنه قال: أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم أن رجلًا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله " لا شك فيه أنه لا يحنث، والمرأة بحالها في حبالته.

وروي أيضًا أنه ألف كتابه هذا عرضه على علي بن المديني، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، فاستحسنوه فكلهم، قال له: كتابك صحيح، إلا أربعة

ص: 81

أحاديث، قيل: والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة والله أعلم.

لأنه كان كثير الانتقاء والتحري، فقد روي عنه أن قال: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول، وأنه قال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح، وجمله ما في كتابه هذا سبعة آلاف حديث ومائتان وخمسة وسبعون حديثًا بالأحاديث المكررة، لأنهم يقرءون الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين، وقد قيل، إن أحاديثه بإسقاط المكررة أربعة آلاف حديث، والله تعالى أعلم.

ومن كثرة جده واجتهاده رحمه الله تعالى ما روي، أنه قام في ليلة واحدة ثمان عشرة مرة يسرج ويعلق ما يتذكر.

أخبرنا بذلك مسند الشام الناصر أبو حفص الطائي الدمشقي سماعًا بها ، قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني قرئ عليه وأنا حاضر في الرابعة سنة تسع وست مائة ، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي ، قال: أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن طلاب ، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد هو أبو سعيد ، قال: حدثنا محمد بن يوسف البخاري، قال: كنت عند محمد بن إسماعيل البخاري بمنزله ذات ليلة فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ثمانية عشر مرة.

وروي عن الفربري أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: أين تريد؟ فقلت، أريد محمد بن إسماعيل البخاري، فقال: أقره مني السلام.

وروي عن النجم ابن فضيل البخاري أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمشي، كلما رفع قدمه وضع محمد بن إسماعيل قدمه في ذلك الموضع، والله تعالى أعلم.

ص: 82

وكان من جمله الوصية التي أوصاني بها التقي الفاضل أبو العباس ابن تيمية أنه قال: ما في الكتب المصنفة المبوبة كتاب أنفع من صحيح محمد بن إسماعيل، وصدق ابن تميمية، والله تعالى يفهمنا ما فيه، ويرشدنا للعمل بمقتضاه بمنه وكرمه.

ومما يستحسن أن يقال إثر ختم هذا الكتاب ما روينا عن أبي الهيثم الكشميهني رحمه الله أنه كان يقوله عند ختمه له وهو: الحمد لله حمد معترف بذنبه ومستأنس بربه، جعل فاقته إليه واعتمد بالعفو عليه، بره يقدمه وذنوبه تقلقله، روح قلبه بذكره، وطاش عقله من جرمه، لا يوجد في أحواله إلا قلقًا، وطائر القلب فرقًا، خوفًا من النار وفضيحة العار وغضب الملك الجبار، إذا ميز الأخيار والأشرار وجئ بالجنة والنار، وبدلت الأرض، وانشقت السماوات، وتناثرت النجوم الزاهرات، وانتظر المحشور ما يكون في ذلك اليوم، يوم وأي يوم، يوم يفزع من ولهه المحسنون.

ويغرق في بحاره المسيئون، في يوم تلاحقت أوجاله، وترادفت أهواله، ونادي المنادي باسمك تدعي إلى الحساب، والي قراءة ما حصلت في ذلك الكتاب وتقام بين يديه عاصيًا: وتقدم إليه خطائنًا، فإما مغفور لك، فصرت إلى الجنة مسرورًا، وإما مسخوط عليك، فصرت إلى النار مأسورًا، نعوذ بالله من الناصر، ونسأله البعد منها، فإنه ملك كريم جواد رحيم، وصلي الله على محمد البني وآله وسلم تسليمًا وبالله التوفيق.

كتاب المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصنيف الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم المصري القيسي الهوازني القشيري، مولي قشير بن كعب النيسابوري الحافظ، رحمه الله تعالى ورضي عنه.

ص: 83

سمعت جميعه كاملًا من أوله إلى آخره بحرم الله الشريف خلف قبه الشراب على الشيخ الفقيه الصالح الزاهد العابد المخبت عماد الدين أبي محمد وأبي الحسن معًا عبد الرحمن بن محمد بن علي بن الحسين بن علي المكي المعروف بابن الطبري سبط الإمام الفاضل إمام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام سليمان بن خليل العسقلاني ثم المكي رحمه الله تعالى، وصح لنا ذلك ، وثبت في عدة مجالس أولها يوم الأربعاء عاشر شوال من سنة ست وتسعين وست مائة، وآخرها يوم الجمعة غرة ذي حجة من السنة المذكورة، وذلك ببيت الشيخ الذي يعتكف فيه خلف قبة الشراب المذكورة المنسوبة للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، بحق سماعه لجميعه على الشيخ الفقيه الإمام الفاضل العالم شرف الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل السلمي، بقراءة الفقيه محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد ابن أبي بكر الطبري، وبقراءة الفقيه الإمام فخر الدين أبي محمد عبد الكريم بن عبد الله الكردي، في أوقات مختلفة، وكمل له السماع بالقراءتين، وصح وثبت في مجالس آخرها الثالث والعشرون لشهر رجب المكرم من سنة ست وثلاثين وست مائة عند باب إبراهيم من الحرم الشريف بحق سماعه لجميعه على أبي الحسن المؤيد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي صالح الطوسي الأصل النيسابوري الدار والوفاة بنيسابور سنة سبع وست مائة، بحق سماعه من الفقيه أبي عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أحمد الصاعدي الفراوي النيسابوري، وهو آخر من بقي من أصحابه، وآخر الرواة عنه، بحق سماعه من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد بن سعيد الفارسي في سنة ثمان وأربعين وأربع مائة، بسماعه من أبي أحمد بن عيسي الجلودي سنة خمس وستين وثلاث مائة، بسماعه من أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري، الفقيه الزاهد المجاب الدعوة وهو آخر من روي عنه الثقاب، وكل من حدث بالصحيح بعده عن إبراهيم فهو غير ثقة، بسماع إبراهيم من لفظ مسلم رحمه الله عليهم أجمعين.

ولإبراهيم فيه فوت يحمله عنه بالإجازة أو بالوجادة، وهو ما أخبرنا به

ص: 84

إجازة في الجملة الكمال أبو العباس الشيباني، عن التفي أبي عمرو بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح رحمه الله تعالى، قال: فوت الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن سيفان في كتاب مسلم في ثلاثة مواضع.

أَوَّلُهَا: فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي بَابِ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، بِرِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ قال أبو عمرو: شاهدت في أصل الحافظ أبي القاسم الدمشقي هو ابن عساكر بخطة ما صورته: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، الْحَدِيثَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي أَصْلٍ بِخَطِّ أَبِي عَامِرٍ الْعَبْدَرِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، قَالَ: وَشَاهَدْتُ عِنْدَهُ فِي أَصْلٍ قَدِيمٍ مَأْخُوذٍ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْجُلُودِيِّ مَا صَوَّرْتُهُ: مَا هَاهُنَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ، حَدَّثَكُمْ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُسْلِمٍ، وَكَذَا كَانَ فِي كِتَابِهِ إِلَى الْعَلَامَةِ ، قَالَ الشَّيْخُ وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ هي بعد ثمان ورقات أو نحوها عند أول حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى السَّفَرِ كَبَّرَ ثَلَاثًا " ، وَعِنْدَهَا فِي الْأَصْلِ الْمَأْخُوذِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَمَا صَوَّرْتُهُ إِلَى هُنَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ يَعْنِي عَلَى الْجُلُودِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ وَمِنْ هُنَا ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، وَفِي أَصْلِ الْحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ عِنْدَهَا بِخَطِّهِ مِنْ هُنَا ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، وَإِلَى هُنَا شَكَّ الْفَائِتُ الثَّانِي: لِإِبْرَاهِيمَ، أَوَّلُهُ فِي أَوَّلِ الْوَصَايَا قَوْلُ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ» ، إِلَى قَوْلِهِ فِي آخِرِ حَدِيثٍ رَوَاهُ فِي قِصَّةِ حُوَيْصَةَ

ص: 85

وَمُحَيْصَةَ فِي الْقَسَامَةِ حدثني إسحاق بن منصور أخبرنا بشر بن عمر قال: سمعا مالك بن أنس، الحديث، وهو مقدار عشر ورقات، ففي الأصل المأخوذ عن الجلودي والأصل الذي بخط الحافظ أبي عامر العبدري ذكر انتهاء هذا الفوت عند أول هذا الحديث وعود قول إبراهيم حدثنا مسلم، وفي أصل الحافظ أبي القاسم الدمشقي شبه التردد في أن هذا الحديث داخل في الفوت أو غير داخل فيه، والاعتماد على الأول.

الفائت الثالث أوله قول مسلم في أحاديث الإمارة والخلافة حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ» ، وَيَمْتَدُّ إِلَى قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ حَدِيثَ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ «إِذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ» ، فَمِنْ أَوَّلِ الْحَدِيثِ عَادَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ وَهَذَا الفوت أكثرها وهو نحو ثمان عشرة ورقة، وفي أوله بخط الحافظ الكبير أبي حازم العبدوي النيسابوري، وكان يروي الكتاب عن محمد بن يزيد العدل، عن إبراهيم ما صورته:

ص: 86

من هنا يقول إبراهيم قال مسلم، وهو في الأصل المأخوذ عن الجلودي، وأصل أبي عامر العبدري، وأصل أبي القاسم الدمشقي بكلمة عن، وهكذا في الفائت الذي سبق في الأصل المأخوذ عن الجلودي، وأصل أبي عامر أبي القاسم، وذلك يحتمل كونه روي ذلك عن مسلم بالوجادة ويحتمل الإجازة، ولكن في بعض النسخ التصريح في بعض ذلك أو كله يكون ذلك عن مسلم بالإجازة، والله أعلم.

انتهي ما قاله الإمام تقي الدين أبو عمرو المذكور، وقد أغفل التنبيه على هذا الفوت كثير من أعلام مشائخ الغرب، وأطلقوا القول في سماع إبراهيم لجميع الكتاب وإطلاقهم غير صحيح، والله تعالى أعلم، وهو ولي التوفيق.

وقرأت ستين حديثًا منتقاة من رباعيات هذا المسند العوالي على الشيخ الأجل العدل شرف الدين أبي الفضل أحمد بن هبه الله العساكري، بكلاسة الجامع الأموي عمره الله بذكره من محروسة دمشق، وذلك أول شيء قرأته على هذا الشيخ، وأجازني جميع الكتاب معينًا قال: أنبأنا به أبو الحسن المؤيد بن محمد الطوسي في شهور سنة أربع عشرة وست مائة بسنده المتقدم، وهذا أعلي الممكن في هذا الكتاب في هذا التاريخ في جميع أقطار الأرض كلها، وكان الشرف هذا قد انفرد بالرواية على المؤيد المذكور، فلم يكن في الحجاز ولا في الشام ، ولا في مصر ولا الصعيد الأعلى ولا في جميع ما دخلته من البلاد زمن رحلتي من يروي عنه غيره، والله تعالى أعلم.

وقرأت أيضًا الأحاديث الستين المذكورة على قاضي قضاه المالكية بالشام الإمام الأوحد المفتي جمال الدين أبي عبد الله محمد بن الأجل أبي داود سليمان بن سومر الزواوي، وصح ذلك وثبت بمدرسة المالكية من دمشق، وأجازنا سائر

ص: 87

الكتاب معينًا بحق سماعه لجميعه من أبي عبد الله السلمي المذكور بسنده ،وأخبرنا أيضًا بجميع هذا السند المعين أبو محمد عبد الرازق رحمه الله تعالى بن عبد الكريم بن علي الكناني العسقلاني ، ثم المصري الشافعي المعروف بابن الراقدة، والناصر أبو علي منصور بن أحمد بن عبد الحق القاضي المفتي ، فيما شافهنا به من إذنهما ، قال كل واحد منهما سمعت جميعه كاملًا على أبي السلمي المذكور بسنده.

وقرأت أيضًا الأحاديث الستين المذكورة على الرئيس الفاضل بدر الدين أبي عبد الله محمد ابن المحدث أبي عبد الله محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير الطائي الدمشقي ابن أخي شيخنا الناصر أبي حفص، وصح لنا ذلك وثبت بمحروسة دمشق، وأجازنا سائر الكتاب معينًا بحق سماعه لجميعه على المسند أبي العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي ، قال: أخبرنا به محمد بن صدقة الحراني ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بالسند المتقدم.

وسمعت أيضًا يسيرًا من هذا المسند الصحيح على الشيخ الفقيه الإمام العلامة النسابة أعجوبة زمانه في ذلك شرف الدين أبو محمد التوني، وأجازنا سائر الكتاب جملة ، قال: أخبرنا بجميعه الشيخان الجليلان أبو الفضل أحمد بن عبد العزيز التميمي، وأبو التقي صالح بن شجاع بن محمد المدلجي المالكيان، بقراءتي عليهما، وقراءة عليهما وأنا أسمع ، قالا: أخبرنا الشريف أبو المفاخر سعيد بن الحسين بن محمد الهاشمي العباسي المأموني ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي هو المذكور بسنده.

وأجازنا هذا المسند حملة الفخر أبو عمرو التوزري، وشمس الدين أبو عبد الله الأنصاري الجياني نزيلًا مكة المعظمة نفع الله بها، والشهاب أبو العباس بن فرج اللخمي نزيل دمشق، وقد سمعت الحديث على ثلاثتهم ، قالوا: سمعنا المسند الصحيح كاملًا على رضي الدين أبي إسحاق إبراهيم بن عمر بن مضر الواسطي، بسماعه من أبي الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد الفراوي، بسماعه من جده أبي عبد الله المذكور.

ص: 88

وأجازنيه أيضًا جملة الزين أبو محمد الفارقي، والتاج أبو محمد صالح بن ثامر الجعيري، وأبو الشمل جماعة الحلبي، قال الزين: سمعته على تقي الدين أبي عمرو ابن الصلاح، وقال التاج: سمعته على الشريف صدر الدين أبي علي الحسن بن محمد البكري، وقال الحلبي: سمعته على نظام الدين محمد بن محمد بن عثمان البلخي، بحق سماع الثلاثة التقي ، والصدر ، والنظام على المؤيد الطوسي المذكور بسنده.

وأخبرنا أيضًا به عاليًا الشيخان الثقتان المعمران ناصر الدين أبو حفص الطائي الدمشقي فيما شافهنا به من إذنه بها، والمقري محي الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن عبد المنعم بن خلف الدميري، كتابة من الفسطاط غير مرة، كلاهما عن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الصمد بن محمد ابن أبي الفضل الأنصاري الخزرجي المعروف بابن الحرستاني، قال: سمعت أكثره على أبي القاسم علي بن الحسن عساكر الدمشقي الحافظ، وسمعت جميعه أيضًا على أبي الحسن علي بن سليمان بن أحمد المرادي الأندلسي الفرغليطي ، قالا: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي سماعًا، قال ابن الحرستاني: وأجزناه أبو عبد الله الفراوي المذكور بسنده.

قلت: هو أيضًا إسناد عال بمرة، وبالله التوفيق.

وبهذا الإسناد، وبإسناد الشرف أبي الفضل ابن عساكر، ساويت من حيث العدد عماد الدين المكي، وجمال الدين الزواوي، وبدر الدين الطائي، ومعين الدين الكناني، وناصر الدين المشدالي، وشرف الدين التوني، وفخر الدين التوزري، وشمس الدين الجياني، وشهاب الدين اللخمي، وزين الدين الفارقي، وتاج الدين الجعبري، وأبا الشمل الحلبي المذكورين، وكثيرًا من أشياخنًا غيرهم، وبالله التوفيق.

ص: 89

وسمعت أيضًا طائفة من هذا الكتاب بجامع بجاية الأعظم على خطيبها ، ومقرئها أبي عبد الله بن صالح رحمه الله تعالى، وتناولت جميعه من يده، بحق سماعه له غير يسير من آخرة فإنه مناولة على الشيخ الفقيه القاضي أبي الحسن الأنصاري ابن قطرال، قال: أخبرنا الراوية أبو محمد بن بونة، ما بني قراءة ومناولة، على أبي بحر الأسدي، سماعًا علي أبي العباس العذري، قراءة وسماعًا في سنة خمس وستين وأربع مائة ، قال: قرأته على الإمام أبي العباس أحمد بن الحسن بن بندار الرازي بمكة شرفها الله تعالى سنة تسع وأربع مائة، بحق سماعه من أبي أحمد الجلودي بسنده المتقدم.

وحدثنا أيضًا به ابن صالح المذكور ، عن أبي الحسين ابن السراج مناولة ، قال: سمعت جميعه بقراءة أبي الخطاب بن دحيه علي الراوية أبي محمد ابن بونة في سنة ثمانين وخمس مائة بإشبيلية بالسند المتقدم ، قال ابن السراج أيضًا وسمعت جميعه على خالي أبي بكر ابن خير المقري، بقراءة صاحبنًا أبي أمية إسماعيل بن عفير، وله فيه أسانيد منها أنه قرأه على القاضي أبي بكر ابن العربي بإشبيلية، وعلى الخطيب أبي بكر موسي بن سيد الأموي بالجزيرة الخضراء، وتناوله من يد أبي الحسن عباد بن سرحان الشاطبي، كلهم عن إمام الحرمين أبي عبد الله الحسين بن علي الطبري، عن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي بالسند المتقدم، قال ابن السراج أيضًا: تناولته من يد أبي القاسم ابن بشكوال الحافظ، قال: سمعته على أبي بحر الأسدي في شهور سنة ثمان عشرة وخمس مائة غير ورقات فإنه أجازها لي بسنده المتقدم، قال ابن بشكوال: وقرأت جميعه على أبي محمد ابن عتاب، عن أبي القاسم حاتم بن محمد التميمي إجازة، عن أبي عمر بن محمد السجزي، عن الجلودي المذكور، وبالله التوفيق.

وسمعت أيضًا طائفة منه تفقهًا على العلامة الأوحد بقية المشايخ أبي الحسين ابن أبي الربيع القرشي رحمه الله تعالى، بقراءة صاحبنا الفقيه القاضي الأجل العارف أبي خالد محمد بن أحمد بن محمد بن رضوان بن أرقم النميري الوادي آشي رحمه الله تعالى،

ص: 90

وحدثنا به وأجازنا سائره عن أبي العباس أحمد بن محمد اللخمي ، ثم العزفي الإمام الفاضل الصالح رحمه الله تعالى، بسماعه على الزاهد أبي محمد بن عبيد الله الحجري، بسماعه على المشاور أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن زغيبة الكلابي، وانفرد في آخره عمره بالسماع منه.

بسماعه بجامع المرية على أبي العباس العذري بسنده المتقدم، وللحجري فيه طرق غير هذه.

وحدثنا أيضًا به الأستاذ أبو الحسن المذكور، عن العزفي المذكور، عن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المسعودي إجازة في سنة سبع وسبعين وخمس مائة، عن أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي المذكور.

وسمعت أيضًا طائفة من هذا الكتاب على الشيخ العدل المرز أبي محمد عبد المهيمن بن عبد الله بن محمد الأنصاري رحمه الله تعالى، وأجازنا سائره معينًا، وحدثنا به عن صهره القاضي الأعدل الراوية المعمر أبي عبد الله محمد بن عبد الله الأزدي سماعًا لأكثره، وإجازة لباقية، بحق سماعه من الحجري المذكور رحمه الله عليهم أجمعين.

ومما تقدم في إسناد هذا الكتاب مما يحتاج إلى الضبط ، والتقييد الجلودي وهو بضم الجيم هكذا رويناه على الأصح الأشهر.

والفراوي سمعناه من غير واحد من أعلام شيوخنا بضم الفاء، وأخبرنا عز الدين أبو الفداء ابن المنادي الصالحي بقراءتي عليه بالصالحية من دمشق، عن الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الغني البغدادي قال: وسمعت عبد الرشيد الطبري يقول: الفراوي ألف راوي.

قلت: وكذلك سمعت شيخنا العلامة النسابة شرف الدين التوني يقول أيضًا " الفراوي ألف راوي، ورده علينا بضم الفاء، وسمعناه أيضًا من بعض المشايخ بفتح الفاء وهو أشهر.

وأخبرنا الكمال الكاتب أبو العباس أحمد بن أبي الفتح الشيباني بقراءتي عليه بمنزله من دمشق ليلًا ، قال: أخبرنا الإمام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد

ص: 91

الرحمن المعروف بابن الصلاح قراءة عليه ونحن نسمع في يوم الأحد سلخ جمادي الأولي سنة ثمان وثلاثين وست مائة ، قال: الفراوي نسبة إلى بليدة من ثغر خراسان مما يلي خوارزم تسمي بالعجمية فراووه بواوين أولاهما مضمومة، وذكر أبو سعد بن السمعاني فيما قرأته بخطه من كتاب الأنساب له، أنه الفراوي بضم الفاء، وهكذا رأيته يضبطه بخطة مولعًا بذلك، وسألت حفيد الفراوي الشيخ أبا القاسم عن ذلك ، فقال: هو الفراوي بالفتح، قلت: ولا معدل عن هذا، فإنه المعروف المتعالم، والسمعاني لم يذكر مستندًا لخلافة.

انتهى الكلام أبي عمرو رحمه الله.

وأنبأنا الموفق أبو عبد الله الخرسي عن الزكي أبي محمد المنذري رحمه الله تعالى ، قال: وفراووه بفتح الفاء وضمها بليدة مما يلي خوارزم يقال لها ثغر فراووه، والله تعالى أعلم.

قلت: فعلى هذا يصح الضم والفتح معًا، وبالله التوفيق، والفتح أشهر حسبما قدمناه، والله تعالى أعلم.

وابن زغيبة بضم الزاي وفتح المعجمة تصغير زغبة، وبالله التوفيق.

وهذا المسند الصحيح أيضًا من كتب السنة المعتمدة في الصحة، وأول من صنف الصحيح أبو عبد الله البخاري، ثم ثلاه أبو الحسن هذا، وشاركه في أكثر شيوخه، وروينا عن أبي عمرو النصري الحافظ رحمه الله تعالى أنه قال: كتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز، وقال الحافظ أبو عبد الله الحميدي رحمه الله في كتابه الجمع بين الصحيحين: لم نجد من الأئمة الماضين رضي الله عنهم أجمعين من أفصح لنا في جميع ما جمعه بالصحة إلا هذين الإمامين، وبالله التوفيق.

وهذان الإمامان رحمهما اله إذا اتفقا على حديث قال فيه: أئمة أهل الحديث صحيح متفق عليه، يطلقون ذلك، وإن كانوا إنما يريدون به اتفاقهما لا اتفاق الأمة، وقد لزم بعض أهل العلم من ذلك اتفاق الأمة، لأن الأمة قد اتفقت على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ، والله أعلم وهو ولي التوفيق.

ص: 92

وقد فضل طائفة من أهل المغرب صحيح مسلم هذا على صحيح البخاري، منهم أبو محمد ابن حزم الحافظ لأنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودًا غير ممزج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من الأشياء التي لم يسندها أهل الوصف المشروط في الصحيح، وأيضًا فإن مسلمًا قد اختص بجمع طرق الحديث في مكان واحد، وبالله التوفيق.

وروينا عن أبي علي ابن علي الحافظ النيسابوري أستاذ الحاكم أبي عبد الله الحافظ ، أنه قال: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج، وروي عن مسلم رحمه الله ، أنه قال: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاث مائة ألف حديث مسموعة، وعنه أيضًا أنه قال: لو أن أهل الحديث يكتبون الحديث مائتي سنة فمدارهم على هذا السند، وعنه أيضًا قال: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة فما أشار على فيه أن له عله وسببًا تركته بقوله، وما قال: إنه صحيح ليس له عله فهو هذا الذي أخرجته، وعنه أيضًا قال: ما وضعت شيئًا من هذا المسند إلا بحجة، وما أسقطت منه شيئًا إلا بحجة، وبالله التوفيق.

ورئي بعض أهل الحديث في النوم وبيده جزء من صحيح مسلم هذا فقيل له ما فعل الله بك؟ فقال: نجوت بهذا، وأشار إلى الجزء، والله تعالى أعلم وهو ولي التوفيق.

تنبيه: روينا عن الحافظ أبي عمرو ابن الصلاح، رحمه الله تعالى أنه ذكر مسلمًا هذا فقال فيه: القشيري من أنفسهم، وكذلك رأيت كثيرًا من أهل الحديث يقولون فيه القيشيري مطلقًا، وأخبرنا العلامة النسابة شرف الدين أبو محمد التوني، أعجوبة زمانه في حفظ الأنساب بقراءتي عليه في بعض تخاريجه ومجموعاته إثر حديث وقع له مصافحة لمسلم رحمه الله تعالى، قال فيه: " لكأني شافهت فيه الإمام الناقد أبا الحسين مسلم بن الحجاج المصري القيسي الهوازني العامري القشيري، مولي قشير ابن كعب أخو عقيل وجعدة والحريش، أولاد كعب أخي كلاب ، وكليب وعامر والد البكاء واسمه ربيعه، أولاد ربيع أخي هلال وتمير وسواءة، أولاد عامر أخي مازن وعائذ ووائل ومرة، رهط سلول، أولاد صعصعة، أخي جشم ونصر، أولاد معاوية،

ص: 93

أخي سعيد، رضعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ومنبه أبي ثقيف أولاد بكر بن هوازن أخي سليم ومازن، أولاد منصور بن عكرمة أخي محارب ابني خصفة، أخي عمرو أبي جديلة، وهم فهم وعدوان، وأخي سعد أيضًا رهط غطفان وباهلة، وغني، ثلاثتهم خصفة وعمرو وسعد، أولاد قيس بن غيلان، واسمه الناس بالنون وغيلان عبد كان لأبيه حضنه فنسب إليه، أخي إلياس جماع خندف ابني مضر، أخي ربيعه، وهما الصريحان من ولد إسماعيل، وأخي أنمار وإياد أيضًا، أربعتهم أولاد نزار بن معد بن عدنان النيسابوري الحافظ رضي الله عنه، ولكأني سمعته منه وصافحته به، وكانت وفاته فيما حكاه الحافظ أبو عبد الله النيسابوري الحاكم، عن أبي عبد الله بن يعقوب الحافظ في عشية يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين، والله المحمود المشكور، انتهى كلام الشرف التوني، وقال فيه مولي قشير حسبما تقدم وهو حجة في هذا الباب، والله تعالى أعلم بالصواب، وهو ولي التوفيق.

كتاب السنن: تصنيف الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران الأزدي، من أنفسهم، السجستاني، مستوطن البصرة، رحمه الله تعالى.

قرأت بعضه على المقري أبي القاسم ابن أبي القاسم ابن أبي السعود ابن أبي العباس القيسي ، ثم العبسي الجزري رحمه الله تعالى، وسمعت عليه باقية، فكمل لي جميعه ما بين قراءة وسماع بالروايات الثلاث، رواية ابن داسة والرملي، وابن الأعرابي، رحمهم الله تعالى، وصح لنا ذلك وثبت ببلدنا سبته حرسها الله تعالى في مجالس آخرها في شهر ربيع الأول المبارك من سنة إحدى وتسعين وست مائة، بحق سماعه لجميعه على الحاج أبي عمرو عثمان بن محمد بن عبد الله العبدري، بقراءة أبي

ص: 94

عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي المعروف بالنولي، رحمه الله تعالى في مدة آخرها شهر ربيع الأول المبارك من سنة إحدى وستين وست مائة، وبإجازته من الثقة العدل الراوية أبي العباس أحمد بن يوسف بن فرتون السلمي، بسماعهما معًا على الفقه المقري الضابط اللغوي النحوي أبي ذر معصب ابن الشيخ الإمام المقري الفاضل أبي عبد الله محمد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود الخشني ، قال: أخبرنا الفقيه المحدث أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن النميري، بحق قراءته على الفقيه الحافظ أبي بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عطية المحاربي، بحق سماعه عن الحافظ أبي علي الحسين بن محمد بن أحمد الغساني، بحق قراءته على الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر سنة ثلاث وخمسين ، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد المؤمن المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بكر بن داسة البصري بالبصرة سنة أربعين وثلاث مائة.

قال أبو عمر النمري: وقرأته أيضًا على أبي زيد عبد الرحمن بن يحيى المعروف بالعطار سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة ، قال: حدثنا أبو عمر أحمد بن سعيد بن حزم سنة تسع وأربعين وثلاث مائة ، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي بمكة سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة.

وقال الحافظ أبو علي الغساني وحدثني به أيضًا الشيخ الصالح أبو العاصي حكم بن محمد ، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد بن غالب التمار بمصر ، قال: حدثنا أبو سعيد ابن الأعرابي ، هو المذكور، قال أبو عمر النمري وحدثني به أبو عثمان سعيد بن عثمان النحوي ، قال: حدثنا أبو عمر أحمد بن دحيم ابن خليل ، قال: حدثنا أبو عيسي إسحاق بن موسي الرملي وراق أبي داود ببغداد سنة سبع عشر وثلاث مائة، قال أبو بكر بن داسة، وأبو سعيد بن الأعرابي ، وأبو عيسي الرملي المذكورين، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، رحمه الله تعالى.

قلت: وليس في رواية أبي سعيد ابن الأعرابي كتاب الفتن، والملاحم، والحروب، والخاتم، وسقط عنه من كتاب اللباس نحو نصفه، وفاته من كتاب

ص: 95

الوضوء، والصلاة، والنكاح، ومواضع كثيرة تشتمل على أوراق عدة.

كتب أحمد بن سعيد بن حزم المذكور أكثر ذلك على حميد بن ثوابة، عن أبي عيسي الرملي، وروي بعضها ابن الأعرابي المذكور، عن أبي أسامة محمد بن عبد الملك، عن أبي داود، ورواية أبي بكر بن داسة المذكورة أكمل الروايات كلها، ورواية أبي عيسي الرملي تقاربها، وأصح روايات الكتاب كلها وهي آخر ما أملي أبو داود رحمه الله رواية أبي علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي البصري، وعليها مات أبو داود.

وأخبرنا بها المقري أبو القاسم العبسي المذكور سماعًا لما وافق منا الروايات المذكورة، وإجازة لما خالفها ، قال: أخبرنا بها القاضي العدل أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأزدي فيما أذن لنا فيه ، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد إذنا ، قال: أخبرنا بالجزء الثاني من الكتاب من تجزئة اثنين وثلاثين جزءا الشيخان أبو البدر إبراهيم بن محمد بن منصور الكرخي، وأبو الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الرومي، وبالجزء الثالث والرابع والسابع والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والخامس عشر والسادس عشر والثالث والعشرين والحادي والثلاثين أبو الفتح المذكور، وبالجزء الأول وبباقي الكتاب أبو البدر المذكور ، قالا جميعًا أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قراءة عليه ، قال: أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ، قال: حدثنا أبو داود رحمهم الله أجمعين.

وأخبرنا أيضًا بهذه الرواية شفاهًا بمكة شرفها الله تعالى الشيخان الإمامان شمس الدين أبو عبد الله محمد بن غالب الجياني الشافعي، وفخر الدين أبو عمرو عثمان بن محمد التوزري المالكي نزيلا مكة المعظمة، قال أبو عبد الله سمعت جميعها على الشيخ الصالح جمال الدين يوسف يعقوب بن عثمان ابن أبي طاهر، وعلى الشيخ الإمام شرف الدين أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين

ص: 96

الأربليين، بحق سماعهما معًا لجميعها من أبي حفص عمر بن محمد بن طبرزد بالسند المتقدم سواء، وقال أبو عمرة المذكور قرأت جميعها مرات على أبي الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني، وعلى شهاب الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن يوسف ابن يحيى بن العلم ، قالا: أخبرنا عمر بن طبرزد هو المذكور بالسند المتقدم ، غير أن فخر الدين هذا لم يثبت السماع في جميع الأجزاء على ما تقدم من الترتيب، بل ذكر أن ابن طبرزد المذكور، إنما سمع العاشر ، وما بعده إلى آخره الثالث عشر على إبراهيم بن محمد المذكور، وفيما تقدم أنه سمعها على مفلح واتفقا في الباقي، والله تعالى أعلم.

وأخبرنا أيضًا عاليًا بجميع هذا الكتاب من هذه الرواية الإمام العلامة النسابة شرف الدين أبو محمد التوني، فيما شافهنا به من إذنه ، قال: سمعت جميعه على الشيخ المعمر أبي الحسن علي ابن أبي عبد الله بن علي بن منصور بن المقير البغدادي ، وحدثني به عن أبي المعالي الفضل بن سهل بن بشر الإسفراييني، عن أبي بكر أحمد ابن علي بن ثابت الخطيب، رحمه الله تعالى بالسند المتقدم، وهذا إسناد عال، وهو أعلى ما يقع لأمثالنا في هذا الكتاب في هذا التاريخ، وقد كتب إلينا عامًّا الفخر أبو الحسن ابن المقدسي، عن ابن طبرزد المذكور، وبالله التوفيق.

وهذا الكتاب هو كتاب الفقهاء أصحاب المسائل لأنهم يجدون فيه ما يحتاجون إليه في كل باب من أبواب الفقه مما يشهد لهم بصحة ما ذهبوا إليه، وليس يوجد في كتب السنة مثله في هذا الفن، وقد احتوى من أحاديث الأحكام على أربعة آلاف وثمان مائة على الأصح، انتقاها من حديث كثير.

أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ الشَّيْخُ الْمُسْنِدُ الرَّحَّالَةُ الصَّدُوقُ نَاصِرُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الطَّائِيُّ الدِّمَشْقِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِهَا ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْخُ الْقُضَاةِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْحَرَسْتَانِيُّ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ فِي الرَّابِعَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّ مِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طَلَّابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ

ص: 97

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمَيْعٍ الْغَسَّانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِمَكَّةَ ، يَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنَ الْأَشْعَثِ بْنِ بِشْرِ بْنِ شَدَّادٍ السِّجِسْتَانِيَّ بِالْبَصْرَةِ، وَسُئِلَ عَنْ رِسَالَتِهِ الَّتِي كَتَبَهَا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا جَوَابًا لَهُمْ، فَأَمْلَى عَلَيْنَا: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، أَمَّا بَعْدُ عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ آلَافٍ وَالثَّمَانُ مِائَةِ حَدِيثٍ كُلُّهَا مِنَ الْأَحْكَامِ، فَأَمَّا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنَ الزُّهْدِ وَالْفَضَائِلِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا، فَلَمْ أُخَرِّجْهَا، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عِيسَى الرَّمْلِيِّ الْمَذْكُورِ وَرَّاقِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي دَاوُدَ مَا خَرَّجْتَ هَذِهِ السُّنَنَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ كَثِيرٍ، قَالَ: فَقَالَ لِي: أَوَ قَدْ فَطِنْتَ لِذَلِكَ؟ مَا خَرَّجَ إِلَّا مِنْ ثَلاثِ مِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ وَنَيِّفٍ وَسِتِّينَ أَلْفِ حَدِيثٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ الْمَذْكُورِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: «كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ مِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ، انْتَخَبْتُ مِنْهَا مَا ضَمَّنْتُ هَذَا الْكِتَابَ، جَمَعْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ حَدِيثٍ، ذَكَرْتُ الصَّحِيحَ وَمَا أَشْبَهَهُ وَمَا يُقَارِبُهُ، وَيَكْفِي الْإِنْسَانَ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ، حَدِيثُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ، وَحَدِيثُ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ، وَحَدِيثُ لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَرْضَى لِأَخِيهِ مَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ، وَحَدِيثُ» الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ "، الْحَدِيثَ قلت: وقد خرج أبو عمر والداني المقري هذه الأحاديث الأربعة في جزء سمعته على ابن صالح، ويأتي ذكر سنده فيه إن شاء الله تعالى، وقد ذكرت في كتاب مستفاد الرحلة والاغتراب في ترجمة أبي العباس البطرني المقري الأحاديث التي قيل

ص: 98

فيها إنها أصول الإسلام، أو أصول الدين، أو عليها مدار الإسلام، أو مدار الفقه أو العلم، وبلغ جميع ما ذكرته هناك منها ستة وعشرين حديثًا، وبالله التوفيق.

روي عن أبي عمر بن عبد البر الحافظ أنه سأل أبا القاسم خلف بن قاسم الحافظ ، فقال له: أي كتاب أحب إليك في السنن، كتاب أحمد بن شعيب، أو كتاب البخاري؟ فقال له: كتاب البخاري، قال: فأيما أحب إليك، كتاب البخاري أو كتاب أبي داود؟ قال له: كتاب أبي داود أحسنهما، قال أبو عمر: وسمعت أبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد يقول، خير كتاب ألف في السنن كتاب أبي داود رحمه الله، وهو أول من صنف في المسند.

وروي عن أبي داود رحمه الله أنه عرض كتابه هذا على أحمد بن حنبل رحمه الله فاستجاده واستحسنه.

وروي عن أبي الأزهر ابن أخت أبي حاتم القاضي أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يوصيني أن أكتب كتاب أبو داود السنن، قال: فانحدرت في إثر الرؤيا من الثغر إلى البصرة، وكتبته من أبي داود بلا أسانيد، وقرأه أبو داود وأنا أكتبه بلا أسانيد فقال: قد كنا نفعل ذلك وندمنا عليه.

ومن فضل أبي داود رحمه الله أنه روي أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله، وكان علقمة يشبه بعبد الله، وكان إبراهيم يشبه بعلقمة، وكان منصور يشبه إبراهيم، وكان سفيان الثوري يشبه المنصور، وكان وكيع يشبه بسفيان، وكان أحمد بن حنبل يشبه وكيع، وكان أبو داود يشبه أحمد، رَضي اللَّهُ عن جميعهم، ونفعنا بنهم، وحشرنا في زمرتهم، بمنه وكرمة.

كتاب الجامع الكبير المختصر في السنن المسندة: تصنيف الإمام الحافظ أبي عيسي

ص: 99

محمد بن عيسي بن سورة بن موسي بن الضحاك السلمي الترمذي الضرير، رحمه الله تعالى، رواية أبي العباس محمد بن أحمد بن محبوب بن فضيل التاجر المحبوبي، رحمه الله عنه.

قرأت طائفة من هذا الجامع وذلك من قول المصنف: باب ما جاء في النوم عن الصلاة، إلى قوله: أبواب الأضاحي، على الشيخ الفقيه الإمام الصالح مفتي الحرم الشريف وإمام المقام رضي الدين أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الطبري ثم المكي، نفع الله تعالى به ، وسمعت عليه تمام الديوان فكمل لي جميعه ما بين قراءة وسماع وصح ذلك وثبت بالمسجد الحرام تجاه الكعبة المعظمة قبالة الحجر وميزاب الرحمة، بإزاء باب الندوة، في عدة مجالس أولها في اليوم الخامس عشر لشهر رمضان المعظم وآخرها في اليوم الرابع والعشرين لشوال من السنة، بحق سماعه لجميعه بالمسجد الحرام زاده الله تشريفًا وتعظيمًا علي إمام المقام الشريف نجم الدين أبي الربيع سليمان بن خليل، وعلى جمال الدين يعقوب بن أبي بكر المكيين.

وبحق قراءته أيضًا لجميعه على عز الدين يوسف بن إسحاق بن أبي بكر المكي، بحق سماع سليمان ويعقوب، على إمام المقام الشريف مكين الدين أبي شجاع زاهر ابن رستم ابن أبي الرجاء الأصفهاني الأصل البغدادي المولد المقري الشافعي، قال سليمان: بقراءة عبد الله بن أحمد بن سالم الحضرمي في مجالس كلها في شهر رمضان المعظم سنة تسع وتسعين وخمس مائة بالمسجد الحرام، قال يعقوب: بقراءة إسماعيل بن عبد الله الحسيني الموسوي بالمسجد الحرام تجاه الكعبة المعظمة عند باب الندوة في مجالس آخرها يوم الاثنين الثامن من جماددي الأولي سنة ثلاث وست مائة.

ص: 100

وبحق سماع يوسف علي أبي الحسن علي ابن أبي الكرم نصر بن مبارك ابن أبي السيد بن محمد الواسطي الأصل ثم البغدادي المكي المولد والدار والوفاة، الخلال، المعروف بابن البناء، بحق سماع زاهر وعلي من أبي الفتح عبد الملك ابن أبي القاسم عبد الله ابن أبي سهل ابن أبي القاسم ابن أبي منصور بن رماح الكروخي ثم الهروي البزاز الصوفي، بحق سماعه لجميع الكتاب على أبي عامر محمود ابن القاسم بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد بن مقاتل بن صبيح ابن ربيع بن عبد الملك بن يزيد بن المهلب ابن أبي صفرة الأزدي القاضي الهروي، وعلى أبي بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي التاجر رحمه الله تعالى ، وبحق سماع أبي الفتح أيضًا من أول من هذا الجامع إلى أول الجزء الآخر منه، وأوله مناقب عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما، على أبي نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي، ولم يكن عند الترياقي هذا الجزء الأخير، وسمع أبو الفتح هذا الجزء الأخير، وينتهي إلى آخر الديوان علي أبي المظفر عبد الله علي بن ياسين الدهان ، قالوا جميعًا: وأخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد الله ابن أبي الجراح، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، قال: حدثنا أبو عيسي بترمذ سنة خمس وستين ومائتين، رحمهم الله أجمعين.

وقرأت بعضًا من حديث هذا الجامع بدمشق حرسها الله تعالى على الشيخ المسند ناصر الدين أبي حفص الطائي، وأجازنا جميعه جمله ، قال: أنبأنا به التاج أبو اليمن الكندي في شهور سنة ثمان وست مائة، بحق سماعه لبعضه على أبي الفتح الكروخي المذكور في سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، وإجازته لسائره بسنده المتقدم، وأخبرنا أيضًا بجميعه إجازة في الجملة مسند مصر شهاب الدين أبو المعالي أحمد بن إسحاق الأبرقوهي ، قال: أنبأنا أبو حفص عمر بن كرم بن علي الدينوري الجعفري، عن أبي الفتح المذكور.

ص: 101

وقرأت أيضًا طائفة منه بدمشق المحروسة على الشيخ الصالح الثقة المسند بدر الدين أبي علي الحسن بن علي بن أبي بكر بن يونس بن يوسف ابن الخلال الدمشقي عن أبي المنجا ابن اللتي في سنة ثلاث وثلاثين وست مائة، بسماعه من أبي الوقت السجزي ، قال، أنبأنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري قال: أنبأنا عبد الجبار بن محمد بسنده المتقدم.

وسمعت أيضًا يسيرًا من صدر هذا الكتاب، وذلك من أوله إلى آخر باب الاستنجاء من فلق في الشيخ المقري الفاضل أبي محمد عبد الواحد بن محمد الأموي المعروف بالباهلي رحمه الله.

وتناولت جميعه من يده بحق سماعه لجميعه على أبي الحجاج ابن أبي ريحانه، بحق سماعه من أبي علي عمر بن عبد المجيد الأزدي الرندي النحوي، بحق قراءته لجميعه على أبي الحسن بن كوثر، بسماعه على أبي الفتح الكروخي المذكور بسنده.

وأجازنا الشيخ الأجل الوزير المعظم أبو عمرو موسي ابن الشيخ الفقيه الأجل الخطيب المحترم أبي الحسين عبيد الله بن عاصم الأسدي رحمه الله، عن أبي علي الرندي رحم الله جميعهم.

وحدث أيضًا به ابن أبي ريحانه المذكور عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن اليتيم ، قال: أخبرنا شهدة الأبرية سماعًا لأكثره، وتناولت جميعه من يدها ، قالت: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد سعيد ، قال: حدثنا إسماعيل ابن ينال المروزي، عن أبي العباس المحبوي، عن الترمذي، رحمهم الله تعالى.

وسمعت أيضًا قطعة صالحة منه تفقهًا على المقري أبي القاسم ابن أبي الحسن ابن أبي القاسم الجزري، رحمه الله تعالى، وأجازنا جميعه جمله ، وحدثنا به عن القاضي أبي عبد الله الأزدي ، قال: أخبرنا أبو محمد بن عبيد الله الحجري ، قال: قرأته على أبي عبد الله ابن أبي إحدى عشرة، وسمعت نحو ثلثيه على أبي بكر بن العربي،

ص: 102

وقرأت عليه سائره، فكسل لي بين قراءة وسماع، بسماع أبي عبد الله علي ابن أبي علي الصدفي، قال: قرأت جميعه ببغداد على الشيخ الصالح أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار، وعلى أبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون العدل، وأخبراني به عن أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد، عن لحسن بن محمد السنجي، عن أبي العباس المحبوبي المذكور، غير كلام أبي عيسي في آخر الكتاب، وأحاديث علم عليها أبو الصدفي في كتابه لم يكن ذلك سماعًا لشيخيه المذكورين، وفرأ ذلك أبو علي على أبي القاسم عبد الله بن طاهر التميمي، وأخبره به عن محمد بن عبد الله الفارسي عن علي بن أحمد الخزاعي، عن الهيثم بن كليب، عن أبي عيسي، رحمهم الله.

وبحق سماع أبي بكر بن العربي لجميعه على المبارك المذكور.

وبحق سماعه أيضًا لبعضه على أبي طاهر البغدادي، قالا: أخبرنا أبو يعلي، هو المذكور بالسند المذكور، قال ابن العربي وفي كتاب الدعوات والمناقب أحاديث علم عليها بقولك لا إلى كلام أبي عيسي في آخر الكتاب لم تكن في سماع أبي يعلي، فاستظهرت لها برواية أبي القاسم الحسن بن عمر الهوزني خالي رحمه الله، عن أبيه سماعًا، قال: أخبرنا محمد بن منصور الشهرزوري إجازة، أخبرنا أبو بكر محمد ابن إبراهيم المرزوي، حدثنا أبو حامد أحمد بن عبد الله التاجر، عن أبي عيسي، رحمهم الله أجمعين.

وأجازنا أيضًا جميع هذا الجامع جملة غير مرة، وقد شافهنا بالإذن مرارًا الأجل شرف الدين أبو الفضل العساكري، قال: أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم ابن الحافظ أبي سعد عبد الكريم السمعاني في شهور سنة أربع عشرة وست مائة ، قال: أخبرنا محمد ابن عبد الرحمن بن عبد الله الخمروي سماعًا ، قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي ابن أبي صالح الدباس ، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد بالسند المتقدم رحمهم الله.

وإسناد الطائي، والأبرقوهي، وابن الخلال المذكورين، والعساكري، هذا أعلى ما يقع لأمثالنا في هذا الكتاب في هذا التاريخ، وبالله التوفيق.

ص: 103

وهذا الجامع الجليل قد أشتمل على كثير من فنون العلم، فإنه صنفه على الأبواب، وأسند فيه الحديث وعدد الطرق، وذكر الأسماء والكني والأنساب، وبين السقيم من الصحيح، والعدل من الجريح، والمقطوع من الموصول، وما هو من الحديث متروك أو به معمول، ونص على اختلاف الأئمة في الرد والقبول، إلى غير ذلك من العلوم التي احتوى عليها هذا الجامع المفيد الذي روينا عن الحافظ أبي بكر بن عبد الغني البغدادي رحمه الله، روي بإسناده إلى مصنفه أنه قال: صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به، وعرضته على علماء العراق فرضوا به، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم.

وَرَوَيْنَا أَيْضًا عَنْ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ جَامِعِهِ الْمَذْكُورِ: جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ الْحَدِيثِ فَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ، قَدْ أَخَذَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا خَلَا حَدِيثَيْنِ، حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْمَدِينَةِ، وَالْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ، وَحَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ ، قَالَ: وَقَدْ بَيَّنَّا عِلَّةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا فِي الْكِتَابِ وروينا عن أبي بكر بن العربي رحمه الله أنه قال: ليس في قدر كتاب أبي عيسي مثله حلاوة مقطع، ونفاسة منزع، وفيه أربعة عشر علمًا فرائد صنف، وذلك أقرب إلى العمل وأسند، وصحح وأسقم وعدد الطرق، وحرج العدل، وأسمي وأكني، ووصل وقطع، وأوضح المعمول به والمتروك، وبين اختلاف العلماء في الرد والقبول لآثاره، وذكر اختلافهم في تأويله، وكل علم من هذه العلوم أصل في بابه وفرد في نصابه، فالقارئ لا يزال في رياض مونقة، وعلوم متفقة متسقة، وهذا نشر لا يعمه إلا العلم العزيز والتوفير الكثير، والفراغ للتدبر والتدبير، وبالله التوفيق.

ص: 104

وروينا أن الشيح أبا عمر النمري الحافظ، كان يقول، ثلاثة كتب أوثرها وأفضلها، مصنف أبي عيسي الترمذي في السنن، والأحكام في القرآن لابن بكير ومختصر ابن عبد الحكم.

وقرأت فيما وجدت من ذيل الحافظ أبي سعد السمعاني، رحمه الله تعالى لتاريخ مدينة السلام في ترجمة محمد بن طاهر المقدسي رحمه الله تعالى أنه قال: سمعت أبا عبد الله محمد الأنصاري يقول: كتاب أبي عيسي أفيد عندي من كتاب البخاري، فقلت: لم؟ قلت: لأن كتاب البخاري ومسلم لا يصل إلى الفائدة منها إلا يكون من أهل المعرفة التامة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبينها، فيصل إلى فائدته كل أحد من الناس من الفقهاء والمحدثين وغيرهم.

وروينا أيضًا عن السلفي الحافظ أنه قال: سمعت أبا نصر المؤتمن بن أحمد بن الساجي، ببغداد يقول: سمعت أبا إسماعيل عبد الله بن محمد بن معاذ الحافظ بهرأة يقول: كتاب الترمذي أحسن كتاب صنف في الإسلام، وأقربه مأخذًا لاهتداء المرء لما يريده سريعًا بلا مشقة، وكلامي على فقه الحديث الذي يورده فيه حسن، هذا معني ما قاله أو قريب منه، وبالله التوفيق.

مما تقدم لنا في إسناد هذا الكتاب مما يحتاج إلى الضبط والتقيد ابن أبي السيد ، وهو بفتح السين اليابسة وكسر الياء المعجمة باثنين من تحتها وتشديدها وماح بالحاء المهلمة.

والكروخي بفتح الكاف وضم الراء الخفيفة وبعد الواو الساكنة خاء معجمة وياء النسبة.

وصبيح فتح الصاد.

ص: 105

والغورجي بضم الغين المعجمة.

والترياقي بكسر التاء المعجمة باثنتين من فوقها.

وترمذ مدينة مشهورة، وهي بكسر التاء على الأشهر، ورويناها عن الحافظ تقي الدين أبي عمرو ابن الصلاح بكسر التاء وضمها، وقيدها لنا الشرف التوني الحافظ بضم التاء وفتحها وكسرها، وبالله التوفيق، ومن ضم التاء ضم الميم، والله أعلم.

تنبيه: قلت: وشهرة أبي عيسي المذكور رحمه الله تعالى، وجلالة قدره وكثره حفظه للمتون وعللها والأسانيد واتصالها، وتفننه في كثير من العلوم معلوم متعارف عند أئمة المشرق والمغرب، ولا يضره جهل من جهلة، وهو أبو محمد علي بن أحمد ابن سعيد بن حزم الفارسي الظاهري، فإنه وهم فيه وهمًا بيننًا وسها سهوًا، ظاهرًا، فقال في كتاب الفرائض من إيصاله إثر حديث أورده فيه، أن أبا عيسي الترمذي مجهول لا يعرف، وهذه هفوة لا توصف، ورأيت أيضًا لغيره غلطًا آخر، وهي إني قرأت في برنامج الشيخ الفقيه القاضي الأجل أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن خلف التجيبي الشهيد القرطبي المعروف بابن الحاج في نسخة صحيحة منه عليها خطة، وقد ذكر أبا عيسي هذا، ما نصه: وذكر أبو عمرو الصفاقسي في برنامجه بعد أن ذكر كتاب الترمذي هذا فقال: سمعت محمد بن علي يقول: سمعت غير واحد من الحفاظ ، يقول: لا يصح لأحد فيه سماع عن أبي عيسي ، ومحمد بن علي هذا هو أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الملك الفقيه الفارض، من شيوخ أبي عمرو عثمان بن أبي بكر الصفاقسي، وممن يعول أبو عمرو المذكور عليه، انتهى.

وقرأت على أصل عتيق من جامع أبي عيسي المذكور بخط الفاضل الإمام أبي مروان عبد الملك بن مسرة بن فرج بن خلف بن عزيز اليحصبيي القرطبي، رحمه الله ومكانه من العلم والضبط والإتقان مكانه، ما نصه: قال أبو عمرو عثمان بن أبي بكر الصدفي الصفاقسي ، عن شيخه أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الملك أنه لم يسمع

ص: 106

أحد من أبي عيسي الترمذي هذا الكتاب، وفي قوله نظر، بل وقد روي عنه هذا الكتاب جماعة منهم أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب، وقال: إنه سمع الكتاب منه، وأبو العباس هذا مشهور، روي عنه أبو علي السنجي المعروف بابن شعبه، مقيم ببغداد، ونازلها من وطنه، وروي عنه مع أبي علي السنجي أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، وجعله الحاكم عدلا، فثبتت شهرة أبي العباس بذلك، وأبو علي السنجي روي عنه جماعة أهل بغداد ، واشتهر بالثناء عليه، ذكر ذلك أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد، وأما من بعد السنجي فهم من الشهرة في غاية، انتهى.

ومن خطه أيضًا في الأصل المذكور وكتب عليه لي ما نصه: كيف يصح ما حكي عن أبي عبد الله محمد بن علي، وقد حدثنا، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب، عن أبي عمرو الصفاقس هذا الجامع ، عن شيخه أبي عبد الله محمد ابن علي بن عبد الملك الحافظ، عن أبي محمد الحسن بن إبراهيم القطان، عن الترمذي، وحدثنا القاضي أبو علي بن سكرة أنه قرأ ما علم عليه في كتاب الدعوات والمناقب من هذا الجامع، وقرأ كلام أبي عيسي في آخر الجامع على أبي القاسم عبد الله بن طاهر التميمي، عن محمد بن عبد الله الفارسي، عن علي بن أحمد الخزاعي، عن الهيثم بن كليب، عن الترمذي، فحصل من هذا أنه قد روي الجامع معه ابن محبوب أبو محمد الحسن بن إبراهيم القطان، والهيثم بن كليب كلهم عن الترمذي، وكيف يقول الصفاقسي ما كتب عنه عن شيخه، وشيخه قد روي الكتاب، ورواه عنه الصفاقسي حسبما ذكر، ويبعد أن يصفقوا عن ترك تبيين الإجازة فيه، بل سكوتهم يقتضي السماع أو القراءة والله أعلم.

وروي هذا المصنف أيضًا عن الترمذي أبو جعفر محمد بن جماهير، وأبو حامد أحمد بن عبد الله بن داود التاجر، وأبو ذر محمد بن إبراهيم الترمذي، ولم يقل واحد منهم إجازة ولا مناولة فلا شك أنهم سمعوه، انتهى.

قلت: وهذا طرف من التعريف بأبي العباس المحبوبي إذ لم يستوعب التعريف به أبو مروان بن مسرة المذكور، قال الحافظ أبو بكر محمد بن منصور السمعاني

ص: 107

الحافظ رحمه الله في السابع من أماليه ، وقد عرف بإسناد حديث أحد رواته أبو العباس هذا، وأما رواية السابع فهو أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب بن فضيل التاجر المرزوي، كان مزكي مرو ، ومعدلها ، ومحدث أهلها في عصره ، ومقدم أصحاب الحديث في الثروة والرئاسة، وكانت الرحلة إليه في الحديث، سمع بمرو أحمد ابن سيار، ومحمد بن جابر الإمامين، وسعيد بن مسعود، والفضل بن عبد الجبار الباهلي صاحبي النصر بن الشميل، ومحمد بن الليث الإسكاف، ونصر بن أحمد بن سورة، وأبا الموجه، وغيرهم، ورحل إلى أبي عيسي الترمذي الحافظ فسمع منه الجامع المختصر، وسمع بترمذ أيضًا محمد بن صالح بن سهل.

ولد أبو العباس سنة تسع وأربعين ومائتين، وتوفي في رمضان سنة ست وأربعين وثلاث مائة، وثقة الحاكم أبو عبد الله الحافظ وغيره، روي عنه أبو العباس المعداني، وأبو عبد الله الخضري، وأبو سعيد الكرابيسي، وأبو عبد الله ابن منده، والحاكم أبو عبد الله الخضري، وأبو سعيد الكرابيسي، وأبو عبد الله ابن منده، والحاكم أبو عبد الله بن البيع، وغيرهم من الكبار، ويقال: إن المحبوبي كان إذا دخل رجب تصدق بمائة ألف، وفي شعبان بمائتي ألف، وفي رمضان بثلاث مائة ألف، انتهى ما ذكر أبو بكر السمعاني.

وقرأته بخط الفقيه الرحال المفيد أبي محمد ابن سليمان بن عبد الله بن عبد الملك الرعيني، وأنبأنا به بعض أشياخنا عنه إجازة، قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو محمد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي رحمه الله قراءة عليه ، وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطيبي، قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور، قراءة عليه وأنا أسمع فذكره.

وأنبأنا عن الحافظ أبي بكر ابن عبد الغني البغدادي رحمه الله تعالى ، قال: وقد ذكر المحبوبي، هذا سماعاته ومضبوطه صحيحة بخط خاله أبي بكر الأحوال "، وبالله التوفيق.

قلت: وقد وقع لأبي عيسي رحمه الله في جامعه هذا حديث واحد ثلاثي الإسناد يرويه عن ثلاثة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أقرب إسناد له، ولم يقع للأئمة الأربعة المشاهير مسلم، وأبي داود، والنسوي، وابن ماجه، رحمهم الله تعالى في كتبهم المصنفة في السنن حديث ثلاثي الإسناد فيما عملت.

وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ مَا حَدَّثَ

ص: 108