الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وآله وسلم هو الغنى.
أما عن الثالث: فهو أنه فرض الكلام في الأغنياء، الذين هم ليسوا من محله الخلاف، لأنهم المحبوسون يسألون عن فضول أموالهم، فيما أنفقوها، والغني الذي الكلام فيه، قد أخرج ماله جميعه لله تعالى في الذي يسأل عنه، على أن سبق الدخول إلى الجنة لا يدل على الأفضلية، بل قد يكون التأخر لمزية تظهر لذلك المتأخر في الموقف حتى يشاهدها الحاضرون، ثم ويظهر تميزه بها على من دخل قبله وبعده.
الحادية والثلاثون إذا كان محتاجا إلى ما عنده لنفقة نفسه أو عياله
فقيل لا تسن له صدقة التطوع ولا تكره، وبه قطع الماوردي والغزالي وجماعات من الخراسانيينس، وتابعهم الرافعي، وظاهر نص المختصر يوافقهم؛ ولفظه: أحب أن يبدأ بنفسه، ثم بمن يعول، لأن نفقة من يعول فرض، والفرض أولى به من النفل، ثم بقرابته، ثم من يشاء.
وعبارة الماوردي: صدقة التطوع قبل أداء الواجبات من الزكاة، والكفارات وقبل الإنفاق على من تجب نفقتهم من الأقارب والزوجات غير مستحبة، ولا مختارة، واستدلوا بالإبحاثة بحديث الصحيحين وغيرهما:(أن رجلا من الأنصار بات به ضيف، فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه، وقال لامرأته نومي الصبيان، وأطفئي السراج، وقربي للضيف ما عندك، فنزلت هذه الآية (وَيُؤثِرونَ عَلى أَنفُسِهِم وَلَو كانَ بِهِم خَصاصة) . وقيل يكرهس، وبه قطع المتولي.
والثالث هو الأصح عند النووي وغيره حرمة الصدقة، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق في المهذب والتنبيه، وشيخه القاضي أبو الطيب، والدارمي وابن الصباغ، والبغوي،
وصاحب البيان وآخرون.
قال في المجموع بعد ذكره ذلك، والجواب عن الحديث الذي احتج به الأولون من وجهين: أحدهما: أن هذا ليس من باب صدقة التطوع، إنما هو من باب الضيافة، والضيافة لا يشترط فيها الفضل على عياله ونفسه لتأكدها وكثرة الحث عليها، حتى أن جماعة من العلماء أوجبوها.
الثاني: أنه محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين، بل كانوا قد أكلوا حاجاتهم، وأما الرجل وامرأته فتبرعا بحقهما، وكانا صابرين فرحين بذلك، ولهذا جاء في الآية والحديث الثناء عليهما. وقوله:(نومي صبيانك، لا يدل على أنهم كانوا جياعا، لأنهم لا يتركون الأكل عند حضور الطعام، وإن كانوا غير جياع، فخاف إن بقوا مستيقظين أن يطلبوا الأكل على العادة فينكدوا عليهما وعلى الضيف لقلة الطعام) . انتهى.
وما ذكره من أن الضيافة لا يشترط فيها الفضل، خالفه في شرح مسلم، فيسوي بينها وبين الصدقة في تحريمها بما يحتاجه، ولعل هذا أقرب، وإن مشى جمع متأخرون على ما في المجموع من الفرق بينهما، ووجه ترجيحي بما في شرح مسلم أن نفقة عياله أكد لوجوبها إجماعا، بخلاف الضيافة سيما والكلام إنما هو في شافعي، وهو لا يعتقد وجوبها، فكيف يقدم ما لا يعتقد وجوبه على ما هو واجب عليه بالإجماع، ولو كان الفرد في مجرد التقديم مع عدم فوات الواجب الآخر الذين تلزمه نفقتهم بالإجماع، فنتج أن حقهم أقوى وألصق به، فتعين تقديمهم وعلى ما في المجموع. فيتعين تقيد الضيف بما إذا لم يؤد ذلك إلى إلحاق ضرر بهم لا يطاق عادة، والأوجب تقديمهم اتفاقا فيما يظهر في عيال غير بالغين أو غيره عقلا، أما البالغون العقلاء إذا رضوا بتقديم غيرهم عليهم فالأفضل التصدق، كما بحثه في المطلب، وصرح به ابن عصرون في كلامه على قصة الصديق رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه في تصدقه بجميع ماله، والذي يتجه أن محل ذلك فيمن يصبرون عليها، فنهاية أمرهم أنهم كالمتصدق إذا أراد أن يتصدق بما يحتاجه لنفسه، وحكمه أنه صبر على الإضافة يسن له التصدق بجميع الفاضل عن كفايته، وإن
لم يصبر حرم عليه، فإذا جرى هذا التفضيل في المتصدق نفسه فأولى أن يجري في مؤنة البالغ العاقل إذا رضي، ثم المراد بكفايته إن لم يصبر على الإضافة، وبكفاية من تلزمه مؤنة كفاية يوم وليلة، وكسوة فصل، فهذا هو الذي يحرم التصدق به دون ما زاد عليه، هذا هو الظاهر الذي قاله جماعة أخذا من كلام الإحياء، وليس المراد بذلك ما يكفيهم حالا فقط، ولا ما يكفيهم سنة.
قال الأذرعي: قد يقال يدخر لنفسه وعياله قوت سنة، ولا يتصدق بالفاضل إذا لم يتوقع حصول شيء قبل مضي عام.
وأيده غيره لقوله في الروضة في السير عن الإمام، وأقره يجب على الموسر من المواساة بما زاد على كفاية سنة. انتهى.
ولك أن تقول إن أراد الأول أخذا من جواز التصدق، بل ندبه على ما زاد عن كفاية يوم وليلة وكسوة فصل.
وما في الروضة لا يدل للأذرعي، لأن وجوب البذل يحتاط له أكثر، فلا يلزم من اعتبار السنة اعتبارها في المطلوب الذي هو صدقة التطوع. بقوله لا يتصدق بالفاضل
…
الخ، أن التصدق بشيء من نفقة السنة حرام كان بعديا جدا ومخالفا لكلامهم، وإن أراد كراهة التصدق بذلك كان له نوع اتجاه، لكن الظاهر
وما ذكرته من حرمة التصدق بما يحتاجه الإنسان لنفسه إذا لم يصبر على الإضافة هو المعتمد، وأما في الروضة من عدم التحريم، واغتر به جماعة، فمحمول على من صبر على الإضافة كما أفاده كلام المجموع، وعلى الأول أعني الحرمة مع عدم التبصر حرام على ما قالوه في التيمم من حرمة إيثار عطشان آخر بالماء، وعلى الثاني أعني الحل مع الصبر حمل ما قالوه في الأطعمة من أن للمضطر أن يؤثر على نفسه مضطرا آخر مسلما، أما ما فضل عن حاجة نفسه ومؤنة يومهم وليلتهم وكسوة فصلهم، فيسن التصدق بجميعه إن صبر على الإضافة وإلا كره كما في المهذب وغيره. وعلى هذا التفصيل جملة الأخبار المختلفة، منها الخبر الصحيح أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه تصدقن بجميعب ماله، فأثنى عليه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بذلك.
والخبر الصحيح أن رجلا جاء بمثل البيضة من ذهب، وقال النبي صلى الله تعالى عليه