المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحداث سنة أربع وعشرين: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٢٤

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌أحداث سنة أربع وعشرين:

‌أحداث سنة أربع وعشرين:

وفاة هارون بن المقتدر:

تُوُفّي هارون بن المقتدر، وحزن عليه أخوه الخليفة، واغتمّ له، وأمرَ بِنَفْيِ الطّبيب بُخْتيشوع بن يحيى، وأتَّهمه بتعمُّد الخطأ في علاجه1.

تقليد ابن طُغْج عملًا في مصر:

وفيها: قلَّدَ ابن مقلة أبا بكر محمد بن طُغْج أعمال المعاون بمصر مُضافًا إلى ما بيده مِن الشّام2.

قطْع ابن رائق الحمْل عن بغداد:

وفيها: قطع الحمل عن بغداد محمد بن رائق، واحتجَّ بكثرة كلْفة الجيش عنده، وقطع حمْل الأهواز، وطمع غيرهم.

إطلاق المظفّر بن ياقوت من الحبْس:

وفي ربيع الأوّل أطلق من الحبس المظفَّر بن ياقوت، وحلف للوزير على المُصافاة، وفي نفسه الحقْد عليه لأنّه نكبه، ونكب أخاه محمدًا. ثمّ أخذ يسعى في هلاكه ويشغب عليه الحُجَريّة. فعلم الوزير فاعتضد بالأمير بدر صاحب الشّرطة ليوقع بالمظفَّر، فانحدر بدر وأصحابه بالسّلاح إلى دار الخليفة، ومنعوا الحُجَريّة من دخولها فضعُفت نفس المظفّر، وأشار على الحُجَريّة بالتّذلُّل لابن مقلة، وأظهر له المظفّر أنّه على أيْمانه، فاغتر بذلك وصرف بدرًا والْجُنْد من دار الخلافة. فمشى الغلمّان بعضهم إلى بعض وأوحشوا نفوس الْجُنْد من ابن مقلة ومن بدر، وتحالفوا وصارت

1 النجوم الزاهرة "3/ 257".

2 البداية والنهاية "11/ 185"، النجوم الزاهرة "3/ 257".

ص: 24

كلمتهم واحدة. ثمّ صاروا إلى دار الخلافة فأحْدَقوا بها وصار الرّاضي في أيديهم كالأسير، وطالبوه أنّ يخرج معهم إلى الجامع فيصلّى بالنّاس ليعلموا إنّه من حزبهم.

فخرج يوم الجمعة سادس جمادى الأولى، فصلّى بالنّاس، وقال في خطبته: اللهُمّ إنّ هؤلاء الغلمّان بطانتي وظهارتي، فمن أرادهم بخير فأزِدْه، ومن كادَهم فَكِده.

إمرة بدر الخَرْشَنيّ على دمشق:

وأمر بدرًا الخَرْشَنيّ بالمسير على إمرة دمشق مسرعًا1.

تدبير ابن مقلة للإيقاع بابن رائق:

ثمّ أخذ ابن مقلة يُشير على الراضي سرًا أن يخرج بنفسه ليدفع محمد بن رائق عن واسط والبصرة. ثمّ بعث ابن مقلة بمقدَّم من الحُجَريّة، وآخر من السّاجيّة برسالة إلى ابن رائق يطلب المحاسبة. فأحسَن ابن رائق إليهما، وحمّلهما رسالة إلى الراضي سرًا بأنه إن استُدعى إلى الحضرة قام بتدبير الخلافة، وكَفَى أمير المؤمنين كلّ مهمّ. فقدِما. فلم يلتفت الرّاضي إلى الرسالة. ولمّا رأى ابن مقلة امتناع ابن رائق عليه عمل على خروج الرّاضي إلى الأهواز، وأنّ يرسل القاضي برسالة إلى ابن رائق لئلّا يستوحش2.

إخراج ابن مقلة من الوزارة:

فبَيْنا ابن مقلة في الدِّهليز شغب الغلمّان ومعهم المظفّر، وأظهروا المطالبة بالأرزاق، وقبضوا على الوزير، وبعثوا إلى الرّاضي يعرفونه ليستوزر غيره، فبعث إليهم يستصوب رأيهم، ثمّ قال: سمّوا من شئتم حتّى استوزره.

فسمّوا عليّ بن عيسى، وقالوا: هو مأمون كافي. فاستحضره وخاطبه بالوزارة فامتنع، فخاطبه ثانية وثالثة فامتنع، فقال: أشر بمن ترى. فأومأ إلى أخيه عبد الرحمن بن عيسى. فبعث الرّاضي إليه المظفّر بن ياقوت، فأحضره وقلَّدَه، وركب

1 النجوم الزاهرة "3/ 279".

2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94".

ص: 25

الجيش بين يديه1، وأحرقت دار ابن مقلة، وهذه المرّة الثالثة2.

وكان قد أحرق دار سليمان بن الحسن. فكتبوا على داره:

أحسَنْتَ ظنَّك بالأيّام إذ حَسُنَتْ

ولم تَخَفْ سوءَ ما يأتي به القدرُ

وسالَمَتْك اللّيالي فاغْتَرَرْت بها

وعند صَفْوِ اللَّيَالِي يحدُث الكَدَر

واختفى الوزير وأعوانّه.

ظهور الخصيبي وسليمان بن الحسن:

وظهر أبو العبّاس الخصيبيّ، وسليمان بن الحسن، وصارا يدخلان مع الوزير عبد الرحمن وأخيه عليّ، ويدخل معهم أبو جعفر محمد بن القاسم والأعيان3.

تعذيب ابن مقلة:

وأُخِذَ ابن مقلة فتسلّمه عبد الرحمن الوزير، وضُرِب بالمقارع، وأُخذ خطُّه بألف ألف دينار. ثمّ سُلِّمَ إلى أبي العبّاس الخصيبيّ، فجرى عليه من المكاره والتّعليق والضَّرْب عجائب.

رواية ثابت بن سنان عن تعذيب ابن مقلة:

قال ثابت: كلّفني الخصيبيّ الدُّخول إليه يومًا وقال: إنّ كان يحتاج إلى الفَصْد فليُفْصَد بحضرتك. فدخلتُ فوجدته مطرَوْحًا على حصيرٍ، وتحت رأسهِ مخدّة وسِخَة، وهو عُرْيان في وسطه سراويل، ورأيتُ بدَنَه من رأسِه إلى أطراف رِجْلَيه كالباذنجان، وبهِ ضيق نفسٍ شديد.

وكان الّذي تولّى عذابه ودَهَق صَدْره الدَّسْتُوائيّ. فقلت: يريد الفصد.

فقال الخصيبي: وكيف نعمل، ولابد من تعذيبه كل يوم؟ فقلت: فيتلف.

قال: افصده.

1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94"، المنتظم "6/ 281"، الكامل في التاريخ "8/ 314".

2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94"، المنتظم "6/ 281".

3 المنتظم "6/ 281".

ص: 26

ففصدته ورفّهتُه ذلك اليوم. واتَّفق أنّ الخصيبيّ استتر ذلك اليوم، فاطمان ابن مقلة وتصلّح. وحضَر أبو بكر بن قرابة، وضمن ما عليه وتسلَمه1.

القبض على المظفّر بن ياقوت وهدم داره:

وفي جُمَادَى الأولى قبض الرّاضي على المظفّر بن ياقوت وهدم داره، ثمّ أطلقه بعد جمعه وأصدره إلى أبيه ياقوت.

عُزِل الخَرْشَنيّ عن الشرطة:

وعزل بدر الخَرْشَنيّ عن الشّرطة، ووليها كاجوا2.

تقليد الخَرْشَنيّ أعمال أصبهان وفارس:

وقلد الخَرْشَنيّ أعمال أصبهان وفارس.

وزارة الكرْخي:

وعجز الوزير عبد الرحمن عن النفقات، وضاق المّال. فاستعفى. فقبض عليه الرّاضي في رجب وعلى أخيه، واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم الكرْخي، وسلم ابني عيسى إلى الكرْخي، فصادرهما برفق، فأدى كلّ واحد سبعين ألف دينار، وانَصْرفا إلى منازلهما3.

قتل ياقوت الأمير:

وفي رمضان قُتِل ياقوت الأميرُ بعسكر مُكْرَم، فأراد الحُجَريّة قُتِل أبي الحُسين البريديّ ببغداد، وكان يخلف أخاه في الكتابة لياقوت، فاختفى.

وكان ياقوت قد سار بجموعه لحرب عليّ بن ابن بُوَيْه، فالتقيا بباب أرَّجان، فهزمه ابن بُوَيْه، فعاد إلى الأهواز، وتواترت الأخبار بأن بويه وافى إلى رامهرمز مقتفيًا

1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94، 95".

2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 95"، الكامل في التاريخ "8/ 314".

3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 95"، الكامل في التاريخ "8/ 315"، البداية والنهاية "11/ 184".

ص: 27

آثار ياقوت. فعبر ياقوت إلى عسكر مُكَرم وقطع الجسرَ. وأقام ابن بُوَيْه أيامًا برامَهُرْمُز إلى أنّ وقع الصُّلح بينه وبين الخليفة، وجرت فصول. وضعُف أمرُ ياقوت، وجاع عسكره، وتفرَّقت رجاله، وتمَّت له حروب مع كاتبه أبي عبد الله البريدي، ثم انهزم وأوى إلى قريةٍ، فظفروا به وقتلوه، وكان قد شاخ1.

ثمّ طغى البريديّ وأظهر العصيانّ.

وزارة سليمان بن الحسن:

وفيها: استوزر الرّاضي أبا القاسم سليمان بن الحسن. وسببه أنّ ابن رائق تغلَّب على ناحيته، وابن بويه تغلب على فارس. وضاقت الدنيا على الوزير الكْرخيّ، وكان غير ناهض بالأمور، فعزل في شوّال. وقُلّد سليمان، فكان في العجز بحال الكْرخيّ وزيادةً2.

عودة ابن رائق إلى بغداد:

فَدَعَتِ الضّرورة إلى أنّ كاتب الرّاضي محمد بن رائق يلاطفه مع كاجوا، فأصغى وأسرع، فأرسل إليه الرّاضي بالخِلَع واللّواء. فانحدر إليه أعيانّ السّاجيّة، فقيّدهم وحبسهم، فاستوحش الحُجَريّة ببغداد، وأحدقوا بباب دار الخليفة. فوصل ابن رائق في جيشه إلى بغداد في ذي الحجّة، ودخل على الرّاضي في قواده3.

ثمّ أنّه أمر الحُجَريّة بقلْع خيامهم وذهابهم إلى منازلهم، فلم يفعلوا، وبطُل حينئذٍ أمر الوزارة والدّواوين وبقي الاسم لا غير، وتولّى الجميعَ محمد بن رائق وكُتّابه، وصارت الأموال تُحمل إليه، وبطُلت بيوت المّال. وحكم ابن رائق على البلاد وبقيَ الرّاضي معه صورةً4.

الوباء والغلاء بأصبهانّ وبغداد:

وفيها: وقع الوباء العظيم بأصبهان وبغداد، وغلت الأسعار.

1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 97"، الكامل في التاريخ "8/ 315، 321".

2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 98"، المنتظم "6/ 281"، البداية والنهاية "11/ 184".

3 البداية والنهاية "11/ 184"، الكامل في التاريخ "8/ 322، 323".

4 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99"، البداية والنهاية "11/ 184"، النجوم الزاهرة "3/ 258".

ص: 28

الغزوة الأولى لعليّ بن حمدان:

وفيها: سار الدّمُسْتُق في جيوش الرّوم إلى أرض آمد وسُمَيْساط فسارَ عليّ بن عبد الله بن حمدان، وهو شابّ، وهذه من أوَّل مَغَازية، إلى آمد، وبعث الأقوات إلى سُمَيْساط، فاختلف عليه بعض أمرائه، ثمّ حاربه فظفر به، ثمّ عفا عنه.

تغلُّب الحسن بن حمدان على الموصل:

وكان الحسن بن عبد الله بن حمدان أخوه قد غلب على الموصل، فسارَ إليه خلقٌ من السّاجيّة والحُجَريّة، وهم خاصكية الخليفة، هربوا من محمد بن رائق، فأحسنَ الحسن إليهم.

محاربة اليشكري للساجي وانهزامه:

وسارَ من عنده نظيف السّاجيّ متقلَّدًا آَذْرَبْيجانّ، فحاربه اليشكري، فانهزم نظيف واستُبيح عسكره، وغلب اليَشْكُري على آَذْرَبْيجانّ، فسارَ لحربه دَيْسَم وابن الدَّيْلَميّ وطائفة، فهزموه ونهبوا وسبوا، وفعلوا القبائح.

استيلاء الرّوم على سُمَيْساط:

وفيها: استولت الرّوم على سُمَيْساط ودَكَوُّها، وأمَّن الدُّمُسْتُق أهلها، ووصّلهم إلى مأمنهم.

غارات بني نُمَير وقُشَيْر:

وفيها: عاثت العرب من بني نُمَير وقُشَيْر وملكوا ديار ربيعة ومُضَر، وشنّوا الغارات، وسبوا وقطعوا السُّبُل، وخَلَت المدائن من الأقوات، فسار لحربهم علي بن عبد الله بن حمدان، فأوقع بهم وهزمهم بَسُروج وطردهم إلى ناحية سنِجْار وهِيت1.

خلعه الملك لصاحب الموصل:

ونفد الراضي بالله خلع المُلْكَ إلى صاحب الموصل الحسن بن عبد الله، فبعث على آذَرْبَيْجانّ ابن عمه حسين بن سعيد بن حمدان. وكان على ديار بكر أخوه عليّ.

1 النجوم الزاهرة "3/ 258".

ص: 29