المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحداث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٢٤

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌أحداث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة:

‌أحداث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة:

محاربة ابن رائق للحُجَريّة والسّاجيّة:

فيها: أشار محمد بن رائق على الرّاضي بأنّ ينحدر معه إلى واسط، فخرج أول السنة منحدرًا، فوصل واسط في عاشر المحرَّم. واستخلف بالحضرة أبا محمد الصّلْحِيّ، فاضطّربت الحُجَريّة وقالوا: هذه حيلة علينا ليعمل بنا مثل ما عمل بالسّاجيّة. فأقام بعضهم ثمّ انحدروا. واستخدم ابن رائق ستين حاجبًا، وأسقط الباقين، وكانوا أربعمائة وثمانٍين. ونقّص أرزاق الحَشَم، فثاروا وحاربوا ابن رائق، وجرى بينهم قتالٌ شديد، وانّهزم من بقى من السّاجيّة إلى بغداد1 ولم يَبْقَ من الحجرية إلاّ قليل، مثل صافي الخازن، والحسن بن هارون، فأطلقا.

ولمّا فرغ ابن رائق من الحُجَريّة والسّاجيّة أشار على الرّاضي بالله بالتقدُّم إلى الأهواز، فأخرج المضارب2.

رسالة الرّاضي إلى البريديّ:

وبعث ابن رائق أبا جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد، والحسن بن إسماعيل الإسكافيّ إلى أبي عبد الله البريديّ برسالة من الرّاضي، مضمونها أنّه قد أخّر الأموال وأفسد الجيوش. وأنّه ليس طالبيًّا فينازع الأمر، ولا جُنْديًا فينازع الإمارة، ولا ممّن يحمل السّلاح، فيؤهّل لفتح البلاد.

وأنّه كان كاتبًا صغيرًا، فرُفع فَطَغى وكَفَر النِّعْمَة فإن راجع سومح عن المّاضي.

فأجاب إلى أنّه يحمل مالًا عيَّنه، وأنّ الجيش الّذي عنده لا يقوم بهم مال الحضرة، فسيوجّههم إلى فارس لحرب مَن بها.

فبعث إليه الرّاضي بالعهد فما حمل المّال ولا جهّز الجيش3.

1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99"، الكامل في التاريخ "8/ 329"، البداية والنهاية "11/ 187".

2 الكامل في التاريخ "8/ 329".

3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99، 100"، الكامل في التاريخ "8/ 329- 331"، البداية والنهاية "11/ 187".

ص: 30

ضمان البريديّ البلاد:

وكان أبو الحُسين البريديّ ببغداد، فجهّزه ابن رائق إلى أخيه أبي عبد الله، ثمّ ضمن البريديّ البلاد.

تقلّدَ بَجْكَم الشرطة:

ورجع الرّاضي إلى بغداد، وتقلَّد الشّرطة بجْكَم.

خروج الحُجَريّة من بغداد:

وخرج من بَقِي من الحُجَريّة من بغداد إلى الأهواز، فقبلهم البريدي، وأجرى أرزاقهم، وَرَثَى لهم.

تفرق البلدان عن الخلافة:

وصارت البلدان بين خارجيّ قد تغلب عليها، أو عامل لا يحمل مالًا، وصاروا مثل ملوك الطّوائف، ولم يبقَ بيد الرّاضي غير بغداد والسواد، مع كون يد ابن رائق عليه1.

الوحشة بين ابن رائق والبريديّ:

وفيها: ظهرت الوحشة بين محمد بن رائق وبين أبي عبد الله البريديّ.

دخول القَرْمَطِيّ الكوفة:

ووافى أبو طاهر القَرْمَطِيّ إلى الكوفة فدخلها في ربيع الآخر، فخرج ابن رائق في جُمَادَى الأولى، وعسكر بظاهر بغداد. وسيَّر رسالة إلى القَرْمَطِيّ فلم تُغْنِ شيئًا، ثمّ إنّ القَرْمَطِيّ ردّ إلى بلده.

وزارة ابن الفُرات:

وفيها: استوزر الرّاضي أبا الفتح الفضل بن جعفر بن الفُرات بمشورة ابن رائق. وكان ابن الفُرات بالشّام فأحضروه.

1 تكملة تاريخ الطبري "6/ 288"، الكامل في التاريخ "8/ 323".

ص: 31

انهزام جيش ابن رائق:

ومضى ابن رائق إلى واسط وراسل البريديّ، فلم يلتفت وأخذ يماطله. وبعث جيشًا إلى البصرة يحفظها من ابن رائق، وطيّب قلوب أهلها، فقلق ابن رائق، وبعث إلى البصرة جيشًا، فالتقوا فانهزم جيش ابن رائق غير مرّة1.

محاربة ابن رائق للبصرة وعصيان أهلها عليه:

ثمّ قدِم بدر الخَرْشَنيّ من مصر، فأكرمه ابنُ رائق، ثم نفده وبجكمًا إلى الأهواز، فجهز إليهما البريديّ أبا جعفر الجمّال في ألف نفس، فالتقوا على السوس، فهزمهم الخرشني، وساق وراءهم، فخرج البريديّ وأخوه في طيّار، وحملوا معهم ثلاثمائة ألف دينار، فغرق بهم الطّيار، فأخرجهم الغواصون، واستخرجوا بعض الذَّهَب لبَجْكَم، ووافوا البصرة، ودخل بَجْكَم الأهواز، وكتب إلى ابن رائق بالفتح.

ودخل البريدّيون البصرة واطمأنّوا، فساقَ ابن رائق بنفسه إلى البصرة في نصف شوّال.

فهرب البريديّ إلى جزيرة أُوال، ووافاه بَجْكَم.

وسار ابن رائق وجيشه ليدخلوا البصرة، فقاتلهم أهلُها ومنعوهم لظُلمهم.

وذهبَ البريديّ إلى فارس، واستجار بعلي بن بُوَيْه فأجاره، وأنفذ معه أخاه وأبا الحسين أحمد بن بُوَيْه لفتح الأهواز. وبلغ ابن رائق ذلك، فجهَّز بَجْكَم إلى الأهواز، فقال: لست أحارب هؤلاء إلّا بعد أنّ تحصل لي إمارتها وخراجها. فقال ابن رائق: نعم. وأمضى له ذلك على مائة وثلاثين ألف دينار في السنة2.

ودام أهلُ البصرة على عصيان ابن رائق لسوء سيرته، فحلف أنْ تمكن من البصرة ليجعلها رمادًا. فازدادا غَيْظُهم منه.

ولاية بُدَير لدمشق:

وفيها: ولي إمرة دمشق بُدَيْر مولى محمد بن طُغْج، فأقام بها إلى سنة سبع وعشرين.

1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 102، 103".

2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 103 - 105"، الكامل في التاريخ "8/ 334 - 337".

ص: 32

قدوم ابن رائق إلى دمشق:

وقدِم محمد بن رائق دمشق، فأقام بها، وزعم أنّ المتّقي ولّاه إيّاها، وأخرج بُدَيْرًا.

عودة الولاية لبُدَير:

ثمّ ولي بُدَيْر دمشق بعد ذلك مِن قِبَل كافور الإخشيدي.

اختلاف البريديّين:

وأمّا البريديّون فهم ثلاثة من الكتّاب: أبو عبد الله، وأبو الحُسين، وأبو يوسف. كان أبوهم كاتبًا على البريد بالبصرة، فغلبوا على الأهواز وجرت لهم قصص، ثمّ اختلفوا وتمزَّقوا.

تغلُّب ابن حمدان على مُضَر:

وفيها: سار عليّ بن عبد الله بن حمدان إلى مُضَر، فتغلَّب عليها لمّا خرج عنها بدْر الخَرْشَنيّ إلى العراق.

امتناع الحج:

ولم يجْسر أحدٌ أن يحجّ هذا العام1.

تأسيس مدينة الزهراء بالأندلس:

وفيها: أسَّس أمير الأندلس النّاصر لدين الله الأمويّ مدينة الزَّهراء. وكان منتهى الإنفاق في بنائها كلّ يوم ما لا يُحدّ، يدخل فيها كلّ يوم من الصّخر المنحوت ستّة آلاف صخرة، سوى التّبليط. وجُلِب إليها الرخام من أقطار المغرب، ودخل فيها أربعة آلاف وثلاثمائة سارية، منها ثلاث وعشرون سارية ملوَّنة. وأهدى له ملك الإفرنج أربعين سارية رخام. وأما الوردي والأخضر فمن إفريقية والحوض المذهب جلب من القسطنطينية، والحوض الصغير عليه صورة أسد، وصورة غزال، وصورة عقاب، وصورة ثعبان، وغير ذلك.

1 النجوم الزاهرة "3/ 260".

ص: 33