الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استِرجاع الرُّها:
ثمّ أخذها السّلطان مَلكْشاه سنة تسعٍ وسبعين، وسلّمها إلى الأمير توران. ثمّ أخذتها الفرنج في أوّل ظهورهم على البلاد سنة اثنتين وتسعين، وبقيت بأيديهم إلى أن افتتحها زنْكي والد الملك نور الدين محمود سنة تسع وثلاثين وخمسمائة1.
1 الكامل في التاريخ "11/ 98".
أحداث سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة:
سرقة دار الملكة:
في المحرم نقب اللصوص دار الملكة وأخذوا قماشًا وهربوا، وأقام التّجّار على المبيت في الأسواق، وأمْر العيّارين يتفاقم لأنّ أمور الدّولة مُنحلّة، فلا قوّة إلا بالله.
عزْل أبي الفضل ابن حاجب النعمان:
وفيها عُزِل أبو الفضل مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن حاجب النُّعْمان عن كتابة الإنشاء للقادر بالله، وكانت مباشرته سبعة أشهر، لأنه لمّا تُوُفّي أبوه أبو الحسن وأُقيم مقامه لم تكن له دِرْبَةٌ بالعمل1.
فتنة الصّوفيّ:
وفيها عزم الحرميّ الصُّوفيّ الملقّب بالمذكور على الغزو، واستأذن السّلطان، فأذِن له وكتب له منشورًا، وأُعطي منْجُوقًا. واجتمع إليه طائفة فقصد الجامع للصّلاة ولقراء المنشور، ومرّ بطاق الحرّانيّ وعلى رأسه المَنْجُوق وقُدّامه الرّجال بالسّلاح، وصاحوا بذِكْر أبي بكر وعمر وقالوا: هذا يوم معاويٌّ. فرماهم أهل الكَرْخ، وثارت الفتنة، ومُنعت الصّلاة، ونُهِبت دار الشّريف المرتضى، فخرج مُرَوَّعًا، فجاءه جيرانه الأتراك فدافعوا عنه وعن حرَمه. وأُحرقت إحدى سَرِيّاته. ونُهبت دُور اليهود وطُلبوا لأنهم أعانوا اهل الكَرْخ فيما قيل.
ومن الغد اجتمع عامّة السُّنَّة، وانضاف إليهم كثير من الأتراك، وقصدوا الكَرْخ، فأحرقوا الأسواق، وأشرف أهل الكرخ على خطة عظيمة.
1 المنتظم "8/ 54، 55".
وركب الخليفة إلى الملك والإسْفَهسلاريّة يُنْكر ذلك، وأمر بإقامة الحدّ على الجُناة، فركب وزير الملك، فوقعت في صدره آجُرّة وسقطت عمامته، وقُتِل من أهل الكَرْخ جماعة، وانتهب الغلمان ما قدروا عليه، وأُحرق وخُرِّب في هذه الفتنة سوق العروس، وسوق الصّفّارين، وسوق الأنماط، وسوق الزّيّاتين، وغير ذلك. وزاد الاختلاف والفُرْقة.
وعبرَ سَكْرانٌ بالكَرْخ فضُرب بالسّيف فقُتِل، ولم يجر في هذه الأشياء إنكار من السُّلطان لسقوط هيبته1.
مقتل الكلالكيّ ناظر المعونة:
ثمّ قتلت العامّة الكلالكيّ، وكان ينظر في المعونة، وتبسّط العوامّ وأثاروا الفِتَن، ووقع القتال في البلد من الجانبين، واجتمع الغلمان، وأظهروا الكراهة للملك جلال الدّولة، وشكوا إطّراحَهم واطّراح تدبيرهم، وأشاعوا أنّهم يقطعون خطبته. وعلم الملك فقلق، وفرَّق مالًا في بعضهم، ووعدهم وحلف لهم.
ثم عادوا للخوض في قَطْع خُطْبته وقالوا: قد وقفت أمورنا وانقطعت موَادُّنا ويئسنا من خير ذا. ودافع عنه الخليفة.
هذا، والعامّة في هرْج وبلاء، وكبْسَات وويل2.
أخْذ الروم قلعة فامية:
وأقبلت النّصارى الرُّوم، فأخذوا من الشّام قلعة فامية.
وفاة القادر بالله:
ومات في آخر السّنة القادر بالله.
خلافة القائم بأمر الله:
واستخلف القائم بأمر الله، وله إحدى وثلاثون سنة، وأمه أم ولد أرمنية اسمها
1 المنتظم "8/ 55"، الكامل في التاريخ "9/ 419"، دول الإسلام "1/ 251".
2 المنتظم "8/ 56، 57"، الكامل في التاريخ "9/ 419، 420" البداية والنهاية "12/ 13".
بدرُ الدُّجى، أدركت خلافته. فأوّل من بايعه الشّريف المرتضي، وقال:
إذا ما مضي جبلٌ وانْقَضَى
…
فمنك لنا جبلٌ قد رسى
وإنّا فُجعنا ببدْر التّمامِ
…
وعنه لنا نابَ بدْرُ الدُّجى
لنا حَزَنٌ في محل السُّرور
…
وكم ضَحِك في خلالِ البُكا
فيا صارمًا أغْمَدتْه يدٌ
…
لنا بعدك الصّارمُ المُنْتَضَى
ولمّا حضرناك عند البياع
…
عَرفنا بِهَديِك طُرُقَ الهُدَى
فقَابَلْتَنا بوَقَار المَشِيب
…
كمالًا وسِنُّك سِنُّ الفتى
وصلّى بالنّاس في دار الخلافة المغرب، ثمّ بايعه من الغد الأمير حسن بن عيسى بن المقتدر.
شغب الأتراك للحصول على رسْم البيعة:
ولم يركب السّلطان للبيعة غضبًا للأتراك وذلك لأنّهم همُّوا بالشَّغب، لأجل رسْمهم على البيعة، فتكلّم تركّيٌّ بما لا يصلُح في حقّ الخليفة، فقتله هاشميّ، فثار الأتراك وقالوا: إن كان هذا بأمر الخليفة خرجنا عن البلد. وإن لم يك فيسلّم إلينا القاتل1.
فخرج توقيع الخليفة: لم يجرِ ذلك بإيثارنا، ونحن نقيم في القاتل حدّ الله.
ثمّ ألحّوا في طلب رسْم البَيْعة، فقيل لهم: إنّ القادر لم يخلّف مالًا. ثم صولحوا على ثلاثة آلاف دينار. فعَرَضَ الخليفة خانًا بالقطيعة وبستانًا وشيئًا من أنقاض الدُّور على البيع.
وزراء القائم بأمر الله:
ووَزَرَ له: أبو طالب محمد بن أيّوب، ثمّ جماعة منهم: أبو الفتح بن دارْست، وأبو القاسم بن المسلمة، وأبو نصر بن جهير.
1 المنتظم "8/ 59".
قُضاة القائم:
وكان قاضيه: أبو عبد الله بن ماكولا، ثمّ أبو عبد الله الدّامغاني1.
عناية القائم بالأدب:
وكان للقائم عناية بالأدب.
الاحتفال بيوم الغدير ويوم الغار:
وفي ثامن عشر ذي الحجّة عملت الشّيعة، "يوم الغدير"، وعمل بعدهم أهل السُّنَّة الذي يسمونه "يوم الغار". وهذا هَذَيانٌ وفُشَار.
سرِقات العيّارين وكبْساتهم:
ثمّ إن العيّارين ألْهبوا النّاسَ بالسَّرِقَة والكبْسات، ونزلوا بواسط على قاضيها أبي الطّّيب وقتلوه، وأخذوا ما وجدوا.
امتناع الحجّ العراقي:
ولم يحجّ أحدٌ من العراق لاضطّراب الوقت.
انحلال أمر الخلافة:
وخرجت السُّنَّة ومملكة جلال الدّولة ما بين بغداد وواسط والبَطَائح، وليس له من ذلك إلى الخطْبة. فأمّا الأموال والأعمال فمُنْقَسمة بين الأعراب والأكراد، والأطراف منها في أيدي المُقْطَعين من الأتراك، والوزارة خالية من ناظرٍ فيها. والخِلافة مستضعفة، والناس بلا رأس2. فلِلّهِ الأمر.
1 المنتظم "8/ 59"، البداية والنهاية "12/ 32، 67، 214".
2 المنتظم "8/ 60"، والعبر "3/ 147، 148".