المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثاني: زكاة الحيوان - إجابة السؤال في زكاة الأموال

[محمد بن عبد العزيز السديس]

الفصل: ‌النوع الثاني: زكاة الحيوان

والفضة من التبر والمسبوك وغيرهما.

قَال محمد الأمين: وأما القياس: فإنهم قاسوا الحلي على المسكوك والمسبوك بجامع أن الجميع نقد1.

الترجيح في هذه المسألة:

إذا نظرنا إلى أدلة كل فريق وجدنا أدلة الوجوب أقوى من أدلة عدم الوجوب من حيث الجملة هذا أمر.

الأمر الثاني: إن حديث ليس في الحلي زكاة وهو من أقوى ما استدل به المانعون وهو من رواية عافية بن أيوب وهو متكلم فيه.

الأمر الثالث: أن القول بالوجوب أبرأ للذمة وأحوط للدين لأن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.

الأمر الرابع: قياس الحلي على النقدين أقوى من قياس الحلي الثياب.

1 انظر: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 2/454.

ص: 301

‌النوع الثاني: زكاة الحيوان

يشترط للزكاة في الحيوان ما يلي:

الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم وذلك لورود النص في هذه الأنواع الثلاثة:

قَال ابن المنذر:

وأجمعوا على وجوب الصدقة في الإبل والبقر والغنم، وأن الإبل لا تضم إلى الغنم ولا البقر، وعلى أن البقر لا تضم إلى الإبل والغنم، وعلى إسقاط الزكاة عن كل صنف منها حتى تبلغ المقدار الَّذِي يجب أخذ الصدقة منها، وأجمعوا على أن حكم الجواميس حكم البقر، وعلى أن الضأن والمعز يجتمعان في الصدقة 2.

2 انظر: الإجماع لابن المنذر كتاب الزكاة رقم 86 - 94 والإفصاح 1/195، 200.

ص: 301

هل الخيل داخلة في بهيمة الأنعام فتجب فيها الزكاة: أم لا؟

لا يخلو حال الخيل من عدة أحوال.

1-

إذا كانت معدة للاستعمال كركوب وحمل أمتعة وكذا في الحرب والجهاد وحمل الأثقال ونحوه فهذا تسمى عوامل الخيل فلا زكاة فيها باتفاق العلماء.

2-

أن تكون الخيل معدة للتجارة فتجب فيها الزكاة باعتبارها عروض تجارة خلافاً للظاهرية لا زكاة فيها مطلقاً 1.

3-

إذا كانت الخيل معدة للنماء والنسل فإذا كانت كذلك فلا تخلو إما أن تكون سائمة أو معلوفة فإن كانت معلوفة فلا زكاة فيها باتفاق العلماء.

وإن كانت سائمة فهذا هو محل الخلاف بين الفقهاء على قولين:

القول الأول: لا زكاة فيها قَال به جمع من الصحابة كعمر وعلي وابن عمر وجمع من التابعين كالحسن وابن المسيب وعطاء والأوزاعي وهو مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد.

القول الثاني: قَال أبو حنيفة تجب الزكاة فيها إن شاء أخرج عن كل فرس دينار، وإن شاء قوم الخيل وأخذ من قيمتها ربع العشر.

قَال ابن عبد البر: وخالف أبا حنيفة في ذلك صاحباه: أبو يوسف ومحمد وسائر فقهاء الأمصار 2.

أدلة القول الأول: عدم الوجوب الدليل الأول قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة “ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة” وفي رواية “ليس على المسلم

1 انظر: فتح الباري 3/327.

2 انظر: بدائع الصنائع 2/34 والتمهيد 4/211، 214 وبداية المجتهد 1/251 وحلية العلماء 3/12 والحاوي 3/191 والمجموع للنووي 5/339 والمغني لابن قدامة 4/66.

ص: 302

صدقة في عبده ولا في فرسه” 1.

دل الحديث على أنه لا زكاة في الخيل مطلقاً سواء كانت معلوفة أو معدة للنسل أو النماء أو كانت سائمة أما التجارة فهي ثابتة بالإجماع كما نقله ابن المنذر وغيره 2.

الدليل الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم من حديث علي السابق3: “ قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهماً درهم” الحديث.

فدل هذا الحديث كما دل عليه الحديث الأول حيث نفى زكاة الخيل والرقيق وهذا النفي عام لكل خيل ما عدا التجارة يخرجها الاجماع كما سبق

الدليل الثالث: القياس من أربعة أوجه:

1-

ليست الخيل من بهيمة الأنعام فلا زكاة فيها كالوحش لا زكاة فيه.

2-

ولأن الخيل دواب فلا زكاة فيها كسائر الدواب.

3-

ولأنه حيوان لم تجب الزكاة فيه من جنسه فلم تجب فيه من غير جنسه.

4-

ولأنه حيوان لا يضحى به فأشبه الحمير والبغال.

أدلة القول الثاني: وهي أدلة الوجوب:

الدليل الأول: عموم الآيات والأحاديث التي أوجبت الزكاة في الأموال كقوله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} الآية4 وقد أوجبت الآية الزكاة في الأموال والخيل من الأموال والآية لم تفرق بين مال وآخر.

1 رواه البخاري في الزكاة، انظر: البخاري مع فتح الباري 3/326، 327 ومسلم كتاب الزكاة 2/675 رقم 982.

2 انظر: الإجماع لابن المنذر ص14 وفتح الباري 3/327.

3 حديث علي سبق تخريجه (ص 293، 294) من هذا البحث.

4 سورة التوبة آية (103) .

ص: 303

وكقوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ السابق: “افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم” فالحديث عام في الأموال مطلقاً.

الدليل الثاني: ما رواه الدارقطني من حديث جابر قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم “في الخيل السائمة في كل فرس دينار تؤديه”.

تفرد به غورك عن جعفر وهو ضعيف جداً، ومن دونه ضعفاء 1.

الدليل الثالث: حديث أبي هريرة الطويل قوله صلى الله عليه وسلم “ الخيل لثلاثة لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر وأما الَّذِي له ستر فالرجل يتخذها تعففاً وتكرماً وتجملاً، ولم ينس حق الله في ركابها” وفي رواية مسلم.

وأما التي هي له ستر فرجلٌ ربطها في سبيل الله ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها فهي له ستر 2.

وجه الدلالة: أن المراد بالحق هنا الزكاة.

الدليل الرابع: ما يروى عن عمر بن الخطاب أنه أخذ الزكاة منها، رواه عبد الرزاق أن السائب بن يزيد أخبره أنه كان يأتي عمر بن الخطاب بصدقة الخيل.

وفي رواية أخرى: قَال عمر فنأخذ من أربعين شاة شاة ولا نأخذ من الخيل شيئاً خذ من كل فرس ديناراً.

قَال فضرب على الخيل ديناراً ديناراً 3.

1 انظر: سنن الدارقطني باب زكاة التجارة وسقوطها عن الخيل والرقيق 2/125 والسنن الكبرى للبيهقي 4/119 من كتاب الزكاة.

2 انظر: البخاري مع فتح الباري كتاب الجهاد باب الخيل لثلاثة 6/63 ومسلم كتاب الزكاة باب إثم مانع الزكاة 2/681 رقم 987.

3 انظر: مصنف عبد الرزاق كتاب الزكاة باب الخيل 4/36 رقم 6888، 6889.

ص: 304

الدليل الخامس: القياس من وجهين:

1-

قياس الخيل على سائر بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم فكما تجب الزكاة في سائمة بهيمة الأنعام تجب في سائمة الخيل لكونه أهلي يؤكل لحمه.

2-

لأن الخيل مال نام فاضل عن الحاجة الأصلية فتجب فيه الزكاة كما لو كانت للتجارة1.

الراجح والله أعلم هو مذهب جمهور أهل العلم.

وقد أجابوا عن أدلة أصحاب القول الثاني بما يلي:

1-

أجابوا عن الدليل الأول بأن هذه النصوص عامة وأدلتنا خاصة والخاص مقدم على العام.

2-

حديث جابر قَال عنه الدارقطني تفرد به غورك عن جعفر وهو ضعيف جداً ومن دونه ضعفاء، قَال النووي: حديث جابر ضعيف باتفاق المحدثين 2.

3-

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: “ولم ينس حق الله في رقابها” معناه حسُن ملكها وتعهد شبعها وريها والشفقة عليها.

قَال ابن حجر: وهذا جواب من لم يوجب الزكاة في الخيل وهو قول الجمهور3.

4-

أما القياس فلا يصح قياسها على بهيمة الأنعام.

لأن بهيمة الأنعام يكمل نماؤها، وينتفع من درها ولحمها، ويضحى بجنسها، وتكون هدايا كما تكون فدية عن محظورات الإحرام، وتجب الزكاة من عينها، ويعتبر كما نصابها ولا يعتبر قيمتها والخيل بخلاف ذلك 4.

1 انظر: بدائع الصنائع 2/35 والحاوي 3/192 والمغني لابن قدامة 4/66.

2 انظر: المجموع للنووي 5/339.

3 انظر: فتح الباري 6/65.

4 انظر: المغني لابن قدامة 4/69.

ص: 305

5-

أما ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد جاء أصله في مسند الإمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب عن حارثة “قَال: جاء ناس من أهل الشام إلى عمر رضي الله عنه فقالوا إنا قد أصبنا أموالاً وخيلاً ورقيقاً نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور، قَال ما فعله صاحباي قبلي فأفعله، واستشار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وفيهم علي رضي الله عنه فقال علي: هو حسن إن لم يكن جزية راتبة يؤخذون بها من بعدك” 1.

فصار حديث عمر حجة عليهم من وجوه:

1-

قوله ما فعله صاحباي يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ولم يثبت عنهما القول بالوجوب زكاة الخيل.

2-

إن عمر امتنع من أخذ زكاة ولو كانت الزكاة واجبة لما تردد عمر بأخذها ولا يجوز له أن يمتنع من الواجب.

3-

أن عمر استشار الصحابة في أخذه ولو كان واجباً لما احتاج إلى الاستشارة في ذلك.

4-

قول علي هو حسن إن لم تكن جزية سماها جزية إن أخذت مرة ثانية ولو كانت واجبة لما قَال ذلك.

5-

لم يشر عليه أحد سوى علي بشرط عدم أخذها مرة أخرى ولو كانت واجبة لأشاروا عليه جميعاً بذلك.

6-

أنهم سألوه أن يأخذ الزكاة منهم ولو كانت واجبة لبدأهم وأخذها من غير سؤال.

7-

أن عمر أعطاهم في مقابلها رزقاً ولو كانت واجبة لم يعطهم شيئاً في

1 انظر: المسند 1/14 وسنن الدارقطني كتاب الزكاة 2/126 والسنن الكبرى للبيهقي كتاب الزكاة 4/118، 119المجموع للنووي 5/330.

ص: 306

مقابل ذلك 1.

- الشرط الثاني من شروط زكاة الحيوان:

أن تكون بهيمة الأنعام سائمة والسائمة هي الراعية يقال سامت الماشية سوماً أي رعت بنفسها ويتعدى بالهمزة فيقال أسامها فهي سائمة والجمع سوائم وهي التي ترسل ترعى ولا تُعلف أو كان الأغلب رعيها 2.

قَال ابن هبيرة: أجمعوا على وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم وهي بهيمة الإنعام لشرط أن تكون سائمة فالسائمة من الماشية فيها الزكاة إجماعاً3 ويكفي عند أكثر أهل العلم أن تكون سائمة أكثر السنة.

وقال الشافعي: إن لم تكن سائمة في جميع الحول فلا زكاة فيها لأن السوم شرط في الزكاة، فاعتبر في جميع الحول، ولأن العلف مسقط والسوم موجب فإذا اجتمعا غلب الإسقاط4.

- مسألة هل تجب الزكاة في غير السائمة؟

اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

القول الأول: وهو قول جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة وبه قَال من الصحابة علي وجابر ومعاذ وغيرهم رضي الله عنهم لا زكاة في غير السائمة بمعنى تجب في السائمة فقط دون غيرها.

القول الثاني: وهو قول المالكية تجب الزكاة في العوامل والمعلوفة من بهيمة الأنعام.

1 انظر: الحاوي 3/193 والمغني لابن قدامة 4/68.

2 انظر: تهذيب اللغة 13 /111 والصحاح 5/1955 والنهاية 2/426 والمطلع ص122.

3 انظر: الإفصاح 1/195 والحاوي 3/188.

4 انظر: الحاوي 3/190 والمجموع للنووي 5/357 والمغني لابن قدامة 4/13.

ص: 307

قَال مالك في الإبل النواضح والبقر السواني وبقر الحرث إني أرى أن يؤخذ من ذلك كله إذا وجبت فيه الصدقة 1.

فذهب مالك إلى أن الزكاة فيها واجبة كغير العوامل سواء بسواء وهو قول مكحول وقتادة ورواية عن الليث 2.

واستدل المالكية على الوجوب:

1-

بقوله صلى الله عليه وسلم فيما روى أنس بن مالك أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين “بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط: في أربع وعشرين فما دونها من الغنم من كل خمس شاة “. وقوله صلى الله عليه وسلم: ”ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة” 3.

وجه الدلالة: هذا الحديث مطلق غير مقيد بالسائمة ولا بغيرها دليل على وجوب الزكاة مطلقاً في السائمة والمعلوفة والعوامل على حد سواء.

2-

حديث معاذ بن جبل قَال: “ بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة ”. رواه أصحاب السنن4.

قَال أبو عيسى: هذا حديث حسن وروى بعضهم هذا الحديث عن

1 انظر: موطأ مالك رواية يحيى ص175 آخر ما جاء في صدقة البقر.

2 انظر: التمهيد 20/141 والكافي في فقه أهل المدينة 1/312.

3 رواه البخاري في الزكاة باب زكاة الغنم، انظر: البخاري مع فتح الباري 3/317.

4 انظر: سنن أبي داود كتاب الزكاة باب في زكاة السائمة 2/101 رقم 1576 والترمذي باب ما جاء في زكاة البقر 2/68 رقم 619 والنسائي باب زكاة البقر 5/25 رقم 2451 وابن ماجه باب صدقة البقر 1/576 رقم 1803، 1804.

ص: 308

سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق أن النبي صلى الله عليه وسلم “بعث معاذاً إلى اليمن فأمره أن يأخذ” وهذا أصح 1.

ووجه الدلالة: في هذا الحديث أطلق ولم يقيد ذلك بالسائمة ولا بغيرها دليل على وجوب الزكاة في المعلوفة والعوامل كالسائمة سواء بسواء.

قَال ابن عبد البر: وحجة من أوجب الزكاة في العوامل من الإبل والبقر ظاهر الأحاديث في الإبل والبقر في كل ثلاثين بقرة تبيع وفي كل أربعين مسنة لم يخص عاملاً من غير عامل2.

3-

القياس من وجهين:

أ- لأنه حيوان تجوز فيه الأضحية والهدي فجاز أن تجب فيه الزكاة كالسائمة على حد سواء.

ب- ولأنه لا فرق بينهما إلا في قلة المؤنة وكثرتها وهذه لا تؤثر في إسقاط الزكاة وإنما تؤثر في قدر الزكاة 3.

واستدل الجمهور على عدم الزكاة في المعلوفة والعوامل بما يلي:

1-

بحديث أنس بن مالك السابق4 لما بعثه الصديق إلى البحرين وجاء فيه “وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة. فإذا زادت عن عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل “ الحديث.

ووجه الدلالة: الحديث مقيد بالسائمة فدل أنه لا زكاة في غيرها.

1 انظر: سنن الترمذي 2/68.

2 انظر: التمهيد 20/142.

3 انظر: الحاوي 3/188.

4 انظر: تخريجه في (ص 308) من هذا البحث.

ص: 309

2-

حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قَال سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: “في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون” 1.

ووجه الدلالة كسابقه مقيد بالسائبة دليل على أنه لا زكاة في غيرها.

3-

حديث علي رضي الله عنه الَّذِي جاء فيه “وليس على العوامل شيء” يروى موقوفاً ومرفوعاً رواه أبو داود 2.

وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم “ليس في الإبل العوامل صدقة”

وحديث ابن عباس قَال صلى الله عليه وسلم: “ليس في البقر العوامل صدقة”.

وحديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قَال: “ليس في البقر العوامل شيء”.

وفي حديث الحارث “ليس على البقر العوامل شيء”.

وعن جابر قَال: لا يؤخذ من البقر التي يحرث عليها من الزكاة شيء 3.

وعنه قَال: لا صدقة في المثيرة يعني التي تثير الأرض للحرث 4.

ووجه الدلالة منها:

أن هذه الأحاديث والآثار نص في عدم زكاة العوامل.

4-

القياس

أ- قياس عوامل بهيمة الأنعام على عوامل الخيل يجامع عدم الزكاة في الكل.

ب- ولأنه حيوان مبتذل في مباح فوجب أن لا تجب فيه الزكاة كالثياب

1 رواه أحمد في المسند في أول المجلد الخامس، وأبو داود في كتاب الزكاة 2/101 رقم 1575 والنسائي باب عقوبة مانع الزكاة 5/15 رقم 2444.

2 انظر: سنن أبي داود كتاب الزكاة 2/99، 100 رقم 1572.

3 انظر: سنن الدارقطني كتاب الزكاة باب ليس في العوامل صدقة 2/103.

4 انظر: مصنف عبد الرزاق كتاب الزكاة باب ما لا يؤخذ من الصدقة 4/19 رقم 6828 ومصنف ابن أبي شيبة 3/131.

ص: 310

والعقار.

جـ- ولأن الزكاة إنما تجب في الأموال النامية وهذه مفقودة النماء فوجب أن تسقط عنها الزكاة.

والراجح والله أعلم هو مذهب جمهور أهل العلم عدم زكاة العوامل والمعلوفة، قَال الماوردي: فأما استدلالهم بعموم الخبر فأخبارنا تخصه، وأما قياسهم على السائمة فالمعنى فيها حصول الدر والنسل، وأما قولهم إن كثرة المؤنة تؤثر فالجواب عنه: إنما لم تسقط الزكاة عنها لكثرة المؤنة، وإنما أسقطناها لفقد النماء والله أعلم 1.

مسألة في السخال والحملان والفصلان والعجاجيل هل يكمل بها النصاب أم لا؟

متى كان عنده نصاب كامل فنتجت منه سخال في أثناء الحول وجبت الزكاة في الجميع عند تمام حول الأمهات فزكاة السخال بحول أمهاتها ولا يستقبل بها الحول وهو قول جمهور الفقهاء.

فأما إن لم يكمل النصاب إلا بالسخال، احتسب الحول من حين كمل النصاب، والحكم في فصلان الإبل وعجول البقر كالحكم في السخال.

وقال الحسن البصري والنخعي يستأنف بالسخال حولا، ولا يبنى على حول الأمهات فلا زكاة في السخال حتى يحول عليها الحول.

ودليل ما ذهب إليه الجمهور ما رواه مالك عن سفيان بن عبد الله أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقا فكان يعد الناس بالسخل، فقالوا: أتعد علينا بالسخل ولا تأخذ منه شيئا فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك فقال عمر: نعم تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها ولا تأخذ الأكولة

1 انظر: الحاوي 3/189، 190.

ص: 311

ولا الربى ولا الماخض، ولا فحل الغنم وتأخذ الجذعة والثنية وذلك عدل بين غتراء الغنم وخياره.

قَال مالك: السخلة: الصغيرة حين تنتج، والربى: التي وضعت فهي تربي ولدها، والماخض هي الحامل، والأكولة: هي شاة اللحم التي تسمن لتؤكل.

وقال مالك في الرجل تكون له الغنم لا تجب فيها الصدقة فتتوالد قبل أن يأتيها المصدق بيوم واحد فتبلغ ما تجب فيه الصدقة بولادتها قَال: إذا بلغت الغنم بأولادها ما تجب فيه الصدقة فعليه فيها الصدقة وذلك أن ولادة الغنم منها1.

مسألة:

يجب على الساعي أن يخرج الوسط من بهيمة الأنعام فيأخذ الصغيرة من الصغار، ولا يأخذ الصغيرة من الكبار أو العكس، ويأخذ السمينة من السمان، ولا يأخذ السمينة من الهزال أو العكس، ويأخذ الصحيحة من الصحاح، ولا يأخذ المريضة من الصحاح أو العكس.

وهكذا فإن بهيمة الأنعام فيها كرائم ولئام، والزكاة من باب المواساة بين الفقراء وأرباب الأموال قَال صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ السابق “إياك وكرائم أموالهم” أي لا يأخذ الساعي خيار المال ولا رديئه وإنما يأخذ عدلاً بين الكبير والصغير والله أعلم 2.

*مسألة: ما حكم الوقص والشنق في بهيمة الأنعام وهل تجب فيهما الزكاة:

قَال أبو عبيد: الوقص عندنا ما بين الفريضتين وذلك ست من الإبل

1 انظر: موطأ مالك رواية يحيى ص177 باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في الصدقة رقم 602 وانظر: الحاوي 3/112.

2 انظر: المغني لابن قدامة 4/44 وشرح الزركشي 2/399.

ص: 312

وسبع وثمان وتسع وما زاد بعد الخمس إلى التسع فهو وقص لأنه ليس فيه شيء، وكذلك ما زاد على العشر إلى أربع عشرة، وكذلك ما فوق ذلك.

وجمع الوقص أوقاص وكذلك الشنق وجمعه أشناق 1.

وجاء تفسيرهما عن الإمام أحمد في مسائل عبد الله.

قَال أبي: والأوقاص ما بين الفريضتين، في ثلاثين تبيع، وفي أربعين مسنة ما بين الأربعين إلى الخمسين فهي أوقاص فليس فيها شيء حتى تبلغ ستين فتكون فيها تبيعان.

قَال أبي: والشنق ما لم يبلغ الفريضة وهو ما كان أقل من ثلاثين من البقر وأقل من خمس من الإبل فهو الشنق 2.

ومنهم من يجعل الأوقاص في البقر خاصة والإشناق في الإبل وأكثر استعماله فيما بين النصابين والله تعالى أعلم 3.

والوقص في بهيمة الأنعام لا زكاة فيه فهو عفو أي معفو عنه، فلو هلك الوقص لا تسقط الزكاة ففرض الزكاة لا يتعلق به ففي الإبل مثلاً في خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين فيها بنت مخاض فلو ملك ثلاثين من الإبل فهلك منها خمس بعد الحول فعليه بنت مخاض وفي البقر مثلاً لو ملك تسعاً وثلاثين فهلك خمس بعد الحول فعليه تبيع أو تبيعة لا تتأثر الزكاة بذلك.

ودليل ذلك ما جاء في حديث معاذ فيما رواه الإمام أحمد قَال: لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقاص البقر شيئاً. وفي رواية قَال: وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا آخذ فيما بين ذلك وقال هارون: فيما بين ذلك شيئاً إلا أن يبلغ مسنة أو جذعاً

1 غريب الحديث لأبي عبيد 4/142.

2 انظر: المسائل 2/598 رقم 819، 820 والمغني لابن قدامة 4/29.

3 النهاية 5/214 مادة وقص والمجموع 5/392، 393.

ص: 313

وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها 1.

ولأبي عبيد: أن معاذ بن جبل قَال باليمن “لست بآخذ من أوقاص البقر شيئاً حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمرني فيها بشيء”.

وفي رواية عن يحيى بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَال: “إن الأوقاص لا صدقة فيها”.

وفي رواية عن الشعبي قَال: “ليس في الأوقاص صدقة”.

وفي رواية عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز كتب “أن ليس في الأوقاص شيء” 2.

وعند عبد الرزاق عن الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن معاذ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأوقاص ما بين الثلاثين إلى الأربعين وما بين الأربعين إلى الخمسين فقال: “ليس فيها شيء”.

وعن الشعبي قَال: ليس في الأوقاص ما بين الثلاثين إلى الأربعين شيء 3.

أما مقدار الزكاة في بهيمة الأنعام فهو ما يوضحه الجدول التالي:

1 رواه أحمد في المسند انظر: 5/230، 240.

2 انظر: الأموال لأبي عبيد ص391، 392 رقم 1022 - 1024.

3 انظر: مصنف عبد الرزاق كتاب الزكاة باب البقر 4/23، 24 رقم 6848، 6849.

ص: 314

جدول زكاة السائمة:

الإبل

البقر

الغنم

المقدار

زكاته

المقدار

زكاته

المقدار

زكاته

من

إلى

من

إلى

من

إلى

5

9

شاة

30

39

تبيع أو تبيعة

40

120

شاة

10

14

شاتان

40

59

مسنة

121

200

شاتان

15

19

ثلاث شياه

60

تبيعان

201

ثلاث شياه

20

24

أربع شياه

ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة

ثم في كل مائة شاة.

25

35

بنت مخاض

36

45

بنت لبون

46

60

حقة

61

75

جذعة

76

90

بنتا لبون

91

120

حقتان

121

ثلاث بنات لبون

ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة.

ص: 315