الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: حكم الزكاة
الزكاة أصل من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده دل على هذا الأصل الكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
- النوع الأول: الأدلة من كتاب الله عز وجل كثيرة في فرض الزكاة: وقد جاءت قرينة الصلاة في أكثر من ثمانين موضعاً منها قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} 1
ومن الأدلّة في فرض الزكاة قوله تعالى في صفات أهل الإيمان: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} 3.
قَال ابن كثير: “الأكثرون على أن المراد بالزكاة هنا زكاة الأموال مع أن هذه الآية مكية وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجباً بمكة قَال تعالى في سورة الأنعام وهي مكية: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} 4 وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا زكاة النفس من الشرك والدنس كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 5 على أحد
1 سورة البقرة آية 43.
2 سورة البينة آية 5.
3 سورة المؤمنون آية 4.
4 سورة الأنعام آية 141.
5 سورة الشمس آية 9، 10.
القولين، وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مراداً وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال، فإنه من جملة زكاة النفوس والمؤمن الكامل هو الَّذِي يفصل هذا وهذا والله أعلم”1.
- النوع الثاني من الأدلة: السنة:
جاءت أحاديث كثيرة في الصحيحين وغير هما على فرضية الزكاة ومنها:
1-
حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قَال: “بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان” 2.
2-
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه المشهور أن جبريل عليه السلام جاء وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان” 3 الحديث.
3-
ومن الأحاديث المشهورة في الزكاة حديث معاذ حينما بعثه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وجاء فيه “فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم” 4 الحديث.
1 تفسير ابن كثير 3/239.
2 رواه البخاري في كتاب الإيمان باب قوله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام انظر: البخاري مع الفتح 1/47 ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان أركان الإسلام 1/45 رقم 16.
3 رواه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان الإسلام والإيمان والإحسان 1/36 رقم 8.
4 رواه البخاري في كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة وباب لا تؤخذ كرائم أموال الناس، انظر: البخاري مع فتح الباري 3/261، 322 ومسلم في كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين 1/50 رقم 29.
- النوع الثالث من الأدلة: وهو الإجماع:
فقد أجمعت الأمة على وجوب الزكاة وفرضيتها وأن من جحدها كفر.
قَال ابن قدامة: “وأجمع المسلمون في جميع الأعصار على وجوبها واتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعيها” 1.
- النوع الرابع من الأدلة: وهو المعقول وذلك من وجوه:
1-
أن أداء الزكاة من باب إعانة الضعيف وإغاثة اللهيف وإقدار العاجز وتقويته على أداء ما افترض الله عز وجل عليه من التوحيد والعبادات والوسيلة إلى أداء المفروض مفروض.
2-
أن الزكاة تطهر نفس المؤدي عن أنجاس الذنوب وتزكي أخلاقه بتخلق الجود والكرم وترك الشح والضَّن2 إذ الأنفس مجبولة على الضَّن بالمال، فتعود السماحة وترتاض لأداء الأمانات وإيصال الحقوق إلى مستحقيها.
3-
إن الله تعالى قد أنعم على الأغنياء وفضلهم بصنوف النعمة والأموال الفاضلة عن الحوائج الأصلية وخصهم بها فيتنعمون ويستمتعون بلذيذ العيش، وشكر النعمة فرض عقلاً وشرعاً وأداء الزكاة إلى الفقير من باب شكر النعمة فكان فرضاً.3
1 انظر: المغني لابن قدامة 4/5 وانظر: الإجماع لابن المنذر ص13 والإفصاح لابن هبيرة 1/195 والمجموع للنووي 5/326 وبدائع الصنائع 2/3.
2 الضنّة والضن والمضنّة كل ذلك من الإمساك والبخل. انظر: لسان العرب مادة: ضن 13/261
3 بدائع الصنائع 2/3.