الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمرتبَة الْخَامِسَة قَول الصَّحَابِيّ إِذا خَالف الْقيَاس
وَاحْتج الْقَائِلُونَ بِأَن قَول الصَّحَابِيّ إِنَّمَا يكون حجَّة إِذا خَالف الْقيَاس بِأَنَّهُ فِي هَذِه الْحَالة لَا يكون قَوْله إِلَّا عَن تَوْقِيف إِذْ لَا مجَال لِلْعَقْلِ فِي ذَلِك
وَإِن كَانَ لَهُ فِيهِ مجَال لكنه عدل عَمَّا يَقْتَضِيهِ الْقيَاس فعدوله عَنهُ إِنَّمَا يكون لخَبر عِنْده فِيهِ وَإِلَّا يلْزم أَن يكون قَائِلا فِي الدّين بالتشهي من غير مُسْتَند وَذَلِكَ يقْدَح فِي دينه وَعلمه وَلَا يَنْبَغِي الْمصير إِلَيْهِ فَيتَعَيَّن اتِّبَاع قَوْله وَهُوَ قوي
إِلَّا أَنه لَا يَقْتَضِي أَن لَا يكون قَوْله حجَّة فِي غير هَذِه الصُّورَة نعم إِذا تعَارض قَول صحابين وَقُلْنَا بالترجيح كَمَا سَيَأْتِي فَيظْهر أَن القَوْل الْمُخَالف للْقِيَاس يكون أرجح من الْمُوَافق لَهُ لهَذَا الْمَعْنى
وَقد اعْترض على هَذَا الدَّلِيل من أَصله بِأَنَّهُ يجوز أَن تكون مُخَالفَته للْقِيَاس لنَصّ ظَنّه دَلِيلا مَعَ أَنه لَيْسَ كَذَلِك فِي نفس الْأَمر وبالنقض بِمذهب التَّابِعِيّ وَمن بعده فَإِن جَمِيع مَا ذَكرُوهُ فِيهِ آتٍ فِيهِ بِعَيْنِه
وَيُمكن الْجَواب عَن الأول أَن هَذَا الِاحْتِمَال وَإِن كَانَ منقدحا فَالظَّاهِر من حَال الصَّحَابِيّ ومعرفته وَشدَّة ورعه أَنه لَا يتبع الظَّن الْمَرْجُوح بِحَيْثُ يكون مَا ظَنّه دَلِيلا لَيْسَ مطابقا لظَنّه فَنحْن نتمسك بِهَذَا الظَّاهِر إِلَى أَن يُعَارضهُ مَا هُوَ أرجح مِنْهُ كَالظَّاهِرِ الْخَبَر الصَّحِيح إِذا خَالفه الصَّحَابِيّ فَإنَّا نتبع ظَاهر الْخَبَر ونقدمه على قَول الصَّحَابِيّ كَمَا سَيَأْتِي لِأَن هَذَا الظَّاهِر أرجح من هَذَا الْمُحْتَمل وَأما هُنَا فَلم يُعَارض الظَّاهِر من حَال الصَّحَابِيّ مَا هُوَ أرجح مِنْهُ
وَأما النَّقْض بِمذهب التَّابِعِيّ فقد تقدم الْفرق بَين الصَّحَابِيّ وَمن بعده بِمَا فِيهِ كِفَايَة
وَمِمَّا يُؤَيّد مَا تقدم أَن جمَاعَة من الْعلمَاء قَالُوا فِي تَفْسِير الصَّحَابِيّ الْآيَة فِيمَا لَا مجَال للإجتهاد فِيهِ أَنه يكون مُسْندًا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو فِي حكم الْمسند لِأَن الظَّاهِر أَنه لم يقل ذَلِك إِلَّا عَن تَوْقِيف فَكَذَلِك يَجِيء هُنَا فِي قَوْله إِذا كَانَ مُخَالفا للْقِيَاس أَو لَا مجَال للْقِيَاس فِيهِ