الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون عِنْد الْعلم بِاتِّفَاق الْمُجْتَهدين وَهُوَ مَفْقُود فِي هَذِه الصُّورَة فَانْتفى كَونه إِجْمَاعًا
وَأما كَونه حجَّة فَلِأَن الْعَادة تَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَو لم يكن صَحِيحا لما تطابق الْجَمِيع على السُّكُوت عَنهُ إِذا لم يكن هُنَاكَ مَانع قوي وَلَو كَانَ ثمَّ مَانع لظهر فَإِذا لم يظْهر ذَلِك وَلَا إِنْكَار صدر من أحد مِنْهُم لذَلِك القَوْل فيبعد إِلَّا يكون الْحق فِي ذَلِك القَوْل بعد قَوِيا فَيكون حجَّة لِئَلَّا الْمَحْذُور بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل الْعَصْر وَعدم إظهارهم الْمُخَالفَة
وَأما ابْن أبي هُرَيْرَة فَقَالَ الْعَادة جَارِيَة بالإعتراض على الْمُفْتِي دون الْحُكَّام لما فِي الإعتراض على الْحُكَّام من ثوران الْفِتَن فَإِذا سكتوا عَن الْفتيا فَإِن سكوتهم دَال على الْمُوَافقَة دون مَا إِذا سكتوا عَن الحكم
وَقَالَ من عكس ذَلِك هَذَا فِي الحكم أولى لما كَانَت الْعَادة جَارِيَة بِهِ من أَن الْحَاكِم يشاور وَيُرَاجع أهل النّظر بِخِلَاف الْفَتْوَى فَإِنَّهَا تقع غَالِبا عَن الإستبداد
وَاعْترض على الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ لَا فرق بَين الْفَتْوَى وَالْحكم وَقد تقدم أَنهم اعْترضُوا على الْخُلَفَاء فِي أحكامهم كثيرا
وَفِي الْمَسْأَلَة مبَاحث كَثِيرَة للأصوليين من التقديرات المجوزة لسنا بصدد ذكرهَا
مَرَاتِب الْإِجْمَاع السكوتي
وَالْمَقْصُود أَن هُنَا مَرَاتِب مُتَفَاوِتَة فِي الْقُوَّة والضعف
إِحْدَاهَا فرض ذَلِك فِي كل عصر وَهَذَا إِن كَانَ بعد اسْتِقْرَار الْمذَاهب فَلَا أثر للسكوت قطعا وَإِن كَانَ قبل ذَلِك فَفِيهِ مَا تقدم من الْخلاف
وَفِي جعله إِجْمَاعًا ظنيا نظر وَكَونه حجَّة وَلَيْسَ بِإِجْمَاع أبعد من ذَلِك
وَثَانِيها أَن يكون ذَلِك فِي عصر الصَّحَابَة رضي الله عنهم فَهُوَ أقوى من الأول وَأولى بِأَن يكون السُّكُوت مِنْهُم دَلِيلا على الْمُوَافقَة لعلو مرتبتهم فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَعدم المذاهبة على من بعدهمْ وَإِن كَانَ لم يكن إِجْمَاعًا فَالظَّاهِر أَنه حجَّة لما تقدم
وَثَالِثهَا أَن يكون ذَلِك فِيمَا يتَكَرَّر وُقُوعه فَهُوَ أولى بِأَن يكون إِجْمَاعًا أَو حجَّة لِأَن تِلْكَ الإحتمالات الْمقدرَة تبعد فِيهِ بعدا قَوِيا
وَرَابِعهَا أَن يكون فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى فكون ذَلِك إِجْمَاعًا أقوى مِمَّا قبله