المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عَليّ رضي الله عنه أَنه صلى فِي لَيْلَة سِتّ رَكْعَات - إجمال الإصابة في أقوال الصحابة

[صلاح الدين العلائي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف

- ‌الطّرف الاول قَول الصَّحَابِيّ اذا اشْتهر بَينهم جَمِيعًا وَلم ينكروه

- ‌تَرْجِيح

- ‌ادلة الاقوال الْمُتَقَدّمَة

- ‌مَرَاتِب الْإِجْمَاع السكوتي

- ‌الطّرف الثَّانِي قَول الصَّحَابِيّ إِذا طلع عَلَيْهِ غَيره وَلم يعلم انتشاره بَينهم جمعيهم

- ‌الطّرف الثَّالِث قَول الصَّحَابِيّ إِذا لم يشْتَهر وَلم يُخَالِفهُ غَيره

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌أَدِلَّة الْأَقْوَال الْمُتَقَدّمَة

- ‌الْمرتبَة الأولى اتِّفَاق الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة اتِّفَاق أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة فِي قَوْله كل وَاحِد من الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة إِذا انْفَرد

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة قَول مُطلق الصَّحَابِيّ

- ‌الْمرتبَة الْخَامِسَة قَول الصَّحَابِيّ إِذا خَالف الْقيَاس

- ‌قَول الصَّحَابِيّ إِذا اعتضد بِالْقِيَاسِ

- ‌الطّرف الرَّابِع أَن يخْتَلف الصَّحَابَة فِي الحكم على قَوْلَيْنِ فَأكْثر

- ‌قَول الصَّحَابِيّ الْمُخَالف للْحَدِيث

- ‌الْقسم الأول التَّخْصِيص بقول الصَّحَابِيّ

- ‌فَائِدَة نذنب بهَا مَا تقدم

الفصل: عَليّ رضي الله عنه أَنه صلى فِي لَيْلَة سِتّ رَكْعَات

عَليّ رضي الله عنه أَنه صلى فِي لَيْلَة سِتّ رَكْعَات كل رَكْعَة بست سَجدَات ثمَّ قَالَ إِن ثَبت ذَلِك عَن عَليّ قلت بِهِ قَالَ الْغَزالِيّ وَهَذَا لِأَنَّهُ رأى أَن القَوْل بذلك لَا يكون إِلَّا عَن تَوْقِيف إِذْ لَا مجَال للْقِيَاس فِيهِ

قلت وَهَذَا يَقْتَضِي تَخْرِيج قَول للشَّافِعِيّ أَن قَول الصَّحَابِيّ فِيمَا لَا يدْرك بِالْقِيَاسِ حجَّة دون غَيره وَفِيه نظر لِأَن الظَّاهِر أَن هَذَا من الشَّافِعِي بِنَاء على مُطلق القَوْل بِأَن قَول الصَّحَابِيّ حجَّة

ثمَّ قَوْله إِن ذَلِك تَفْرِيع على الْقَدِيم ضَعِيف أَيْضا لِأَن كتاب اخْتِلَاف الحَدِيث من كتب الشَّافِعِي الجديدة بِمصْر رَوَاهُ عَنهُ الرّبيع بن سُلَيْمَان فَيكون هَذَا أَيْضا مؤيدا لما تقدم من النَّقْل عَن الرسَالَة الجديدة وَعَن كتاب اخْتِلَاف مَالك وَالشَّافِعِيّ

ثمَّ هَذِه الْأَقْوَال كلهَا إِذا انْفَرد قَول الصَّحَابِيّ وَلم يُخَالِفهُ غَيره فَأَما عِنْد خلافهم فَسَيَأْتِي الْكَلَام فِي ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى

‌الْمقَام الثَّانِي

فِي جَوَاز تَقْلِيد الْمُجْتَهد الصَّحَابِيّ إِذا لم يكن قَوْله حجَّة وَقد أفردها الإِمَام الْغَزالِيّ بِالذكر بعد الْكَلَام فِي أَن قَول الصَّحَابِيّ حجَّة فَقَالَ فِي الْمُسْتَصْفى إِن قَالَ قَائِل إِذا لم يجب تقليدهم فَهَل يجوز

ص: 42

تقليدهم قُلْنَا أما الْعَاميّ فيقلدهم وَأما الْعَالم فَإِن جَازَ تَقْلِيد الْعَالم للْعَالم فقد اخْتلف قَول الشَّافِعِي فِي تَقْلِيد الصَّحَابَة فَقَالَ فِي الْقَدِيم يجوز تَقْلِيد الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ قولا وانتشر قَوْله وَلم يُخَالف

وَقَالَ فِي مَوضِع يُقَلّد وَإِن لم ينتشر

وَرجع فِي الْجَدِيد إِلَى أَنه لَا يُقَلّد الْعَالم صحابيا كَمَا لَا يُقَلّد الْعَالم عَالما آخر نقل الْمُزنِيّ عَنهُ ذَلِك وَأَن الْعمد على الْأَدِلَّة الَّتِي بهَا يجوز للصحابي الْفَتْوَى وَهُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار عندنَا انْتهى كَلَام الْغَزالِيّ رحمه الله

وَتَبعهُ على ذَلِك فَخر الدّين وَعَامة أَتْبَاعه والآمدي فِي الإحكام وَأعْرض ابْن الْحَاجِب عَن إِفْرَاد هَذِه الصُّورَة بِالذكر وَهُوَ الْحق لما ننبه عَلَيْهِ

فَإِن الَّذِي يظْهر أَن الإِمَام الشَّافِعِي حَيْثُ صرح بتقليد الصَّحَابِيّ لم يرد بِهِ التَّقْلِيد الَّذِي هُوَ مُتَعَارَف بَين الْعلمَاء وَهُوَ قبُول قَول غَيره مِمَّن لَا يجب عَلَيْهِ اتِّبَاعه من غير حجَّة بل مُرَاده بذلك أَن قَوْله حجَّة يجب اتباعها فَإِنَّهُ قَالَ فِي أدب القَاضِي ويشاور قَالَ الله تَعَالَى {وَأمرهمْ شُورَى بَينهم} وَقَالَ لنَبيه صلى الله عليه وسلم {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ الْحسن إِن كَانَ لغنيا عَن مشاورتهم وَلكنه أَرَادَ بذلك أَن يستن بذلك الْأَحْكَام بعده وَلَا يشاور إِذا نزل بِهِ الْأَمر إِلَّا أَمينا عَالما بِالْكتاب وَالسّنة والْآثَار وأقاويل النَّاس ولسان الْعَرَب وَلَا يقبل وَإِن كَانَ أعلم مِنْهُ حَتَّى يُعلمهُ كعلمه أَن ذَلِك لَازم لَهُ من حَيْثُ لم تخْتَلف الرِّوَايَة فِيهِ أَو بِدلَالَة عَلَيْهِ أَو أَنه لَا يحْتَمل وَجها آخر أظهر مِنْهُ فَأَما أَن يقلده فَلم يَجْعَل الله ذَلِك لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 43

هَذَا نَصه فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ فَأطلق اسْم التَّقْلِيد على الإحتجاج بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الإحتجاج بقوله فَكَذَلِك قَوْله فِي تَقْلِيد الصَّحَابِيّ وَلَا سِيمَا مَعَ مَا اسْتَقر من قَوْله المتكرر فِي غير مَوضِع بِالنَّهْي عَن التَّقْلِيد وَالْمَنْع مِنْهُ

ثمَّ قَول الْغَزالِيّ رحمه الله إِن ذَلِك فِي كتبه الْقَدِيمَة فَقَط وَإنَّهُ رَجَعَ عَنهُ فِي الْجَدِيد منقوض بِمَا نَص عَلَيْهِ فِي كتاب الْأُم فِي مَوَاضِع عديدة بتقليد الصَّحَابِيّ

مِنْهَا قَوْله فِيمَا إِذا بَاعَ بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب فَالَّذِي أذهب إِلَيْهِ فِي ذَلِك قَضَاء عُثْمَان رضي الله عنه أَنه يبرأ من كل عيب علمه وَلم يسمه ويقفه عَلَيْهِ فلير تقليدا

فَإِن كَانَ أَرَادَ الإِمَام الشَّافِعِي بالتقليد للصحابي فِي الْقَدِيم مَعْنَاهُ الْمَعْرُوف فَهُوَ كَذَلِك هُنَا أَيْضا فِي الْجَدِيد وَالْأَظْهَر أَنه أَرَادَ بِهِ الإحتجاج بقول الصَّحَابِيّ وَأطلق اسْم التَّقْلِيد عَلَيْهِ مجَازًا كَمَا أطلقهُ فِي الإحتجاج بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَهَذَا النَّص الَّذِي نقلته عَن الشَّافِعِي رحمه الله فِي البيع بِشَرْط الْبَرَاءَة قَالَه فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَفِي كتاب اخْتِلَاف الْعِرَاقِيّين وَهُوَ من جملَة كتب

ص: 44

الْأُم وَكِلَاهُمَا فِي الْجَدِيد

وَقد ذكر الْغَزالِيّ رحمه الله فِي آخر الْمَسْأَلَة الْمُتَقَدّمَة فِي الْمُسْتَصْفى قَالَ فَإِن قيل فقد ترك الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد الْقيَاس فِي تَغْلِيظ الدِّيَة فِي الْحرم لقَوْل عُثْمَان رضي الله عنه وَكَذَلِكَ فرق بَين الْحَيَوَان وَغَيره فِي شَرط الْبَرَاءَة لقَوْل عُثْمَان قُلْنَا لَهُ فِي شَرط الْبَرَاءَة أَقْوَال فَلَعَلَّ هَذَا مرجوع عَنهُ فَلَيْسَ كَذَلِك لما بَينا فِي غير مَوضِع من كتبه الجديدة وَقَالَ إِنَّه الَّذِي يذهب إِلَيْهِ وَبِهَذَا قطع أَبُو إِسْحَاق الْمروزِي وَابْن خيران وَغَيرهمَا وَلم يجعلا فِي الْمَسْأَلَة الْمُتَقَدّمَة للشَّافِعِيّ قولا غَيره وَهُوَ الَّذِي صَححهُ الْمُتَأَخّرُونَ

وَأما الْمَسْأَلَة تَغْلِيظ الدِّيَة فقد احْتج الشَّافِعِي رحمه الله فِيهَا بِمَا روى عَن عُثْمَان رضي الله عنه أَنه قضى فِي امْرَأَة قتلت فِي الْحرم بدية وَثلث دِيَة وَقد رُوِيَ نَحْو مِنْهُ عَن عمر وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَلَا مُخَالف لَهما من الصَّحَابَة فَيكون اعْتمد ذَلِك بِنَاء على مَا تقدم من الْإِجْمَاع السكوتي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّحَابَة رضي الله عنهم أَو لِأَنَّهُ قضى بِهِ عمر وَعُثْمَان رضي الله عنهما وَهُوَ قد نَص فِي الْجَدِيد كَمَا تقدم عَنهُ على الرُّجُوع إِلَى قَول أحد الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة رضي الله عنهم لِأَنَّهُ يشْتَهر غَالِبا بِخِلَاف قَول الْمُفْتى

وَقد حكى الْغَزالِيّ فِي الْموضع الْمشَار إِلَيْهِ أَيْضا أَن الشَّافِعِي اخْتلف قَوْله فِيمَا إِذا اخْتلف الْإِفْتَاء وَالْحكم كمن الصَّحَابَة فَقَالَ مرّة الحكم أولى لِأَن الْعِنَايَة بِهِ أَشد والمشورة فِيهِ أبلغ وَقَالَ مرّة الْفَتْوَى أولى لِأَن سكوتهم على الحكم يحمل على الطَّاعَة لأولي الْأَمر

ص: 45