المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الطّرف الثَّالِث قَول الصَّحَابِيّ إِذا لم يشْتَهر وَلم يُخَالِفهُ غَيره   أَن - إجمال الإصابة في أقوال الصحابة

[صلاح الدين العلائي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف

- ‌الطّرف الاول قَول الصَّحَابِيّ اذا اشْتهر بَينهم جَمِيعًا وَلم ينكروه

- ‌تَرْجِيح

- ‌ادلة الاقوال الْمُتَقَدّمَة

- ‌مَرَاتِب الْإِجْمَاع السكوتي

- ‌الطّرف الثَّانِي قَول الصَّحَابِيّ إِذا طلع عَلَيْهِ غَيره وَلم يعلم انتشاره بَينهم جمعيهم

- ‌الطّرف الثَّالِث قَول الصَّحَابِيّ إِذا لم يشْتَهر وَلم يُخَالِفهُ غَيره

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌أَدِلَّة الْأَقْوَال الْمُتَقَدّمَة

- ‌الْمرتبَة الأولى اتِّفَاق الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة اتِّفَاق أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة فِي قَوْله كل وَاحِد من الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة إِذا انْفَرد

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة قَول مُطلق الصَّحَابِيّ

- ‌الْمرتبَة الْخَامِسَة قَول الصَّحَابِيّ إِذا خَالف الْقيَاس

- ‌قَول الصَّحَابِيّ إِذا اعتضد بِالْقِيَاسِ

- ‌الطّرف الرَّابِع أَن يخْتَلف الصَّحَابَة فِي الحكم على قَوْلَيْنِ فَأكْثر

- ‌قَول الصَّحَابِيّ الْمُخَالف للْحَدِيث

- ‌الْقسم الأول التَّخْصِيص بقول الصَّحَابِيّ

- ‌فَائِدَة نذنب بهَا مَا تقدم

الفصل: ‌ ‌الطّرف الثَّالِث قَول الصَّحَابِيّ إِذا لم يشْتَهر وَلم يُخَالِفهُ غَيره   أَن

‌الطّرف الثَّالِث قَول الصَّحَابِيّ إِذا لم يشْتَهر وَلم يُخَالِفهُ غَيره

أَن يَقُول الصَّحَابِيّ قولا أَو يحكم بِحكم وَلم يثبت فِيهِ اشتهار وَلَا يُؤثر عَن غير من الصَّحَابَة مُخَالفَة فِي ذَلِك

وَهَذِه الصُّورَة هِيَ أَكثر مَا يُوجد عَنْهُم

وللعلماء فِيهَا أَقْوَال مُتعَدِّدَة وَالْكَلَام فِي مقامين

‌الْمقَام الأول

فِي كَونه حجَّة شَرْعِيَّة تقدم على الْقيَاس وَالَّذِي يتَحَصَّل فِي ذَلِك مَذَاهِب

أَحدهَا أَنه حجَّة مُطلقًا

وَالثَّانِي أَنه لَيْسَ بِحجَّة مُطلقًا

وَالثَّالِث أَن الْحجَّة قَول أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما دون غَيرهمَا

وَالرَّابِع أَن الْحجَّة قَول الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة رضي الله عنهم فَقَط

وَالْخَامِس أَن قَول الصَّحَابِيّ فِيمَا لَا يدْرك قِيَاسا فَهُوَ حجَّة دون مَا يدْرك بِالْقِيَاسِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يعبر عَنهُ ابْن الْحَاجِب بِأَنَّهُ حجَّة إِذا خَالف الْقيَاس

وَالسَّادِس إِن كَانَ من أهل الْعلم والإجتهاد فَقَوله حجَّة وَإِلَّا فَلَا قَالَه العالمي من الْحَنَفِيَّة فِي كِتَابه حاكيا لَهُ عَن أَصْحَابهم وَالْجُمْهُور لم يفصلوا هَذَا التَّفْصِيل بل أطْلقُوا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم

ص: 35

فَأَما القَوْل بِكَوْنِهِ حجَّة فَهُوَ مَذْهَب مَالك وَجُمْهُور أَصْحَابه وسُفْيَان الثَّوْريّ وَجُمْهُور أهل الحَدِيث وَكثير من الْحَنَفِيَّة كَأبي يُوسُف وَأبي سعيد البرذعي وَأبي بكر الرَّازِيّ وَعَزاهُ الْأَصْحَاب إِلَى الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك فَقَط كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ رِوَايَة مَشْهُورَة عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَبِه قَالَ أَكثر أَصْحَابه وَهُوَ مُقْتَضى أجوبته وتصرفاته فِي كثير من الْمسَائِل

وَأما القَوْل بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحجَّة مُطلقًا فإليه ذهب جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ من أَصْحَابنَا والمعتزلة وَهُوَ الَّذِي عزاهُ الْأَصْحَاب إِلَى الْجَدِيد من قَول الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ وأوما إِلَيْهِ أَحْمد بن حَنْبَل فَجعل ذَلِك رِوَايَة ثَانِيَة عَنهُ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخطاب من أَصْحَابه وَإِلَيْهِ يمِيل قَول مُحَمَّد بن الْحسن

وَذهب الْكَرْخِي من الْحَنَفِيَّة إِلَى أَن قَول الصَّحَابِيّ حجَّة فِيمَا لَا يدْرك بِالْقِيَاسِ وَهُوَ اخْتِيَار الْبَزْدَوِيّ وَابْن الساعاتي وَغَيرهمَا مِنْهُم

وَأما أَصْحَابنَا فقد تقدم أَنهم قطعُوا القَوْل عَن الإِمَام الشَّافِعِي بِأَن قَوْله الْقَدِيم أَنه حجَّة وَأَن قَول الْجَدِيد أَنه لَيْسَ بِحجَّة

وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان ذهب الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم إِلَى أَنه حجَّة يجب على الْمُجْتَهدين من أهل الْأَمْصَار التَّمَسُّك بهَا ثمَّ قَالَ وَإِنَّمَا يكون حجَّة إِذا لم تخْتَلف الصَّحَابَة وَلَكِن نقل وَاحِد عَن وَاحِد وَلم يظْهر خِلَافه فَيكون حنيئذ حجَّة وَإِن لم ينتشر وَقَالَ فِي بعض أَقْوَاله إِذا اخْتلف الصَّحَابَة فالتمسك بقول الْخُلَفَاء أولى قَالَ الإِمَام وَهَذَا كالدليل على أَنه لم يسْقط الإحتجاج بأقوال الصَّحَابَة لأجل الإختلاف وَقَالَ فِي بعض أَقْوَاله إِن الْقيَاس الْجَلِيّ يقدم على قَول الصَّحَابِيّ وَقَالَ فِي مَوضِع آخر إِن قَول الصَّحَابِيّ

ص: 36

مقدم على الْقيَاس انْتهى كَلَام الإِمَام

وَهَذِه الْأَقْوَال الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الإِمَام منصوصة للشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد أَيْضا فَإِنَّهُ قَالَ فِي كتاب الرسَالَة الجديدة فِي أَقْوَال أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا تفَرقُوا فِيهَا نصير إِلَى مَا وَافق الْكتاب أَو السّنة أَو الْإِجْمَاع أَو كَانَ أصح فِي الْقيَاس وَإِذا قَالَ وَاحِد مِنْهُم القَوْل لَا نَحْفَظ عَن غَيره مِنْهُم لَهُ مُوَافقَة وَلَا خلافًا صرت إِلَى اتِّبَاع قَول وَاحِد إِذا لم أجد كتابا وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاعًا وَلَا شَيْئا يحكم لَهُ بحكمة أَو وجد مَعَه قِيَاس

هَذَا نَصه رحمه الله فِي الرسَالَة الْمَذْكُورَة من رِوَايَة الرّبيع بن سُلَيْمَان

ص: 37

وَمُقْتَضَاهُ تَقْدِيم الْقيَاس الْجَلِيّ على قَول الصَّحَابِيّ وَهُوَ المُرَاد إِن شَاءَ الله بقوله وَلَا شَيْئا فِي مَعْنَاهُ يحكم لَهُ بِحكمِهِ

وَيَقْتَضِي أَيْضا أَنه إِذا تعَارض قياسان وَأَحَدهمَا مَذْهَب الصَّحَابِيّ أَنه يقدم الْقيَاس الْمُوَافق لقَوْل الصَّحَابِيّ

وَقد حكى ابْن الصّباغ فِي كِتَابه الْعدة عَن بعض الْأَصْحَاب أَنه نقل عَن الشَّافِعِي أَنه إِذا كَانَ مَعَ قَول الصَّحَابِيّ قِيَاس ضَعِيف كَانَ أولى من الْقيَاس الصَّحِيح قولا وَاحِدًا ثمَّ ضعفه ابْن الصّباغ وَهَذَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب الْأَقْضِيَة من الْحَاوِي عَن الْقَدِيم لكنه قَالَ ذَلِك فِي الْقيَاس الْخَفي مَعَ الْجَلِيّ وَأَن الْخَفي يقدم على الْجَلِيّ إِذا كَانَ مَعَ الأول قَول الصَّحَابِيّ قَالَ ثمَّ رَجَعَ عَنهُ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد وَقَالَ الْعَمَل بِالْقِيَاسِ الْجَلِيّ أولى

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ أَيْضا فِي الْبيُوع من الْحَاوِي فِي مَسْأَلَة البيع بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب قَول الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد أَن قِيَاس التَّقْرِيب إِذا انْضَمَّ إِلَى قَول الصَّحَابِيّ كَانَ أولى من قِيَاس التَّحْقِيق

وَقَالَ الشَّافِعِي رحمه الله فِي كتاب اختلافه مَعَ مَالك وَهُوَ من الْكتب الجديدة أَيْضا مَا كَانَ الْكتاب أَو السّنة موجودين فالعذر على من سَمعهَا مَقْطُوع إِلَّا باتباعهما فَإِذا لم يكن ذَلِك صرنا إِلَى أقاويل أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو وَاحِد مِنْهُم ثمَّ كَانَ قَول الْأَئِمَّة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رضي الله عنهم أحب إِلَيْهَا إِذا صرنا إِلَى التَّقْلِيد وَذَلِكَ إِذا لم نجد دلَالَة فِي الإختلاف تدل على أقرب الإختلاف من الْكتاب وَالسّنة فنتبع القَوْل الَّذِي مَعَه الدّلَالَة لِأَن قَول الإِمَام مَشْهُور بِأَنَّهُ يلْزم النَّاس وَمن لزم قَوْله النَّاس كَانَ أظهر

ص: 38

مِمَّن يُفْتِي الرجل أَو النَّفر وَقد يَأْخُذ بفتياه (أ) ويدعها وَأكْثر الْمُفْتِينَ يفتون الْخَاصَّة فِي بُيُوتهم ومجالسهم وَلَا يعْنى الْعَامَّة بِمَا قَالُوا عنايتهم بِمَا قَالَ الإِمَام وَقد وجدنَا الْأَئِمَّة يبتدئون فَيسْأَلُونَ عَن الْعلم من الْكتاب وَالسّنة فِيمَا أَرَادوا أَن يَقُولُوا فِيهِ وَيَقُولُونَ فيخبرون بِخِلَاف قَوْلهم فيقبلون من الْمخبر وَلَا يستنكفون أَن يرجِعوا لتقواهم الله وفضلهم فِي حالاتهم

فَإِذا لم يُوجد عَن الْأَئِمَّة فأصحاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الدّين فِي مَوضِع الْإِمَامَة أَخذنَا بقَوْلهمْ وَكَانَ ابتاعهم أولى بِنَا من اتِّبَاع من بعدهمْ

قَالَ وَالْعلم طَبَقَات

الأولى الْكتاب وَالسّنة إِذا ثبتَتْ السّنة

وَالثَّانيَِة الْإِجْمَاع فِيمَا لَيْسَ فِي كتاب وَلَا سنة

وَالثَّالِثَة أَن يَقُول بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَا نعلم لَهُ مُخَالفا مِنْهُم

وَالرَّابِعَة اخْتِلَاف أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَرَضي عَنْهُم

وَالْخَامِسَة الْقيَاس على بعض هَذِه الطَّبَقَات

وَلَا يُصَار إِلَى شَيْء غير الْكتاب وَالسّنة وهما موجودان وَإِنَّمَا يُؤْخَذ الْعلم من أَعلَى أه

هَذَا كُله نَص الإِمَام الشَّافِعِي رحمه الله فِي الْكتاب الْمشَار إِلَيْهِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن شُيُوخه عَن الْأَصَم عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان عَنهُ

وَهُوَ صَرِيح فِي أَن قَول الصَّحَابِيّ عِنْده حجَّة مُقَدّمَة على الْقيَاس كَمَا نَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَإِن كَانَ جُمْهُور الْأَصْحَاب أغلفوا نقل ذَلِك عَن الْجَدِيد

وَيَقْتَضِي أَيْضا أَن الصَّحَابَة إِذا اخْتلفُوا كَانَ الْحجَّة فِي قَول أحد الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة رضي الله عنهم إِذا وجد عَنْهُم للمعنى الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الإِمَام الشَّافِعِي وَهُوَ اشتهار قَوْلهم وَرُجُوع النَّاس إِلَيْهِم

ص: 39

فَأَما فِي الْقَدِيم فَقَوله فِيهِ مَشْهُور بحجية قَول الصَّحَابِيّ وَمن ذَلِك مَا ذكره فِي الرسَالَة الْقَدِيمَة بعد ذكره الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَالثنَاء عَلَيْهِم بِمَا هم أَهله فَقَالَ وهم فَوْقنَا فِي كل علم واجتهاد وورع وعقل وَأمر استدرك بِهِ علم واستنبط بِهِ وآراؤهم لنا أَحْمد وَأولى بنامن آرائنا عندنَا لأنفسنا وَمن أدركنا مِمَّن نرضى أَو حُكيَ لنا عَنهُ ببلدنا صَارُوا فِيمَا لم يعلمُوا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيهِ سنة إِلَى قَوْلهم إِذا اجْتَمعُوا وَقَول بَعضهم إِن تفَرقُوا فَهَكَذَا نقُول إِن اجْتَمعُوا أَخذنَا بإجماعهم وَإِن قَالَ واحدهم قولا وَلم يُخَالِفهُ غَيره أَخذنَا بقوله إِن اخْتلفُوا أَخذنَا بقول بَعضهم وَلم نخرج عَن أقاويلهم كلهم

قَالَ وَإِذا قَالَ الرّجلَانِ مِنْهُم فِي شَيْء قَوْلَيْنِ مُخْتَلفين نظرت فَإِن كَانَ قَول أَحدهمَا أشبه بِكِتَاب الله أول أشبه بِسنة من سنَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أخذت بِهِ لِأَن مَعَه سَببا تقوى بِمثلِهِ لَيْسَ مَعَ الَّذِي يُخَالِفهُ مثله فَإِن لم يكن على وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ دلَالَة بِمَا وصفت كَانَ قَول الْأَئِمَّة أبي بكر أَو عمر أَو عُثْمَان رضي الله عنهم أحب إِلَيّ أَن أَقُول بِهِ من قَول غَيرهم إِن خالفهم من قبل أَنهم أهل علم وحكام

ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك فَإِن اخْتلف الْحُكَّام استدللنا بِالْكتاب وَالسّنة فِي اخْتلَافهمْ وصرنا إِلَى القَوْل الَّذِي عَلَيْهِ الدّلَالَة من الْكتاب أَو السّنة وقلما يَخْلُو اخْتلَافهمْ من دَلَائِل كتاب أَو سنة وَإِن اخْتلف الْمفْتُون يَعْنِي من الصَّحَابَة بعد الْأَئِمَّة بِلَا دلَالَة فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ

وَإِن وجدنَا للمفتين فِي زَمَاننَا وَقَبله اجتماعا فِي شَيْء لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ تَبِعْنَاهُ وَكَانَ أحد طرق الْأَخْبَار الْأَرْبَعَة وَهِي كتاب الله ثمَّ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ثمَّ القَوْل لبَعض الصَّحَابَة ثمَّ اجْتِمَاع الْفُقَهَاء

فَإِذا نزلت نازلة لم نجد فِيهَا وَاحِدًا من هَذِه الْأَرْبَعَة فَلَيْسَ السَّبِيل فِي الْكَلَام فِي النَّازِلَة إِلَّا اجْتِهَاد الرَّأْي

ص: 40

هَذَا كُله كَلَام الشَّافِعِي رحمه الله فِي كتاب الرسَالَة الْقَدِيمَة وَالْحَاصِل عَنهُ فِي قَول الصَّحَابِيّ أَقْوَال

أَحدهَا أَنه حجَّة مُقَدّمَة على الْقيَاس كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي كتاب اختلافه مَعَ مَالك وَهُوَ من كتبه الجديدة كَمَا تقدم

وَالثَّانِي أَنه لَيْسَ بِحجَّة مُطلقًا وَهُوَ الَّذِي اشْتهر بَين الْأَصْحَاب أَنه قَوْله الْجَدِيد

وَالثَّالِث أَنه حجَّة إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ قِيَاس فَيقدم حِينَئِذٍ على قِيَاس لَيْسَ مَعَه قَول صَحَابِيّ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي كتاب الرسَالَة الجديدة وَقد تقدم ذَلِك أَولا

ثمَّ ظَاهر كَلَامه أَن يكون القياسان متساويين لِأَنَّهُ لم يفرق بَين قِيَاس وَتقدم فِي نقل إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَنهُ قَول تَخْصِيص الْقيَاس الْجَلِيّ بتقديمه على قَول الصَّحَابِيّ فعلى هَذَا يكون فِيمَا نَقله الإِمَام عَنهُ قَول رَابِع فِي الْمَسْأَلَة من أَصْلهَا

وَتقدم أَيْضا عَن القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ أَن قَول الشَّافِعِي أَنه إِذا اعتضد قِيَاس التَّقْرِيب بقول الصَّحَابِيّ كَانَ أولى من قِيَاس التَّحْقِيق

وَعَن ابْن الصّباغ فِيمَا نَقله عَن بعض الْأَصْحَاب عَن الشَّافِعِي أَن الْقيَاس الضَّعِيف إِذا اعتضد بقول الصَّحَابِيّ كَانَ أولى من الْقيَاس الْقوي

فَيخرج من هذَيْن قَولَانِ آخرَانِ للشَّافِعِيّ أَيْضا إِن جعلنَا الْقيَاس الضَّعِيف أَعم من قِيَاس التَّقْرِيب وَغَيره وَإِلَّا فَقَوْل خَامِس زَائِد على مَا تقدم

وَذكر الْغَزالِيّ فِي كِتَابه الْمُسْتَصْفى من تفاريع القَوْل الْقَدِيم فِي تَقْلِيد الصَّحَابِيّ أَن الشَّافِعِي رحمه الله قَالَ فِي كِتَابه اخْتِلَاف الحَدِيث أَنه روى عَن

ص: 41